حكم أخذ راتب من صندوق الضمان الإجتماعي في بلد أجنبي

رقم المَجلِس: 70
رقم الفَتوى: 2
المُؤلف: الشيخ أزهر سنيقرة
تاريخ المَجلِس: 04-07-1439 هـ
الملف الصَّوتي تحميل
تحميل

السؤال:

جدته تأخذ راتبا من صندوق الضمان الاجتماعي في بلد أجنبي وذلك بسبب عمل زوجها -رحمه الله- الذي عمل مع سلطات تلك البلد أثناء الاحتلال الفرنسي للجزائر كجندي في جيشها وبعد أن عاد إلى الجزائر قبل الاستقلال لم يكن يأخذ أي راتب لكن بعد وفاته اشتكى وكيل جدتي إلى هذه السلطات وأصبحت جدتي تأخذ راتبا نظير انخراط جدي في هذا الجيش، ما حكم أخذ هذا الراتب؟ وجزاكم الله خيرا.

الجواب:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

المعلوم مما قرره علماؤنا في هذا الزمان أن الضمان الاجتماعي يعتبر من عقود الغرر لأنّ أصحابه يدفعون أو يقتطع من راتبهم مبلغ مالي هذا المبلغ يدخر لهم إلى حين تقاعدهم أو وفاتهم، فيأخذونه تقاعدا أو يأخذه ورثتهم بعد موتهم وهذا السؤال متعلق بالأمر الثاني، وهو بما يأخذه ورثة الميت من مال الضّمان بعد موته، وهذا المال يدرجه الفقهاء تحت ما يعرف بمال كان سببه المتوفَّى، أو كان سببه المورّث، سواء عمل أجيرا ولم تدفع له أجرته إلا بعد موته، هذا المال الذي كان في حياته ماله، بعد موته يصبح مال ورثته، ولهذا إذا كان المال من هذا القبيل، فهو حق للورثة.

ولكن الآن النظر في المسألة لأمرين:

الأمر الأول: متعلق بمقدار هذا المال لأن الأصل فيما يجوز ويحل أخذه من مثل هذه العقود التي قال عنها فقهاؤنا: أنها عقود غرر لا يحل للمرء أن يأخذ منها إلا بالقدر الذي أخذ منه، فإذا كان ما تأخذه هذه الجدّة سواء دفعة واحدة أو مجزءا يكون بالقدر الذي دفعه أو اقتطع من راتب هذا الجندي أيام الاستعمار الفرنسي، هذا بالنسبة للنظر الأول.

النظر الثاني: يكون بالنظر إلى حقيقة عمله، بمعنى إذا كان عمله جائز وكان المبلغ الذي يؤخذ بقدر المبلغ الذي أخذ منه يكون هذا المال جائز في حق ورثته، أما إذا كانت حقيقة عمله في أمور محرمة وخاصة في تلك الأيام ومن تلك السلطات لأن سلطات كافرة، كان مثلا عاملا في بنك، وماله مال حرام، لأنه داخل تحت قول النبي عليه الصلاة والسلام: «لعن الله آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه»(1)، وكل ما كان مالا خبيثا كان حكمه التحريم، يعني الخبث الذي ما يقابل الطيب، دليل على وصف للكسب المحرم، نعوذ بالله تبارك وتعالى، وفي هذا الباب إذا كان عمله في الجنديّة لم يكن في أمور محرّمة؛ كأن كان محاربا لبلاد إسلامي وهو تحت إمرة الكافر، ويحارب إخوانه المسلمين، هذا عمله حرام، وبالتالي كسبه منه حرام، أما إذا كان في غير هذا فنسأل الله تبارك وتعالى أن يكون هذا المال بالنسبة لهذه الجدة حلال إن شاء الله جل وعلا، والعلم عند الله تبارك وتعالى.


(1) مسلم: 1598.