هند بنت عتبة – رضي الله عنها – للعلاّمة الشيخ عبد الحميد بن باديس – رحمه الله –
هند بنت عتبة – رضي الله عنها –
للعلاّمة الشيخ عبد الحميد بن باديس – رحمه الله –
هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف زوجة أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس وأم معاوية بن أبي سفيان , أسلمت يوم فتح مكة بعد إسلام زوجها .
– كيف أسلمت :
بات المسلمون الليلة الموالية ليوم الفتح يصلون بالمسجد الحرام , فرأت هند منهم ما لم تعهد , فقالت: والله ما رأيت الله عبد حق عبادته في هذا المسجد قبل الليلة , والله إن باتوا إلا مصليين قياما وركوعا و سجودا .
و أرادت المجيء إلى النبي – صلى الله عليه و سلم – وخافت من ماضيها في الجاهلية , فذهبت إلى عمر فجاء معها فاستأذن لها فدخلت وهي منتقبة , فأسلمت .
ولما بايع النبي – صلى الله عليه و سلم – النساء وهي معهن ومن الشرط فيها أن لا يسرقن و لا يزنين قالت هند : و هل تزني الحرة و تسرق يا رسول الله ؟ فلما قال : و لا يقتلن أولادهن , قالت : قد ربيناهم صغارا و قتلتهم ببدر كبارا , ثم رجعت إلى بيتها فجعلت تضرب صنما لها بالقدوم حتى فلذته فلذة فلذة و تقول : كنا معك في غرور .
– صدق إسلامها :
أسلمت متأثرة بما رأت من حال المسلميت و بادرت إلى كسر صنمها و أصبحت تريد أن تعرف ما يحلّ لها و ما يحرم في الاسلام , فشكت إلى النبي – صلى الله عليه و سلم – فقالت أن أباسفيان رجل مسيك بخيل و أنه لا يعطيها من الطعام ما يكفيها و أولادها إلا ما أخذت منه بغير علمه فهل عليها من حرج ؟ فقال لها رسول الله – صلى الله عليه و سلم – : خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك أنت وولدك , فما كانت تفعله قبل إسلامها و لا تتحرج منه أصبحت بعده متحرجة تسأل عن حكم الله فيه وما ذلك إلا من صدق إسلامها و إخلاصها فيما آمنت به .
– أخلاقها :
كانت امرأة لها نفس و أنفة و فيها صراحة و جرأة و اعتداد بنفسها و قصتها في الجاهلية مع أول أزواجها الفاكه بن المغيرة و قصة اختيارها للأزواج و غيرها مظهر من مظاهر هذه الأخلاق .
و ما في حديث إسلامها من مراجعتها النبي – صلى الله عليه و سلم – من تلك الأخلاق , و أهل هذه الأخلاق إذا كفروا كفروا و إذا أسلموا أسلموا بصدق و كذلك كانت هند في جاهليتها و إسلامها .
– عبرة و قدوة :
انظر إلى الإسلام الصادق كيف تظهر آثاره في الحين على أهله و كيف يقلب الشخص سريعا من حال إلى حال و به تعرف إسلاما من إسلام .
وانظر إلى حلم النبي – صلى الله عليه و سلم – كيف قابل هذه المرأة التي كان منها ما كان يوم أحد من أقوال و أعمال فضرب عن ذلك كله صفحا , وكيف واجهته بما واجهتهبه عند قوله : و لا يقتبن أولادهن , ثم أعرض عن ذلك كله كأنه لم يسمعه كل هذا حلما و كرما و حرصا على هداية العباد فصلى الله عليه و آليه و سلم من نبي كريم بالمؤمنين رؤوف رحيم خير قدوة للعالمين .
– المصدر : مقال نشر بتاريخ : غرة صفر 1358 هجرية موجود ضمن ( آثار عبد الحميد بن باديس – رحمه الله – 4/118 – 119 ) دار الغرب الإسلامي