كيف نجمع بين حديث النبي – صلى الله عليه وسلّم – (أمتي أمة مرحومة) وبين أحاديث دخول عصاة المسلمين للنار

رقم المَجلِس: 73
رقم الفَتوى: 4
المُؤلف: الشيخ أزهر سنيقرة
تاريخ المَجلِس: 27-07-1439 هـ
الملف الصَّوتي تحميل
تحميل

السؤال:

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم، سؤال آخر يقول: كيف نجمع بين حديث النبي – صلى الله عليه وسلّم – «أمتي أمة مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة إنما عذابها في الدنيا الزلازل والبلايا والفتن» وبين أحاديث دخول عصاة المسلمين للنار يوم القيامة إلى جانب أحاديث الشفاعة؟

الجواب:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

هذا الحديث الذي صححه علماؤنا وقد أورده الشيخ الألباني – رحمه الله – في الصحيحة أن النبي – صلى الله عليه وسلّم – قال: «أمتي أمة مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل»(1)، هذا الحديث الذي جعل الله -تبارك وتعالى- فيه -وهذا من رحمة الله عز وجل بهذه الأمة- جعل عذاب هذه الامة في الدنيا وليس في الآخرة، ولا تعارض مع هذا الحديث وما ثبت بعد ذلك من دخول بعض العصاة للنار، ودخول هؤلاء العصاة لا يكون للتأبيد فيها لأنَّ عقيدة أهل السنة والجماعة أن الله عز وجل يخرج من النَّار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان خلافا لعقيدة الخوارج والمعتزلة في هذا الباب، وبالتالي الحديث دلَّ على أنَّ هذه الأمَّة لا تدخل كلُّها النَّار وإنما قد تدخل طائفة منها أو أفراد منها يدخلون والنبي – صلى الله عليه وسلّم – بين في أحاديث الشفاعة أنهم يطهرون ويخرجون منها وقد طهروا، يعني يخرجون من النار بعد إما شفاعة الشافعين، أو رحمة رب العالمين -تبارك وتعالى- التي يرحم بها أهل التوحيد من هذه الأمة بدليل قوله أن الله عز وجل ينادي في ملائكته: «أن أخرجوا -أي من النار- من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان»(2)، يعني أدنى ما عنده من الإيمان يكون سببا لخروجه من النار هذا والله -تبارك وتعالى- أعلم، بخلاف الأمم السابقة فإن من الأمم من لم ينجو منها إلَّا القليل والبقية الباقية كلها في النار لا تخرج منها، نسأل الله عز وجل العفو والعافية لأنَّ قضيتهم متعلقة بتكذيب رسلهم والكفر بهم فهؤلاء لا يشفع لهم شافع ولا يخرجون من النار لأن الله عز وجل حرم الجنة على كل كافر لا يؤمن بيوم الحساب والله تبارك وتعالى أعلم.


(1) رواه أبو داود:4278،وأحمد: 19678 وصصحه الألباني.

(2) [البخاري:44].