يا طلاب العلم! لا تجعلوا علمكم مطية للدنيا.

المؤلف: الشيخ خالد بن عبدالرحمن المصري حفظه الله
الملف الصَّوتي تحميل
تحميل
...يعني أنت تتصور أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يرهن درعه عند عثمان بن عفان. فيرضى بذلك عثمان أن يعطيه النبي -صلى الله عليه وسلم- درعه مقابل طعام. أنت لو ترضى تفعل مع النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا هو. فالنبي علم من الصحابة -رضي الله عنهم- علم من أصحابه أنهم لا يفعلون ذلك. فذهب يتعامل مع يهودي لأن اليهودي ما عنده إشكال. أن يرهن الدم. ما عنده لكن لن يفعل ذلك أمثال عبدالرحمن بن عوف ولا أمثال عثمان بن عفان. لذلك متى كان لك أخاً في الله ثرياً فتحاشى ما له! تحاشى ماله! ودائمًا أقول لإخواني الشباب من طلبة العلم لا تجعلوا علمكم مطية لدنيا الناس فتهانوا، من يجعل علمه مطية لدنيا الناس هذا يهان؛ لأنه أهان العلم، فحقه أن يهان كما أهان العلم، لذلك تجد كثيرا من الشباب أول ما يبدأ في طلب العلم يهجم هجوما على التبرعات! مشاريع، تبرعات، مركز،أعطوني، أنفقوا علي عندي طلابي! هذا أيش هذا؟! أيش هذا؟! أرونا عن السلف أنهم فعلوا ذلك، أخبرونا عن أحمد بن حنبل وعن إسحاق والبخاري ومسلم و مالك وسعيد بن المسيب و الأكابر... من فعل هذا؟ هذا في الحقيقة داء ابتلي به كثير من الناس، ما أن يوفَّق لطلب العلم حتى يهجم على أبواب المال تارة تبرعات لمؤلفات،تبرعات لمركز،تبرعات لطلاب عنده. أنت ما أُمرت بهذا ما أُمرت أن تجمع الطلاب وتنفق على الطلاب وتتحمل...هذا شيء لم يعرفه السلف! لذلك عبر الزمن الذي عشته إلى سني هذا رأيت كثيرا من الطلبة الذين يجعلون علمهم مطية للدنيا لا يكملون الطريق، لا يكملون. لا ينبغي للإنسان أن يستغل علمه لدنيا الناس،بل الواجب أن نكون على مثل ما كان عليه أئمتنا،وكان الإمام أحمد تمرُّ عليه الأيام ولا يجد إلا كسر الخبز اليابس فيبله بالماء ويشرب عليه الماء ويحمد الله.وإذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- رهن درعه وكان يصلي جالسا من الجوع، وهو لو أراد الدنيا لجعلها الله تحت قدميه، لذلك كلما أعز طالب العلم علمه لله ديانة لله واستغنى بالله وعاش بالكفاف وعمل واشتغل، يكد على نفسه ويعمل ويضرب في الأرض... الأنبياء كانت لهم المهن منهم من كان نجارا ومنهم من كان خياطا ومنهم من كان زراعا ومنهم من كان يرعى الغنم... فالمهن التي تغنيك عن سؤال الناس عزك ورفعتك لا تكونوا عالة على الناس ولا تجعلوا علمكم وسيلة للكسب ولا تجعلوا علمكم يحملكم على أن تمدوا أيديكم إلى الناس ولا تجعلوا علمكم يحملكم على إنشاء وسائل لجلب الرزق عن طريق العلم من فعل هذا لا يُبارك له في علمه ولن يكمل الطريق على وفق ما يرضى الله عز وجل لكن ما جاءك من رزق الله من غير سؤال ولا إشراف فخذ، يبارك لك. هذا شيء مما يستفاد من رهن النبي -صلى الله عليه وسلم- درعه عند يهودي دون رهنه لها عند أغنياء الصحابة كعثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف -رضي الله عنهم- أجمعين".