تغريد
<بسملة1>
الظّفر
بضابط الجمع بين الصّلواتِ فِي المطر
الظّفر
بضابط الجمع بين الصّلواتِ فِي المطر
الحمدُ للهِ، أمّا بعدُ:
فإنّ الأصل أن تؤدّ الصّلوات الخمس فِي وقتها لعمُومِ قولهِ سبحانهُ: ﴿إنّ الصّلاة كانت علىٰ المؤمنين كتابًا موقوتًا﴾ ولقولهِ <صلى الله عليه وسلم> عندما سُئِل: أيُّ الأعمالِ أفضل؟ فقال: الصّلاة فِي وقتها..الحديث.
ومِن السُّننِ الثابتةِ: الجمع بين الصّلوات فِي بعضِ الظروف فقد ثبت -كما فِي حديث جابر <رضي الله عنه>-: أنّ النّبِيّ <صلى الله عليه وسلم> جمع بين الظُّهرِ والعصر للحاج بعرفة وبين صلاتي المغرب والعشاء بمزدلفة.
وثبت -كما فِي حديث أنسٍ <رضي الله عنه>-: أنّ النّبِيّ<صلى الله عليه وسلم> جمع بين الظهر والعصر إذا سافر قبل أن تزيغ الشمس وكان يجمع بين المغرب والعشاء إذا سافر قبل أن تغيب الشمس.
وثبت -كما فِي حديث ابنِ عبّاس <رضي الله عنه>-: أنّ النّبِي <صلى الله عليه وسلم> جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر.
قال النّوويُّ <رحمه الله> فِي شرحهِ علىٰ صحيحِ مُسلم: (مِنهُم من تأولهُ -أي: الحدِيث- علىٰ أنّهُ جمع بعذرِ المطر وهذا مشهور عن جماعة من الكبار المتقدمين وهو ضعيفٌ بالرواية الأخرىٰ -من غير خوف ولا مطر- ومنهم من تأولهُ علىٰ أنّهُ كان فِي غيم).
وقد أحسن الشيخ الألباني <رحمه الله> المقال فقال فِي الإرواء: (يُشعر أنَّ الجمعَ للمطر كان معروفًا في عهدِه خ ولو لم يكن كذلك لمَا كان ثَمَّة فائدةٌ مِن نفي المطرِ كسبب مسوِّغٍ للجمع).
ولقد لاحظتُ تساهُل بعضِ الأئمة -وفقهُم الله- فِي الجمعِ بين الصّلوات فلا يضبطُون ذلِك بضابطٍ ولا يقيّدونهُ بقيد بخلاف أئمة الإسلام الّذين فصّلُوا فِي ذلك ومن تأمّل النُّصوص السّابقة وجد أنّ العلّة من جمع النّبيّ <صلى الله عليه وسلم> للصّلوات فِي تلك الحالات المُختلفة هي وجود المشقّة وقيدُ المشقّة يسري علىٰ الجمع بين الصّلوات في حالِ نزُولِ المطر كذلك فلا جمع للطل أو للمطر الخفيف.
قال ابنُ قدامة <رحمه الله> -كما فِي المُغني-: (المطرُ المبيح للجمْع هو ما يبلُّ الثياب وتلحق المشقَّة بالخروج فيه وأمَّا الطل والمطر الخفيف الذي لا يبلُّ الثياب فلا يبيح الجمع والثلج والبرد كالمطر في ذلك).
وقال ابنُ عبد البر <رحمه الله> فِي الاستذكار: (قال الشافعي: يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المطر الوابل إذا كان المطر دائمًا ولا يجمع في غيرِ المطر).
وقال الشيخ ابنُ باز <رحمه الله> -كما فِي المجموع-: (لا حرج في الجمع بين المغرب والعشاء ولا بين الظهر والعصر في أصح قوليِ العلماء للمطر الذي يشقُّ معه الخروجُ إلىٰ المساجد وهكذا الدَّحض والسيول الجارية في الأسواق لِمَا في ذلك من المشقَّة).
وقال -أيضًا- <رحمه الله>: (فهكذا المسلمون في القرىٰ والأمصار إذا نزلت بهم الأمطار وصارت الأسواق فيها الدحض والزلق والسيول فإنهم يجمعون بين المغرب والعشاء جمع تقديم لئلا يشق عليهم الخروج للعشاء مع وجود المطر المتتابع أو الزلق في الأسواق والدحض والطين في الأسواق).
وخلاصةُ المقال:
أنّ ضابط الجمع بين الصلوات هو: وجود المشقّة فِي الذّهاب إلىٰ أداء الصّلاة فِي وقتها فإذا لم توجد المشقة أو كانت المشقة متوقعة -وكم من متوقع لم يقع- فتركُ الجمع أولىٰ وأداء الصلاة في وقتها هو الواجب.
والله أعلم، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
أنّ ضابط الجمع بين الصلوات هو: وجود المشقّة فِي الذّهاب إلىٰ أداء الصّلاة فِي وقتها فإذا لم توجد المشقة أو كانت المشقة متوقعة -وكم من متوقع لم يقع- فتركُ الجمع أولىٰ وأداء الصلاة في وقتها هو الواجب.
والله أعلم، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
كتبهُ:
أبُو مُحمّد الطّرابُلُسِيُّ
٦ / جُمادىٰ الأولىٰ/ ١٤٤١هـ
أبُو مُحمّد الطّرابُلُسِيُّ
٦ / جُمادىٰ الأولىٰ/ ١٤٤١هـ
تعليق