<بسملة1>
نصيــحةٌ وتحذير
الحمد لله ربِّ العالمين، والعاقبةُ للمُتَّقين، ولا عدوانَ إلَّا على الظالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّدٍ المبعوثِ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه أجمعين؛ أمَّا بعد:
فانطلاقًا مِنَ الأمر الشرعيِّ بلزوم جماعة المسلمين وإمامِهم، والتحذيرِ مِنَ الفُرقة والاختلاف؛ في قوله تعالى: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم )[آل عمران:105]، وفي قوله ﷺ: «عَلَيْكُمْ بِالجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالفُرْقَةَ»؛ إذ الجماعةُ رحمةٌ وَخَيْرٌ، والفُرقةُ عذابٌ وشرٌّ؛ لِقولِ ابنِ مسعودٍ<رضي الله عنه>: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَالجَمَاعَةِ؛ فَإِنَّهَا حَبْلُ اللهِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ، وَإِنَّ مَا تَكْرَهُونَ فِي الطَّاعَةِ وَالجَمَاعَةِ خَيْرٌ مِمَّا تُحِبُّونَ فِي الفُرْقَةِ».
وبناءً على الأحداث المُتعاقِبة، والفِتَن المتوالية التي تمرُّ بها البلادُ؛ فنحن المذكورةُ أسماؤُنا أدناه: نوجِّه هذه النصيحةَ في خطابٍ إلى الأمَّة الإسلاميَّة في الجزائر المحروسة -حكومةً وشعبًا- باعتبار ما يمليه علينا الواجب الشرعيُّ في تقديم النصيحة-، والمتضمِّن النقاطَ التالية:
أوَّلًا: تذكير الأمَّة بنعمة الأمن، والاستقرار في البلاد؛ باعتباره ضمانًا لحفظ النفس، والعِرْض، والمال، وزوال الخوف، والهلع؛ واستجلاب النِّعَم، وتفويت النِّقَم، وتحقيق النموِّ الاقتصاديِّ، والرخاء الاجتماعيِّ؛ وقد قَرَن الله عزَّ وجلَّ بين الأمن وبين الرزق، فقال: (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر) [البقرة:126]، وقال تعالى: (فليعبدوا ربّ هذا البيت (3) الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف (4)) [قريش].
وأخبر النَّبيُّ ﷺ: أنَّ مَنِ اجتمع لهم الأمنُ في الأوطان، والصِّحَّةُ في الأبدان، مع وجود قُوت اليوم، فقَدْ جُمِعَتْ لهم الدُّنيا بحذافيرها، فروى عُبَيد الله بنُ مِحْصَنٍ الخَطْمِيُّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ؛ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا».
فجَمَع هذا الحديثُ بين الأمن النفسيِّ، والأمن الصحِّيِّ، والأمن الغذائيِّ.
ولا يخفى أنَّ لزومَ جماعةِ المسلمين وإمامِهم ينعم بذلك الفردُ باستقرار الأحوال، وذهابِ الخوف، وحلول الأمن؛ فيَسلَمُ دِينُه وعِرْضُه، وذلك خيرٌ مِنْ بحبوحة العيش، وسَعَةِ الرِّزق في حالة الاضطراب، والفوضى الناجمةِ عن مُفارَقةِ الجماعة؛ مصداقًا لقولِ ابنِ عبَّاسٍ <رضي الله عنه>: «قَضْمُ المِلْحِ فِي الجَمَاعَةِ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَنْ آكُلَ الفَالُوذَجَ فِي الفُرْقَةِ».
ولتحقيقِ هذه الغايةِ النبيلة، والهدفِ المنشود؛ لا بُدَّ مِنَ الرجوع إلى الكتاب، والسنَّة، وما استنبطه العلماءُ الموثوقُ بهم في علمهم ودِيانَتِهم مِنْ حقائقَ ومواقفَ؛ لتفويت الفرصة على مَنْ يريد بالبلد سوءًا، وشرًّا، ومفسدةً.
وإنَّ أبناءَ هذا الوطنِ الحبيب لَيَثِقون في علمائهم، وشيوخهم؛لِمَا رأَوْا فيهم مِنْ صدقِ نواياهم، وثباتِ مواقفهم عند كُلِّ فتنةٍ نَزَلت بالبلد؛ وَهُمْ يقدِّرون المصالحَ والمفاسد؛ فَيسعَوْن لجلبِ المصالح وتكثيرها، ودفعِ المفاسد وتقليلها؛ ولا شكَّ أنَّ فصلهم عن هذه الأمَّة، وإبعادَهم عنها، وتضييقَ الخناق عليهم عن أداء مهامِّهم النّبيلة في تعليمها وتوجيهها؛ يفتح الطريقَ أمامَ المُغرِضين؛ لتحقيق أهدافهم، وتمرير مشروعهم؛ الهادف إلى تقويض البلد، وإدخاله في أنفاقٍ مُظلِمةٍ.
فقد قال تعالى: (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)[النساء:83].
قال العلَّامة السعديُّ في «تفسيره»(190): «هذا تأديبٌ مِنَ الله لعباده عن فعلهم هذا غيرِ اللائق؛ وأنَّه ينبغي لهم إذا جاءهم أمرٌ مِنَ الأمور المُهِمَّة، والمصالح العامَّة؛ ما يتعلَّق بالأمن وسرور المؤمنين، أو بالخوف الذي فيه مصيبةٌ عليهم: أَنْ يتثبَّتوا، ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر، بل يردُّونه إلى الرسول، وإلى أُولي الأمر منهم؛ أهلِ الرأي، والعلم، والنصح، والعقل، والرزانة؛ الذين يعرفون الأمورَ، ويعرفون المصالحَ وضِدَّها؛ فإِنْ رأَوْا في إذاعته مصلحةً، ونشاطًا للمؤمنين، وسرورًا لهم، وتحرُّزًا مِنْ أعدائهم؛ فعلوا ذلك؛ وإِنْ رأَوْا أنَّه ليس فيه مصلحةٌ، أو فيه مصلحةٌ، ولكنَّ مَضرَّتَه تزيد على مصلحته؛ لم يُذيعوه؛ ولهذا قال: (لعلمه الذين يستنبطونه منهم)أي: يستخرجونه بفكرهم، وآرائهم السَّديدة، وعلومِهم الرشيدة».
ثانيًا: تحذير الأمَّة مِنَ الدَّعَوات الغربيَّة المخطّطة؛ لإثارة الشّعوب ضِدَّ حُكَّامِها بأيدي أبناء المسلمين، والدعاياتِ المضلِّلة، والدعاوي المُغرِضة، والإشاعات الكاذبة، والأفكار الهدَّامة؛ التي تدعو إلى المساس بثوابت البلد، ودِينه، ووحدته، وهويَّتِه؛ تحت مِظَلَّة حقوق الأقلِّيَّة، أو الحريّة الفرديَّة، أو الديمقراطيَّة تارةً، أو غيرِها مِنَ الشعارات البراقَّة الخدّاعة تارة أخرى؛ ونسبةِ الكبت، والاضطهاد، وقمعِ الحُرِّيَّة إلى أُولي أمر البلاد.
ثالثًا: تحذير الأمَّة ممَّنْ يسعَوْن في إثارة الفتن، والدعوة إلى التدخُّل الأجنبيِّ في سياسة البلد، وتكثير سواد السالكين لسُبُل الضلالة؛ بإيقاعهم في شِبَاكِهم، وأفكارهم؛ تمزيقًا لوحدة الأمَّة، وإضعافًا لقُوَّتها، وتسليطًا للأعداء عليها.
وأخيرًا:نحذِّر أمَّةَ الإسلام مِنَ الفُرقة، والشذوذ، والفتنة؛ فإنَّ يد الله فوق الجماعة، ومَنْ شذَّ، فإنَّما يشذُّ عن نفسه، ولا يُبالِي اللهُ، ولا الأمَّةُ بشذوذه؛ وقد قال عَمْرو بنُ العاص لابنه<رضي الله عنه>: «يا بُنَيَّ، احْفَظْ عنِّي ما أُوصِيكَ به: إمامٌ عدلٌ خيرٌ مِنْ مَطَرٍ وَبْلٍ، وأَسَدٌ حَطومٌ خيرٌ مِنْ إمامٍ ظَلومٍ، وإمامٌ ظَلومٌ غَشومٌ خيرٌ مِنْ فتنةٍ تدوم».
لذا نوجِّه هذا الخطابَ للمُخلِصين، والشُّرَفاءِ؛ مِنْ أبناءِ هذا الوطنِ الحبيب، الذين يسعَوْن في الخير: أَنْ يتَّقُوا اللهَ في أنفسهم، وفي بلدهم، وأمَّتـهم؛ وأَنْ يكونوا مفاتيحَ للخير، مغاليقَ للشرِّ، وأَنْ يجنِّبوا بلدَهم وأمَّتَهم فتنةً قد تأتي على الأخضر واليابس إهلاكًا وفسادًا، فتَنفلِتُ الأمورُ، ويستعصي التحكُّمُ فيها -أعاذنا اللهُ مِنْ شرِّها-؛ فإنَّ المتسبِّب في الشرِّ والفساد يحمل وِزرَه، وأوزارَ مَنِ اتَّبَعوه فيه، وعملوا بعمله؛ ولْنَعتبِرْ بمَنْ حولنا مِنْ إخواننا وجيراننا، وما حَلَّ بهم مِنْ فِتَنٍ ومِحَنٍ؛ أعيَتْهم الحروبُ، ومزَّقَتْهم إلى فُرقةٍ وطائفيَّةٍ كُلَّ ممزَّقٍ؛ فإنهم لمَّا بَدَءُوها، رفعوا شعارَ: «سِلميَّة»، ثمَّ سُرعانَ ما تحوَّلَتْ إلى «تخريبيَّةٍ».
فانطلاقًا مِنَ الأمر الشرعيِّ بلزوم جماعة المسلمين وإمامِهم، والتحذيرِ مِنَ الفُرقة والاختلاف؛ في قوله تعالى: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم )[آل عمران:105]، وفي قوله ﷺ: «عَلَيْكُمْ بِالجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالفُرْقَةَ»؛ إذ الجماعةُ رحمةٌ وَخَيْرٌ، والفُرقةُ عذابٌ وشرٌّ؛ لِقولِ ابنِ مسعودٍ<رضي الله عنه>: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَالجَمَاعَةِ؛ فَإِنَّهَا حَبْلُ اللهِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ، وَإِنَّ مَا تَكْرَهُونَ فِي الطَّاعَةِ وَالجَمَاعَةِ خَيْرٌ مِمَّا تُحِبُّونَ فِي الفُرْقَةِ».
وبناءً على الأحداث المُتعاقِبة، والفِتَن المتوالية التي تمرُّ بها البلادُ؛ فنحن المذكورةُ أسماؤُنا أدناه: نوجِّه هذه النصيحةَ في خطابٍ إلى الأمَّة الإسلاميَّة في الجزائر المحروسة -حكومةً وشعبًا- باعتبار ما يمليه علينا الواجب الشرعيُّ في تقديم النصيحة-، والمتضمِّن النقاطَ التالية:
أوَّلًا: تذكير الأمَّة بنعمة الأمن، والاستقرار في البلاد؛ باعتباره ضمانًا لحفظ النفس، والعِرْض، والمال، وزوال الخوف، والهلع؛ واستجلاب النِّعَم، وتفويت النِّقَم، وتحقيق النموِّ الاقتصاديِّ، والرخاء الاجتماعيِّ؛ وقد قَرَن الله عزَّ وجلَّ بين الأمن وبين الرزق، فقال: (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر) [البقرة:126]، وقال تعالى: (فليعبدوا ربّ هذا البيت (3) الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف (4)) [قريش].
وأخبر النَّبيُّ ﷺ: أنَّ مَنِ اجتمع لهم الأمنُ في الأوطان، والصِّحَّةُ في الأبدان، مع وجود قُوت اليوم، فقَدْ جُمِعَتْ لهم الدُّنيا بحذافيرها، فروى عُبَيد الله بنُ مِحْصَنٍ الخَطْمِيُّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ؛ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا».
فجَمَع هذا الحديثُ بين الأمن النفسيِّ، والأمن الصحِّيِّ، والأمن الغذائيِّ.
ولا يخفى أنَّ لزومَ جماعةِ المسلمين وإمامِهم ينعم بذلك الفردُ باستقرار الأحوال، وذهابِ الخوف، وحلول الأمن؛ فيَسلَمُ دِينُه وعِرْضُه، وذلك خيرٌ مِنْ بحبوحة العيش، وسَعَةِ الرِّزق في حالة الاضطراب، والفوضى الناجمةِ عن مُفارَقةِ الجماعة؛ مصداقًا لقولِ ابنِ عبَّاسٍ <رضي الله عنه>: «قَضْمُ المِلْحِ فِي الجَمَاعَةِ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَنْ آكُلَ الفَالُوذَجَ فِي الفُرْقَةِ».
ولتحقيقِ هذه الغايةِ النبيلة، والهدفِ المنشود؛ لا بُدَّ مِنَ الرجوع إلى الكتاب، والسنَّة، وما استنبطه العلماءُ الموثوقُ بهم في علمهم ودِيانَتِهم مِنْ حقائقَ ومواقفَ؛ لتفويت الفرصة على مَنْ يريد بالبلد سوءًا، وشرًّا، ومفسدةً.
وإنَّ أبناءَ هذا الوطنِ الحبيب لَيَثِقون في علمائهم، وشيوخهم؛لِمَا رأَوْا فيهم مِنْ صدقِ نواياهم، وثباتِ مواقفهم عند كُلِّ فتنةٍ نَزَلت بالبلد؛ وَهُمْ يقدِّرون المصالحَ والمفاسد؛ فَيسعَوْن لجلبِ المصالح وتكثيرها، ودفعِ المفاسد وتقليلها؛ ولا شكَّ أنَّ فصلهم عن هذه الأمَّة، وإبعادَهم عنها، وتضييقَ الخناق عليهم عن أداء مهامِّهم النّبيلة في تعليمها وتوجيهها؛ يفتح الطريقَ أمامَ المُغرِضين؛ لتحقيق أهدافهم، وتمرير مشروعهم؛ الهادف إلى تقويض البلد، وإدخاله في أنفاقٍ مُظلِمةٍ.
فقد قال تعالى: (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)[النساء:83].
قال العلَّامة السعديُّ في «تفسيره»(190): «هذا تأديبٌ مِنَ الله لعباده عن فعلهم هذا غيرِ اللائق؛ وأنَّه ينبغي لهم إذا جاءهم أمرٌ مِنَ الأمور المُهِمَّة، والمصالح العامَّة؛ ما يتعلَّق بالأمن وسرور المؤمنين، أو بالخوف الذي فيه مصيبةٌ عليهم: أَنْ يتثبَّتوا، ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر، بل يردُّونه إلى الرسول، وإلى أُولي الأمر منهم؛ أهلِ الرأي، والعلم، والنصح، والعقل، والرزانة؛ الذين يعرفون الأمورَ، ويعرفون المصالحَ وضِدَّها؛ فإِنْ رأَوْا في إذاعته مصلحةً، ونشاطًا للمؤمنين، وسرورًا لهم، وتحرُّزًا مِنْ أعدائهم؛ فعلوا ذلك؛ وإِنْ رأَوْا أنَّه ليس فيه مصلحةٌ، أو فيه مصلحةٌ، ولكنَّ مَضرَّتَه تزيد على مصلحته؛ لم يُذيعوه؛ ولهذا قال: (لعلمه الذين يستنبطونه منهم)أي: يستخرجونه بفكرهم، وآرائهم السَّديدة، وعلومِهم الرشيدة».
ثانيًا: تحذير الأمَّة مِنَ الدَّعَوات الغربيَّة المخطّطة؛ لإثارة الشّعوب ضِدَّ حُكَّامِها بأيدي أبناء المسلمين، والدعاياتِ المضلِّلة، والدعاوي المُغرِضة، والإشاعات الكاذبة، والأفكار الهدَّامة؛ التي تدعو إلى المساس بثوابت البلد، ودِينه، ووحدته، وهويَّتِه؛ تحت مِظَلَّة حقوق الأقلِّيَّة، أو الحريّة الفرديَّة، أو الديمقراطيَّة تارةً، أو غيرِها مِنَ الشعارات البراقَّة الخدّاعة تارة أخرى؛ ونسبةِ الكبت، والاضطهاد، وقمعِ الحُرِّيَّة إلى أُولي أمر البلاد.
ثالثًا: تحذير الأمَّة ممَّنْ يسعَوْن في إثارة الفتن، والدعوة إلى التدخُّل الأجنبيِّ في سياسة البلد، وتكثير سواد السالكين لسُبُل الضلالة؛ بإيقاعهم في شِبَاكِهم، وأفكارهم؛ تمزيقًا لوحدة الأمَّة، وإضعافًا لقُوَّتها، وتسليطًا للأعداء عليها.
وأخيرًا:نحذِّر أمَّةَ الإسلام مِنَ الفُرقة، والشذوذ، والفتنة؛ فإنَّ يد الله فوق الجماعة، ومَنْ شذَّ، فإنَّما يشذُّ عن نفسه، ولا يُبالِي اللهُ، ولا الأمَّةُ بشذوذه؛ وقد قال عَمْرو بنُ العاص لابنه<رضي الله عنه>: «يا بُنَيَّ، احْفَظْ عنِّي ما أُوصِيكَ به: إمامٌ عدلٌ خيرٌ مِنْ مَطَرٍ وَبْلٍ، وأَسَدٌ حَطومٌ خيرٌ مِنْ إمامٍ ظَلومٍ، وإمامٌ ظَلومٌ غَشومٌ خيرٌ مِنْ فتنةٍ تدوم».
لذا نوجِّه هذا الخطابَ للمُخلِصين، والشُّرَفاءِ؛ مِنْ أبناءِ هذا الوطنِ الحبيب، الذين يسعَوْن في الخير: أَنْ يتَّقُوا اللهَ في أنفسهم، وفي بلدهم، وأمَّتـهم؛ وأَنْ يكونوا مفاتيحَ للخير، مغاليقَ للشرِّ، وأَنْ يجنِّبوا بلدَهم وأمَّتَهم فتنةً قد تأتي على الأخضر واليابس إهلاكًا وفسادًا، فتَنفلِتُ الأمورُ، ويستعصي التحكُّمُ فيها -أعاذنا اللهُ مِنْ شرِّها-؛ فإنَّ المتسبِّب في الشرِّ والفساد يحمل وِزرَه، وأوزارَ مَنِ اتَّبَعوه فيه، وعملوا بعمله؛ ولْنَعتبِرْ بمَنْ حولنا مِنْ إخواننا وجيراننا، وما حَلَّ بهم مِنْ فِتَنٍ ومِحَنٍ؛ أعيَتْهم الحروبُ، ومزَّقَتْهم إلى فُرقةٍ وطائفيَّةٍ كُلَّ ممزَّقٍ؛ فإنهم لمَّا بَدَءُوها، رفعوا شعارَ: «سِلميَّة»، ثمَّ سُرعانَ ما تحوَّلَتْ إلى «تخريبيَّةٍ».
هذا، ونسأل اللهَ الكريم، ربَّ العرش العظيم: أَنْ يجعل بلدَنا هذا آمنًا مُطمئِنًّا، رخاءً سخاءً، وسائرَ بلاد المسلمين، ويجنِّبَه الفِتَنَ ما ظَهَر منها وما بَطَن؛ وأَنْ يُوفِّقَ وُلَاةَ أمره لِمَا يحبُّه ويرضاه، ولِمَا فيه صلاحُ البلاد والعباد؛ واللهُ يقول الحقَّ، وهو يَهدِي السبيلَ.
الجزائر الثلاثاء الثالثَ عَشَرَ مِنْ ربيعٍ الآخِر سنة: 1441هـ
الموافق للعاشر مِن ديسمبر 2019م
ـ الشيخ أ.د محمَّد علي فركوس: أستاذ بجامعة الجزائر. كُلِّيَّة العلوم الإسلاميَّة-الخرُّوبة.
ـ الشيخ أ.د عبد المجيد جمعة: أستاذ سابق بجامعة الأمير عبد القادر-قسنطينة.
ـ الشيخ أزهر سنيقرة: إمام سابق.
ـ الشيخ نجيب جلواح: إمام سابق.
تعليق