<بسملة1>
حث في أحكام المسح على التساخين
(رد على متعصبة المالكية)
حث في أحكام المسح على التساخين
(رد على متعصبة المالكية)
الحمد لله القائل:(ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين).[(85 آل عمران)
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وقيوم السماوات والأرضين، واشهد أن نبينا محمدا خاتم الأنبياء وإمام المرسلين، من أكرمه ربه بالسنة وجعلها للقرآن مفسرة، وذات توضيح وتبيين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن عجب المرء لا يكاد ينقطع من إعراض أقوام عن السنة، وقد علموا منزلتها في الإسلام، وعلموا صدق ما جاء به النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، فيعمدون إلى مخالفة أمره والإعراض عن سنته، بحجة أن ما ذهبوا إليه قد قال به إمام، وهو عندهم وعند غيرهم من الأعلام، فيسوغون لأنفسهم متابعته وقفو أثره ولو خالف قوله قول سيد الأنام، عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، وهذا لا يشك في حرمته من له أدنى دراية بالإسلام، فضلا عن رجل يشار إليه بالتي تلي الإبهام، ذلك أن الناظر في كتاب الله ليعلم أن الله ما أمر الناس إلا بالاستجابة له ولرسوله صلى الله عليه وسلم وقفو أثره والرضا بحكمه، ونهى عن شقاقه ومخالفة أمره، قال الله تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)[115 النساء].وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم)[24 الأنفال] وقال تعالى (فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين)[50 القصص].
قال ابن القيم رحمه الله:
"فقسم الأمر إلى أمرين لا ثالث لهما، إما الاستجابة لله والرسول وما جاء به، وإما اتباع الهوى، فكل ما لم يأت به الرسول فهو هوى" ا.هـ إعلام الموقعين ج1 ص40 ط المكتبة العصرية.
وقال رحمه الله:
"فكانت فتاويه صلى الله عليه وسلم جوامع الأحكام، ومشتملة على فصل الخطاب، وهي في وجوب اتباعها وتحكيمها والتحاكم إليها ثانية الكتاب، وليس لأحد من المسلمين العدول عنها ما وجد إليها سبيلا، وقد أمر الله عباده بالرد إليها حيث يقول (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا)[59 النساء]. ا.هـ من إعلام الموقعين ج1 ص13.
وقال تعالى:(لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا)[63 النور]. أي: لا تجعلوا دعاء الرسول إياكم ودعائكم للرسول كدعاء بعضكم بعضا، فإذا دعاكم فأجيبوه وجوبا، حتى إنه تجب إجابة الرسول صلى الله عليه وسلم في حال الصلاة، وليس أحد إذا قال قولا يجب على الأمة قبول قوله والعمل به، إلا الرسول لعصمته، وكوننا مخاطبين باتباعه، قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم)[24 الأنفال]. اهـ من تفسير عبد الرحمن السعدي ص 546.
وقد بوب شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتابه الفذ كتاب التوحيد:
باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله, فقد اتخذهم أربابا من دون الله.
وقال بن عباس: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولون قال أبو بكر وعمر.
وقال أحمد بن حنبل: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته، يذهبون إلى رأي سفيان، والله تعالى يقول: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم)[63 النور]، أتدري ما الفتنة؟
الفتنة: الشرك لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك.
وعن عدي بن حاتم: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله)[31 التوبة] فقلت له إنا لسنا نعبدهم.
قال: أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه، فقلت بلى، قال: فتلك عبادتهم. رواه أحمد والترمذي وحسنه. اهـ من كتاب التوحيد الباب: 37.
ولقد استفاضت نصوص الكتاب والسنة، وكلام الصحابة والتابعين، ومن تبعهم من أئمة الاسلام والسنة في تقرير هذا الأصل العظيم، وبالرغم من هذا البيان الشافي فقد استفحل داء العدول عن السنة إلى أقوال الرجال، في جسد متعصبة المذاهب الأربعة الذين استحلوا لأنفسهم التقليد الأعمى والتمسك الباطل بأقوال أصحابها رحمهم الله ولو كان ذلك في مقابل نصوص الشريعة الغراء.
واعلم يا أخا الإسلام وفقنا الله وإياك لطاعته، أن التقليد كأكل الميتة لا يحل إلا لمضطر.
قال علامة المغرب تقي الدين الهلالي رحمه الله:
قال أبو عمر: قال أهل العلم والنظر: حد العلم التبيين وإدراك العلم على ما هو عليه، فمن بان له شيء فقد علمه، والمقلد لا علم له ولم يختلفوا في ذلك. ومن ها هنا قال البحتري:
عرف العالمون فضلك بال علــــم وقال الجهال بالتقليد
وقال أبو عبد الله بن خويز منداد البصري المالكي:
التقليد: معناه في الشرع الرجوع إلى قول لا حجة لقائله عليه وذلك ممنوع منه في الشريعة، والاتباع ما ثبتت عليه حجة.
وقال في موضع آخر في كتابه: كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قوله لدليل يوجب ذلك، فأنت مقلده، والتقليد في دين الله غير صحيح، وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه، والاتباع في الدين مسوغ، والتقليد ممنوع. ا.هـ انظر: إعلام الموقعين ج 2 ص 134. الحسام الماحق ص50ـ51 ط دار المنهاج.
وقال بن عبد البر المالكي رحمه الله مبينا وناصحا:
يا سائلي عن موضع التقليد خذ***من الجواب بفهم لب حاضر
واصغ إلى قولي ودن بنصيحتي***واحفظ علي بوادر ونوادر
لا فرق بين مقلد وبهيمة***تنقاد بين جنادل ودعائر
تبا لقاض أو لمفت لا يرى***عللا ومعنى للمقال السائر
فإذا اقتديت فبالكتاب وسنة ال***مبعوث بالدين الحنيف الطاهر
ثم الصحابة عند عدمك سنة***فأولاك أهل نهى وأهل بصائر
وكذاك إجماع الذين يلونهم***من تابعيهم كابرا عن كابر
إجماع أمتنا وقول نبينا***مثل النصوص لدى الكتاب الزاهر
وكذا المدينة حجة إن أجمعوا***متتابعين أوائلا بأواخر
وإذا الخلاف أتى فدونك فاجتهد***ومع الدليل فمل بفهم وافر
ومع الأصول فقس فروعك لا تقس***فرعا بفرع كالجهول الحائر
والشر ما فيه فديتك أسوة***فانظر ولا تحفل بزلة ماهر.
اهـ من كتاب الحسام الماحق للعلامة تقي الدين الهلالي ص 48.واصغ إلى قولي ودن بنصيحتي***واحفظ علي بوادر ونوادر
لا فرق بين مقلد وبهيمة***تنقاد بين جنادل ودعائر
تبا لقاض أو لمفت لا يرى***عللا ومعنى للمقال السائر
فإذا اقتديت فبالكتاب وسنة ال***مبعوث بالدين الحنيف الطاهر
ثم الصحابة عند عدمك سنة***فأولاك أهل نهى وأهل بصائر
وكذاك إجماع الذين يلونهم***من تابعيهم كابرا عن كابر
إجماع أمتنا وقول نبينا***مثل النصوص لدى الكتاب الزاهر
وكذا المدينة حجة إن أجمعوا***متتابعين أوائلا بأواخر
وإذا الخلاف أتى فدونك فاجتهد***ومع الدليل فمل بفهم وافر
ومع الأصول فقس فروعك لا تقس***فرعا بفرع كالجهول الحائر
والشر ما فيه فديتك أسوة***فانظر ولا تحفل بزلة ماهر.
هذا وليعلم أن المحفوظ عن هؤلاء الأئمة الأعلام هو الحث على التمسك بنصوص الكتاب والسنة، والنهي عن التقليد المذموم، كما في قول الإمام مالك الذي أخرجه بن عبد البر رحمه الله: إنما أنا بشر أصيب وأخطئ فانظروا في رأي فما وافق الكتاب والسنة فخذوه وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه. اهـ نقلا عن الحسام الماحق ص51.
وقال رحمه الله:
كل منا يأخذ من حديثه ويرد إلا صاحب هذا القبر، وأشار إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي قول أبي حنيفة القائل: إذا صح الحديث فهو مذهبي.
وفي قول الإمام الشافعي رحمه الله: مثل الذي يطلب العلم بلا حجة كمثل حاطب ليل، يحمل حزمة حطب وفيه أفعى تلدغه وهو لا يدري. ذكره البيهقي. الإعلام ج2 ص 136.
وقال أبو داود: قلت لأحمد: الأوزاعي هو أتبع من مالك؟ قال: لا تقلد دينك أحدا من هؤلاء، ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فخذ به، ثم التابعي بعد الرجل فيه مخير. المصدر السابق.
ولقد أجاد من جعل كلامهم نظما يسهل حفظه وتبليغه، فقال:
قال أبو حنيفة الإمام***لا ينبغي لمن له إسلام
أخذا بقول حتى يعرض***على الكتاب والحديث المرتض
ومالك إمام دار الهجرة***قال وقد أشار نحو الحجرة
كل الحديث منه ذو قبول***ومنه مردود سوى الرسول
والشافعي قال إن رأيتم***قول مخالفا لما رويتم
فاضربوا بقول الجدار***قول المخالف الأخبار
وأحمد قال لهم لا تكتبوا***عني بل أصل ذلك اضربوا
دينك لا تقلد الرجال***حتى تنظر أولاهما مقالا
فانظر ما قالت الهداة الأربعة***وخذ بها فإن فيها منفعة
أخذا بقول حتى يعرض***على الكتاب والحديث المرتض
ومالك إمام دار الهجرة***قال وقد أشار نحو الحجرة
كل الحديث منه ذو قبول***ومنه مردود سوى الرسول
والشافعي قال إن رأيتم***قول مخالفا لما رويتم
فاضربوا بقول الجدار***قول المخالف الأخبار
وأحمد قال لهم لا تكتبوا***عني بل أصل ذلك اضربوا
دينك لا تقلد الرجال***حتى تنظر أولاهما مقالا
فانظر ما قالت الهداة الأربعة***وخذ بها فإن فيها منفعة
فصل:
ومع ما تقدم ذكره من ذم التقليد، ووجوب الرجوع لنصوص الكتاب والسنة، وعلى فهم الصحابة الكرام رضي الله عنهم، فهذا لا يلزم منه القدح في هؤلاء الأئمة رحمهم الله، وأن أقوالهم يضرب بها عرض الحائط، كما لا ينبغي الغلو فيهم فينزلوا منزلة المعصوم حتى لا يرد من كلامهم شيئا، بل لا بد من توسط واعتدال، فيعمل بأقوالهم ما لم تخالف الكتاب والسنة، لأننا نعتقد جازمين، أن هؤلاء الأئمة الأعلام ليسوا بكاملين ولا معصومين، قال الله تعالى (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)[82 النساء].وقال صلى الله عليه وسلم (كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) رواه الترمذي والحاكم وصححه.
قال الحكمي رحمه الله في لاميته:
والكامل الله في ذات وفي صفة***وناقص الذات لم يكمل له عمل
والله أسأل ألطافا ومغفرة***على المعائب والتقصير تشتمل.
وقال بن القيم رحمه الله:والله أسأل ألطافا ومغفرة***على المعائب والتقصير تشتمل.
قلت: والمصنفون في السنة جمعوا بين بيان فساد التقليد وإبطاله وبيان زلة العالم ليبينوا بذلك فساد التقليد، وأن العالم قد يزل ولا بد، إذ ليس بمعصوم، فلا يجوز قبول كل ما يقوله، وينزل قوله منزلة قول المعصوم، فهذا الذي ذمه كل عالم على وجه الأرض، وحرموه وذموا أهله، وهو أصل بلاء المقلدين وفتنتهم، فإنهم يقلدون العالم فيما زل فيه وما لم يزل فيه، وليس لهم تمييز بين ذلك، فيأخذون الدين بالخطأ ولا بد فيحلون ما حرم الله ويحرمون ما أحل الله ويشرعون ما لم يشرع، ولا بد لهم من ذلك إذ كانت العصمة منتفية عمن قلدوه، فالخطأ واقع منه ولا بد. ا.هـ إعلام الموقعين ج2 ص129ـ130.
تنبيه:
واعلم يا طالب الحق ألهمنا الله وإياك رشدنا أن أئمة الاسلام لا يتعمدون الخطأ، وإنما أخطأوا الحق من حيث أرادوه، وأنهم يدورون بين الأجر والأجرين، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر
أخرجه البخاري) ، وأنهم لو علموا النص لما اجتهدوا في مقابله، كما دل على ذلك قولهم وفعلهم رحمهم الله.
قال ذهبي وقته عبد الرحمن المعلمي اليماني رحمه الله كما في آثاره:
وقد علم الله تبارك وتعالى أن العالم قد تعزب عنه بعض دلالات الكتاب والسنة، وقد لا تبلغه السنة، مع أسباب أخرى يقع بها العالم في الخطأ، فتجاوز سبحانه عن العالم وأثابه على اجتهاده المأمور به، وفرض على المخطئ أن يرجع إلى الحق إذا تبين أو بين له.
وقال رحمه الله:
ولذلك كان كل واحد منهم إذا تبين له خطأ قول من أقواله رجع عنه، ثم لم يعمل ولم يقض ولم يفت إلا بما تبين له بعد أنه حق. ا.هـ ج19 ص315ـ316.
فصل:
وإن من المسائل التي كثر فيها الجدل، ورفعت فيها ألوية التقليد الباطل في أيامنا هذه، مسألة المسح على الخفين والجوربين وغيرهما من التساخين، فصار كثير من الناس على خطا الروافض أو قريبا من خطاهم بغير حجة ولا برهان، وإنما هي أحكام غالبها تقليد صادر عن الجهل بما جاء في هذه الشريعة الغراء، أو إقامة لقول مجتهد في مقابل نص قد جهله أو لم يتقوى عنده كما هو معلوم عند أهل الحديث.
ومن كان له ممارسة للسنة وطالع كتب الشافعي رحمه الله، علم يقينا أن كثيرا من الأحاديث الثابتة لم تبلغه البتة، أو بلغته من وجه لا يثبت، وهي ثابتة عند غيره من أوجه أخر. وإن كان قد بلغه وثبت عنده من الأحاديث ما لم يبلغ أستاذه مالكا أو لم يعرف ثبوته، كما بلغ كلا منهما وثبت عنده أشياء لم تبلغ أبا حنيفة وما لم يعرف ثبوته. ا.هـ من آثار عبد الرحمن المعلمي رحمه الله ج19 ص315.
وعلى هذا فليعلم أن المجتهد معذور ببذل وسعه وإنفاذ طاقته، أما من علم من دين الله شيئا وجب عليه أخذه وإعماله كما تقدم، ومن أراد زيادة تبصر في هذا الباب فليراجع (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) لشيخ الاسلام بن تيمية وكتاب (إعلام الموقعين) لتلميذه ابن القيم عليهما رحمة الله.
فصل:
وإن بين أظهرنا من أئمة مساجدنا من يفتي ببطلان صلاة الماسح على الجوربين، وأنه في الحضر لا يمسح على الخفين، وأن الخف لا بد أن يكون مخروزا، وأنه من جلد فلا يصح المسح على غيره، وأن لا يكون به خروق، ولعل القوم استندوا في بعض ما ذهبوا إليه، لما جاء عن الإمام مالك رحمه الله، كما هو في مدونة سحنون رحمه الله وهو قوله:
وقال مالك: لا يمسح المقيم على خفيه، وقد كان قبل ذلك يقول يمسح عليهما، قال: ويمسح المسافر وليس لذلك وقت.
وقال رحمه الله: كان مالك يقول في الجوربين يكونان على الرجل وأسفلهما جلد مخروز، وظاهرهما جلد مخروز، أنه يمسح عليهما، ثم رجع فقال: لا يمسح عليهما. ا.هـ
وهم فيما أفتوا به ذهبوا إلى أمور منها:
الأول: بطلان صلاة الماسح على خفيه في الحضر، أما المسافر فيمسح وليس لذلك وقت.
الثاني: بطلان صلاة الماسح على غير الخفين مطلقا، سواء كان الماسح حاضرا أو مسافرا.
الثالث: الخلط في معرفة وتعريف الخف، إذ جعلوا من شروط المسح عليه أن يكون مخروزا وما لم يكن كذلك فلا يمسح عليه.
الرابع: أنه لا يمسح على الخف المخرق بلا تفصيل.
والمتمسك بهذا الكلام له حالين:
ـ1ـ جاهل، يرى صحة التقليد ولو في مقابل النصوص الشرعية كما سبق بيانه، وهذا تحرم معه الفتيا.
ـ2ـ معاند يريد أن يضع خلال المسلمين الشكوك والريبة، ويسعى إلى تنفير الناس عن أهل السنة والحديث.
وعلى كل يحرم على المسلم أن يستفتي من هذه حاله، لعدم توفر الشروط فيه، قال الله تعالى ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )، ففرض الله على العامة سؤال أهل العلم، الذين سعوا في تحصيله والعمل به ودعوة الناس إليه حتى عرفوا به ونسبوا إليه، فإنما يقال عالم لمن علم، وضده الجاهل الذي لا علم عنده، وكما قيل: فاقد الشيء لا يعطيه.
قال بن القيم رحمه الله:
قال الإمام أحمد، في رواية ابنه صالح عنه: ينبغي للرجل إذا حمل نفسه على الفتيا أن يكون عالما بوجوه القرآن، عالما بالأسانيد الصحيحة، عالما بالسنن، وإنما جاء خلاف من خالف لقلة معرفتهم بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقلة معرفتهم بصحيحها من سقيمها. ا.هـ إعلام الموقعين ج1 ص38.
ثم اعلم يا أخا الاسلام وفقنا الله وإياك، أن هذه المسألة التي بين أيدينا مسألة عظيمة لم يكتف علماء أهل السنة بإيرادها في كتب الفقه فحسب، وإنما جعلوا بيانها في كتب العقيدة أيضا، ذلك أن الروافض وغيرهم من أهل البدع والأهواء أنكروها وجحدوها، فوجب على العلماء بيانها، كما وجب على طلاب العلم، تقصيها ومعرفة أدلتها وبراهينها.
قال الإمام البربهاري رحمه الله في شرح السنة:
والمسح على الخفين سنة. ا.هـ
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله معلقا على كلام البربهاري رحمه الله:
نص على هذه المسألة، مع أنها من مسائل الفقه، لأن لها تعلقا بالعقيدة، فمن أنكر المسح على الخفين يكن خارجا عن أهل السنة والجماعة مخالفا للعقيدة الصحيحة، لأن المسح على الخفين ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة بلغت حد التواتر. ا.هـ من شرح السنة للبربهاري ص148 ط دار الآثار.
وقال ابن عبد البر المالكي رحمه الله:
وفيه الحكم الجليل الذي به فرق بين أهل السنة وأهل البدع، وهو المسح على الخفين، لا ينكره إلا مخذول أو مبتدع خارج عن جماعة المسلمين أهل الفقه والأثر. ا.هـ من التمهيد 2ـ ص 226.
قال جامعه عفا الله عنه:
وجوابا على ما ورد في كلامهم هذا يقال: أما ما ذهبتم إليه أولا، ففيه شقين:
أما الشق الأول: وهو بطلان صلاة الماسح للمقيم، وهذا أيضا فيه مسألتين:
المسألة الأولى: الحكم على الصلاة بالبطلان، وهذا أين نص عليه مالك؟، فإن العالم قد ينكر الشيء ولا يصل إلى حد الحرمة، بل قد يكون مكروها، كما هو معلوم، بل هذا الذي يترجح مما سيأتي إن شاء الله تعالى.
المسألة الثانية: وهي عدم جواز المسح في الحضر، فقد أجاب عنها صاحب الجامع لأحكام القرآن وهو الإمام القرطبي أحد أعلام السادة المالكية بقوله:
وأما مالك فما روي عنه من الإنكار، فهو منكر لا يصح، والصحيح ما قاله عند موته لابن نافع، قال: المسح في الحضر والسفر صحيح يقين، إلا أني كنت آخذ في خاصة نفسي بالطهور، ولا أرى من مسح مقصرا فيما يجب عليه.
وعلى هذا حمل احمد بن حنبل ما رواه بن وهب عنه أنه قال: لا أمسح في حضر ولا سفر.
قال احمد: كما روي عن بن عمر أنه أمرهم أن يمسحوا خفافهم، وخلع هو وتوضأ وقال: حبب إلي الوضوء. ونحوه عن أبي أيوب.
وقال احمد: فمن ترك ذلك على نحو ما تركه بن عمر، وأبو أيوب ومالك لم أنكره عليه، وصلينا خلفه ولم نعبه، إلا أن يترك ذلك ولا يراه، كما صنع أهل البدع، فلا يصلى خلفه. والله أعلم.
انتهى من الجامع لأحكام القرآن ج7 ص347 ط الرسالة العالمية..
وقال الحافظ بن حجر: قال بن عبد البر لا أعلم روي عن أحد من فقهاء السلف إنكاره إلا عن مالك، مع أن الروايات الصحيحة عنه مصرحة بإثباته. انتهى من فتح الباري
وقد نقل اللخمي رحمه الله في التبصرة أنه اختلف عن مالك في الحضر، وأن آخر ما ذهب إليه هو الجواز.
قال اللخمي رحمه الله:
المسح على الخفين جائز في السفر، واختلف عن مالك في الحضر، فمنعه ثم رجع إلى إجازته، وقال في ((المجموعة)): إني لأقول اليوم مقالة ما قلتها قط في ملأ من الناس: قد أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة عشر سنين وأبو بكر وعمر وعثمان في خلافتهم رضي الله عنهم، فذلك خمس وثلاثون سنة، فلم يرهم أحد يمسحون، وإنما جاءت الأحاديث بالقول ـ بالمسح ـ ، وكتاب الله عز وجل أحق أن يتبع ويعمل به. اهـ من التبصرة 1ـ163.
قال جامعه عفا الله عنه:
ففي هذا بيان للقول المتأخر من قولي الإمام مالك، وفيه توجيه لما قال في قوله الأول وأنه ليس على إطلاقه كما تقدم في كلام الإمام احمد رحمه الله، وفيه الحكم بالكراهة التي لا تصل إلى حد التحريم، فتنبه، والله تعالى أعلم.
وأما الشق الثاني: فهاك ما يبين رجحان ما عليه نصرة المذهب المالكي من عدم تقييد مدة المسح في السفر.
جاء في صحيح مسلم رحمه الله عن شريح بن هانيء قال أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين فقالت: عليك بابن أبي طالب فسله فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألناه فقال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوما وليلة للمقيم.
قال علي ابن محمد اللخمي المالكي رحمه الله:
وقد تظمن هذا الحديث فائدتين: جواز المسح في الحضر، والتوقيت في الحضر والسفر، وهو أحسن. اهـ من التبصرة ج1 ص164.
قال جامعه عفا الله عنه:
والحديث صريح في توقيت مدة المسح في السفر بثلاثة أيام بلياليهن وفي الحضر بيوم وليلة، وهو في صحيح مسلم، بل هذا الذي ذهب إليه الإمام مالك رحمه في المتأخر من قوليه الله كما تقدم، فهل يحتمل الحديث غير ما أفتى به علي رضي الله عنه والأئمة من بعده؟
فإن قال قائل: قد ورد في حديث أبي بن عمارة: أنه قال يا رسول الله أأمسح على الخف؟ قال: نعم، قال: يوما؟ قال: نعم، ويومين؟ قال: نعم وثلاثة؟ قال: نعم. حتى بلغ سبعا، قال: امسح ما بدا لك. أخرجه أبو داود من دون لفظة (ما بدا لك). ففي الحديث دليل على عدم اشتراط المدة وهو قوله (ما بدا لك) ففيه ترك الخيار للماسح؟
فيقال: هذا الحديث قال فيه من أخرجه وهو الإمام أبو داود:
وقد اختلف في إسناده وليس بالقوي.
وقال الألباني: ضعيف. ضعيف سنن أبي داود برقم158. ص 21 ط مكتبة المعارف.
وقال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار:
بعد أن ذكر قول أبي داود المتقدم، وقال البخاري نحوه، وقال الإمام أحمد: رجاله لا يعرفون، وأخرجه الدارقطني وقال: هذا إسناد لا يثبت وفي إسناده ثلاثة مجاهيل: عبد الرحمن، ومحمد بن يزيد، وأيوب بن قطن، ومع هذا فقد اختلف فيه على يحي بن أيوب اختلافا كثيرا، وقال بن حبان: لست أعتمد على إسناد خبره، وقال بن عبد البر: لا يثبت وليس له إسناد قائم، وبالغ الجوزقاني فذكره في الموضوعات، وما كان بهذه المرتبة لا يصلح للاحتجاج به على فرض عدم المعارض، فالحق توقيت المسح بالثلاثة للمسافر، واليوم والليلة للمقيم. اهـ ج2 ص181 ط دار بن الجوزي.
وقال أبو الوليد بن رشد في بداية المجتهد:
أما حديث علي صحيح خرجه مسلم، وأما حديث أبي بن عمارة فقال فيه أبو عمر بن عبد البر: إنه حديث لا يثبت وليس له إسناد قائم، ولذلك ليس ينبغي أن يعارض به حديث علي. ا.هـ من بداية الجتهد ج1 ص69 ط دار المغني.
فصل:
وجوابا على ما ذهبوا إليه ثانيا: وهو بطلان صلاة الماسح على الجوربين مطلقا، سواء كان الماسح حاضرا أو مسافرا فدونك أدلة جواز المسح على الخفين والجوربين والجرموق والموق، مرفوقة معززة بفهم بعض أئمة الإسلام رحم الله الجميع:
قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين).
ومن السنة ما رواه البخاري في كتاب الوضوء، باب المسح على الخفين:
عن سعد بن أبي وقاص: عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه مسح على الخفين.
وعن المغيرة بن شعبة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه خرج لحاجته فاتبعه المغيرة بإداوة فيها ماء، فصب عليه حين فرغ من حاجته، فتوضأ ومسح على خفيه.
وعن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري، أن أباه أخبره: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على خفيه.
وفي الباب الذي يليه من حديث المغيرة رضي الله عنه: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأهويت لأنزع خفيه فقال: دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين، فمسح عليهما.
وفي صحيح مسلم من حديث بلال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين والخمار.
وجاء في مسند الإمام أحمد: عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالمسح على الخفين في غزوة تبوك، ثلاثة أيام بلياليهن، ويوما وليلة للمقيم.
وروى أيضا حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين.
وجاء في سنن أبي داوود: أن جريرا بال ثم توضأ فمسح على الخفين، وقال: وما يمنعني أن أمسح وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح؟ قالوا: إنما كان ذلك قبل المائدة، قال: ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة.
وعنده أيضا من حديث المغيرة بن شعبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين .
وروى أبو داود من حديث ثوبان قال: فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين.
وقد روى بن المنذر رحمه الله في الأوسط عدة أحاديث في بيان جواز المسح على الجوربين تدور بين الصحة والحسن منها:
ما جاء عن عمر بن حريث، قال: رأيت عليا بال ثم توضأ ومسح على الجوربين.
وعن أبي مسعود رضي الله عنه: أنه كان يمسح على الجوربين.
وعن أنس رضي الله عنه: أنه كان يمسح على الجوربين.
وعن رجاء بن ربيعة الزبيدي قال: رأيت البراء توضأ فمسح على الجوربين.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه: أنه كان يمسح على الجوربين والخفين والعمامة. اهـ من تحقيق نيل الأوطار لصاحبه محمد صبحي بن حسن حلاق. بتصرف
وجاء في منتقى الأخبار للمجد بن تيمية رحمه الله قوله:
باب المسح على الموقين وعلى الجوربين والنعلين جميعا:
عن بلال رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الموقين والخمار. رواه أحمد.
ولأبي داود: كان يخرج يقضي حاجته فآتيه بالماء فيتوضأ ويمسح على عمامته وموقيه.
ولسعيد بن منصور في سننه عن بلال قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: امسحوا على النصيف والموق.
وعن المغيرة بن شعبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين. رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي. ا.هـ
فصل:
ولقد أحببت أن أجعل بين يدي كلام أئمة الإسلام شيئا من التعريفات الواردة في كلام الفيروز آبادي رحمه الله لكي يسهل على القارئ اللبيب فهم ومعرفة ما ورد المسح عليه في هذه الشريعة الغراء، وليكون جوابا على ذلكم التخليط الوارد في شروط المسح عند القوم.
قال الفيروز آبادي رحمه الله في كتابه الفذ القاموس المحيط:
السخن: بالضم: الحار. إلى أن قال: والتساخين المراجل، والخفاف، وشيء كالطيالس. بلا واحد أو واحدها: تسخن وتسخان.
الخف: بالضم: مجمع فرسن البعير، وقد يكون للنعام، أو الخف لا يكون إلا لهما، ج: أخفاف، وـ: واحد الخفاف التي تلبس، وتخفف: لبسه.
الجورب: لفافة الرجل، جمعه جواربة، وجوارب.
الجرموق: كعصفور: الذي يلبس فوق الخف.
الموق: بالضم: خف غليظ يلبس فوق الخف.
النعل: ما وقيت به القدم من الأرض، كالنعلة مؤنثة، ج: نعال.
فصل:
في ذكر شيء من كلام أئمة الإسلام
قال الإمام محمد الأمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان:
قوله تعالى: ( وأرجلكم إلى الكعبين ).
في قوله: (أرجلكم) ثلاث قراءات، واحدة شاذة، واثنتان متواترتان.
أما الشاذة: فقراءة الرفع، وهي قراءة الحسن. وأما المتواترتان فقراءة النصب وقراءة الخفض.
أما النصب: فهو قراءة نافع, وبن عامر، والكسائي، وعاصم في رواية حفص من السبعة، ويعقوب من الثلاثة.
وأما الجر: فهو قراءة بن كثير، وحمزة، وأبي عمرو، وعاصم في رواية أبي بكر. ا.هـ
وقال الإمام السعدي في تفسير قوله تعالى (وأرجلكم إلى الكعبين):
هذه آية عظيمة نذكر منها ما يسره الله وسهله:
إلى أن قال رحمه الله:
الرابع عشر: فيها الرد على الرافضة، على قراءة الجمهور بالنصب، وأنه لا يجوز مسحهما ما دامتا مكشوفتين.
الخامس عشر: فيه الاشارة إلى مسح الخفين، على قراءة الجر في (وأرجلكم). وتكون كل من القراءتين محمولة على معنى، فعلى قراءة النصب فيها غسلهما إن كانتا مكشوفتين، وعلى قراءة الجر فيها مسحهما إذا كانتا مستورتين بالخف. ا.هـ تيسير الكريم الرحمن.
قال حافظ الحكمي رحمه الله في لاميته:
ومسح رجليه أرجو في الخفاف على***قراءة الجر إذ لا نص يتصل
وما رووه بدون الخف مضطرب***ثم الرسول وأهل العلم قد غسلوا
وما رووه بدون الخف مضطرب***ثم الرسول وأهل العلم قد غسلوا
تنبيه واقتراح:
قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله كما في شرحه على بلوغ المرام:
ـ جواز المسح على الجوارب لأن عموم قوله (التساخين) إن فسرت بالخفين فإنها من باب تفسير الشيء ببعض معناه، فالتساخين كل ما تسخن به الرجل من جوارب وخفاف وغيرها. ا.هـ
قال جامعه عفا الله عنه:
وبناء على ما تقدم يقال: إذا علم أن قراءة الجر في المسح على ما يستر الرجلين فالتعبير بالتساخين، أشمل وأولى من التعبير بالخف، وذلك لأمور منها:
ـ1ـ موافقة الحديث الوارد بلفظ (التساخين).
ـ2ـ لأن التساخين أعم وأشمل من الخفين.
ـ3ـ بيان جواز المسح على التساخين.
ـ4ـ تفويت الفرص على القائلين ببطلان المسح على غير الخفين. والله تعالى أعلم.
قال حافظ المغرب أبو عمر بن عبد البر المالكي رحمه الله:
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا محمد بن وضاح قال: حدثنا عبد الله بن الخيار الحمصي قال: حدثنا إسماعيل بن عياش قال: حدثني سفيان بن سعيد الثوري قال: مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة بن الجراح وأبو الدرداء وزيد بن ثابت وقيس بن سعد بن عبادة وعبد الله بن عباس وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن مسعود وأبو موسى الأشعري وأبو مسعود الأنصاري وخزيمة بن ثابت الأنصاري والبراء بن عازب وأبو أيوب الأنصاري وأنس بن مالك وعبد الله بن عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وصفوان بن عسال وفضالة بن عبيد الأنصاري وجرير بن عبد الله البجلي. ا.هـ من التمهيد
قال الإمام أبو داود في سننه:
ومسح على الجوربين علي بن أبي طالب، وأبو مسعود، والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وأبو أمامة، وسهل بن سعد، وعمرو بن حريث، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب، وابن عباس.
وجاء في مصنف ابن أبي شيبة عن الحسن قال: حدثني سبعون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله كان يمسح على الخفين.
قال الحافظ في الفتح: وقد صرح جمع من الحفاظ بأن المسح على الخفين متواتر، وجمع بعضهم رواته فجاوزوا الثمانين منهم العشرة.
وقال الإمام أحمد: فيه أربعون حديثا عن الصحابة مرفوعة.
وقال بن أبي حاتم: فيه عن أحد وأربعين.
وقال بن عبد البر في الاستذكار: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين نحو أربعين من الصحابة.
وذكر أبو القاسم بن منده أسماء من رواه في تذكرته، فكانوا ثمانين صحابيا. ا.هـ تحقيق سنن أبي داود لمحققه محمد عوامة. بتصرف.
وجاء في مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية:
قلت: كم يمسح المقيم على خفيه؟
قال: يوما وليلة إلى مثل ساعته التي أحدث فيها. قال إسحاق كما قال.
قلت وكم يمسح المسافر على خفيه؟
قال: ثلاثا. قال إسحاق كما قال.
قلت يمسح على الجوربين بغير نعلين؟
قال: نعم. قال إسحاق: شديدا كما قال.
وقال ابن تميم في مختصره:
يجوز المسح على الخف والجرموق وإن كان تحته خف، والجورب وإن كان غير مجلد أو بنعل.
قال الإمام الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار:
قال النووي في شرح مسلم:
وقد روى المسح على الخفين خلائق لا يحصون من الصحابة.
وقال رحمه الله معلقا على ما تقدم ذكره من كلام صاحب منتقى الأخبار:
والحديث بجميع رواياته يدل على جواز المسح على الموقين، وهما ضرب من الخفاف قاله بن سيده والأزهري.
إلى أن قال: وعلى جواز المسح على الجورب وهو لفافة الرجل، قاله في الضياء والقاموس، وقد تقدم أنه الخف الكبير وقد قال بجواز المسح عليه، من ذكره أبو داود من الصحابة، وزاد بن سيد الناس في شرح الترمذي: وعبد الله بن عمر، وسعد بن أبي وقاص، وأبا مسعود البدري، وعقبة بن عامر، وقد ذكر في الباب الأول أن المسح على الخفين مجمع عليه بين الصحابة.
قال الشيخ صديق حسن خان:
قال بن منده: إن الذين رووه من الصحابة رضي الله تعالى عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم ثمانون رجلا. ا.هـ تحقيق سنن أبي داود محمد عوامة.
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
فأما المسح على الخفين أو ما يقوم مقامهما من الجوربين والاكتفاء به عن غسل الرجلين، فهو ثابت بالأحاديث الصحيحة المستفيضة المتواترة في مسحه صلى الله عليه وسلم في الحضر والسفر، وأمره بذلك، وترخيصه فيه.
إلى أن قال:
ونقل بن المنذر وغيره إجماع العلماء على جوازه، واتفق عليه أهل السنة والجماعة، بخلاف المبتدعة الذين لا يرون جوازه. ا.هـ من الملخص الفقهي للعلامة صالح الفوزان حفظه الله تعالى.
فصل:
قال جامعه عفا الله عنه:
قد تبين للقارئ الكريم مما تقدم معنا من نصوص الكتاب والسنة وكلام الصحابة والتابعين وأئمة الاسلام رضي الله عنهم أجمعين، مشروعية المسح على التساخين، وأنها كل ما يسخن القدم من خف، ونعل، وجورب، وموق، وجرموق، كما تقدم تعريف كل نوع منها، فلم يبقى للمخالف المعاند ما يتمسك به، فإذا كان الأمر كذلك فهل للمسح أحكام تتعلق به؟ يقال: (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله بكل شيء عليم)، يعني أن الله تعالى إذا من على قوم بالهداية، وأمرهم بسلوك الصراط المستقيم، فإنه تعالى يتمم عليهم إحسانه، ويبين لهم جميع ما يحتاجون إليه، وتدعو إليه ضرورتهم، فلا يتركهم ضالين جاهلين بأمور دينهم، ففي هذا دليل على كمال رحمته، وأن شريعته وافية بجميع ما يحتاجه العباد، في أصول الدين وفروعه. اهـ تفسير الآية 115 من سورة براءة للإمام عبد الرحمن السعدي.
ودونك شيئا من الأحكام المتعلقة بالمسح على التساحين:
ـ1ـ حكم المسح على التساخين:
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
المسح على الخفين أفضل من الغسل، ووجه ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين ) فمسح عليهما. ا.هـ من فتح ذي الجلال والإكرام
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
وقال ابن المبارك وغيره: ليس في المسح على الخفين بين الصحابة اختلاف، وهو جائز.
ونقل ابن المنذر وغيره إجماع العلماء على جوازه، واتفق عليه أهل السنة والجماعة، بخلاف المبتدعة الذين لا يرون جوازه.
وحكم المسح على الخفين: أنه رخصة، وفعله أفضل من نزع الخفين وغسل الرجلين، أخذا برخصة الله عز وجل، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ومخالفة للمبتدعة، والمسح يرفع الحدث عما تحت الممسوح، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يتكلف ضد حاله التي عليها قدماه، بل إن كانتا في الخفين مسح على الخفين، وإن كانتا مكشوفتين غسل القدمين، فلا يشرع لبس الخف ليمسح عليه. ا.هـ من الملخص الفقهي 1ـ ص 42.
قال ابن عبد البر المالكي رحمه الله:
وفيه الحكم الجليل الذي به فرق بين أهل السنة وأهل البدع، وهو المسح على الخفين، لا ينكره إلا مخذول أو مبتدع خارج عن جماعة المسلمين أهل الفقه والأثر، لا خلاف بينهم في ذلك بالحجاز، والعراق، والشام، وسائر البلدان، إلا قوما ابتدعوا فأنكروا المسح على الخفين. اهـ التمهيد 2ـ ص 226.
ـ2ـ شروط المسح على التساخين:
قال اللخمي المالكي رحمه الله:
والمسح على الخفين يصح بأربعة شروط:
أحدها: أن يكون لباسه إياهما وهو كامل الطهارة.
والثاني: أن يكون لباسه على العادة، ليس ليخفف عن نفسه غسل رجليه إذا انتقضت طهارته.
والثالث: أن يكون متوضئا لا متيمما.
والرابع: أن تكون طهارته الآن للوضوء لا للغسل عن جنابة ولا غيرها. اهـ من التبصرة. 1ـ167.
وقال الشيخ العلامة صالح الفوزان:
ـ ويشترط أن يكون الخف ونحوه مباحا، فإن كان مغصوبا أو حريرا بالنسبة للرجل، لم يجز المسح عليه، لأن المحرم لا تستباح به الرخصة.
ـ ويشترط أن يكون الخف ونحوه ساترا للرجل، فلا يمسح عليه إذا لم يكن ضافيا مغطيا لما يجب غسله، بأن كان نازلا عن الكعب أو كان ضافيا ولكنه لا يستر الرجل، لصفائه أو خفته، كجورب غير صفيق، فلا يمسح على ذلك كله، لعدم ستره. اهـ من الملخص الفقهي 1 ـ ص 43.
مسألة:
هل من شروط المسح على الخف أن لا يكون مخرقا؟.
قال الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
المسح يكون على مطلق الخف، فما سمي خفا جاز المسح عليه، ولو كان فيه خروق أو شقوق، لأن النصوص الواردة في المسح على الخفين مطلقة وليس فيها تفصيل.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: إن عامة الصحابة فقراء لا تخلوا خفافهم من شقوق.
فدل هذا على أنه إذا كان في الخف شق أو خرق في الأصابع أو على ظهر القدم فإنه يجوز المسح عليه ولا حرج في ذلك، لأن النصوص إذا وردت مطلقة فإنه يجب علينا أخذها على إطلاقها، ولا يوجد نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيح ولا ضعيف يشترط فيه ألا يوجد في الخف شق أو خرق. اهـ من فتح ذي الجلال 1ـ368.
ـ3ـ صفة المسح على التساخين:
قال بن القيم رحمه الله:
وكان يمسح ظاهر الخفين، ولم يصح عنه مسح أسفلهما إلا في حديث منقطع، والأحاديث الصحيحة على خلافه. اـ هـ من زاد المعاد
قال جامعه عفا الله عنه:
يشير رحمه الله إلى ما رواه أبو داود والترمذي من حديث المغيرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح أعلى الخف وأسفله.
قال فيه راويه الإمام الترمذي رحمه الله: هذا حديث معلول، لم يسنده عن ثور بن يزيد غير الوليد بن مسلم، قال: وسألت أبا زرعة ومحمدا هو البخاري عن هذا الحديث؟ فقالا ليس بصحيح. ا.هـ من نيل الأوطار
وقال أبو داود رحمه الله في سننه:
بلغني أنه لم يسمع ثور هذا الحديث من رجاء.
وقال ابن القيم كما في تهذيب السنن:
فهذا حديث قد ضعفه الأئمة الكبار: البخاري وأبو زرعة والترمذي وأبو داود والشافعي ومن المتأخرين أبو محمد بن حزم.
وأما ما أشار إليه رحمه الله بقوله: والأحاديث الصحيحة على خلافه. فمن ذلك ما رواه أبو داود في سننه عن علي رضي الله عنه: لو كان الدين بالعقل لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه.
قال الحافظ في البلوغ: إسناده حسن وقال في التلخيص إسناده صحيح.
قال العلامة الألباني رحمه الله في الإرواء: إسناده صحيح كما قال الحافظ بن حجر في التلخيص، وقال في بلوغ المرام إسناده حسن والصواب الأول.
وجاء عند عبد الرزاق: عن معمر عن أيوب قال: رأيت الحسن بال ثم توضأ فمسح على خفيه مسحة واحدة على ظهورهما، قال: فرأيت أثر أصابعه على الخف.
وجاء عند ابن أبي شيبة قال: حدثنا فضيل بن عياض عن هشام عن الحسن قال: المسح على الخفين خطا بالأصابع.
قال الشيخ ابن عثيمين:
والمسح وصفه العلماء بأن الإنسان يبل يده بالماء، ثم يمرها من أطراف الأصابع إلى الساق، وتكون الأصابع مفرقة، لأنها لو كانت مضمومة لاختص المسح بجانب من الخف، فإذا كانت مفرقة كان أوسع، ولهذا قالوا: ينبغي أن يمسح مفرقا أصابعه من أطراف أصابع الرجل إلى الساق. ا.هـ من فتح ذي الجلال والإكرام
وقال رحمه الله:
من فوائد هذا الحديث، أي حديث علي رضي الله عنه: لو كان الدين بالرأي......الحديث.
ـ4ـ أن المسح على الظاهر وليس على الباطن، فمن مسح على الباطن فهو من المتعمقين المتنطعين المبتدعين أيضا.
وظاهر الحديث وهو قوله: ـ على ظاهر خفيه ـ أن أدنى مسح فهو كاف، لأنه لم يقل: ـ مسح بظاهر خفيه ـ حتى نقول إنه يجب استيعاب ظاهر الخف، كقوله تعالى (وامسحوا برؤوسكم)، حيث قلنا إن الباء في قوله (وامسحوا برؤوسكم) للاستيعاب، فيجب أن يكون مسح الرأس في الوضوء شاملا لجميع الرأس، لكن هنا قال: ـ على ـ فيكفي أدنى مسح، وهذه المسألة فيها خلاف، والمذهب الوسط فيها ما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله أنه يكفي مسح أكثر الظاهر، فلو أمر يده على ظاهر الخف من أصابعه إلى ساقه كفى، ولا يمسح العقب ولا الأسفل، بل من أطراف الأصابع إلى الساق، ووصفه أهل العلم بأن يضع يده مفرجة الأصابع على ظاهر الخف من عند الأصابع إلى أن يصل إلى الساق. اهـ من فتح ذي الجلال. 1ـ372.
مسألة:
قال اللخمي المالكي رحمه الله:
واختلف فيمن توضأ فلما غسل رجله اليمنى أدخلها في الخف، ثم غسل اليسرى فأدخلها، فقال مطرف: يمسح عليهما. وقال سحنون: لا يمسح. اهـ التبصرة 1ـ167.
وقال الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
الفائدة الثامنة من شرحه على حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه:
ـ8ـ الإشارة إلى أنه لا يمسح على الخفين إذا لبسا على غير طهارة، ووجهه: أنه صلى الله عليه وسلم علل عدم خلعهما بأنه لبسهما على طهارة، فيفيد هذا أنه يشترط لجواز المسح على الخفين أن يلبسهما على طهارة.
وقوله: (طاهرتين) هل المراد أنه أدخلهما بعد أن طهرت القدمان أو يوزع الفعل على كل قدم وحدها؟ في هذا خلاف بين العلماء، فمنهم من قال: إنه لا يجوز أن يلبس الخفين إلا إذا تمت الطهارة بغسل الرجلين، وبناء على ذلك لو غسل الرجل اليمنى ثم لبس الخف، ثم غسل اليسرى ولبس الخف، فإنه لا يصح المسح عليهما حتى يخلع اليمنى ثم يعيد لبسها، وهذا هو المشهور من المذهب، وفيه حديث يشير إلى ذلك وهو: (إذا توضأ أحذكم فلبس خفيه فليمسح عليهما)، فإن قوله: (إذا توضأ)، لا يصدق عليه توضأ إلا إذا تمت الطهارة، ثم هو أيضا أحوط.
وأصحاب القول الثاني يقولون: إنه أدخل كل قدم وهي طاهرة، فصدق عليه أنه أدخلهما طاهرتان.
وهذا يقوى على القول بأن الإنسان إذا غسل كل عضو من أعضاء الوضوء ارتفع الحدث عنه، أما على قول من يقول: إنه لا يرتفع الحدث حتى يتمم الأعضاء، فلا شك أنه لا بد أن يتمم غسل الرجلين.
هل في المسألة صعوبة فيما إذا أدخل اليمنى ثم اليسرى؟ ليس فيه صعوبة، لأن المطلوب منه الآن أن يخلع اليمنى ثم يعيد لبسها، فإن قال قائل: هذا نوع من العبث، إذ ما المانع أن نقول: إخلع الخف ثم عد فالبسه، فنقول: هذا ليس نوعا من العبث، لأن أصل وضع الخف أولا غير صحيح، فكونه يلبسه قبل أن تتم الطهارة هذا غير صحيح، فهذه في الواقع ليست إعادة بل هي لبس جديد، لأن اللبس الأول الذي حصل قبل الوضوء ليس بصحيح ولا يقره الشرع، وبهذا ننفصل عن القول بأن هذا نوع من العبث. اهـ من فتح ذي الجلال. 1ـ364ـ365.
ـ4ـ بيان مدة المسح:
تقدم معنا في حديث علي الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه: عن شريح بن هانيء قال أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين فقالت: عليك بابن أبي طالب فسله فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألناه فقال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوما وليلة للمقيم.
لكن متى تبتدئ هذه المدة، هل هو اللبس، أو من الحدث بعد اللبس، أو من المسح بعد الحدث، أو من المسح ولو بغير حدث كالتجديد؟
لدينا أربعة احتمالات:
الأول: من اللبس، وهذا ضعيف.
الثاني: من الحدث بعد اللبس، وهذا ضعيف ولكن دون ضعف الأول.
الثالث: من المسح بعد الحدث، وهذا أقرب الأقوال، لأن ألفاظ الحديث: (تمسح)، ولا يصدق المسح إلا بفعله، فيكون ابتداء المدة من المسح.
الرابع: من أول مرة مسح ولو تجديدا، فيكون مسح بدون حدث، والنصوص محتملة ولكن لندرته وقلته ينبغي ألا يحمل الحكم عليه، ويقال: إنه من المسح بعد الحدث. اهـ من فتح ذي الجلال والإكرام، للشيخ ابن عثيمين رحمه الله. 1ـ378.
ـ5ـ مسائل متفرقة في أحكام المسح على التساخين:
سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء رئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز رحم الله الجميع:
س: إني أتألم من بين أصابع الرجلين من الماء عند الوضوء، بحيث أنني يحصل ما بين أصابع الرجلين حك كثير ويتجرح ما بين الأصابع. أما إذا انقطع الماء عنهما يوم يخف الألم والحك، فأرجو من حضرتكم أن ترشدوني من قبل الوضوء يجوز لي الوضوء من غير غسيل الرجلين أم لا، أو من فوق الجرابات؟
ج: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد: إذا كان الواقع، كما ذكرت فالبس الجوربين على طهارة كاملة، ثم امسح على الجوربين مع كل وضوء يوما وليلة في الإقامة، وثلاثة أيام في السفر ما لم تجنب، أما إذا أجنبت فيجب عليك غسل جميع بدنك حتى الرجلين. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اهـ من فتاوى اللجنة المجموعة الأولى 5ـ245.
س: هل يجوز المسح على جورب ثان لبسه المتوضئ بعد المسح على الجورب الأول؟
ج: إذا بدأ المسح على جوارب ساترة ثم لبس عليها جوارب أخرى، فإن المسح يستمر على الجوارب الأولى، ولا يجزئ على الجوارب الفوقانية. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اهـ من فتاوى اللجنة المجموعة الثانية 4ـ103.
س: شخص شك في ابتداء المسح ووقته، فماذا يفعل؟
ج: إذا شك في ابتداء المسح ووقته، فإنه يخلع الخفين ويغسل رجليه، لأن الغسل هو الأصل. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. المصدر السابق.
س: عند وضوئي مسحت فوق النعلين، وكنت لابسهما بدون جوارب، ثم بعد الوضوء خلعتهما وذهبت لأصلي، وعند إتمامي للصلاة لبستهما على طهارة. فسماحة الشيخ أستفتيك في هذا الأمر. هل أمسح في المدة القادمة وعلى مدة يوم وليلة أم لا؟
ج: المسح يكون على الخفين أو الجوربين الساترين لمحل الغسل من القدمين، ولا يجوز المسح على النعلين اللذين لا يستران محل الفرض، ويجب عليك إعادة الصلاة المذكورة، لعدم صحة المسح. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. المصدر السابق.
س: هل يجوز المسح على الخفين بغير عذر، أي لا يكون برد ولا مرض، بل الإنسان يعجز عن خلع الخفين فيمسح؟
ج: يجوز المسح على الخفين إذا كانا ساترين للقدمين والكعبين، ولبستهما على طهارة كاملة، ولو لم يكن في حالة برد، ومدة المسح يوم وليلة في حق المقيم، من أول مسح بعد الحدث، وثلاثة أيام بلياليها في حق المسافر. والله أعلم. المصدر السابق.
س: إذا خلع الخف لإزالة بعض ما يؤذيه بداخله ثم أعاده، ما حكم هذه الحالة؟
ج: إذا خلع الخف لحاجة تؤذيه بطل الوضوء، وعليه ابتداء الطهارة من جديد، ثم يلبس الخف. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. المصدر السابق.
س: إذا نزلت الشراب من قدمي لتعديلها فقط أو لبس واحدة أخرى، هل تنتقض مدة المسح أو الوضوء؟ , وإذا لبست الشراب وأتى موعدها ولكن لا زلت على طهارة هل أتوضأ؟.
ج: إذا خلعت الشراب من قدمك بعد المسح عليها لتعديلها حتى بدا ما يجب غسله في الوضوء من الرجل ولو يسيرا، فإن ذلك يفسد الوضوء إذا كان ذلك بعد الحدث بعد اللبس، ويبطل حكم المسح على الخفين فيجب خلعها، فإذا جاء وقت الصلاة وجب عليك أن تتوضأ وضوءا كاملا، ولا يحل لك الصلاة بالطهارة السابقة قبل خلع الشراب، وكذلك إذا خلعت الشراب بعد المسح عليها لإبدالها بغيرها، فإن ذلك يبطل حكم المسح على الشراب الجديد إذا لبس على طهارة المسح على الشراب السابقة، ويبطل الوضوء، فلا بد من إعادة الوضوء كاملا بغسل جميع أعضاء الوضوء كاملة مع الرجلين، ولك بعد ذلك أن تلبس الشراب الجديد وتبدأ مدة مسح جديدة. أما إن كنت تقصد أن تضيف شرابا جديدا فوق الشراب الأول دون خلع الأول، فإن لبست الشراب الجديد عل الطهارة السابقة التي قبل لبس الشراب القديم، أي قبل المسح على الشراب القديم، فإن حكم المسح يكون للشراب الأعلى، أما إذا لبست الشراب الجديد على القديم بعد المسح على الشراب القديم فإن الحكم للشراب الأول القديم، فيلزمك عند المسح عليهما أن تخلع الجديد وتمسح على القديم، لأن من شرط المسح على الخفين أن يلبسا على طهارة كاملة بغسل جميع أعضاء الوضوء كلها. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. المصدر السابق.
هذا الذي يسر الله لنا جمعه وترتيبه فنحمده سبحانه على ما أنعم به علينا من نعمة الإسلام والسنة، كما نسأله سبحانه أن يتجاوز عنا بمنه وكرمه، وأن يجعلنا من عباده الصالحين، الذين يدينون لله بما جاء في كتابه وسنة نبيه، وأن يختم بالصالحات أعمالنا، وأن يجعل آخر كلامنا من الدنيا لا إله إلا الله، إنه ولي ذلك والقادر عليه. آمين
وما أردنا في هذه السطور إلا بيان ما أشكل، والتنبيه على ما نسي أو جهل، وتقريع المعاند المبطل، وإعلاء كلمة الله، وبيان ما شرعه وارتضاه، فما كان فيه من حق وصواب فمن الله وحده لا إله إلا هو، وما كان فيه من خطأ فالله ورسوله منه براء، ونعوذ بالله أن نقول على الله ما لا نعلم، والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل.
هذا الذي علم مزجي البضاعة قد***أدى إليه فرفوا إن يك خلل
فإنما هي أعمال بنيتها***ولم يفت ربنا قول ولا عمل
وهو الرقيب عليها والحسيب بها***في يوم لا نافع مال ولا خول
ثم الصلاة على الهادي وشيعته***والحمد لله في الدارين متصل.
فإنما هي أعمال بنيتها***ولم يفت ربنا قول ولا عمل
وهو الرقيب عليها والحسيب بها***في يوم لا نافع مال ولا خول
ثم الصلاة على الهادي وشيعته***والحمد لله في الدارين متصل.
والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتب:
أبو عبد الرحمن عمر مكي التيهرتي يوم السبت 21 رجب 1439 من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بتيهرت حرسها الله وبلاد المسلمين.
أبو عبد الرحمن عمر مكي التيهرتي يوم السبت 21 رجب 1439 من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بتيهرت حرسها الله وبلاد المسلمين.
تعليق