قال الباجي رحمه الله في ((المنتقى شرح الموطأ)): ((قوله: (أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس) يعني: أن يؤماهم في قيام رمضان يصلي بهم أبي ما قدر ثم يخرج فيصلي تميم والصواب أن يقرأ الثاني من حيث انتهى الأول لأن الثاني إنما هو بدل من الأول ونائب عنه ولأن القارئ من غير ذلك الموضع إنما يقصد ما يوافق صوته ويحسن فيه طبعه وذلك ينافي الخشوع، وسنة قراءة القرآن على الترتيب)) اهـ.

جزاكم الله خيرا أخي أبا زخار، إلا أن فعل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- جاء ما يوضحه، فقد روى الفريابي في (السنن) عن عروة أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- جمع الناس على قيام شهر رمضان، الرجال على أبي بن كعب والنساء على سليمان بن أبي حثمة. وهذا الذي ذكره الشيخ العلّامة محمد علي فركوس -حفظه الله- في توجيه فعل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.
هذا؛ وقد استدل الشيخ الأزهر -حفظه الله- على جواز تعدد الأئمة في صلاة التراويح، بما رواه ابن ابي الدنيا في (فضائل رمضان)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق): عن هشيم،عن يونس، قال: «شهدت الناس قبل وقعة ابن الأشعث وهم في شهر رمضان، فكان يؤمهم عبد الرحمن بن أبي بكر صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وسعيد بن أبي الحسن، ومروان العبدي، فكانوا يصلون بهم عشرين ركعة، ولا يقنتون إلا في النصف الثاني، وكانوا يختمون القرآن مرتين».

وأنت جزاك الله خيرا أخي الفاضل يوسف على الإفادة.
أما قولك حفظك الله: إلا أن فعل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- جاء ما يوضحه .... وهذا الذي ذكره الشيخ العلّامة محمد علي فركوس -حفظه الله- في توجيه فعل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.
إن صح فهذا احتمال قائم وما نقلته عن الباجي رحمه الله أيضا احتمال قائم وربما أقوي لإن الأثر الذي نقلت بارك الله فيك جاء فيه (والنساء على سليمان بن أبي حثمة)، والذي نقلته (أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس) وهنا تميم الداري مع أبي بن كعب يمكن الجمع بين الأثرين أن تميما مع أبي على الرجال وسليمان بن أبي حثمة على النساء أو في بداية الأمر كان أبي على الرجال وسليمان بن أبي حثمة على النساء.
ومما يؤيد ما ذكرت أن تميما رضي الله عنه كان يصلي بالرجال ما نقلته عن الباجي وأن الإمام الألباني رحمه الله لم يذكره فيمن صلى بالنساء فقد عنون في كتابه قيام رمضان: مشروعية الجماعة للنساء: ونقل الأثر الذي ذكرت وزد عن عرفجة الثقفي قال: كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يأمر الناس بقيام شهر رمضان ويجعل للرجال إماماً وللنساء إماماً, قال: فكنت أنا إمام النساء.
ولم أقف على أثر فيه ذكر أن تميما رضي الله عنه كان يصلي بالنساء وأن كنت وجدت قولا لبعض أهل العلم، فمن وقف على شيء فاليتحفني به مأجورا مشكورا.
والله أعلم.

بارك الله فيك أخي أبا زخار،
إذا كانت إمامة تميم الداري للناس مع أبيّ بن كعب بالمناوبة، فتحتمل أن تكون في الركعات أو في الليالي وقد أشار إلى هذا الاحتمال المُلَّا علي القاري في تعليقه على الأثر فقال في مرقاة المفاتيح -ج 3 ص 971-: "أَيْ يَكُونُ هَذَا إِمَامًا تَارَةً وَالْآخَرُ أُخْرَى، وَهُوَ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْمُنَاوَبَةُ فِي الرَّكَعَاتِ أَوِ اللَّيَالِي"
وما يقوي احتمال المناوبة في الليالي دون الركعات ما جاء عن عمر رضي الله عنه أنه جمع الناس وراء إمام واحد وهو أبيّ وأمره أن يقنت في النصف الآخِر من رمضان، فقال:" [والله] إني لأرى لو جمعت هؤلاء على قارىء واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب"
وعن عمرو عن الحسن: أن عمر حيث أمر أبيا أن يصلي بالناس في رمضان وأمره أن يقنت في النصف الباقي ليلة ست عشرة [قنتوا فدعوا على الكفرة] قال الشيخ محمد بازمول أثر حسن لغيره.
فعمر رضي الله عنه أمر أبي بن كعب بالصلاة والقنوت في النصف الباقي وهذا ما يقوي احتمال أنه كان يصلي لوحده كامل الركعات وإنما المناوبة إذا كانت تكون في الليالي.
وذكر الحافظ بن حجر في الفتح أن أبيّ بن كعب كان يؤم الرجال وتميما كان ممن يؤم النساء:
"قَوْلُهُ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَيْ جَعَلَهُ لَهُمْ إِمَامًا وَكَأَنَّهُ اخْتَارَهُ عَمَلًا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ وَسَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ الْبَقَرَةِ قَوْلُ عُمَرَ أَقْرَؤُنَا أُبَيٌّ وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ أَنَّ عُمَرَ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَكَانَ يُصَلِّي بِالرِّجَالِ وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ يُصَلِّي بِالنِّسَاءِ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي كِتَابِ قِيَامِ اللَّيْلِ لَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَقَالَ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ بَدَلَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ فِي وَقْتَيْنِ."
وهذا ما جاء في فتوى للشيخ فركوس-حفظه الله-:
"وقد أَحْيَا هذه السنَّةَ عمرُ بنُ الخطاب والصحابةُ رضي الله عنهم، حيث جَمَع الناسَ في صلاة التراويح على إمامٍ واحدٍ للرجال وهو أُبَيُّ بنُ كعبٍ رضي الله عنه، وجَمَع النساءَ وراء تميمٍ الداريِّ رضي الله عنه أو غيرِه؛ إحياءً لسنَّةٍ ماتَتْ في الناس، وبَقِيَ عملُ المسلمين على ذلك، وما اجتمع عليه المسلمون أفضلُ مِنْ غيره بلا ريبٍ."
وأما " أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس..." فلفظة النّاس تشمل الجنسين معا.

وفيك بارك الله أخي الفاضل خالد وجزاك الله خيرا على الإفادة.
والجدير بالذكر مشروعية أكثر من إمام في صلاة التراويح، والذي دفعني لهذا المقال ما نُقل لي بأن أحدهم يقول بأنه بدعة.
كذلك يمكن أن يستدل بالمشروعية ما صح عن عبد الرحمن بن عبد القاري، أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: «إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد، لكان أمثل».
إن كانوا يصلون التراويح في أكثر من جماعة مع إمامها في المسجد الواحد لم يأت ما يمنعه وما ينكره إن لم يحصل التشويش بالقراءة، فصلاتهم في جماعة واحد بأكثر من إمام أمثل.
أما الأثر عن سعيد بن منصور من طريق عروة: أن عمر جمع الناس على أبى ابن كعب، فكان يصلى بالرجال، وكان تميم الدارى يصلى بالنساء.
يحتاج إلى النظر في سنده قفد ذكره الحافظ بلا سند.
والله أعلم.