بسم الله الرحمن الرحيم
التجلية والبيان لفتنة المردان(1)
التجلية والبيان لفتنة المردان(1)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
قال الله تعالى :{يأيها الذين ء امنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان}.
وقال الحسن بن صالح( إن الشيطان ليفتح للعبد تسعة وتسعين بابا من الخير يريد به بابا من الشر) رواه أبو نعيم في الحلية -تلبيس إبليس -ص56.
ومن هذه الأبواب التي يظن أنها من أبواب الخير وهي من أبواب الشر:
صحبة المردان ذوي الوجوه الحسان.
والأمرد : هو الذي لا لحية له أصلا أو الخفيف العارض, انظر مختار الصحاح والقاموس المحيط .
- فمن الناس من استهواه الشيطان حتى جعل صحبتهم طريقا لمرضاة الرحمان
- ومنهم من أغراه اللعين فظن انه يحبهم لله وأن هذا من محبة المؤمنين
- ومنهم من بلغته حجة الله وكلام العلماء الربانيين بأن صحبتهم محظورة ولكنه اتبع هواه واختار لذة المفتونين
واليك تفصيل ما سبق إجماله من أصناف المفتونين بالمردان
1 - من صحب المردان عشقا للوصول إلى الله :
قال شيخ الإسلام -رحمه الله- مجموع الفتاوى ج11ص545- :
(طائفة من المتفلسفة و من وافقهم من ضلال المتنسكة جعلوا عشق الصور الجميلة من جملة الطريق التي تزكى بها النفس, فليس من دين المسلمين ولا اليهود ولا النصارى وإنما هو دين أهل الشرك الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله) اه.
قال ابن القيم رحمه الله -اغاثة اللهفان ص395- :
(واعتقادهم أن هذا لله وانه قربة وطاعة من أعظم الضلال والغي وتبديل الدين حيث جعلوا ما كرهه الله سبحانه لله محبوبا له وذلك من نوع الشرك,والمحبوب المتخذ من دون الله طاغوت. فان اعتقاد كون التمتع بالمحبة والنظر و المخادنة وبعض المباشرة وانه حب فيه كفر وشرك كاعتقاد محبي الأوثان في أوثانهم ) اه
وقد يتعدى الأمر إلى الفاحشة التي تستنكف عنها الحيوا نات البكماء.
قال شيخ الإسلام رحمه الله-مجموع الفتاوى ج11ص543- :
( التلذذ بقبلة الأمرد ولمسه والنظر إليه هو حرام باتفاق المسلمين كما هو كذلك بالنسبة للمرأة الأجنبية).
كما ثبت في الصحيح عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "العينان تزنيان وزناهما النظر والأذن تزني وزناها السمع واليد تزني وزناها البطش والرجل تزني وزناها المشي والقلب يتمنى ويشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه".
2 - من صحب المردان عشقا متسترا بأنها محبة لله :
قال ابن القيم رحمه الله-إغاثة اللهفان- ص398 :
(ومن أبلغ كيد الشيطان وسخريته بالمفتونين بالصور,انه يمني احدهم انه إنما يحب ذلك الأمرد أو تلك المرأة الأجنبية لله تعالى لا للفاحشة ويأمره بمؤاخاته وهذا من جنس المخادنة) اه.
وضابط المحبة في الله أنها من الإيمان تزيده وتقويه .
قال شيخ الإسلام رحمه الله-مجموع الفتاوى ج11ص521-
(أهل الإيمان أصل حبهم هو حب الله ومن أحب الله أحب من يحبه )اه.
- والمحبة في الله لا علاقة لها بصورة الشخص فمادام له نصيب من الاستقامة والصلاح وإتباع السنة فالواجب محبته ولو كان عبدا حبشيا أو يستقبح منظره ,بخلاف عشاق الهوى فتجد احدهم يحب صاحبه وهو عار عن ثوب التقى خال عن صفات أهل الأيمان .
قال ابن القيم رحمه الله-إغاثة اللهفان ص396-
( كل محبة زاحمت محبة الله ورسوله بحيث تضعفها وتنقصها فهي مذمومة)اه.
3 - من صحب المردان عشقا متبعا للشيطان معترفا بالعصيان :
وإنما يبتلى بهذا البلاء من قل إخلاصه
قال ابن القيم رحمه الله -إغاثة اللهفان ص397- :
(ومحبة الصور المحرمة وعشقها من موجبات الشرك.وكلما كان العبد اقرب إلى الشرك وابعد من الإخلاص كانت محبته بعشق الصور اشد. وكلما كان أكثر إخلاصا واشد توحيدا كان ابعد من عشق الصور
ولهذا أصاب امرأة العزيز ما أصابها من العشق لشركها ونجا منه يوسف الصديق عليه السلام بإخلاصه.قال الله تعالى{كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء انه من عبادنا المخلصين }. اه
أثار عن السلف في التحذير من فتنة المردان :
روى إبراهيم ابن هانئ عن يحيى بن معين قال : ما طمع أمرد بصحبتي .
- وكان سفيان لا يدع أحدا منهم يجالسه.
- قال أبو عبد الرحمان السلمي :قال مظفر القرميسيني: من صحب الأحداث على شرط السلامة والنصيحة أداه ذلك إلى البلاء فكيف بمن بصحبهم على غير وجه السلامة .
- وقال بعضهم (من صحب الأحداث لم يسلم من الأحداث)
تلبيس إبليس لابن الجوزي -ص273-
-قال شيخ الإسلام -مجموع الفتاوى ج11ص545 - :
)فلو كانت صحبة المردان المذكورة خالية عن الفعل المحرم فهي مظنة لذلك وسبب له لهذا كان المشايخ العارفون بطريق الله يحذرون من ذلك كما قال فتح الموصلي :أدركت ثلاثين من الابدال كل ينهاني عند مفارقتي إياه عن صحبة الأحداث.
وقال معروف الكرخي : كانوا ينهون عن ذلك.
- قال سفيان الثوري وبشر الحافي: (إن مع المرأة شيطانا ومع الحدث شيطانين).
-قال بعضهم: (ما سقط عبد من عين الله إلا ابتلاه الله بصحبة الأحداث).
-قال بعض التابعين : ( ما أنا على الشاب الناسك من سبع يجلس إليه باخوف مني عليه من حدث يجلس إليه ).
-قال شيخ الإسلام : وقد دخل من فتنة الصور على النساك ما لا يعلمه إلا الله حتى اعترف أكابر الشيوخ بذلك وتاب منهم من تداركه الله برحمته اه
-وقد بين ابن القيم رحمه الله إن المبتلى بفتنة المردان قلبه معلق بهم كعابد الأوثان ولا يسلم من المحرمات الأربع المذكورة في قوله تعالى : { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وان تقولوا على الله ما لا تعلمون } الأعراف -
فقال : وعشقهم يجمع المحرمات الأربع من الفواحش الظاهرة والبطانة والإثم والبغي بغير الحق والشرك بالله ما لم ينزل به سلطانا و القول على الله ما لا يعلمون فان هذا من لوازم الشرك فكل مشرك يقول على الله ما لا يعلم فكثيرا ما يوجد في هذا العشق من الشرك الأكبر والأصغر ومن قتل النفوس تغايرا على المعشوق واخذ الأموال بالباطل ليصرفها في رضا المعشوق ومن الفاحشة والكذب والظلم ما لا خفاء به .
- قال بن القيم : العشق أوله اختيار وأخره اضطرار .عدة الصابرين ص54 -
فتدارك نفسك وأنت عاقل مختار من قبل أن تأتيك المواعظ وأنت مجنون محتار تساق إلى النار ولا تستطيع الفرار.
- فإذا قيل ألا يعذر المبتلى المفتون بما لا حيلة له في دفعه ولا طاقة له برده ؟
الجواب : فمتى كان السبب واقعا باختياره لم يكن معذورا فيما تولد عنه بغير اختياره. فمتى كان السبب محظورا لم يكن السكران معذورا . -من كلا م بن القيم في روضة المحبين -ص147-
فليحرص العبد المسلم على سلامة دينه وعلى صحة قلبه من مثل هذه الإسقام فالسلامة لا يعدلها شيء, فإذا وقع البلاء فله متسع من الأوبة والتوبة ما دام في مرحلة الاختيار .فإذا انتقل إلى مرحلة الاضطرار فله من الله كل العون بشرط الإخلاص وصدق اللجوء إليه
قال بن القيم -روضة المحبين ص-445- :
من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه كما ترك يوسف الصديق عليه السلام امرأة العزيز واختار السجن على الفاحشة فعوضه الله أن مكنه في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء واتته المرأة صاغرة سائلة راغبة في الوصل الحلال فتزوجها أه.
وكذلك يجزي الله المخلصين ,والله اعلم وسبحانك اللهم وبحمدك اشهد أن لا اله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
تعليق