إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جمع ما صدّره العلامة البسام في توضيح الأحكام من بلوغ المرام بقوله: "فائدة"... [الجزء الرابع].

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جمع ما صدّره العلامة البسام في توضيح الأحكام من بلوغ المرام بقوله: "فائدة"... [الجزء الرابع].

    بسم الله الرحمن الرحيم.



    جمع ما صدّره العلامة البسام في توضيح الأحكام من بلوغ المرام بقوله: "فائدة".
    [الجزء الرابع].



    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:


    فهذا جمع لما قال فيه العلامة البسام "فائدة" - أو فوائد أو فائدتان- في شرحه على بلوغ المرام الموسوم بـ : توضيح الأحكام، وهي فوائد عظيمة جليلة تشد إليها الرحال، أردت إتحاف إخواني بها مجموعة في موطن واحد لتسهل الإستفادة منها، وسأنشرها إن شاء الله تعالى على أجزاء في كل جزء منها نحوٌ من عشرين فائدة، وذلك حتى لا يستثقل كثرتها المطلع عليها، والله المستعان.
    وقد جعلت في آخر كل فائدة: الكتاب والباب الذي وُضِعت تحته وكذا الصفحة، واعتمدت على طبعة: مكتبة الأسدي بمكة المكرمة.

    الفائدة106: فرض الصيام على ثلاث مراحل:
    الأولى: فرض صيام عاشوراء، فقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بصيام عاشوراء.
    الثاني: فرض صوم رمضان على التخيير بين الصيام أو الفدية، قال تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم} [البقرة: 184].
    الثالثة: التأكيد على فرض صوم رمضان بدون تخيير.
    قال تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه} [البقرة: 185].
    والحكمة في هذا التدرج بالتشريع: أن الصوم فيه نوع مشقة على النفوس، فأخذت به شيئا فشيئا.[كتاب الصيام، 3/443].

    الفائدة 107: يجب صوم رمضان بواحد من ثلاثة أمور:
    1 - رؤية الهلال.
    2 - الشهادة على الرؤية والإخبار بها.
    3 - إكمال عدة شعبان ثلاثين يوما.
    * قرار المجمع الفقهى الإسلامي بشأن العمل بالرؤية في إثبات الأهلة:
    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
    إن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد اطلع في دورته الرابعة المنعقدة بمقر الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، في الفترة ما بين السابع، والسابع عشر من شهر ربيع الآخر سنة 1401 هـ على صورة خطاب الدعوة الإسلامية في سنغافورة، المؤرخ في 16 شوال 1399 هـ الموافق 8 أغسطس 1979 م، الموجه لسعادة القائم باعمال سفارة المملكة العربية السعودية هناك، والذي يتضمن أنه حصل خلاف بين هذه الجمعية، وبين المجلس الإسلامي في سنغافورة، في بداية شهر رمضان ونهايته، سنة 1399 هـ، الموافق 1979 م؛ حيث رأت الجمعية ابتداء شهر رمضان وانتهاءه على أساس الرؤية الشرعية؛ وفقا لعموم الأدلة الشرعية، بينما رأى المجلس الإسلامي في سنغافورة ابتداء ونهاية رمضان المذكور بالحساب الفلكي؛ معللا ذلك بقوله: "بالنسبة لدول منطقة آسيا؛ حيث كانت سماؤها محجبة بالغمام -وعلى وجه الخصوص سنغافورة- فالأماكن لرؤية الهلال أكثرها محجوبة عن الرؤية، وهذا يعتبر من المعذورات التي لابد منها، لذا يجب التقدير عن طريق الحساب".
    وبعد أن قام أعضاء مجلس الفقهي الإسلامي بدراسة وافية لهذا الموضوع، على ضوء النصوص الشرعية -قرر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي تأييده لجمعية الدعوة الإسلامية فيما ذهبت إليه؛ لوضوح الأدلة الشرعية في ذلك.
    كما يقرر أنه بالنسبة لهذ الوضع الذي يوجد في أماكن مثل سنغافورة وبعض مناطق آسيا وغيرها؛ حيث تكون سماؤها محجوبة بما يمنع الرؤية، فإن للمسلمين في تلك المناطق وما شابهها أن يأخذوا بمن يثقون به من البلاد الإسلامية، التي تعتمد على الرؤية البصرية للهلال، دون الحساب، بأي شكل من الأشكال؛ عملا بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم، فأكملوا العدة ثلاثين"، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تصوموا حتى تروا الهلال، أو تكملوا العدة، ولا تفطروا حتى تروا الهلال، أو تكملوا العدة"، وما جاء في معناهما من الأحاديث. [كتاب الصيام، 3/457-458].

    الفائدة108: جاء في "جامع الترمذي" (633) من حديث أبي هريرة؛ أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: "صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون".
    قال الشيخ: من رأى وحده هلال رمضان، فلا يلزمه الصوم، ولا جميع أحكام الشهر، وإنما يصوم مع الناس، ويفطر مع الناس، وهذا أظهر الأقوال.
    وأصل المسألة: أن الله علق أحكاما شرعية بمسمى الهلال والشهر، كالصوم والفطر والنحر، فشرط كونه هلالا وشهرا، فلو طلع في السماء، ولم يعرفه الناس لم يكن هلالا، فلا يسمى هلالا إلا بالظهور والاشتهار، كما دل عليه الكتاب والسنة.
    أما المشهور من مذهب الإمام أحمد والأئمة الثلاثة-: فإن من رأى الهلال وحده، فإنه يلزمه الصوم، وجميع أحكام الشهر المتعلقة به. لعلمه أن هذا اليوم من رمضان. [كتاب الصيام، 3/458-459].

    الفائدة109: خلاصة الأقوال في الصوم والفطر ثلاثة:
    الأول: أنه إذا رؤي في بلد، لزم الناس كلهم الصوم ة نظرا إلى أن الخطاب لكل المسلمين، بقوله: "إذا رأيتموه".
    الثاني: اعتبار اختلاف المطالع، وتقدم تحديده بالكيلومترات، وهذا ملاحظ فيه أن الخطاب خاص لمن يمكن رؤيته في قطرهم.
    الثالث: لزوم الصوم والفطر إذا كانوا تحت ولاية واحدة، فالصحيح من حيث الدليل هو الثاني، والعمل الآن على الثالث. [كتاب الصيام، 3/459].

    الفائدة110: بناء على مما جاء في "سنن الترمذي" من حديث أبي هريرة؛ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون" فإن من أدركه الصوم، أو الفطر في بلد، لزمه أن يصوم، أو يفطر ذلك اليوم، ولو لم يكن من أهل تلك البلاد؛ لأن حكمهم لزمه، فإذا عاد إلى بلده وقد صام أقل من "تسعة وعشرين" يوما، أكمله بعد عيد بلاده. [كتاب الصيام، 3/459].

    الفائدة111: أحاديث الأمر بالتسحر، والحض عليه، وتأخيره، وتعجيل الفطر، متواترة، حكاها الطحاوي وغيره.
    ولا يجب السحور، حكاه ابن المنذر وغيره إجماعا.
    وقال ابن عبد البر: أحاديث تعجيل الفطور، وتأخير السحور صحيحة متواترة.
    وقوله تعالى: {ثم أتموا الصيام إلى الليل} [البقرة: 187] يقتضي الإفطار عند غروب الشمس حكما شرعيا.
    ويدل عليه: ما جاء في البخاري (1853)، ومسلم (1100) من حديث عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغابت الشمس -فقد أفطر الصائم" ولكن سيأتي قريبا إن شاء الله أن معنى الآية والحديث، أنه قد دخل وقت الإفطار، لا أنه حصل الإفطار بالفعل.[كتاب الصيام، 475].

    الفائدة112: قال إبراهيم النخعي: تسبيحة في رمضان خير من ألف تسبيحة فيما سواه، وأخبار مضاعفة الأعمال الصالحة في رمضان متظاهرة. [كتاب الصيام، 3/484].

    الفائدة113: جاء في البخاري (5672)، ومسلم (47) من حديث أبي هريرة؛ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا، أو ليصمت".
    فيسن للصائم أن يسعى في حفظ لسانه عن جميع الكلام، إلا ما ظهرت مصلحته. [كتاب الصيام، 3/484].

    الفائدة114: جاء في البخاري (1805)، ومسلم (1151) من حديث أبي هريرة؛ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث، ولا يصخب، فإن شاتمه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم".
    وظاهر الحديث أنه يجهر بذلك، واختاره الشيخ، وليس مختصا بالصائم، لكنه في حقه آكد. [كتاب الصيام، 3/484].

    الفائدة115: أجمع العلماء على أن الأكل والشرب والجماع مفطرات.
    واختلفوا في الحجامة، والكحل، والإنزال بدون جماع، والإمذاء، ونحو ذلك، وقد تقدم تفصيل ذلك. [كتاب الصيام، 3/493].

    الفائدة116: تقدم لنا أن سحب الدم الكثير يفطر الصائم، كالحجامة -على القول الراجح- فلو فرضنا أن مريضا مضطرا إلى إسعافه بالدم قبل المغرب، فإنه يباح لمن يراد سحب الدم منه الفطر بالسحب؛ لأجل إنقاذ المعصوم. [كتاب الصيام، 3/493].

    الفائدة117: إذا جيء بالعبادة على المقتضى الشرعي، فادعى أحد فسادها أو بطلانها، فإن عليه الدليل على ذلك، وإلا فقوله لا يقبل بنقص عبادة، أو بطلانها ظاهرها الصحة إلا بدليل. [كتاب الصيام، 3/493].

    الفائدة118: إن الشارع إذا شرع عبادة بين أركانها وشروطها وواجباتها، حسبما اصطلح عليه علماء الأصول، كما بين مبطلاتها ومفسداتها، فإن الأشياء لا تتم إلا ببيان ما يكملها، وما يفسدها، وما يبطلها.
    إذن فلا يحل لأحد أن يدعي بطلان أو فساد عبادات الناس من تلقاء نفسه، أو بحكم يفرضه من عنده، فإن هذا اعتداء على الخلق في عبادتهم، وعدوان في حق الخالق في شرعه. [كتاب الصيام، 3/493].

    الفائدة119: المفطرات قسمان:
    الأول: مجمع عليه بين العلماء وهو:
    1 - الردة عن الإسلام؛ قال تعالى: {لئن أشركت ليحبطن عملك} [الزمر: 65].
    2 - الأكل والشرب عمدا، ومنه الدخان؛ قال تعالى: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل} [البقرة: 187].
    3 - الجماع؛ وهو تغييب حشفة الذكر في فرج، قبلا كان أو دبرا، ولو في بهيمة، فيفطر كل من الواطىء والموطوء المطاوع؛ لما في البخاري (1834) ومسلم (1111) من حديث أبي هريرة قال: "جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: هلكت، قال: وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان. قال: هل تجد رقبة؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا؟ قال: لا ... " الحديث.
    4 - إنزال المني باختياره بمباشرة بما دون الفرج كاللمس، أو القبلة، أو الغمزة، ونحوها، أو المساحقة، أو الاستمناء؛ لأن نزول الشهوة منافية للصوم وحكمته.
    5 - خروج دم الحيض والنفاس.
    6 - الحقنة المغذية التي يستغنى بها عن الطعام والشراب، فهذا نوع من الغذاء، ومثل ذلك حقن الصائم بالدم؛ فإنه يمد الجسم بعناصر الغذاء المغنية عن لطعام والشراب.
    7 - القيء إذا أخرجه متعمدا؛ لما روى أبو داود (2380) والترمذي (720) من حديث أبي هريرة؛ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من" استقاء عمدا، فليقض".
    هذه هي الأشياء المجمع على أنها من مفسدات الصوم، ومفطرات الصائم، وتقدم صحة القول بالفطر من الحجامة، وما شابهها من تعمد إخراج الدم الكثير من البدن.
    النوع الثاني: أشياء اختلف العلماء فيها: فبعضهم يرى أنها تصل إلى الجوف، وأنها مفطرة، ومفسدة للصوم، وبعضهم يرى أنها ليست من الطعام والشراب والغذاء، وأنه ليس لها تأثير في التغذية، وإعطاء الجسم فصيبا من الغذاء، وأنه لا يوجد ما يدل على أنها من أنواع المفطرات، فلا تفطر، ذلك مثل:
    الكحل، قطرة العين، قطرة الأذن، قطرة الأنف، الحقنة الشرجية، التقطير في الإحليل، إبرة الدواء، دواء الربو الذي يستنشقه المريض، دواء الجائفة والمأمومة، وبلع النخامة من أي موضع خرجت من البدن.
    اختلف العلماء في الإفطار بهذه الأشياء، وفساد الصوم بها: فبعضهم يراها كلها مفطرة للصائم؛ لما لها من نفوذ في البدن، ووصول إلى الجوف، وبعضهم يرى أن بعضها يفطر، ويفسد الصوم.
    وهذا الاختلاف راجع إلى اجتهادهم فيها، وتصورهم فيما تحدثه في بدن الصائم، واعتبارهم كل ما وصل إلى الجوف فهو مفطر مفسد للصوم، فممن يرى الإفطار بهذه الأشياء كلها القول المشهور في مذهب الإمام أحمد، فأصحابه مشوا في إجراء كل ما وصل إلى الجوف من أي موضع نفذ مجرى المفطرات.
    أما شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، وكثير من رجال الحديث ممن تمسكوا بالآثار-: فلا يرون الفطر من هذه الأشياء وأمثالها.
    استدل القائلون بالإفطار بهذه الأمور على قولهم بأمرين:
    الأول: ما رواه أبو داود (142)، والترمذي (788) من حديث لقيط بن صبرة؛ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "وبالغ في الاستنشاق، إلا أن تكون صائما".
    الثاني: القياس، فقد قاسوا هذه الأمور على الأكل والشرب، بجامع وصولها إلى الجوف، فإنما حصل بالأكل والشرب لوصوله إلى الجوف، وهذه الأمور لها نفوذ وقوة تصل بهما إلى الجوف، وكل ما وصل إلى الجوف فهو مفطر للصائم.
    الجواب عن هذا:
    أولا: أنه لا يوجد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديث صحيح، ولا ضعيف، ولا مسند، ولا مرسل، يدل على أن هذه الأمور من المفطرات.
    ثانيا: إن الأحكام التي تحتاج الأمة إلى معرفتها لابد أن يبينها النبي -صلى الله عليه وسلم- بيانا عاما، ولابد أن تنقله الأمة، فإذا انتفى هذا، علم أن هذا ليس من دينه، فالقياس وإن كان حجة، فالأحكام الشرعية التي الأمة بحاجة ماسة إلى بيانها لا تترك للقياس، وإنما تبينها النصوص الشرعية.
    ثالثا: النص والإجماع أثبت الفطر بالأكل والشرب والجماع والحيض، فأما الكحل والحقنة والدواء والقطرة، ونحو ذلك فليست طعاما ولا شرابا، وإنما هي أدوية لمكافحة الأمراض، ومقاومة الجراثيم، فهي أشياء مبيدة لا أشياء مغذية مفيدة، والعلة الشرعية في الإفطار ليست هي مجرد وصول أية مادة إلى الجوف لتكون مناط الحكم، فتلحق هذه الأمور بما يصل إلى الجوف من الطعام والشراب، وإنما يكون الإفطار من أحد الأمرين:
    1 - إما وصول طعام أو شراب إلى المعدة ليمد الجسم بالتغذية، ويحصل به الأكل والشرب، فيتولد الدم الكثير الجاري في الأوراد والشرايين، التي يجد الشيطان مجاله فيها واسعا، فيجري معها بإغواء بني آدم ووسوسته لهم، فمناط الإفطار ليس وصول الشيء إلى الجوف أو الحلق، إنما مناط الحكم أن يصل الشيء إلى المعدة، وششحيل إلى ما يتغذى به الإنسان، فيكون أكلا وشربا.
    2 - وإما خروج أشياء منكهة للجسم ومضغفة له، فتزيده ضعفا إلى ضعف الصيام؛ وذلك كالجماع، والحجامة والحيض والنفاس، والقيء، فمنع الشارع الصائم منها رحمة به، وشفقة على قواه؛ لئلا يزيد ضعفه إلى ضعف آخر.
    فهذان العنصران هما أساس الإفطار، وهذه الأمور ليست واحدا منهما، ولا يمكن قياسها عليهما؛ إذ لا يجمع بين متفرق.
    رابعا: حديث لقيط بن صبرة لا دلالة فيه، فإن المحذور من المبالغة في الاستنشاق هو وصول الماء إلى الحلق، ثم إلى المعدة؛ فإن الأنف ينفذ إلى المعدة، ولذا فإن كثيرا من المرضى يطعم من أنفه إلى معدته، والماء من المجمع عليه أنه من المفطرات، فالتحذير من الماء واقع موقعه، والماء ليس مثل هذه الأمور، ولا تقاس عليه كما تقدم، والله أعلم.[كتاب الصيام،3/498].

    الفائدة120: المفطرات:
    1 - الجماع: وهو نفس تغييب الحشفة في قبل أو دبر، ولو لم يحصل إنزال، وهو أعظم المفطرات؛ لأنه يوجب مع القضاء الكفارة في الجملة.
    2 - إنزال المني باختياره، ولو بدون جماع.
    3 - الأكل والشرب، ومنه شرب الدخان.
    4 - الإبرة المغذية التي يقصد منها إيصال الغذاء إلى البدن؛ سواء كانت في العضل، أو الوريد.
    5 - إخراج الدم الكثير بالحجامة، أو الفصد، أو سحبه.
    6 - خروج دم الحيض والنفاس.
    7 - حقن الدم في البدن.
    8 - تعمد القيء. [كتاب الصيام،3/502-503].

    الفائدة121: غير المفطرات:
    1 - الأكل والشرب والجماع وسائر المفطرات من الناسي.
    2 - الكحل، وتقطير الأنف أو الأذن، ودواء الجروح في أي مكان من البدن.
    3 - الإبرة التي يقصد بها إيصال الدواء إلى البدن؛ سواء في العضل؛ أو الوريد.
    4 - خروج المني أو المذي بغير اختياره.
    5 - دواء الربو باستنشاقه.
    ونحو هذه الأشياء، فهي أمور فيها خلاف بين الفقهاء، ولكن الأرجح عدم الإفطار بها، فإن شيخ الإسلام أرجع المفطرات كلها إلى نوعين:
    أحدهما: أشياء تفيد البدن وتغذيه وتقويه، مثل الأكل والشرب، وما ناب عنهما.
    الثاني: أشياء يحصل من خروجها من البدن ضعف له وإنهاك، فمنعت رحمة بالصائم؛ لئلا يجتمع عليه ضعف الصيام، وما ينهك بدنه، وذلكم مثل الجماع والحجامة.
    لما ذكر الشيخ الأشياء التي اختلف العلماء في الإفطار بها مثل الكحل والحقنة -قال: إن الصيام من دين المسلمين الذي يحتاج إلى معرفته الخاص والعام، فلو كانت هذه الأمور مما حرمها الله ورسوله في الصيام، ويفسد الصوم بها لبينها النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولعلمه الصحابة، ولبلغوه، كما تلقوا سائر شرعه، فلما لما تبلغ، علم أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يذكر شيئا في ذلك.

    * قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن المفطرات في مجال التداوي: (رقم 93):
    إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره العاشر بجدة بالمملكة العربية السعودية خلال الفترة من 23/ 28 صفر 1418 هـ الموافق 28/ حزيران "يونيو" 3/ تموز "يوليو" 1997 م.
    بعد اطلاعه على البحوث المقدمة في موضوع المفطرات في مجال التداوي، والدراسات والبحوث والتوصيات الصادرة عن الندوة الفقهية الطبية التاسعة التي عقدتها المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية، بالتعاون مع المجمع وجهات أخرى في الدار البيضاء بالمملكة المغربية في الفترة من (9/ 12 صفر 1418 هـ الموافق 14/ 17 حزيران "يونيو" 1997 م)، واستماعه للمناقشات التي دارت حول الموضوع بمشاركة الفقهاء والأطباء، والنظر في الأدلة من الكتاب والسنة، وفي كلام الفقهاء.
    قرر ما يلي:
    أولا: الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات:
    1 - قطرة العين، أو قطرة الأذن، أو غسول الأذن، أو قطرة الأنف، أو بخاخ الأنف، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
    2 - الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
    3 - ما يدخل المهبل من تحاميل "لبوس"، أو غسول، أو منظار مهبلي، أو إصبع، للفحص الطبي.
    4 - إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم.
    5 - ما يدخل الإحليل، أي: مجرى البول الظاهر للذكر والأنثى، من قسطرة "أنبوب دقيق" أو منظار، أو مادة ظليلة على الأشعة، أو دواء، أو محلول لغسل المثانة.
    6 - حفر السن، أو قلع الضرس، أو تنظيف الأسنان، أو السواك، وفرشاة الأسنان، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
    7 - المضمضة، والغرغرة، وبخاخ العلاج الموضعي للفم، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
    8 - الحقن العلاجية الجلدية، أو العضلية، أو الوريدية، باستثناء السوائل والحقن المغذية.
    9 - غاز اكسجين.
    10 - غازات التخدير "البنج"، ما لم يعط المريض سوائل "محاليل" مغذية.
    11 - ما يدخل الجسم امتصاصا من الجلد؛ كالدهونات، والمراهم، واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية أو الكيميائية.
    12 - إدخال قسطرة "أنبوب دقيق" في الشرايين لتصوير، أو علاج أوعية القلب، أو غيره من الأعضاء.
    13 - إدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء، أو إجراء عملية جراحية عليها.
    14 - أخذ عينات "خزعات" من الكبد، أو غيره من الأعضاء ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل.
    15 - منظار المعدة، إذا لم يصاحبه إدخال سوائل "محاليل"، أو مواد أخرى.
    16 - دخول أية أداة، أو مواد علاجية إلى الدماغ، أو النخاع الشوكي.
    17 - القيء غير المتعمد بخلاف المتعمد "الاستقاءة".
    ثانيا: تأجيل إصدار قرار في الصور التالية، للحاجة إلى مزيد من البحث والدراسة في أثرها على الصوم، مع التركيز على ما ورد في حكمها من أحاديث نبوية، وآثار عن الصحابة.
    (أ) بخاخ الربو، واستنشاق أبخرة المواد.
    (ب) الفصد، والحجامة.
    (ج) أخذ عينة من الدم المخبر للفحص، أو نقل دم المتبرع به، أو تلقي الدم المنقول.
    (د) الحقن المستعملة في علاج الفشل الكلوي حقنا في الصفاف "الباريتون"، أو في الكلية الاصطناعية.
    (هـ) ما يدخل الشرج من حقنة شرجية، أو تحاميل "لبوس"، أو منظار، أو إصبع للفحص الطبي.
    (و) العمليات الجراحية بالتخدير العام، إذا كان المريض قد بيت الصيام من الليل، ولم يعط شيئا من السوائل "المحاليل" المغذية. والله أعلم. [كتاب الصيام،3/503-506].

    الفائدة122: جاءت هذه الشريعة بالأحكام الميسرة السمحة، فقد قال تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج: 78] وقال تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [البقرة: 185]
    ولما كان السفر -غالبا- فيه مشقة، خفف فيه، فرخص الله تعالى الفطر في نهار رمضان، فهي رخصة يستحب التمتع بها؛ لأنها من رخص الله التي أباحها فضلا منه، وإحسانا على خلقه، ويحب أن تؤتى. [كتاب الصيام، 3/512].

    الفائدة123: استحباب الفطر للمسافر في نهار رمضان، وأما صيام يوم عرفة في السفر وعاشوراء فنص الإمام أحمد على استحباب صيامه، وهو قول طائفة من السلف، ولعل الفرق بين رمضان وهذين اليومين أن رمضان إذا فاتت أيامه قضى صومه، بخلاف عرفة وعاشوراء، فلا يقضى الصيام بفوتهما. [كتاب الصيام، 3/512].

    الفائدة124: قال الشيخ: ويفطر من عادته السفر كصاحب البريد والمكاري والملاح إذا كان له بلد يأوي إليه.
    وقال الشيخ عبد العزيز بن باز: إذا كان الإنسان المسافر يحمل أهله معه، أو ليس له أهل، فإنه يلزمه الصيام؛ لأن سفره هذا غير منقطع، وإن كان له أهل، ولكن لا يحملهم معه، فهو يخير بين الصيام والإفطار. [كتاب الصيام، 3/512].

    الفائدة125: الذين لا يجب عليهم صيام شهر رمضان أداء أربعة أصناف:
    الأول: يفطر ويقضي، وهم:
    1 - المريض الذي يرجى زوال مرضه، ويشق عليه الصيام.
    2 - المسافر سفر قصر.
    3 - المفطر لإنقاذ معصوم.
    4 - الحائض والنفساء.
    5 - الحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيهما فقط، أو خافتا مع نفسيهما على الجنين أو الرضيع.
    الثاني: يفطر ويقضي ويطعم مسكينا عن كل يوم، وهم:
    الحامل إذا خافت على جنينها، والمرضع إذا خافت على رضيعها، والمذهب أن الإطعام على من يمون الجنين والرضيع، وقال بعضهم: عليهما كليهما.
    الثالث: من لا يجب عليه الصيام أداء ولا القضاء، وإنما تجب عليه الكفارة بدل الصيام؛ وهم الشيخ الكبير والشيخة الكبيرة، اللذان يشق عليهما الصيام.
    ففي البخاري (4237)، ومسلم (1145)، من حديث سلمة بن الأكوع قال: "لما نزلت هذه الآية {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} [البقرة: 184] كان أراد أن يفطر ويفتدي، حتى نزلت التي بعدها فنسختها" أما ابن عباس فلا يرى النسخ، وإنما جاء عنه ما رواه أبو داود (2318) وغيره قال: "كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة أن يفطرا، ويطعما مكان كل يوم مسكينا، والمرضع والحبلى، إذا خافتا على ولديهما، أفطرتا وأطعمتا".
    قال بعض المحققين: فتكون الآية محكمة غير فنسوخة، وأنها إنما أريد بها هؤلاء من باب إطلاق العام وإرادة الخاص، وهو أولى من ادعاء النسخ، فإنه خلاف الأصل، فالواجب عدمه، أو تقليله مهما أمكن.
    والمريض الذي لا يرجى شفاؤه، حكمه حكم الكبير، يفطر ويطعم عنه. الرابع: من لا يجب عليه أداء ولا قضاء، أو لا يصح منه، وهم:
    1 - الكافر لا يصح منه، ولا يقضيه، لو أسلم، مع أنه إذا مات على كفره سئل عنه وعذب على تركه.
    2 - الصغير والصغيرة، وهما من دون البلوغ، وهما مميزان، فيصح منهما، ولا يجب عليهما، وينبغي أمرهما به ليعتادا عليه.
    3 - المجنون لا يصح منه، ولا يقضيه بعد إفاقته، ولا يطعم عنه.
    4 - المختلط في عقله لا يجب عليه، ولا يطعم عنه.[كتاب الصيام، 3/516].

    الفائدة126: قال الشيخ: ويسمي بعضهم الثامن من شوال: "عيد الأبرار"، ولا يجوز اعتقاده عيدا؛ فإنه ليس بعيد إجماعا، وليست له شعائر العيد.[كتاب الصيام، باب صوم التطوع وما نهى عن صومه، 3/535].

    الفائدة127: قال الشيخ عبدالرحمن بن حسن: العبادات مبناها على الأمر، والنهي، والاتباع، فصيام يوم المولد، وسبع وعشرين من رجب، ونحو ذلك من البدع، لم يأمر بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد ثبت أنه قال: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا، فهو رد" أرواه مسلم (3243)، وتكون هذه الأمور وأمثالها مردودة. [كتاب الصيام، باب صوم التطوع وما نهى عن صومه، 3/550].

    الفائدة128: قال الشيخ تقي الدين: صوم رجب أحاديثه كلها موضوعة، لا يعتمد أهل العلم على شيء منها، وليست من الضعيف الذي يروى في فضائل الأعمال، بل عامتها من المكذوبات الموضوعات. [كتاب الصيام، باب صوم التطوع وما نهى عن صومه، 3/550].

    الفائدة129: قال أصحابنا: ويكره إفراد رجب بالصوم؛ لأن فيه إحياء لشعائر الجاهلية.
    قال الشيخ: كل حديث يروى في فضل صومه أو الصلاة فيه، فكذب باتفاق أهل الحديث.[كتاب الصيام، باب صوم التطوع وما نهى عن صومه، 3/562].


    يتبع ...


    أبو أمامة أسامة بن الساسي لعمارة.
    عين الكبيرة . سطيف . الجزائر.

  • #2
    جزاكم خيرا أخي أسامة، وفّقك الله لما يحبّ ويرضى.

    تعليق

    الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
    يعمل...
    X