إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الكفاية في بيان الحقيقة فيما وقع في قضيَّة بجاية -الحلقة الثانية-

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الكفاية في بيان الحقيقة فيما وقع في قضيَّة بجاية -الحلقة الثانية-

    الكفاية في بيان الحقيقة فيما وقع في قضيَّة بجاية

    بيان معتصر بأسلوب مختصر لذكر بعض تفاصيل ما حدث من انتساب المردود عليهم للمنهج السَّلفي ثم الانحراف عنه وخيانته: من سنة 1424/2003 إلى 1439/2018

    (الحلقة الثّانية)

    المرحلة الثَّانية: مرحلة بداية التَّغيّر والإستقلاليّة في الدّعوة (1428/2007-1435/2014)

    فبعد انضمام المدعو سمير إلى الجامعة الإسلاميّة بالمدينة ودراسته بها، وهو الذي كان بعتبر انتقاله إليها ابتلاء كون المدينة تعجّ بالجماعات الدَّعويَّة المنحرفة، كما صرَّح لي بذلك مشافهة لمَّا زرته في بيته لتوديعه؛ فبعد انتقاله إلى الحجاز أخذ صديقه بوبكر يكثر التنقّل والسَّفر إلى هناك، وبقي على ذلك العهد إلى يوم النَّاس هذا، والرَّجل أخذ يُنشئ العلاقات مع الطَّلبة والدّعاة والحضور لدروسهم، حتى المجروحين منهم أمثال إبراهيم الرّحيلي و محمد الشنقيطي وغيرهما، وكذا طلبة شيخه عبد المالك الرّمضاني، وبدأت معالم التَّعالم والتّصدّر تظهر على تصرّفاته وسلوكه الدّعوي، إلى أن جاء رمضان 1428/2007، حيث أخذ يفتي بجواز التعقيب في الصلاة بعد الوتر من التَّراويح، وأخذ وجماعة له من الشَّباب يعقّبون بأحد البيوت ببجاية، إلى أن أعلن بذلك جهارا وحضَّ وأتباعُه النَّاسَ على أداء ما يسمّونه بالتَّهجُّد في المساجد بعد الوتر من التَّراويح، كما سبق، وأخذ الإخوة السلفيُّون ينكرون عليهم ويتفرَّقون من حولهم بعد أن بثّت المُتهجّدة (بوبكر وجماعته) الخلاف والفرقة بينهم، وتفاقم الأمر إلى أن أخذ الإخوة يتَّصلون بالمشايخ فيُفتونهم بعدم جواز ذلك خصوصا وأنَّ الأمر زرع الفتنة ونشر الفُرقة في الصفّ السّلفي البجائي! ؛ فكانت أولى مخالفات بوبكر الظاهرة، خروجا على ما كان معمولا به في البلاد لعقود بل قرون طويلة من عدم التهجّد في رمضان، فكان بذلك أوَّل من أدخل هذه البدعة (كما حكم ببدعيَّتها الإمام الألباني -عليه رحمة الله-، على ذلك الوصف الآنف ذكره)؛ والرَّجل استمرّ وعاندَ وبغى واعتدَى على الرّغم من نهي المشايخ ونصحهم بترك هذا الفعل، فما سمع وما فعل؛ فواصل العمل بهذا التعقيب لسنوات طويلة إلى غاية رمضان عام 1437/2016 بعد أن حذَّر منه المشايخ وجرَّحوه، كما سيأتي.

    فمن هذه السَّنة 1428/2007، وما بعدها، أخذا الرَّجل وجماعته يبتعدون عن التَّواصل بالمشايخ وتوقَّفوا كليَّة عن دعوتهم لإقامة المحاضرات والدَّورات كما كان سالف عهدهم في المرحلة الأولى (2003-2007)، وكثَّفوا نشاطاتهم بالتّصدّر بأنفسهم؛ يتنقّلون بين المساجد والقرى والمداشر، ويقيمون العلاقات مع الأئمّة ويربطونهم بأنفسهم (على طريقة شيخهم الرّمضاني)، ويحملون العامَّة على الاقتداء بهم والاكتفاء بدعوتهم مع فك الرّباط بعلماء البلد شيئاً فشيئاً كما سلف...؛ وبدأت الفتاوى المخالفة للشَّرع بما يفتي به علماء الجزائر تتساقط من هنا وهناك، والمصدر واحد: المدعو بوبكر! فكان من أفضح تلك الفتاوى، تجويزه لقروض دعم تشغيل الشباب (لونساج)، رغم احتواء صيغته على فوائد الرّبا كما ينصّ عليه العقد، فانتشرت هذه المعاملة التجاريّة المحرَّمة في أوساط الشّباب في بجاية بشكل ذريع، وأخذ النَّكير يتصاعد من الطّلبة والإخوة السّلفيّين مذكّرين بفتوى علّامة البلد: الشّيخ العلّامة الأستاذ الدّكتور محمد علي فركوس -حفظه الله-، وفتاوى غيره من المشايخ القاضين كلّهم بحرمة هذه المعاملة الماليَّة، ولكنَّ الرّجل به صمم الهوى وحبّ التصدّر للفتوى؛ فأخذ ينازع العلمَ أهله، ولمّا ضُيّق عليه الخناق في هذه المسألة، أخذ يسعى لاستجلاب تجويزها من بعض الدّعاة والمشايخ من الحجاز (على حدّ ما يزعمه إلى يومنا هذا)...؛ فاغترّ به الكثير من النَّاس، وهو الذي جدّ واجتهد في بناء صورة لنفسه؛ مفادها أنَّه طالب علم قويّ، وداعية ومجتهد حاز أدوات الإجتهاد، كما يروّج له أتباعُه، يُكتفى بقوله عند أبناء بجاية...!، ثمّ تلتها المخالفات تلو المخالفات على غرار تحليله لبعض المعاملات البنكيّة المشبوهة، وتجويزه درس الجمعة والاسترسال فيه، والتَّدريس قصدا في أيّام المولد النّبوي، وتوزيع الجوائز لحفظة القرآن بمناسبته، وختم القرآن في ليلة السّابع والعشرين من رمضان، كما كان يفعل صديقه جمال، وهو يؤيّده ويدافع عنه لمّا ينكر الإخوة عليه؛ فأحدثوا إضافة إلى مخالفات أخرى بلبلة دامت طويلا في بجاية، وشرّعوا باب التّعاون مع المخالفين وأهل الأهواء وخاضوا معهم في المحاضرات والدَّورات والمجالس والملتقيات، بعد أن كان من يقيمها عندنا هم المشايخ السَّلفيّون؛ فعُبِّد الطّريقُ لأهل البدع لنفث ما عندهم في عقول الشّباب والعامّة بتلميع بوبكر وجماعته لهم، وتوسيع رقعة دعوتهم وتمييع الدّعوة في كلّ منطقة يدخلها وإيَّاهم، غاضَّا الطّرف عن مخالفاتهم ومحدثاتهم في الدّين؛ باستعمال المداهنة أحيانًا والمداراة غير الشَّرعيّة، بالسّكوت عن باطلهم، أحيانًا أخرى، فكان بوبكر قد ضرب بذلك أصلًا من أصول أهل السّنّة المجمع عليه، وهو منابذة أهل البدع ومفارقتهم وهجرهم، بل التّحذير منهم؛ قال الشّيخ عبد السّلام البرجس -عليه رحمة الله- : «أجمع السّلف على منابذة أهل البدع والتّحذير منهم، كما حكاه عنهم القاضي أبو يعلى وغيره من المحقّقين.»4 وأين هو من نهي الله جلّ وعزّ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُون﴾ (آل عمران: 118)، وأين هو من وعيده سبحانه ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ-78-كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُون﴾ (المائدة: 78-79) ، والنّبيّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم- يقول كما في حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- :»إنّ أوَّل ما دَخَل النَّقْصُ عَلى بني إسرَائيل أنَّه كان الرَّجُلُ يَلقَى الرَّجلَ فيقُولُ: يا هذا اتَّقِ الله ودَعْ ما تَصنَع، فإنَّه لا يحِلُّ لكَ، ثُمَّ يَلقاه مِنَ الغَدِ وهو على حالِهِ، فَلا يَمنعُهُ ذلك أنْ يكونَ أكيلَهُ وشريبَهُ وقعيدَهُ؛ فلمَّا فعلوا ذلك ضَربَ الله قلوبَ بعضهِم ببعض » ثمّ قال: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ-78-كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُون-79-تَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَٰكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ ثمّ قال: كلّا، والله لتأمرَنّ بالمعروف، ولتنهونّ عن المنكر، ولتأخذَنّ على يد الظَّالم، أو لتأطرنَّه على الحقّ أطراً، ولتقصرنّه على الحقّ قصراً، أو ليضربنّ الله قلوب بعضكم على بعض، ثمّ ليلعنكم كما لعنهم«.5

    أضف إلى ذلك أنّه بأفاعيله تلك وطريقته التي يسير عليها في الدّعوة وتبليغ دين الله، يكون قد ضرب عُرض الحائط بتحذير السّلف من مخالطة أهل البدع والجلوس معهم ومآكلتهم والتّأكّل بالدّين مع ادّعائه أنّه سلفيٌّ ومتّبع للسّلف!!، وهل كان السّلف يدعون الى الله متعاونين مع أهل البدع والأهواء؟! حاشا وكلّا! قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- : « مَن أحَبَّ أَن يُكْرِم دِينَه، فَلْيَعتزل مجالسة أصحاب الأهواء، فإنَّ مجالستهم أَلْصَقُ من الجَرَب »، وقال ابن عباس -رضي الله عنهما- : «لا تُجالس أهلَ الأهواء؛ فإنَّ مجالستهم مُمْرِضَةٌ للقلوب !»، وقال الفضيل بن عيَّاض -رحمه الله تعالى- : «من جَلس مع صاحب بدعة فاحذره! ومن جلس مع صاحب البدعة لم يُعط الحِكمة، وأحِبُّ أن يكون بيني وبين صاحب بدعة حِصنٌ من حديد، آكل مع اليهودي والنَّصراني أحبُّ إليَّ من أن آكُل عند صاحب بدعة6» وقال الفضيل بن عيَّاض أيضا -رحمه الله - : «الأرواح جنود مجنّدة؛ فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، ولا يمكن أن يكون صاحب سنّة يمالئ صاحب بدعة إلَّا من النّفاق.7» قال ابن بطّة -رحمه الله- تعليقا على ذلك : «صدق الفضيل رحمه الله، فإنّا نرى ذلك عياناً.»8

    واستمرّ الرّجل وجماعته في التّمادي في الباطل، حتى وصل به الأمر إلى ارتكاب العظائم؛ حيث أخذ يدرّس ويخطب في الجمعة ويصلّي في المساجد التي بها أضرحة وقبور، ويجوّز ذلك للعامّة والخاصّة ويُحدث البلبلة والشّقاق والقلاقل بين الإخوة الذين يمتنعون عن ذلك وهم أبناء تلك المناطق! فيَفتن النَّاس (السّلفيّين والعوام عن معتقدهم الصّحيح، ويحدث النّزاع بين هؤلاء وهؤلاء) مُعرضا عن حكم الإسلام في الصّلاة في المساجد التي بها قبور، بل وأضرحةٌ تُعبد من دون الله، ويُدعى فيها غير الله ويُنذر لأصحابها وتُرتكب عندها القُرَب النّاقلة عن ملّة الإسلام، وأنّ الصّلاة فيها باطلة ولو لم تُرتكب تلك الشّنائع، لتحذير رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- من هذا العمل الشّنيع والجرم الفظيع، في أحاديث كثيرة منها قوله لاعنًا ومتوعّدا من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت :« قال رسول اللَّه صلَّى اللَّهُ عَليه وسلَّم في مرضهِ الَّذي لَم يقم منهُ: لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِد!9» قال العلّامة الإمام ابن باز -رحمه الله تعالى رحمة واسعة- مجيباً عن سؤال: ما حكم الصَّلاة في المساجد التي فيها قبور؟ : « لا يجوز لك الصلاة في المسجد الذي فيه قبور، الرَّسول لعن اليهود والنَّصارى الذين اتَّخذوا قبورهم مساجد، قال: " لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِد" ولمَّا قيل له: إنَّ بعض المشركين يتَّخذ الصُّوَر ويبني على القبور أخبر أنّ "هؤلاء أشرار الخلق"، وأنّهم يعني: "النّصارى إذا مات فيهم الرّجل الصّالح بنوا على قبره"، إخوانُك أنت وإيّاهم تجتمعون، أو تعمرون مسجدًا جديدًا ليس فيه قبور حتّى تصلُّوا فيه، ليس فيه قبور.10» ؛ فتفاقم أمر الرّجل وأخذ السّلفيّون يصيحون عليه من أقطار بجاية؛ فمنهم النَّاصح ومنهم المتوعّد ومنهم المذكّر، ولكن:

    لقد أسمعت لو ناديت حيّاً ولكن لا حياة لمن تنادي

    وفي أثناء هذه السّنين من هذه المرحلة (2007/2014)، تخرّج طلبة جدد كثيرون، ولله الحمد والمنّة؛ ممّن أحكم الصّلة بمشايخ وعلماء البلد؛ فأخذوا يُنكرون على الرّجل وجماعته ويبلّغون المشايخ طوامّه ممّا ذُكر آنفا...، وكان العبد الضّعيف كاتب هذا البيان ممّن برز إلى الميدان بإنشاء علاقة دعويّة مع الشَّيخ عبد الغني عوسات -ردّه الله ردّا جميلا-، والشَّيخ أزهر والشَّيخ فركوس -حفظهما الله ونصرهما ونصر بهما منهج السّلف-، وذلك عن طريق التّرجمة ونشر الرَّسائل والأقراص بعشرات الآلاف باللغتين العربيّة والفرنسيّة وتوزيعها مجّانا، في الفقه والعقيدة والمنهج وغير ذلك، وأقام التّواصل مع المشايخ والتّعاون معهم، والعمل في موقع الشّيخ العلّامة فركوس -حفظه الله- مترجما ومصحّحا، انطلاقا من سنة 1426/2005، ثم الانضمام إلى موقع راية الإصلاح في مجال التَّرجمة بترجمة مقالات دعاة مجلّة الإصلاح، وكان ذلك منذ سنة 1429/2008، وعمِل في العام نفسه على إنشاء موقع الشّيخ عبد الغني بعد أن كوَّن فريقا لهذا الغرض؛ ومع الانضمام كذلك في نفس السَّنة إلى إذاعة القرآن الكريم بالجزائر والعمل على نشر المنهج السّلفيّ بحصص بالقبائليّة والفرنسيّة والكتابة في مجلّتهم لأربع سنوات كاملة من 1429/2008 إلى 1433/2012، وأنشأَ أيضا موقع www.kabyliesounna.com سنة 1435/2014 الذي يعمل ولا يزال على نشر كتب ومقالات العلماء والمشايخ السّلفيّين على أوسع نطاق باللٌّغتين العربيّة والفرنسيّة، وكذا الالتحاق في نفس السّنة (2014) بالمنتدى العلميّ الدّعويّ "التّصفية والتّربية السّلفيّة"، بالإشراف على قسم اللٌّغة الفرنسيّة، ثمّ مجيء العام الماضي 1438/2017، وفتح "دار العلم والعمل للنَّشر والتّوزيع" وإصدار الكتب والرّسائل...؛ فانتشر العمل الدّعويّ في الآفاق بفضل الله تعالى ولله الحمد؛ وكانت الجهود تتواصل مع المشايخ عموماً، ومع الشّيخ عبد الغني بوجه خاص، في نفس السّنوات التي كان فيها بوبكر وجماعته يَنخُرون في الصّفّ السّلفي بمخالفاتهم وإحداثاتهم وصدودهم عن منهج وطريقة مشايخ البلد المتّبعين للعلماء الرّبانيّين في الدّعوة إلى الله ونشر المنهج السّلفيّ في الجزائر وخارجها...، فجاءت سنة 1433/2012، والرّجل (بوبكر) وجماعته، كانوا قد بلغوا من تقديم الغالي والنّفيس من الوقت والجهد وإفراغ الوسع والتفرّغ في -الدّعوة إلى أنفسهم-، ما جعلهم يُعلنون صراحة تَهجينهم لطريقة مشايخ البلد (الذي هو في الحقيقة تهجين للمنهج السّلفيّ ذاته)؛ فأخذوا يطعنون فيهم في مجالسهم الخاصّة وغيرها، لا سيما وأنَّ شيخهم عبد المالك رمضاني قد جرّحه العلماء، وقَبْله جُرِّح متبوعَ شيخهم: علي حسن الحلبي! فكان ذلك من جملة الأسباب التي جعلتهم ينصُبون العداءَ لمشايخ البلد كون هؤلاء على طريقة العلماء في تجريح أولئك؛ وبوبكر وجماعته لم يرضوا ولم يقبلوا تجريح العلماء لعلي حسن والرّمضاني؛ فأخذ يصرّح بمخالفته للمشايخ ولا يجد أيّ غضاضة أو حرج في التَّصريح بذلك على غرار قوله مرة "مشايخ العاصمة لا يرضون أنَّك تخالفهم"، وهو يقصد المسائل الفقهيّة والمنهجيّة، وتوالت الأحداث ممّا جعل المشايخ يتيقّنون أنَّ الرّجل قد تغيّر وأصبح يدعو إلى نفسه، كما صرّح لي بهذا أحد دعاة العاصمة؛ فقرّرت أن أزوره في بيته لأنصحه بيني وبينه، فاستشرت آنذاك الشّيخ عبد الغني، وأكّد لي ذلك؛ فذهبت إلى بيته بصحبة أحد الإخوة ممّن كان من أصدقائي ثم أصبح من أتباعه!؛ فإذا ببوبكر لا يخفي استهزاءه من المشايخ ويصرّح به؛ فكان من كلامه معي قوله :"أنّ الشّيخ عبد الغني قليل العلم وأنّ الشّيخ عبد المجيد يعلم هذا، وأنّه (بوبكر) يمدّه بالكتب ليطالع بعض المسائل التي لا علم له بها، حيث يسأله بوبكر فلا يستطيع الشّيخ أن يجيب! ؛ فيقول له: هاك، يا شيخ، هذا الكتاب وطالعه وستعرف!"، هكذا قال على الشّيخ الذي حكم عليه بعد ذلك "أنّه كذوب!"...، وممّا قال لي أيضا "أنّ فتاوى الشّيخ فركوس مضحكة!" واستدلّ على هذا الحكم بفتوى الزلابيّة وكاشير بلاّط! مستشهدا "بِأنّ الجرائد، النّهار والشّروق، أكثرت من الإنكار عليه في ذلك!"، والله شاهد على ما أقول، والكتَبة الحفظة سجّلوا ما قال، وأخذ يتبجّح أنّه سينهي رسالته في الماجستير بعد أسبوع (وما أتمّها، بعد هذا الزّعم، إلا بعد عامين أو أكثر)، وأنَّه ستنشرها له دار ابن حزم لأهميّتها، والمسكين، الحقيقة أنّ الرّسالة ليست من كدّه، وإنّما قيّض بعض الطلبة ليكتبوها له، كما صرّح بهذا في المجلس نفسه، والطّلبة يعلمون القيمة العلميّة لدار ابن حزم، بل الرّسالة لم تطبع أصلاً!؛ فكان مجلسا عامرا بالدّعوى والتّعالم والتّعالي والجسارة على أهل العلم والاعتداء عليهم ورمي السّلفيّين بالبواقع، ولم ينفعه نصحي له بالتزام غرز مشايخنا والرّجوع إلىهم والتّواصل معهم واستنصاحهم (كما نصحت قبله بسنتين خِدنه سمير م. بنفس النّصيحة، وكان ذلك سنة 1431-2010؛ فما كان من الخِدن إلّا أن قال :"نحن مقتنعون أنّ الدّعوة في بجاية، نحن من سيقوم بها! كان هذا جوابا على سؤالي له؛ حيث اسنتكرت قائلا :"لماذا كنتم تستضيفون المشايخ، ومنهم الشّيخ عبد المجيد جمعة، وأصبحتم الآن تمتنعون؟!"، ولكن كيف يرجع إلى عهده القديم ويستضيف المشايخ، وهو الذي أصبح في المدينة النّبويّة لا يخالط السّلفيّين؛ فكلّ مخالطاته انّما مع الحزبيّين والمنحرفين كما صرّح لي بذلك أحد كبار مشايخنا، وهجر مجالس الشَيخ ربيع والشّيخ عبيد وغيرهما من رموز الدّعوة السّلفيّة على خطى شيخه الرّمضاني، ممّا جعله يوغل في حب الإستقلاليّة والاعتداد بنفسه وجماعته وفكّ الرّباط نهائيا بمشايخه القدامى، علماء البلد)، فما كان من جدوى زيارتي لبوبكر سوى إبلاغي بأنّ شيخه هو الرّمضاني (وكان لمّا يذكر الشّيخ العلّامة فركوس يخاطبني قائلا :" شيخكم فركوس!")، وأنّه سائر في طريقته وأنّ معرفته له تعود لسنين بعيدة وأنّه قدوته، وأنّ الإخوة السّلفيّين المنكرين عليه مخالفاته مجرّد نابتة نبتت لا تُعرف بعلم ولا دعوة (وسبحان الله؛ فهذه نفس الدّعوى التي ردّدها كميل في الصّوتيّة المسرّبة، وهذا بعد أربع سنين من اجتماعي ببوكر!)، علماً أنّ من سمّاهم النّابتة منهم طلبة قدامى وأكبر منه سنًّا وأكثر علماً،...فكلّمتُ الشّيخ عبد الغني هاتفيًّا بعد المجلس، وزرته إلى العاصمة بعد يومين، وأخبرته بتفاصيل ما كان من كلام بيننا في المجلس؛ فإذا بالشّيخ :"يقسم بالله أنّ بوبكر جاهل وأنّه سيأتي إلى بجاية بصحبة الشَّيخ عبد المجيد لعقد مجلس وإنزاله مكانته، بل أنّه سيُسقطه حفاظا على الأمّة"، كما قال؛ فقلت له :"يا شيخ، ولكن لإن فعلت هذا فلربّما ستحدث فتنة في بجاية"؛ فقال الشّيخ :«صدقت، وأنت رجل حكيم»، فانتهى الأمر عند هذا الحدّ؛ حتي جاء عام 1435/2014، ودُعيتُ من جماعة بوبكر لمجلس في بيته، زعموا أنّنا سوف نتعاون في موقعهم وأنّهم يحتاجون أن أترجم لهم بعض النّصوص؛ فلبّيتُ الدّعوة بعد استشارة الشّيخ عبد الغني، وكان قصدي ونيّتي أن أنصحَهم وأذكّرهم بواجبهم نحو مشايخهم القدامى والرّجوع إليهم، أمّا التّعاون معهم فمتعذّر عليّ لسببين: الأوّل أنّي لا أرتضي منهجهم وسلوكاتهم، والثّاني أنّي لا وقت لديّ لأستجيب لطِلْبَتهم؛ فحضرت المجلس وإذا ببرنامجهم الذي سطّروه أكبر وأعظم من مجرّد العمل على موقع في الشّبكة، وإنّما خطّطوا لنشاطات أخرى كثيرة، منها تكوين الشّباب في الإجازات الصّيفيّة! ففهمت أنّ الأمر كبير جدّا عليهم، فاغتنمت هذه النّقطة وسألتهم: ومن سيكون موجّهكم أنتم؟ فكلّمتهم عن ضرورة الرّجوع إلى المشايخ والتّواصل معهم وأنّ الدّعوة، دعوة الأمّة والشّباب، إنّما يقودها الرّجال والمشايخ الكبار، وليس الشّباب أمثالكم...؛ فتعقّبني أحدهم، وهو المدعو لمين، وقال هيّا عرّف لنا ما معنى التّواصل!! وهو كان يقصد تعجيزي ويظنّ أنّي أتكلّم بما لا أعرف، بدليل أنّه قال لي: نحن عرفنا الطّلب قبلكم!! فعرّفت له التّواصل، وأنّه من الصّلة والحفاظ عليها، والرّجوع للمشايخ الكبار في تسيير شؤون الدّعوة وخاصّة في الأمور الكبار...؛ فقال ليس هذا هو التّواصل، إنّما التواصل أن يتدخّل المشايخ بيننا كلّما حدث نزاع، أو شيئا من هذا القبيل؛ فقلت له: إذن هؤلاء ليسوا مشايخ عندكم، وإنّما محامون...، فجرى بيني وبينه نقاش وكان الوحيد الذي تعقّبني وانتقدني؛ فانتهى المجلس، وفي الليل اتّصلت بالشّيخ عبد الغني وأخبرته بمجريات مجلسنا؛ وانتهى الأمر بهذا، ولم يتجدّد لي بعدها أي تواصل مع القوم....؛ ثمّ مضت سنتان وبوبكر ماضٍ في طريقته في تمييع الدّعوة في بجاية، وجاءت المرحلة الأخيرة، المرحلة الثّالثة : مرحلة الحسم.
    يتبع بحول الله وقوّته......

    ..................
    4 . أصول أهل الدّعوة السّلفيّة، ص. 68.
    5. رواه أبوداود، والتّرمذي، وقال: حديثٌ حسن.
    6. ذكر هذه الآثار الشّيخ العلّامة محمد سعيد الرّسلان -حفظه الله- في كتابه: دعائم منهاج النّبوّة.
    7. أصول أهل الدّعوة السّلفيّة، للشّيخ البرجس -رحمه الله تعالى-، ص. 71.
    8 . نفسه.
    9 . (أخرجه البخاري ومسلم).
    10 . موقع الشّيخ -رحمه الله-: https://binbaz.org.sa/
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو فهيمة عبد الرحمن البجائي; الساعة 2018-08-16, 12:50 PM.

  • #2
    استعن بالله واصبر

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيراً

      تعليق


      • #4
        أخوي إسماعيل وبلال، بارك الله فيكما، وجزاكما الله خيرا على تفاعلكما مع المقال.

        تعليق

        الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
        يعمل...
        X