إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

إتحاف الصوّام بمقاصد الصيام

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    1️⃣6️⃣
    قال المصنف رحمه الله :
    وأمّا شُكر عالِم الخفيّات: إذا صامَ عرف نعمة الله عليه في الشّبَع والرَّيِّ، فشكرَها لذلِك، فإنّ النّعم لايُعرَف مقدارُها إلاّ بِفَقْدِها.

    _____
    قال الشارح وفقه الله :
    هذه فائدة سادسة من فوائد الصّيام: وهو أنّه يحمِلُ العبدَ على شُكر ربّه سبحانه وتعالى ، فإنّ الصّائم إذا فقَد الطّعام والشّراب ذكر إنعام اللّه عزّوجلّ عليه بالإطعام والسّقيا، فإذا تذكّر هذه النعمة أوجبَ له هذا التّذكُّر أن يقومَ بالشُّكرِ للرّب سبحانه وتعالى.
    والنّعم لا تُعرف مقاديرها إلاّ بفقدها عند عامّة النّاس، أمّا العقلاءُ الكُمَّل من عباد اللّه فإنّهم يعرفون مقادير نعم الرّبّ سبحانه وتعالى وإن قلّت، وأمّا الغافل السّاهي فإنّه يُحتاج إلى تذكيره بأنواع النّعم، ومن هذا التّذكير: شُرع الصِّيام، حتّى يتذكّر العبد نعمة الإطعام والسّقيا، فيعرف للرّبّ سبحانه وتعالى نِعمتَه عليه إذ أطعمَه وسقاه .

    تعليق


    • #17
      1️⃣7️⃣

      قال المصنف رحمه الله :
      وأمّا الانزجارُ عن خواطر المعاصي والمُخالفات: فلأنّ النّفس إذا شبعَت طَمِحت إلى المعاصي، وتشَوَّفت إلى المخالفات، وإذا جاعت وظمِئَت تشوّفت إلى المَطعُومات والمشروبات، وطُموحُ النّفس إلى المناجاة واشتغالُها بها خيرٌ من تشوّفِها إلى المعاصي والزّلات، ولذلك قدَّم بعض السلف الصّوم على سائر العبادات، فسُئِل عن ذلك فقال: لأن يطلّع الله على نفسي وهي تُنازعني إلى الطّعام والشّراب، أحبّ إلي أن يطلّع عليها وهي تُنازعني إلى معصيته إذا شبِعت .
      ______
      قال الشارح وفقه الله :
      ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا الفائدة السّابعة من فوائد الصّيام وهو أنّه { يزجرُ صاحبَه عن خواطر المعاصي والمخالفات}
      وأعظم الحِراسة حِراسة الخواطر -كما ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى- وممّا يعين العبدَ على حِراسة خواطره: إشغالها بالطّاعات، فإنّ النفس إذا أُشغلت بالطّاعة كالصّيام مثلا، انقطعت من التَّشوُّفِ إلى المخالفات، وكان تَشَوُّفُها إلى رجوعها إلى مألوفاتها من طعامٍ وشرابٍ وجماعٍ ، فتشتغل بهذا التَّشوُّف إلى المحرمات والخواطر الفاسدة،ويكون هذا الاشتغال بالمطعوم والمشروب حامِلاً لها على التّخلّي عن المعاصي والزّلات، وحاملاً لها على الإقبال على مناجاة الرّب سبحانه وتعالى ودُعائه.
      ولهذا ذهب بعض السلف رحمهم الله إلى تفضيل الصّوم على سائر العبادات ،
      ومذهب الجمهور رحمهم الله تعالى تقديم الصّلاة على سائر الأعمال ، كما بيّن ذلك ابت حجر رحمه الله تعالى في "فتح الباري"

      تعليق


      • #18
        1️⃣8️⃣

        •قال المصنف رحمه الله :
        وللصّوم فوائد كثيرة ٌ كصحّة الأذهان، وسلامة الأبدان، وقد جاء في حديثٍ :« صُومُوا تَصِحُّوا» .


        _____
        قال الشيخ صالح بن عبد الله بن حمد العصيمي حفظه الله :
        هذه فائدة زائدة عن الفوائد التي تقدّم ذكرها مجملةً في أوّل كلام المصنف.
        فمن فوائد الصّيام أنّه { يُصِحُّ الأبدان} وتسلَم به، وتَطيبُ من عِلَلِها .

        والأحاديث المرويّة في هذا الباب -ومن جملتها الحديث الذي ذكره المصنّف رحمه الله تعالى- لا تثبتُ عن النّبي صلى الله عليه وسلم، فكلّ الأحاديث المروّية بهذا اللّفظ وما في معناه أسانيدُها ضعيفةٌ معلّلةٌ.
        ولا ريبَ أنّ الصّيام من جهة الطّب يسبب لصاحبه صحّة في ذهنه وسلامة في بدنه، لأنّه يُصَفّي البدن من أخْلاطِه، ويُذيب شُحومَه، ومن هنا دأبَ بعض الأطبّاء على مداواة جملةٍ من العِلَلِ بأمرِ أصحابها بالصًيام، وقد بيّن هذا المعنى مطوّلاً جماعةٌ منهم ابن القيم رحمه الله تعالى في "زاد المعاد".

        تعليق


        • #19
          1️⃣9️⃣
          •قال المصنف رحمه الله:
          {من آداب الصّيام} : حفظ اللّسان والجوارح عن المخالفة، لقوله صلى الله عليه وسلم :" مَنْ لَمْ يدَعْ قولَ الزُّورِ والعملَ بِهِ ، فليسَ للَّهِ حاجةٌ بأن يدَعَ طعامَهُ وشرابَهُ" . وقال عليه السلام :" رُبَّ قائمٍ حظُّه من قيامِهِ السَّهرُ وصائمٍ حظُّه من صيامهِ الجوعُ والعطشُ"

          ______
          قال الشيخ صالح بن عبد الله بن حمد العصيمي حفظه الله:

          أن { يحفظ العبد لسانه وجوارحه} ، لأنّ المقصود من الصّيام هو أن يصوم العبد عمّا حرَّم الله .
          قال ابن القيم رحمه الله :
          "الصّوم هو صوم الجوارح عن الآثام، وصوم البطن عن الشّراب والطّعام". اه‍

          فليس مراد الشّرع أن يمنع العبد نفسه عن مألوفه من الطّعام ، والشراب فحسب، بل مراد الشّرع الأكبر هز أم يَنْزَجِر العبد عن المعاصي، وأن يحفظ لسانه وجوارحه، ويتقيّ الله سبحانه وتعالى مستعينا على ذلك بالصّيام، قال ابن القيم رحمه تعالى، في "مفتاح دار السعاده" :" ماستعان أحد على تقوى الله واجتناب محارمه، وحِفظ حدوده مثل الصّوم". اه‍
          فمن راقب الله سبحانه وتعالى في تصحيح صيامه كان اللائق به هو أن يحفظ لسانه وجوارحه عمّا حرّم الله عزّوجلّ أعظم من حِفظ نفسه عن الطّعام والشّراب، فإنّ الصّيام عن الطّعام والشراب أمرٌ هيّنٌ، كما قال بعض السلف : ' أهونُ الصّيام : "ترك الشّراب والطّعام ".اه‍ وإنّما أعظم الصّيام هو الصّيام عن الآثام، وهو مراد الشّرع الأكبر، كما قال الله عزّوجلّ :«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون». [البقرة]


          تعليق


          • #20
            2️⃣0️⃣
            قال المصنف رحمه الله:

            ومِن شرفه: أنّه من فطّر صائما كان له مثل أجره، وقال صلى الله عليه وسلم :" مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ من غَيْرِ أَن يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْءٌ".

            _____

            قال الشيخ صالح بن عبد الله بن حمد العصيمي حفظه الله :

            هذه فضيلة أخرى من فضائل الصّيام وهي {مَن فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ}
            والعمدة في هذا الباب على حديث زيد بن خالد الجُهنيّ رضي الله عنه المُخرَّجِ في "سنن التّرميذي" وابن ماجه أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم قال :« مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ من غَيْرِ أَن يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْءٌ ».
            ✓ وهذا الحديث -مع شُهرته- لايثبُتُ عن النّبي صلى الله عليه وسلم، فإنّ لهذا الحديث علّة قلّ من تفطّن لها، وهو أنّه من رواية عطاء بن أبي رباح،وعن زيد بن خالد الجُهنيّ، وقد ذكر علي بن المدنيّ رحمه الله أنّ عطاء لم يسمع من زيد بن خالد الجُهنيّ، فعُلِم بهذا أنّ السّند منقطع بينهما، وانقطاع السّند ممّا يوجب ضعف
            الحديث.
            ✓ لكن لا ريب أنّ تفطير الصّوّام مندرج في جملة الصّدقة في رمضان، فيُحَثُّ عليه النّاس من هذا الباب ، و يُرجى فيه الثواب من هذه الجهة، فإنّ المُفطر للصّائم متصدّق عليه بهذا الإطعام والرّيّ ، وأمّا الحديث المرويّ في هذا الباب صريحًا -وهو حديث زيد بن خالد- فإنّه لا يثبتُ عن النّبي صلى الله عليه وسلم .

            تعليق


            • #21
              2️⃣1️⃣
              •قال المصنف رحمه الله :

              ويُستحب الإكثارُ من تلاوة القرآن

              ومن الجود والإفضال في هذا الشهر للمعتكف وغيره، لأنّ الفقير يَعجز بسبب صومه عن الشّهوات والتّطواف والسُّؤال .

              وفي "الصّحيحين"عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضَانَ، فيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ".

              ومعنى قوله:" مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ" : أي في عمومها وإسراعها.
              وصحّ أنّ جبريل عليه السلام كان يُعارض رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن في كلّ رمضان مرّة واحدة، فلمّا كان العام الذي توفي فيه عقِيبَه عارضَه مرّتين.


              ______

              قال الشارح صالح أبو عبد الله بن حمد العصيمي حفظه الله :
              ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة سنتين اثنتين :
              أولاهما: {استحباب الإكثار من تلاوة القرآن} وهذا كان دأب السّلف رحمهم الله تعالى، كانوا يجتهدون في ختم القرآن مرّاتٍ عديدة في شهر رمضان،كان منهم مَن يختم القرآن كلّ عشرٍ، ومنهم من يختمه كلّ سبعٍ، زمنهم من يختمه كلّ ثلاث .
              وهذا أمرٌ يُمكن لأصحاب النّفوس القوّية المُقبلة على الله عزّوجلّ أم يُدرِكوه و يعقِلوه، أمّا من ضعفت قواه وقلّ إقباله على مولاه فإنّه يستبعدُ هذا ويجعله ضربًا من الخيال.


              أمّا السنّة الثانية: فهي { الجود}، وقد ذكر أبو الفضل ابن حجر رحمه الله ، معنى الجود في كلمو جامعة في "فتح الباري" فقال: الجود: إعطاءُ ماينبغي لمن ينبغي . فالمراد بالجود هو أن يتفضّل الإنسان بما ينبغي مقدّما إيّاه لمن ينبغي أن يُسدى إليه هذا الجود .
              وقد كان جود النّبي صلى الله عليه وسلم في كل حال، إلاّ أنّ أكمل جوده كان في حال لُقْيا جبريل عليه الصلاةوالسلام له في رمضان، يُدارسه القرآن الكريم كل ليلة.
              فينبغي للعبد أن يستكثر من الجود والإفضال على عباد الله الفقراء والمساكين ويتصدّق عليهم، اتّباعا لسنّة النّبي صلى الله عليه وسلم في فعله .

              تعليق


              • #22
                2️⃣2️⃣

                •قال المصنف رحمه الله:
                ليلةُ القدر ليلةٌ شريفةٌ، فضّلها الله على ألفِ شهرٍ ليس فيها ليلة القدر.

                _____
                قال المصنف وفقه الله :
                وقد صدحَ بهذا الشرف قول الرّبّ سبحانه وتعالى:« لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ» [القدر] .
                وهذه الآية فيها بيانٌ عظيم شأن هذه الليلة ورفيع رُتبتها، بحيث تكون مُفضّلة عند الرَّبِّ سبحانه وتعالى على ألف شهر،
                يُجزمُ بأنّه { ليس فيها ليلة القدر}، لأنّه لو قيل بأنّ تلك الشهور ليلة في كل شهر منها ليلة القدر لَتَسَلْسَلَ الفضلُ، ولكن معنى الآية: أنّ ليلة القدر تكون أفضل من ألف شهرٍ ليس في شيء منها ليلةُ القدرِ .

                تعليق


                • #23
                  2️⃣3️⃣

                  •قال المصنف رحمه الله :
                  وهي في العشر الأواخر من رمضان، وهي إلى الأوتار منها إلى الأشفاع.

                  والظاهر أنّها ليلة الحادي والعشرين، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم رآها، ثمّ أُنسِيَها، وذكر أنّه سجد في صبيحتها في ماءوطين
                  .
                  ____

                  قال الشارح حفظه الله :

                  القولُ في تعيين ليلة القدر :

                  وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في تعيين هذه الليلة على أقوالٍ كثيرة، بلّغَها أبو الفضل ابن حجر رحمه الله تعالى في "فتح الباري" أكثر من أربعين قولا.
                  وأصحّ هذه الأقوال:
                  ✓ أنّ ليلة القدر كائنةٌ في العشر الأواخر من رمضان .
                  ✓ وهي آكَدُ في الأوتارِ من الأشفاعِ.
                  ✓وتنتقلُ كلّ سنةٍ من ليلةٍ إلى ليلةٍ، فقد تقعُ فِي وترٍ، وقد تقع في شفعٍ،⏪ وقد تكون في هذه السّنة ليلة الحادي والعشرين، وقد تكون في السّنة الّتي تليها على خلافها .
                  فالمختار : عدم الجزم بكون ليلة من الليالي هي بعينها ليلة القدر، بحيث يستديم ذلك كل سنة، وإن ذهب بعض أهل العلم إلى هذا، ابتداءً من عهد الصحابة -رضوان الله عليهم- فمَن بعدَهم من قرون الأمة.

                  تعليق


                  • #24

                    2️⃣4️⃣

                    •قال المصنف رحمه الله :

                    فمِن فضيلة هذه الليلة : أنّ من قامها إيماناً واحتسابًا غُفِر له ماتقدّم من ذنبه.

                    والدليل على ماذكرناه، قوله صلى الله عليه وسلم :" أُرِيتُ ليلةَ القدرِ، ثمّ أيْقَظَنِي بعضُ أهلي فنُسِّيتُها في العشرِ الغوابِرِ»
                    { الغوابرُ : البواقي}

                    وصحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "من قام ليلةَ القدرِ إيماناً واحتسابًا غُفِر له ماتقدّم من ذنبه".
                    _______

                    •قال الشيخ صالح بن عبد الله بن حمد العصيمي حفظه الله :

                    بيان فضيلة ليلة القدر :
                    وفي ذلك الحديث المخرّج في "الصّحيح" أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال :"من قام ليلةَ القدرِ إيماناً واحتسابًا غُفِر له ماتقدّم من ذنبه".
                    ففي هذا الحديث إعلامٌ بأنّ القائم لِلَيلة القدر إيماناً بوجوبها، واحتسابا لثوابها، فإنّه يُغفر له ماتقدّم من ذنبه.
                    وسبق أنْ عرفتَ أنّ ماجاء من الأحاديث فيه قول النّبي صلى الله عليه وسلم:" غُفِر له ماتقدّم من ذنبه" أنّه لا تصحّ الزيادات الواردة فيه بقول: "وما تأخّر".
                    كما أنّ الذنوب الّتي تُغفر بهذا العمل إنّما هي الصّغائر دون الكبائر، كما هو قول الجمهور خلافًا لأبي محمّد ابن حزم، وأبي العبّاس ابن تيميّة في كتاب "الإيمان"، وقد ذكر هذه المسألة مبنية بطولها وفصولها جماعة من الحُدّاق، منهم: أبو عمر ابن عبد البرّ في كتاب"التمهيد"، وأبو الفرج ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" وذكرَا أنّ غير هذا القول -وهو قول الجمهور- أنّه من شذوذ العلم.
                    ✓ والحقّ أنّ الأدّلة الصحيحة الجليّة دالّة على اقتصار تكفير هذه الأعمال للصّغائر دون الكبائر.

                    تعليق


                    • #25
                      2️⃣5️⃣

                      قال المصنف رحمه الله : والمستحبّ لمن رآها أن يُكثر من الثّناء والدّعاء، وأن يكون أكثرُ دعائه:« اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ فاعْفُ عَنِّي ».
                      وإن اقتصرَ على الثّناء فهو أفضلُ، لما رُوي عنه عليه الصلاة والسلام أنّه قال:« قال الله عزّوجلّ: «مَنْ شَغَلَهُ الْقُرْآنُ وَذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ» .

                      وقال أميّة :

                      أأذكُر حاجتي أم كفاني ** حياؤُكَ إنّ شيمَتَكَ الحَيَاءُ

                      إذا أثنى عليك المرءُ يومًا ** كفاه مِن تعرُّضِه الثّناءُ

                      _________

                      قال الشارح وفقه الله :
                      ذكر المصنف رحمه الله تعالى هاهنا أنّ من {المستحبّ لمن رأى ليلة القدر} وعلِمَها إمّا برؤيا منامية أو غيرها فإنّه { يُكثِر من الثّناء ، والدّعاء، ويكون أكثر دعائه« اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ فاعْفُ عَنِّي » } .
                      وهذا الذي ذكره المصنف رحمه الله تعالى ثمٌ رجّح بعدَه {أنّ الاقتصار على الثناء أفضل} فيه نظر لما تقرّر أنّ إعمارَ ليلة القدر إنّما يكون بقيامها بإطالة الصلاة فيها، وقراءة القرآن في أثناء تلك الصلاة، لقول النّبي صلى الله عليه وسلم:« مَن قامَ ليلةِ القدرِ»
                      فهذا الحديث مُخرَّج في "الصّحيح" دالٌ على أنّ العبادة المُستحبَة في ليلة القدر هي قيام تلك الليلة، وإنّما يكون قيامها بإطالة الصّلاة، وكثرة قراءة القرآن في أثناء تلك الصّلاة .
                      وأمّا ماعدا ذلك من الأعمال فهو دون مرتبة الصّلاة .

                      نعم، يُشرع للعبد إذا قام تلك اللّيلة بالصّلاة، وقراءة القرآن أن يدعوَ ربّه عزّوجلّ، فإنّه على رجاء إجابةٍ، لا لأجل أنّ ليلة القدر يُجاب الدّعاء فيها، لعدم الدّليل، فإنّ ليلة القدر ليستْ من الأوقات الفاضلة الّتي يجاب الدّعاء فيها، وإنّما لاقترانِ هذا الدّعاء بعمل فاضلٍ -وهو قيام اللّيل- في وقتٍ فاضلٍ- وهو ليلة القدر- ، فيكون دعاءُ العبدِ على رجاءِ إجابةٍ.
                      والأحاديث المرويّة في تعيين نوع من الدّعاء في تلك الليلة لا يثبتُ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيها شيءٌ، وأشهرها حديثُ عائشة هذا المُخرَّجُ عند بعض أصحاب السّنن، وإسناده ضعيف، لِانقطاعه، فلايثبتُ عن النّبي صلى الله عليه وسلم حديثٌ في تعيين نوعٍ من أنواع الدّعاء دون غيره ليلةَ القدر، بل يدعو العبد بما شاء ربّه أن يدعوه، مع الإقبال على إعمار هذا الوقتِ -وهو وقتُ ليلة القدر- بإقامةِ الصّلاة فيها وإطالتها، لأنّه هو العمل الذي جاء تعيينُه من الشّرع.
                      ✓فالمُستحبُّ لمن رأى ليلة القدر هو أن يطيلَ قيامها، ويُكثِرَ قراءة القرآن فيها .

                      تعليق


                      • #26
                        2️⃣6️⃣
                        قال المصنف رحمه الله :

                        وتنَزَّلُ الملائكة والرّوح في تلك الليلة فيُسلّمون على المجتهدين، واختلف العلماء، هل يُسلّمون عليهم من تلقاء أنفسهم، أو يبلغونَهم السّلام عن ربّهم؟ وإنّ ليلةً يأتي فيها العبدُ، تسليم ربّ العالمين عليه، لجديرةً أن تكون خيرًا من ألفٍ شهرٍ، وبأن يَلْتمِسَها المُلْتَمِسُون، ويطلُبَها الطّالبون، ولذلك التمسَها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صحبِه، والصّالحون مِن بعده.

                        ______

                        قال الشيخ صالح العصيمي حفظه الله:
                        من شرف هذه الليلة كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى "تنَزَّل الملائكة والرّوح" فيها، كما صُرّح بذلك في القرآن الكريم.
                        وقد اختلف أهل العلم في المراد {بالرّوح} هاهنا على أقوال أصحّها : أنّ الروح هو جبريل، لقول الله عزّوجلّ :« نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِين»[١٩٣: الشعراء] ، فإذا أُطلق الرّوح فالمراد به جبريل عليه السلام .
                        ونزول الملائكة قد قبل إنّهمم ينزلون بالسّلام، ثمّ اختلف القائلون بهذا: هل هم { يسلمون عليهم من تلقاء أنفسهم، أو يبلغون السّلام عن الرّبّ سبحانه وتعالى} لعباده المتهجدين.
                        وليس في هذه المسألة إلا آثارٌ من التابعين رحمهم الله تعالى.

                        أمّاالأحاديث النبوية فليس فيها الملائكة تُسلٌم على المتهجدّين، ولا تُبلّغهم السّلامَ عن الرّبّ سبحانه وتعالى.

                        ✓ وإذا كانت هذه الليلة بهذه المنزلة العظيمة، حيث يَتنزّل فيها الملائكة والرّوح، فإنّها حقيقةّ { أن تكون خير من ألف شهر} وجديرةً {بأن يَلْتَمِسها المُلْتَمِسون ويطلبها الطالبون}، كما كان النّبي صلى الله عليه وسلم يفعل، ومن بعده الصالحون .

                        تعليق

                        الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
                        يعمل...
                        X