إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

إتحاف الصوّام بمقاصد الصيام

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [متجدد] إتحاف الصوّام بمقاصد الصيام

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ..

    قال الشيخ البشير الإبراهيمي :
    «صومُ رمضانَ محكٌّ للإرادات، وقمعٌ للشهوات الجسمية، ورمزٌ للتعبّد في صورته العليا، ورياضةٌ شاقة على هجر اللذائذ والطيّبات، وتدريبٌ منظمٌ على حمل المكروه من جوع وعطش وسُكوت، ودرسٌ مفيدٌ في سياسة المرء لنفسه، وتحكُّمه في أهوائها، وضبطه بالجدِّ لنوازع الهزل واللغو والعبث فيها، وتربيةٌ عملية لخلق الرحمة بالعاجز المعدم ».
    {آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي (٤٧٥/٣) }

    الحمد لله على نعمة هذا الشهر المبارك وعلى نعمة إدراكه ..
    بحول الله تعالى سندرج في هذا المنتدى الطيّب .. بعض المقاطع من كتاب "مقاصد الصوم" للإمام العزّ بن عبد السلام رحمه الله، بشرح الشيخ صالح بن عبد الله بن حمد العصيمي حفظه الله _المنقول من الشرح الصوتي للشيخ حفظه الله ( المجلس الأول والثاني) _ .
    روابط المادة:
    https://youtu.be/ioAB4VoBF9A

    https://youtu.be/75UWjen0_0s


    ~~~~~~~

    1️⃣
    ​​​​​​• في بيان وجوب صيام شهر رمضان :


    • قال المصنف رحمه الله :

    • قال الله تعالى وعزّوجل :
    « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ » [ البقرة ، ١٨٣] .

    معناه : لعلّكم تتّقون النّار بصومه، فإنّ الصوم سببّ لغفران الذنوب الموجبة للنّار.

    وفي "الصحيحين" عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال :
    " بُنيَ الإسلامُ على خمسٍ : على أنْ تَعبدَ اللهُ وتَكفرَ بما دونهُ ، وإقامِ الصلاةِ ، وإيتاءِ الزكاةِ ، وحجِّ البيتِ ، وصومِ رمضانَ".

    _______

    • قال الشارح وفقه الله :

    •ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا الفصل وجوبَ صيام شهر رمضان فيكون الضّمير في قوله:{ الفصل الأول : في وجوبه} عائدا على كلمة {الصّوم} المتقدّمة قبلَه.
    ويكون المُراد ب {الصّوم} هنا: صومُ رمضانَ ، فتكون (ال) عهديّة، وليست استغراقيّة.

    • وهذه الآية فيها بيانُ أعظم العلل الشرعية والحِكَم المرعيّة في شرعيّة الصّيام، وهي قول الربّ سبحانه وتعالى :" لعلَّكُم تتَّقُون" [البقرة:١٨٣]، وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى أنّ معناها : لعلّكم تتّقون النّار بصومه، فإنّ صومَه سببٌ لغفران الذنوب الموجِبة للنّار .
    وهذا بعض معنى التّقوى، فإنّ ( التّقوى) في الآية لم تأت مقيّدة بالخوف من النّار، بل جاءت مطلقة تعمُّ الخوف من النّار وغيرها.
    والعبد يجب عليه أن يتّخذ وقاية بينه وبين ما يخشاه، ومن ذلك اتّقاؤه لربّه، كما قال الله عزّوجل:"ياأيُّها النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُم" [ النساء: ١]، فكان حرّيٌّ بالمصنف أن يقول في معنى قوله تعالى: "لعلَّكُم تتَّقُون" [البقرة: ١٨٣]، يعني لعلّكم ترجعون وقايةً بينكم وبين ، وتكون هذه الوقاية -كما تقدّم- بامتثال خطاب الشّرع، فإنّ العبد إذا امتثل خطاب الشّرع حصل له اتّقاءُ ما يخشاه .
    التعديل الأخير تم بواسطة أم معاوية العاصمية; الساعة 2022-04-14, 05:53 AM.

  • #2
    2️⃣
    •قال المصنف رحمه الله :

    للصّوم فوائدُ : رَفع الدّرجات وكفيرُ الخطيئات، وكَسْرُ الشّهوات، وتكثيرُ الصّدقات، وتوفير الطّاعات، وشُكرُ عالِم الخفيّات، والانْزِجارُ عن خواطرِ المعاصي والمخالفاتِ.
    _____

    ‌قال الشيخ صالح بن عبد الله بن حمد العصيمي حفظه الله :

    • بعد أن بيّن المصنف رحمه الله وجوبَ صيام شهرِ رمضان، أردفه بِذِكرِ فصلٍ في بيان فضائله، لأنّ النفوس تتشٌوق إلى معرفةِ ماأعدّه الله عزّوجل للصّائمين من الأجر العظيم والفضل العميم .

    •وفوائد الصيام أكثر من هذا، إلاّ أنّ ماذكره المصنّف رحمه الله تعالى هو من مجامِع تلكَ الفضائل.
    التعديل الأخير تم بواسطة أم معاوية العاصمية; الساعة 2022-04-14, 06:10 AM.

    تعليق


    • #3

      3️⃣
      • قال المصنف رحمه الله :

      • فأمّا رفعُ الدّرجاتِ، فلقوله صلى الله عليه وسلم- قال: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ، فُتِحَتْ أبْوَاب الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أبْوَابُ النَّارِ، وَصفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ».

      ولقوله صلى الله عليه وسلم حكايةً عن ربّه عزّوجل :
      «قال الله -عز وجل-: كلُّ عَمَل ابن آدَم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجْزِي به، والصيام جُنَّة، فإذا كان يوم صوم أحدِكُم فلا يَرْفُثْ ولا يَصْخَبْ فإن سَابَّهُ أحَدٌ أو قَاتَلَهُ فليَقل: إنِّي صائم، والذي نفس محمد بيده لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِم أطيب عند الله من رِيحِ المِسْكِ، للصائم فرحتان يَفْرَحُهُمَا: إذا أفطر فَرِح بفطره، وإذا لَقِي ربَّه فَرِح بِصَوْمه».

      وعنه صلى الله عليه وسلم :
      " كلُّ عملِ ابنِ آدمَ يُضاعفُ ؛ الحسنةُ بعشرِ أمثالِها ، إلى سَبْعِمائةِ ضِعفٍ ، قال اللهُ عزّوجل :إِلَّا الصَّوْمَ ؛ فإنَّه لِي ، وأنا أجزي به ، يَدَعُ شهوتَه وطعامَه من أجلِي" .

      وقال صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ".
      وفي رواية: "إنّ في الجنّة يُدعى الرّيَّان، يُدعى به الصائمون، مَن كَانَ مَن الصَّائمين دَخَلَهُ، ومن دخلَهُ لم يظْمَأْ أبدًا .


      _____

      • قال الشارح وفقه الله :
      ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة، الفائدةَ الأولَى من فوائد الصيام ، وهي : "رَفعُ الدّرجاتِ " والمتبادرُ إلى الذّهن عند إطلاق هذا اللّفظ أنّ المراد " برفعِِ الدّرجاتِ" : رفعِ الدّرجات في الجنّة ، وليس في شيءٍ من الأحاديث التي أوردها المصنّف رحمه الله تعالى أنّ الصيام يرفعُ صاحبَه درجاتٍ في الجنّة، وليس هذا مراد المصنّف . وإنّما مراد المصنّف -والله أعلم- هو أنّ الصيام يرفعُ درجات العبودية للعبدِ، فإنّ العبد إذا صام للرّبّ سبحانه وتعالى حصلت له هذه الأجور العظيمة التي ذُكِرت في هذه الأحاديث الشريفة . فعُلِم بهذا أنّ المراد "برفعِ الدّرجاتِ" هو ترقية العبد في مقامات العبودية، فإنّ للعبد إذا حصلت له هذه الخيراتُ كان ذلك أكمل لعبوديته وأرقى فيها ، وكلّما ازداد المرء تكميلا لنفسه بالعبوديّة كلّما كان ذلك أرفع لمنزلتِه عند ربّه سبحانه وتعالى.
      التعديل الأخير تم بواسطة أم معاوية العاصمية; الساعة 2022-04-04, 07:11 AM.

      تعليق


      • #4
        4️⃣
        قال المصنف رحمه الله:
        أمّا تفتيح أبواب الجنّة : فعبارة عن تكثير الطاعات المُوجبة لفتح أبواب الجِنان، وتغليق أبواب النّار: عبارة عن قلّة المعاصي المُوجبة لإغلاق أبواب النّيران .
        وتصفيد الشياطين: عبارة عن انقطاع وَسوسَتهم عن الصّائمين، لأنّهم لا يطمعون في إجابتهم إلى المعاصي .

        ______

        قال الشيخ صالح بن عبد الله بن حمد العصيمي حفظه الله :

        •وهذه المسائلُ الثلاثُ بَيِّنةٌ ظاهرةٌ، فإنّ معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم :" فُتِحَت أبوابُ الجنّة "، يعني زُيّنت الجنّة بتفتيح أبوابها على الحقيقةِ .
        ومثلُ ذلك قُل في تغليق أبواب النّيران، فإنّ أبواب النّار تُغلّق إذا دخل رمضان.
        أمّا تصفيد الشّياطين: فهو جعْلُها في الأغلال وسَلْسَلَتُها، كما جاء ذلك في روايةٍ في الصّحيح أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم قال: "و سُلْسِلَتِ الشّياطينُ".

        • إلاّ أنّه ينبغي أن يُعلَم أنّ هذه الشّياطين المرادُ بها : الشّياطين المُنْفَصِلَةُ الخارِجَةُ عن الإنسان ، أمّا القرين الملازم للإنسان فإنّه لا يُصّفَّد بحالٍ.
        التعديل الأخير تم بواسطة أم معاوية العاصمية; الساعة 2022-04-14, 06:11 AM.

        تعليق


        • #5
          5️⃣
          قال المصنف رحمه الله:

          • وقوله عَزَّ وَجَلَّ:" كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " ، أضافَه إليه إضافةَ تشريفٍ ، لأنّه لا يدخله رياء ً لخفائِه، ولأنّ الجوع والعطش لا يُتقربّ بهما إلى أحدٍ من ملوك الأرض، ولا التّقرُّبَ إلى الأصنام .


          _____

          •قال الشارح وفقه الله :
          ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة أنّ الإضافة في قول الله عزّوجلّ في الحديث المتقدّم :" إلاّ الصّيَامَ فإنّه لي" أنّها : إضافةُ تشريفٍ .
          واختلف أهل العلم رحمهم الله تعالى في السّر في هذه الإضافة على أقوالٍ كثيرة ...
          وقد ذكر ابن حجر رحمه الله تعالى تعالى أقوى هذه الأقوال وهي عشرة أقوال في ( كتاب الصّيام)، إلاّ أنّ هذه الأقوال العشرة يمكن ردّها إلى أمرين اثنين :
          ✓ أولهما : أنّ الصّيام عمل خفيّ لا يدخله التّسميع ولا الريّاء، فهو سرّ بين العبد وبين ربّه، بخلاف بقيّة الأعمال، فإنّ شعائر الإسلام الظّاهرة -كالصلاة والزكاة والحج- ليست سرّا بين العبد وربّه بخلاف الصّوم، فإنّه سرّ خفيّ بين العبد وربّه لا يَطلّع عليه أحدٌ إلاّ الله .
          ✓ وثانيهما : لِما في الصّيام من ترك حظوظ النّفس وشهواتها وما تميل إليه، من الأكل. الشُّرب والجِماع، والتّقرب إلى الله سبحانه وتعالى، ففي الصّيام فِطامٌ للنّفس عن مألوفاتها.

          التعديل الأخير تم بواسطة أم معاوية العاصمية; الساعة 2022-04-05, 04:00 PM.

          تعليق


          • #6
            6️⃣
            •قال المصنف رحمه الله:

            • وقوله: "وأنا أجزي به"، وإن كان هو الجازي على جميع الطّاعات، معناه: تعظيم جزائِه، بأنّه هو المُتَوَلِّي لإسدائِه.

            ______

            قال الشيخ صالح بن عبد الله بن حمد العصيمي حفظه الله :

            • هذه الجملة وفيها قول الرّبّ سبحانه وتعالى :"وأنا أَجْزِي بِهِ"، إنّما أُريد بها أجر الصّوم، لأنّ الرّبّ سبحانه وتعالى هو الذي يجزي العبد على جميع طاعاته،
            وإنّما أُريدَ بها في هذا المحلّ تعظيم أجر الصّيام، بأنّه لا ينتهي إلى قدْرٍ، لأنّ الصّوم من الصّبْر، كما قال الله عزّوجلّ: " إنَّما يُوَفَّى الصَّابِرون أَجْرَهُم بِغَيْرِ حَساب"[الزمر] .
            والمراد (بالصّابرين ) في هذه الآية: هم الصّوامُ في أكثر الأقوال عند أهل العلم.
            فلأجل الصّيام من جملة الصّبر
            ​​، والربّ سبحانه وتعالى يجزي الصّابرين بغير حسابٍ، جاء قول الله عزّوجلّ في هذا الحديث الإلهيّ :"وأنا أجْزِي بِه" ، إشارةً إلى أنّ أجرُه لا ينتهي إلى حدٍّ .
            التعديل الأخير تم بواسطة أم معاوية العاصمية; الساعة 2022-04-14, 06:11 AM.

            تعليق


            • #7
              7️⃣
              قال المصنف رحمه الله :
              • وقوله: "الصّيام جُنَّة"، معناه : الصّوم وقايَةٌ من عذاب الله.
              _____


              قال الشارح وفقه الله :
              • هذا قول أكثر أهل العلم في تفسير هذه الجملة، يريدون أنّ الصّيام جُنّة لصاحبه من عذاب الله في نار جهنّم، وقد جزم بهذا أبو عمر ابنُ عبد البرّ رحمه الله تعالى .
              وقيل: بلِ الصّيام جُنَّةٍ لصاحبه من الشّهوات
              وقيل: من الآثام
              وقيل: من جميع ذلك، وبهذا جزم النّووي رحمه الله تعالى في (شرح صحيح مسلم).

              ✓ ولا ريب أنّ لفظ الحديث يحتمل هذه المعاني جميعا، فإنّ الصّيام يكون جُنَّة لصاحبه من الآثام، والشّهوات، ومن نار جهنّم .

              تعليق


              • #8
                8️⃣
                قال المصنف رحمه الله:
                و {الرفثّ} : فاحش الكلام.
                و{ الصّخب} : الخصامُ.
                قولُه :"فليَقُلْ: إنّي صائِم " ، معناه: أنّه يُذَكّر نفسَه بالصّوم، ليكُفّ عن المشابهة والمقابلة.


                _____
                قال الشيخ صالح بن عبد الله بن حمد العصيمي حفظه الله :
                قوله في هذا الحديث " فليقل إنّي صائم" : فيه أمر الصّائم إذا سُبّ أو خُوصِم أن يقول: إنّي صائم. وهاهنا مسائل:

                ✓ أنّ هذه الجملة { إنّي صائم} يقولها العبد في حاليْه جميعا، سواء كان في صيام النّفل أو صيام الفرضِ، وهذا اختيار جماعة من المحقّقين، منهم: أبو العبّاس ابن تيميّة الحفيد،وابن عثيمين رحمهما الله.

                ✓ الوارد في ألفاظ "الصّحيحين" أن العبد يقول هذه الجملة مرتين: { إنّي صائم إنّي صائم} .
                ✓ أنّ المحفوظ في الألفاظ المرويّة عن النبي صلى الله عليه وسلم دون لفظ "اللهم"، فلا يشرع للعبد أن يقول " اللهم إنّي صائم " كما يفعله بعض النّاس، وإنّما يقول { إنّي صائم إنّي صائم} بدون زيادة "اللهم" في بداية كلامه، لعدم وُرودها.

                ✓ لا يُشرع للعبد غير هذا القول إذا سُبَّ أو خُوصِم حال صيامه.
                التعديل الأخير تم بواسطة أم معاوية العاصمية; الساعة 2022-04-14, 06:12 AM.

                تعليق


                • #9
                  9️⃣
                  قال المصنف رحمه الله : .
                  • وأمّا الفرحتان:
                  فإحداهما: لتوفيقه لإكمال العبادة
                  والأخرى: فلِجزاء الله إذا أجزاه.


                  ______
                  قال الشارح وفقه الله :
                  • بيّن المصنف رحمه الله في هذه الجملة معنى الفرحتين اللّتين يفرحهما الصّائم، فذكر أنّ الفرحة الأولى تكون عند فِطرِه هي { لتوفيقه لإكمال العبادة }
                  وذهب بعض أهل العلم أنّ الفرحة التي تكون للصّائم عند فطره هي بسبب رجوع النّفس إلى مألوفاتها من الأكل والشّرب والجماع.

                  ✓ والتّحقيق: أنّ الفرحة كائنة بالأمرين جميعا، كما ذهب ذلك ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري"
                  فيكون فرح الصّائم عند فطره جامعًا لأمرين اثنين:
                  ✓ أحدهما: فرح بأمر حِسّي، وهو رجوعه إلى مألوفه من الطّعام والشراب والجماع .
                  ✓ الآخر: فرح بأمر معنوي، وهو توفيقه إلى إكمال هذه العبادة على الوجه الذي يرضاه الله سبحانه وتعالى.

                  تعليق


                  • #10
                    0️⃣ 1️⃣

                    •قال المصنف رحمه الله :

                    • وقوله :" يَدْعُ شهوتَه وطعامَه مِن أجلي" معناه: أنّه لما آثر طاعة ربّه على طاعة نفسه -مع قوة الشهوة، وغلبة الهوى- ، أثابه الله بأن تولّى جزاءه بنفسه، ومن آثر الله آثره الله، فإنّه يُنزِل العبد من نفسه حيث أنزله من نفسِه، ولعذا من همّ بمعصيّة ثم تركها خوفا من الله فإنّ الله يقول للحفظة: "اكتبوها له حسنة، فإنّما ترك شهوته من جَرّايَّ" أي: من أجلي .
                    ______


                    •قال الشيخ صالح بن عبد الله بن حمد العصيمي حفظه الله:

                    ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة معنى قول الرّب سبحانه وتعالى في الحديث القدّسي المتقدّم :( يَدعُ شهوتَه وطعامَه مِن أجْلي) ، يعني أنّ العبد يُؤثر طاعة الرّب سبحانه وتعالى على طاعة نفسه وهواه، مع قوة الشهوة وغلبة الهوى إِلْفِ الطبع، فإنّ العبد مُلازم لهذه المألوفات مُواقعٌ لها، فهو يأتي شهوتَه وطعامَه وشرابَه في آنار اللّيل وأطراف النّهار، ثمّ إذا فطَم نفسَه عن هذه المألوفات تقرّبا لله عزّوجلّ كان ذلك من أعظم الدّليل على إخلاصه وتقرّبه للرّب عزّوجلّ، وإرادته وجهه سبحانه وتعالى، فلِكونه ترك هذه المألوفات لأجل الرّب عزّوجلّ كان الجزاءُ عظيما { ومن آثر الله على نفسه آثره الله سبحانه وتعالى}.
                    ✓ومن أراد أن يعلمَ منزلتَه عند ربّه فلينظر إلى منزلةِ الرّبّ سبحانه وتعالى من نفسِه، فإذا عظّم الصّائم ربّه عزّوجلّ بقطع مألوفاتِها، كان ذلك مِن أوْفَر ما يجمعُ له الثّوابَ والأجرَ في الدّنيا والآخرة .
                    التعديل الأخير تم بواسطة أم معاوية العاصمية; الساعة 2022-04-14, 06:12 AM.

                    تعليق


                    • #11
                      1️⃣1️⃣

                      •قال المصنف رحمه الله :

                      •وأمّا تكفيرُ الخطيئاتِ : فذلك لقوله صلى الله عليه وسلم:"رمضانُ إلى رمضانَ مُكَفّراتٌ ما بَيْنَهُنَّ إذا اجْتُنِبَتِ الكبائرُ".
                      ______


                      قال الشارح وفقه الله:

                      •هذا الحديث فيه بيان فضل صيامِ رمضان، وأنّه يكفّر الخطيئات إذا اجتُنِبَت الكبائرُ. وهذه الجملة الأخيرة فيها ضابطان صحيحان محفوظان في أصول "صحيح مسلم":
                      ✓ أولهما : "رمضانُ إلى رمضانَ مُكَفّراتٌ ما بَيْنَهُنَّ إذا اجْتَنَبَ الكبائرَ"، وهذا هو أكثر مافي أصول"صحيح مسلم" .
                      ✓ وثانيهما: " إذا اجْتُنِبَتِ الكبائرُ" ، وهذا وقع في بعض "أصول مسلم".

                      والمرادُ: أنّ العبد إذا توقّى الكبائرَ كان صيامُ رمضانَ إلى رمضانَ مُكفِّرًا لمّا بين هذين الصّيامين من الصَّغائر .

                      تعليق


                      • #12

                        1️⃣2️⃣

                        •قال المصنف رحمه الله:
                        وقوله عليه الصلاة والسلام:"مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"،
                        معناه: إيمانًا بوجوبه واحتسابًا لأجره عند ربّه .


                        _____

                        قال الشيخ صالح بن عبد الله بن حمد العصيمي حفظه الله :
                        هذا الحديث دالّ أيضا على أنّ صيام رمضان يُكفّر للعبدِ خطِيئاته.
                        وهي في قول الجمهور : الصّغائر دون الكبائر .
                        وذهب بعض أهل العلم إلى أنّ صيام رمضان يُوجب للعبد تكفير ذنوبه كلّها صغيرها وكبيرها، ومال إلى هذا أبو محمد ابن حزم، وأبو العبّاس ابن تيمية الحفيد في كتاب " الإيمان الكبير".
                        ✓ والذي عليه الجمهور هو اختصاص تكفير رمضان بالصّغائر، وقد نُقل فيه الإجماع، وعُدّ خلافه شذوذا كما نصّ على ذلك أبو عمر ابن عبد البرّ رحمه الله تعالى في كتاب "التمهيد"، و أبو الفرج ابن رجب في "جامع العلوم والحكم"، وهو المختار؛ أنّ صيام رمضان إنّما يكفر الصّغائر دون الكبائر ، كما جاء التّصريح بذلك في الحديث المتقدّم.

                        وقد بيّن المصنف رحمه الله تعالى معنى قوله { إيماناً}: وهو الإيمان وجوبه وفرضه ، وأنّه شعيرة تعبّد الله عزّوجلّ بها العباد ، وأنّ معنى قوله {احتسابًا}: وهو احتساب للأجر) والثواب عند الرَّبِّ سبحانه وتعالى .
                        التعديل الأخير تم بواسطة أم معاوية العاصمية; الساعة 2022-04-14, 06:13 AM.

                        تعليق


                        • #13
                          1️⃣3️⃣
                          •قال المصنف رحمه الله :

                          وأمّا كَسْر الشهوات : فإنّ الجوع والظّمأ يكسران شهوة المعاصي.

                          ___
                          قال الشارح وفقه الله:
                          هذه هي الفائدة الثالثة من فوائد الصّيام : وهو { أنّ يكسر شهوة} العبد، وذلك أ{نّ الجوع والظّمأ يكسران شهوة المعاصي} ، فإنّ للعبد إذا جاع وظميءَ لم ترتفع نفسه إلى طلب المحرّمات، وكانت أقربَ إلى الله سبحانه وتعالى، ومن هنا مُدِح الفقر ، لأنّه يُجنِّبُ صاحبه الشّهوة الّتي تَعْتَرِمّه فتُبْعده عن ربّه سبحانه وتعالى.
                          وهذا معنى قول ابن القيم رحمه الله فيما نقله ابن حجر في "الدّرر الكامنة" ، أنّه كان يقول "بالفقر واليقين، تُنال الإمامة في الدين"، فإنّ مراده رحمه الله تعالى ب {الفقر}: مايحمل العبد على الصّبر فيكسِر به شهوات المعاصي، وهذا معنى قول شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية :" بالصّبر واليقين تُنال الإمامة في الدّين "، ونُقِل عن جماعة من السلف رحمهم الله تعالى كأبي محمد سفيان بن عيينة .

                          تعليق


                          • #14

                            1️⃣4️⃣
                            •قال المصنف رحمه الله :
                            وأمّا تكثير الصّدقات : فلأنّ الصّائم إذا جاع تذكر ماعنده من الجوعِ، فحثّه ذلك على إطعام الجائع .
                            فإنّما يرحمُ العُشّاقُ مَن عَشِقَا
                            فقط بلغنا أنّ سليمان أو يوسف - عليهما السلام - لا يأكل حتّى يأكل جميع المتعلّقين به، فسُئل عن ذلك، فقال:"أخاف أن أشبع فأنسى الجائعَ".

                            ______
                            • قال الشيخ صالح بن عبد الله بن حمد العصيمي حفظه الله :
                            هذه هي الفائدة الرابعة من فوائد الصّيام: وهي أن العبد يكثر الصّدقات إذا صام، ووجه ذلك -كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى- هو أنّ الصّائم إذا جاع تذكّر ماعنده من الجوع، فحثّه ذلك على إطعام الجائِع ، فتكون مناسةُ حالِه لحال الجائعين حاملةً له على أن يتصدّق عليهم بالإطعام، وهذا معنًى صحيح .
                            وقد جاءت أحاديث في فضل الصّدقة في رمضان لايثبُت منها شيء، كقوله صلى الله عليه وسلم: "أفضلُ الصّدقةِ فِي رمضانَ" ، فإنّ هذا الحديث ضعيف لا يثبتُ عن النّبي صلى الله عليه وسلم، وإنّما يندرج في جملة جُوده صلى الله عليه وسلم في رمضانَ الثّابت في "الصّحيحين"؛ كثرةُ الصّدقة، فإنّ من جود العبد أن يُكثر من صدقاتِه، فيُشرَع للعبد أنْ يُكثر من الصّدقات في رمضانَ، لأنّه زمنٌ فاضلٌ.
                            ولهذا ذكر أهل العلم رحمهم الله قاعدة جليلة تندرج فيها سائرُ أعمال البِرّ في رمضان، وهي أن يُستحب للعبد أن يُكثر من أعمال الخير والبرّ في رمضانَ، والحاملُ على ذلك عندهم هو كونُ رمضانَ زمنًا فاضِلاً تُعظَّمُ فيه الأجورُ، فينبغي للعبد أن يَستكثِر مِن أنواع البِرّ، ومن جملتها : الصّدقة في رمضانَ .

                            تعليق


                            • #15
                              1️⃣5️⃣

                              قال المصنف رحمه الله :

                              • وأمّا توفير الطّاعات: فلأنّه تذكّر جوع أهل النّار وظمَأهم فحثَّه ذلك على تكثير الطّاعات، لينجوَ بِها من النّار.


                              _____
                              قال الشارح وفقه الله :

                              هذه هي فائدة خامسة من فوائد الصّيام: وهو أنّه يحمِل صاحبَه على الاستكثار من الطّاعات، فيُوَفِّرُ العبدُ من نفسِه طاعات كثيرة يُسابِق إليها ويُسارعُ، وقد علّل المصنف ذلك { بأنّ جوع العبد وظمأه يُذكِّره بجوع أهل النّار وظمئِهم }، فيكون ذلك حاملا له على الطاعة.
                              وأحسن من ذلك : ماجاء في الأحاديث الصّحيحة عن النّبي صلى الله عليه وسلم مِن بيان الأجور العظيمة في أعمال الطّاعات في رمضانَ، فيكفي في ذلك قول النّبي صلى الله عليه وسلم في "الصّحيحين": «مَنْ صَامَ رمضانَ إِيمَانًا واحتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تقدَّم مِنْ ذَنْبِهِ»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» . وقوله صلى الله عليه وسلم: « مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ» .
                              فإنّ هذه الأجور العظيمة المذكورة على بعض أعمال رمضانَ تحمِلُ العبد على أن يستكْثِر من الطّاعات، وأن يُسارِع إِليها .

                              تعليق

                              الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
                              يعمل...
                              X