إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

وصايا في طلب العلم.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • وصايا في طلب العلم.

    بسم الله الرحمان الرحيم


    وصايا في طلب العلم


    للشيخ العلامة الفقيه :
    زيد بن محمد بن هادي المدخلي
    - حفظه الله تبارك وتعالى -


    ***

    بسم الله الرحمان الرحيم
    الحمد لله رب العالمين . اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    أما بعد :
    فإن خير المجالس . المجلس الذي فيه ذكر ورأي ؛ والذكر الشرعي أنواع متعددة على رأسها مدارسة القران الكريم تلاوة واستنباطا للأحكام وفهما للمعاني. وتذكرة واعتبارا وأنواع أخرى من الذكر كالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير وهي في كل زمان ومكان من أنفع الأعمال وأخفها على المؤمنين والمؤمنات الذين يذكرون الله كثيرا ويرجون ثواب العمل الصالح المبرور الذي جعله الله ذخرا وجعله مباركا وزيادة في الحسنات .
    ونوع من الذكر مذاكرة الإسلام، مذاكرة العلوم الشرعية التي لا حياة للإنسان إلا في ظله وبدون الذكر الإسلامي لا قيمة للحياة ولا فائدة من ورائها .
    والمجالس مجالس خير ومجالس شر ،كما لا يخفى على الإنسان فمجلس التفقه في دين الله ونشر الإسلام و الإستماع إليه والإستفادة منه ومذاكرته . ذلك كله دأب الصالحين من عباد الله من الرجال والنساء.
    وهو من الأعمال الصالحات ، لأنه لابد أن يطلب العلم ويعمل به صاحبه وينشره في الناس فلا يوجد عمل من الأعمال التي يتقرب بها إلى الله أفضل من تحصيل العلم الشرعي ووسائله والعمل به ونشره .
    ومن هنا وجبت مجاهدة النفس لتعلم العلم الشرعي ومجاهدة النفس حتى تعمل بما علمت وحصلت من العلم الشرعي. ومجاهدتها أيضا حتى تصبر على الأذى الذي يناله الإنسان أثناء التحصيل العلمي وأثناء العمل وأثناء النشر الذي قد يواجهه ويستعتب ذلك لأنه جهاد في سبيل الله.
    وتعلمون أن العلم الشرعي نوعان :
    نوع فرض عين ( نوع تعلمه فرض عين ) ونوع تعلمه فرض كفاية وما كان من فرض العين فإنه يلزم كل مكلف من عالم الإنس والجن .
    وذلك كمعرفة أركان الإسلام الخمسة وأركان الإيمان الستة وركن الإحسان. ومعرفة الحلال والحرام وما كان معلوما من الدين بالضرورة فإنه يلزم كل مكلف من عالم الإنس والجن أن يعلمه.
    والنوع الثاني : من العلم فرض كفاية إذا قام به بعض الناس في مجتمع أو مدينة أو إقليم من الأقاليم بحيث يغطي أعدادا من الناس في مجتمعه في قريته في مدينته فإنه يسقط الفرض عن الباقين ... بوجود من توسع في العلوم الشرعية حتى أتقن كثيرا منها .. بحيث يصبح ويمسي معلما للناس ومفتيا لهم وموجها ومصلحا في مجتمعه ومحيطه الذي يعيش فيه بحيث يرجع الناس إليه في قضاياهم المتعلقة بأمر دينهم ودنياهم .
    ويكون قد أحرز نصيبا وافرا في فرض الكفاية وقام به في الناس فكم له من الأجر ، أجره أعظم من أجر المجاهد في معارك القتال لما في العلم الشرعي من الحياة للبشر. حياة للنفوس وحياة للقلوب وحياة يظهر أثرها على سلوك العباد.
    الذين أعانهم الله – عز وجل – على كل صعوبة تعترض سبيلهم وهم يريدون التوسع في العلوم الشرعية.
    هذا جانب من المذاكرة .
    والجانب الثاني :
    تعرفون (حديث الافتراق) والذي ينبغي معرفته على كل طالب علم ، حديث ( افتراق الأمم ) ومن الأمم هذه الأمة (أمة محمد صلى الله عليه وسلم). الذي قال في شأنها:(( وَسَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الأُمَّةُ عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةٍ كُلُّهَا فِي ٱلنَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةً )) – ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الفرقة الناجية المنصورة – قال هو:(( هِيَ الْجَمَاعَةُ )).
    والمراد بالجماعة من اجتمعوا على الحق ، عرفوا الحق من الوحي المنزل على رسل الله وأنبياءه .
    عرفوا الحق واجتمعوا عليه ظاهرا وباطنا علما وعملا دعوة وجهادا .
    وإذا كان لهم والي من المسلمين اجتمعوا على طاعته في المعروف وعلى إعانته حتى تصلح الحياة. بفضل الله – عز وجل – ثم بفضل الوالي المسلم الذي هو من الضروريات للأمة في كل إقليم من أقاليم الأرض وفي كل مجتمع من مجتمعات الأمة.
    لابد من وجود الوالي المسلم الذي تقام بوجوده الحدود ، وينتصر بوجوده المظلوم ممن ظلمه وتؤمن بوجوده السبل ويرتفع علم الجهاد إذا توفرت شروطه وانتفت موانعه .
    وهذه أمور لا يمكن أن تتأتى إلا بوجود الوالي المسلم ونوابه في الإقليم الذي بسط يديه عليه.
    فلا يصلح أن يعيش الناس بدون ذلك ومن الصفات المميزة للمسلمين حقا أن يجتمعوا على والي مسلم ويكونون عونا له على إقامة العدل والحق ومحاربة الظلم والفساد وعلى إقامة شعائر الله – عز وجل – التي لا تستقيم الحياة إلا بإقامتها . اجتمعوا عليه فسموا جماعة . وتارة قال الرسول عليه الصلاة والسلام – في وصف الطائفة الناجية المنصورة – هي:(( مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي )) .

    وما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام معلوم لدى العقلاء الذين آتاهم الله نصيبا من العلم الشرعي طلبوه بجد واجتهاد واهتمام . فنالوا نصيبا منه يبصرون به الطريق إلى الله – تبارك وتعالى – فمن كان على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام فهو فرد من أفراد الطائفة الناجية المنصورة .
    وكيف السبيل إلى معرفة ذلك ؟ السبيل هو طلب العلم ، هو تحصيل العلم الشرعي . الذي أوحاه الله – عز وجل – إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في ثلاث وعشرين سنة . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبلغه أصحابه الكرام ويفهمه الذكور والإناث وتحملوه وعلموه وعملوا به وحملوه إلى من بعدهم . بل و إلى من كان في زمانهم بالدرجة الأولى كما هو معروف من جهادهم في العلم وجهادهم للأعداء الذين يصدون الناس عن الدخول في الإسلام. حتى انتشر الإسلام في جميع أقطار الأرض وذلك باتصاف الرسول عليه الصلاة والسلام بالعلم الشرعي علما وعملا ودعوة وجهادا ..
    ولم يقصروا في شيء من ذلك ، فالطائفة الناجية المنصورة هم من مشوا على الأثر أي جدوا واجتهدوا ليتأسوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في علمه وعمله ودعوته وجهاده وسائر أعماله الظاهرة والباطنة من أصول الدين وفروعه فإن من فعل ذلك فهو فرد من أفراد الطائفة الناجية المنصورة .
    واثنان وسبعون فرقة اعتبرها النبي صلى الله عليه وسلم هالكة بسبب مخالفتهم لمنهجه الكريم. الذي أمر الله –عز وجل– أن
    يكونوا عليه. في غير ما آية من ذلك قول الله – تبارك وتعالى – ﴿ ٱتَّبِعُواْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَاتَذَّكَّرُونْ ﴾ (الأعراف:3)
    فأتباع محمد صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة هم الطائفة الناجية المنصورة والمتخلفون عن المتابعة بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم قسمان .

    الطوائف الأخرى التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم ((كلها في النار إلا واحدة)) - كلها في النار-
    وهم على قسمين :
    قسم لهم الخلود الدائم .. – والعياذ بالله – وهم الذين أخرجتهم بدعهم من دائرة الإسلام ، فلقوا بالكفار والمنافقين والمشركين .
    وقسم ما أخرجتهم بدعهم وكذا كبائرهم من دائرة الإسلام فهؤلاء تحت المشيئة استحقوا العذاب والله – سبحانه وتعالى– هو الحكيم وهو الرحيم، فمن عذبه فبعدله وبحكمته ثم بالأعمال التي أسلفها مما هي سبب في العقوبات العاجلة والآجلة .

    ومن تفضل عليه ورحمه ولم يعذبه فهو أرحم الراحمين ورحمته وسعت كل شيء . وكتبها لأهل الإيمان والتقوى. المهم أن من الواجب على كل مكلف من ذكر وأنثى أن يلتزم بمنهج الطائفة المنصورة الذين في مقدمتهم وأئمتهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويليهم أئمة القرون المفضلة أهل العلم فيها المشهود لها بالخيرية في قول النبي صلى الله عليه وسلم:(( خَيْرُ الْقُرُونِ الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثْتُ فِيهِ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ ))قال الراوي لا أدري أحدد اثنين أو ثلاثة – .
    وهكذا كل من تمسك بهدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه الكرام ومشى على الأثر على علم (ببصيرة) فإنه فرد من أفراد الطائفة الناجية المنصورة ، وفرد من أفراد الجماعة إلى يوم القيامة. ولهم صفات تميزهم عن غيرهم ... وفي مقدمة صفاتهم اعتصامهم بالكتاب والسنة بالفهم الصحيح . فهموا نصوص الكتاب والسنة فيما يتعلق بالعقيدة الذي يتجلى في تحقيق توحيد رب العالمين توحيده في ألوهيته وربوبيته وأسماءه وصفاته وأفعاله ، ويتجلى في البراءة من جميع ما يضاد التوحيد في أنواعه وصوره . والذي يضاده كما تعلمون الإشراك بالله – عز وجل – . الذي هو أعضم الذنوب على الإطلاق .
    الشرك الأكبر الذي من مات عليه كان من أهل الخلود في النار واللعنة – والعياذ بالله – . والشرك الأصغر الذي هو أخطر الذنوب وأكبر الكبائر ( بعد الإشراك بالله الشرك الأكبر ) .
    ويلي ذلك البدع والمحدثات التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم أبلغ التحذير في غير ما حديث منها قوله عليه الصلاة والسلام :((... وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ )).والمراد بالمحدثات ما كانت مخالفة للسنة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم الواجبة والمسنونة .
    وقال عليه الصلاة والسلام (( مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ )).
    (( وَمَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَليْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ )). وما أكثر البدع والمحدثات في كل زمان ومكان وما ذلك إلا لأن شياطين الجن و الإنس يحبون (نشر البدع) ... ليضلوا بها الناس عن سبيل الهداية .
    ومن البدع التي نقلت إلينا بواسطة العلماء الأجلاء بدع القدامى التي وقعوا فيها
    كبدعة الخوارج و بدعة الروافض وبدعة المرجئة وبدعة المعتزلة و بدعة الجهمية المعطلة وبدع متعددة ومتنوعة ...كالأشعرية والصوفيةوالكلابية والماتوريدية وبدع متنوعة عبر الزمان والمكان .
    وهي بمجموعها تحارب السنة وأهلها تحارب السنن التي تنير الطريق للناس ، وتكون سببا في ضلالهم لأنها كما وصفها النبي صلى الله عليه وسلم (وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ ) ومآل أهلها النار وبيس القرار .
    وهكذا البدع المعاصرة في العصر الحديث المتعددة والتي ظهر ضررها في كل مكان .
    كفرقة الإخوان المسلمينوما فيها من الأخظاء الشنيعة من شركيات وبدع وضلالات أثرت عن قادة هذه الجماعة .
    ( والتي تسمى جماعة وهي فرقة وليست جماعة ) .وهكذا جماعة التبليغ وما في منهجهم من الأخطاء الشنيعة بسبب جهلهم. وسبب جهلهم هو الإبتعاد عن أهل العلم ورفض مجالسهم وعدم قبول نصائحهم .
    فوقعوا في جهل ألحق بهم ضررا وبأسرهم وبمجتمعاتهم وبكل من خرج يرافقهم في دعوتهم . وكم فتن بهم كثير من الناس ... كذلك الفرقة القطبية الذين نهجوا منهج التكفير إبتداءً بسيِّد قطب ومن معه في منهجه الخطير .
    والسرورية كذلك منهجهم منهج تكفيري وبغض لأهل السنة – الذين هم أهل سنة على الحقيقة – ( و إن تسموا بذلك وقد انتقدهم الإمام الألباني – رحمه الله – في هذه التسمية التي خالفوها بأفعالهم ).
    فالمقصود أن الطائفة الناجية المنصورة هي التي خالفت هذه الفرق واعتصمت بالكتاب والسنة علما وعملا ودعوة ولم يحيدوا عن هذا الخط المستقيم المضيء ولم يقصروا في ذلك .
    بل وتصدوا لأهل البدع القدامى والمحدثين وردوا عليهم بدعهم وبينوا ما فيها من ضلال احتسابا للأجر من الله – عز وجل – لأن ذلك من إنكار المنكر ونصر للسنة الكريمة التي تستحق النصر ودحضا للباطل الذي يثيره أهل البدع لأهل السنة بل للمسلمين عموما لأنهم أساءوا إليهم أكبر الإساءة بدءًا بالتكفير والتقتيل والتدمير كما هو معروف ومشاهد وملموس وإلى يومنا هذا .
    فنسأل الله – تبارك وتعالى – أن يفقهنا في الدين وأن يجعلنا من أنصاره دائما وأبدا حتى يأتينا من ربنا اليقين .
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.



    جزا الله شيخنا العلامة و الوالد الفقيه الشيخ زيد بن محمد بن هادي المدخلي أطال الله في عمره.

    تــم بحمد الله

  • #2
    بارك الله فيكم

    تعليق

    الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
    يعمل...
    X