إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أحوال المأموم مع الإمام من حيث المسابقة والتأخّر ونحوهما

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أحوال المأموم مع الإمام من حيث المسابقة والتأخّر ونحوهما


    بسم الله الرحمان الرحيم

    الحمد لله ربّ العالمين،
    وأشهد أن لا إله إلّا الله وليّ الصالحين،
    وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، المصطفى الأمين،
    صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين.
    أمّا بعد:

    فهذا جمع بسيط -من غير استيعاب- لكلام الشيخ العلّامة الفقيه محمّد بن صالح العثيمين –تغمّده الله تعالى برحمته، وجمعنا به في دار كرامته– بخصوص أحوال المأموم مع إمامه في صلاة الجماعة، وقد استوعب هذه المسألة بما لم أجده عند غيره.
    فأردت جمعه على هذا النحو ونشره رجاء المنفعة.

    وتتميما للفائدة أشرت في الحواشي إلى رأي الشيخ عبد العزيز بن باز –أسبغ الله تعالى عليه وافر الرحمات، وجمعنا به في أعالي الجنّات– في بعض المسائل.

    علما أنّ هذه النقول بأجمعها مأخوذة من المكتبة الشاملة، لأنّ يدي لا تطال هذه المراجع.
    وقد أتصرّف في كلام الشيخ العثيمين عند الحاجة.

    وقد حرصت على عدم التعليق، ولا المقارنة مع كلام غيره من أهل العلم، سوى الشيخ ابن باز، إلّا ما ظننت أنّه لا بدّ منه، كما يظهر في بعض التعليقات.

    والله المسؤول أن يغفر الخطأ والزلل، وهو الهادي والموفّق، لا إله إلاّ هو.


    وهذا أوان الشروع في المقصود:


    اعلم –رحمك الله تعالى– أنّ للمأموم أربع حالات مع إمامه من حيث المسابقة والتأخّر ونحوهما.


    الحالة الأولى: مسابقة الإمام

    والمقصود أن يشرع المأموم في الركن قبل إمامه، فيركع قبل الإمام، أو يسجد قبله ونحو ذلك.
    حكم الفعل
    حرام، بل يوشك أن يكون من كبائر الذنوب(1).
    الدليل
    حديث: «أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حمَار»(2).
    وهذا تهديد لمن سابق الإمام، ولا تهديد إلا على فعل مُحرَّم، أو ترك واجب(3).
    حديث: « إِنِّي إِمَامُكُمْ فَلَا تَسْبِقُونِي بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالسُّجُودِ وَلَا بِالْقِيَامِ وَلَا بِالِانْصِرَافِ »(4).
    حكم الصلاة
    باطلة(5).
    لأنّه أتى محظوراً من محظورات العبادات على وجه يختصّ بها، والقاعدة أنّ من فعل محظوراً من محظورات العبادة على وجه يختصّ بها فإنّها تبطل(6).

    الحالة الثانية: موافقة الإمام
    الموافقةُ يراد بها القيام بالفعل تماما مع الإمام، أو بُعَيْد شروع الإمام فيه وقبل استقراره.
    وهي قسمان(7):

    القسم الأول: الموافقةُ في الأقوالِ
    وهي ثلاثة أنواع:

    1/ الموافقة في تكبيرةِ الإِحرامِ
    كأن يُكَبِّر قبلَ أن يُتمَّ الإِمامُ تكبيرةَ الإِحرام.
    حكم الفعل
    لا يجوز(8).
    حكم الصلاة
    باطلة(9).
    لأنّه لا بُدَّ من الإتيان بتكبيرةِ الإِحرامِ بعد انتهاءِ الإِمامِ منها نهائياً.

    2/ الموافقةُ بالسَّلام
    هذه الحالة لها صورتان:

    أ- أن يسلِّمَ مع الإمامِ التسليمةَ الأُولى والثانية.
    وهي أن يوافق الإمام في التسليمة الأولى، وكذا في التسليمة الثانية.
    حكم الفعل
    مكروه(10).
    حكم الصلاة
    [ ](11).

    ب- أن يسلّم التسليمة الأولى بين تسليمتي الإمام
    وذلك بأن يسلِّم التسليمةَ الأولى بعدَ تسليمة الإمام الأولى، والتسليمةَ الثانية بعد تسليمتِه الثانية.
    حكم الفعل
    هذا لا بأس به؛ لكنّ الأفضل أن لا يسلِّمَ إلا بعد التسليمتين(12).
    حكم الصلاة
    [ ](13).

    3/ الموافقة في بقيةُ الأقوالِ
    كالتشهّد، وقراءة الفاتحة.
    حكم الفعل
    [ ](14).
    حكم الصلاة
    لا أثر لموافقة الإمام، ولا التقدّم عليه، ولا التأخّر عنه في ذلك(15).

    القسم الثاني: الموافقةُ في الأفعالِ
    كأن يهوي المأموم إلى الركوع أو السجود مع الإمام سواء بسواء.
    حكم الفعل
    قال مرّة(16): مكروهةٌ، وقال مرّة(17): الظاهر أنّها حرام.
    الدليل
    حديث: «إِنَّمَا الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَلَا تُكَبِّرُوا حَتَّى يُكَبِّرَ، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَلَا تَرْكَعُوا حَتَّى يَرْكَعَ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَلَا تَسْجُدُوا حَتَّى يَسْجُدَ، وَإِنْ صَلَّى جَالِسًا، فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ»(18).
    وقال البراءُ بن عَازب: كان النبي د إذا قال: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَه» لم يَحْنِ أحدٌ منَّا ظهرَهُ حتى يقعَ النَّبيُّ د سَاجداً، ثم نَقَعُ سجوداً بعدَه »(19).
    حكم الصلاة
    [ ](20).

    الحالة الثالثة: متابعة الإمام
    وهي أن يقوم المأموم بأركان الصلاة مباشرة بعد الإمام، لا يسبقه ولا يتأخّر عنه كثيرا.
    حكم الفعل
    هذه هي السنّة(21).
    حكم الصلاة
    [ ](22).

    الحالة الرابعة: التأخّر عن الإمام
    تنقسم هذه الحالة إلى قسمين:

    الأول: أن يدرك الركن قبل أن ينفصل عنه الإمام
    كأن يتأخّر في الركوع إلى قبيل اعتدال الإمام منه، وكأن لا يرفع رأسه من السجود الثاني إلاّ بعد أن ينصّف الإمام قراءة الفاتحة.
    حكم الفعل
    قال مرّة(23): هذا خلاف السنّة، وقال مرّة(24): حرام.
    الدليل
    لأنه خلاف أمر النبي د في قوله: « وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا... وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا ». فإن الفاء في قوله « فَارْكَعُوا » وقوله: « فَاسْجُدُوا » تدل على التعقيب، أي على أن فعل المأموم يقع عقب فعل الإمام(25).
    حكم الصلاة
    صحيحة(26).

    الثاني: أن يدرك الركن وقد انفصل منه الإمام
    كأن لا يركع حتّى يرفع الإمام منه، وكأن لا يرفع رأسه من السجود الأوّل حتّى يسجد الإمام السجدة الثانية.
    حكم الفعل
    [ ](27).
    حكم الصلاة
    باطلة(28).

    تنبيه مهمّ
    هذه الأحكام كلّها تخصّ من كان عالِمًا بالحكم، متعمّدا للفعل.
    أمّا من كان معذورا أو جاهلا أو ناسيا أو غافلا، فإنّه يعفى عنه، لكنّه يجب عليه الإسراع في تصحيح صلاته، فإن تمادى ولم يصحّحها عالِمًا متعمّدا بطلت(29):

    1°) فإن كان مسابقا للإمام
    فعليه أن يرجع إلى الركن الذي قبله، ثمّ يتابع الإمام، فإن لم يفعل بطلت صلاته.
    أمّا لو سابق الإمام في تكبيرة الإحرام، فعليه أن يعيدها في كلّ الأحوال.

    2°) أمّا إن كان متأخّرا عن الإمام
    أ/ فإن تأخّر عنه حتّى بلغ الإمامُ الركنَ الذي توقّف فيه المأموم من الركعة التالية، فهنا يُلَفِّق المأموم، فيلغي الركعة السابقة، ويتابع الإمام من جديد، ويقضي ركعة بعد سلام الإمام.

    ب/ فإن تأخّر عنه بأقلّ من ذلك، كأن يكون تأخّر عنه بركن أو ركنين، فعليه أن يأتي بالأركان المتأخّرة ويكمل صلاته متابعا للأمام.


    الهوامش:

    (1) مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (12/ 499، 15/ 113 - 117)، فتاوى أركان الإسلام (372 - 273)، الشرح الممتع (4/ 186)، فتاوى نور على الدرب للعثيمين (8/ 2، 22 /2 بترقيم المكتبة الشاملة).
    قال الشيخ ابن باز في فتاوى نور على الدرب بعناية الشويعر (12/ 361): المسابقة محرّمة.
    (2) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ: مشكاة المصابيح (1/ 358).
    (3) فتاوى أركان الإسلام (372).
    وانظر: فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر (12/ 361 - 362).
    (4) رواه مسلم: مشكاة المصابيح (1/ 356).
    (5) مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (12/499، 15/ 113-117)، فتاوى أركان الإسلام (373)، الشرح الممتع (4/ 185)، فتاوى نور على الدرب للعثيمين (8/ 2، 22 /2 بترقيم المكتبة الشاملة).
    قال الشيخ ابن باز في فتاوى نور على الدرب بعناية الشويعر (12/ 362): وهي (أي:المسابقة) مبطلة للصلاة.
    (6)
    مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (15/ 113 - 117)، وفيه: لأنه إذا سبق إمامه فقد فعل فعلاً محرماً في الصلاة.
    وقال في فتاوى نور على الدرب للعثيمين (8/ 2 بترقيم المكتبة الشاملة): لأنّه ارتكب أمراً محرَّماً في صلاته فبطلت، كسائر المحرمات في العبادة إذا ارتكبها الإنسان.
    (7) الشرح الممتع (4/ 188).
    (8) مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (12/ 500).
    (9) الشرح الممتع (4/ 188)، مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (12/ 500)، فتاوى نور على الدرب للعثيمين (8/ 2، 22 /2 بترقيم المكتبة الشاملة).
    وقد أفتى بالبطلان الشيخ ابن باز في فتاوى نور على الدرب بعناية الشويعر (12/ 366 - 367).
    (10) الشرح الممتع (4/ 188).
    (11) لم أجد تصريح الشيخ بحكم الصلاة.
    لكن الظاهر أنّها صحيحة، لأنّ فعل المكروه لا يبطل الصلاة.
    (12) الشرح الممتع (4/ 188).
    (13) لم أجد تصريح الشيخ بحكم الصلاة.
    لكنّها صحيحة بلا شكّ بناء على حكم الفعل.
    (14) لم أجد تصريح الشيخ بحكم الفعل.
    والظاهر أنّه الجواز بناء على حكم الصلاة.
    (15) الشرح الممتع (4/ 189).
    (16) قال في الشرح الممتع (4/ 189): وهي مكروهةٌ، وقيل: إنها خِلافُ السُّنَّةِ، ولكن الأقربُ الكراهةُ.
    وقال في مجموع فتاوى ورسائل (12/ 500): وهذا أقل أحواله أن يكون مكروهاً، وتحتمل أن يكون محرماً.
    وقال في مجموع فتاوى ورسائل (15/ 113 - 117): قيل: إنها مكروهة، وقيل: إنها حرام.
    وقال الشيخ ابن باز في فتاوى نور على الدرب بعناية الشويعر (12/ 361):
    س: ... إذا تقدم المأموم إمامه قبل أن ينقطع صوته فما الحكم؟
    ج: هذا يسمى موافقة، مكروهة، بعض أهل العلم حرمها؛ لظاهر الأحاديث، والصلاة صحيحة؛ لأنه بين آثم وبين غير آثم، لكنه قد فعل مكروها، فالواجب ألا يعجل حتى ينقطع صوت الإمام.
    (17) وقال في فتاوى أركان الإسلام (373): ظاهر الأدلّة أنّها محرّمة... وبعض العلماء يرى أنها مكروهة وليست محرّمة إلا في تكبيرة الإحرام فإنه إذا وافق إمامه فيها لم تنعقد صلاته وعليه والإعادة.
    وانظر كلامه المذكور في التعليق السابقة المنقول من مجموع فتاوى ورسائل (12/ 500)، والذي أتبعه بقوله: ... والأصل في النهي التحريم.
    (18) صحيح: إرواء الغليل (2/ 118)، صحيح أبي داود - الأم (3/ 159).
    الشرح الممتع (4/ 189)، ومجموع فتاوى ورسائل (12/ 500).
    (19) مُتَّفق عَلَيْهِ: مشكاة المصابيح (1/ 356).
    الشرح الممتع (4/ 189).
    (20) لم أجد تصريح الشيخ بحكم الصلاة.
    وللشيخ قول بكراهة هذا القسم، وقول آخر بحرمته، فالله تعالى أعلم.
    أمّا الشيخ ابن باز فقد صرّح بالكراهة وصحّة الصلاة في فتاوى نور على الدرب بعناية الشويعر (12/361).
    (21) الشرح الممتع (4/190)، مجموع فتاوى ورسائل (12/ 500)، فتاوى أركان الإسلام (373) وفيه: هذا هو المشروع.
    وقال الشيخ ابن باز في فتاوى نور على الدرب بعناية الشويعر (12/ 360 - 361):
    الواجب على المأموم متابعة الإمام متصلا، فإذا انقطع صوت الإمام بادر المأموم بالمتابعة... لكن لا يركع حتى ينقطع صوت الإمام مكبرا، ولا يرفع كذلك، ولا يسجد كذلك إلا بعد انتهاء الإمام بعد انقطاع صوته، ثم يتابع.
    وقال في فتاوى نور على الدرب بعناية الشويعر (12/ 363):
    الواجب متابعته (أي: الإمام)، لا يسبقونه ولا يوافقونه، الواجب بعده... فالواجب عليهم أن يكونوا بعده، لكن متصلين، لا يتأخروا ولا يسابقوه ولا يوافقوه، بل يكونوا بعده متصلين به، هذا هو المشروع، وهذا هو الواجب.
    (22) لم أجد تصريح الشيخ بحكم الصلاة.
    لكنّها صحيحة بلا شكّ بناء على حكم الفعل.
    (23) مجموع فتاوى ورسائل (15/ 113 - 117): أقل أحواله الكراهة... هذا خلاف السنّة.
    وقال في الشرح الممتع (4/ 187): الفعلُ مخالفٌ للسُّنَّةِ.
    (24) مجموع فتاوى ورسائل (12/ 499).
    (25) مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (12/ 499 - 500)، في الشرح الممتع (4/ 187).
    قال الشيخ ابن باز فتاوى نور على الدرب بعناية الشويعر (12/ 360): الفاء في قوله: فكبروا. عند أهل العلم معناها المتابعة بالاتصال من غير تأخر.
    (26) حكم الشيخ بذلك في مجموع فتاوى ورسائل (15/ 113 - 117) وفي الشرح الممتع (4/ 187) بعد أن وصف هذا التخلّف بأنّه خلاف السنّة.
    لكن يحتمل أن يشكل على هذا تصريحُ الشيخِ بحرمة الفعل في الموضع الثاني، ما يلزم منه بطلان الصلاة، بناء على القاعدة المذكورة سابقا.
    (27) لم أجد تصريح الشيخ بحكم الفعل.
    لكنّه حكم ببطلان الصلاة، فلعلّه يرى التحريم، عملا بالقاعدة المذكورة سابقا.
    وقد صرّح الشيخ ابن باز بالتحريم في فتاوى نور على الدرب بعناية الشويعر (12/ 364، 366).
    (28) مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (15/ 113 - 117)، الشرح الممتع (4/ 188).
    وقد أفتى بالبطلان الشيخ ابن باز في فتاوى نور على الدرب بعناية الشويعر (12/ 366).
    (29) مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (15/ 113 - 117)، الشرح الممتع (4/ 185 - 186)، فتاوى نور على الدرب للعثيمين (8/ 2، 22 /2 بترقيم المكتبة الشاملة).
    وانظر: فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر (12/ 360 - 366).
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
يعمل...
X