تغريد
بسم الله الرحمن الرحيم
فبين الحين والحين يتناقل العوام وأشباههم ورقة معلونة بـ:"بطاقة شخصية" مقصودهم بها الترغيب والترهيب لكن بطريقة عصرية جديدة، نصّ هذه البطاقة –في بعض رواياتها المتعددة-:
(البطاقة الشخصية:
الاسم : الإنسان ابن آدم.
الجنسية : من تراب.
العنوان : تراب الأرض.
رحلة سعيدة:
العفش المسموح به قرن قماش أبيض وحنوط.
1- العمل الصالح.
2- الولد الصالح يدعو له.
3- علم ينتفع به وصلة الرحم.
4- صدقة جارية.
5- ما سوى ذلك لا يسمح به باصطحابه في الرحلة.
شروط الرحلة السعيدة:
على حضرات المسافرين الكرام اتباع التعليمات التالية في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه و سلم-
1- طاعة الله ومحبته.
2- التذكر الدائم للموت.
3- بر الوالدين.
4- الانتباه إلى أن ليس في الآخرة إلا الجنة والنار.
5- أن يكون المأكل والمشرب والملبس من حلال.
لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال بكتاب الله وسنة رسوله الكريم -صلى الله عليه و سلم-.
ملاحظات:
1- الاتصال مباشرة مجانًا ولا داعي لتأكيد الحجز.
2- الوزن الزائد من الأعمال الصالحة مسموح به.
3- دعواتكم لنا بالتوفيق والنجاة من النار).
وقد وقفت في شأن هذه البطاقة على فتيا لطيفة للشيخ العالم الناصح/ زيد بن هادي المدخلي -حفظه الله- صمن مجموع رسائل له (72-73) ،قال فيها:
(وأما البطاقة الشخصية التي عبأها الناشر بما رأيت، واعتبر ذلك الأسلوب المبتذل من خير أساليب الدعوة فدوّنه، وزعم أن ذلك من خير الوسائل فانتهجه؛ فهو عمل غير صحيح، وأحسن ما يحمل عليه الناشر أنه أراد الخير للناس فجهل طريقه، ولو أنه عرف قدر الدعوة إلى الله وأسلوبَها القرآني المجيد، وأسلوب من حمل لواءها من الرسل الكرام، والأنبياء الصابرين العظام؛ بل ومن ورث علمهم بحق من الأنام، لما اختار أسلوب قوم بطَّأ بِهم الفهم لأسلوب الدعوة الشريفة، الذي ليس له مصدر إلا كتاب الله الكريم، وسنة الهادي الأمين -عليه من ربه أزكى الصلاة والتسليم- .
ولنسمع معًا إلى أمثلة من الأسلوب الدعوي الرائع المؤثر قال -تعالى-: [وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ][البقرة:197]. وقال سبحانه: [يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ][آل عمران:200]. وقال -عز من قائل-: [يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ-77,وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ][الحج:77، 78].
ومن مشكاة النبوة، حديث العرباض بن سارية، وفيه قال -عليه الصلاة والسلام-: ((عليكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بِها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار))([1]) الحديث. وغير ذلك مما لا يدخل تحت الحصر في هذه العجالة التوجيهية؛ بل يطلب من مصادره التي سبق التنبيه عليها، والله هو الهادي إلى سواء السبيل). اهـ نصّ الفتيا، وقد علم منها أنه لا ينبغي نشر تلك البطاقة ولا إشاعتها لأنها خلاف الهدي القرآني والنبوي في الدعوة إلى الله تعالى
ولأنها أسلوب مبتذل لا يناسب مقام العظمة والتفخيم الذين يصحبان الترغيب والترهيب في نصوص الشرع،فالله تعالى أنزل كتابه بالهيبة والعظمة ،وجعل تعظيم شعائر الدين التي منها الدعوة والوعظ والترغيب والترهيب من تقوى القلوب.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا تعظيم شعائر الدين والوقوف عند حدوده ،وأن يلهمنا سلوك النهج القويم في العلم والعمل والدعوة إليهما.
( [1])أخرجه أحمد (17141) وأبو داود (4609) والترمذي (2676) وابن ماجة (42) وصححه ابن حبان (1/179) والحاكم (1/95) والألباني في السلسلة الصحيحة (2735).
تعليق