إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لا أثر للعبودية مع الأحرار

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لا أثر للعبودية مع الأحرار

    لا أثر للعبودية مع الأحرار
    أغارت خيل بني القين على أبيات بني معن فاحتملوا فيما غنموا زيد بن حارثة الكلبي، و قد جاء مع أمه سعدى عند أخواله و هو غلام يفعة، فسبوه و باعوه في سوق عكاظ فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بنت خويلد، فلما تزوجت بمحمد صلى الله عليه و آله و سلم وهبته له فصار عبدا لمحمد صلى الله عليه و آله و سلم بتلك الهبة.
    قدم ناس من قوم حارثة مكة فرأوا زيدا فعرفوه، فلما رجعوا أخبروا أباه و كان قد وجد على فقده و سبيه وجدا شديدا، و كان دائم البحث عنه، فما أن بلغه نبأ وجوده بمكة حتى خرج هو و أخوه كعب قاصدين إلى مكة ليفتديا زيدا من مالكه بما استطاعا من المال.
    قدما لمكة و سألا عن محمد صلى الله عليه و آله و سلم الذي يملك ابنهما فدلا عليه في المسجد بفناء الكعبة، فدخلا عليه فقالا: " ابن عبد المطلب يا بن سيد قومه أنتم أهل حرم الله و جيرانه، تفكون العاني و تطعمون الأسير، جئناك في ابننا عندك تمنّ علينا و تحسن إلينا في فدائه"
    قال: " من هو؟"
    قالا: " زيد بن حارثة"
    فقال: " فهلا غير ذلك؟ "
    قالا: "ما هو إلا ذاك"
    قال: " ادعوه فأخبراه، فإن اختاركم فهو لكم، و إن اختارني فو الله ما أنا بالذي أختار على من يختارني أحدا "
    قالا: " قد رددتنا إلى النصف و أحسنت "
    فدعاه فقال: " هل تعرف هؤلاء؟ "
    قال: " نعم، هذا أبي و هذا عمي "
    قال: " فأنا من قد علمت و قد رأيت محبتي فاخترني أو اخترهما "
    قال زيد: " ما كنت بالذي أختار عليك أحدا، أنت مني مكان الأب و العم "
    فقالا: " ويحك يا زيد، أتختار العبودية على الحرية و على أبيك و عمك و أهل بيتك؟ "
    قال: " نعم، قد رأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا ".

    كان زيد بحكم العادة عبدا مملوكا و لكنه لم يشعر مع محمد صلى الله عليه و آله و سلم سيد الأحرار- و هذا قبل نبوته – بشيء من آثار العبودية. إنّه لا يستبدّ بالناس، و يمتهنهم و يدوس كرامتهم إلا من لم يستكمل معنى الإنسانية و لم يكن هو في نفسه حرا، أما من كملت إنسانيته و خلصت حريته فإنه لا يستطيع أن يمتهن الإنسانية و لا يذل كرامتها، و إنّ الوصايا التي أوصى بها الإسلام في شأن المملوك و الخدم لا يشعر معها المملوك و الخادم بشيء من العبودية و انحطاط المقام، و محمد صلى الله عليه و آله و سلم المفطور على الرحمة و الإحسان، سيد الناس و سيد الأحرار لم يشعر معه زيد بشيء من أثر العبودية، و اختار البقاء معه على الأب و العم و الأقارب.
    جازى محمد صلى الله عليه و آله و سلم زيدا على اختياره له على أبيه و عمه و أهله فأعلن بتبنيه، فصار يدعى زيد بن محمد حتى أبطل الله التبني بقوله: ﴿ ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين و مواليكم [ الأحزاب:5 ]، و زيد أحد السابقين للإسلام، و ما ظنك بمن ربي تحت جناح محمد صلى الله عليه و آله و سلم؟

    [ آثار ابن باديس المجلد:2 ، الجزء:2 ، الصفحة: 272-273 ]
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X