الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
العزلة لاتنفع جميع الناس,وهي نافعة لأصحاب العلم والهمم العالية,الذين يعرفون ما لهم وما عليهم,وقد صدق من قال :"العزلة بغيرعين العلم(زلّة).وبغير زاي الزهد( علّة)"
وقال الخطابي:"فالعلة انما تنفع العلماء العقلاء ,وهي من أضر شيءعلى الجهال"
قال الشيخ عبد القادر الجيلاني:"ولو اعتزل الانسان الناس مهما اعتزل ,لم يكن له متسعا في الشرع اعتزال الجمعة والجماعات"
ولذا أوصى الشافعي صاحبه يونس بقوله:"يا يونس؟الانقباض على الناس مكسبة للعداوة,والانبساط إليهم مجلبة لقرناء السوء,فكن بين المنقبض والمنبسط"
قال علي القاري:"والمختار هو التوسط بين العزلة عن أكثر الناس وعوامّهم,والخلطة بالصالحين,والاإجتماع مع عامّتهم في نحو جمعهم وجماعتهم"
والحاصل أن العزلة تكون كلية تارة وجزئية وأخرى ,خادمة لمطلوب أو مقصود"
وقد ذكر العلماء جملة من الآداب لمن أراد العزلة ,منها :أن ينوي بعزلته كف شره عن النّاس أولا ,ثم طلب السلامة من الأشرار ثانيا ,ثم الخلاص من أفات الاختلاط ثالثا,ثم التجرد بكنه الهمة لعبادة الله رابعا ,ثم ليكن في خلوته مواظبا على العلم والعمل والذكر والفكر ,ليجتني ثمرة العزلة,وليمنع الناس عن أن يكثروا غشيانه وزيارته فيشوش عليه وقته ,وليكف عن السؤال عن أخبارهم والإصغاء إلى أراجيف البلد,فإن كل ذلك ينغرس في القلب حتى ينبعث في أثناء الصلاة أو الفكر من حيث لا يحتسب.
وبالجملة ,يقطع الوساوس الصارفة عن ذكر الله ,وليقنع باليسير من المعيشة وإلا اضطره التوسع إلى الناس ,وليكن له أهل صالحة أو جليس صالح لتستريح نفسه إليه عن كد المواظبة في اليوم ساعة,ففيه عون على بقية الساعات ,ولا يتم له الصبر في العزلة إلا بقطع الطمع عن الدنيا وما في أيدي أهلها,وطريق ذلك أن لا يقد ر لنفسه عمرا طويلا ,بل يصبح على أن لا يمسي ,ويمسي على أن لا يصبح ,فيسهل عليه صبر يوم واحد,وإلا ,فلا يسهل عليه الصبر عشرين سنة أو قدر تراخي الأجل .
... يتبع
آداب العزلة وقيودها:
العزلة لاتنفع جميع الناس,وهي نافعة لأصحاب العلم والهمم العالية,الذين يعرفون ما لهم وما عليهم,وقد صدق من قال :"العزلة بغيرعين العلم(زلّة).وبغير زاي الزهد( علّة)"
وقال الخطابي:"فالعلة انما تنفع العلماء العقلاء ,وهي من أضر شيءعلى الجهال"
والعزلة لا تكون الا في حق "من لم يتعين عليه فرض,من جهاد أو تغيير منكر وتعلم وتعليم ,أو مانع شرعي ممن يجب طاعته شرعا ,من أحد الوالدين,أوامام,أو خصم له حق واجب ,أو حق مسلم لازم أو راجح ,لم تعارضه خوف فتنة في الدين ,فينبغي من حد صاحب (الخلوة)أن لا يصل الى حد العقوق والجفاء ,والله المستعان ما لم تخف فتنة"
قال الشيخ عبد القادر الجيلاني:"ولو اعتزل الانسان الناس مهما اعتزل ,لم يكن له متسعا في الشرع اعتزال الجمعة والجماعات"
ولذا أوصى الشافعي صاحبه يونس بقوله:"يا يونس؟الانقباض على الناس مكسبة للعداوة,والانبساط إليهم مجلبة لقرناء السوء,فكن بين المنقبض والمنبسط"
قال علي القاري:"والمختار هو التوسط بين العزلة عن أكثر الناس وعوامّهم,والخلطة بالصالحين,والاإجتماع مع عامّتهم في نحو جمعهم وجماعتهم"
والحاصل أن العزلة تكون كلية تارة وجزئية وأخرى ,خادمة لمطلوب أو مقصود"
وقد ذكر العلماء جملة من الآداب لمن أراد العزلة ,منها :أن ينوي بعزلته كف شره عن النّاس أولا ,ثم طلب السلامة من الأشرار ثانيا ,ثم الخلاص من أفات الاختلاط ثالثا,ثم التجرد بكنه الهمة لعبادة الله رابعا ,ثم ليكن في خلوته مواظبا على العلم والعمل والذكر والفكر ,ليجتني ثمرة العزلة,وليمنع الناس عن أن يكثروا غشيانه وزيارته فيشوش عليه وقته ,وليكف عن السؤال عن أخبارهم والإصغاء إلى أراجيف البلد,فإن كل ذلك ينغرس في القلب حتى ينبعث في أثناء الصلاة أو الفكر من حيث لا يحتسب.
وبالجملة ,يقطع الوساوس الصارفة عن ذكر الله ,وليقنع باليسير من المعيشة وإلا اضطره التوسع إلى الناس ,وليكن له أهل صالحة أو جليس صالح لتستريح نفسه إليه عن كد المواظبة في اليوم ساعة,ففيه عون على بقية الساعات ,ولا يتم له الصبر في العزلة إلا بقطع الطمع عن الدنيا وما في أيدي أهلها,وطريق ذلك أن لا يقد ر لنفسه عمرا طويلا ,بل يصبح على أن لا يمسي ,ويمسي على أن لا يصبح ,فيسهل عليه صبر يوم واحد,وإلا ,فلا يسهل عليه الصبر عشرين سنة أو قدر تراخي الأجل .
وليكن كثيرالذكر للموت ووحدة القبر مهما ضاق قلبه من الوحدة,وليتحقق أن لم يحصل في قلبه من ذكر الله ومعرفته ما يأنس به ,فلا يطيق وحشة الوحدة بعد الموت,ومن أنس بذكر الله ومعرفته ,فلا يزيل الموت أنسه ,إذ لا يهدم الموت محل الأنس والعرفة ,بل يبقى حيا بمعرفته وأنسه,فرحا بفضل الله عليه ورحمته ,كما قال تعالى :"ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ,فرحين بما آتاهم الله من فضله"(آل عمران 169)
... يتبع
تعليق