اجتمع الشيخ محمد ناصر الدين الألباني بعلي بن حاج القائد الروحي
ـ كما يقولون ـ للحزب الجزائري: الجبهة الإسلامية للإنقاذ وكان الشيخ على دراية دقيقة بحوادثهم، وبلغه أن مؤيِّديهم يُعَدُّون بالملايين، فكان مما سأله عنه ما أُثبتُه هنا اختصارا أن قال له الشيخ: " أَكُلُّ الذين معك يعرفون أن الله مستوٍ على عرشه؟ " وبعد أخذ وردّ، وتهرّب وصدّ، قال المسئول: نرجو ذلك! قال له الشيخ: " دَعْك من الجواب السياسي! "، فأجابه بالنفي، فقال الشيخ: " يكفيني منك هذا! "([1]).
هذا السؤال تفرضه قاعدة التصفية والتربية التي هي أدق ميزان تعرف به الدعوات الجهادية اليوم؛ لأن من عجز عن تصفية عقائد مؤيِّديه ومحبيه وتربيتهم على العقيدة السليمة، يكون أعجز عن تصفية ثمراتها من أخلاق وأحكام أمة فيها مبغضوه ومحاربوه، فكيف بتربيتهم بعد ذلك؟!
والله يقول: {إنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنفُسِهِمْ}،ثم الجهاد نفسه لا يكون إلا بأمة مؤتلفة القلوب؛ لأن الائتلاف رافد النصر كما قال الله تعالى:{هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ}، والقلوب إن لم تجتمع على العقيدة السلفية كان أصحابها في شقاق لايجبره اجتماعهم في صناديق الاقتراع، قال الله U مخاطباً أصحاب النبي e: {فَإِنْ ءَامَنُوا بمِثْلِ ما ءَامَنتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ في شِقَاقٍ}. ومهما تكن عليه الغثائية السياسية من تجميع، فإن بداية أمر عقيدتها إلى تمييع، ونهاية تجميعها إلى تفرّق وتبديع؛ لأن اجتماع الأبدان لن يكون إلا مؤقَّتاً، إذا كان عقد القلوب مشتَّتاً، ولم أجد لهؤلاء أصدق وصف من قول الله تعالى في اليهود: {بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جمِيعاً وَقُلُوبُهم شتَّى}.
وجماع الأمر أن الله وعد بالاستخلاف الحسن من عبده وحده بلا إشراك فقال: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ في الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذينَ مِن قَبْلِهِمْ ولَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذي ارْتَضَى لَهُمْ ولَيُبَدِلنَّهُم مِن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً}، ولا يجوز أن يُدفع في صدر هذا النص بضرب الأمثال التاريخية على نقضه؛ لأن المسلم وقّاف عند النص، وقد قال الله تعالى: {فَلاَ تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثالَ إنَّ اللهَ يَعْلَمُ وأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}.
وأما تحديد الشيخ سؤاله في مسألة الاستواء؛ فلأنها مفترق الطرق بين أهل السنة وأصحاب الأهواء، ولأنها العقيدةُ السهلة التي كان يعرفها مجتمع النبي e الذي فتح الدنيا وقاد الأمم، حتى الجواري من رعاة الغنم. وامتحان الشيخ بها جبهة الإنقاذ، مسلك سلفي وإن رغم أنف كل خلْفي، فقد روى مسلم وغيره عن معاوية بن الحكم السلمي قال: كانت لي غنم بين أُحد والجوانية فيها جارية لي، فاطلعتها ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب منها بشاة، وأنا رجل من بني آدم، فأسفت، فصككتها، فأتيت النبي e فذكرت ذلك له، فعظَّم ذلك عليَّ، فقلت: يا رسول الله! أفلا أعتقها؟ قال: (( ادعها ))، فدعوتها فقال لها: (( أين الله؟ )) قالت: " في السماء "، قال: (( من أنا؟ )) قالت: " أنت رسول الله "، قال: (( أعتِقْها؛ فإنها مؤمنة )).
فتأمل ـ يرحمك الله ـ هذا المجتمع الذي كان يجاهد به النبي صلى الله عليه وسلم ؛ اكتمل في عقيدته حتى عند رعاة الغنم الذين تقلُّ صحبتهم للنبي e ـ كهذه الجارية!ـ وتأمل حقيقة المجتمعات الإسلامية اليوم التي يُطمَع تسلُّق عرش الحكم بها، لتدرك البون الشاسع بين جهاد أولئك وجهاد هؤلاء، فهل استطاعت الدعوات الجهادية أن تجمع الأتباع، فضلاً عن الرعاع على أين الله؟ أم هو سؤال أضحى أُضحوكةً تتندَّر بها الأحزاب في زمن تأثير الحضارات، ومحل سخرية عند منَظِّري الجماعات؟ أم أنهم فهموا ضرورة الحكم بما أنزل الله ولو أنهم ضيَّعوا الله؟! فمتى يأذن الله بعتق رقابهم ممن استذلوهم، كما عتقت الجارية بعد أن عرفت الله؟ {واللهُ غالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون}.
لكن حقيقة هذا السؤال هي استخراج حقيقة الدعوات، وتبيّن مدى خلوص النيات؛ لأن في الاهتمام بالحكم بالشريعة، وفي الاهتمام بمسألة الاستواء اهتماما بحق الله تعالى، لكن بين الأولى والثانية فرق، وهو أن للعبد في الأولى حظًّا لنفسه، وهو ما يتكرر على الألسن من استرجاع المظالم واستيفاء الحقوق، والعيش الرغد الموعود به حقًّا في قول الله تعالى: {ولو أنَّ أَهْلَ القُرَى ءَامَنُوا واتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّمَآءِ والأَرْضِ} أي أن حظّ العبد خالط حقَّ الرب، وأما الاهتمام بصفة الاستواء لله فهو اهتمام بحق الله الخالص، ليس للداعي إليها أدنى نصيب من حظّ نفسه، فتأمل هذا الفرق تدرك عزّة الإخلاص؛ لأن الدندنة حول قضية الحكم بما أنزل الله، مع إهمال قضايا صفات الرب الخالصة أو تأخيرها أو تهميشها ـ وهي أشرف ما أنزله الله؛ إذ شرف العلم بشرف المعلوم ـ لأكبر دليل على أن في الأمر شائبة، تؤكد ضرورة الرجوع إلى دعوة الأنبياء الذين قالوا لقومهم: {اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مِنْ إِلَهٍ غَيْرُه}، فقدَّموا الاهتمام بشرك القبور على الاهتمام بشرك القصور ـ إن صح هذا التعبير ـ، لهذا لم تكن الإمامة من أصول الإيمان([2]).
تنبيه:
أرسل علي بن حاج رسالة سرية بتاريخ: (20صفر 1415هـ ) إلى الجماعات المسلحة يقول في ق (2) منها: " ولذلك رأينا في تاريخ علماء المسلمين أنه يكون بينهم خلاف حتى في بعض المسائل العقائدية فضلا عن الفرعية، ولكن يَخرجون في الجهاد صفاً واحداً أمام العدو الكافر، فكان الجيش يَضمّ في جنباته من شتى المذاهب الفرعية ومجاهدين من الفِرق الإسلامية! ... ".
بل قعّد بعدها قاعدة غريبة ادّعى فيها الاتفاق، وهي قوله: " إن المسائل المختلفة لا إنكار فيها!! "([3]).
قلت: أولا: لا ريب أن المسلمين ـ بعد الرعيل الأول ـ قد اختلفوا في أعظم ما في هذا الدين، ألا وهو اختلافهم في ربهم: في أسمائه وصفاته، فيكون حينئذ إنكار السلف على المخالفين في ذلك جهداً ضائعاً عند هذا؛ لأنه خلاف الاتفاق المدَّعَى!
ثانيا: ليس غريباً أن يخالف ابنُ حاج العلامةَ الألباني في عدم اشتراط المعتقد الصحيح للنهوض بالأمة؛ للفوارق العلمية والمنهجية التي بينهما، ولكن الغريب ألا يصدع ابن حاج برأيه عند الشيخ! وأن يكتم عنه ( كلمة الحق هذه! ) ويُظهر الوفاق له تمويهاً على السلفيين! ثم يَكتبها في الظلام!! {واللهُمِن وَرَآئِهِمْ مُحِيطٌ}.
([1]) شريط مسجل منسلسلة الهدى والنور رقم (475/1) و(476/1).
([2]) لابن تيمية كلام نفيس في ذلك في منهاج السنة (1/106ـ110) فراجعه، وفي قتال الولاة من أجل الدنيا واِلتباسه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في (5/152)، ومثله عنه في العقود الدرية لابن عبد الهادي ص (147).
([3]) قد تكلمتُعلى بعض ما في هذه الرسالة في حاشية ص (359 ـ 361) من هذا الكتاب.
منقول من كتاب مدارك النظر في السياسة للشيخ مالك رمضاني
ـ كما يقولون ـ للحزب الجزائري: الجبهة الإسلامية للإنقاذ وكان الشيخ على دراية دقيقة بحوادثهم، وبلغه أن مؤيِّديهم يُعَدُّون بالملايين، فكان مما سأله عنه ما أُثبتُه هنا اختصارا أن قال له الشيخ: " أَكُلُّ الذين معك يعرفون أن الله مستوٍ على عرشه؟ " وبعد أخذ وردّ، وتهرّب وصدّ، قال المسئول: نرجو ذلك! قال له الشيخ: " دَعْك من الجواب السياسي! "، فأجابه بالنفي، فقال الشيخ: " يكفيني منك هذا! "([1]).
هذا السؤال تفرضه قاعدة التصفية والتربية التي هي أدق ميزان تعرف به الدعوات الجهادية اليوم؛ لأن من عجز عن تصفية عقائد مؤيِّديه ومحبيه وتربيتهم على العقيدة السليمة، يكون أعجز عن تصفية ثمراتها من أخلاق وأحكام أمة فيها مبغضوه ومحاربوه، فكيف بتربيتهم بعد ذلك؟!
والله يقول: {إنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنفُسِهِمْ}،ثم الجهاد نفسه لا يكون إلا بأمة مؤتلفة القلوب؛ لأن الائتلاف رافد النصر كما قال الله تعالى:{هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ}، والقلوب إن لم تجتمع على العقيدة السلفية كان أصحابها في شقاق لايجبره اجتماعهم في صناديق الاقتراع، قال الله U مخاطباً أصحاب النبي e: {فَإِنْ ءَامَنُوا بمِثْلِ ما ءَامَنتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ في شِقَاقٍ}. ومهما تكن عليه الغثائية السياسية من تجميع، فإن بداية أمر عقيدتها إلى تمييع، ونهاية تجميعها إلى تفرّق وتبديع؛ لأن اجتماع الأبدان لن يكون إلا مؤقَّتاً، إذا كان عقد القلوب مشتَّتاً، ولم أجد لهؤلاء أصدق وصف من قول الله تعالى في اليهود: {بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جمِيعاً وَقُلُوبُهم شتَّى}.
وجماع الأمر أن الله وعد بالاستخلاف الحسن من عبده وحده بلا إشراك فقال: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ في الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذينَ مِن قَبْلِهِمْ ولَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذي ارْتَضَى لَهُمْ ولَيُبَدِلنَّهُم مِن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً}، ولا يجوز أن يُدفع في صدر هذا النص بضرب الأمثال التاريخية على نقضه؛ لأن المسلم وقّاف عند النص، وقد قال الله تعالى: {فَلاَ تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثالَ إنَّ اللهَ يَعْلَمُ وأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}.
وأما تحديد الشيخ سؤاله في مسألة الاستواء؛ فلأنها مفترق الطرق بين أهل السنة وأصحاب الأهواء، ولأنها العقيدةُ السهلة التي كان يعرفها مجتمع النبي e الذي فتح الدنيا وقاد الأمم، حتى الجواري من رعاة الغنم. وامتحان الشيخ بها جبهة الإنقاذ، مسلك سلفي وإن رغم أنف كل خلْفي، فقد روى مسلم وغيره عن معاوية بن الحكم السلمي قال: كانت لي غنم بين أُحد والجوانية فيها جارية لي، فاطلعتها ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب منها بشاة، وأنا رجل من بني آدم، فأسفت، فصككتها، فأتيت النبي e فذكرت ذلك له، فعظَّم ذلك عليَّ، فقلت: يا رسول الله! أفلا أعتقها؟ قال: (( ادعها ))، فدعوتها فقال لها: (( أين الله؟ )) قالت: " في السماء "، قال: (( من أنا؟ )) قالت: " أنت رسول الله "، قال: (( أعتِقْها؛ فإنها مؤمنة )).
فتأمل ـ يرحمك الله ـ هذا المجتمع الذي كان يجاهد به النبي صلى الله عليه وسلم ؛ اكتمل في عقيدته حتى عند رعاة الغنم الذين تقلُّ صحبتهم للنبي e ـ كهذه الجارية!ـ وتأمل حقيقة المجتمعات الإسلامية اليوم التي يُطمَع تسلُّق عرش الحكم بها، لتدرك البون الشاسع بين جهاد أولئك وجهاد هؤلاء، فهل استطاعت الدعوات الجهادية أن تجمع الأتباع، فضلاً عن الرعاع على أين الله؟ أم هو سؤال أضحى أُضحوكةً تتندَّر بها الأحزاب في زمن تأثير الحضارات، ومحل سخرية عند منَظِّري الجماعات؟ أم أنهم فهموا ضرورة الحكم بما أنزل الله ولو أنهم ضيَّعوا الله؟! فمتى يأذن الله بعتق رقابهم ممن استذلوهم، كما عتقت الجارية بعد أن عرفت الله؟ {واللهُ غالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون}.
لكن حقيقة هذا السؤال هي استخراج حقيقة الدعوات، وتبيّن مدى خلوص النيات؛ لأن في الاهتمام بالحكم بالشريعة، وفي الاهتمام بمسألة الاستواء اهتماما بحق الله تعالى، لكن بين الأولى والثانية فرق، وهو أن للعبد في الأولى حظًّا لنفسه، وهو ما يتكرر على الألسن من استرجاع المظالم واستيفاء الحقوق، والعيش الرغد الموعود به حقًّا في قول الله تعالى: {ولو أنَّ أَهْلَ القُرَى ءَامَنُوا واتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّمَآءِ والأَرْضِ} أي أن حظّ العبد خالط حقَّ الرب، وأما الاهتمام بصفة الاستواء لله فهو اهتمام بحق الله الخالص، ليس للداعي إليها أدنى نصيب من حظّ نفسه، فتأمل هذا الفرق تدرك عزّة الإخلاص؛ لأن الدندنة حول قضية الحكم بما أنزل الله، مع إهمال قضايا صفات الرب الخالصة أو تأخيرها أو تهميشها ـ وهي أشرف ما أنزله الله؛ إذ شرف العلم بشرف المعلوم ـ لأكبر دليل على أن في الأمر شائبة، تؤكد ضرورة الرجوع إلى دعوة الأنبياء الذين قالوا لقومهم: {اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مِنْ إِلَهٍ غَيْرُه}، فقدَّموا الاهتمام بشرك القبور على الاهتمام بشرك القصور ـ إن صح هذا التعبير ـ، لهذا لم تكن الإمامة من أصول الإيمان([2]).
تنبيه:
أرسل علي بن حاج رسالة سرية بتاريخ: (20صفر 1415هـ ) إلى الجماعات المسلحة يقول في ق (2) منها: " ولذلك رأينا في تاريخ علماء المسلمين أنه يكون بينهم خلاف حتى في بعض المسائل العقائدية فضلا عن الفرعية، ولكن يَخرجون في الجهاد صفاً واحداً أمام العدو الكافر، فكان الجيش يَضمّ في جنباته من شتى المذاهب الفرعية ومجاهدين من الفِرق الإسلامية! ... ".
بل قعّد بعدها قاعدة غريبة ادّعى فيها الاتفاق، وهي قوله: " إن المسائل المختلفة لا إنكار فيها!! "([3]).
قلت: أولا: لا ريب أن المسلمين ـ بعد الرعيل الأول ـ قد اختلفوا في أعظم ما في هذا الدين، ألا وهو اختلافهم في ربهم: في أسمائه وصفاته، فيكون حينئذ إنكار السلف على المخالفين في ذلك جهداً ضائعاً عند هذا؛ لأنه خلاف الاتفاق المدَّعَى!
ثانيا: ليس غريباً أن يخالف ابنُ حاج العلامةَ الألباني في عدم اشتراط المعتقد الصحيح للنهوض بالأمة؛ للفوارق العلمية والمنهجية التي بينهما، ولكن الغريب ألا يصدع ابن حاج برأيه عند الشيخ! وأن يكتم عنه ( كلمة الحق هذه! ) ويُظهر الوفاق له تمويهاً على السلفيين! ثم يَكتبها في الظلام!! {واللهُمِن وَرَآئِهِمْ مُحِيطٌ}.
([1]) شريط مسجل منسلسلة الهدى والنور رقم (475/1) و(476/1).
([2]) لابن تيمية كلام نفيس في ذلك في منهاج السنة (1/106ـ110) فراجعه، وفي قتال الولاة من أجل الدنيا واِلتباسه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في (5/152)، ومثله عنه في العقود الدرية لابن عبد الهادي ص (147).
([3]) قد تكلمتُعلى بعض ما في هذه الرسالة في حاشية ص (359 ـ 361) من هذا الكتاب.
منقول من كتاب مدارك النظر في السياسة للشيخ مالك رمضاني