اللقاء العلمي الثالث
مع فَضيلَة الشَّيْخْ
عبد المالك بن أحمد بن مبارك رمضاني
(حفظه الله)
تفريغ
عبد العزيز بن محمد الخليفي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد :
يسر إدارة منتدى المحجة السلفية ، في هذا اليوم الأربعاء الموافق
الخامس من جمادى الثاني من عام 1428هـ ، أن تستضيف في
لقائها العلمي الثالث ، فضيلة الشيخ الداعية المعروف عبد المالك بن أحمد بن مبارك رمضاني – حفظه الله – نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزي الشيخ خير الجزاء ، وأن يكتب له الأجر والمثوبة ، فأهلاً وسهلاً بكم فضيلة الشيخ .
حياكم الله جميعاً ... ، أشكر لكم مساعيكم هذه ، أهل المحجة السلفية منتداكم والإخوة القائمين على هذا الموقع ، الذي نحن بأمس الحاجة إليه ، وجعله الله تعالى منبر حق ، وسببًا عظيمًا للدعوة إلى السنة ، والعقيدة ، والسلفية الصحيحة ، أسأل الله عزَّ وجلَّ أن يثبتنا وإياكم على ذلك .
فضيلة الشيخ ، جاءتنا مشاركات كثيرة ، من الإخوة أعضاء المنتدى ، تحملوا
أسئلتهم واستفساراتهم ، ويعبرون بها عن محبتكم والفرح بهذا اللقاء معكم ، فنسأل الله
تعالى أن يجزيكم خير الجزاء على أن أتحفتمونا بهذا اللقاء ، ونسأله سبحانه أن يوفقكم وإيانا لما يحبه ويرضاه ، ولما فيه خير الإسلام والمسلمين.
فضيلة الشيخ يقول السائل خالد بن عبدالله :
فضيلة الشيخ / عبد المالك بن أحمد رمضاني الجزائري ، وفقه الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،، وبعد
أشكرك يا شيخ ، وأشكر الأخوة في إدارة منتديات المحجة السلفية .
سؤالي هو :
ما هي البينة عند أهل السنة على محبة النبي r وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام جميعًا ، أي ( البينة على من ادعى المحبة ) حتى نعرف من هو الذي يحب الحب الصحيح الصادق ، هم أهل السنة ، أم الصوفية ، أم الرافضة ، والله يحفظكم .
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين ، أما بعد فعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، أقول وبالله التوفيق.
البينة على محبة الله ورسوله r هو إتباع النبي صلى الله عليه واله وسلم ، وإحياءُ أثارهِ بالعملِ بها ، واقتفاءِ ذلك ، وذلك لأن ربنا عزَّ وجلَّ قد بينه بيانًا شافيًا ، فقال :
) قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( [آل عمران : 31] ، وقد ذكر الحسن البصري - رحمة الله عليه - عند هذه ، الآية إن أصحاب رسول الله r ، لما أظهروا حب النبي r ، امُتحِنوا بهذه الآية ؛ ولا ريب أنهم كانوا عند حسن ظن النبي r بهم ، فكانوا خير أتباع لخير نبي ، وهم خير الحواريين على الإطلاق خير حواري نبي ، هؤلاء أصحاب النبي r الذين قال الله تعالى فيهم : ) وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ( [النساء : 95] ، أي كل صحابي كذلك ، وإن تفاوتوا في الدرجات عند الله تبارك وتعالى ، لكنهم والحمد لله هم الذين قال الله عزَّ وجلَّ فيهم : ) وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ ... ( [التوبة : 100] ، الآية الكريمة .
أما الصوفية ، فيدّعون محبة النبي r ، لكن يَقْصِرون محبتهم على إتْباعِ أثارهم ، الآثار المادية ، ألا وهي : التبرك بمواطن أكثرها عبارة عن خرافات ، وأكثرها اندثر ، يتبركون بأشياء جلس عندها النبي r ، أو مسحها بيده ، كمنبره عليه الصلاة والسلام ، وإن كان منبره قد احترق منذُ أمدٍ بعيد ، لكنهم يدّعون محبة النبي صلى الله عليه واله وسلم ، وإذا نظرت إلى أعمالهم ، فابعد ما يكونون عن السنة النبوية ، لا يحيونها ، وإذا أحيوها ، فبالتبرك فقط ، كما يفعلون عند قراءة صحيح البخاري ، يقرؤونه للتبرك ، وعند الاستسقاء ، وما شابه ذلك ، أما للعمل فلا ، مع أن الله تبارك وتعالى زكى عبادة بالعمل بهدي أنبيائهم عليهم الصلاة والسلام ، فقال : ) أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ( [الأنعام : 90] ، وقال تعالى : ) لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ( [الأحزاب : 21] ، وهنا نقطة بديعةٌ في هذه الآية ، نبه عليها بعض الفقهاء ، ألا وهي أن الله عزَّ وجلَّ بين بأن أشد الناس إخلاصًا له ، هم أشدهم تمسكًا بهدي النبي r فقال : ) لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ ( ثم بين :
) لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ( ، فعلق الأسوة الحسنة بأولئك الناس الذين حقيقةً رجوا الله واليوم الآخر ، أي يرجون ما عند الله تبارك وتعالى ، وهؤلاء هم أهل الإخلاص ، فكلما كان المرء أشد إخلاصًا لله كان أكثر تمسكًا بالسنةِ النبوية .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
جزاكم الله خيراً ، وبارك الله فيكم ،،،
هذا سائل له عدة أسأله يقول : فضيلة الشيخ عبد المالك رمضاني – حفظكم الله تعالى – نريد منكم تفصيلاًً طيبًا لمسألة اشتراط القدرة لجهاد الدفع باليد ؟
لا ريب أن الفقهاء اشترطوا قدرة لذلك ، بمعنى أن جهاد الدفع أو جهاد الطلب يشترط لكلٍ منهما القدرة ، لأن الله تبارك وتعالى قد أعطانا القاعدة العظيمة في ذلك ، فقال سبحانه : ) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا ( [البقرة : 286] ، وقال : ) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا( [الطلاق : 7] ، وقال : ) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ( [التغابن : 16] ، فربنا عزَّ وجلَّ رحيم بنا ، لا يكلفنا مالا طاقة لنا به ، والنبي r نُهي عن مقابلة العدو ، ومواجهته أيام الاستضعاف ، وذلك قوله تعالى : ) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ( [النساء : 77] ، فأمر الله عزَّ وجلَّ بكف الأيدي عن الجهاد ؛ أي عن الجهاد باليد ، ولا ريب أن هذه الآية نزلت أيام العدوان على المسلمين ، وطردهم من ديارهم ، وحرمانهم من حقوقهم ، فهو جهاد دفعٍ ، وليس جهاد طلب ، فلا بد من القدرة ، وربنا عزَّ وجلَّ حين قال : ) وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ( [الأنفال : 60] ، ما فصل بين جهاد طلب ، وجهاد الدفع ؛ لأن الإنسان إذا كان عاجزًا عن الدفع كيف يقال له ارم بنفسك ، أو القي بيديك إلى التهلكة ، وربنا يقول : ) وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ( [البقرة : 195] ، ما يمكن أن يحصل ذلك ، وقد استدل الإمام مالك - رحمه الله – بهذه الآية وغيره من الفقهاء على أن القدرة مشترطةٌ عند الجهاد ، والآن أسوغ عليكم آية ، وهي جزء من قصة في سورة البقرة ، وهي قوله تعالى : ) أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ( [البقرة : 246] ، قولهم : ) وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا( ، دليلٌ واضحٌ على أن قتالهم كان قتال دفع ، مع ذلك اشترطوا واشترط الله عليهم أن لا يقاتلوا إلا وراء إمام ، فلو كان لا يشترط ، بمعنى لو كان الإمام لا يدخل تحت القدرة واشترط ذلك ، لقالوا ومالنا ألا نقاتل ولسنا بحاجة إلى إمام ، نقاتل ندفع هكذا ، فهذا في الحقيقة آية وهي نص في هذا الباب ، كما ذكر القرطبي وغيره رحمة الله على جميع فقهاء المسلمين ، ذكروا عن هذه الآية هذا الباب .
والقدرة في حقيقة الأمر قد جاء تفصيلها في قوله تعالى : ) وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ( ، ذكر الله تعالى أمرين : القوة ، ورباط الخيل ؛ ثم ذكر التعليل قال : ) تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ( ، فلابد أن نقف ثلاث وقفات عند هذه الآية :
القوة فسهرها النبي r ، فلم يبقى لأحد أن يدخل تفسيره في ذلك ، كما جاء في صحيح مسلم أنه قال عليه الصلاة والسلام : ( ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي ) الرمي بالرماح ، كان في حقيقة الأمر هي أقوى سلاح يقاتلون به يوم إِذْ .
والوقفة الثانية : ) وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ( ، الله عزَّ وجلَّ ذكر رباط الخيل لأن المقاتلة على الخيل كان يوم إِذٍا أحسن شيء يقاتل عليه ، إذًا فذكر ربنا عزَّ وجلَّ
الأمرين : ذكر الرمي ، وذكر المقاتل عليه الوسيلة التي يقاتل عليها ، وفي كل منهما ذكر ربنا عزَّ وجلَّ أحسن شيء ، مما يدلكم على أن القدرة منوطةٌ بأحسن ما يمكن استحضاره في العصر ، بمعنى أحدث الأسلحة الموجودة في العصر ، يجب على المسلمين أن يتمكنوا منها ، لأن ربنا عزَّ وجلَّ اشترط هذا في هذه الآية ، والنبي r ما كان بحاجة على أن يقول : ( القوة الرمي ) ، لأن الناس يعرفون أن في الرمي قوة ، لكنه قال : ( ألا إن القوة الرمي ) ، وهذا معروف عند أهل البلاغة ، أنه يحصرُ القوة في الرمي ، مع أن القوة موجودة في غير الرمي ، لكن النبي r أراد أن يقول إن أكبر قوة ، هي ما كان في الرمي ، للدلالة على إيجاب استحضار أحسن ما يكون في العصر من قوة لدى المسلمين ، هذا ينبغي أن يعرف ، وقد استفدت هذا من شيخي الله يرحمه حماد الأنصاري ، بين هذا في بعض الجلسات التي كنا نجلسها عنده - رحمة الله عليه - وكان عنده عناية بالقران الكريم ، عناية فائقة ، وله طبعًا دراية كبيرة بالحديث ، حتى كان يقال أنه محدث المدينة - رحمة الله عليه - ، فالشاهد أن النبي r ما عين الرمي هنا سبهللاً ، هكذا بلا فائدة ، إنما لنستفيد نحن من هذه الفائدة ، لا أن نواجه الدبابات بالعصي ، ونواجه النفاثات بالحجارة ، ونبارك لأطفال الحجارة هكذا ، كأن رجال الأمة قد اختفوا ، ما بقي إلا صبيانهم يواجهون الدبابات ، والنفاثات بالحجارة ، حتى يصير المسلمون أضحوكة عند أعدائهم ؛ ثم التعليل ) تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ( ، فقال العلماء : أيمُا سلاح يواجه به العدو ولا يرهبه ؛ فليس بسلاح ، لأن الله هنا حدد ، فلا يأتينّ بعض السفهاء من الشباب اليوم المساكين يقولون الله يقول ما استطعتم نقول ما استطعنا من ماذا ؟ ما استطعنا كما أم كيفا ؟ الكيف وضح ، إذا كان الأمر كذلك فلماذا لا يخرجون يواجهون الدبابات بالحجارة ، لماذا يتأخرون ؟
لأنهم في قرارت أنفسهم ، وفي فطرهم أن هذا لا يمكن أن يكون هذا إلقاء بالأيدي إلى التهلكة ، وهذا نوع من الانتحار يمكن يحصل ، لأن هذه القدرة المشترطة ، والقدرة أيضًا الأخرى قدرة بشرية ، وهو أن ربنا عزَّ وجلَّ كان قد اشترط على المسلمين في آخر أمريّهم اشترط عليهم أنه لو كان عدوهم ضعفهم وجب عليهم أن يثبتوا ، فإذا زاد على الضعف ، جاز لهم النفور عن الحرب والتخلف ، قال تعالى : ) الْآَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ( [الأنفال : 66] ، فاستدل الفقهاء بهذه الآية ، وقالوا : لو كان العدو أكثر من ضعفنا ، جاز لنا أن لا ندخل الحرب ، فلماذا يأتي اليوم المسلمون وهؤلاء الشباب المتحمسون ، ويلومون أهل العلم إذا قالوا : لا جهاد في المنطقة الفولانية لأن المسلمين أقل ، لأنهم أضعف ، لأنهم لا يملكون كذا ، ويظنون بأن هذه الفتوى فتوة خوار ، أو جبان ، أو فتوى رجل راكن إلى الذين ظلموا ، راكنٍ إلى الكفار ، هذا كله ما يسوغ ، وهذه ألقاب لا يجوز ( إطلاقها ) ... " 14:44 " على أهل العلم ، ولديهم البرهان الدليل ، وليس لدى شبابنا هؤلاء المنتقدين سوى حماسة زائدة ما عندهم فقه ، فهذه القدرة التي يناط بها الجهاد مع أشياء أخرى ، لكن ما دام السؤال في هذا نكتفي به.
جزاكم الله خيراً وبارك الله فيكم ،،،
يقول أيضًا : نريد منكم توضيحًا حول مسألة هجر المبتدع ، وهل أنكم تقولون بهجره مطلقًا ، أو أن هناك تفصيلاً عندكم ؟
الهجر - أي هجر المبتدع - بل وأدمى من المبتدع هجر العاصي ، من دين الله عزَّ وجلَّ ، لأنه الذي نزل فيه قوله تعالى ) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ
إِلَّا إِلَيْهِ ( ، [التوبة : 118] ، فهذه الآية نزلت في الثلاثة الذين تخلفوا عن الجهاد ، لما كان التخلف عن الجهاد غير سائغ ، فلما تخلفوا ، اللهُ عزَّ وجلَّ أمر نبيه r أن يأمر أصحابه بأن يهجروهم ، فجاء المنافقون واعتذروا باعتذارات باردة كاذبة ، وأما هؤلاء الثلاثة ، فكانوا صادقين ، واعترفوا للنبي r بأنهم تخلفوا عن الجهاد بلا عذر ، بل كانوا أقوى ما يكونون ، فتخلفوا عن غير عذر ، مع ذلك لما نزلت توبتهم ، كان ما كان من أجل صدقهم ، الشاهد من هذا قال القرطبي - رحمه الله – : " إذا جاز أن يُهجر العاصي ، فمن باب أولى أن يهجر المبتدع ، لأن المبتدع شر من العاصي " هذا من حيث التشريع الهجر ، وفي السيرة النبوية شيءٌ كثير لا داعي لذكره حتى نأتي على السؤال
إن شاء الله .
أما الهجر وهل هو حكم كما يُقال اليوم جامد ؟ كلما ابتدع مبتدع هجر ؟
الجواب : لا ، ذكر هذا بن تيمية - رحمه الله – بجلاء وتجدون تفاصيل كلامه منقولة في كتاب " موقف أهل السنة والجماعة من أصحاب البدع والأهواء ، أو من أهل البدع والأهواء " للشيخ الدكتور إبراهيم الرحيلي - حفظه الله عزَّ وجلَّ - وهو كتاب نفيس ، وبابه هنا باب عظيم ، فأرجوا الرجوع إليه ، بل لا أعرف من العلماء الذين درسنا عليهم أحدًا خالف في أن هجر المبتدع منوط بالمصلحة والمفسدة ، فلذلك نحن على دربهم نسير ، كل ما عرفت من أهل العلم يقولون الهجر هجر المبتدع كهجر العاصي منوط بالمصلحة والمفسدة ، فإذا غلبت المفسدة المصلحة عومل بالهجر ، وإذا كان العكس ترك الهجر ، والذي عليه كل من عرفناه من أهل العلم في هذا العصر ، طبعًا تطبيقًا على واقع العصر اليوم أن هجر المبتدع اليوم ينبغي أن يضيق ، ينبغي أن يضيق ، وذلك لضعف أهل السنة ضعف شوكتهم في أكثر بقاع الأرض ، فهجرهم المبتدعة في هذا العصر يساوي هجرهم لأنفسهم ، أهل السنة اليوم مهجورون ، منبوذون ، مشردون ، مطرودون ، فإذا جلسوا يهجرون أهل البدع ، سيبقون أشد هجرًا وتشريدًا فما يحصل القرض ، لأن القرض من الهجر أولاً : أن يرتدع المبتدع فيرجع .
ثانيًا : أن نعصم أنفسنا من بدعتهم ، كونك تهجر اليوم المبتدع فيرجع ؛ هذا بعيد ، لأنه يجد كهوفًا مثله يأوي إليها ، فالمجتمعات تَعُجُّ من أهل البدع مع الأسف ، وكونك تحفظ نفسك من بدعته ، لا يحتاج إلى هجره هجرًا كاملاً ؛ بل يكفيك في ذلك الهجر الوقائي ، وهو أن لا تجعله صاحبًا لك ، ولا خليلاً ، ولا خديمًا ، ولا ولا ... الخ ، ولكن لا بأس إذا لقيته أن تسلم عليه ، فضلاً عن رد السلام عليه ؛ بل أنا أنصح بأن يكون حالك كذلك ، لن تكون أغير من أبي الدرداء الذي ذكر عنه البخاري في صحيحه أنه كان يقول : " إنا لنكشر في وجوه قوم ، وإن قلوبنا لتلعنهم " ، نكشر أي – نبتسم - معنى القلوب لا تحبهم تأملوا ؛ بل أكثر من ذلك الرسول r في الصحيحين حديث عائشة ، أن النبي r لما رأى رجل قادم قال : ( بأس أخو العشيرة ) ، أنتقده ، لكن لما وصل إليه ، هش وبش له ، ورحب به ، فاستغربت عائشة ، فسألت النبي r قال : ( يا عائشة متى عهدتيني فحاشًا ، إن شر الناس من تركه الناس ابتغاء فحشه ) ، فالنبي r ماذا فعل مع هذا الرجل ، حذر منه ، مع ذلك لم يبين له ذلك ، ولم يأمر بهجرة ، لكن حذر منه ؛ بل لما جاء داراه أستعمل معه المداراة التي هي غير المداهنة .
إذاً لن نكون أغير على الحق من رسول الله r ؛ وإنما القضية قضية مصلحة ومفسدة ، لو ذهب الرسول r يهجر هذا الرجل ، وأمر بهجره وهو صاحب عشيرة ، صاحب قبيلة ، مسموع الكلمة ، لذهب هنالك يشوش على النبي r على دعوته حتى لا تصل إلى قبيلته ، وهو مسموع الكلمة ، ولذلك صرح بذلك النبي r في بعض الأحاديث الصحيحة أنه قال : ( إنا لنداري سيد القوم ) ، سيد قوم يدارى ، وذلك هذه قوة شوكته في مجتمعه .
إذًا الخلاصة ، إذا كان أهل السنة أقوياء ، وجب عليهم أن يهجروا أهل البدع ، وأن يشردوهم ، وأن ينكلوا بهم ، وأن يصيبوهم بكل ما يمكن أن يصاب به عدوّ ، والنبي r يقول : ( المرء على دين من يخالل ) ، لأن مخالطة أهل البدع ، تنقل العدوى ، عدوى ما أُصيبوا به إلى المجتمع ، ولكن يمكن أن لا نخالطهم مع عدم هجرهم إذا كُنا ضعفاء ، أما مع القوة فكما سمعتم .
هذا خلاصة ، وأنصح إخواننا أن لا يكونوا ، أن لا يشتدوا وهم يظنون أنهم ينتصرون للسنة ، وهم ينتصرون لأنفسهم ، لما يدخلون في جدال مع بعض أهل البدع ، فيخرجون مبغضينهم أشد البغض أشد مما كانوا ، والكثير منهم لا ينضبطون بهذه الضوابط ، هاجر أحمد ، وهاجر إسحاق بن رهاويه ، وهاجر الصحابة ... الخ ، لكن هذا عند قوة السنة في المجتمع ، وعند حصول المصلحة ، وتحقيق الحكمة التي من أجلها شرع الهجر ، أما عندما يخفى ذلك ، فيجب إخفاء الهجر إلى أجل ما . والله تعالى أعلم .
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم ،،،
يقول أيضًا : هل يقال بالاستفادة من أشرطة من عُرف بالفكر الحركي الضال في المواعظ ؟
و ما هو الضابط في خطأ العالم الذي معه لا يؤخذ العلم عنه ، و ما ردكم على من يرى أن بيان أخطاء الحركيين ليس فيه مصلحة ؟
حفظكم الله و نفع بكم .
أما سماع المواعظ التي عند الحركيين ، لا ريب أن الأصل ترك ذلك ، لأن الموعظة عندهم موجودة عند أهل السنة والحمد لله ، ولكن المشكل أن الذي يبرز في السوق هو أشرطة أولائك الوعاظ المنحرفين ، بدافع حزبي أعمى ، فهم يهجرون كل شيء عند أهل السنة ، حتى المواعظ ، وهم يكيلون بكيلين ، يقولون : السلفيون يهجرون كل إنسان يخالفهم ، وينبغي لنا أن نستفيد من الصوفية إذا وافقوا الحق ، من الأشاعرة إذا وافقوا الحق ، بل حتى من الروافض - نسأل الله العافية - إذا وافقوا الحق ، وينبغي أن نداري الناس بما تؤلف قلوبهم ... الخ ، لكنهم مع الأسف يطبقون عكس ذلك تمامًا مع السلفيين ، فيهجرون السلفيين ، ومجالسهم ولا يمكنونهم حتى من الكلمة ؛ بل أنا قلت في بعض كتبي لا يمكنون السلفي من أن يصلي بهم ولو صلاة سرية ، فكيف يقال حينئذٍ إنهم متفتحون ، واسعوا الصدور ، وما شابه ذلك ، كل ذلك في الحقيقة قواعد يقعدونها يرمون بها أعدائهم ولا يطبقونها ، فحينئذٍ لا تأخذ المواعظ من هؤلاء ، لأن ما عند أولائك من خير موجود عند أهل السنة ، وقال بن تيمية – رحمه الله – : " لا يمكن أن ينفرد المبتدعة بشيء من الحق قاب عن أهل السنة " بل قد يغيب عند بعض أهل السنة ، ولكن يوجد عند البعض الآخر ، وإنما المشكلة في استنباط ذلك أو عفوًا استخراجه من كتبهم وأشرطتهم ، وإلا فهو موجود ، والحمد لله ، إذًا لا داعي لمثل هذا السؤال ، مادام الخير موجودًا .
وأما بالنسبة لحضور مجالسهم وما إلى ذلك ، فالعلماء يفصلون ، يقولون إذا وجد في قريتك من يعلم الذي تريده ، فلا تتعلمه إلا من أهل السنة ، واترك أهل البدع ، حتى لا يصيبك ما أصابهم من شر ، وإذا لم يوجد في قريتك ، وما كان لهجرتك سبيل ، فحينئذٍ جوزوا اخذ بعض العلوم الضرورية بشروط :
- أن يكون العلم ضرورياً.
- أن لا يكون هذا الشيخ داعيةً إلى بدعته.
- أن تكون عارفًا بمداخل بدعته ، حتى لا ينطلي عليك أمره .
هم ذكروا هذه الشروط عند خلو القرية من عالم سني ، من بقي من قد يعلم اللغة ، أو البلاغة ، أو بعض علوم القران ، وما يشبه ذلك ، فيؤخذ منهم هذا ، واشترطوا هذه الشروط ، حتى لا يصاب الإنسان من بدع أولائك.
وبالنسبة للضابط الذي يعرف به العالم ويؤخذ منه العلم ، العلم رحم ، والحمد لله ، وهذا الرحم تدفع ، ولا يمكن أن يصيبها العقم ، لأن النبي r قال : ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، حتى يأتيهم أمر الله ) وفي رواية ( حتى تقوم الساعة ) الطائفة المنصورة فسرها أهل العلم ، بأهل العلم ، وأهل الحديث ، ولا يعني مخالفة بينهما ، فأهل العلم ، هم أهل الحديث ، والعلم هو ما كان أثرَ ، على كل حال أن الله عزَّ وجلَّ
قد قال : ) اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ( [الحج : 74] ، طيب ، هؤلاء الناس الذين اصطفاهم هم الرسل ، الرسل اصطفوا الحواريون قال النبي r : ( إن لكل نبي حواريين ) ، وهم يتبعون الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، هؤلاء الحواريون اصطفوا لهم تلاميذ اخذوا عنهم العلم ، هؤلاء التلاميذ لهم أتباع وهكذا ، فهي سلسلة لا تنفصم عراها والحمد لله ، تبقى الرحم العلمية موصولة ، وأهل العلم يبقون معروفين ، ولذلك نحن لا يمكن أبدًا أن يدخل علينا رجل ليس منا ، فيمخرق ويتكلم بما ليس في دين الله عزَّ وجلَّ ويضل الناس لماذا ؟
لمنشد هذه الخطى ، منشد هذه الخطى ، العالم المزكى من قَبل يزكي تلاميذه حتى نصل إلى عهد النبي r ، وهذا من فضل الله على هذه الأمة ، وهذا منهج أهل الحديث ، هذا هو منهجهم ، أما غير أهل الحديث فهم يتبعون أهوائهم ، إذا وجدوا العلماء الربانيين لا يوافقونهم على بعض أهوائهم ، كما هو شأن اليوم التكفيريين ، والذين يسمون أنفسهم زورًا جهاديين ، هؤلاء تركوا العلماء بزعم أن العلماء أذنابٌ للسلاطين ، وأنهم لا يقولون ما في نفوسهم ، لأنهم أصحاب أطماع ، وأصحاب رهبةٍ و رغبة ، هكذا يقولون ، فقفزا إلى أناس لا يعرفون أصولهم ، أبو فلان أبو فلان أبو فلان أبو فلان ، على من درسوا ؛ ما يعرف لهم أصل في ذلك ، لماذا اتخذتموهم لكم متبوعين ؟
لأنهم وافقوا أهوائهم ، هذا كل ما عندهم ، ما عندهم شيء آخر ، وافقوا أهوائهم الحركية ، نزواتهم الثورية ، فتبعوهم ؛ فلذلك من اليسر بمكان ، أن يأتيهم يهودي في زي مسلم ، ويقصرُ ثوبه ، ويطيل لحيته ، ولا يحفظ من كتاب الله سوى قوله الله تعالى ) وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ( ، [المائدة : 43] ، حتى يتبعوه عن بكرة أبيهم ، ولذلك حصل مثل هذا بشهادتهم هم ، بعض من تبعوه في هذا العصر ، كالمسمى أبي قتادة الفلسطيني ، الآن هم يشككون في إسلامه بعد ، هل هو رجل كافر يخدم المخابرات البريطانية ، والأمريكية ، وغيرها ، أو هو غير ذلك ، بعد أن اتخذوه إمامًا ، وأفتاهم بجواز قتل الذرية والنساء ، وأفتاهم بجواز اختلاس الأموال بزعم أنها فيء وغنيمة بارزة ، لما وجدوه ذا وجهين ، ويلعب بحبلين ، ويفتي في الصحفيين بكلام ينقضه عندما يفتي جماعته ، لما رأوه هكذا ، نفضوا أيديهم منه ، ورموه بالعمالة ، وفي كل مره يقفزون من شيخ إلى شيخ ، وكانوا مع أبي حمزة المصري ، ثم قفزا إلى غيرة ، وكان مع أبي بصير الشامي قفزوا إلى غيره ، وهكذا في كل مرة هؤلاء المساكين ، لكن لو انضبطوا بالضابط السابق لكفاهم.
بقي في السؤال الكلام عن الحركيين ، لا يجوز تعينهم لماذا لا يجوز تعينهم ؟
النبي r قال : ( بئس اخو العشيرة ) ، وأشار إليه بينه ، عينه ، فتتبعون النبي r ، أم تتبعون التخمينات العقلية ، واستنباطات هذه الخالية من الدليل ، نعم أنا معكم ، لو قلتم نكتفي بأن نقول: ما بال أقوام ، كما جاء في صحيح مسلم ، كان النبي r إذا وجد من قوم مخالفة ، اكتفى بقول : ( ما بال أقوام ) ، فمن كان فيه ذلك الداء ، عرف نفسه فانقطع ، لكن إذا كان الشخص لا يفهم هذا ، أو كانوا الأتباع قد لا يفهمون أن فلان مصاب بذلك الداء ، وجب بيانه بسمه ، الدليل قوله ( ما بال أقوام ) ، والدليل الآخر
الفصل ( بئس اخو العشيرة ) ، والنبي r حضر خطبة رجل ، فأخطأ في خطبته ، ما قال : أنا ما اعيين الخطأ هنا ، أو لا أعينه ، إنما قال : ( باس خطيب القوم أنت ) ، كما جاء في صحيح مسلم ، عينه والناس يسمعون ، حتى لا يتبعوه في خطأه تأملوا !! وهذا مسلم وقال : ( أفتان أنت يا معاذ ) ، وهذا سيد العلماء رضي الله عنه ، وقال فيه ما قال ، فكيف بالمخطئين!! ، فكيف بالمضللين !! ، إذًا لابد حينئذٍ من بيان الضالين المضلين ، لو كان الشخص ضالًا في نفسه ، نكتفي بأن نقول ما بال أقوام ، أما إذا كان له أتباع فنقول كما قال النبي r : ( باس اخو العشيرة ) ، صاحب عشيرة كيف لا يحذر منه ، فهذا هو الحق في مسألة تبين الحركيين ، الحركيين اليوم هم في الحقيقة حجر عثرة كبير في وجه الدعوة ، دعوة أهل السنة ، في وجه العقيدة الإسلامية الصحيحة ؛ بل هم من أكبر الموردين لأهل البدع بل شر أهل البدع ، ما رفع عقيرة ( الروافض سوى ) 31:50 الحركيين مع الأسف ، فكيف يحذر منهم ، ما أودى بالمسلمين اليوم إلى حالة استضعاف بعد استضعاف ، وذل مع الأسف ، إلا ما رحم ربي ، إلا الحركيون ، لأنهم بأفعالهم الثورية سلطوا الكفار على المسلمين ، وهم عاجزون عن ردهم ، والله المستعان.
جزاكم الله خيراً وبارك الله فيكم ،،،
يقول السائل أيضًا : و ما ردكم على من يهون من شأن دراسة كتب العقيدة و ينشغل عنها بدراسة الفقه و غيره ؟
العلم بارك الله فيكم كله خير ، سواء كان عقيدة ، أو كان فقهًا ، لكن لا ينبغي للفقيه ، أو للمتفقه أن يضيق صدره لدراسة التوحيد والعقيدة ، الحقيقة كل فقيه لا عقيدة له يقال فيه لا دين له ، مهما كان أمره ، لأنه لو كان من افقه الفقهاء ، عالمًا بالخلاف بين أهل العلم ، لكنه لا يدري أربه فوق ، أو تحت ، أو في كل مكان ، أو مستوٍ على عرشه ، لا يدري أيجوز الاستغاثة بالله ، والاستغاثة بالنبي ، والاستغاثة بكل ميت صالح ، أم لا يجوز ، لكان من أضل الخلق ، فدراسة العقيدة لا بد منها ، النبي r باتفاق أهل السير ؛ بل بإتفاق العوام والخواص من المسلمين ، كرس جهوده أول ما أرسل في إرساء دعائم العقيدة الإسلامية ، وأنزل الله تعالى عليه ) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ( ، [محمد : 19] ؛ بل أنا استغرب من هذا السؤال مع قول الله عزَّ وجلَّ ) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ( ، [الكهف : 110] ، تأملوا هذه الآية ، ولها نظائر كثيرة في كتاب الله ) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ ( ماذا يوحى ؟ ) أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ( ، كأنه لم يوحى من الدين ، إلا التوحيد ، تأملوا هذا بارك الله فيكم ، مع صيغ صيغ الحصر أدوات الحصر ) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ( ، وقال : ) قُلْ ( ليبلغ ، وأنتم كونوا تابعين للرسول r ) أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ( سبحان الله العظيم !! ، لقد أوحي إلى الرسول r التوحيد ، كما أوحي إليه الفقه ، كما أوحي إلية الأدب ، أوحي إليه كل ما تحتاج إليه الأمة من اقتصاد ، وسياسة ، وإجتماع ، وأخلاق ، ثم يأتي الوحي الكريم ليقول ) يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا( بصيغة الحصر ) إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ( ، كأنه لم يوحى إلى النبي r ، إلا التوحيد ، وهذا حق لما ؟
لأن الأعمال الأخرى ، أو العلوم الأخرى ، قلت لأن الأعمال الأخرى فالحقيقة كلها متفرعة عن التوحيد ، كما قال تعالى : ) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ( ،
[التوبة : 24- 25] ، دلت هاتان الآيتان على أن الكلمة الطيبة التي فسرها السلف ، بأنها لا إله إلا الله ، كلما كانت راسخة الجذور ، كانت ثمارها يانعة طيبة ، فهكذا ، هؤلاء المتفقهة يقال لهم : كلما رسخت العقيدة في قلوبكم ، ورسختموها في قلوب الناس ، كلما كان الفقه الذي تدرسونه أمكن في قلوب الناس ، وفي أعمالهم ، لابد أن تنطلقوا من هذا ، لابد أن تنطلقوا من هذا ، وإلا فتأملوا حال بعض الفقهاء ، لا يفرقون بين المتبوع بحق r ، وبين توقير العالم ، وإتباع قوله المشفوع بالدليل ، حتى إنهم ليقدمون قول الفقيه على قول الرسول r الناصع الواضح الذي هو نص وليس بظاهر ولا مفسر ، هذا موجود عند كثير منهم ، إذا عارض النص الصريح الواضح الدلالة قول بعض متبوعيهم ، من الفقهاء ، لا يجدون غضاضة من أن يردوا قول النبي r ، ثم يعللون تعليل باهت ، فيقولون قد علم فقيهنا هذا الحديث لكنه تركه ، لأنه معلول بشيء ما ، حتى ولو لم يفهموا هذا التعليل ، أو تلك العلة ، إذًا فلا بد حينئذٍ أن ننطلق من هذا ؛ بل لاحظوا آيات الدعوة ، تقريبًا في القران الكريم ما من آية تتكلم عن الدعوة ، إلا وتذكروا التوحيد ، أو تعرض بالشرك ، كقوله تعالى ) قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ( ، [يوسف : 108] ، الحكمة في ختم الآية بالتبرؤ من المشركين ، أنه يجب على الداعية أن يكون عليم بالتوحيد ، عليمًا بالشرك ، عليم بالتوحيد حتى يعمل به و يدعو إليه ) أَدْعُو إِلَى ( عليم بالشرك حتى يَحذره ، و يحذّر الناس منه ؛ قوله تعالى
) وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ( ، [القصص : 87] ، وخذوا آيات في هذا الباب كثيرة في القران الكريم ، تجدونها على هذا النسق ، الله عزَّ وجلَّ يأمر بالدعوة ، ثم يعرض بالشرك من جهة البراءة ، والتحذير ، وما إلى ذلك ، للدلالة على أن أيما دعوة لا تُعنى بالتوحيد ، فلا قيمة لها إطلاقًا ، مهما تفقهت ، مهما تخلقت تأدبت ، لو كان المرء أحسن الناس خُلقًا ، لكنه واقعً في الشرك ، لما نفعه عند الله ، قال تعال : ) وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ( ، [الفرقان : 23] ، وقال تعالى: ) لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ( ، [الرعد : 14] قوله : ) لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ ( ، فسرها علي بن أبي طالب ، وابن عباس بالتوحيد ، قالوا دعوة التوحيد بدليل مقابل ) وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ( أي المشركون ، فمقابلة الشيء بالشيء ، يدل على التناظر ، أن هذا عكس ذاك ، ) وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ( ، [الرعد : 14] ، وكذلك قوله تعالى
) نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ ( ، [إبراهيم : 44] ، قوله ) نُجِبْ دَعْوَتَكَ ( أي دعوت التوحيد ، لأنها قوبلت بقسيمها وهي دعوة الرسل إلى الإتباع ، الإخلاص والمتابعة.
إذًا فنقول إلى هؤلاء الأخوة ‘ اعتنوا بالتوحيد ، واتقوا الله عزَّ وجلَّ ، يخشى عليكم أن تكونوا دعاةً لأنفسكم لا لله ، وأنك إذا دعوت إلى الفقه ، ربما لم تجد من يعارضك ، وإذا دعوة إلى التوحيد ، نبذت واتهمت أنك وهابي ، أنا أخشى أن يكون القائل هذا قد أصيب بعقدة ، وهو ضعيف النفس ، ضعيف الشخصية ، لا يستطيع أن يجهر ، وأن يصدع بالتوحيد أمام قومه ، فاضطر إلى أن يتستر بالفقه ، هذا قلط كثير .
والله المستعان.
جزاكم الله خيرًا وبارك الله فيكم ،،،
هذه سائله تقول : السلام عليكم ورحمة الله
فضيلة الشيخ عبد المالك رمضاني السؤال الأول : قرأ بعضهم كتابكم (مدارك النظر) وكانت له ملاحظات منها:
أولاً : كلامكم عن سلمان العودة ، وأنه يزين الخروج على الحكام ، واستدللتم على ذلك بما ذكره من مواجهة الشيوعيين العزّل في روسيا للدبابات بصدورهم العارية ، حتى سقط ذلك الحكم ... الخ .
فقال : إن سلمان العودة هنا لا يقصد التحريض على الخروج ، وإنما أراد أن يضرب مثالاً ليبين أنه إذا كان الكفار يتحملون ويصبرون في سبيل مبادئهم ، فالمسلمين من باب أولى أن يصبروا ولا يستسلموا لأقل عائق ، وقال : إن ذكر هذا المثال في شريطه (هموم فتاة ملتزمة) يدل على ذلك أيضًا ، حيث أن سياق الكلام كان في الدعوة ، ولا يفهم منه الخروج فما تعليقكم على هذا ؟ جزاكم الله خيرا.
الحقيقة أنه ليس لدي أكثر مما علقت به في كتابي " مدارك النظر " وأنا أترك الكلام للشيخ نفسه سلمان العودة ، أنه هو الذي تكلم في ذلك الشريط ، وهو الذي علل ، وهو الذي جعل مواجهة الدبابات بالصدور العارية في روسيا مثالاً لبني قومه لأن مثل له ، أو مثل للسعودية لما حصل في روسيا ، طبعًا روسيا دولة كافرة ، والسعودية دوله مسلمة ، فالآن هذا سياق كلامه واضحًا يقول : ( ضغوط الناس لا يمكن إهمالها بحال من الأحوال الآن ، ونحن في عصرٍ صار للجماهير تأثيرٌ كبير ، فاسقطوا زعماء كبار - هكذا - وهزوا عروش – هكذا – وحطموا أسوارًا ، وحواجز ، ولا زالت صورة العزل الذين يواجهون الدبابات بصدورهم في الاتحاد السوفيتي ) ... الخ ، طبعًا مسكين من أبتلى بالكفار من المسلمين مع الأسف الشديد ، الله تعالى يقول ) لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى ( ، [النحل : 60] ، لا يمثل للذين لا يؤمنون بالآخرة ، إلا مثل السوء ، كيف يمثل لهم بالمثل الحسن ، بل كيف يجعلهم قدوةً للمسلمين ، مع الأسف الشديد ، هذا نضرب عنه صفحا لنقول : هو يريد التحريض على الدولة السعودية ، مع الأسف ، بالخروج عليها والدليل واضح قوله : ( فإذا كان المجتمع الذي نعيش فيه مجتمع منقسما ) تأملوا ، هو ما يتكلم من فراغ ، ولا يتكلم عن المريخ ، ولا عن ما خرج عن الكرة الأرضية طبعًا عن كلامه ما خرج عن السعودية ، وهو يقصد بالبلاد السعودية ، مجتمعنا مجتمع منقسم وهذه حقيقة ) فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ( ، [النمل : 45] الآية وين جات ، هذه جات بين المسلم والكافر ) فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ( في سورة النمل ، الكفار والمسلمون تأملوا ، حتى الآية بعد قال : ( فيجب أن يمارس الخيرون ، كافة الوسائل لتحقيق قناعاتهم الشرعية ) كافة الوسائل ، ومن الوسائل التي مثل بها ، مواجهة الدبابات ، تأملوا ، قال : ( والشكوى وسيلة ، لا يمكن أن يهون منها ، أو من شانها ، ولكنها من اضعف الوسائل ، خاصة إذا لم يكن معها غيرها ) ، من الذي مع غير الشكوى ، الشكوى هي إنكار المنكر باللسان ، طيب هذا ضعيف عنده ، من الذي هو اقوي منه ، إنكار المنكر باليد ، حديث ابن مسعود المعروف ، حديث أبي سعيد الخدري ( من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) ، إذًا تغير المنكر باليد حينئذٍ لمواجهة الدبابات ، هذا الذي يقصده سلمان مع الأسف في بلاد التوحيد ، بلاد السنة ، ليكون خير معين للدول الكافرة والدول المبتدعة ، التي تريد القضاء على التوحيد والسنة الذين في هذه البلاد التي انفردت بها مع الأسف عن كل دول العالم ، إلا ما رحم ربي ، فتأملوا هذا بارك الله فيكم ، إنه يريد التحريض بلا شك ، وهو يقول المجتمع الذي نعيش فيه ، فكيف يقول السائل إن الرجل لا يقصد بلاد السعودية !! ، يقصد ماذا إذًا ؟ هو حرض عندنا في الجزائر ، وقال : ( أنصح جبهة الإنقاذ ، أن تبذل المزيد من القتلى ، وأن تصبر وتصابر ، ونحتسب قتلاهم ( شهداء عند الله ) ، أنا أقول إنني أحتسب أنما فعله سلمان بفتواه هذه ، وصديقة في المذهب الضال علي بن حاج عندنا ، يقتسمان دماء المسلمين في الجزائر مع الأسف ، وأنا أحملهم مسؤولية يوم القيامة ، وعليهما ما داما على قيد الحياة ، وما داما شيء من الإيمان ينبض في قلوبهما ، أن يستسمحا الشعب الجزائري ، وإلا فالمصيبة والله اعلم تكون عظيمة عند الله ، ما من دم أريق هناك ، إلا ويتحملان بادئ ذي بدئ قبل غيرهم مِن مَن شاركهم في هذا الضلال ، يتحملان المسؤولية مع الأسف ، لأنهم شجعوا على ذلك ، وأيدوه ، ونصروه والشريط كان في هذا الباب ، لأن هذا كلامه مع الأسف وهو ؛ بل هو يكفر دولته الدولة السعودية ، ولقد ذكرت هذا ، ونقلته من كلامه الذي في محاضرة " تحرير الأرض أم تحرير الإنسان " ، هو ذكر هذا كفر ، بل قال شعرًا يدل على كفر جميع الحكام ، من المحيط الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي ، هو الذي قال في محاضرة :
" فبالله خلوا عبيد التراب ، وقبلتهم أخت كولومبس "
يقصد أمريكا هذه قبلتهم ، طيب مع الأسف
" ففي كل يوم مزارٌ ووباءُ ، من العربي إلى الأطلس "
أي من الخليج العربي إلى الأطلسي ، ما ترك بلدة يحكم لها بالإسلام ، مع الأسف كلهم عبيد التراب ، عبيد أخت كولومبس ، تأملوا هذا.
" فبيت العتيق لنا قبلة ، نفدِّيه بالنفس والأنفس "
بيت العتيق !! ليش بيت العتيق ، يعني في أيدي الكفار حتى تفديه ، بيت العتيق محفوظ عند أهل السنة ، وأهل التوحيد ، لو كان بيت العتيق عند الحاقدين على أصحاب رسول الله r ، لأهلكوا الخلق ، لو كان بيت العتيق في أيدي الخرافيين من الصوفية ، لأهلكوا الخلق ، لكن في أيدي التوحيد مصون والحمد لله ، لا يسمحون بطوافٍ بقبر ، واستغاثةٍ بميت ، ومناجاة من لا يقدر أن يعطيهم أبدًا ، والحمد لله ، ينبغي لك أن تأيد هذا ، لكنه مع الأسف ، يرى بأن رقعة إسلامية قد استولى عليها المنافقون النفاق الأكبر ، يقول في هذه المحاضرة : ( فنجد أن الرقعة الإسلامية ، أصبحت نهبًا للمنافقين الذين أحتلوها بغير سلاح ، وليس بالضرورة يعني عن طريق الثورات هيمنوا على العالم الإسلامي ، باسم العلمانية تارة ، وباسم الوحدة الوطنية ، أو الوطنية ، تارة أخرى ) ، هذا كلامه ، ويقول الآن يأتي الكلام عن السعودية يقول : ( وباسم نظرية الحق التاريخي ، الذي يخولهم ذلك مرة ثالثة ، ولا بكاء ، ولا دموع على هذه الأرض الإسلامية ) سبحان الله !! راحت ، مسكين عنده دولة الحرمين ، راحت في أيدي المنافقين ، هكذا قال : ( ولا بكاء ، ولا دموع ، على هذه الأرض الإسلامية التي أصبحت تُحكم بالمنافقين ، بل أصبح ذلك الواقع واقع شرعيًا في نظر الكثيرين ، ولعله أحيانًا يكون مثيرًا للدهشة ) هذا كلامه !! ماذا تريدون بعد هذا ، الكلمة التي يجهلها البعض ، أنه قد لا يكون في هذه البلاد ، قوله : ( نظرية الحق التاريخي ) نظرية الحق التاريخي كما تعلمون هي ولاية العهد ، النظام الملكي ، وما من سعودي قرأت عليه هذه الجملة ، إلا قال : هو يقصد السعودية ، لماذا ؟
لأنه قال ، عين قال : ( يخولهم ذلك مرة ثالثة ) ، لأن الدولة السعودية الآن في عهدها الثالث ، تأملوا هذا الدولة السعودية الآن في عهدها الثالث ، هي النظام هي تحت نظرية الحق التاريخي ، الذي هذا التعبير سياسي معروف عند السياسيين ، إذًا هو يحكم عليها بأنها تحكم من قبل المنافقين ، والمحاضرة كلها في وجوب قتال المنافقين ، الذين استولوا على الرقعة الإسلامية ، وعلى كل حال ، لا داعي في ظني للدفاع عن الرجل ، والله المستعان.
جزاكم الله خيرا ، وبارك الله فيكم ،،،،
تقول أيضًا في ضمن كلام هذا الذي قرأ الكتاب وله ملاحظات يقول : أن هذا الرجل يقول أو هذا القائل يقول قلتم في كتابكم : أن سلمان العودة أخترع حكاية التفريق بين الفرقة الناجية والطائفة المنصورة لصرف الشباب عن أهل الحديث ما الدليل على أنه أراد ذلك ؟ وقد قال الشيخ الألباني عن هذا التفريق : ( لا أراه بعيداً
عن الصواب ) ؟
نعم أنا قلت ذلك وأتيت بشواهد في طعنه على أهل الحديث ، سلمان العودة لما قال ما قال في التفريق بين الطائفة والمنصورة والفرقة الناجية أراد أن يُدخل في الفرقة الناجية من ليس منها ، كالأشاعرة والصوفية وغيرهم ، وكلامه واضحٌ في ذلك هذا كلامه ، الشيخ الألباني – رحمه الله – لما تكلم عن التفريق منطلق من هذا المنطلق ، ولا ذكر هذا المفهوم ، إنما أراد أن يقول إن الطائفة المنصور أخص من الفرقة الناجية ، لأن الفرقة الناجية أعم ، الفرقة الناجية ، أولاً : إن الطائفة المنصورة هم أهل العلم وقد سبق وأن ذكرت شيئًا من ذلك هم أهل العلم الفرقة الناجية أعم من ذلك لأننا لو قلنا إن الفرقة الناجية هم الطائفة المنصورة لحجرنا واسعًا ، يصبح كل من ليس بعالم من أهل السنة ليس من الطائفة المنصورة ولا الفرقة الناجية ؛ وهذا قلط التفريق إنما الفرقة الناجية يدخل فيها عوام أهل السنة وخواصهم ، وأما الطائفة المنصورة فهم خواصهم الذين هم أهل العلم ، كما أتفق كلمة السلفي على ذلك وشيخنا ناصر – رحمه الله – ذكر في المجلد الأول تفسير السلف للطائفة المنصورة وعين تسعة منهم رحمة الله عليهم أنهم أهل العلم وأهل الحديث وهذا واضح ، أما الآن اقرأ عليكم كلام الشيخ ناصر رحمه الله تعالى في ذلك حيث قال : ( فقد تقدم – هذا الذي أنا أشرت إليه – هناك النقل عن أئمة الحديث في تفسير الطائفة المنصورة ، أنهم أهل العلم بالحديث ، وأصحاب الآثار وبالضرورة تُعلم أنه ليس كل من كان من الفرقة الناجية هو من أهل العلم بعامه ؛ بل من أهل العلم بالحديث بخاصة ، ألا ترى أن أصحاب النبي r هم الذين يمثلون الفرقة الناجية ، ولذلك أمرنا بأن نتمسك بما كانوا عليه ، ومع ذلك فلم يكونوا جميعًا علماء ، بل كان جمهورهم تابعًا لعلمائهم فبين الطائفة والفرقة عمومٌ وخصوصٌ ظاهرًا ، ولكني مع ذلك لا أرى كبير فائدة من الأخذ والرد في هذه القضية حرصًا على الدعوة وشتات الكلمة ) ، هذا كلامه أولاً : هو واضح في التفريق المذكور وهو أن الطائفة المنصورة من الفرقة الناجية ، وأنهم أخص من الفرقة الناجية ، وكلهم طبعًا على دينٍ واحد والحمد لله ، وعلى الجادة ، بخلاف كلام سلمان العودة ، الذي أراد أن يدخل من ليس سلفيًا في الفرقة الناجية وهو بحاجة إلى هذا ، كما فعل بعض أصحابه قريبًا في ضم الأشاعرة إلى أهل السنة والجماعة ، نسأل الله العافية لماذا ؟
لأنهم يجدون عند أهل البدع بعض الأهواء التي تناسبهم ، لا يجدونها عند غيرهم ، فهم محتاجين حينئذٍ أن يستعينوا بهم ، أكثر الأشاعرة اليوم ثوريون ، فهم محتاجون إليهم معنا هذا مخالف لمذهب الأشاعرة ، الأشاعرة لا يرون الخروج على السلطان مطلقا ، مطلقًا ، وهذا موجود في كتب العقائد ، لكن الذين يقولون نحن أشاعرة اليوم كلهم تقريبًا ، يحرضون على الخروج ، فلذلك بعض من في نفسه شيء من الحكام يجد رحمًا موصولةً بهم ، فلذلك يقربهم إلى أهل السنة ، ويدعي أنهم منهم ، وهكذا بالنسبة بما علية الشيخ المذكور الشيخ سلمان مع الأسف الشديد ، وهو لما كتب كتابة " الغرباء " أراد أن يقول بأن الغرباء هم أهل الجهاد وأنا اذكر ولعلى الإخوة الذين يسألون مطلعون على شريط من سلسة الهدى والنور نقاش بين الشيخ ناصر الدين الألباني - رحمه الله - والشيخ علي خشام الذي كان مع الأسف مبتلى إلى العظم كما يقال بفكر سلمان العودة ، وكان يقرأ على الشيخ قراءة بعد قراءة ، من بعض سلسلته في " الغرباء " فكان الشيخ قد أعطاه فسحة من الوقت ، فقرأ عليه الكثير وفي كل مرة الشيخ ينتقد ، فيقول : شيخ أصبر علي شيخ لعلي أزيدك توضحًا ، فيزيد فيزيد إلى أن انتهره الشيخ ، قال: يا أخي إحنا الآن استمعنا إليك ، والرجل هذا كصاحبه سفر الحوالي ثوريون ، ثم سأله هل تعلم رأيهما في فتنة الجزائر ، قال : لا أدري ، الشيخ قال : أنا أدري إنهما يؤيدان ذلك ، ثم بعد أن اعمل الشيخ في الأول شيءً من المجاملة لعلي خشان وبين له أنه يستمع إلى كلام سلمان العودة الذي في كتابه عن الجهاد ، قال له في نهاية الأمر : كلامه هذا شعري خيالي يتكلم بلام جميل عن الجهاد لكنه لا يذكر حكمة ، لماذا يتهرب من الحكم عن الجهاد ؟ ، قال : لأن الرجل يصور ويحرض ، هذا كلام الشيخ ناصر وارجعوا إلى الشريط ومتداول وموجود ، فخلاصة الأمر الشيخ كان يحسن ضنه بسلمان العودة ، لأنه اتصل به مرة وقال : ( تكلم معي حوالي صف ساعة ) ، وقال : أنا راجع عن كل شيء ... إلخ ، فتظاهر الشيخ سلمان بشيء من الخلق والتراجع عن رأيه وفكرة ، فالشيخ ناصر ما سمعه ، لكن بعد ما تبين للشيخ ناصر حالته ، تكلم فيه ، هذا كل ما في الأمر ، وهذا نفس أهل العلم ، يحسنون ظنونهم بكل مسلم ، ثم لما يظهر لهم العكس يبينون ، وقد بين الشيخ جزاه الله خير وقدم لكتابي " مدارك النظر " وعرض بسلمان وسفر وغيره ، لأنه قال بعض الشباب من غير الجزائر ، ومن خارج بلاد الذين كانوا مؤيدين لثورة الجزائر قد بينوا للمؤلف جزاه الله خيرًا ما كانوا عليهم من الفساد منهجهم كلمه نحو هذا ، هذا كلام الشيخ ناصر - رحمه الله تعالى - فلماذا يتعلق به الناس ، إذًا كلام الشيخ ناصر بالتفريق بين الفرقة الناجية والطائفة المنصورة في واد ، وكلام الشيخ سلمان في وادٍ آخر ، فكيف نجمع بينهما ، إنما قاله الشيخ أول ، تحسين للظن ، ولذلك آخر زيارة زورت فيها الشيخ - رحمه الله - كنت مع مجموعة مع طلب العلم وقال لي : " لقد زارني أحد الدكاترة السعوديين ، الذين يحملون هذا الفكر ، ورأيت أن الرجل على شِنشِنت الإخوان المسلمين " هكذا يقول الشيخ - رحمه الله – قال : " لكن ماداموا يأتوننا نصبر عليهم لعلهم يرجعون ، وإلا فهم على درب الإخوان المسلمين ينطحون قرونهم ثم يكسرونها بلى فائدة " قال : رجل دكتور كذا نسي الشيخ اسمه ، قلت أهو الدكتور ناصر العمر قال : هو ذاك ثم قال : " لا تخف إن دعوتهم هذه لن تقدم شيئًا ، وإنما هي كما قال تعالى : ) وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ( ، [الرعد : 17] " هذا الذي قاله لنا - رحمه الله تعالى - بعد أن تبين حالهم ، والله ولي التوفيق.
جزاكم الله خيرا ، وبارك الله فيكم ،،،
تقول السائلة كيف نحكم على شخص بأنه سلفي ، أو غير سلفي ؟ وما الضابط في ذلك ؟ بعضهم يقول : إن محمد قطب سلفي مثلاً..فما الدليل على أنه غير ذلك ؟
يكون الرجل سلفيًا إذا كان ذا عقيدة سلفية ، هذا وهو التعريف المنضبط الذي لا يُنقض ، ولسنا بحاجة أن نقول ذا عقيدة سلفية ومنهج سلفي ، لأن التفريق بين العقيدة والمنهج لا أحببه وما رأيت عليه أحدًا من أهل العلم ، ولا ثم مصنفات ، ولا علوم في هذا الباب ، وإنما هي من اختراعات بعض القطبيين وانطلت على بعض السلفيين ، لأن المنهج من العقيدة فلا داعي للتفريق ، المنهج الذي كان يقصد به معاملة السلطان من حيث الخروج وعدم الخروج ، هذا من صميم العقيدة وموجود في كتب العقيدة والحمد لله ، إذا كان المقصود به الدعوة ومعاملة المبتدعة في الدعوة ، هذا من صميم العقيدة والحمد لله موجود ، فإذًا لا داعي أن نقول إذا كان ذا عقيدة سلفية ومنهج سلفي ؛ بل العقيدة والمنهج لا يفترقان ، فإذًا كل من كان ذا عقيدة سلفية ، فهو سلفي ، ينبغي لنا أن نقدر العقيدة ، فنقول هذا التعريف يعني مائع ، أو كيف يكون الأمر كذلك يدخل فيه من هب ودب نقول لا قلط ، قلط لماذا ؟
لان هناك أصول ، لا يمكنك أن تدخل الإخوانجي مثلاًً من الإخوان المسلمين الذي قد يكون معك في الأسماء والصفات على ما كان عليه السلف الصالح ، لكنه يرى الخروج ، هذا ليس سلفيًا ، لأن من رأى الخروج أُلحق بالخوارج ، إذ هي من الأصول البارزة فالرجل يخرج من السلفية إذا تبنى مذهبًا بارزًا من مذاهب أهل البدع ، من أصولهم الغليظة وهذا منها . في شي في السؤال ؟
يقول أيضًا بعضهم يقول أن محمد قطب.
نقول اثبتوا ذلك ، اثبتوا لنا أن الرجل سلفي ، وإلا فالرجل دخل جزيرة العرب واستوطن في السعودية مدةً ، وأفسد كل من تمكن من قلبه من أبناء البلاد السعودية مع الأسف ، وكان تلميذه الحميم سفر الحوالي المعروف والمشهور بالتكفير ، والخروج ، والتحريض على ذلك ، من أوفى تلاميذه ، ومن أحفظ التلاميذ لمنهجه ، ومن أكثر الناس دعوة إليه ، أقروا كتابه الذي كتبه " واقعنا المعاصر " لتفهموا أن الرجل ليس سلفي بل هو ثوري ؛ بل تكفيري أحمر ، لأنه يرى بأنه لا فائدة من الكلام اليوم عن السياسة في هذه المجتمعات المسلمة ، لأنها لن تصبح مجتمعات مسلمة ، فهم لا يعرفون لا اله إلا الله قال : " ينبغي تأسيس لا اله إلا الله في القلوب " ، نسل الله العافية ، تأسيس !! طبعًا التأسيس يكون في مكان غفر ليس فيه بناء تأسيس يذكر هذا في كتابه " واقعنا المعاصر " ثم أشياء لا أذكروها في ذلك الكتاب ، وعنده كلام سيء في بعض الصحابة في كتاب التفسير أو التاريخ الإسلامي والتفسير ، أو شيء من هذا ، كلام لا يصلح ، وهو الذي أحيا مشكلة الإرجاء و وصن بها أهل السنة ، وقد ذكر الإمام أحمد كما نقل عنه حرب الكماني رحمه الله تعالى ، ذكر أن الخوارج هم الذين تميزوا بإضفاء وصف الإرجاء ، على أهل السنة والجماعة .
ثم الرجل قدم لكتاب سيء لتلميذه سفر الحوالي " العلمانية " هذا الكتاب من أوله إلى آخره يكفر الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله دون تفصيل ، من أول الكتاب إلى آخره لم يأتي المؤلف ؛ ولم يعرج على تفسير بن عباس ،ولا عطاء ، ولا طاوس ولا ولا ولا ؛ بل الذي هو إجماع السلف ، أجمع السلف على أن الحكم بغير ما انزل الله ، كفر أصغر ، ولا يكون كفرًا أكبر حتى يحتف بقرائن أخرى ، كأن يستحل صاحبها بعد أن تبلغ له الحجة ، ما عرج أبدًا على تفسير السلف لآية الحكم بغير ما انزل الله ، مع انه رددها مرارًا في كتابة ، وقدم له محمد قطب ، ومحمد قطب قدم له كتاب " ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي " للدكتور سفر الحوالي أيضًا ، هذا الكتاب كتاب دكتوراه ، هو قدم له في الكتاب ، واحتفى به ، والكتاب فيه دعوة صريحة للتكفير ، كما هو مذهب سفر الحوالي وللخروج ، لأن سفر الحوالي في هذا الكتاب أتهم الشيخ الألباني بأنه من المرجئة ، أو وافق مذهب المرجئة في كذا وكذا وكذا ، وطعون أخرى ، وكذلك قال : " بأن مسألة الخروج على السلطان المسلم الجائر مسألة مصلحيه اجتهادية لا تبديع فيها ولا تظليل " ، تأملوا !! هذا نص كلامه " مسألة مصلحية اجتهادية لا تبديع فيها ولا تظليل " ، هذا الذي قدم له محمد قطب ، فمحمد قطب حقيقة جاء إلى جزيرة العرب ليحدث انقلابًا فيها بخصوص في البلاد السعودية ، وقد مع الأسف انقلابًا فكريًا في أوساط أتباعه ، وسلم الله البلاد والحمد لله ، وهؤلاء الذين الآن يثيرون الفتن هم تلاميذه ، الآن يثيرون التفجيرات هم تلاميذه ، وهو الذي إلى الآن يطبع كتب أخيه سيد قطب الواضح في التكفير في الدعوة إلى التفجير والطعن في الصحابة وكذا لوح شيخ محمد جميل زينو يقول: قلت اتصلت بمحمد قطب كيف تطبع كتب أخيك وهو يطعن في الصحابة في عثمان ويقول إن الذين خرجوا على عثمان اقرب إلى روح الدين الإسلامي من عثمان ، نسأل الله العافية ، هل هناك سني يقول هذا الكلام !! وهناك رجل يروج لهذه الفتنة هذه البدعة بعد أن نبه عليه محمد قطب فقال : أنا أطبع كتب أخي كما هي ، كيف ذلك !! ،
) وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ( [التوبة : 2] ، وهذه الصحيفة يوم القيامة تقوم لك تحاسبك تنشرها بين الناس ضلالة ، فالرجل على كل حال من أخطر الناس على السنة ، وعلى السلفية هذا محمد قطب ، والله ولي التوفي.
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم ونفع بكم ،،،
السائلة لها سؤال ثالث تقول: بعضهم يقول معلقاً على من يقول أن جهاد أهل البدع أهم من جهاد الكفار،يقول أن هذا خاص بجهاد الطلب وليس جهاد الدفع الذي لا يمكن تأخيره حيث يهاجم فيه العدو البلد ولا يمكن تأجيله لجهاد أهل البدع ؟ فما تعليقكم على ذلك ؟
من أتى بالتفريق فليأتي بالدليل هذه واحدة وثانيًا : هذا الكلام ليس بإطلاق جهاد المبتدعة أولى من جهاد الكفار فليس بإطلاق ، وإنما هو لما كان جهاد الكفار لا يتم إلا عن تلاحم ، وتكاتف ، وأن نكون يدًا واحدة قال تعالى : ) وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ( [التوبة : 36] ، وأن نكون يدًا واحدة على من عادنا قال تعالى:
) هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ( [الأنفال : 62-63] لما كان ربنا عزَّ و جلَّ
يقول ) وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا ( [الأنفال : 46] فهذا شرط أن يكون المسلمون متلاحمين ، لما كان هذا الشرط لا بد من تحقيقه ، قال العلماء : بأن جهاد المبتدعة أولى من جهاد الكفار ، لأنك إذا تركت المبتدعة في المجتمع ، فإنهم ينقضونه حجرًا حجرا ، ويفرقون شمله ، ويضعفون قوته ، لما يبثون من أفكار فاسدة ، فلذلك يُبدأ بهم ثم يلحق الكفار ، لكن قد يبدأ بالكفار إذا رأى ذلك المجتهدون ، وإنما ينبه على هذا بعض الناس الذين يقولون : لا لا لا تلتفتوا إلى المبتدعة حتى نقاتل الكفار ، متى ينتهي من الكفار ، ما ينتهي من الكفار الكفر موجود ، الحق والباطل في صراع ، فهذا غلط كبير ، ولذلك في كثير من البلاد الإسلامية كان الصوفية المتواجدين في أوساط المسلمين وأوساط أهل السنة هم الذين يمكنون للكفار ، وذكر بن تيمية وغيرة أن الرافضة كانوا من اكبر أعوان الكفار ، وكانوا هم الذين دلوا الكفار على مواطن الضعف في دولة المسلمين حتى دخلوا عليها وأفسدوها أيما إفساد ، فالذين سكتوا عن الرافضة هم الذين في الحقيقة الأمر مكنوا للكفار من دخول بلدهم وإفسادها من هذا القبيل ، لكن أقول هذا المسألة ينظر فيها المجتهدون وبن تيمية - رحمه الله تعالى – في الرد على البكري ولقد سقته كلامه في كتابي " السبيل إلى العز والتمكين " بين أن طائفة من أهل العلم المحققين ( كما وصفهم هو ) المحققين امتنعوا من قتال التتار ، لما وجدوا المسلمين يستغيثون بغير الله ، وكانوا يقولون :
يا خائفين من التتار *** لوذوا بقبر أبي عمر
قال : ( فامتنع المحققون والعلماء عن الجهاد مع أنه جهاد دفع التتار جاءوا غزاةً ) ، قال : ( فحرضنا الناس على السنة والتوحيد ، فلما رجع الناس إلى الله ، واستغاثوا به وحده ، ووحدوه وعرفوا الله عزَّ و جلَّ والعقيدة الصحيحة ، والتزموا بهدي النبي r هنالك قاتلوا الجميع قتالاً مؤزرا ) ، فتأملوا هذا المقصود.
أولاً : لأن اتحاد الصفوف مطلوب .
وثانيًا : أن الله سبحانه وتعالى ينصر أهل التوحيد أهل السنة هذا شرط ، أما أن يقال : اتركوا الناس على البدع كيف ما كان ذلك أبدًا كيف يقاتل ، معصية أحد حرمت الناس من النصر ، معصية غزة حنين حرمة الناس من النصر ، وأنتم تريدون أن تقاتلوا بالمسلمين اليوم بمبتدعهم ، وسنيهم والسنيون فيهم ما فيهم من البلاء والأخطاء فضلاً عن من يخالفهم تريدون تنتصروا على العدو ، هذه أحلام وخيال ، الله تبارك وتعالى قال : ) أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ (
[آل عمران : 165] ، هذا خطاب لمن لخير من تبع نبي أصحاب الرسول r ، بل قال
لنبيه r : ) وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ( [النساء : 79] . هذا والله تعالى اعلم.
جزاكم الله خيرا ، وبارك الله فيكم ،،،
هذه أربعة أسئلة من منتدى السلفيات يقولون : نرجو من فضيلة الشيخ عبد المالك - حفظه الله - التفضل بالرد عليها مع جزيل الشكر .
السؤال الأول : من هم علماء الجزائر خلال الاحتلال الفرنسي ؟ وما هو دور الدعوة السلفية آنذاك ؟
علماء الجزائر خلال الاستعمار الفرنسي بالجزائر ، كان منهم الشيخ أبو يعلى الزواوي ، وهذا رجل كان قويًا في عقيدته حتى يقول : لست أشعريًا ولا صوفيًا ولا ولا إنما أنا سنيٌ سلفي ، كان يصرح بذلك ، ومنهم الشيخ عبد الحميد بن باديس ، والشيخ محمد بن بشير بن إبراهيم وهو معروف أيضًا ، والشيخ طيب العقبي والشيخ مبارك الميلي ، وغير هؤلاء رحمهم الله تعالى ، بعض من كان مع جمعية العلماء الجزائريين الذين كانوا مع من ذكرته ، أو ذكرت أسمائهم الآن ، كان عليهم بعض الملاحظات ، وحتى يعني ما كان ينتقد على بعضهم لأنهم في الحقيقة كانت هناك حالات سياسية أضرت ببعضهم ، وبعضهم كان أشعريًا ، وبعضهم كان صوفيًا ثم أخذوه رويد رويد إلى السنة ، لكن أيضًا كان الشيخ ..... " 71:43 " هذا كان صاحب سنه قويًا في هذا الباب ، وغيرهم والله تعالى اعلم.
أما دعوتهم السلفية ، فكانوا ينشرونها – أي الدعوة السلفية – فكانوا ينشرونها في ربوع الجزائر ، ولذلك هم كانوا في الحقيقة كلهم من الشرق الجزائري ، الشرق الجزائري إلى الآن نظيف بالنسبة إلى الغرب من جهة القبوريات ، كانوا أشد الناس على القبوريين ، أنا قديمًا قرأت بعض المناظرات بين الشيخ بن باديس - رحمه الله- وبعض القبوريين ، فكنت اقرأ وأنا لا اعرف من الراد والمردود عليه وما ذكر الاسم فالأول ، فسبحان الله من قوة الحجة كنت أظن أن ابن تيمية يرد على غيره ، حتى دورت بعض الصفحات فوجدت اسم بن باديس يخاطب بعض القبوريين يرد عليه ، كان عنده ردود موفقه جدًا جدًا ، هؤلاء الذين نشروا الدعوة السلفية في ذلك الوقت.
جزاكم الله خيرا ،،،
السؤال الثاني : لماذا كان جهاد العلم مقدّماً على الجهاد بالسيف
على الرغم الأحاديث الواردة في فضل الجهاد والمجاهد ؟
لأنه وبكل البساطة لا يمكنك أن تجاهد بالسيف حتى تجاهد بالعلم ، وهذا الذي بدأ به الأنبياء ، كل الأنبياء جاهدوا الجهاد العلمي ، وقليل منهم من جاهد بالسيف ، يذكر هذا بن تيمية في " الصارم المسلول " أكثر الأنبياء لم يجاهد بالسيف ، لا نوح ، ولا هود ، ولا صالح ، ولا إبراهيم ، إنما كان ذلك لنبينا محمد r ،بعد أن قوية شوكته ، ولموسى عليه السلام ، بعد أن قتل الله فرعون ، هذا الذي كان في التاريخ الإسلامي ، وبعضهم ، كداود وسليمان ... إلخ ، عليهم الصلاة والسلام ، أما باقي الأنبياء والمرسلين ، لم يقاتلوا بالسيف ، لأنهم كانوا ضعفاء ما كان عندهم أقوام ، ولا كانت عندهم شوكة ، فلم يكونوا يقاتلون بالسيف ، أما القتال العلمي ، فشارك فيه الجميع ، وابن القيم - رحمه الله - في مفتاح دار السعادة بين أن الجهاد العلمي ، هو أكبر الجهاديين ، بل الله عزَّ وجلَّ أمرنا فيه بالجهاد الكبير ، لأنه يحتاج إلى الإنسان لترويض نفس ، عليه حتى يتمكن من جهاد الآخر ، قال تعالى : ) فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ ( أي بالقران ) جِهَادًا كَبِيرًا ( [الفرقان :52] ، سماه الجهاد الكبير ، أمر فيه بالجهاد الكبير ، وكذلك بالنسبة لكون المجاهد في الميدان بالسيف يدخل الميدان في شجاعة مفرطة ويموت ، أما الجهاد بالعلم هذا يحتاج أولاً : إلى ثني الركب عند أهل العلم ، والسهر ، والتفكير والحفظ ، وتحمل المشاق ، والأسفار ، ثم تحمل أذى من يؤذيك ، هذا ليس بالسهل ، ثم يحتاج إلى تبليغ ، فهذا جهاد لا يقوم به ، إلا العلماء ، قال بن القيم - رحمه الله- :
" الجهاد العلمي ، جهاد الأفذاذ من الناس " ، وهو جهاد العلماء ، أو أما الجهاد بالسنان ، فيقدر عليه كل إنسان ، بل بعض الناس مِن مَن ليس متدين جدًا ، قد تكون له شجاعة ، فيدخل الميدان يقتل من توه ، أما جهاد العلم ، فيحتاج إلى صبر ومصابرة ، وإلى أن يثبتك الله تعالى عليه ، هذا الفرق بينها ، وثم فروق كثيرة على كل حال .
جزاكم الله خيرًا ،،،
السؤال الثالث: يقولون نسمع كثيراً في أشرطة الشيخ ناصر الدين الألباني - رحمه الله - عن قضية ( التصفية والتربية ) ما هو المقصود من ذلك ؟
كان الشيخ الألباني - رحمه الله - يرى أن الجهاد اليوم هو الجهاد العلمي ، ويقسمه إلى : تصفية ، وتربية ؛
التصفية : تصفية الإسلام من كل دخيل ، في العقيدة ، والعبادات ، والأخلاق وغير ذلك ، لأنه دخل على المسلمين في إسلامهم أشياء ليست من دين الله تعالى ، وأنتم تعرفون هذا ، وهي الفِرَق المنتشرة ، ثم مع ذلك أيضًا تربية الناس على الإسلام الأصيل الصحيح ، هذا مطلوب ، فيجتهد الناس في تصفية إسلامهم من كل دخيل ، ثم يربونهم على الإسلام الصحيح ، حتى يلتزموا به ويحققوا لأنفسهم ، لأن الله تعالى ينصر الأمة العاملة .
جزاكم الله خيرًا ،،،
السؤال الرابع : يقولون : نرى فضيلة الشيخ معظم الناس يتتبعون الأخبار السياسية من خلال التلفاز ، أو المذياع ، أو الجرائد فما هو الضابط السلفي لهذه القضية ؟
الضابط السلفي لهذه القضية هو ضابط أهل الحديث ، حدثنا فلان عن فلان عن فلان ، وذلك مأخوذ من قوله تعالى ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ( [الحجرات : 53] فالأخبار التي تؤخذ من التلفاز ، ولا سيما من الكفار ، وجرائدهم هذه أخبار في حقيقة الأمر لا يجوز أن يقام لها اعتبار ، إلا إذا كان ثم قرائن احتفت بالخبر تدل على تواتره ، وعدم تواطؤ الناس عليه لتحصل أخبار تجزم بأنها صدق ، لأنها أولاً تواترت ، ثم تجزم بأن الخليقة لم تتواتر على اختراع هذا الخبر ، وإلا في الحقيقة خبر الكافر منطرح ، هو خبر المسلم الفاسق منطرح بدليل الآية السابقة ، فكيف بخبر الكافر ، وأنا انصح المسلمين في هذا الباب ، أن لا يعروا اهتمام لهذه الأخبار الصحفية ، لأن الصحافة أحد رجلين :
شرهما : من يخدم جيبه ، ويخدم حسبه ، فهو شغال لحزبه كيف ما كان .
وأخفهما : من يخدم جيبه ، وكلاهما معرض للكذب ، لأن الذي يخدم جيبه ، لا بد أن يخترع أشياء يثير أشياء مثيرة هكذا يأتي بها ، ولذلك اليوم يطعنون في البلاد التي تدعوا إلى السلفية تدعو إلى السنة بأخبار لا تصح أبدًا ، أخبار يعني - نسال الله العافية - مالها زمام ولا خطام ، مع ذلك تجد لها خطابا لماذا ؟
لأهواء في النفس ، فالمنهج الصحيح أنك لا تصدق هذه الصحافة ، إلا كما قلت لك إذا احتفت بها قرائن يعرفها العلماء .
جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم ،،،،
السائل العكرمي يقول : شيخنا الكريم عبد المالك رمضاني - حفظه الله تعالى - هل يكفي في أخذ العلم عن الرجال اشتهارهم بالسلفية ، أم لا بد لهم من تزكية ؟
الأصل أن العلم يؤخذ إلا لمن زكي ، بأنه رجل سلفي صاحب سنه ، وذكرنا هذا في أول الكلمة اصطفاء الله للرسول ، واصطفاء الرسل لأتباعهم ... إلخ ، والنبي r قد قال : ( خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ) ، فزكى أصحاب ذلك القرن ، وهم طبعًا زكوا من بعدهم ، وكان محمد بن سيرين كما روا ذلك مسلم في صحيحة يقول : ( إن هذا الأمر دين ، فانظروا عن من تأخذون دينكم ) ، وكان أبو العالية - رحمه الله - يقول : ( إني لآتي الرجل لأخذ عنه ، فإذا رايته لا يقيم صلاته ، قلت هو لنفسه هو أضيع ، فلا اخذ عنه الحديث ) ، فتأملوا إلى هذا الذي بلغوه ، وكان يقول بعض السلف : ( إنك لتجدهم يسألون عن الرجل ، ما حاله ، كيف هو ، كيف دينه حتى تتوهم أنهم يريدون أن يزوجوه ) ، لأنه كما انك إذا جاءك رجل يخطب ابنتك ، ذهبت إلى أصحاب الحارة ، تقول : ماذا تعرفون عن فلان ؟ كيف هو ، كيف دينه ، كيف صلاته ، كيف خلقه ، تسأل عنه لأنك تريد أن تعطيه ابنتك ، والدين أعظم من ذلك بكثير ، فإذًا هذا الأصل ، لكن إذا كنت في بلدٍ لا يوجد فيها علماء ، ولا طلبة علم أقوياء ، قد يوجد بعض طلبة العلم المغمورين ، لا سيما في بلاد أوروبا مثلاً ، أنت لا تستطيع أن تعمل فيهم هذه القاعدة بقوتها وضوابطها ، لأنك ستحرم مجتمع حينئذٍ من كلمة الدين ، بل تُعمل فيهم القاعدة التي تقول : ( ارتكاب أخف المفسدتين ) ، لماذا ؟
إذا قلت لا يدرس في تلك البلاد إلا طالب علم على الأقل زكاة العلماء ، فإذا جئت تفتش أكثر البلاد هناك لا يوجد فيهم من زكاه العلماء ، مساكين الله المستعان ، لكن تجد فيهم المحب ليس بعالم لكنه محب للعلماء محب للسنة اشتهر عند الناس بذلك ، فنقول هذا يُدَّرس ويعلم ، لأنه إذا درس ؛ درس على عوج ، وإذا لم يدرس ، أمات العلم في تلك القرية ، وموت العلم يساوي الابتداع يساوي الكفر ، فنحن الآن حينئذٍ بين إحدى مفسدتين ، إما أن نُوقِع الناس في البدعة والكفر لا محالة ، لأن الإنسان إذا ما سمعه الموعظة ، ولا تعلم الدين مات قلبه ، وإما أن نعلم الناس الدين على عوج ، أيهما اخف ؟ لا شك أن الثانية اخف ، لأن الذي ليس له تزكية قد يلقي أشياء هي خطأ ، لكن حسبكم أنكم عرفتموه ، إذا اشتهر عندكم بأنه سلفي يكفيكم هذا ، لأن العالم الذي تريدون أن يزكيه لو سألتموه عن فلان لقال لكم كيف تعرفونه ، سيأخذ المعلومات منكم انتم ، يسأل زيدًا وعمرًا مِن مَن يثق فيهم كيف تعرفون فلانًا ، إذًا أولا بكم أن تأخذوا بعلمه ما وجد عندكم فانتم قد عرفتموه ، فإذا جاء في البلاد من هو خير منه ، وجاء المزكى ، سكت هو ، وإنما اخذ به من باب التيمم عند فقدان الماء ، فحينئذٍ من باب قوله تعالى ) فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ( [البقرة : 173] ، هذا يُدرس ويعلم . والله تعالى اعلم .
جزاكم الله خيرا ، وبارك فيكم ،،،
هذا السائل ابو هشام العربي لهو سؤال تقدم الكلام فيه .
السائل أبو معاوية يقول : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته شيخنا الحبيب عبد المالك رمضاني - حفظه الله - هل يشترط في التبديع الإجماع ؟ و جزاكم الله خيرا.
وكأنه يقصد الإجماع التي يحكم التبديع فيها ؟
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، أقول بالنسبة لهذا أنا أجيب بشيء من التفصيل ، لا يشترط في تبديع شخص ما ، أن يجمع العلماء في تبديعه ، وأما إذا كان يقصد كما تفضل الشيخ أن تكون المسألة من ما اجمع على التبديع فيها ، هذا طبعًا فيه نظر قوي ، أو القول فيه قوي ، لأن ليس كل مسألة لن تجتمع فيها كلمة العلماء على أنها بدعة يبدع فيها صاحبها ، وقد تبدعه أنت في تلك المسألة ، لكن لا تحكم على الرجل بأنه مبتدع ، أي غلبت عليه البدعة ، كما حصل بين ابن عمر وعثمان ، عثمان زاد الأذان الثاني فابن عمر كان يراه بدعة ، ما قال : أنا لا اسمي هذه المسألة بدعة ، حتى يجتمع المهاجرون والأنصار على الحكم عليها بالبدعة ، لكن بما أدى إليه اجتهاده ، وهكذا المجتهدون في هذا العصر .
تبقى مسألة ثالثة وهي لا بد من إجماع العلماء لتكليف الناس بالتبديع ، بمعنى لا يجوز لك أن تمتحن الناس بشيء تراه بدعة ، وغيرك من العلماء لا يراه بدعة ، أو بأن فلان مبتدع ، وغيرك لا يراه مبتدع من أهل السنة من أهل العلم ، لا يجوز لك أن تمتحن الناس بهذا ، لأنه سيقال لك : اختلف أهل السنة في فلان فيسعك ما وسعهم ، نعم لا بأس أن تبين للناس أن هذا خطأ ، وهذا صواب ، والأصل أنه ارتكب بدعه ... وإلخ ، لا بأس لكن إلزامك الناس بقولك هذا قلط ، هذا الذي وقع فيه اليوم بعض من غالا في التجريح من إخواننا مع الأسف ، يلزمون الناس بقولهم في فلان أنه مبتدع بقول فلان إنه مبتدع يلزمون الناس بهذا القول ، مع وجود من هو أعلى منه كعبًا في العلم ، يقول بخلاف ما قال ، فأنت تبين ما يضرك ، ترد ما يضرك ، تناقش ما يضرك ، لكن في حدود الأدب حدود الخلاف ، لكن أن تبني عليه الولاء والبراء ، ثم تخرج الناس من السلفية بقولك الذي اختلف فيه أهل العلم السلفيون أنفسهم ، هذا هو عين الغلو ، والذي لا نرضاه لإخواننا.
جزاكم الله خيرا ، وبارك فيكم ،،،هذا السائل يقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،، فضيلة الشيخ من
باب ( لا يشكر الله من لا يشكر الناس ) فإني قد قرأت بعض كتبكم واستفدت منها فائدة عظيمة ، لذا أتقدم بالشكر الجزيل لكم على ما استفدته من كتبكم ، وأسأل الله تعالى أن يزيدكم من فضله وعلمه ، وجزاكم الله خيرا .
وسؤالي هو : قد علمنا من كتبكم أن ابن باديس والإبراهيمي وأمثالهما من العلماء ، ممن كانوا أيام الاحتلال الفرنسي للجزائر أنهم علماء سلفيون ، ولكن سمعت قبل فترة من يشكك في سلفية بعض هؤلاء ، فهل هذا التشكيك صحيح ؟ أرجو التوضيح وجزاكم الله خيرا ؟
أقول عليكم السلام ورحمة الله وبركاته بعض من ذكرت أسمائهم الآن من العلماء ، نعم كان في الأول على غير الجادة ، والشيخ باديس - رحمه الله - والشيخ الإبراهيمي - رحمه الله - لما سافروا إلى هذه البلاد انتفعوا كثيرًا - أي البلاد السعودية - وكانوا يسهرون الليالي في الروضة ، و يسمرون على العلم ، وجعلوا خطتهم التي عملوا بها في الجزائر أيام الاستعمار الفرنسي أخذوها عند الروضة النبوية ، كما يقول ذلك الشيخ محمد بن بشير الإبراهيمي - رحمه الله - واستفادوا أشياء كثيرة في التوحيد ، بل الشيخ بن باديس - رحمه الله تعالى – قرأت له في بعض كتبه يمدح دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله – ويقول : إنه لم يأتي بمذهب خامس ، لا في العقيدة ، ولا في الفقه بل هو رجل سني سلفي ، دعا إلى ما دعا إليه الأوائل مدحه مدحا كثيرا ، ومدح بن تيمية - رحمه الله – إلى آخر ما هنالك ، على بعضهم بعض الملاحظات ، كالشيخ بن باديس – رحمه الله - كان يرى بأن مسالة التوسل بالصالحين مسألة خلافية قد يجوزها البعض ، فهون من شانها ، وكذلك نسيت المسألة الثانية وهي شد الرحال أضنه أو شيء من هذا ‘ فهو ما قال بالتأيد المخالف ، لكن هون من شأنها وقال : خلاف موجود من قديم ، فرأى الأمر كذلك رأي له ، وهو خطأ وقع فيه ابن باديس – رحمه الله - ووقع غيره في أخطاء أيضًا ، لكن جل من لا يخطئ ، فهم فالجملة هم في الجملة على كل حال دعاة سلفية وأتباع خير إن شاء الله تعالى.
جزاكم الله خيرا ، وبارك فيكم ،،،
السائل خليفة بن ارحمه الكواري مدير عام منتديات المحجة السلفية يقول : نرحب بكم فضيلة الشيخ عبد المالك رمضاني ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقكم وأن يسدد خطاكم ، كما نسأل عن حالكم وصحتكم أطال الله عمركم وبارك فيه ، ونود منكم حفظكم الباري بأن تحدثونا عن آخر مؤلفاتكم ، ومشاريعكم العلمية ، وما هي أخبار الدعوة السلفية في الجزائر ، وجزاكم الله خيرًا .
بالنسبة لآخر ما كتبت ، كتاب في القران أسميته " من كل سورة فائدة " ، وهو مطبوع ، وكتبت أيضًا كتاب صغيرًا أسميته " مقال في سورة البقرة " ، ووسعت في كتابي " السبيل إلى العز والتمكين " مؤخرًا ، وكان قبل ذلك كتاب " رفع الذل والصغار عن المفتونين بخلق الكفار " ، وقبل ذلك " الموعظة الحسنة في الأخلاق الحسنة " ، وكتبت
" تخليص العباد - مثل ما رأيتموه - من وحشية أبي القتاد الداعي إلى قتل النساء وفلذات الأكباد " ، هذا الذي يحضروني الآن من آخر ما كتبت ، وأسأل الله عزَّ و جلَّ بأن يجنبنا الزلل ، والخطأ في ذلك ، والله يوفقنا إلى الإخلاص له وحده ، ولحسن الإتباع لنبيه r ، وأن يصحح نياتنا ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
في ختام هذا اللقاء نشكر فضيلة الشيخ عبد المالك رمضاني جزاه الله خيرا على استضافة لنا ، وإعطاءنا من وقته ، ونسال الله عزَّ و جلَّ أن يكتب له أجرة ، وأن يتقبل منا ومنه .
والله تعالى أعلم
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد و آله وصحبه أجمعين .
منقول
مع فَضيلَة الشَّيْخْ
عبد المالك بن أحمد بن مبارك رمضاني
(حفظه الله)
تفريغ
عبد العزيز بن محمد الخليفي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد :
يسر إدارة منتدى المحجة السلفية ، في هذا اليوم الأربعاء الموافق
الخامس من جمادى الثاني من عام 1428هـ ، أن تستضيف في
لقائها العلمي الثالث ، فضيلة الشيخ الداعية المعروف عبد المالك بن أحمد بن مبارك رمضاني – حفظه الله – نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزي الشيخ خير الجزاء ، وأن يكتب له الأجر والمثوبة ، فأهلاً وسهلاً بكم فضيلة الشيخ .
حياكم الله جميعاً ... ، أشكر لكم مساعيكم هذه ، أهل المحجة السلفية منتداكم والإخوة القائمين على هذا الموقع ، الذي نحن بأمس الحاجة إليه ، وجعله الله تعالى منبر حق ، وسببًا عظيمًا للدعوة إلى السنة ، والعقيدة ، والسلفية الصحيحة ، أسأل الله عزَّ وجلَّ أن يثبتنا وإياكم على ذلك .
فضيلة الشيخ ، جاءتنا مشاركات كثيرة ، من الإخوة أعضاء المنتدى ، تحملوا
أسئلتهم واستفساراتهم ، ويعبرون بها عن محبتكم والفرح بهذا اللقاء معكم ، فنسأل الله
تعالى أن يجزيكم خير الجزاء على أن أتحفتمونا بهذا اللقاء ، ونسأله سبحانه أن يوفقكم وإيانا لما يحبه ويرضاه ، ولما فيه خير الإسلام والمسلمين.
فضيلة الشيخ يقول السائل خالد بن عبدالله :
فضيلة الشيخ / عبد المالك بن أحمد رمضاني الجزائري ، وفقه الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،، وبعد
أشكرك يا شيخ ، وأشكر الأخوة في إدارة منتديات المحجة السلفية .
سؤالي هو :
ما هي البينة عند أهل السنة على محبة النبي r وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام جميعًا ، أي ( البينة على من ادعى المحبة ) حتى نعرف من هو الذي يحب الحب الصحيح الصادق ، هم أهل السنة ، أم الصوفية ، أم الرافضة ، والله يحفظكم .
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين ، أما بعد فعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، أقول وبالله التوفيق.
البينة على محبة الله ورسوله r هو إتباع النبي صلى الله عليه واله وسلم ، وإحياءُ أثارهِ بالعملِ بها ، واقتفاءِ ذلك ، وذلك لأن ربنا عزَّ وجلَّ قد بينه بيانًا شافيًا ، فقال :
) قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( [آل عمران : 31] ، وقد ذكر الحسن البصري - رحمة الله عليه - عند هذه ، الآية إن أصحاب رسول الله r ، لما أظهروا حب النبي r ، امُتحِنوا بهذه الآية ؛ ولا ريب أنهم كانوا عند حسن ظن النبي r بهم ، فكانوا خير أتباع لخير نبي ، وهم خير الحواريين على الإطلاق خير حواري نبي ، هؤلاء أصحاب النبي r الذين قال الله تعالى فيهم : ) وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ( [النساء : 95] ، أي كل صحابي كذلك ، وإن تفاوتوا في الدرجات عند الله تبارك وتعالى ، لكنهم والحمد لله هم الذين قال الله عزَّ وجلَّ فيهم : ) وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ ... ( [التوبة : 100] ، الآية الكريمة .
أما الصوفية ، فيدّعون محبة النبي r ، لكن يَقْصِرون محبتهم على إتْباعِ أثارهم ، الآثار المادية ، ألا وهي : التبرك بمواطن أكثرها عبارة عن خرافات ، وأكثرها اندثر ، يتبركون بأشياء جلس عندها النبي r ، أو مسحها بيده ، كمنبره عليه الصلاة والسلام ، وإن كان منبره قد احترق منذُ أمدٍ بعيد ، لكنهم يدّعون محبة النبي صلى الله عليه واله وسلم ، وإذا نظرت إلى أعمالهم ، فابعد ما يكونون عن السنة النبوية ، لا يحيونها ، وإذا أحيوها ، فبالتبرك فقط ، كما يفعلون عند قراءة صحيح البخاري ، يقرؤونه للتبرك ، وعند الاستسقاء ، وما شابه ذلك ، أما للعمل فلا ، مع أن الله تبارك وتعالى زكى عبادة بالعمل بهدي أنبيائهم عليهم الصلاة والسلام ، فقال : ) أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ( [الأنعام : 90] ، وقال تعالى : ) لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ( [الأحزاب : 21] ، وهنا نقطة بديعةٌ في هذه الآية ، نبه عليها بعض الفقهاء ، ألا وهي أن الله عزَّ وجلَّ بين بأن أشد الناس إخلاصًا له ، هم أشدهم تمسكًا بهدي النبي r فقال : ) لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ ( ثم بين :
) لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ( ، فعلق الأسوة الحسنة بأولئك الناس الذين حقيقةً رجوا الله واليوم الآخر ، أي يرجون ما عند الله تبارك وتعالى ، وهؤلاء هم أهل الإخلاص ، فكلما كان المرء أشد إخلاصًا لله كان أكثر تمسكًا بالسنةِ النبوية .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
جزاكم الله خيراً ، وبارك الله فيكم ،،،
هذا سائل له عدة أسأله يقول : فضيلة الشيخ عبد المالك رمضاني – حفظكم الله تعالى – نريد منكم تفصيلاًً طيبًا لمسألة اشتراط القدرة لجهاد الدفع باليد ؟
لا ريب أن الفقهاء اشترطوا قدرة لذلك ، بمعنى أن جهاد الدفع أو جهاد الطلب يشترط لكلٍ منهما القدرة ، لأن الله تبارك وتعالى قد أعطانا القاعدة العظيمة في ذلك ، فقال سبحانه : ) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا ( [البقرة : 286] ، وقال : ) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا( [الطلاق : 7] ، وقال : ) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ( [التغابن : 16] ، فربنا عزَّ وجلَّ رحيم بنا ، لا يكلفنا مالا طاقة لنا به ، والنبي r نُهي عن مقابلة العدو ، ومواجهته أيام الاستضعاف ، وذلك قوله تعالى : ) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ( [النساء : 77] ، فأمر الله عزَّ وجلَّ بكف الأيدي عن الجهاد ؛ أي عن الجهاد باليد ، ولا ريب أن هذه الآية نزلت أيام العدوان على المسلمين ، وطردهم من ديارهم ، وحرمانهم من حقوقهم ، فهو جهاد دفعٍ ، وليس جهاد طلب ، فلا بد من القدرة ، وربنا عزَّ وجلَّ حين قال : ) وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ( [الأنفال : 60] ، ما فصل بين جهاد طلب ، وجهاد الدفع ؛ لأن الإنسان إذا كان عاجزًا عن الدفع كيف يقال له ارم بنفسك ، أو القي بيديك إلى التهلكة ، وربنا يقول : ) وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ( [البقرة : 195] ، ما يمكن أن يحصل ذلك ، وقد استدل الإمام مالك - رحمه الله – بهذه الآية وغيره من الفقهاء على أن القدرة مشترطةٌ عند الجهاد ، والآن أسوغ عليكم آية ، وهي جزء من قصة في سورة البقرة ، وهي قوله تعالى : ) أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ( [البقرة : 246] ، قولهم : ) وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا( ، دليلٌ واضحٌ على أن قتالهم كان قتال دفع ، مع ذلك اشترطوا واشترط الله عليهم أن لا يقاتلوا إلا وراء إمام ، فلو كان لا يشترط ، بمعنى لو كان الإمام لا يدخل تحت القدرة واشترط ذلك ، لقالوا ومالنا ألا نقاتل ولسنا بحاجة إلى إمام ، نقاتل ندفع هكذا ، فهذا في الحقيقة آية وهي نص في هذا الباب ، كما ذكر القرطبي وغيره رحمة الله على جميع فقهاء المسلمين ، ذكروا عن هذه الآية هذا الباب .
والقدرة في حقيقة الأمر قد جاء تفصيلها في قوله تعالى : ) وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ( ، ذكر الله تعالى أمرين : القوة ، ورباط الخيل ؛ ثم ذكر التعليل قال : ) تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ( ، فلابد أن نقف ثلاث وقفات عند هذه الآية :
القوة فسهرها النبي r ، فلم يبقى لأحد أن يدخل تفسيره في ذلك ، كما جاء في صحيح مسلم أنه قال عليه الصلاة والسلام : ( ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي ) الرمي بالرماح ، كان في حقيقة الأمر هي أقوى سلاح يقاتلون به يوم إِذْ .
والوقفة الثانية : ) وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ( ، الله عزَّ وجلَّ ذكر رباط الخيل لأن المقاتلة على الخيل كان يوم إِذٍا أحسن شيء يقاتل عليه ، إذًا فذكر ربنا عزَّ وجلَّ
الأمرين : ذكر الرمي ، وذكر المقاتل عليه الوسيلة التي يقاتل عليها ، وفي كل منهما ذكر ربنا عزَّ وجلَّ أحسن شيء ، مما يدلكم على أن القدرة منوطةٌ بأحسن ما يمكن استحضاره في العصر ، بمعنى أحدث الأسلحة الموجودة في العصر ، يجب على المسلمين أن يتمكنوا منها ، لأن ربنا عزَّ وجلَّ اشترط هذا في هذه الآية ، والنبي r ما كان بحاجة على أن يقول : ( القوة الرمي ) ، لأن الناس يعرفون أن في الرمي قوة ، لكنه قال : ( ألا إن القوة الرمي ) ، وهذا معروف عند أهل البلاغة ، أنه يحصرُ القوة في الرمي ، مع أن القوة موجودة في غير الرمي ، لكن النبي r أراد أن يقول إن أكبر قوة ، هي ما كان في الرمي ، للدلالة على إيجاب استحضار أحسن ما يكون في العصر من قوة لدى المسلمين ، هذا ينبغي أن يعرف ، وقد استفدت هذا من شيخي الله يرحمه حماد الأنصاري ، بين هذا في بعض الجلسات التي كنا نجلسها عنده - رحمة الله عليه - وكان عنده عناية بالقران الكريم ، عناية فائقة ، وله طبعًا دراية كبيرة بالحديث ، حتى كان يقال أنه محدث المدينة - رحمة الله عليه - ، فالشاهد أن النبي r ما عين الرمي هنا سبهللاً ، هكذا بلا فائدة ، إنما لنستفيد نحن من هذه الفائدة ، لا أن نواجه الدبابات بالعصي ، ونواجه النفاثات بالحجارة ، ونبارك لأطفال الحجارة هكذا ، كأن رجال الأمة قد اختفوا ، ما بقي إلا صبيانهم يواجهون الدبابات ، والنفاثات بالحجارة ، حتى يصير المسلمون أضحوكة عند أعدائهم ؛ ثم التعليل ) تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ( ، فقال العلماء : أيمُا سلاح يواجه به العدو ولا يرهبه ؛ فليس بسلاح ، لأن الله هنا حدد ، فلا يأتينّ بعض السفهاء من الشباب اليوم المساكين يقولون الله يقول ما استطعتم نقول ما استطعنا من ماذا ؟ ما استطعنا كما أم كيفا ؟ الكيف وضح ، إذا كان الأمر كذلك فلماذا لا يخرجون يواجهون الدبابات بالحجارة ، لماذا يتأخرون ؟
لأنهم في قرارت أنفسهم ، وفي فطرهم أن هذا لا يمكن أن يكون هذا إلقاء بالأيدي إلى التهلكة ، وهذا نوع من الانتحار يمكن يحصل ، لأن هذه القدرة المشترطة ، والقدرة أيضًا الأخرى قدرة بشرية ، وهو أن ربنا عزَّ وجلَّ كان قد اشترط على المسلمين في آخر أمريّهم اشترط عليهم أنه لو كان عدوهم ضعفهم وجب عليهم أن يثبتوا ، فإذا زاد على الضعف ، جاز لهم النفور عن الحرب والتخلف ، قال تعالى : ) الْآَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ( [الأنفال : 66] ، فاستدل الفقهاء بهذه الآية ، وقالوا : لو كان العدو أكثر من ضعفنا ، جاز لنا أن لا ندخل الحرب ، فلماذا يأتي اليوم المسلمون وهؤلاء الشباب المتحمسون ، ويلومون أهل العلم إذا قالوا : لا جهاد في المنطقة الفولانية لأن المسلمين أقل ، لأنهم أضعف ، لأنهم لا يملكون كذا ، ويظنون بأن هذه الفتوى فتوة خوار ، أو جبان ، أو فتوى رجل راكن إلى الذين ظلموا ، راكنٍ إلى الكفار ، هذا كله ما يسوغ ، وهذه ألقاب لا يجوز ( إطلاقها ) ... " 14:44 " على أهل العلم ، ولديهم البرهان الدليل ، وليس لدى شبابنا هؤلاء المنتقدين سوى حماسة زائدة ما عندهم فقه ، فهذه القدرة التي يناط بها الجهاد مع أشياء أخرى ، لكن ما دام السؤال في هذا نكتفي به.
جزاكم الله خيراً وبارك الله فيكم ،،،
يقول أيضًا : نريد منكم توضيحًا حول مسألة هجر المبتدع ، وهل أنكم تقولون بهجره مطلقًا ، أو أن هناك تفصيلاً عندكم ؟
الهجر - أي هجر المبتدع - بل وأدمى من المبتدع هجر العاصي ، من دين الله عزَّ وجلَّ ، لأنه الذي نزل فيه قوله تعالى ) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ
إِلَّا إِلَيْهِ ( ، [التوبة : 118] ، فهذه الآية نزلت في الثلاثة الذين تخلفوا عن الجهاد ، لما كان التخلف عن الجهاد غير سائغ ، فلما تخلفوا ، اللهُ عزَّ وجلَّ أمر نبيه r أن يأمر أصحابه بأن يهجروهم ، فجاء المنافقون واعتذروا باعتذارات باردة كاذبة ، وأما هؤلاء الثلاثة ، فكانوا صادقين ، واعترفوا للنبي r بأنهم تخلفوا عن الجهاد بلا عذر ، بل كانوا أقوى ما يكونون ، فتخلفوا عن غير عذر ، مع ذلك لما نزلت توبتهم ، كان ما كان من أجل صدقهم ، الشاهد من هذا قال القرطبي - رحمه الله – : " إذا جاز أن يُهجر العاصي ، فمن باب أولى أن يهجر المبتدع ، لأن المبتدع شر من العاصي " هذا من حيث التشريع الهجر ، وفي السيرة النبوية شيءٌ كثير لا داعي لذكره حتى نأتي على السؤال
إن شاء الله .
أما الهجر وهل هو حكم كما يُقال اليوم جامد ؟ كلما ابتدع مبتدع هجر ؟
الجواب : لا ، ذكر هذا بن تيمية - رحمه الله – بجلاء وتجدون تفاصيل كلامه منقولة في كتاب " موقف أهل السنة والجماعة من أصحاب البدع والأهواء ، أو من أهل البدع والأهواء " للشيخ الدكتور إبراهيم الرحيلي - حفظه الله عزَّ وجلَّ - وهو كتاب نفيس ، وبابه هنا باب عظيم ، فأرجوا الرجوع إليه ، بل لا أعرف من العلماء الذين درسنا عليهم أحدًا خالف في أن هجر المبتدع منوط بالمصلحة والمفسدة ، فلذلك نحن على دربهم نسير ، كل ما عرفت من أهل العلم يقولون الهجر هجر المبتدع كهجر العاصي منوط بالمصلحة والمفسدة ، فإذا غلبت المفسدة المصلحة عومل بالهجر ، وإذا كان العكس ترك الهجر ، والذي عليه كل من عرفناه من أهل العلم في هذا العصر ، طبعًا تطبيقًا على واقع العصر اليوم أن هجر المبتدع اليوم ينبغي أن يضيق ، ينبغي أن يضيق ، وذلك لضعف أهل السنة ضعف شوكتهم في أكثر بقاع الأرض ، فهجرهم المبتدعة في هذا العصر يساوي هجرهم لأنفسهم ، أهل السنة اليوم مهجورون ، منبوذون ، مشردون ، مطرودون ، فإذا جلسوا يهجرون أهل البدع ، سيبقون أشد هجرًا وتشريدًا فما يحصل القرض ، لأن القرض من الهجر أولاً : أن يرتدع المبتدع فيرجع .
ثانيًا : أن نعصم أنفسنا من بدعتهم ، كونك تهجر اليوم المبتدع فيرجع ؛ هذا بعيد ، لأنه يجد كهوفًا مثله يأوي إليها ، فالمجتمعات تَعُجُّ من أهل البدع مع الأسف ، وكونك تحفظ نفسك من بدعته ، لا يحتاج إلى هجره هجرًا كاملاً ؛ بل يكفيك في ذلك الهجر الوقائي ، وهو أن لا تجعله صاحبًا لك ، ولا خليلاً ، ولا خديمًا ، ولا ولا ... الخ ، ولكن لا بأس إذا لقيته أن تسلم عليه ، فضلاً عن رد السلام عليه ؛ بل أنا أنصح بأن يكون حالك كذلك ، لن تكون أغير من أبي الدرداء الذي ذكر عنه البخاري في صحيحه أنه كان يقول : " إنا لنكشر في وجوه قوم ، وإن قلوبنا لتلعنهم " ، نكشر أي – نبتسم - معنى القلوب لا تحبهم تأملوا ؛ بل أكثر من ذلك الرسول r في الصحيحين حديث عائشة ، أن النبي r لما رأى رجل قادم قال : ( بأس أخو العشيرة ) ، أنتقده ، لكن لما وصل إليه ، هش وبش له ، ورحب به ، فاستغربت عائشة ، فسألت النبي r قال : ( يا عائشة متى عهدتيني فحاشًا ، إن شر الناس من تركه الناس ابتغاء فحشه ) ، فالنبي r ماذا فعل مع هذا الرجل ، حذر منه ، مع ذلك لم يبين له ذلك ، ولم يأمر بهجرة ، لكن حذر منه ؛ بل لما جاء داراه أستعمل معه المداراة التي هي غير المداهنة .
إذاً لن نكون أغير على الحق من رسول الله r ؛ وإنما القضية قضية مصلحة ومفسدة ، لو ذهب الرسول r يهجر هذا الرجل ، وأمر بهجره وهو صاحب عشيرة ، صاحب قبيلة ، مسموع الكلمة ، لذهب هنالك يشوش على النبي r على دعوته حتى لا تصل إلى قبيلته ، وهو مسموع الكلمة ، ولذلك صرح بذلك النبي r في بعض الأحاديث الصحيحة أنه قال : ( إنا لنداري سيد القوم ) ، سيد قوم يدارى ، وذلك هذه قوة شوكته في مجتمعه .
إذًا الخلاصة ، إذا كان أهل السنة أقوياء ، وجب عليهم أن يهجروا أهل البدع ، وأن يشردوهم ، وأن ينكلوا بهم ، وأن يصيبوهم بكل ما يمكن أن يصاب به عدوّ ، والنبي r يقول : ( المرء على دين من يخالل ) ، لأن مخالطة أهل البدع ، تنقل العدوى ، عدوى ما أُصيبوا به إلى المجتمع ، ولكن يمكن أن لا نخالطهم مع عدم هجرهم إذا كُنا ضعفاء ، أما مع القوة فكما سمعتم .
هذا خلاصة ، وأنصح إخواننا أن لا يكونوا ، أن لا يشتدوا وهم يظنون أنهم ينتصرون للسنة ، وهم ينتصرون لأنفسهم ، لما يدخلون في جدال مع بعض أهل البدع ، فيخرجون مبغضينهم أشد البغض أشد مما كانوا ، والكثير منهم لا ينضبطون بهذه الضوابط ، هاجر أحمد ، وهاجر إسحاق بن رهاويه ، وهاجر الصحابة ... الخ ، لكن هذا عند قوة السنة في المجتمع ، وعند حصول المصلحة ، وتحقيق الحكمة التي من أجلها شرع الهجر ، أما عندما يخفى ذلك ، فيجب إخفاء الهجر إلى أجل ما . والله تعالى أعلم .
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم ،،،
يقول أيضًا : هل يقال بالاستفادة من أشرطة من عُرف بالفكر الحركي الضال في المواعظ ؟
و ما هو الضابط في خطأ العالم الذي معه لا يؤخذ العلم عنه ، و ما ردكم على من يرى أن بيان أخطاء الحركيين ليس فيه مصلحة ؟
حفظكم الله و نفع بكم .
أما سماع المواعظ التي عند الحركيين ، لا ريب أن الأصل ترك ذلك ، لأن الموعظة عندهم موجودة عند أهل السنة والحمد لله ، ولكن المشكل أن الذي يبرز في السوق هو أشرطة أولائك الوعاظ المنحرفين ، بدافع حزبي أعمى ، فهم يهجرون كل شيء عند أهل السنة ، حتى المواعظ ، وهم يكيلون بكيلين ، يقولون : السلفيون يهجرون كل إنسان يخالفهم ، وينبغي لنا أن نستفيد من الصوفية إذا وافقوا الحق ، من الأشاعرة إذا وافقوا الحق ، بل حتى من الروافض - نسأل الله العافية - إذا وافقوا الحق ، وينبغي أن نداري الناس بما تؤلف قلوبهم ... الخ ، لكنهم مع الأسف يطبقون عكس ذلك تمامًا مع السلفيين ، فيهجرون السلفيين ، ومجالسهم ولا يمكنونهم حتى من الكلمة ؛ بل أنا قلت في بعض كتبي لا يمكنون السلفي من أن يصلي بهم ولو صلاة سرية ، فكيف يقال حينئذٍ إنهم متفتحون ، واسعوا الصدور ، وما شابه ذلك ، كل ذلك في الحقيقة قواعد يقعدونها يرمون بها أعدائهم ولا يطبقونها ، فحينئذٍ لا تأخذ المواعظ من هؤلاء ، لأن ما عند أولائك من خير موجود عند أهل السنة ، وقال بن تيمية – رحمه الله – : " لا يمكن أن ينفرد المبتدعة بشيء من الحق قاب عن أهل السنة " بل قد يغيب عند بعض أهل السنة ، ولكن يوجد عند البعض الآخر ، وإنما المشكلة في استنباط ذلك أو عفوًا استخراجه من كتبهم وأشرطتهم ، وإلا فهو موجود ، والحمد لله ، إذًا لا داعي لمثل هذا السؤال ، مادام الخير موجودًا .
وأما بالنسبة لحضور مجالسهم وما إلى ذلك ، فالعلماء يفصلون ، يقولون إذا وجد في قريتك من يعلم الذي تريده ، فلا تتعلمه إلا من أهل السنة ، واترك أهل البدع ، حتى لا يصيبك ما أصابهم من شر ، وإذا لم يوجد في قريتك ، وما كان لهجرتك سبيل ، فحينئذٍ جوزوا اخذ بعض العلوم الضرورية بشروط :
- أن يكون العلم ضرورياً.
- أن لا يكون هذا الشيخ داعيةً إلى بدعته.
- أن تكون عارفًا بمداخل بدعته ، حتى لا ينطلي عليك أمره .
هم ذكروا هذه الشروط عند خلو القرية من عالم سني ، من بقي من قد يعلم اللغة ، أو البلاغة ، أو بعض علوم القران ، وما يشبه ذلك ، فيؤخذ منهم هذا ، واشترطوا هذه الشروط ، حتى لا يصاب الإنسان من بدع أولائك.
وبالنسبة للضابط الذي يعرف به العالم ويؤخذ منه العلم ، العلم رحم ، والحمد لله ، وهذا الرحم تدفع ، ولا يمكن أن يصيبها العقم ، لأن النبي r قال : ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، حتى يأتيهم أمر الله ) وفي رواية ( حتى تقوم الساعة ) الطائفة المنصورة فسرها أهل العلم ، بأهل العلم ، وأهل الحديث ، ولا يعني مخالفة بينهما ، فأهل العلم ، هم أهل الحديث ، والعلم هو ما كان أثرَ ، على كل حال أن الله عزَّ وجلَّ
قد قال : ) اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ( [الحج : 74] ، طيب ، هؤلاء الناس الذين اصطفاهم هم الرسل ، الرسل اصطفوا الحواريون قال النبي r : ( إن لكل نبي حواريين ) ، وهم يتبعون الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، هؤلاء الحواريون اصطفوا لهم تلاميذ اخذوا عنهم العلم ، هؤلاء التلاميذ لهم أتباع وهكذا ، فهي سلسلة لا تنفصم عراها والحمد لله ، تبقى الرحم العلمية موصولة ، وأهل العلم يبقون معروفين ، ولذلك نحن لا يمكن أبدًا أن يدخل علينا رجل ليس منا ، فيمخرق ويتكلم بما ليس في دين الله عزَّ وجلَّ ويضل الناس لماذا ؟
لمنشد هذه الخطى ، منشد هذه الخطى ، العالم المزكى من قَبل يزكي تلاميذه حتى نصل إلى عهد النبي r ، وهذا من فضل الله على هذه الأمة ، وهذا منهج أهل الحديث ، هذا هو منهجهم ، أما غير أهل الحديث فهم يتبعون أهوائهم ، إذا وجدوا العلماء الربانيين لا يوافقونهم على بعض أهوائهم ، كما هو شأن اليوم التكفيريين ، والذين يسمون أنفسهم زورًا جهاديين ، هؤلاء تركوا العلماء بزعم أن العلماء أذنابٌ للسلاطين ، وأنهم لا يقولون ما في نفوسهم ، لأنهم أصحاب أطماع ، وأصحاب رهبةٍ و رغبة ، هكذا يقولون ، فقفزا إلى أناس لا يعرفون أصولهم ، أبو فلان أبو فلان أبو فلان أبو فلان ، على من درسوا ؛ ما يعرف لهم أصل في ذلك ، لماذا اتخذتموهم لكم متبوعين ؟
لأنهم وافقوا أهوائهم ، هذا كل ما عندهم ، ما عندهم شيء آخر ، وافقوا أهوائهم الحركية ، نزواتهم الثورية ، فتبعوهم ؛ فلذلك من اليسر بمكان ، أن يأتيهم يهودي في زي مسلم ، ويقصرُ ثوبه ، ويطيل لحيته ، ولا يحفظ من كتاب الله سوى قوله الله تعالى ) وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ( ، [المائدة : 43] ، حتى يتبعوه عن بكرة أبيهم ، ولذلك حصل مثل هذا بشهادتهم هم ، بعض من تبعوه في هذا العصر ، كالمسمى أبي قتادة الفلسطيني ، الآن هم يشككون في إسلامه بعد ، هل هو رجل كافر يخدم المخابرات البريطانية ، والأمريكية ، وغيرها ، أو هو غير ذلك ، بعد أن اتخذوه إمامًا ، وأفتاهم بجواز قتل الذرية والنساء ، وأفتاهم بجواز اختلاس الأموال بزعم أنها فيء وغنيمة بارزة ، لما وجدوه ذا وجهين ، ويلعب بحبلين ، ويفتي في الصحفيين بكلام ينقضه عندما يفتي جماعته ، لما رأوه هكذا ، نفضوا أيديهم منه ، ورموه بالعمالة ، وفي كل مره يقفزون من شيخ إلى شيخ ، وكانوا مع أبي حمزة المصري ، ثم قفزا إلى غيرة ، وكان مع أبي بصير الشامي قفزوا إلى غيره ، وهكذا في كل مرة هؤلاء المساكين ، لكن لو انضبطوا بالضابط السابق لكفاهم.
بقي في السؤال الكلام عن الحركيين ، لا يجوز تعينهم لماذا لا يجوز تعينهم ؟
النبي r قال : ( بئس اخو العشيرة ) ، وأشار إليه بينه ، عينه ، فتتبعون النبي r ، أم تتبعون التخمينات العقلية ، واستنباطات هذه الخالية من الدليل ، نعم أنا معكم ، لو قلتم نكتفي بأن نقول: ما بال أقوام ، كما جاء في صحيح مسلم ، كان النبي r إذا وجد من قوم مخالفة ، اكتفى بقول : ( ما بال أقوام ) ، فمن كان فيه ذلك الداء ، عرف نفسه فانقطع ، لكن إذا كان الشخص لا يفهم هذا ، أو كانوا الأتباع قد لا يفهمون أن فلان مصاب بذلك الداء ، وجب بيانه بسمه ، الدليل قوله ( ما بال أقوام ) ، والدليل الآخر
الفصل ( بئس اخو العشيرة ) ، والنبي r حضر خطبة رجل ، فأخطأ في خطبته ، ما قال : أنا ما اعيين الخطأ هنا ، أو لا أعينه ، إنما قال : ( باس خطيب القوم أنت ) ، كما جاء في صحيح مسلم ، عينه والناس يسمعون ، حتى لا يتبعوه في خطأه تأملوا !! وهذا مسلم وقال : ( أفتان أنت يا معاذ ) ، وهذا سيد العلماء رضي الله عنه ، وقال فيه ما قال ، فكيف بالمخطئين!! ، فكيف بالمضللين !! ، إذًا لابد حينئذٍ من بيان الضالين المضلين ، لو كان الشخص ضالًا في نفسه ، نكتفي بأن نقول ما بال أقوام ، أما إذا كان له أتباع فنقول كما قال النبي r : ( باس اخو العشيرة ) ، صاحب عشيرة كيف لا يحذر منه ، فهذا هو الحق في مسألة تبين الحركيين ، الحركيين اليوم هم في الحقيقة حجر عثرة كبير في وجه الدعوة ، دعوة أهل السنة ، في وجه العقيدة الإسلامية الصحيحة ؛ بل هم من أكبر الموردين لأهل البدع بل شر أهل البدع ، ما رفع عقيرة ( الروافض سوى ) 31:50 الحركيين مع الأسف ، فكيف يحذر منهم ، ما أودى بالمسلمين اليوم إلى حالة استضعاف بعد استضعاف ، وذل مع الأسف ، إلا ما رحم ربي ، إلا الحركيون ، لأنهم بأفعالهم الثورية سلطوا الكفار على المسلمين ، وهم عاجزون عن ردهم ، والله المستعان.
جزاكم الله خيراً وبارك الله فيكم ،،،
يقول السائل أيضًا : و ما ردكم على من يهون من شأن دراسة كتب العقيدة و ينشغل عنها بدراسة الفقه و غيره ؟
العلم بارك الله فيكم كله خير ، سواء كان عقيدة ، أو كان فقهًا ، لكن لا ينبغي للفقيه ، أو للمتفقه أن يضيق صدره لدراسة التوحيد والعقيدة ، الحقيقة كل فقيه لا عقيدة له يقال فيه لا دين له ، مهما كان أمره ، لأنه لو كان من افقه الفقهاء ، عالمًا بالخلاف بين أهل العلم ، لكنه لا يدري أربه فوق ، أو تحت ، أو في كل مكان ، أو مستوٍ على عرشه ، لا يدري أيجوز الاستغاثة بالله ، والاستغاثة بالنبي ، والاستغاثة بكل ميت صالح ، أم لا يجوز ، لكان من أضل الخلق ، فدراسة العقيدة لا بد منها ، النبي r باتفاق أهل السير ؛ بل بإتفاق العوام والخواص من المسلمين ، كرس جهوده أول ما أرسل في إرساء دعائم العقيدة الإسلامية ، وأنزل الله تعالى عليه ) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ( ، [محمد : 19] ؛ بل أنا استغرب من هذا السؤال مع قول الله عزَّ وجلَّ ) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ( ، [الكهف : 110] ، تأملوا هذه الآية ، ولها نظائر كثيرة في كتاب الله ) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ ( ماذا يوحى ؟ ) أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ( ، كأنه لم يوحى من الدين ، إلا التوحيد ، تأملوا هذا بارك الله فيكم ، مع صيغ صيغ الحصر أدوات الحصر ) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ( ، وقال : ) قُلْ ( ليبلغ ، وأنتم كونوا تابعين للرسول r ) أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ( سبحان الله العظيم !! ، لقد أوحي إلى الرسول r التوحيد ، كما أوحي إليه الفقه ، كما أوحي إلية الأدب ، أوحي إليه كل ما تحتاج إليه الأمة من اقتصاد ، وسياسة ، وإجتماع ، وأخلاق ، ثم يأتي الوحي الكريم ليقول ) يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا( بصيغة الحصر ) إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ( ، كأنه لم يوحى إلى النبي r ، إلا التوحيد ، وهذا حق لما ؟
لأن الأعمال الأخرى ، أو العلوم الأخرى ، قلت لأن الأعمال الأخرى فالحقيقة كلها متفرعة عن التوحيد ، كما قال تعالى : ) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ( ،
[التوبة : 24- 25] ، دلت هاتان الآيتان على أن الكلمة الطيبة التي فسرها السلف ، بأنها لا إله إلا الله ، كلما كانت راسخة الجذور ، كانت ثمارها يانعة طيبة ، فهكذا ، هؤلاء المتفقهة يقال لهم : كلما رسخت العقيدة في قلوبكم ، ورسختموها في قلوب الناس ، كلما كان الفقه الذي تدرسونه أمكن في قلوب الناس ، وفي أعمالهم ، لابد أن تنطلقوا من هذا ، لابد أن تنطلقوا من هذا ، وإلا فتأملوا حال بعض الفقهاء ، لا يفرقون بين المتبوع بحق r ، وبين توقير العالم ، وإتباع قوله المشفوع بالدليل ، حتى إنهم ليقدمون قول الفقيه على قول الرسول r الناصع الواضح الذي هو نص وليس بظاهر ولا مفسر ، هذا موجود عند كثير منهم ، إذا عارض النص الصريح الواضح الدلالة قول بعض متبوعيهم ، من الفقهاء ، لا يجدون غضاضة من أن يردوا قول النبي r ، ثم يعللون تعليل باهت ، فيقولون قد علم فقيهنا هذا الحديث لكنه تركه ، لأنه معلول بشيء ما ، حتى ولو لم يفهموا هذا التعليل ، أو تلك العلة ، إذًا فلا بد حينئذٍ أن ننطلق من هذا ؛ بل لاحظوا آيات الدعوة ، تقريبًا في القران الكريم ما من آية تتكلم عن الدعوة ، إلا وتذكروا التوحيد ، أو تعرض بالشرك ، كقوله تعالى ) قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ( ، [يوسف : 108] ، الحكمة في ختم الآية بالتبرؤ من المشركين ، أنه يجب على الداعية أن يكون عليم بالتوحيد ، عليمًا بالشرك ، عليم بالتوحيد حتى يعمل به و يدعو إليه ) أَدْعُو إِلَى ( عليم بالشرك حتى يَحذره ، و يحذّر الناس منه ؛ قوله تعالى
) وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ( ، [القصص : 87] ، وخذوا آيات في هذا الباب كثيرة في القران الكريم ، تجدونها على هذا النسق ، الله عزَّ وجلَّ يأمر بالدعوة ، ثم يعرض بالشرك من جهة البراءة ، والتحذير ، وما إلى ذلك ، للدلالة على أن أيما دعوة لا تُعنى بالتوحيد ، فلا قيمة لها إطلاقًا ، مهما تفقهت ، مهما تخلقت تأدبت ، لو كان المرء أحسن الناس خُلقًا ، لكنه واقعً في الشرك ، لما نفعه عند الله ، قال تعال : ) وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ( ، [الفرقان : 23] ، وقال تعالى: ) لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ( ، [الرعد : 14] قوله : ) لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ ( ، فسرها علي بن أبي طالب ، وابن عباس بالتوحيد ، قالوا دعوة التوحيد بدليل مقابل ) وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ( أي المشركون ، فمقابلة الشيء بالشيء ، يدل على التناظر ، أن هذا عكس ذاك ، ) وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ( ، [الرعد : 14] ، وكذلك قوله تعالى
) نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ ( ، [إبراهيم : 44] ، قوله ) نُجِبْ دَعْوَتَكَ ( أي دعوت التوحيد ، لأنها قوبلت بقسيمها وهي دعوة الرسل إلى الإتباع ، الإخلاص والمتابعة.
إذًا فنقول إلى هؤلاء الأخوة ‘ اعتنوا بالتوحيد ، واتقوا الله عزَّ وجلَّ ، يخشى عليكم أن تكونوا دعاةً لأنفسكم لا لله ، وأنك إذا دعوت إلى الفقه ، ربما لم تجد من يعارضك ، وإذا دعوة إلى التوحيد ، نبذت واتهمت أنك وهابي ، أنا أخشى أن يكون القائل هذا قد أصيب بعقدة ، وهو ضعيف النفس ، ضعيف الشخصية ، لا يستطيع أن يجهر ، وأن يصدع بالتوحيد أمام قومه ، فاضطر إلى أن يتستر بالفقه ، هذا قلط كثير .
والله المستعان.
جزاكم الله خيرًا وبارك الله فيكم ،،،
هذه سائله تقول : السلام عليكم ورحمة الله
فضيلة الشيخ عبد المالك رمضاني السؤال الأول : قرأ بعضهم كتابكم (مدارك النظر) وكانت له ملاحظات منها:
أولاً : كلامكم عن سلمان العودة ، وأنه يزين الخروج على الحكام ، واستدللتم على ذلك بما ذكره من مواجهة الشيوعيين العزّل في روسيا للدبابات بصدورهم العارية ، حتى سقط ذلك الحكم ... الخ .
فقال : إن سلمان العودة هنا لا يقصد التحريض على الخروج ، وإنما أراد أن يضرب مثالاً ليبين أنه إذا كان الكفار يتحملون ويصبرون في سبيل مبادئهم ، فالمسلمين من باب أولى أن يصبروا ولا يستسلموا لأقل عائق ، وقال : إن ذكر هذا المثال في شريطه (هموم فتاة ملتزمة) يدل على ذلك أيضًا ، حيث أن سياق الكلام كان في الدعوة ، ولا يفهم منه الخروج فما تعليقكم على هذا ؟ جزاكم الله خيرا.
الحقيقة أنه ليس لدي أكثر مما علقت به في كتابي " مدارك النظر " وأنا أترك الكلام للشيخ نفسه سلمان العودة ، أنه هو الذي تكلم في ذلك الشريط ، وهو الذي علل ، وهو الذي جعل مواجهة الدبابات بالصدور العارية في روسيا مثالاً لبني قومه لأن مثل له ، أو مثل للسعودية لما حصل في روسيا ، طبعًا روسيا دولة كافرة ، والسعودية دوله مسلمة ، فالآن هذا سياق كلامه واضحًا يقول : ( ضغوط الناس لا يمكن إهمالها بحال من الأحوال الآن ، ونحن في عصرٍ صار للجماهير تأثيرٌ كبير ، فاسقطوا زعماء كبار - هكذا - وهزوا عروش – هكذا – وحطموا أسوارًا ، وحواجز ، ولا زالت صورة العزل الذين يواجهون الدبابات بصدورهم في الاتحاد السوفيتي ) ... الخ ، طبعًا مسكين من أبتلى بالكفار من المسلمين مع الأسف الشديد ، الله تعالى يقول ) لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى ( ، [النحل : 60] ، لا يمثل للذين لا يؤمنون بالآخرة ، إلا مثل السوء ، كيف يمثل لهم بالمثل الحسن ، بل كيف يجعلهم قدوةً للمسلمين ، مع الأسف الشديد ، هذا نضرب عنه صفحا لنقول : هو يريد التحريض على الدولة السعودية ، مع الأسف ، بالخروج عليها والدليل واضح قوله : ( فإذا كان المجتمع الذي نعيش فيه مجتمع منقسما ) تأملوا ، هو ما يتكلم من فراغ ، ولا يتكلم عن المريخ ، ولا عن ما خرج عن الكرة الأرضية طبعًا عن كلامه ما خرج عن السعودية ، وهو يقصد بالبلاد السعودية ، مجتمعنا مجتمع منقسم وهذه حقيقة ) فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ( ، [النمل : 45] الآية وين جات ، هذه جات بين المسلم والكافر ) فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ( في سورة النمل ، الكفار والمسلمون تأملوا ، حتى الآية بعد قال : ( فيجب أن يمارس الخيرون ، كافة الوسائل لتحقيق قناعاتهم الشرعية ) كافة الوسائل ، ومن الوسائل التي مثل بها ، مواجهة الدبابات ، تأملوا ، قال : ( والشكوى وسيلة ، لا يمكن أن يهون منها ، أو من شانها ، ولكنها من اضعف الوسائل ، خاصة إذا لم يكن معها غيرها ) ، من الذي مع غير الشكوى ، الشكوى هي إنكار المنكر باللسان ، طيب هذا ضعيف عنده ، من الذي هو اقوي منه ، إنكار المنكر باليد ، حديث ابن مسعود المعروف ، حديث أبي سعيد الخدري ( من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) ، إذًا تغير المنكر باليد حينئذٍ لمواجهة الدبابات ، هذا الذي يقصده سلمان مع الأسف في بلاد التوحيد ، بلاد السنة ، ليكون خير معين للدول الكافرة والدول المبتدعة ، التي تريد القضاء على التوحيد والسنة الذين في هذه البلاد التي انفردت بها مع الأسف عن كل دول العالم ، إلا ما رحم ربي ، فتأملوا هذا بارك الله فيكم ، إنه يريد التحريض بلا شك ، وهو يقول المجتمع الذي نعيش فيه ، فكيف يقول السائل إن الرجل لا يقصد بلاد السعودية !! ، يقصد ماذا إذًا ؟ هو حرض عندنا في الجزائر ، وقال : ( أنصح جبهة الإنقاذ ، أن تبذل المزيد من القتلى ، وأن تصبر وتصابر ، ونحتسب قتلاهم ( شهداء عند الله ) ، أنا أقول إنني أحتسب أنما فعله سلمان بفتواه هذه ، وصديقة في المذهب الضال علي بن حاج عندنا ، يقتسمان دماء المسلمين في الجزائر مع الأسف ، وأنا أحملهم مسؤولية يوم القيامة ، وعليهما ما داما على قيد الحياة ، وما داما شيء من الإيمان ينبض في قلوبهما ، أن يستسمحا الشعب الجزائري ، وإلا فالمصيبة والله اعلم تكون عظيمة عند الله ، ما من دم أريق هناك ، إلا ويتحملان بادئ ذي بدئ قبل غيرهم مِن مَن شاركهم في هذا الضلال ، يتحملان المسؤولية مع الأسف ، لأنهم شجعوا على ذلك ، وأيدوه ، ونصروه والشريط كان في هذا الباب ، لأن هذا كلامه مع الأسف وهو ؛ بل هو يكفر دولته الدولة السعودية ، ولقد ذكرت هذا ، ونقلته من كلامه الذي في محاضرة " تحرير الأرض أم تحرير الإنسان " ، هو ذكر هذا كفر ، بل قال شعرًا يدل على كفر جميع الحكام ، من المحيط الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي ، هو الذي قال في محاضرة :
" فبالله خلوا عبيد التراب ، وقبلتهم أخت كولومبس "
يقصد أمريكا هذه قبلتهم ، طيب مع الأسف
" ففي كل يوم مزارٌ ووباءُ ، من العربي إلى الأطلس "
أي من الخليج العربي إلى الأطلسي ، ما ترك بلدة يحكم لها بالإسلام ، مع الأسف كلهم عبيد التراب ، عبيد أخت كولومبس ، تأملوا هذا.
" فبيت العتيق لنا قبلة ، نفدِّيه بالنفس والأنفس "
بيت العتيق !! ليش بيت العتيق ، يعني في أيدي الكفار حتى تفديه ، بيت العتيق محفوظ عند أهل السنة ، وأهل التوحيد ، لو كان بيت العتيق عند الحاقدين على أصحاب رسول الله r ، لأهلكوا الخلق ، لو كان بيت العتيق في أيدي الخرافيين من الصوفية ، لأهلكوا الخلق ، لكن في أيدي التوحيد مصون والحمد لله ، لا يسمحون بطوافٍ بقبر ، واستغاثةٍ بميت ، ومناجاة من لا يقدر أن يعطيهم أبدًا ، والحمد لله ، ينبغي لك أن تأيد هذا ، لكنه مع الأسف ، يرى بأن رقعة إسلامية قد استولى عليها المنافقون النفاق الأكبر ، يقول في هذه المحاضرة : ( فنجد أن الرقعة الإسلامية ، أصبحت نهبًا للمنافقين الذين أحتلوها بغير سلاح ، وليس بالضرورة يعني عن طريق الثورات هيمنوا على العالم الإسلامي ، باسم العلمانية تارة ، وباسم الوحدة الوطنية ، أو الوطنية ، تارة أخرى ) ، هذا كلامه ، ويقول الآن يأتي الكلام عن السعودية يقول : ( وباسم نظرية الحق التاريخي ، الذي يخولهم ذلك مرة ثالثة ، ولا بكاء ، ولا دموع على هذه الأرض الإسلامية ) سبحان الله !! راحت ، مسكين عنده دولة الحرمين ، راحت في أيدي المنافقين ، هكذا قال : ( ولا بكاء ، ولا دموع ، على هذه الأرض الإسلامية التي أصبحت تُحكم بالمنافقين ، بل أصبح ذلك الواقع واقع شرعيًا في نظر الكثيرين ، ولعله أحيانًا يكون مثيرًا للدهشة ) هذا كلامه !! ماذا تريدون بعد هذا ، الكلمة التي يجهلها البعض ، أنه قد لا يكون في هذه البلاد ، قوله : ( نظرية الحق التاريخي ) نظرية الحق التاريخي كما تعلمون هي ولاية العهد ، النظام الملكي ، وما من سعودي قرأت عليه هذه الجملة ، إلا قال : هو يقصد السعودية ، لماذا ؟
لأنه قال ، عين قال : ( يخولهم ذلك مرة ثالثة ) ، لأن الدولة السعودية الآن في عهدها الثالث ، تأملوا هذا الدولة السعودية الآن في عهدها الثالث ، هي النظام هي تحت نظرية الحق التاريخي ، الذي هذا التعبير سياسي معروف عند السياسيين ، إذًا هو يحكم عليها بأنها تحكم من قبل المنافقين ، والمحاضرة كلها في وجوب قتال المنافقين ، الذين استولوا على الرقعة الإسلامية ، وعلى كل حال ، لا داعي في ظني للدفاع عن الرجل ، والله المستعان.
جزاكم الله خيرا ، وبارك الله فيكم ،،،،
تقول أيضًا في ضمن كلام هذا الذي قرأ الكتاب وله ملاحظات يقول : أن هذا الرجل يقول أو هذا القائل يقول قلتم في كتابكم : أن سلمان العودة أخترع حكاية التفريق بين الفرقة الناجية والطائفة المنصورة لصرف الشباب عن أهل الحديث ما الدليل على أنه أراد ذلك ؟ وقد قال الشيخ الألباني عن هذا التفريق : ( لا أراه بعيداً
عن الصواب ) ؟
نعم أنا قلت ذلك وأتيت بشواهد في طعنه على أهل الحديث ، سلمان العودة لما قال ما قال في التفريق بين الطائفة والمنصورة والفرقة الناجية أراد أن يُدخل في الفرقة الناجية من ليس منها ، كالأشاعرة والصوفية وغيرهم ، وكلامه واضحٌ في ذلك هذا كلامه ، الشيخ الألباني – رحمه الله – لما تكلم عن التفريق منطلق من هذا المنطلق ، ولا ذكر هذا المفهوم ، إنما أراد أن يقول إن الطائفة المنصور أخص من الفرقة الناجية ، لأن الفرقة الناجية أعم ، الفرقة الناجية ، أولاً : إن الطائفة المنصورة هم أهل العلم وقد سبق وأن ذكرت شيئًا من ذلك هم أهل العلم الفرقة الناجية أعم من ذلك لأننا لو قلنا إن الفرقة الناجية هم الطائفة المنصورة لحجرنا واسعًا ، يصبح كل من ليس بعالم من أهل السنة ليس من الطائفة المنصورة ولا الفرقة الناجية ؛ وهذا قلط التفريق إنما الفرقة الناجية يدخل فيها عوام أهل السنة وخواصهم ، وأما الطائفة المنصورة فهم خواصهم الذين هم أهل العلم ، كما أتفق كلمة السلفي على ذلك وشيخنا ناصر – رحمه الله – ذكر في المجلد الأول تفسير السلف للطائفة المنصورة وعين تسعة منهم رحمة الله عليهم أنهم أهل العلم وأهل الحديث وهذا واضح ، أما الآن اقرأ عليكم كلام الشيخ ناصر رحمه الله تعالى في ذلك حيث قال : ( فقد تقدم – هذا الذي أنا أشرت إليه – هناك النقل عن أئمة الحديث في تفسير الطائفة المنصورة ، أنهم أهل العلم بالحديث ، وأصحاب الآثار وبالضرورة تُعلم أنه ليس كل من كان من الفرقة الناجية هو من أهل العلم بعامه ؛ بل من أهل العلم بالحديث بخاصة ، ألا ترى أن أصحاب النبي r هم الذين يمثلون الفرقة الناجية ، ولذلك أمرنا بأن نتمسك بما كانوا عليه ، ومع ذلك فلم يكونوا جميعًا علماء ، بل كان جمهورهم تابعًا لعلمائهم فبين الطائفة والفرقة عمومٌ وخصوصٌ ظاهرًا ، ولكني مع ذلك لا أرى كبير فائدة من الأخذ والرد في هذه القضية حرصًا على الدعوة وشتات الكلمة ) ، هذا كلامه أولاً : هو واضح في التفريق المذكور وهو أن الطائفة المنصورة من الفرقة الناجية ، وأنهم أخص من الفرقة الناجية ، وكلهم طبعًا على دينٍ واحد والحمد لله ، وعلى الجادة ، بخلاف كلام سلمان العودة ، الذي أراد أن يدخل من ليس سلفيًا في الفرقة الناجية وهو بحاجة إلى هذا ، كما فعل بعض أصحابه قريبًا في ضم الأشاعرة إلى أهل السنة والجماعة ، نسأل الله العافية لماذا ؟
لأنهم يجدون عند أهل البدع بعض الأهواء التي تناسبهم ، لا يجدونها عند غيرهم ، فهم محتاجين حينئذٍ أن يستعينوا بهم ، أكثر الأشاعرة اليوم ثوريون ، فهم محتاجون إليهم معنا هذا مخالف لمذهب الأشاعرة ، الأشاعرة لا يرون الخروج على السلطان مطلقا ، مطلقًا ، وهذا موجود في كتب العقائد ، لكن الذين يقولون نحن أشاعرة اليوم كلهم تقريبًا ، يحرضون على الخروج ، فلذلك بعض من في نفسه شيء من الحكام يجد رحمًا موصولةً بهم ، فلذلك يقربهم إلى أهل السنة ، ويدعي أنهم منهم ، وهكذا بالنسبة بما علية الشيخ المذكور الشيخ سلمان مع الأسف الشديد ، وهو لما كتب كتابة " الغرباء " أراد أن يقول بأن الغرباء هم أهل الجهاد وأنا اذكر ولعلى الإخوة الذين يسألون مطلعون على شريط من سلسة الهدى والنور نقاش بين الشيخ ناصر الدين الألباني - رحمه الله - والشيخ علي خشام الذي كان مع الأسف مبتلى إلى العظم كما يقال بفكر سلمان العودة ، وكان يقرأ على الشيخ قراءة بعد قراءة ، من بعض سلسلته في " الغرباء " فكان الشيخ قد أعطاه فسحة من الوقت ، فقرأ عليه الكثير وفي كل مرة الشيخ ينتقد ، فيقول : شيخ أصبر علي شيخ لعلي أزيدك توضحًا ، فيزيد فيزيد إلى أن انتهره الشيخ ، قال: يا أخي إحنا الآن استمعنا إليك ، والرجل هذا كصاحبه سفر الحوالي ثوريون ، ثم سأله هل تعلم رأيهما في فتنة الجزائر ، قال : لا أدري ، الشيخ قال : أنا أدري إنهما يؤيدان ذلك ، ثم بعد أن اعمل الشيخ في الأول شيءً من المجاملة لعلي خشان وبين له أنه يستمع إلى كلام سلمان العودة الذي في كتابه عن الجهاد ، قال له في نهاية الأمر : كلامه هذا شعري خيالي يتكلم بلام جميل عن الجهاد لكنه لا يذكر حكمة ، لماذا يتهرب من الحكم عن الجهاد ؟ ، قال : لأن الرجل يصور ويحرض ، هذا كلام الشيخ ناصر وارجعوا إلى الشريط ومتداول وموجود ، فخلاصة الأمر الشيخ كان يحسن ضنه بسلمان العودة ، لأنه اتصل به مرة وقال : ( تكلم معي حوالي صف ساعة ) ، وقال : أنا راجع عن كل شيء ... إلخ ، فتظاهر الشيخ سلمان بشيء من الخلق والتراجع عن رأيه وفكرة ، فالشيخ ناصر ما سمعه ، لكن بعد ما تبين للشيخ ناصر حالته ، تكلم فيه ، هذا كل ما في الأمر ، وهذا نفس أهل العلم ، يحسنون ظنونهم بكل مسلم ، ثم لما يظهر لهم العكس يبينون ، وقد بين الشيخ جزاه الله خير وقدم لكتابي " مدارك النظر " وعرض بسلمان وسفر وغيره ، لأنه قال بعض الشباب من غير الجزائر ، ومن خارج بلاد الذين كانوا مؤيدين لثورة الجزائر قد بينوا للمؤلف جزاه الله خيرًا ما كانوا عليهم من الفساد منهجهم كلمه نحو هذا ، هذا كلام الشيخ ناصر - رحمه الله تعالى - فلماذا يتعلق به الناس ، إذًا كلام الشيخ ناصر بالتفريق بين الفرقة الناجية والطائفة المنصورة في واد ، وكلام الشيخ سلمان في وادٍ آخر ، فكيف نجمع بينهما ، إنما قاله الشيخ أول ، تحسين للظن ، ولذلك آخر زيارة زورت فيها الشيخ - رحمه الله - كنت مع مجموعة مع طلب العلم وقال لي : " لقد زارني أحد الدكاترة السعوديين ، الذين يحملون هذا الفكر ، ورأيت أن الرجل على شِنشِنت الإخوان المسلمين " هكذا يقول الشيخ - رحمه الله – قال : " لكن ماداموا يأتوننا نصبر عليهم لعلهم يرجعون ، وإلا فهم على درب الإخوان المسلمين ينطحون قرونهم ثم يكسرونها بلى فائدة " قال : رجل دكتور كذا نسي الشيخ اسمه ، قلت أهو الدكتور ناصر العمر قال : هو ذاك ثم قال : " لا تخف إن دعوتهم هذه لن تقدم شيئًا ، وإنما هي كما قال تعالى : ) وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ( ، [الرعد : 17] " هذا الذي قاله لنا - رحمه الله تعالى - بعد أن تبين حالهم ، والله ولي التوفيق.
جزاكم الله خيرا ، وبارك الله فيكم ،،،
تقول السائلة كيف نحكم على شخص بأنه سلفي ، أو غير سلفي ؟ وما الضابط في ذلك ؟ بعضهم يقول : إن محمد قطب سلفي مثلاً..فما الدليل على أنه غير ذلك ؟
يكون الرجل سلفيًا إذا كان ذا عقيدة سلفية ، هذا وهو التعريف المنضبط الذي لا يُنقض ، ولسنا بحاجة أن نقول ذا عقيدة سلفية ومنهج سلفي ، لأن التفريق بين العقيدة والمنهج لا أحببه وما رأيت عليه أحدًا من أهل العلم ، ولا ثم مصنفات ، ولا علوم في هذا الباب ، وإنما هي من اختراعات بعض القطبيين وانطلت على بعض السلفيين ، لأن المنهج من العقيدة فلا داعي للتفريق ، المنهج الذي كان يقصد به معاملة السلطان من حيث الخروج وعدم الخروج ، هذا من صميم العقيدة وموجود في كتب العقيدة والحمد لله ، إذا كان المقصود به الدعوة ومعاملة المبتدعة في الدعوة ، هذا من صميم العقيدة والحمد لله موجود ، فإذًا لا داعي أن نقول إذا كان ذا عقيدة سلفية ومنهج سلفي ؛ بل العقيدة والمنهج لا يفترقان ، فإذًا كل من كان ذا عقيدة سلفية ، فهو سلفي ، ينبغي لنا أن نقدر العقيدة ، فنقول هذا التعريف يعني مائع ، أو كيف يكون الأمر كذلك يدخل فيه من هب ودب نقول لا قلط ، قلط لماذا ؟
لان هناك أصول ، لا يمكنك أن تدخل الإخوانجي مثلاًً من الإخوان المسلمين الذي قد يكون معك في الأسماء والصفات على ما كان عليه السلف الصالح ، لكنه يرى الخروج ، هذا ليس سلفيًا ، لأن من رأى الخروج أُلحق بالخوارج ، إذ هي من الأصول البارزة فالرجل يخرج من السلفية إذا تبنى مذهبًا بارزًا من مذاهب أهل البدع ، من أصولهم الغليظة وهذا منها . في شي في السؤال ؟
يقول أيضًا بعضهم يقول أن محمد قطب.
نقول اثبتوا ذلك ، اثبتوا لنا أن الرجل سلفي ، وإلا فالرجل دخل جزيرة العرب واستوطن في السعودية مدةً ، وأفسد كل من تمكن من قلبه من أبناء البلاد السعودية مع الأسف ، وكان تلميذه الحميم سفر الحوالي المعروف والمشهور بالتكفير ، والخروج ، والتحريض على ذلك ، من أوفى تلاميذه ، ومن أحفظ التلاميذ لمنهجه ، ومن أكثر الناس دعوة إليه ، أقروا كتابه الذي كتبه " واقعنا المعاصر " لتفهموا أن الرجل ليس سلفي بل هو ثوري ؛ بل تكفيري أحمر ، لأنه يرى بأنه لا فائدة من الكلام اليوم عن السياسة في هذه المجتمعات المسلمة ، لأنها لن تصبح مجتمعات مسلمة ، فهم لا يعرفون لا اله إلا الله قال : " ينبغي تأسيس لا اله إلا الله في القلوب " ، نسل الله العافية ، تأسيس !! طبعًا التأسيس يكون في مكان غفر ليس فيه بناء تأسيس يذكر هذا في كتابه " واقعنا المعاصر " ثم أشياء لا أذكروها في ذلك الكتاب ، وعنده كلام سيء في بعض الصحابة في كتاب التفسير أو التاريخ الإسلامي والتفسير ، أو شيء من هذا ، كلام لا يصلح ، وهو الذي أحيا مشكلة الإرجاء و وصن بها أهل السنة ، وقد ذكر الإمام أحمد كما نقل عنه حرب الكماني رحمه الله تعالى ، ذكر أن الخوارج هم الذين تميزوا بإضفاء وصف الإرجاء ، على أهل السنة والجماعة .
ثم الرجل قدم لكتاب سيء لتلميذه سفر الحوالي " العلمانية " هذا الكتاب من أوله إلى آخره يكفر الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله دون تفصيل ، من أول الكتاب إلى آخره لم يأتي المؤلف ؛ ولم يعرج على تفسير بن عباس ،ولا عطاء ، ولا طاوس ولا ولا ولا ؛ بل الذي هو إجماع السلف ، أجمع السلف على أن الحكم بغير ما انزل الله ، كفر أصغر ، ولا يكون كفرًا أكبر حتى يحتف بقرائن أخرى ، كأن يستحل صاحبها بعد أن تبلغ له الحجة ، ما عرج أبدًا على تفسير السلف لآية الحكم بغير ما انزل الله ، مع انه رددها مرارًا في كتابة ، وقدم له محمد قطب ، ومحمد قطب قدم له كتاب " ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي " للدكتور سفر الحوالي أيضًا ، هذا الكتاب كتاب دكتوراه ، هو قدم له في الكتاب ، واحتفى به ، والكتاب فيه دعوة صريحة للتكفير ، كما هو مذهب سفر الحوالي وللخروج ، لأن سفر الحوالي في هذا الكتاب أتهم الشيخ الألباني بأنه من المرجئة ، أو وافق مذهب المرجئة في كذا وكذا وكذا ، وطعون أخرى ، وكذلك قال : " بأن مسألة الخروج على السلطان المسلم الجائر مسألة مصلحيه اجتهادية لا تبديع فيها ولا تظليل " ، تأملوا !! هذا نص كلامه " مسألة مصلحية اجتهادية لا تبديع فيها ولا تظليل " ، هذا الذي قدم له محمد قطب ، فمحمد قطب حقيقة جاء إلى جزيرة العرب ليحدث انقلابًا فيها بخصوص في البلاد السعودية ، وقد مع الأسف انقلابًا فكريًا في أوساط أتباعه ، وسلم الله البلاد والحمد لله ، وهؤلاء الذين الآن يثيرون الفتن هم تلاميذه ، الآن يثيرون التفجيرات هم تلاميذه ، وهو الذي إلى الآن يطبع كتب أخيه سيد قطب الواضح في التكفير في الدعوة إلى التفجير والطعن في الصحابة وكذا لوح شيخ محمد جميل زينو يقول: قلت اتصلت بمحمد قطب كيف تطبع كتب أخيك وهو يطعن في الصحابة في عثمان ويقول إن الذين خرجوا على عثمان اقرب إلى روح الدين الإسلامي من عثمان ، نسأل الله العافية ، هل هناك سني يقول هذا الكلام !! وهناك رجل يروج لهذه الفتنة هذه البدعة بعد أن نبه عليه محمد قطب فقال : أنا أطبع كتب أخي كما هي ، كيف ذلك !! ،
) وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ( [التوبة : 2] ، وهذه الصحيفة يوم القيامة تقوم لك تحاسبك تنشرها بين الناس ضلالة ، فالرجل على كل حال من أخطر الناس على السنة ، وعلى السلفية هذا محمد قطب ، والله ولي التوفي.
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم ونفع بكم ،،،
السائلة لها سؤال ثالث تقول: بعضهم يقول معلقاً على من يقول أن جهاد أهل البدع أهم من جهاد الكفار،يقول أن هذا خاص بجهاد الطلب وليس جهاد الدفع الذي لا يمكن تأخيره حيث يهاجم فيه العدو البلد ولا يمكن تأجيله لجهاد أهل البدع ؟ فما تعليقكم على ذلك ؟
من أتى بالتفريق فليأتي بالدليل هذه واحدة وثانيًا : هذا الكلام ليس بإطلاق جهاد المبتدعة أولى من جهاد الكفار فليس بإطلاق ، وإنما هو لما كان جهاد الكفار لا يتم إلا عن تلاحم ، وتكاتف ، وأن نكون يدًا واحدة قال تعالى : ) وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ( [التوبة : 36] ، وأن نكون يدًا واحدة على من عادنا قال تعالى:
) هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ( [الأنفال : 62-63] لما كان ربنا عزَّ و جلَّ
يقول ) وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا ( [الأنفال : 46] فهذا شرط أن يكون المسلمون متلاحمين ، لما كان هذا الشرط لا بد من تحقيقه ، قال العلماء : بأن جهاد المبتدعة أولى من جهاد الكفار ، لأنك إذا تركت المبتدعة في المجتمع ، فإنهم ينقضونه حجرًا حجرا ، ويفرقون شمله ، ويضعفون قوته ، لما يبثون من أفكار فاسدة ، فلذلك يُبدأ بهم ثم يلحق الكفار ، لكن قد يبدأ بالكفار إذا رأى ذلك المجتهدون ، وإنما ينبه على هذا بعض الناس الذين يقولون : لا لا لا تلتفتوا إلى المبتدعة حتى نقاتل الكفار ، متى ينتهي من الكفار ، ما ينتهي من الكفار الكفر موجود ، الحق والباطل في صراع ، فهذا غلط كبير ، ولذلك في كثير من البلاد الإسلامية كان الصوفية المتواجدين في أوساط المسلمين وأوساط أهل السنة هم الذين يمكنون للكفار ، وذكر بن تيمية وغيرة أن الرافضة كانوا من اكبر أعوان الكفار ، وكانوا هم الذين دلوا الكفار على مواطن الضعف في دولة المسلمين حتى دخلوا عليها وأفسدوها أيما إفساد ، فالذين سكتوا عن الرافضة هم الذين في الحقيقة الأمر مكنوا للكفار من دخول بلدهم وإفسادها من هذا القبيل ، لكن أقول هذا المسألة ينظر فيها المجتهدون وبن تيمية - رحمه الله تعالى – في الرد على البكري ولقد سقته كلامه في كتابي " السبيل إلى العز والتمكين " بين أن طائفة من أهل العلم المحققين ( كما وصفهم هو ) المحققين امتنعوا من قتال التتار ، لما وجدوا المسلمين يستغيثون بغير الله ، وكانوا يقولون :
يا خائفين من التتار *** لوذوا بقبر أبي عمر
قال : ( فامتنع المحققون والعلماء عن الجهاد مع أنه جهاد دفع التتار جاءوا غزاةً ) ، قال : ( فحرضنا الناس على السنة والتوحيد ، فلما رجع الناس إلى الله ، واستغاثوا به وحده ، ووحدوه وعرفوا الله عزَّ و جلَّ والعقيدة الصحيحة ، والتزموا بهدي النبي r هنالك قاتلوا الجميع قتالاً مؤزرا ) ، فتأملوا هذا المقصود.
أولاً : لأن اتحاد الصفوف مطلوب .
وثانيًا : أن الله سبحانه وتعالى ينصر أهل التوحيد أهل السنة هذا شرط ، أما أن يقال : اتركوا الناس على البدع كيف ما كان ذلك أبدًا كيف يقاتل ، معصية أحد حرمت الناس من النصر ، معصية غزة حنين حرمة الناس من النصر ، وأنتم تريدون أن تقاتلوا بالمسلمين اليوم بمبتدعهم ، وسنيهم والسنيون فيهم ما فيهم من البلاء والأخطاء فضلاً عن من يخالفهم تريدون تنتصروا على العدو ، هذه أحلام وخيال ، الله تبارك وتعالى قال : ) أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ (
[آل عمران : 165] ، هذا خطاب لمن لخير من تبع نبي أصحاب الرسول r ، بل قال
لنبيه r : ) وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ( [النساء : 79] . هذا والله تعالى اعلم.
جزاكم الله خيرا ، وبارك الله فيكم ،،،
هذه أربعة أسئلة من منتدى السلفيات يقولون : نرجو من فضيلة الشيخ عبد المالك - حفظه الله - التفضل بالرد عليها مع جزيل الشكر .
السؤال الأول : من هم علماء الجزائر خلال الاحتلال الفرنسي ؟ وما هو دور الدعوة السلفية آنذاك ؟
علماء الجزائر خلال الاستعمار الفرنسي بالجزائر ، كان منهم الشيخ أبو يعلى الزواوي ، وهذا رجل كان قويًا في عقيدته حتى يقول : لست أشعريًا ولا صوفيًا ولا ولا إنما أنا سنيٌ سلفي ، كان يصرح بذلك ، ومنهم الشيخ عبد الحميد بن باديس ، والشيخ محمد بن بشير بن إبراهيم وهو معروف أيضًا ، والشيخ طيب العقبي والشيخ مبارك الميلي ، وغير هؤلاء رحمهم الله تعالى ، بعض من كان مع جمعية العلماء الجزائريين الذين كانوا مع من ذكرته ، أو ذكرت أسمائهم الآن ، كان عليهم بعض الملاحظات ، وحتى يعني ما كان ينتقد على بعضهم لأنهم في الحقيقة كانت هناك حالات سياسية أضرت ببعضهم ، وبعضهم كان أشعريًا ، وبعضهم كان صوفيًا ثم أخذوه رويد رويد إلى السنة ، لكن أيضًا كان الشيخ ..... " 71:43 " هذا كان صاحب سنه قويًا في هذا الباب ، وغيرهم والله تعالى اعلم.
أما دعوتهم السلفية ، فكانوا ينشرونها – أي الدعوة السلفية – فكانوا ينشرونها في ربوع الجزائر ، ولذلك هم كانوا في الحقيقة كلهم من الشرق الجزائري ، الشرق الجزائري إلى الآن نظيف بالنسبة إلى الغرب من جهة القبوريات ، كانوا أشد الناس على القبوريين ، أنا قديمًا قرأت بعض المناظرات بين الشيخ بن باديس - رحمه الله- وبعض القبوريين ، فكنت اقرأ وأنا لا اعرف من الراد والمردود عليه وما ذكر الاسم فالأول ، فسبحان الله من قوة الحجة كنت أظن أن ابن تيمية يرد على غيره ، حتى دورت بعض الصفحات فوجدت اسم بن باديس يخاطب بعض القبوريين يرد عليه ، كان عنده ردود موفقه جدًا جدًا ، هؤلاء الذين نشروا الدعوة السلفية في ذلك الوقت.
جزاكم الله خيرا ،،،
السؤال الثاني : لماذا كان جهاد العلم مقدّماً على الجهاد بالسيف
على الرغم الأحاديث الواردة في فضل الجهاد والمجاهد ؟
لأنه وبكل البساطة لا يمكنك أن تجاهد بالسيف حتى تجاهد بالعلم ، وهذا الذي بدأ به الأنبياء ، كل الأنبياء جاهدوا الجهاد العلمي ، وقليل منهم من جاهد بالسيف ، يذكر هذا بن تيمية في " الصارم المسلول " أكثر الأنبياء لم يجاهد بالسيف ، لا نوح ، ولا هود ، ولا صالح ، ولا إبراهيم ، إنما كان ذلك لنبينا محمد r ،بعد أن قوية شوكته ، ولموسى عليه السلام ، بعد أن قتل الله فرعون ، هذا الذي كان في التاريخ الإسلامي ، وبعضهم ، كداود وسليمان ... إلخ ، عليهم الصلاة والسلام ، أما باقي الأنبياء والمرسلين ، لم يقاتلوا بالسيف ، لأنهم كانوا ضعفاء ما كان عندهم أقوام ، ولا كانت عندهم شوكة ، فلم يكونوا يقاتلون بالسيف ، أما القتال العلمي ، فشارك فيه الجميع ، وابن القيم - رحمه الله - في مفتاح دار السعادة بين أن الجهاد العلمي ، هو أكبر الجهاديين ، بل الله عزَّ وجلَّ أمرنا فيه بالجهاد الكبير ، لأنه يحتاج إلى الإنسان لترويض نفس ، عليه حتى يتمكن من جهاد الآخر ، قال تعالى : ) فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ ( أي بالقران ) جِهَادًا كَبِيرًا ( [الفرقان :52] ، سماه الجهاد الكبير ، أمر فيه بالجهاد الكبير ، وكذلك بالنسبة لكون المجاهد في الميدان بالسيف يدخل الميدان في شجاعة مفرطة ويموت ، أما الجهاد بالعلم هذا يحتاج أولاً : إلى ثني الركب عند أهل العلم ، والسهر ، والتفكير والحفظ ، وتحمل المشاق ، والأسفار ، ثم تحمل أذى من يؤذيك ، هذا ليس بالسهل ، ثم يحتاج إلى تبليغ ، فهذا جهاد لا يقوم به ، إلا العلماء ، قال بن القيم - رحمه الله- :
" الجهاد العلمي ، جهاد الأفذاذ من الناس " ، وهو جهاد العلماء ، أو أما الجهاد بالسنان ، فيقدر عليه كل إنسان ، بل بعض الناس مِن مَن ليس متدين جدًا ، قد تكون له شجاعة ، فيدخل الميدان يقتل من توه ، أما جهاد العلم ، فيحتاج إلى صبر ومصابرة ، وإلى أن يثبتك الله تعالى عليه ، هذا الفرق بينها ، وثم فروق كثيرة على كل حال .
جزاكم الله خيرًا ،،،
السؤال الثالث: يقولون نسمع كثيراً في أشرطة الشيخ ناصر الدين الألباني - رحمه الله - عن قضية ( التصفية والتربية ) ما هو المقصود من ذلك ؟
كان الشيخ الألباني - رحمه الله - يرى أن الجهاد اليوم هو الجهاد العلمي ، ويقسمه إلى : تصفية ، وتربية ؛
التصفية : تصفية الإسلام من كل دخيل ، في العقيدة ، والعبادات ، والأخلاق وغير ذلك ، لأنه دخل على المسلمين في إسلامهم أشياء ليست من دين الله تعالى ، وأنتم تعرفون هذا ، وهي الفِرَق المنتشرة ، ثم مع ذلك أيضًا تربية الناس على الإسلام الأصيل الصحيح ، هذا مطلوب ، فيجتهد الناس في تصفية إسلامهم من كل دخيل ، ثم يربونهم على الإسلام الصحيح ، حتى يلتزموا به ويحققوا لأنفسهم ، لأن الله تعالى ينصر الأمة العاملة .
جزاكم الله خيرًا ،،،
السؤال الرابع : يقولون : نرى فضيلة الشيخ معظم الناس يتتبعون الأخبار السياسية من خلال التلفاز ، أو المذياع ، أو الجرائد فما هو الضابط السلفي لهذه القضية ؟
الضابط السلفي لهذه القضية هو ضابط أهل الحديث ، حدثنا فلان عن فلان عن فلان ، وذلك مأخوذ من قوله تعالى ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ( [الحجرات : 53] فالأخبار التي تؤخذ من التلفاز ، ولا سيما من الكفار ، وجرائدهم هذه أخبار في حقيقة الأمر لا يجوز أن يقام لها اعتبار ، إلا إذا كان ثم قرائن احتفت بالخبر تدل على تواتره ، وعدم تواطؤ الناس عليه لتحصل أخبار تجزم بأنها صدق ، لأنها أولاً تواترت ، ثم تجزم بأن الخليقة لم تتواتر على اختراع هذا الخبر ، وإلا في الحقيقة خبر الكافر منطرح ، هو خبر المسلم الفاسق منطرح بدليل الآية السابقة ، فكيف بخبر الكافر ، وأنا انصح المسلمين في هذا الباب ، أن لا يعروا اهتمام لهذه الأخبار الصحفية ، لأن الصحافة أحد رجلين :
شرهما : من يخدم جيبه ، ويخدم حسبه ، فهو شغال لحزبه كيف ما كان .
وأخفهما : من يخدم جيبه ، وكلاهما معرض للكذب ، لأن الذي يخدم جيبه ، لا بد أن يخترع أشياء يثير أشياء مثيرة هكذا يأتي بها ، ولذلك اليوم يطعنون في البلاد التي تدعوا إلى السلفية تدعو إلى السنة بأخبار لا تصح أبدًا ، أخبار يعني - نسال الله العافية - مالها زمام ولا خطام ، مع ذلك تجد لها خطابا لماذا ؟
لأهواء في النفس ، فالمنهج الصحيح أنك لا تصدق هذه الصحافة ، إلا كما قلت لك إذا احتفت بها قرائن يعرفها العلماء .
جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم ،،،،
السائل العكرمي يقول : شيخنا الكريم عبد المالك رمضاني - حفظه الله تعالى - هل يكفي في أخذ العلم عن الرجال اشتهارهم بالسلفية ، أم لا بد لهم من تزكية ؟
الأصل أن العلم يؤخذ إلا لمن زكي ، بأنه رجل سلفي صاحب سنه ، وذكرنا هذا في أول الكلمة اصطفاء الله للرسول ، واصطفاء الرسل لأتباعهم ... إلخ ، والنبي r قد قال : ( خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ) ، فزكى أصحاب ذلك القرن ، وهم طبعًا زكوا من بعدهم ، وكان محمد بن سيرين كما روا ذلك مسلم في صحيحة يقول : ( إن هذا الأمر دين ، فانظروا عن من تأخذون دينكم ) ، وكان أبو العالية - رحمه الله - يقول : ( إني لآتي الرجل لأخذ عنه ، فإذا رايته لا يقيم صلاته ، قلت هو لنفسه هو أضيع ، فلا اخذ عنه الحديث ) ، فتأملوا إلى هذا الذي بلغوه ، وكان يقول بعض السلف : ( إنك لتجدهم يسألون عن الرجل ، ما حاله ، كيف هو ، كيف دينه حتى تتوهم أنهم يريدون أن يزوجوه ) ، لأنه كما انك إذا جاءك رجل يخطب ابنتك ، ذهبت إلى أصحاب الحارة ، تقول : ماذا تعرفون عن فلان ؟ كيف هو ، كيف دينه ، كيف صلاته ، كيف خلقه ، تسأل عنه لأنك تريد أن تعطيه ابنتك ، والدين أعظم من ذلك بكثير ، فإذًا هذا الأصل ، لكن إذا كنت في بلدٍ لا يوجد فيها علماء ، ولا طلبة علم أقوياء ، قد يوجد بعض طلبة العلم المغمورين ، لا سيما في بلاد أوروبا مثلاً ، أنت لا تستطيع أن تعمل فيهم هذه القاعدة بقوتها وضوابطها ، لأنك ستحرم مجتمع حينئذٍ من كلمة الدين ، بل تُعمل فيهم القاعدة التي تقول : ( ارتكاب أخف المفسدتين ) ، لماذا ؟
إذا قلت لا يدرس في تلك البلاد إلا طالب علم على الأقل زكاة العلماء ، فإذا جئت تفتش أكثر البلاد هناك لا يوجد فيهم من زكاه العلماء ، مساكين الله المستعان ، لكن تجد فيهم المحب ليس بعالم لكنه محب للعلماء محب للسنة اشتهر عند الناس بذلك ، فنقول هذا يُدَّرس ويعلم ، لأنه إذا درس ؛ درس على عوج ، وإذا لم يدرس ، أمات العلم في تلك القرية ، وموت العلم يساوي الابتداع يساوي الكفر ، فنحن الآن حينئذٍ بين إحدى مفسدتين ، إما أن نُوقِع الناس في البدعة والكفر لا محالة ، لأن الإنسان إذا ما سمعه الموعظة ، ولا تعلم الدين مات قلبه ، وإما أن نعلم الناس الدين على عوج ، أيهما اخف ؟ لا شك أن الثانية اخف ، لأن الذي ليس له تزكية قد يلقي أشياء هي خطأ ، لكن حسبكم أنكم عرفتموه ، إذا اشتهر عندكم بأنه سلفي يكفيكم هذا ، لأن العالم الذي تريدون أن يزكيه لو سألتموه عن فلان لقال لكم كيف تعرفونه ، سيأخذ المعلومات منكم انتم ، يسأل زيدًا وعمرًا مِن مَن يثق فيهم كيف تعرفون فلانًا ، إذًا أولا بكم أن تأخذوا بعلمه ما وجد عندكم فانتم قد عرفتموه ، فإذا جاء في البلاد من هو خير منه ، وجاء المزكى ، سكت هو ، وإنما اخذ به من باب التيمم عند فقدان الماء ، فحينئذٍ من باب قوله تعالى ) فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ( [البقرة : 173] ، هذا يُدرس ويعلم . والله تعالى اعلم .
جزاكم الله خيرا ، وبارك فيكم ،،،
هذا السائل ابو هشام العربي لهو سؤال تقدم الكلام فيه .
السائل أبو معاوية يقول : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته شيخنا الحبيب عبد المالك رمضاني - حفظه الله - هل يشترط في التبديع الإجماع ؟ و جزاكم الله خيرا.
وكأنه يقصد الإجماع التي يحكم التبديع فيها ؟
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، أقول بالنسبة لهذا أنا أجيب بشيء من التفصيل ، لا يشترط في تبديع شخص ما ، أن يجمع العلماء في تبديعه ، وأما إذا كان يقصد كما تفضل الشيخ أن تكون المسألة من ما اجمع على التبديع فيها ، هذا طبعًا فيه نظر قوي ، أو القول فيه قوي ، لأن ليس كل مسألة لن تجتمع فيها كلمة العلماء على أنها بدعة يبدع فيها صاحبها ، وقد تبدعه أنت في تلك المسألة ، لكن لا تحكم على الرجل بأنه مبتدع ، أي غلبت عليه البدعة ، كما حصل بين ابن عمر وعثمان ، عثمان زاد الأذان الثاني فابن عمر كان يراه بدعة ، ما قال : أنا لا اسمي هذه المسألة بدعة ، حتى يجتمع المهاجرون والأنصار على الحكم عليها بالبدعة ، لكن بما أدى إليه اجتهاده ، وهكذا المجتهدون في هذا العصر .
تبقى مسألة ثالثة وهي لا بد من إجماع العلماء لتكليف الناس بالتبديع ، بمعنى لا يجوز لك أن تمتحن الناس بشيء تراه بدعة ، وغيرك من العلماء لا يراه بدعة ، أو بأن فلان مبتدع ، وغيرك لا يراه مبتدع من أهل السنة من أهل العلم ، لا يجوز لك أن تمتحن الناس بهذا ، لأنه سيقال لك : اختلف أهل السنة في فلان فيسعك ما وسعهم ، نعم لا بأس أن تبين للناس أن هذا خطأ ، وهذا صواب ، والأصل أنه ارتكب بدعه ... وإلخ ، لا بأس لكن إلزامك الناس بقولك هذا قلط ، هذا الذي وقع فيه اليوم بعض من غالا في التجريح من إخواننا مع الأسف ، يلزمون الناس بقولهم في فلان أنه مبتدع بقول فلان إنه مبتدع يلزمون الناس بهذا القول ، مع وجود من هو أعلى منه كعبًا في العلم ، يقول بخلاف ما قال ، فأنت تبين ما يضرك ، ترد ما يضرك ، تناقش ما يضرك ، لكن في حدود الأدب حدود الخلاف ، لكن أن تبني عليه الولاء والبراء ، ثم تخرج الناس من السلفية بقولك الذي اختلف فيه أهل العلم السلفيون أنفسهم ، هذا هو عين الغلو ، والذي لا نرضاه لإخواننا.
جزاكم الله خيرا ، وبارك فيكم ،،،هذا السائل يقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،، فضيلة الشيخ من
باب ( لا يشكر الله من لا يشكر الناس ) فإني قد قرأت بعض كتبكم واستفدت منها فائدة عظيمة ، لذا أتقدم بالشكر الجزيل لكم على ما استفدته من كتبكم ، وأسأل الله تعالى أن يزيدكم من فضله وعلمه ، وجزاكم الله خيرا .
وسؤالي هو : قد علمنا من كتبكم أن ابن باديس والإبراهيمي وأمثالهما من العلماء ، ممن كانوا أيام الاحتلال الفرنسي للجزائر أنهم علماء سلفيون ، ولكن سمعت قبل فترة من يشكك في سلفية بعض هؤلاء ، فهل هذا التشكيك صحيح ؟ أرجو التوضيح وجزاكم الله خيرا ؟
أقول عليكم السلام ورحمة الله وبركاته بعض من ذكرت أسمائهم الآن من العلماء ، نعم كان في الأول على غير الجادة ، والشيخ باديس - رحمه الله - والشيخ الإبراهيمي - رحمه الله - لما سافروا إلى هذه البلاد انتفعوا كثيرًا - أي البلاد السعودية - وكانوا يسهرون الليالي في الروضة ، و يسمرون على العلم ، وجعلوا خطتهم التي عملوا بها في الجزائر أيام الاستعمار الفرنسي أخذوها عند الروضة النبوية ، كما يقول ذلك الشيخ محمد بن بشير الإبراهيمي - رحمه الله - واستفادوا أشياء كثيرة في التوحيد ، بل الشيخ بن باديس - رحمه الله تعالى – قرأت له في بعض كتبه يمدح دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله – ويقول : إنه لم يأتي بمذهب خامس ، لا في العقيدة ، ولا في الفقه بل هو رجل سني سلفي ، دعا إلى ما دعا إليه الأوائل مدحه مدحا كثيرا ، ومدح بن تيمية - رحمه الله – إلى آخر ما هنالك ، على بعضهم بعض الملاحظات ، كالشيخ بن باديس – رحمه الله - كان يرى بأن مسالة التوسل بالصالحين مسألة خلافية قد يجوزها البعض ، فهون من شانها ، وكذلك نسيت المسألة الثانية وهي شد الرحال أضنه أو شيء من هذا ‘ فهو ما قال بالتأيد المخالف ، لكن هون من شأنها وقال : خلاف موجود من قديم ، فرأى الأمر كذلك رأي له ، وهو خطأ وقع فيه ابن باديس – رحمه الله - ووقع غيره في أخطاء أيضًا ، لكن جل من لا يخطئ ، فهم فالجملة هم في الجملة على كل حال دعاة سلفية وأتباع خير إن شاء الله تعالى.
جزاكم الله خيرا ، وبارك فيكم ،،،
السائل خليفة بن ارحمه الكواري مدير عام منتديات المحجة السلفية يقول : نرحب بكم فضيلة الشيخ عبد المالك رمضاني ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقكم وأن يسدد خطاكم ، كما نسأل عن حالكم وصحتكم أطال الله عمركم وبارك فيه ، ونود منكم حفظكم الباري بأن تحدثونا عن آخر مؤلفاتكم ، ومشاريعكم العلمية ، وما هي أخبار الدعوة السلفية في الجزائر ، وجزاكم الله خيرًا .
بالنسبة لآخر ما كتبت ، كتاب في القران أسميته " من كل سورة فائدة " ، وهو مطبوع ، وكتبت أيضًا كتاب صغيرًا أسميته " مقال في سورة البقرة " ، ووسعت في كتابي " السبيل إلى العز والتمكين " مؤخرًا ، وكان قبل ذلك كتاب " رفع الذل والصغار عن المفتونين بخلق الكفار " ، وقبل ذلك " الموعظة الحسنة في الأخلاق الحسنة " ، وكتبت
" تخليص العباد - مثل ما رأيتموه - من وحشية أبي القتاد الداعي إلى قتل النساء وفلذات الأكباد " ، هذا الذي يحضروني الآن من آخر ما كتبت ، وأسأل الله عزَّ و جلَّ بأن يجنبنا الزلل ، والخطأ في ذلك ، والله يوفقنا إلى الإخلاص له وحده ، ولحسن الإتباع لنبيه r ، وأن يصحح نياتنا ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
في ختام هذا اللقاء نشكر فضيلة الشيخ عبد المالك رمضاني جزاه الله خيرا على استضافة لنا ، وإعطاءنا من وقته ، ونسال الله عزَّ و جلَّ أن يكتب له أجرة ، وأن يتقبل منا ومنه .
والله تعالى أعلم
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد و آله وصحبه أجمعين .
منقول
تعليق