إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أجــاود الفــرائد من كــتاب الفــوائد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أجــاود الفــرائد من كــتاب الفــوائد

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و على اله و صحبه أما بعد
    فإن كلام السلف قليل كثير البركة و كلام الخلف كثير قليل البركة , و هذا - و الله أعلم - من عظيم حكمة الله عز و جل
    إذ جعل الكمال لكلامه سبحانه و تعالى " كتاب أنزلناه إليك مبارك "
    فرب آية سمعها العبد كانت سببا في هدايته
    ثم جعل الصدق و البركة في كلام نبيه صلى الله عليه و سلم إذ قال تعالى " وما ينطق عن الهوى"
    و قال سبحانه " و اذكرن ما يتلى في بيو تكن من ايات الله و الحكمة" فجعل كلامه صلى الله عليه و سلم حكمة .
    و قال صلى الله عليه و سلم ( أوتيت جوامع الكلم ) وهو الكلام القليل الذي يحمل المعنى الكثير .
    و قال عليه الصلاة و سلام ( أكتب فوالذي نفسي بيده لا يخرج منه إلا حقا)
    ولما كان العلماء ورثة الأنبياء حوى كلامهم رحمهم الله العظة و العبر , كيف لا !؟ و هو يصدر من معين الكتاب و السنة . و العلماء رتب فكان نفع كلامهم على قدر إلمامهم و إدراكهم لكتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم , ( وإن الله يقبض العلم بقبض العلماء)...

    وكل عام ترذلون ظاهر... في كل علم باطن و ظاهر

    من أجل هذا و ذاك..
    أحببت أن أفيد إخواني و أقرب لهم دررا من كلام العلامة ابن قيم -رحمه لله- شدتني , من كتابه الفوائد .
    فقلب فيها البصر و أمعن فيها النظر لعلها تجد طريقا إلى القلب فينفض عن الغب و يؤوب بها الى الرب .

    و الحمد لله رب العالمين .

  • #2
    الفائدة الأولى : ‏"‏لا بد في قبول المحل لما يوضع فيه أن يفرغ من ضده‏"

    ‏"‏لا بد في قبول المحل لما يوضع فيه أن يفرغ من ضده‏"





    قبول المحل لما يوضع فيه مشروط بتفريغه من ضده،
    وهذا كما أنه في الذوات والأعيان فكذلك هو في الاعتقادات والإرادات، فإذا كان القلب ممتلئاً بالباطل اعتقادا ومحبة لم يبق فيه لاعتقاد الحق ومحبته موضع، كما أن اللسان إذا اشتغل بالتكلم بما لا ينفع لم يتمكن صاحبه من النطق بما ينفعه إلا إذا فرغ لسانه من النطق بالباطل، وكذلك الجوارح إذا اشتغلت بغير الطاعة لم يمكن شغلها بالطاعة إلا إذا فرغها من ضدها‏.‏
    فكذلك القلب المشغول بمحبة غير الله وإرادته والشوق إليه والأنس به، لا يمكن شغله بمحبة الله وإرادته وحبه والشوق إلى لقائه إلا بتفريغه من تعلقه بغيره‏.‏
    ولا حركة اللسان بذكره والجوارح بخدمته إلا إذا فرغها من ذكر غيره وخدمته، فإذا امتلأ القلب بالشغل بالمخلوق والعلوم التي لا تنفع لم يبق فيها موضع للشغل بالله ومعرفة أسمائه وصفاته وأحكامه‏.‏
    وسر ذلك‏:‏ أن صفاء القلب كإصغاء الأذن، فإذا أصغى إلى غير حديث الله لم يبق فيه إصغاء ولا فهم لحديثه‏.‏ كما إذا مال إلى غير محبة الله لم يبق فيه ميل إلى محبته‏.‏ فإذا نطق القلب بغير ذكره لم يبق فيه محل للنطق بذكره كاللسان‏.‏
    ولهذا في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏"‏ لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً حتى يَرِيَهُ خير له من أن يملأ شعراً‏"‏ فبين أن الجوف يمتلئ بالشعر فكذلك يمتلئ بالشبه والشكوك والخيالات والتقديرات التي لا وجود لها، والعلوم التي لا تنفع، والمفاكهات والمضحكات والحكايات، ونحوها، وإذا امتلأ القلب بذلك جاءته حقائق القرآن والعلم الذي به كماله وسعادته فلم تجد فيه فراغاً لها ولا قبولاً فتعدته وجاوزته إلى محل سواه‏.‏
    كما إذا بذلت النصيحة لقلب ملآن من ضدها لا منفذ لها فيه فإنه لا يقبلها ولا تلج فيه، لكن تمر مجتازة لا مستوطنة، ولذلك قيل‏:‏

    نزه فؤادك من سوانا تلقنا ** فجنابنا حل لكل منزه
    والصبر طلسم لكنز وصالنا ** من حل ذا الطلسم فاز بكنزه
    وبالله التوفيق

    تعليق


    • #3
      الفائدة الثانية : الفوز بكمال الإنسان منوط بتحقيق معاني الفاتحة

      الفوز بكمال الإنسان منوط بتحقيق معاني الفاتحة



      للإنسان قوتان‏:قوة علمية نظرية، وقوة عملية إرادية، وسعادته التامة موقوفة على استكمال قوتيه‏:‏ العلمية والإرادية،
      واستكمال القوة العلمية إنما يكون بمعرفة فاطره، وبارئه، ومعرفة أسمائه وصفاته، ومعرفة الطريق الذي توصل إليه، ومعرفة آفاتها ومعرفة نفسه ومعرفة عيوبها، فبهذه المعارف الخمسة يحصل كمال قوته العلمية، وأعلم الناس أعرفهم بها وأفقههم فيها‏.‏
      واستكمال القوة العلمية الإرادية لا تحصل إلا بمراعاة حقوقه سبحانه على العبد والقيام بها إخلاصاً وصدقاً ونصحاً وإحساناً ومتابعة وشهوداً لمنته عليه، وتقصيره هو في أداء حقه، فهو مستحي من مواجهته بتلك الخدمة لعلمه أنها دون ما يستحقه عليه ودون ذلك، وأنه لا سبيل له إلى استكمال هاتين القوتين إلا بمعونته فهو يهديه الصراط إما المستقيم الذي هدي إليه أولياؤه وخاصته، وأن يجنبه الخروج عن ذلك الصراط إما بفساد في قوته العلمية فيقع في الضلال، وإما قوته العملية فيوجب له الغضب‏.‏
      فكمال الإنسان وسعادته لا تتم إلا بمجموع هذه الأمور، وقد تضمنتها سورة الفاتحة وانتظمتها أكمل انتظام
      فإن قوله‏:‏ ‏{‏الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين‏}‏ يتضمن الأصل الأول وهو معرفة الرب تعالى، ومعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله، والأسماء المذكورة في هذه السورة هي أصول الأسماء الحسنى، وهي‏:‏ اسم الله والرب والرحمن‏.‏
      فاسم الله متضمن الصفات الألوهية، واسم الرب متضمن لصفات الربوبية، واسم الرحمن متضمن لصفات الإحسان والجود والبر‏.‏ ومعاني أسمائه تدور على هذا‏.‏
      وقوله‏:‏ ‏{‏إياك نعبد وإياك نستعين‏}‏ يتضمن معرفة الطريق الموصلة إليه وأنها ليست إلا عبادته وحده بما يحبه ويرضاه، واستعانته على عبادته‏.‏
      وقوله‏:‏ ‏{‏اهدنا الصراط المستقيم‏}‏ يتضمن بيان أن العبد لا سبيل له إلى سعادته إلا باستقامته على الصراط المستقيم، وأنه لا سبيل له إلى الاستقامة على الصراط إلا بهدايته‏.‏
      وقوله‏:‏ ‏{‏غير المغضوب عليهم ولا الضالين‏}‏ يتضمن بيان طرفي الانحراف عن الصراط المستقيم، وأن الانحراف إلى أحد الطرفين انحراف إلى الضلال الذي هو فساد العلم والاعتقاد، والانحراف إلى الطريق الآخر انحراف إلى الغضب الذي سببه فساد القصد والعمل‏.‏
      فأول السورة رحمة وأوسطها هداية وآخرها نعمة‏.‏



      وحظ العبد من النعمة على قدر حظه من الهداية، وحظه منها على قدر حظه من الرحمة‏.‏ فعاد الأمر كله إلى نعمته ورحمته‏.‏ والنعمة والرحمة من لوازم ربوبيته، فلا يكون إلا رحيماً منعماً وذلك من موجبات إلهيته فهو الإله الحق وإن جحده الجاحدون وعدل به المشركون‏.
      فمن تحقق بمعاني الفاتحة علماً ومعرفة وعملاً وحالاً فقد فاز من كماله بأوفر نصيب، وصارت عبوديته عبودية الخاصة الذين ارتفعت درجتهم عن عوام المتعبدين،



      والله المستعان‏.‏

      تعليق

      الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
      يعمل...
      X