بؤرة الفتنة في الجزائر...
بسم الله، والحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، أمَّا بعد؛ فحتَّى لا ننسى، فقد كان أوَّل من فتح باب فتنة الصَّعافقة في الجزائر هو عويسات-أصلحه الله-، وكان ذلك بتزكيَّته لغلمان الفتنة والسُّوء: مرابط الهابط وأمَّعته في الباطل حمودة العيَّاب وربعهم؛ مما أدَّى بهم إلى رفع عقيرتهم وجهرهم بالعداء، بل بالحرب على مشايخ الدَّعوة السَّلفيَّة في بلادنا خاصَّة، وفي غيرها من البلاد عامَّة؛ فقد كان صنيع عويسات الشَّرارة الأولى لإشعال أُوار فتنتهم التي أوقدوها من أوّل يوم ظلما وبغيا وعدوانا، وما جاء بعدها من مواقف متضاربة بل ومتناقضة علاها الخلط والخطل.
ومن سبر أحوال فتنتهم بمرور الوقت عرف ذلك يقينا، ولكن مع الأسف الشَّديد،فقد وُجد لتلك التَّزكية الباطلة من اغتر بها وعميت بصيرته بسببها، فلم يُعمِل قواعد السّلف في موضوع التَّعديل والتَّزكيات الباطلة، التي لا تغني عن صاحبها شيئا، ما دام حاله وواقعه خلاف التَّزكية، شأن أولئك الغلمان؛ أهل الفتن والمحن من قديم، وهذا يدلُّنا بما لا شكَّ فيه على أنَّ الذين اغترُّوا بتزكية عويسات-هداه الله-، ثمَّمن معه من بعده من رجال المجلَّة، إنَّما فيهم في الحقيقة ضعف علميٌّ واضح في مسائل المنهج عموما،والجرح والتَّعديل خصوصا،ومن اطَّلع على تغريدات القوم ومنشوراتهم وقف على ذلك، زيادة على المعرفة الشَّخصيَّة لإخواننا السَّلفيِّين لحال الكثير من أولئك المغرور بهم.
وفي هذا الصَّدد يقول العلَّامة ربيع -حفظه الله تعالى ورعاه- :
"يعني الضَّعف العلمي يؤدِّي إلى مثل هذه التَّفاهات: قال فلان !! قال فلان !! عندنا منهج يُميَّز به أهل الحقِّ وأهل الباطل؛ فلو أنَّ احمد بن حنبل جاء الآن وزكَّى فلان وفلان، ثمَّ وجدنا أنَّ هذا الإنسان لا يستحقُّ هذه التَّزكية: من أقواله، وأعماله، وكتاباته، وأشرطته، هل يجوز لنا أن نتعلَّق بما زكَّاه به ذلك الإمام ابن باز أو الألباني أو أحمد بن حنبل أو غيرهم ؟!الجرح مقدَّم على التَّعديل، الجرح المفسَّر مقدَّم على التَّعديل المُبْهَم، هذه القواعد لا بدَّ من تطبيقها في ميدان الجرح والتَّعديل..."
ثم قال -حفظه الله تعالى-:" لو كان هناك أهل سنَّة واعين، والله لو زكَّاهم ابن باز والألباني ما نفعهم هذا، ما دام هم جرَّحوا أنفسَهم بمواقفهم، وبأفكارهم، وبالمناهج الملتوية التي سلكوها في محاربة أهل السُّنَّة..."
إلى أن قال -رعاه الله وحفظه- :" فعليكم بالعلم يا إخوة، وعليكم بعلم السَّلف ومنهجهم، ومنهجهم في الجرح والتَّعديل؛ وقد وجدنا يحيى بن معين وهو يقال من أشدِّ النَّاس في الجرح، وجدنا فيه تساهلا ! ووجدنا العلماء يخالفونه ممَّن هم أعلى منه، وممَّن هم دونه؛ فكم جرَّح وخالفوه، وكم عدَّل وخالفوه، وأحمد بن حنبل جرَّح وعدَّل وخالفوه في التَّعديل والتَّجريح، لماذا؟ لأنَّ عندهم منهج؛ والمنهج ليس فلان، كلُّ عالم مكلَّف باتِّباع هذا المنهج، فإذا أخطأ وخالف هذا المنهج، يجب أن تُحاكم أقواله بهذا المنهج. هذا ما كان من إجابة هذا السؤال. ولهذا يجب أن يُتعلَّم العلم الصَّحيح، ويعلموا مناهج السَّلف في الجرح والتَّعديل، ومتى ينتفع الإنسان من التَّزكية ومتى لا تنفعه التَّزكية، بارك الله فيكم." اه. مقتبس من "التَّعليق على كتاب الجواب الكافي"، الشَّريط الثَّاني، من الدَّقيقة 40 إلى الدَّقيقة 46.
فهذا كلام دقيق منه -حفظه الله تعالى-، يَظْهَرُ به بطلان فعل عويسات الذي حرَّض السُّفهاء على العلماء، وشرَّع الباب واسعا لضرب السَّلفيَّة وأهلها، وإن لم يقصد إلى ذلك عنوة، ولكن فعائله من يوم التَّزكية المشؤومة إلى يومنا هذا قد صبَّت جميعها في ضرب السَّلفيَّة والسَّلفيِّين، ولكن إذا عُرف السَّبب بطل العجب؛ فمن عمل في مناسبات ومواقف كثيرة على تعديل المنحرفين والمخالفين وتزكيتهم لسنين وفي مناطق شتَّى من البلاد، فكيف له أن يثبُت في مثل هذه الأحداث، وكيف له أن يقف موقف الحقِّ، وهو الخاذل له ولأهله في مواطن النّصرة التي قابلها بالخِذلان، كفانا الله شرَّهم جميعا.
وسبحانك اللَّهمَّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلَّا أنت، أستغفرك، وأتوب إليك.
وكتب: أبو فهيمة عبد الرَّحمن عيَّاد البجائي
بجاية، يوم الإثنين 20 رجب 1441، الموافق ل: 16 مارس 2020م.
تعليق