<بسملة1>
مِيزَانُ الاعتِدَالِ
في كَشفِ مَنهَجِ عِز الدِّين رَمَضَانِي
فِي نَقدِ الأَخطَاءِ وَ تَقوِيمِ الرِّجَال
(الحَلقَةُ الأُولَى)
......
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه و على آله و صحبه أجمعين، و بعد:
إنَّ في مقالي " وَقفَاتٌ مَعَ تَراجُعِ عز الدِّين رَمَضَانِي عَنِ القَولِ بِقَاعِدَةِ حَملِ المجمَلِ عَلَى المفَصَّل" ما يكفي اللبيب للوقوف على حقيقة الرمضاني، إذ كيف يُعقل لمن عُدَّ –آنذاك- من كبار مشايخ السلفية في الجزائر! أن يتبنَّى هذه القاعدة، و يُقرِّرها لطلابه في دروسه، و يُقدمها لهم على أنها من قواعد أهل السنة، و من طريقة الراسخين في العلم؟! سيما إذا علمتَ بأن هذا حصل منه قريبًا جدًّا، بعد سنين مديدة –لا أقول من ظهور هذه البدعة! و لكن من موتها و أفولها، و يزداد الأمر قُبحًا إذا علمتَ بأنَّ هذا الباطل حصل ممن تراه اليوم يتمسَّح أيما تمسح بالشيخ ربيع! و يتظاهر بتبني طريقته و سلوك نهجه! ، و يبلغ سيلُ القبحِ الزُّبى! إذا علمتَ بأنَّ توبته من تقرير هذه الضلالة و تبنيه إيَّاها إنما كان بمراسلة عاجلة من عرفات عام ألفين و ثمانية عشر(2018 م)، و ليس بسبب وقوفه على ما كتبه العلامة ربيع المدخلي -حفظه الله- و إلا فهو إلى تلك اللحظة كان لا يزال في عماية تامة عن كلِّ ما كتبه العلامة الربيع في إبطال هذه البدعة! فهل يُصدَّق من كان هذا حاله فيما يتدثَّر به و يتظاهر به –اليوم- من اتِّباع نهج الربيع و سلوك طريقته؟!
أيها المنكح الثريَّا سُهيلاً *** عمرك الله كيف يلتقيانِ؟
هي شامية إذا ما استقلت *** وسهيلٌ إذا استقل يمانِ
فالحاصل؛ أنها سقطة مدوية من الرمضاني، تنبئ عما وراءها من مثيلاتها و أخواتها! إذ من جهِل كون قاعدة حمل المجمل على المفصل في كلام غير المعصوم، من قواعد أهل البدع و لم يدر شيئًا عما كتبه علماء السنة في تفنيدها و إبطالها، -و الحال أنها من أشهر القواعد الحزبية العصرية- لا يبعد أن يكون حاله-كذلك- مع غيرها من الضلالات الحزبية و القواعد البدعية! و هو ما ستقف عليه أيها القارئ اللبيب في هذا المقال –بإذن الله تعالى- و الذي من خلاله سيتَّضح لك الوجه الحقيقي الذي يتستَّر به هؤلاء – منذ زمن ليس بالقصير!- و إن لم يكن خافيًا على من عاشرهم و خبرهم .
* تقرير عز الدين رمضاني لقاعدة الموازنات البدعية *
تُعتبر قاعدة الموازنات بين الحسنات و السيئات من أخطر البدع العصرية، التي تعود على منهج السلف – في باب الرد على المخالف- بالهدم و الإبطال! اخترعها أهل التحزُّب و التمييع للدفاع عن المبطلين و المحاماة عنهم، باسم العدل والإنصاف، و قد تصدى لها كبار علماء السنة في هذا العصر، منهم: العلامة الألباني، و العلامة ابن باز، و العلامة ابن عثيمين، و العلامة مقبل الوادعي، رحمهم الله، و كان للعلامة ربيع حفظه الله في ذلك جهود مشكورة، تكللت في كتابين لم يُر لهما نظير في بابهما:
الكتاب الأول: "منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف" .
و الثاني: " المحجة البيضاء في حماية السنة الغراء من زلات أهل الأخطاء وزيغ أهل الأهواء" .
مع مقالات أخرى في إبطالها و الردِّ على أصحابها، و كلام كثير عنها في ضمن ردوده على المخالفين .
و بعد هذا كلِّه، يخرج علينا الرمضاني بخرجة مُفاجئة - مُغرِّدًا بها خارج سرب أهل السنة-! فيُقرِّر هذه البدعة و يُنظِّر لها على طريقة أولئك المتروكين و الهلكى، و الله المستعان !
فاسمع إليه يقول في محاضرةٍ له بعنوان " الشيخ ابن باديس و آثاره ":« وما هذه الحملات الشنيعة التي أراد بعض الناس أن يسلطوها على جمعية العلماء وعلى الشيخ عبد الحميد بن باديس بأنه لم يكن سلفيًّا، فالشيخ ابن باديس سلفيته ظاهرة، يكفيه أنه قام بمقارعة المبتدعة، ورد ضلالتهم ومحاربة الطرق الصوفية، وكان نابذا للتأويل وما إلى ذلك، ويثبت الأسماء والصفات على المنهج المعروف، عند أهل السنة والجماعة .
ولكن أحيانا قد يخطَأ الإنسان في الحكم على أمر من الأمور، وهذا أمر معلوم، وليس من الأدب، و ليس من الإنصاف أن يهتم الإنسان بعيوب العالم ويستخرجها ليبرزها للناسوهو قد غمط حقه ولم يذكره بعدل وإنصاف فيما أصاب فيه وفيما كان قد بينه و أوصله للأمة من الخير »انتهى كلام الرمضاني .
*** *** ***
التعريف ببدعة الموازنات
معنى الموازنات عند أصحاب هذه القاعدة البدعية: هو وجوب ذكر محاسن المردود عليه و ما أصاب فيه، و عدم الاقتصار على ذكر أخطائه في سياق الرد عليه، تحقيقًا للعدل و الإنصاف بزعمهم! و استثنى العلماء من الموازنة البدعية: ذكر محاسن المخالف في سياق الترجمة له .
و في بيان ما يُمنع و ما يُباح من الموازنة بين المحاسن و المساوئ، يقول العلامة الألباني رحمه الله:« ما يُطرح اليوم في ساحات المناقشات بين كثير من الأفراد حول ما يُسمى أو حول هذه البدعة الجديدة المسماة (الموازنة ) في نقد الرجال .
أنا أقول: النقد إما أن يكون في ترجمة الشخص المنتقد ترجمة تاريخية، فهنا لابد من ذكر ما يحسُن وما يقبُح بما يتعلق بالمترجَم من خيره وشرِّه .
أما إذا كان المقصود بترجمة الرجل، هو تحذير المسلمين، وبخاصة عامتهم الذين لا علم عندهم بأحوال الرجال، ومناقب الرجال، ومثالب الرجال؛ بل قد يكون له سمعة حسنة وجيدة ومقبولة عند العامة، و لكن هو ينطوي على عقيدة سيِّئة، أو على خلق سيِّئ، هؤلاء العامة لا يعرفون شيئًا من ذلك عن هذا الرجل..، حين ذاك لا تأتي هذه البدعة التي سُميت اليوم بـ( الموازنة )؛ ذلك لأن المقصود حين ذاك.. النصيحة وليس هو الترجمة الوافية الكاملة »اهـ .
و قال العلامة العثيمين رحمه الله: « عندما نريد أن نُقوِّم الشخص فيجب أن نذكر المحاسن و المساوئ؛ لأن هذا هو الميزان العدل، وعندما نحذِّر من خطأ شخص فنذكر الخطأ فقط؛ لأن المقام مقام تحذير ومقام التحذير ليس من الحكمة فيه أن نذكر المحاسن، لأنك إذا ذكرت المحاسن فإن السامع سيبقى متذبذباًً فلكل مقام مقال »اهـ .
فهل مطالبة عز الدين رمضاني – في كلامه السابق- بإعمال قاعدة الموازنات بين محاسن المردود عليه و مساوئه، و بين أخطائه و ما أصابَ فيه و نشَرَه في الأمة من خير، كانت في الجانب المشروع من الموازنة، و هو جانب الترجمة العامة؟ أم في الجانب الممنوع الذي وصفه العلماء بالبدعة العصرية؟!
الجواب: كانت في الجانب الممنوع! يدلُّ عليه صريح قوله: « وليس من الأدب وليس من الإنصاف أن يهتم الإنسان بعيوب العالم ويستخرجها ليبرزها للناس وهو قد غمط حقه ولم يذكره بعدل وإنصاف فيما أصاب فيه وفيما كان قد بينه وأوصله للأمة من الخير »! .
فقول الرمضاني: « و ليس من الأدب، و ليس من الإنصاف أن يهتم الإنسان بعيوب العالم و يستخرجها ليبرزها للناس » صريحٌ في أنَّه يتكلم عن مقام التَّحذير و الرَّد على الأخطاء و المخالفات -التي وصفها بالعيوب- .
و قول الرمضاني:« وليس من الإنصاف..»، و قوله: « وهو قد غمط حقه ولم يذكره بعدل وإنصاف فيما أصاب فيه وفيما كان قد بينه وأوصله للأمة من الخير » صريحٌ في طلب الموازنة، بل و في إيجابه إيَّاها على الناقد حال النقد و الرَّد على الأخطاء و العيوب، فإن لم يفعل فقد غمط حقَّ المردود عليه!، و كان – عنده- ظالمًا مُجانبًا للأدب، و هذا هو عين قول أصحاب الموازنات!، قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله: « الموازنات إذا قرأت كتابًا فيه محاسن و مساوئ لابد أن تذكر الحسنات..، إذا لم تذكر المحاسن فأنتَ ظالم خائن »[ "مجموعة كتب و رسائل الشيخ ربيع"(14/ 188) ] .
و يزيد الأمر صراحة، و وضوحًا تعبير الرمضاني بنفس ألفاظ أرباب هذه البدعة، و تعليله في إيجابه الموازنة على الناقد بنفس تعليل القوم، و هو العدل و الإنصاف الذي ما رُفعت راية هذه البدعة إلا باسمه، و ما نودي بإعمالها إلا تحت شعاره.
و لتقف على حقيقة ذلك؛ انظر إلى مدى تطابق كلامه مع كلام كبار المنظرين لهذه البدعة، و على سبيل المثال أحمد بن عبد الرحمن الصويان، الذي قال في سياق تأصيله لهذه البدعة:« إذا تبين أن الإنسان –مهما كانت منزلته- مُعرض للصواب و الخطأ، فلا يجوز لنا أن نطرح جميع اجتهاداته، بل ننظر إلى أقواله الموافقة للحق و نلتزمها، و نُعرض عن أخطائه، فالموازنة بين الإيجابيات و السلبيات هو عين العدل و الإنصاف »اهـ .
و مثله سلمان العودة الذي قال في كتابه « أخلاق الداعية » تحت عنوان " العدل في تقويم الكتب": « فحينما تُقوِّم كتابًا، فليس من العدل أن تقول: إنه يحوي أحاديث موضوعة أو ضعيفة –مثلا- أو آراء شاذة، فتذكر الجانب المظلم و تنسى جانبًا آخر موجودًا في الكتاب، و هو أنه يحوي توجيهات مفيدة او أبحاثًا علمية..، العدل أن نأخذ بهذا و ذاك، و نضع هذه في كفة و تلك في أخرى حتى يعتدل الميزان و يستقيم » [ نقلًا عن كتاب « منهج أهل السنة و الجماعة في النقد » للشيخ ربيع، ضمن "مجموعة الكتب و الرسائل " ( 5/182- 183 )] .
*** *** ***
هل العدلُ يقتضي - حقًّا- ذكرَ محاسن المردود عليه، و تعداد مآثره و ما أصاب فيه، في سياق نقده و بيان أخطائه و عيوبه؟! كما يدعي الرمضاني و أسلافه من أرباب بدعة الموازنات!
سيُجيبك العلامة الربيع، بجواب بديع، فاحفظ جوابه و إيَّاك و ما أحدثه المُحدثون، و ابتدعه المُميِّعون! قال حفظه الله كما في كتابه " المحجة البيضاء في حماية السنة الغراء من زلات أهل الأخطاء وزيغ أهل الأهواء"، تحت عنوان "مفاسد القول بمنهج الموازنات بين الحسنات والسيئات ": « إن القول بوجوب الموازنات في نقد أهل الباطل يؤدي إلى مفاسد كبيرة وخطيرة جداً، أهمها :
1 ـ تجهيل السلف .
2 ـ رميهم بالظلم والجور .
3 ـ تعـظـيم البـدع وأهلها، وتحقير أئمة السلف وماهم عليه من السنة والحق .
1 ـ أما رميهم بالجهل:... .
2 ـ وأما رميهم بالظلم والجور: فإن أقوالهم وكتبهم لتزخر بالجرح الخالص المجرد من الموازنات؛ فماذا يقال فيهم، وفي أقوالهم، ومؤلفاتهم التي هذا واقعها، والتي تضاد هذا المنهج ؟ .
فلا مناص من واحد من أمرين :
إما أن نقول : إن نقدهم وجرحهم المجرد من ذكر الحسنات قائم عـلى الحـق، والعـدل، والنـصـح، والعــلم، والـورع، والخـشـيـة لله رب العالمين، وحماية دين الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهم أهل عدل وإنصاف، ومنهجهم قائم على الحق، وعلى الكتاب والسنة، وقواعد الإسلام، وعقائده الصحيحة .
وبهذا القول والتقرير يسقط المذهب المبتدع المختَرع : "مذهب وجوب الموازنات بين الحسنات والسيئات" .
وإما أن يقال: إن نقدهم المجرد من ذكر الحسنات، والمقتصر على ذكر الجرح والسيئات؛ قائم على الجور والظلم، ومنهجهم قائم على الغش، والجهل، وعدم الورع، والخشية لرب العالمين، بعيد عن منهج الكتاب والسنة، بعيد عن شريعة الله العادلة، بعيد عن أصول الإسلام وقواعده الأصيلة؛ فيكونون بهذا أظلم الخلق، وأبعدهم عن العدل .
ولكن ذلك لم يكن، ويأبى الله ذلك والمؤمنون .
فسقط الباطل، وتهاوت الدعاوى الفارغة، وبطل ما يقولون من وجوب الموازنات بين الحسنات والسيئات عند نقد أهل البدع والضلالات »اهـ .
و قال العلامة النجمي رحمه الله: « ليس من العدل ذكر المحاسن عند الرَّد..، و لم يقل أحدٌ بمثل هذا غير هؤلاء الحزبيين.. »[ " الفتاوى الجلية "(2/168-169)] .
*** *** ***
فإن اعتذر مُتعصِّبٌ بالباطل، أو مُجادلٌ عنيد –للرمضاني- بأن كلامه خاص بالعلامة ابن باديس رحمه الله، أو بمن كان من أهل السنة دون أهل الأهواء و البدع!
قلنا: كلَّا، ليس الأمر كذلك! بل كلامه عام، فإنَّه قال: « ولكن أحيانا قد يخطئ الإنسان في الحكم على أمر من الأمور، وهذا أمر معلوم، وليس من الأدب، و ليس من الإنصاف أن يهتم الإنسان بعيوب العالم ويستخرجها »، فهل لفظ الإنسان، و كذا لفظ العالم، ألفاظ عامة، أم خاصة؟! فالعبرة إذًا، بعموم لفظ الرمضاني، لا بخصوص المثال، الذي استجلب به قاعدة الموازنات، على أنَّ أهل السنة لا يُدافع عنهم بالقواعد البدعية الباطلة، هذا أوَّلًا .
و ثانيًا: لا فرق عند أهل السنة بين السُّني و المبتدع في حكم إعمال الموازنة! قال العلامة العثيمين رحمه الله -في سياق أجوبته على منهج الموازنات-:« في مكان الرد لا يحسُن أن تُعد محاسن الرجل؛ لأني إذا ذكرت محاسن الرجل و أنا أرد عليه ضعف ردي .
فقال السائل: حتى من أهل السنة يا شيخنا؟
فأجاب: أهل السنة و غير أهل السنة »[ من شريط" أقوال العلماء في إبطال قواعد عدنان عرعور"، نقلًا عن "صيانة السلفي"(ص151)] .
و سئل العلامة ربيع المدخلي حفظه الله: هل صحيح أنه يجوز استعمال منهج الموازنات مع أهل السنة دون أهل البدع؟
فأجاب حفظه الله: « السلف لا يعرفون هذا المنهج، و لا يُحابون أهل السنة، و لا أهل البدع، إذا كان هذا الإنسان من أهل السنة و يكذب، و إلا يقع في شيء من الفسق، و إلا سيئ الحفظ، و إلا منكر الحديث، و إلا مُدلس، يُبيَّن حاله، ما فيه موازنات، و هذه كتب الجرح و التعديل مليئة بالرجال، و خُصص مجلدات لجرح الرواة و أهل البدع على مختلف أصنافهم، حتى لو كان زاهدًا عابدًا صالحًا و هو لا يصلح للرواية يُبين حاله، بدون موازنات، يقول لك: فلان سيئ الحفظ و يمشي، ما يلزم عليه يقول لك صالح و زاهد و عابد و مُجاهد، ما يلزمه أبدًا »[ من شريط مفرغ بعنوان " المنهج التمييعي و قواعده "] .
*** *** ***
ما حكم عز الدين رمضاني بعد ثبوت القول ببدعة الموازنات إليه؟، و هل نحتاج – بعده- إلى دليل آخر نستدلُّ به على انحرافه ؟!-
اقرأ الجواب: في هذا الكلام النفيس للعلامة ربيع المدخلي حفظه الله:
« كيف يُقال إن هؤلاء سلفيون؟! عندهم بلايا، عندهم منهج موازنات، لو لم يكن عندهم إلا منهج الموازنات لكفاهم شرًّا، منهج الموازنات هذا يُدمِّر الإسلام تمامًا » [" مجموعة كتب و رسائل الشيخ ربيع"(14/187- 188)].
فيكفي الرجل شرًّا و انحرافًا و ضلالًا –كما قال الشيخ ربيع- قوله ببدعة الموازنات؛ التي تدمِّر الإسلام تمامًا!!
و كيف يُحتاج إلى دليل آخر على انحراف الرمضاني و قد قرَّر بدعة هي أخطر البدع على الإسلام؟! قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله: « منهج الموازنات من أخبث المبادئ و المناهج..، و أنا ما أرى في البدع أخطر منه على الإسلام، و هو و الله هدمٌ للإسلام » [" مجموعة كتب و رسائل الشيخ ربيع"(14/189)] .
يا عز الدين! أتقع في ضلالة تكفي لوحدها لهدم الإسلام، و لتدميره تمامًا! بحَّ صوت العلامة الربيع في إنكارها، و في التَّحذير منها، و من مُخترعيها، وأنت الذي تزعم سولك منهج الربيع!! كيف يجتمعان؟!
سارَت مُشرِّقةً و سِرتُ مُغرِّبًا *** شتَّان بينَ مُشرِّقٍ و مُغرِّبِ
فعلى عرفات أن يُعجِّل بإرسالية أُخرى على وجه السرعة كتلك التي أرسل بها إلى الرجل يوم قرَّر قاعدة « حمل المجمل على المفصل»، و إلَّا فإنَّ هذه الخرجة ستخلط عليهم الأوراق! و تُخلخل الصف! و تجعل المُدافع في موقف حرج!، و المُحامي في حيص بيص! و المُؤيِّد المناصر في حالة ضعف و خور! فالبدار البدار.
*** *** ***
نصيحة
هذه نصيحة من العلامة ربيع المدخلي حفظه الله لأصحاب منهج الموازنات، أُسديها للرمضاني علَّه ينتفع بها، قال حفظه الله:« وعلى أهل منهج الموازنات أن يتعلموا هذه الأشياء ويدرسوا كتب الجرح والتعديل العامة وكتب الجرح الخاصة، ويدرسوا منهج السلف بفهم ودقة »[ " مجموعة كتب و رسائل الشيخ ربيع"(10/134)] .
من هنا لُدغتَ يا عز الدين! فتعلَّم هذه الأشياء! و ادرُس كتبَ الجرح و التعديل عامة و كتب الشيخ ربيع خاصة! فإنك أوتيت من عدم عنايتك بالردود، و عدم اطلاعك على ما كتبه العلامة ربيع في الرد على المخالفين عامة، و في إبطال هذه البدعة خاصة، و لا تنس بأن هذا كان هو السبب الرئيس في وقوعك في بدعة «حمل المجمل على المفصل » قبل أن تتراجع عنها –بآخرة- بعد مراسلة عاجلة من عرفات! فهل أنتَ زاهدٌ في ردود الشيخ ربيع إلى هذه الدرجة؟! و هل أنتَ حقًّا على منهج الشيخ ربيع؟ بل هل أنت راضٍ –أصلًا- بهذا المنهج؟! الزَّمن جزء من العلاج!، و الذي سُطِّر في هذا المقال، و في الوقفات مع تراجعك عَنِ " حَملِ المجمَلِ عَلَى المفَصَّل" جزءٌ من الجواب، و بعضٌ من الحقيقة! و البقية في الطريق...إن شاء الله .
و أخيرًا و ليس آخرًا:
لقد نقل الثقات عنك يا عز الدين أنك تُزكِّي –و لا تزال- عُمر حمرون، الطاعن في الشيخين ربيع و عبيد و غيرهما من علماء السنة، المناصِر لعبد المالك و المأربي و الحلبي و غيرهم من رؤوس التحزُّب، و قد سُئل البوق حمودة عن حمرون؟ فقال: الشيخ عز الدين رمضاني يُزكيه! كما تناقلت حسابات المميعة من حلبيين و غيرهم تزكياتك للرجل و نصحك به، و لا نعلم عنك إلى يوم تفنيدًا أو تكذيبًا لهذه الأخبار، فأنت مُدان بهذه المؤاخذة المنهجية، و مُتهمٌ بها بشدَّة، فاصدع بغير ذلك إن كنتَ منها بريئًا، حتى نُبلغ عمر حمرون بذلك فننظر بماذا يرجع!! و إلَّا فكفاك تستُّرًا فإنَّ حبل التستُّر قصير .
..... يتبع بإذن الله تعالى .
مِيزَانُ الاعتِدَالِ
في كَشفِ مَنهَجِ عِز الدِّين رَمَضَانِي
فِي نَقدِ الأَخطَاءِ وَ تَقوِيمِ الرِّجَال
(الحَلقَةُ الأُولَى)
......
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه و على آله و صحبه أجمعين، و بعد:
إنَّ في مقالي " وَقفَاتٌ مَعَ تَراجُعِ عز الدِّين رَمَضَانِي عَنِ القَولِ بِقَاعِدَةِ حَملِ المجمَلِ عَلَى المفَصَّل" ما يكفي اللبيب للوقوف على حقيقة الرمضاني، إذ كيف يُعقل لمن عُدَّ –آنذاك- من كبار مشايخ السلفية في الجزائر! أن يتبنَّى هذه القاعدة، و يُقرِّرها لطلابه في دروسه، و يُقدمها لهم على أنها من قواعد أهل السنة، و من طريقة الراسخين في العلم؟! سيما إذا علمتَ بأن هذا حصل منه قريبًا جدًّا، بعد سنين مديدة –لا أقول من ظهور هذه البدعة! و لكن من موتها و أفولها، و يزداد الأمر قُبحًا إذا علمتَ بأنَّ هذا الباطل حصل ممن تراه اليوم يتمسَّح أيما تمسح بالشيخ ربيع! و يتظاهر بتبني طريقته و سلوك نهجه! ، و يبلغ سيلُ القبحِ الزُّبى! إذا علمتَ بأنَّ توبته من تقرير هذه الضلالة و تبنيه إيَّاها إنما كان بمراسلة عاجلة من عرفات عام ألفين و ثمانية عشر(2018 م)، و ليس بسبب وقوفه على ما كتبه العلامة ربيع المدخلي -حفظه الله- و إلا فهو إلى تلك اللحظة كان لا يزال في عماية تامة عن كلِّ ما كتبه العلامة الربيع في إبطال هذه البدعة! فهل يُصدَّق من كان هذا حاله فيما يتدثَّر به و يتظاهر به –اليوم- من اتِّباع نهج الربيع و سلوك طريقته؟!
أيها المنكح الثريَّا سُهيلاً *** عمرك الله كيف يلتقيانِ؟
هي شامية إذا ما استقلت *** وسهيلٌ إذا استقل يمانِ
فالحاصل؛ أنها سقطة مدوية من الرمضاني، تنبئ عما وراءها من مثيلاتها و أخواتها! إذ من جهِل كون قاعدة حمل المجمل على المفصل في كلام غير المعصوم، من قواعد أهل البدع و لم يدر شيئًا عما كتبه علماء السنة في تفنيدها و إبطالها، -و الحال أنها من أشهر القواعد الحزبية العصرية- لا يبعد أن يكون حاله-كذلك- مع غيرها من الضلالات الحزبية و القواعد البدعية! و هو ما ستقف عليه أيها القارئ اللبيب في هذا المقال –بإذن الله تعالى- و الذي من خلاله سيتَّضح لك الوجه الحقيقي الذي يتستَّر به هؤلاء – منذ زمن ليس بالقصير!- و إن لم يكن خافيًا على من عاشرهم و خبرهم .
* تقرير عز الدين رمضاني لقاعدة الموازنات البدعية *
تُعتبر قاعدة الموازنات بين الحسنات و السيئات من أخطر البدع العصرية، التي تعود على منهج السلف – في باب الرد على المخالف- بالهدم و الإبطال! اخترعها أهل التحزُّب و التمييع للدفاع عن المبطلين و المحاماة عنهم، باسم العدل والإنصاف، و قد تصدى لها كبار علماء السنة في هذا العصر، منهم: العلامة الألباني، و العلامة ابن باز، و العلامة ابن عثيمين، و العلامة مقبل الوادعي، رحمهم الله، و كان للعلامة ربيع حفظه الله في ذلك جهود مشكورة، تكللت في كتابين لم يُر لهما نظير في بابهما:
الكتاب الأول: "منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف" .
و الثاني: " المحجة البيضاء في حماية السنة الغراء من زلات أهل الأخطاء وزيغ أهل الأهواء" .
مع مقالات أخرى في إبطالها و الردِّ على أصحابها، و كلام كثير عنها في ضمن ردوده على المخالفين .
و بعد هذا كلِّه، يخرج علينا الرمضاني بخرجة مُفاجئة - مُغرِّدًا بها خارج سرب أهل السنة-! فيُقرِّر هذه البدعة و يُنظِّر لها على طريقة أولئك المتروكين و الهلكى، و الله المستعان !
فاسمع إليه يقول في محاضرةٍ له بعنوان " الشيخ ابن باديس و آثاره ":« وما هذه الحملات الشنيعة التي أراد بعض الناس أن يسلطوها على جمعية العلماء وعلى الشيخ عبد الحميد بن باديس بأنه لم يكن سلفيًّا، فالشيخ ابن باديس سلفيته ظاهرة، يكفيه أنه قام بمقارعة المبتدعة، ورد ضلالتهم ومحاربة الطرق الصوفية، وكان نابذا للتأويل وما إلى ذلك، ويثبت الأسماء والصفات على المنهج المعروف، عند أهل السنة والجماعة .
ولكن أحيانا قد يخطَأ الإنسان في الحكم على أمر من الأمور، وهذا أمر معلوم، وليس من الأدب، و ليس من الإنصاف أن يهتم الإنسان بعيوب العالم ويستخرجها ليبرزها للناسوهو قد غمط حقه ولم يذكره بعدل وإنصاف فيما أصاب فيه وفيما كان قد بينه و أوصله للأمة من الخير »انتهى كلام الرمضاني .
*** *** ***
التعريف ببدعة الموازنات
معنى الموازنات عند أصحاب هذه القاعدة البدعية: هو وجوب ذكر محاسن المردود عليه و ما أصاب فيه، و عدم الاقتصار على ذكر أخطائه في سياق الرد عليه، تحقيقًا للعدل و الإنصاف بزعمهم! و استثنى العلماء من الموازنة البدعية: ذكر محاسن المخالف في سياق الترجمة له .
و في بيان ما يُمنع و ما يُباح من الموازنة بين المحاسن و المساوئ، يقول العلامة الألباني رحمه الله:« ما يُطرح اليوم في ساحات المناقشات بين كثير من الأفراد حول ما يُسمى أو حول هذه البدعة الجديدة المسماة (الموازنة ) في نقد الرجال .
أنا أقول: النقد إما أن يكون في ترجمة الشخص المنتقد ترجمة تاريخية، فهنا لابد من ذكر ما يحسُن وما يقبُح بما يتعلق بالمترجَم من خيره وشرِّه .
أما إذا كان المقصود بترجمة الرجل، هو تحذير المسلمين، وبخاصة عامتهم الذين لا علم عندهم بأحوال الرجال، ومناقب الرجال، ومثالب الرجال؛ بل قد يكون له سمعة حسنة وجيدة ومقبولة عند العامة، و لكن هو ينطوي على عقيدة سيِّئة، أو على خلق سيِّئ، هؤلاء العامة لا يعرفون شيئًا من ذلك عن هذا الرجل..، حين ذاك لا تأتي هذه البدعة التي سُميت اليوم بـ( الموازنة )؛ ذلك لأن المقصود حين ذاك.. النصيحة وليس هو الترجمة الوافية الكاملة »اهـ .
و قال العلامة العثيمين رحمه الله: « عندما نريد أن نُقوِّم الشخص فيجب أن نذكر المحاسن و المساوئ؛ لأن هذا هو الميزان العدل، وعندما نحذِّر من خطأ شخص فنذكر الخطأ فقط؛ لأن المقام مقام تحذير ومقام التحذير ليس من الحكمة فيه أن نذكر المحاسن، لأنك إذا ذكرت المحاسن فإن السامع سيبقى متذبذباًً فلكل مقام مقال »اهـ .
فهل مطالبة عز الدين رمضاني – في كلامه السابق- بإعمال قاعدة الموازنات بين محاسن المردود عليه و مساوئه، و بين أخطائه و ما أصابَ فيه و نشَرَه في الأمة من خير، كانت في الجانب المشروع من الموازنة، و هو جانب الترجمة العامة؟ أم في الجانب الممنوع الذي وصفه العلماء بالبدعة العصرية؟!
الجواب: كانت في الجانب الممنوع! يدلُّ عليه صريح قوله: « وليس من الأدب وليس من الإنصاف أن يهتم الإنسان بعيوب العالم ويستخرجها ليبرزها للناس وهو قد غمط حقه ولم يذكره بعدل وإنصاف فيما أصاب فيه وفيما كان قد بينه وأوصله للأمة من الخير »! .
فقول الرمضاني: « و ليس من الأدب، و ليس من الإنصاف أن يهتم الإنسان بعيوب العالم و يستخرجها ليبرزها للناس » صريحٌ في أنَّه يتكلم عن مقام التَّحذير و الرَّد على الأخطاء و المخالفات -التي وصفها بالعيوب- .
و قول الرمضاني:« وليس من الإنصاف..»، و قوله: « وهو قد غمط حقه ولم يذكره بعدل وإنصاف فيما أصاب فيه وفيما كان قد بينه وأوصله للأمة من الخير » صريحٌ في طلب الموازنة، بل و في إيجابه إيَّاها على الناقد حال النقد و الرَّد على الأخطاء و العيوب، فإن لم يفعل فقد غمط حقَّ المردود عليه!، و كان – عنده- ظالمًا مُجانبًا للأدب، و هذا هو عين قول أصحاب الموازنات!، قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله: « الموازنات إذا قرأت كتابًا فيه محاسن و مساوئ لابد أن تذكر الحسنات..، إذا لم تذكر المحاسن فأنتَ ظالم خائن »[ "مجموعة كتب و رسائل الشيخ ربيع"(14/ 188) ] .
و يزيد الأمر صراحة، و وضوحًا تعبير الرمضاني بنفس ألفاظ أرباب هذه البدعة، و تعليله في إيجابه الموازنة على الناقد بنفس تعليل القوم، و هو العدل و الإنصاف الذي ما رُفعت راية هذه البدعة إلا باسمه، و ما نودي بإعمالها إلا تحت شعاره.
و لتقف على حقيقة ذلك؛ انظر إلى مدى تطابق كلامه مع كلام كبار المنظرين لهذه البدعة، و على سبيل المثال أحمد بن عبد الرحمن الصويان، الذي قال في سياق تأصيله لهذه البدعة:« إذا تبين أن الإنسان –مهما كانت منزلته- مُعرض للصواب و الخطأ، فلا يجوز لنا أن نطرح جميع اجتهاداته، بل ننظر إلى أقواله الموافقة للحق و نلتزمها، و نُعرض عن أخطائه، فالموازنة بين الإيجابيات و السلبيات هو عين العدل و الإنصاف »اهـ .
و مثله سلمان العودة الذي قال في كتابه « أخلاق الداعية » تحت عنوان " العدل في تقويم الكتب": « فحينما تُقوِّم كتابًا، فليس من العدل أن تقول: إنه يحوي أحاديث موضوعة أو ضعيفة –مثلا- أو آراء شاذة، فتذكر الجانب المظلم و تنسى جانبًا آخر موجودًا في الكتاب، و هو أنه يحوي توجيهات مفيدة او أبحاثًا علمية..، العدل أن نأخذ بهذا و ذاك، و نضع هذه في كفة و تلك في أخرى حتى يعتدل الميزان و يستقيم » [ نقلًا عن كتاب « منهج أهل السنة و الجماعة في النقد » للشيخ ربيع، ضمن "مجموعة الكتب و الرسائل " ( 5/182- 183 )] .
*** *** ***
هل العدلُ يقتضي - حقًّا- ذكرَ محاسن المردود عليه، و تعداد مآثره و ما أصاب فيه، في سياق نقده و بيان أخطائه و عيوبه؟! كما يدعي الرمضاني و أسلافه من أرباب بدعة الموازنات!
سيُجيبك العلامة الربيع، بجواب بديع، فاحفظ جوابه و إيَّاك و ما أحدثه المُحدثون، و ابتدعه المُميِّعون! قال حفظه الله كما في كتابه " المحجة البيضاء في حماية السنة الغراء من زلات أهل الأخطاء وزيغ أهل الأهواء"، تحت عنوان "مفاسد القول بمنهج الموازنات بين الحسنات والسيئات ": « إن القول بوجوب الموازنات في نقد أهل الباطل يؤدي إلى مفاسد كبيرة وخطيرة جداً، أهمها :
1 ـ تجهيل السلف .
2 ـ رميهم بالظلم والجور .
3 ـ تعـظـيم البـدع وأهلها، وتحقير أئمة السلف وماهم عليه من السنة والحق .
1 ـ أما رميهم بالجهل:... .
2 ـ وأما رميهم بالظلم والجور: فإن أقوالهم وكتبهم لتزخر بالجرح الخالص المجرد من الموازنات؛ فماذا يقال فيهم، وفي أقوالهم، ومؤلفاتهم التي هذا واقعها، والتي تضاد هذا المنهج ؟ .
فلا مناص من واحد من أمرين :
إما أن نقول : إن نقدهم وجرحهم المجرد من ذكر الحسنات قائم عـلى الحـق، والعـدل، والنـصـح، والعــلم، والـورع، والخـشـيـة لله رب العالمين، وحماية دين الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهم أهل عدل وإنصاف، ومنهجهم قائم على الحق، وعلى الكتاب والسنة، وقواعد الإسلام، وعقائده الصحيحة .
وبهذا القول والتقرير يسقط المذهب المبتدع المختَرع : "مذهب وجوب الموازنات بين الحسنات والسيئات" .
وإما أن يقال: إن نقدهم المجرد من ذكر الحسنات، والمقتصر على ذكر الجرح والسيئات؛ قائم على الجور والظلم، ومنهجهم قائم على الغش، والجهل، وعدم الورع، والخشية لرب العالمين، بعيد عن منهج الكتاب والسنة، بعيد عن شريعة الله العادلة، بعيد عن أصول الإسلام وقواعده الأصيلة؛ فيكونون بهذا أظلم الخلق، وأبعدهم عن العدل .
ولكن ذلك لم يكن، ويأبى الله ذلك والمؤمنون .
فسقط الباطل، وتهاوت الدعاوى الفارغة، وبطل ما يقولون من وجوب الموازنات بين الحسنات والسيئات عند نقد أهل البدع والضلالات »اهـ .
و قال العلامة النجمي رحمه الله: « ليس من العدل ذكر المحاسن عند الرَّد..، و لم يقل أحدٌ بمثل هذا غير هؤلاء الحزبيين.. »[ " الفتاوى الجلية "(2/168-169)] .
*** *** ***
فإن اعتذر مُتعصِّبٌ بالباطل، أو مُجادلٌ عنيد –للرمضاني- بأن كلامه خاص بالعلامة ابن باديس رحمه الله، أو بمن كان من أهل السنة دون أهل الأهواء و البدع!
قلنا: كلَّا، ليس الأمر كذلك! بل كلامه عام، فإنَّه قال: « ولكن أحيانا قد يخطئ الإنسان في الحكم على أمر من الأمور، وهذا أمر معلوم، وليس من الأدب، و ليس من الإنصاف أن يهتم الإنسان بعيوب العالم ويستخرجها »، فهل لفظ الإنسان، و كذا لفظ العالم، ألفاظ عامة، أم خاصة؟! فالعبرة إذًا، بعموم لفظ الرمضاني، لا بخصوص المثال، الذي استجلب به قاعدة الموازنات، على أنَّ أهل السنة لا يُدافع عنهم بالقواعد البدعية الباطلة، هذا أوَّلًا .
و ثانيًا: لا فرق عند أهل السنة بين السُّني و المبتدع في حكم إعمال الموازنة! قال العلامة العثيمين رحمه الله -في سياق أجوبته على منهج الموازنات-:« في مكان الرد لا يحسُن أن تُعد محاسن الرجل؛ لأني إذا ذكرت محاسن الرجل و أنا أرد عليه ضعف ردي .
فقال السائل: حتى من أهل السنة يا شيخنا؟
فأجاب: أهل السنة و غير أهل السنة »[ من شريط" أقوال العلماء في إبطال قواعد عدنان عرعور"، نقلًا عن "صيانة السلفي"(ص151)] .
و سئل العلامة ربيع المدخلي حفظه الله: هل صحيح أنه يجوز استعمال منهج الموازنات مع أهل السنة دون أهل البدع؟
فأجاب حفظه الله: « السلف لا يعرفون هذا المنهج، و لا يُحابون أهل السنة، و لا أهل البدع، إذا كان هذا الإنسان من أهل السنة و يكذب، و إلا يقع في شيء من الفسق، و إلا سيئ الحفظ، و إلا منكر الحديث، و إلا مُدلس، يُبيَّن حاله، ما فيه موازنات، و هذه كتب الجرح و التعديل مليئة بالرجال، و خُصص مجلدات لجرح الرواة و أهل البدع على مختلف أصنافهم، حتى لو كان زاهدًا عابدًا صالحًا و هو لا يصلح للرواية يُبين حاله، بدون موازنات، يقول لك: فلان سيئ الحفظ و يمشي، ما يلزم عليه يقول لك صالح و زاهد و عابد و مُجاهد، ما يلزمه أبدًا »[ من شريط مفرغ بعنوان " المنهج التمييعي و قواعده "] .
*** *** ***
ما حكم عز الدين رمضاني بعد ثبوت القول ببدعة الموازنات إليه؟، و هل نحتاج – بعده- إلى دليل آخر نستدلُّ به على انحرافه ؟!-
اقرأ الجواب: في هذا الكلام النفيس للعلامة ربيع المدخلي حفظه الله:
« كيف يُقال إن هؤلاء سلفيون؟! عندهم بلايا، عندهم منهج موازنات، لو لم يكن عندهم إلا منهج الموازنات لكفاهم شرًّا، منهج الموازنات هذا يُدمِّر الإسلام تمامًا » [" مجموعة كتب و رسائل الشيخ ربيع"(14/187- 188)].
فيكفي الرجل شرًّا و انحرافًا و ضلالًا –كما قال الشيخ ربيع- قوله ببدعة الموازنات؛ التي تدمِّر الإسلام تمامًا!!
و كيف يُحتاج إلى دليل آخر على انحراف الرمضاني و قد قرَّر بدعة هي أخطر البدع على الإسلام؟! قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله: « منهج الموازنات من أخبث المبادئ و المناهج..، و أنا ما أرى في البدع أخطر منه على الإسلام، و هو و الله هدمٌ للإسلام » [" مجموعة كتب و رسائل الشيخ ربيع"(14/189)] .
يا عز الدين! أتقع في ضلالة تكفي لوحدها لهدم الإسلام، و لتدميره تمامًا! بحَّ صوت العلامة الربيع في إنكارها، و في التَّحذير منها، و من مُخترعيها، وأنت الذي تزعم سولك منهج الربيع!! كيف يجتمعان؟!
سارَت مُشرِّقةً و سِرتُ مُغرِّبًا *** شتَّان بينَ مُشرِّقٍ و مُغرِّبِ
فعلى عرفات أن يُعجِّل بإرسالية أُخرى على وجه السرعة كتلك التي أرسل بها إلى الرجل يوم قرَّر قاعدة « حمل المجمل على المفصل»، و إلَّا فإنَّ هذه الخرجة ستخلط عليهم الأوراق! و تُخلخل الصف! و تجعل المُدافع في موقف حرج!، و المُحامي في حيص بيص! و المُؤيِّد المناصر في حالة ضعف و خور! فالبدار البدار.
*** *** ***
نصيحة
هذه نصيحة من العلامة ربيع المدخلي حفظه الله لأصحاب منهج الموازنات، أُسديها للرمضاني علَّه ينتفع بها، قال حفظه الله:« وعلى أهل منهج الموازنات أن يتعلموا هذه الأشياء ويدرسوا كتب الجرح والتعديل العامة وكتب الجرح الخاصة، ويدرسوا منهج السلف بفهم ودقة »[ " مجموعة كتب و رسائل الشيخ ربيع"(10/134)] .
من هنا لُدغتَ يا عز الدين! فتعلَّم هذه الأشياء! و ادرُس كتبَ الجرح و التعديل عامة و كتب الشيخ ربيع خاصة! فإنك أوتيت من عدم عنايتك بالردود، و عدم اطلاعك على ما كتبه العلامة ربيع في الرد على المخالفين عامة، و في إبطال هذه البدعة خاصة، و لا تنس بأن هذا كان هو السبب الرئيس في وقوعك في بدعة «حمل المجمل على المفصل » قبل أن تتراجع عنها –بآخرة- بعد مراسلة عاجلة من عرفات! فهل أنتَ زاهدٌ في ردود الشيخ ربيع إلى هذه الدرجة؟! و هل أنتَ حقًّا على منهج الشيخ ربيع؟ بل هل أنت راضٍ –أصلًا- بهذا المنهج؟! الزَّمن جزء من العلاج!، و الذي سُطِّر في هذا المقال، و في الوقفات مع تراجعك عَنِ " حَملِ المجمَلِ عَلَى المفَصَّل" جزءٌ من الجواب، و بعضٌ من الحقيقة! و البقية في الطريق...إن شاء الله .
و أخيرًا و ليس آخرًا:
لقد نقل الثقات عنك يا عز الدين أنك تُزكِّي –و لا تزال- عُمر حمرون، الطاعن في الشيخين ربيع و عبيد و غيرهما من علماء السنة، المناصِر لعبد المالك و المأربي و الحلبي و غيرهم من رؤوس التحزُّب، و قد سُئل البوق حمودة عن حمرون؟ فقال: الشيخ عز الدين رمضاني يُزكيه! كما تناقلت حسابات المميعة من حلبيين و غيرهم تزكياتك للرجل و نصحك به، و لا نعلم عنك إلى يوم تفنيدًا أو تكذيبًا لهذه الأخبار، فأنت مُدان بهذه المؤاخذة المنهجية، و مُتهمٌ بها بشدَّة، فاصدع بغير ذلك إن كنتَ منها بريئًا، حتى نُبلغ عمر حمرون بذلك فننظر بماذا يرجع!! و إلَّا فكفاك تستُّرًا فإنَّ حبل التستُّر قصير .
..... يتبع بإذن الله تعالى .
تعليق