إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الأخبارُ الوفيَّة عن الرِّحلة الزكيَّة رِحلتِي لمنطقة جازان شوَّال عام ١٤٤٠ه‍ـ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأخبارُ الوفيَّة عن الرِّحلة الزكيَّة رِحلتِي لمنطقة جازان شوَّال عام ١٤٤٠ه‍ـ

    <بسملة 2>

    الأخبارُ الوفيَّة عن الرِّحلة الزكيَّة
    رِحلتِي لمنطقة جازان
    شوَّال عام ١٤٤٠ه‍ـ

    الحمدُ للهِ المُنعِم، خالق القلم، مُعلم الإنسان مالم يعلم، وصلّىٰ اللهُ وسلَّم وبــارك علىٰ رسولهِ الأكرم، من بعثهُ ربُّه بالدِّين الأقوم، وعلىٰ آلهِ وصحبهِ وسلَّم.
    أمّا بعدُ: فإنَّ لقاءَ الأعلامِ منّة، والأخذُ عنهُم رِفعة، ومُجالستهُم فُرصة، يجتبي الله جلّ وعلا لها من يشاءُ؛ ويُوفِّق لها من يُريد، لذلك كان مِن فقهِ البُخاري أن أورد حديث معاوية -رضِي اللهُ عنهُ- أنّ النّبِي -صلّىٰ اللهُ عليهِ وسلّم- يقُول: (من يُرِد الله بِه خيرًا يفقهه في الدِّين وإنّما أنا قاسم والله يعطي ولن تزال هذه الأمّة قائمة علىٰ أمرِ الله لا يضرُّهم من خالفهم حتىٰ يأتي أمر الله) فِي كتاب العلم وكتاب فرض الخمس وكتاب الاعتصام.
    قال الحافِظ فِي [الفتح: (١٥٠/٢)]: (ونكر خيرًا لتشمل القليل والكثِير والتنكير للتعظيم لأنّ المقام يقتضِيهِ).
    وقال فِي [(١٥٠/٢)]: وقد تتعلق الأحاديث الثلاثة بأبواب العلم - بل بترجمة هذا الباب خاصة - من جهة إثبات الخير لمن تفقه في دين الله وأنّٙ ذلك لا يكون بالاكتساب فقط بل لمن يفتح الله عليه بهِ وأن من يفتح الله عليه بذلك لا يزال جنسهُ موجودًا حتىٰ يأتي أمرُ الله.
    ولقد جمعنِي الله بأخِي الوفِيّ أنور زروقِي فعقدنا النّية لزيارة أشياخِنا وعلمائنا فِي منطقة جازان فيسر لنا المولىٰ ذلك وكانت رحلةً ماتعة طيبة نسأل الله أن ييسرها لنا مرةً أخرىٰ.
    ولقد جفّ حبري وكُسِر قلمِي وتشتت كلماتِي ووقفتُ حائِرًا كُلما هممتُ لكتابة شيءٍ عن هذه الزيارة والّتي كانت في شهر شوال من العام المُنصرم خوفًا من إهدار حقوق الفضلاء وعجزًا مِني عن وصف تلك اللحظات الّتِي لا تُنسىٰ ومِن الذّاكِرةِ لا تُمحىٰ كيف أصِفُ وفاء طالبٍ لشيخهِ لم أرىٰ لهُ مثيلًا فِي غيرِ كُتبِ الأولِين كيف أصِفُ مجالِس خيرٍ الاجتماعُ فِيها مبنيٌّ علىٰ الحبِّ والودِّ بين السّلفِيين كيف أصفُ إكرامهُم وأصالة معادِنِهِم وطِيب أصلهِم وحُسن أخلاقهِم.
    ولكِن؛ لا مناص إلا لتسطِير تلك اللحظات وفاءً لحقِّ أهلِ الخير ففِي الحديث أنّ رسُول الله -صلّىٰ الله عليهِ وسلّم- قال: (لا يشكُر الله من لا يشكُر النّٙاس)ونشرًا للخير ونفعًا للغير فأقُول:
    انطلقتُ من مكّة -زادها الله تشريفًا- ليلة الثالث من شهرِ شوّٙال قاصِدًا منطقة جازان ومعِي أُخيّ الوفِيّ أنور زروقِي سلّمهُ الله.

    طُرفة:
    إنّ من تقدِير الله سبحانهُ أنّ أخي أنور نسِيَ حقيبتهُ وفِيها مالهُ وأوراق سفره فِي سيارة الأجرة الّتِي أخذتنا من مكّة للموقف فوصلنا للموقِف وكُنّا نترقّب عن سيارةٍ تأخذنا لجازان وكلّما جاءت سيارة لا نتفق معها فتذهب عنّا ونحنُ لازلنا ننتظِر سيارة جديدة ولا تأتِي وكانت بالقُربِ منّا سيارة فِيها رجلٌ قدير يُوصِل الركاب إلىٰ منطقةٍ قبل مدينة جازان كلُّ ذلك ونحنُ لا ندري أن أنورًا -أنار الله طريقهُ- قد نسي حقيبتهُ حتّىٰ بحثنا عنها فلم نجدها فاتصلنا بالسائق الّذي أوصلنا فأجابٙ بأن نعم هناك حقيبة في السيّارة لأحد الرُّكاب وأنّهُ سيأتي إلينا ليسلمها لنا فما إن أغلقنا الهاتف حتّىٰ جاء الرّجل القدير وسألنا إلىٰ أين ذاهبُون واتفقنا علىٰ أن نذهب معهُ وجاء الرّجلُ بالحقيبة وانطلقنا فِي سفرنا فما أعظم قدرتك وعظيم فضلك يا الله.
    فوصلنا ظُهْر الثالث من شوّال فما إن استرحنا قليلًا حتّىٰ دخل وقتُ العصر فالتقينا بأخِينا د. مُحمّد بن حسن حكمي وكانت هُناك جنازة الشّيخ مُحمّد منصُور بهلول مدخلِي -المدير العام لفرع الشؤون الإسلامية بالمنطقة سابقًا- فِي قرية الجرادِية -حرسها الله- فذهبنا للصّلاةِ عليهِ وتقدِيمِ العزاء لأهلهِ فوصلنا متأخِرين بعض الشيء.
    مُشاهدة:
    فكانت جنازةً مهيبة فِيها علماء ومشايخ نبلاء وطلاب فضلاء -حفظهُم الله- كلُّهُم يذكرونهُ بالخير والعبادةِ والصّلاح.
    وهذه بُشرىٰ خير للمؤمن ففِي الحدِيث الصّحيح أنّ رسُول الله -صلّىٰ الله عليهِ وسلّم- قال: (ما من رجل مسلم يموت فيقوم علىٰ جنازتهِ أربعُون رجلًا لا يشركُون بالله شيئًا إلّٙا شفّٙعهُم الله فِيه).
    ثمّ دٙعانا شيخُنا مُحمّد بن هادِي لبيت أحدِ أرحامهِ فِي القرية فلبينا دعوتهُ وكان مجلسًا مُباركًا جمع أحباب الشّيخ من أقاربهِ وأصحابهِ وأبنائهِ كما تخلّل المجلس فوائد كثيرة ومواقِف مُنيرة مِنها:
    مشاهدة:
    لشيخنا مُحمّد بن هادي قريبٌ اسمهُ كاسمهِ ولهُ طفلٌ اسمهُ زيدٌ فيكُون اسمُ الطِّفل زيد بن مُحمّد بن هادِي المدخلِي فكان شيخنا يُداعِبهُ ويُلاطفهُ ويقول هذا زيدُ بن مُحمّد يُشبِّههُ بالشّيخ زيد وكان يدعُوا لهُ.
    وسألتهُ:
    عن حدِيث (سافِرُوا تصحُوا) فقال مُسرعًا: هو حديثٌ حسن ذكره السّخاوي فِي المقاصِد الحسنة.
    وكان كتابُ السّخاوي فِي هاتفِي ففتحتُ الكتاب وقرأتُ عليهِ ما ذكره السّخاوي عن الحديث وكان يُصحِّحُ لِي نُطق بعض أسماءِ الرُّواة.
    وقال: الحديث كان مُشتهِرًا علىٰ ألسُن الكثيرين لا سيّما كبارُ السنِّ ولا يعلمُون أنّهُ من كلامِ رسُول الله -صلّىٰ الله عليهِ وسلّم- وكان جدِّي إذا مرِض وألم بهِ ألمٌ فِي رأسهُ يقولُ لجدّٙتِي سأسافِر مكّة فتقُول لهُ وأنت مريض؟!! فيقُول لها تسافِرُون مرضىٰ يشفِيكُم الله. [ سلسلة سؤالاتِي/ السؤال رقم: (٢)]
    وسمِعتهُ يقول:
    كان العرب يقولُون: الملكُ عقيم لا يعرف ولدًا ولا والدًا. [سلسلة مسمُوعاتِي/ المسموعة رقم: (٧)]
    ثمّ رجعنا إلىٰ جيزان المدينة ليجمعنا مجلسٌ مبارك يتقدّمهُ شيخنا الحبيب ناصِر بن أحمد زكري وأخِيه الفاضل أحمد بن عيسىٰ كامِلي والأخ المُبارك أحمد بن مُحمّد شُبيلي وبعضُ أفاضِل الإخوة من طلبة العلم.
    مشاهدة:
    لقد كان مجلسًا ماتِعًا يُجسِّد المعنىٰ الحقيقي للحب والإخاء بين السلفيين ففيهِ من التواد والتراحم والأدب بين الإخوة والمشايخ ما لا يعلمهُ إلا الله يصدق فِيهم حديث رسُول الله -صلّىٰ الله عليهِ وسلّم-: (مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوادِّهِمْ وتَراحُمِهِمْ وتَعاطُفِهِمْ مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكىٰ منه عُضْوٌ تَداعىٰ له سائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمّىٰ).
    ومن فوائد المجلس ما نثره شيخنا ناصِر زكري من فِيهِ العطِر فقال:
    إنّ المنهج السلفي ليُربي من انتسب إليهِ علىٰ البحث عن الدليل والتمسكُ بهِ والتعصُّب لهُ بخلاف من شذّ عنهُ فتجده لا يعرفُ للدليل وزنًا ومن مِننِ الله علىٰ السلفيين أن تجدهم يطرحون أقوال عُلمائهم فيقبلون منها ما وافق الدليل ويردُون منها ما خالفهُ ولو كانت الأقوال الّتِي ردُّوها هي أقوال مشايخِهم فها نحن نأخذ من أقوال مشايخنا النجمي والمدخلي ونرد منها وهم تاجٌ فوق رؤوسنا رحمهم الله. [سلسلة مسمُوعاتِي/المسموعة رقم: (٤٤)]
    وقال:
    الفِتن تُعلِّم ومن أهم ما تعلمناه فِي هذه الفتنة أو ذكرتنا به هذه الفتنة لأنّ جل من انتسب للسنة قد نسوه أو تناسوه هو أنّ العالم يصيبُ ويخطىء وحقُّ الردّ عليهِ مكفولٌ ولكن بعلمٍ وأدب فوجب علينا بيانُ ذلك وتوضيحهُ للنّاس. [سلسلة مسمُوعاتِي/المسموعة رقم: (٣٩)]
    وقال: الشيخ ربيع عالمٌ جليل نحبّهُ ويحبّنا وقد كان سببًا بعد توفيق الله -عز وجل- في فضح الجماعات والأحزاب ومع ذلك فإنّهُ لا يسوغ لنا قبول كلامهِ بدون دليل بل منهج الشيخ لا يقبل ذلك. [سلسلة مسمُوعاتِي/المسموعة رقم: (٤٢)]
    ثمّ وفقنا الله فِي اليوم الثاني فتوجّهنا لقرية العِكرة للقاء الشيخ مُحمّد بن مُحمّد صغير عكُور -حفظهُ الله-
    مُشاهدة:
    من تواضِع شيخنا حفظهُ الله أنّهُ أراد قِرانا بنفسهِ إلّا أنّ أخانا الفاضِل إبراهيم حيدر أبىٰ أن يُتعب الشيخ وقام بذلك عوضًا عنهُ.
    وقد رحب بنا الشيخ أيّما ترحيب وأفاض علينا من بحرِ علمهِ الواسع دررًا من أجلِّها التذكير بخُلقٍ عظيم ألا وهو خُلق الوفاء.
    فقال:
    من وفاء الطّالب لشيخِهِ أن يتذكّر فضلهُ ولو زجرٙه ومن وفاء الطالب لشيخِهِ أنّهُ لو وقع شيخهُ في خطإٍ وشعر الطالب أنّ الشّيخ سيتضايق بنقده أن يكِل الأمر لغيرِه. [ سلسلة مسمُوعاتِي/ المسموعة رقم: (٤٣) ]
    قلتُ:
    وكلامُ الشّيخ مُحمّد يذكِّرنِي بما فعلهُ ابن حجر مع شيخهُ الهيثمي حيث قال كما فِي:[مجمع الزوائد: (٤/١) ] وبلغهُ أنّنِي أتتبّعُ أوهامَهُ فِي مجمعِ الزّوائد فعاتبني فتركتُ ذلك إلىٰ الآن.
    وقال:
    ولو كان القوم أهل إنصاف فإنّ لفظة عاهر لها أوجه عند العلماء كمحادة الله ورسوله فلما الإلزام بكلمة دون الأخرىٰ ولكن الإنصاف عزيز والتعصب يعمي ويُصمُّ. [سلسلة مسمُوعاتِي/ المسموعة رقم: (٤١) ]
    وقال:
    من طعن في العلماء يموت قلبه ومع سائر الأيام يموت ذكره. [ سلسلة مسمُوعاتِي/ المسموعة رقم: (٣٨) ]
    ومِن العِكرة إلىٰ قرية النّجامية للقاء شيخنا الخلوق عبد الله بن مُحمّد النّجمي -حفظهُ الله- فرحب بنا جزآه الله خيرًا والتقينا عنده بالشيخ مُوسىٰ القطان -وفقهُ الله-
    ومما وعاه قلبي من نصائح الشَّيخ عبد الله قولهُ:
    إصلاح ذات البين مما دعت الشريعة إليه وحثت عليه فوجب علىٰ السلفيين أن يكونوا أول من يدعُوا إليه ويحث النّاس عليه ويبينوا عظم قدره فِي الإسلام. [سلسلة مسمُوعاتِي/ المسموعة رقم:(٤٥) ]
    وقال:
    يجبُ علىٰ السلفيين أصحاب المنهج الواحد طرح الإشكالات والمشكلات وأن يجتمعـوا للدعوة وبيان الحق للناس وأن يتركُوا التراشق علىٰ وسائل التواصل فإنّ ذلك لا ينتج خيرًا لطالب علم. [سلسلة مسموعاتي/ المسموعة رقم: (٤٠) ]
    ومن النّجامية إلىٰ الدّغارِير للقاء الشيخ الحبيب حسن بن محمد منصور الدغريري -وفقهُ الله- فقد رحب بنا جزآه الله خيرًا وأكرمنا وأوصانا بالتأدُبِ مع العُلماء والابتعاد عن السُّفهاء وملازمة أهل الخير والنأي عن أهل الشر وقراءة سير الصالحين من العلماء الربانيين واقتفاء طريق الأولين ومصاحبة خيار المؤمنين فإنّ ذلك سبيل الفوز بجنّةِ رب العالمين.
    ثمّ رجعنا إلىٰ سكنِنا لنلتقي فجر اليوم التالي بشيخنا العلّامة مُحمّد بن هادِي مجددًا فصلينا معهُ وجالسناه بعد الصّلاة وكان مما سألتهُ عن:
    كيفية التعامل مع من رأىٰ استحباب القنوت في صلاة الفجر بناء علىٰ الأدلة الصحيحة الواردة من وجهة نظره؟
    فأجاب شيخنا:
    يُصلىٰ خلفهُ فهذا قول الشافعي وشيخه مالك، هل تستطيع تبدعه؟! فأقول: اجتهدوا فهذا يصلىٰ خلفه وقوله مرجوح. [سلسلة سؤالاتِي: السؤال رقم: (٩)]
    ثمَّ سألتهُ عمَّن: سافر وقد ثبتت رؤية الهلال في بلده ولم تثبت رؤية الهلال في البلاد التي سيسافر إليها؟!
    فأجاب شيخنا:
    إذا ثبتت رؤية الهلال في بلده هو وخرج وهو مفطر حتىٰ بعد الفجر فليس عليه شيء أما إذا ثبتت رؤية الهلال في بلده ووصل إلى البلد الثاني قبل الفجر فيصوم معهم. [سلسلة سؤالاتِي/ السؤال رقم: (١٠) ]
    وسألهُ أخِي الوفِيّ أنور زروقِي وأنا أسمع عن: المتن الجامع في أصول الفقه وما الأفضل مراقي السعود أم مرتقىٰ الوصول للغرناطي؟!
    فأجاب شيخنا:
    أجمع متن في أصول الفقه هو مراقي السعود فقد نظمه علىٰ الراجح وعلىٰ التحقيق فِي هذا الفن وأيضا هو مخدوم وعليه شروح كثيرة ومنها نثر الورود ومدارج الصعود ونشر البنود. [سلسلة مسموعاتِي/ المسموعة رقم: (٤٦) ]
    ثمّ انصرفنا لنصلي معهُ الظُّهر ونلتقيهِ مرةً أخرىٰ فسألتهُ عن: أفضل شرح لمتن أبي شجاع في الفقه الشّافِعي؟
    فأجاب شيخنا: الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع من الكتب الجميلة.
    [سلسلة سؤالاتِي/ السؤال رقم: (١) ]
    وسألتهُ عن: عن المنهجية في دراسة الفقه للشافعي؟
    فأجاب شيخنا: تأخذ المختصرات ثم المتوسطات ثم المطولات وعليك بالعُمد والمعوّل عليهِ عند المُتأخرين كتابُ المنهاج وأفضلُ شُرُوحِهِ: مغني المحتاج شرح المنهاج للشربيني -رحمهُ الله-.[ سلسلة سؤالاتِي/ السؤال رقم: (٣) ]
    ثمّ استأذناه بالانصراف ومِن تواضعِهِ -سلّمهُ الله- أنّهُ أبىٰ إلّا أن يرجعنا إلىٰ مكان إقامتنا بسيارتهِ فجزآه الله خيرًا وفِي طريقنا ذُكر بعضُ القوم ممن تركُوا سبيل الحقِّ واتبعُوا سبل المُضلين فأصبح شيخنا يردد البيت المشهور:
    إذا ذهب الحمــارُ بأم عمرو•••فلا رجعت ولا رجع الحمار
    [سلسلة مسمُوعاتِي/ المسموعة رقم: (٨) ]

    ثمّٙ التقيناه مجددًا بعد صلاة العصر فجالسناه وسألناه وتجاذبنا أطراف الحديث مع فضيلتهِ سلّمهُ الله ومما كان فِي ذلك المجلس:
    قولهُ: مُقدمة ابنُ الصّلاح عمدة علومِ الحديث فقد نسخت ما قبلها وكانت كالأمٌّ لما بعدها. [ سلسلة مسمُوعاتِي/ المسموعة رقم: (١) ]
    وقال لهُ أخِي أنور وأنا أسمع: أنّ هناك أستاذًا عندهم في جامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة يذم مقدمة ابن الصلاح ويقول إنها فارغة من العلم ويثني علىٰ ألفية العراقي ويقول: إن هذه فيها العلم.
    فقال شيخنا: هذا رجل جاهل فالألفية جاءت لتلخيص المقدمة -وذكر أبيات العراقي-:
    لخصتُ فيها ابن الصلاح أجمعه••وزدتهـا علما تراه موضعه
    فحيث جاء الفعل والضمير••لــــواحد ومن لـــهُ مستور
    كقال أو أطلقت لفظ الشيخ ما••أريد إلا ابن الصلاح مبهما

    ثمّ قال: ولكن إذا أراد الله أن يفضح العبد جعلهُ يأتي بالجهل الفاضح والكذب الواضح. [سلسلة مسمُوعاتِي/ المسموعة رقم: (٤)]
    ثمّ استأذناه بالانصراف وودعناه ويعزُّ علينا وداع أمثالهِ -سلّمهُ الله-
    فاتجهنا إلىٰ صامِطة للقاء شيخنا العلّامة المُحدِّث المعمر علي بن يحيى البهكلي حفظهُ الله
    مشاهدة:
    ولد شيخنا العلّامة علي بهكلي عام ١٣٤٤ه‍ أي أن عمره الآن ٩٧عامًا و مع ذلك فإنّ ذاكرة الشيخ لا تزال قوية -اللهم بارك- فقد حدثنا عن أمور مضىٰ عليها أكثر من سبعين عامًا فأخبرنا أنّ الشيخ حافظ توفي عام ١٣٧٧ه‍ وأنّهُ كان مدير المعهد العلمي بصاطمة وأنّهُ درس مع الشيخ أحمد بن يحيىٰ النجمي ودرّس الشيخ زيد والشيخ ربيع وجمهرة من مشايخ السنة -حفظهُ الله وأطال فِي عُمره-.
    ومما قالهُ شيخنا: الجزائر فيها علم وفيها علماء نفع الله بهم.
    وكنتُ قد طلبتُ منهُ أن أقرأ عليه شيئا من سلم الوصول فاعتذر لمرضهِ فطلبتُ منهُ الإجازة فقال: الإجازة لها شروط ومنها القراءة وصحتي لا تسمح حاليًا.
    طُرفة: ومن اللطائف ومنن الله أنّنِي كنت من ضمن من أجازهُم الشيخ بمروياتهِ لما قُرِأ عليهِ متن سفينةِ النّجاة لسالم الحضرمي بمسجد ابن منيع بمكة وبث ذلك عبر الإنترنت مباشر فاستجاز القارىء للسامعين والحاضرين فأجازهم الشيخ وكان ذلك يوم ١٤٣٨/٤/٢٣ه‍ـ.
    ثمّ استأذناه بالانصرافِ فأعطىٰ لأخينا مُحمّد عسيس طيبًا ليُطيبنا طيّب الله أنفاسهِ وسلّم علينا وأذن لنا بالانصراف.
    وقد ذكّرني فعلُ شيخنا بفعل الصحابي أنس بن مالك فقد روىٰ أبو حاتم في الزهد بإسناده عن ثابت البناني قال: كنا إذا أتينا أنس بن مالك فإذا رآنا دعا بدهن طيب فمسح به يديه لمصافحة إخوانهِ.
    ثمّ اتجهنا للعكرة مرةً أخرىٰ ولكن للقاء الشيخ الكريم علي بن عبد الله بن محمد عكور للسلام عليهِ فأبىٰ إلّا والجلوس للعشاء.
    مشاهدة:
    فجالسنا والده وكان شيخًا وقورًا عاصر جملة من مشايخ جيزان ومع كبر سنه ووهن عظامه إلّا أنّهُ وفِيٌّ فاضل بارٌ بمشايخهِ يتذكرهُم ويدعُوا لهُم ويتألمُ لفراقِهم ومما ذكر من مشايخِهِ شيخٌ له اسمهُ محمد صغير المحسن ذكر أنّهُ مات مقتولًا وكان سيفًا مسلولًا علىٰ الروافِض.
    ثمّ من العكرة إلىٰ الركُوبة لنلتقي بالشيخ طاهر طالبي -حفظهُ الله-
    وهو ممثل الشيخ ابن باز في سفارة المملكة بالسودان رجل وقور حيي من مشايخ جيزان ومن أقران بعض الأعلام كالشيخ ناصر قحل والشيخ ربيع ومن طرائف ما حدثنا بهِ:
    أنّهُ لمّا كان فِي السودان خرج في يوم إجازتهِ لبعض شوارعها فرأىٰ ضريحًا يطوف عليه أعداد هائلة من النّاس فجاء لبعض الواقفين بالقرب من الضريح ينصحهم ويبين لهم فقال له أحدهم وبيده عصا:
    لك ثلاثة خيارات إما أن تطوف وإما أن تسكت وتخرج وإما أن تُضرب.
    فقال الشيخ طاهر: لا الأول ولا الأخير وخير الأمور أوسطها نختار السكوت والخروج.
    ومن هنا انتهت رحلتنا لتكُون آخر محطّةٍ لنا هي صَبيا لزيارة شيخنا ناصر زكري فِي طريقنا للعودة وتوديعهِ.
    وقد قلتُ فِي ذلك:
    الحمدُ للــه زُرنـــا أرض جــــازانِ...فيهـــا التقيتُ بأشياخي وإخواني

    فيها ابنُ هادي سمىٰ كالبَدرِ مُرتفعًا...والبهكليُّ رفيعُ العلـــمِ والشَّـــانِ

    وكانَ نجميّهُا نجمًــا يُضيء لـــنا...سبيــــلَ عِلــــمٍ وأخـلاقٍ وإيمـــانِ

    والشيخُ طــــاهرُ لا أنسىٰ مودَّته...كذاكَ شيخي عكور الطيّب الحاني

    أمَّــــا علــيٌّ فنِعمَ الشيخُ إنَّ لـــه...فضلاً ووالــــده أكــرِم بشيخــــانِ

    والشيخُ ناصرُ زِكري دامَ جودُكُـم...وشيخنا حسنٌ مَن ليسَ ينسـاني

    كلُّ المشــايخ لا أنسىٰ فضــائــلهـم...جـــازاهمُ اللهُ من قــاصٍ ومن دانِ

    جـــــازانُ دُمتي لعلمِ الدِّين جامعةً...يـــاليتَني كُنتُ بينَ الناسِ جــازاني

    هذا وبالله التوفيق وصلّىٰ اللهُ وسلّم وبارك علىٰ نبيِّنا مُحمّد وعلىٰ آلهِ وصحبِهِ أجمعين.

    كتبهُ:

    أبُو مُحمَّد الطَّرَابُلُسِيُّ
    غرَّة جمادىٰ الثانية ١٤٤١هـ
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2020-01-27, 12:31 PM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X