إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تذكير العباد بالوقف على المستحقين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تذكير العباد بالوقف على المستحقين

    <بسملة1>


    تذكير العباد بالوقف على المستحقين


    الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين،

    أما بعد: فمما زهد فيه الناس بأخرة إيقاف الأراضي والدور والممتلكات في سبل البر والإحسان على الفقراء والمساكين والمحاويج والمستحقين ،فترى الرجل الغني يجمع المال ويحصله، ويتملك الأراضي الشاسعة، والبيوت الواسعة،والمباني المتعددة،والعقارات المتنوعة،ووسائل النقل المختلفة،ولا يكاد يفكر في باب الوقف،وجعل مشروع من مشاريع الخير يعمل له في حياته وبعد مماته أجرا وثوابا ما بقيت هذه الممتلكات،وفي زمن تعلق الناس فيه بالماديات،وزهدوا فيه في الأجور والثواب حري أن يُرغب الخلق بهذا الباب العظيم،وينبهوا على عظيم الغبن وكبير الحرمان لمن حرم نفسه الخير،حتى يخرج من الدنيا وقد ترك وراءه ما خوله الله،والتبعات والمحاسبة عليه،والغنائم لورثته،فحينها لا ينفع الندم،ولا تتحقق أمنية أن يوقف الإنسان شيئا من ماله في أوجه البر،كما روى البخاري 6442 عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ، قَالَ: «فَإِنَّ مَالَهُ مَا قَدَّمَ، وَمَالُ وَارِثِهِ مَا أَخَّرَ»

    والله أسأل أن يوفق المسلمين لما فيه الخير والثواب والأجر إنه سميع مجيب.
    روى البخاري 2773 أن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَجَدَ مَالًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ قَالَ: «إِنْ شِئْتَ تَصَدَّقْتَ بِهَا»، فَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ وَذِي القُرْبَى وَالضَّيْفِ.
    فهذا عمر قد حصل مالا بخيبر فرغبه نبينا صلى الله عليه وسلم في التصدق بها،فقام عمر بهذا العمل من البر فتصدق بها في الفقراء والمساكين،وكم هم الذين رزقهم الله مالا تفضلا منه ورحمة،فلا يتحركون لمثل هذا الخير اعلظيم،فهلا اتقدوا بعمر وبأمثاله من الصحابة الكرام الذين هانت نفوسهم وأموالهم في سبيل الله.
    ومن جميل النصح من نبينا صلى الله عليه وسلم لعمر فيما أخذه الفقهاء بعد في تعريف الوقف ماء عند ابن ماجه 2397 عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْمِائَةَ سَهْمٍ الَّتِي بِخَيْبَرَ، لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهَا، وَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «احْبِسْ أَصْلَهَا، وَسَبِّلْ ثَمَرَتَهَا»
    فتحبيس الأصل بحيث لا يباع ولا يملك ولا يوهب ولا يشترى،وتسبيل المنفعة من الثمار والعقار وغيرهما بحيث يصرف للجهات التي توقف عليها مما يدل على جمال هذا الدين وتمامه وكماله،وأنه دين يدفع بصحابه لترك ما يحب،لينفقه على غيره طلبا للأجر ودفعا لشح النفوس،وتعاونا على الخير،وتحقيقا للتكافل والإيثار الذي يرقى به المجتمع المسلم،ويبعده عن الطمع والجشع عند الأغنياء،ويرفع الغبن والمشاق والأتعاب عن الفقراء.
    وكما حصل لعمر في كون مال خيبر كان أحب ماله إليه حصل لأبي طلحة لما أنفق أرضه التي أحبها كما روى البخاري 1461 عن أَنَس بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ» فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ.
    فهذا أبو طلحة رضي الله عنه أنفق أحب الأموال إليه رغبة فيما عند الله،ورجاء أن يحصل المنازل العالية والمراتب الرفيعة،وأن يصدق في إيمانه،فما أعظم خصالهم،وما أجمل أخلاقهم،وما أنبل بذلهم وعطائهم رضي الله عنهم.
    ومن جميل صنيع أبي طلحة أنه أخذ بوصية رسول الله بالأقربين فمنحهم تلك الأرض.
    ومن أنواع الوقف الذي فيه أجر عظيم مع ما فيه من الثناء الحسن الذي يجري لصاحبه في حياته وبعد مماته إيقاف الأراضي لبناء بيوت الله تعالى عليها وقد روى النسائي 3182 عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: خَرَجْنَا حُجَّاجًا فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَنَحْنُ نُرِيدُ الْحَجَّ، فَبَيْنَا نَحْنُ فِي مَنَازِلِنَا نَضَعُ رِحَالَنَا، إِذْ أَتَانَا آتٍ فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا فِي الْمَسْجِدِ وَفَزِعُوا، فَانْطَلَقْنَا، فَإِذَا النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَى نَفَرٍ فِي وَسَطِ الْمَسْجِدِ، وَفِيهِمْ عَلِيٌّ، وَالزُّبَيْرُ، وَطَلْحَةُ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَإِنَّا لَكَذَلِكَ إِذْ جَاءَ عُثْمَانُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَيْهِ مُلَاءَةٌ صَفْرَاءُ قَدْ قَنَّعَ بِهَا رَأْسَهُ، فَقَالَ: أَهَاهُنَا طَلْحَةُ، أَهَاهُنَا الزُّبَيْرُ، أَهَاهُنَا سَعْدٌ، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّي أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ يَبْتَاعُ مِرْبَدَ بَنِي فُلَانٍ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ» فَابْتَعْتُهُ بِعِشْرِينَ أَلْفًا، أَوْ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «اجْعَلْهُ فِي مَسْجِدِنَا وَأَجْرُهُ لَكَ...
    وقد بوب النسائي على هذا الحديث باب وقف المساجد،مما يدل عليه فعل عثمان رضي الله عنه،قال العلامة الإثيوبي في ذخيرة العقبى 30/69: قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: يعني وقف الأرض لأجل بناء المساجد فيها، وبهذا المعنى ترجم الإمام البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى-، في "صحيحه"، حيث قال: "باب وقف الأرض للمسجد"، ثم أورد حديث أنس - رضي اللَّه تعالى عنه -، من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن أبي التَّيَّاح، قال: حدثني أنس بن مالك - رضي اللَّه عنه -، لَمّا قَدِم رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - المدينة، أمر ببناء المسجد، وقال: "يا بني النجار، ثامنوني بحائطكم هذا"، قالوا: لا واللَّه لا نطلب ثمنه إلا إلى اللَّه.انتهى.
    فهذه وقفة في هذا الباب لعلها تذكر الغافل وتوقظ النائم،وتبصر وتعلم الجاهل،وتحي القلوب القاسية التي قست بسبب الركون إلى الدنيا وملذاتها.

    أسأل الله أن ينفع بها.



    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2020-01-25, 08:53 AM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X