بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والعاقبة للمتّقين، ولا عدوان إلّا على الظّالمين المعتدين، وأصلّي وأسلّم على سيّد الأوّلين والآخرين، وعلى آله وصحبه والتّابعين، أمّا بعد
فهذه قصيدة
بعنوان:
فهذه قصيدة
بعنوان:
الشُّهب الحارقة .. على صاحب البارقة
وهي رسالةٌ منّي إلى الشُّويعر البذيء ومن خلفه من الصَّعافقة
وقد عُرضت القصيدة على أحد مشايخنا الفضلاء، فاستحسنها وأمر بنشرها
-جزاه الله خيرا وبارك فيه-
وهي رسالةٌ منّي إلى الشُّويعر البذيء ومن خلفه من الصَّعافقة
وقد عُرضت القصيدة على أحد مشايخنا الفضلاء، فاستحسنها وأمر بنشرها
-جزاه الله خيرا وبارك فيه-
عَلَيَّ بِلَأْمَتي(1) جَدَّتْ أُمورِي......وَدَعنِي مِنْ مَلامِكَ يَا سَمِيرِي(2)
عَلَيَّ بها وَأَسْرِج لِي جَوادِي.......فَقَدْ نَدَبَ الصَّرِيخُ(3) إِلَى النَّفِيرِ
عَلَيَّ بها وَأَعْرِضْ عَنْ مَلامِي.......فَلَنْ يُثْنِ المَلامُ عَن المَسيرِ
وَأخْبِرني بِدَار أبي سُلافٍ(4).......أَبُوح له بمَا يُخفي ضَميري
وَإنْ شَطّتْ ديارُه(5) سَوف أمضِي.......فَإنَّه بُغيتي وَبِه سُرورِي
سَأَتركُه بِإذن الله مُلقًى.......إِلى تِلكَ القَشاعِم(6) والنُّسور
وَأَشْفي الصَّدر ممَّا يَعتَريهِ......فَرَدُّ الظُّلمِ أشفَى للصُّدورِ
سَأهتِكُ سِترَهُ بالشِّعر هَتكًا.......فَطعْنُه في الوغَى طَعْنُ الذُّكورِ(7)
وَأقصِدُ بعدَهُ غِلمانَ سُوءٍ......فَهُم أزُّوه مِن خَلف السُّتورِ
وَكيفَ تَلومُني يا صاح قُل لِي.......وَقَد سُبَّ المَشايِخ من حَقيرِ
أَيُطعَن في المَشايخ لَهفَ نفسي.......وَلَا يَشتدُّ من هذا نَكيرِي
فَإنْ تَغِب الأسُود تُطلُّ حَتمًا.......ضِباعُ الغاب من تلك الجُحورِ
فَدَعْني من ملامِكَ واسْلُ عنِّي.......سَأَدفَعُ بالقَريض عن الثُّغورِ
إِذا في الدِّين لم تُصَغ القَوافِي......فَلا كانَتْ إلى يَوم النُّشورِ
وَخُذها يا (بُلَيْلُ)(8) كَمِثل عِقدٍ.......عَلَى بَحْر مَتِينٍ ذي وُفورِ
لَقَد أهلَكتَ نَفسَك من سَفاهٍ......وَلَا في العِير أنتَ ولا النَّفيرِ(9)
فَقُمتَ تُطاولُ الكُبَراءَ مهلًا.......وَأيْنَ البَقلُ من نَخل ثَمِيرِ؟(10)
فَهل أَبصَرتَ بالعَينَين شيخًا.......كَمِثل البَحر يَجري في زُخورِ؟
هُو الشَّمس المُضيئةُ في بِلادي.......وَلَا عُتبَى على الأَعمَى الضَّريرِ
أَبُو عبد المُعزِّ فَخارُ قومِي.......بِنَاديهِم عَلى أهل الدُّثورِ
فَمنْ ساوَى بِإِرْث الرُّسْلِ مالًا.......ضَعِيفُ العَقلِ يَحيَا في غُرورِ
فَسَل عنْ شيخِنا الدُّنيا جَميعًا.......وَقُل عدلًا أريدُ فلَا تَجورِي
تُجِيبُكَ إِذ سَألتَ وِعاءُ عِلمٍ.......فَسِرْ وانْهلْ مِنَ العَذب النَّميرِ(11)
كَذلِك قَولةُ الإنْصافِ حقًّا.......فَدَعنِي مِنْ حَسُود ذي فُجورِ
وَلا تُغفِل له أخَوَين واجْهَرْ.......بِفَضْلِهما على مَرِّ العُصورِ
هُما نَصراهُ في حَقٍّ بِحقٍّ.......فَأَكْرِم بِالمُناصَر والنَّصيرِ
فَهذَا (أزهرٌ ) يَهدي الحَيارَى.......بِوَحْي اللهِ كالقَمَر المُنيرِ
وَذلكَ (جُمْعَةٌ) عِلمٌ وسَمْت.......فَيَالَهُ من أخِي ثِقةٍ وقُورِ
أَرَانِي اليَوم أحْكِي عَن نُجومٍ.......يَرَاها كُلُّ ذي عَيْنٍ بَصيرِ
وَيُنكرُها المُخذِّل إذْ تَجارَتْ.......بِهِ الأهواءُ كالكَلْب العَقُورِ
(بُلَيْلٌ) قَد سَمعتَ النَّاسَ قالُوا.......فَقُلتَ بقَولهم فعلَ الغَريرِ(12)
فَلا تكُ إمَّعًا(13) واطلُب دليلًا.......سَتَسمُو إنْ فَعلتَ على الحَمِيرِ
فَقَدْ فُضِّلْتَ يَا هَذَا بِعَقْلٍ.......فَلَا تُسْلِمْ قِيَادَكَ كَالبَعِيرِ
وَدَع عنكَ التَّعصُّب ليسَ دينًا.......وَإنْ كان التَّعصُّب لِلْكبيرِ
فَقدْ يَخفى علَى الكُبَراء أمرٌ.......ويُفتح للغُلام المُستَنيرِ
نَصُونُ مكانةَ الكُبَراء فِينَا.......ونُذعِنُ للأدلَّةِ مِن صَغِيرِ
عَلَيْكَ بسِيرَة الأسلَافِ فَارجِع.......إلَيهَا تَلْقَ من خَيرٍ كَثيرِ
فَمَا عَدَّ الأئمَّةُ مثلَ هَذَا.......مِنَ الإزْرَاء والطَّعْن الخَطيرِ
وَأَدْرَى ما بِمكّةَ مِنْ شعَابٍ.......بَنُوها لَا تَسَل غَيْرَ الخَبِيرِ
كَذلِكَ بالرِّجال فَسَلْ ذَويهِم.......فَهُم أَدْرَى بِجَمٍّ أو يَسِيرِ
فَهذَا عندَ أهلِ الشَّأن أَصلٌ.......تَقَبَّلهُ الأئِمَّةُ من دُهورِ
فَإِن سَألُوا فأهلُ القُطرِ أَوْلَى.......فَهَل في فِعْل هذَا منْ نَكِيرِ
وَلَكنْ إنْ بُلِيتَ بسُوء فَهمٍ......وَقَصدٍ لن تُبالي بالنَّذِيرِ
إِذا اجتَمَعا بعَبدٍ أرْدَياه.......إِلَى قَعْرٍ وشَرٍّ مُستَطيرِ
فَلا تُطلِق لِسانَ الفُحْش فِيمَنْ.......يُعلِّم سُنَّة الهادِي البَشِيرِ
فَمَا اشتَغلُوا بِدُنْيَا النَّاسِ كلَّا......وَلَا افْتُتِنُوا بِمَال أو قُصُورِ
وَمَا طَلبُوا بِمَا بَذلُوه جَاهًا.......وَلَا مالُوا إِلَى حُبِّ الظُّهُورِ
بَل التَّعلِيمُ كَان لَهُم شِعَارًا.......وَحَجْزُ الخَلقِ عَن لَفْحِ السَّعِيرِ
فَلَم يَهِنُوا لحرٍّ في مَصِيفٍ.......وَمَا سَكَنُوا لِبَرْدٍ زَمْهَرِيرِ
رَأَوا لَيل الجَهَالة فِي انْتِشَارٍ.......فَكَانُوا لِلْخَلَائق كَالبُدُورِ
وَسُوق المُحدثَاتِ لهَا رواجٌ.......وَأهلُ الحَقِّ في غَمٍّ كَبِيرِ
فَقَاموا قَومَةً لِله قَالُوا:.......أيَا شَمسَ الحَقيقَة فَلْتُنِيرِي
فَهاهِيَ سُنَّة المُختَارِ تَعلُو.......وَأَمَّا المُحدثَاتُ إِلَى دُحُورِ(14)
وَكَمْ صَبرُوا عَلى الإخْوَانِ لمَّا.......رَأَوا مَا يكرَهُونَ مِنَ الأُمُورِ
سِنِينًا كَاتِمينَ لَهُم بَلَايَا.......لِلَمِّ الشَّملِ فِي تِلْكَ الصُّدُورِ
فَشَقُّ الصَّفِّ -قَدْ عَلِمُوا- شَدِيدٌ.......يَقُودُ إِلَى المَهَالِكِ وَالشُّرُورِ
رَأَوهُم مَيَّعوا نَهجًا قَوِيمًا.......بِهِ سَارُوا إِلَى عَسْفٍ وَحُورِ(15)
لِحِفْظ الدِّين قَامُوا نَاصحُوهُمْ......نَصِيحَةَ مُشفِقٍ حَدِبٍ غَيُورِ
فَلَمَّا أَبصَرُوا مِنهُم عِنادًا.......وَردًّا للنَّصيحَةِ فِي غُرُورِ
وَكَانَ اليَأسُ مِنهُمْ أعْلَنُوهَا.......عَلَى رُوسِ الخَلَائِقِ بِالنَّكِيرِ
فَكَانُوا مثْلَ مَنْ يَكْوِي اضْطِرَارًا.......إِذَا كَانَ الشِّفَاءُ مَعَ السَّعيرِ
فَلَا مَا فَرَّقُوا كلَّا وَلكنْ.......أُولَئكَ حِينَ لَجُّوا فِي نُفُورِ
وَأمَّا عَنْ أدِلَّتِهم فشَمْسٌ.......بِصَحْوٍ لَيسَ فِي يَومٍ مَطِيرِ
رَآهَا كلُّ ذِي كَمَهٍ وأعْمَى(16).......فَهَلْ تَخفَى علَى الرَّجُلِ البَصِيرِ؟
ذَبَبْتُ اليَومَ عَنْ أَشْيَاخِ عِلْم.....وَأَدَّبْتُ الشُّوَيْعِرَ عَنْ فُجُورِ
أَرَى ذَبِّي عَن الأشيَاخ دينًا.......بِهِ أَرْجُو مُضَاعَفَةَ الأُجُورِ
كَذَلِكَ دَيْدَنِي حَتّى انْقِلَابِي.......بِأَكْفَانِي إِلَى أَهْلِ القُبُورِ
إِلَهِي قَدْ أَضرَّتْنِي ذُنُوبِي.......وَهَلْ لِي غَيْرَ رَبِّي مِنْ غَفُورِ
فَصَفْحًا عَنْ عُبَيْدِكَ يَا إلَهِي.......وَهَلْ يَقْوَى العُبَيْدُ عَلَى السَّعِيرِ
هذا؛ وصلّى الله وسلّم وبارك على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
(1) اللَّأْمَةُ: أداة الحرب، من رمح، وبيضة، ومغفر، وسيف، ودرع، والجمع:لأْم ولُؤَم.
(2) السَّمير: المسامر، والجمع سُمَراء.
(3) الصَّريخ: المستغيث وطالب النّجدة.
(4) أبو سلاف: كنية شويعر الصّعافقة البذيء.
(5) شطّت الدّيار: نأت وبعُدت.
(6) القشاعم: مفرده قشعم، وهو المسنّ من النّسور.
(7) الذُّكور: السُّيوف.
(8) بُلَيل: المخاطب هنا هو شويعرهم: بلال التّمزريتي.
(9) فلانٌ لا في العير ولا في النّفير: مثل يضرب للرّجل المستهان به، الّذي لا شأن له.
(10) الثَّمير: المُثمر.
(11) النَّمير: العذب الزّلال.
(12) الغَرير: الحدَث الّذي لم يجرّب الأمور.
(13) الإمَّع: الإمّعة.
(14) الدُّحور: الزّوال والانقضاء.
(15) العَسْف: المَيل، والحُور: الهلاك.
(16) الكَمَهُ: العمى.
تعليق