إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جَمِيعُ حَلَقَات سِلسِلَة: دَحضُ شُبُهَاتِ الاحتِوَائِيِّين .

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جَمِيعُ حَلَقَات سِلسِلَة: دَحضُ شُبُهَاتِ الاحتِوَائِيِّين .

    <بسملة1>






    دَحضُ شُبُهَاتِ الاحتِوَائِيِّين عَن مَوَاقِفِ السَّلَفِيِّينَ الثَّابِتِين الوَاضِحِين
    ...

    <بسملة1>






    دَحضُ شُبُهَاتِ الاحتِوَائِيِّين عَن مَوَاقِفِ السَّلَفِيِّينَ الثَّابِتِين الوَاضِحِين
    ...

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وبعد:
    فهذه مجموعة من الشبهات البطالة التي يُرجف بها المُحامون عن جماعة الإصلاح ، على مشايخنا الواضحين، و من معهم من إخوانهم السلفيين الثابتين، بخصوص الأحداث الجارية في الساحة الدعوية، أحببتُ أن أُبيِّن زيفها بعدما رأيت لها رواجًا يُخشى بسببه أن تنفُق على بعض إخواننا فتُمرِض قلوبهم أو تُلبس عليهم بعض ما كانوا يعرفون، ليزداد الواضحون - بإذن الله تعالى - وضوحًا، و الثابتون ثباتًا و الأصفياء صفاء، و الواقفون! إدراكًا و بصيرةً .

    الشبهة الأولى :
    اتِّهام السلفيين الذين اتَّبعوا مشايخهم في الحقِّ الذي بيَّنوه بالتَّصوُّف و التَّقليد و تقديس الأشخاص
    من عجائبِ الشُّبه و غرائبِ التُّهم التي أزعجت أسماعنا هذه الأيام: رميُ السَّلفيِّين المتَّبعِين لمشايخهم كالعلامة محمد علي فركوس و الشيخ عبد المجيد و كذا الشيخ لزهر حفظهم الله و غيرهم، في موقفهم الذي اتَّخذوه من جماعة الإصلاح، بالمتعصِّبة و المقلِّدة، بل بلغ الأمر ببعضهم إلى أن ألبسوهم لباس الصوفية المقدِّسين للأشخاص، و ما نقموا منهم إلا اتِّباعهم لمشايخهم و موافقتهم لهم في الحقِّ الذي بيَّنوه بأدلَّته و براهينه .
    و لا يبعد أن يصفوهم بعد حين بمريدي الشيخ فركوس! على طريقة المميعة الذين كانوا يصفون بذلكَ السلفيين الذين أخذوا بجرح الشيخ ربيع لبعض المخالفين تعريضًا بتصوُّفهم، كما يفعله الحلبي و جماعته في منتداهم، و المأربي و عبد الرحمن عبد الخالق و من على شاكلتهم .
    قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله في الرَّدِّ على الحزبي المتستِّر " صاحب المعيار "، و هو يصلح ردًّا على الجماعة:
    «... ثالثاً: يغيظ هؤلاء الحزبيين أن يروا أهل السنة يحترمون ويوقرون علماءهم وأهل السنة فيهم، فيرون أو يوهمون رعاعهم أنه تمجيد وتعظيم من جنس تعظيم وتمجيد غلاة الصوفية وغلاة الحزبية لشيوخهم، فيصدقونهم ويسيرون وراءهم كالأنعام لا يفرقون بين حق وباطل؛ بل يرون باطلهم حقاً وحق أهل الحق باطلاً ولسان حالهم {ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم}.
    رابعاً: أين هي المريدية في أهل السنة ؟ ومن من علمائهم تربى ويربي على الطرق الصوفية ؟ كالشاذلية والرفاعية التي يربي عليها البنا وسعيد حوى وأمثالهما ، ومن يمجد وحدة الوجود بل و النيرفانا الهندوكية؟! »[ " مجموعة كتب و رسائل الشيخ ربيع"(10/373) ] .
    و الأغرب! أن يحصل هذا من أناس يُنسبون إلى العلم و يحشرون أنفسهم في زمرة حملة العلم و طلبته! و هم لا يفرقون بين التقليد و الاتباع، فإنَّ التقليد هو الأخذ بقول من ليس قوله حجة بغير حجة، أما أخذ قول العالم بحجته و ترجيحه بدليله كما هو الحال في قضيتنا فهو من باب الاتباع، و ليس من التقليد في شيء .
    و قد عقد ابن عبد البر رحمه الله للفرق بين التقليد و الاتباع فصلًا ماتعًا في كتابه النفيس " جامع بيان العلم و فضله " في الجزء الثاني منه ( من: ص158 إلى ص 176)، و مما جاء فيه قوله رحمه الله: « والتقليد عند العلماء غير الاتباع ؛ لأن الاتباع هو تتبع القائل على ما بان لك من فضل قوله وصحة مذهبه ، والتقليد أن تقول بقوله وأنت لا تعرف وجه القول ولا معناه وتأبى من سواه ، أو أن يتبين لك خطؤه فتتبعه مهابة خلافه وأنت قد بان لك فساد قوله »انتهى .
    و إن كنت أستبعد جهل القوم بالفرق بين الاتباع و التقليد، و أنا على يقينٍ من أنَّ أكثرهم يُدرك الفرق بينهما، لكن يبقى الإشكال في بيان مأخذهم و السبب الذي حملهم على رمي خصومهم بالتقليد و تقديس الأشخاص؟! مع ظهور و وضوح ما يُدين جماعة الإصلاح أو بعضهم من مؤاخذات منهجية، ثابتة عنهم بعددٍ من طُرق الإثبات المُعتبرة .
    فإما أنَّ وصفَهم بذلك؛ حملهم عليه نفيهم المفضوح لمؤاخذات جماعة الإصلاح، و هذا الذي صرَّح به أحد المُحامين عن الجماعة و هو المدعو محمد مرابط فقد قال في مقاله " البراهين الصحاح على براءة مشايخ الإصلاح " نافِيًا نفيًا مُطلقا لكلِّ التهم المنسوبة إلى الجماعة، قائلًا: « و والله ما كتبت هذا إلا لاعتقادي أن مشايخ الإصلاح أبرياء من كلِّ التهم المنسوبة إليهم!!! »، كما صرَّح به أحد أفراد الجماعة و هو يتلوا بيانًا ينوب فيه عنهم و يتكلم فيه بلسانهم قائلًا: التراجع فرع الإقرار، و إخوانكم لا يُقرونكم بما تتهمونهم به!!، أو كلامًا نحو هذا، و قال: «رموهم بما هم منه برآء جملة وتفصيلا »!، فيكون هذا منهم على طريقة من يُعاند في الواضحات، و يُكابر في المحسوسات، و يُسفسط في العقليات و يُجادل في البديهيات المُقررات المسلمات! و إذا كان حال القوم على هذا النحو، فلا سبيل لنا إليهم و لا منفعة تُرجى من جدالهم، و لا مناص لنا حينذاك من الإعراض عنهم بالكلية، فإنَّ الوقت أنفس من أن نضيع شيئًا منه مع قوم هذا حالهم، و إنه ليُخشى على من هذا حاله أن يكون ممن زُيِّن له سوء عمله فرآه حسنًا! حتى صار يرى المنكر معروفًا، و خطأه صوابًا! قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله ردًّا على مكابرات الحلبي:« فإن كنتَ أعمى القلب فأنى لك أن تعرف باطلك فترجع عنه، و أنَّى لك أن تعرف أن الحق مع غيرك فترجع إليه؟! » [ " عمدة الأبي"(ص279)]، نعوذ بالله من الخذلان .
    وإن لم يكن هذا هو مأخذ الجماعة فيما رموا به خصومهم من التقليد و تقديس الأشخاص، فلا حاملَ لهم بعده إلا الإرهاب الفكري القائم على قلب الحقائق، و تزييف الوقائع، و تسمية الأشياء بغير مُسمَّياتها، قصد التشنيع على السلفيين الذين اتبعوا مشايخهم و أخذوا بأقوالهم و أيدوهم في مواقفهم من جماعة الإصلاح القائمة على الحجج الواضحة و البراهين الساطعة تخويفًا لهم من جهة، و تنفيرًا عنهم من جهة أخرى.
    و في مثل هؤلاء قال ابن حزم رحمه الله : « وكذلك إنما نُحرِّم اتباع من دون النبي صلى الله عليه وسلم بغير دليل ونوجب اتِّباع ما قام الدليل على وجوب اتِّباعه ، ولا نلتفت إلى من مزج الأسماء ، فسمى الحقَّ تقليدًا، وسمَّى الباطل اتِّباعًا »
    [ " الإحكام في أصول الأحكام (6 /843) ] .
    و قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله في الرَّدِّ على بوق الحلبي المسمى بالطيباوي: « إنك لترمي زورًا أهل السنة و الحق المتمسكين بكتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بتقليد ربيع، و هذا من أعظم أنواع الظلم و الإفك، و هذا و الله داؤكم: رمتني بدائها و انسلت..»، إلى أن قال:« و إذا رأيتم أهل السنة يحترمون الحق، و يحترمون الحجج و البراهين، و يتعاونون على البرِّ و التقوى، و نصرة الحقِّ و ردِّ الأباطيل و الضلالات رميتموهم بالتقليد و الغلو و الشذوذ و..و..»[ " عمدة الأبي"(ص417-419)]، و إيَّاك أعني و اسمعي يا جارة! .
    و كان يمكن أن يُسلَّم لهؤلاء ما ادَّعوه و اتَّهموا به السلفيين من التصوف و التَّقليد و تقديس الأشخاص، لو كانت مواقف مشايخنا من جماعة الإصلاح عاريةً عن الأدلة مفتقرة إلى الحجة، كيف؟! و هي مُدجَّجَة بالبراهين المتنوعة المختلفة، التي تُثبتُ إدانة جماعة الإصلاح أو جلهم بما أُدينوا به من أخطاء و مؤاخذات، فمنها المسموع، و منها المرئي، و منها شهادات العدول الثقات، كما تُدين القومَ أحوالُهم و مواقفُهم من بعض المخالفين ممن هو معدودٌ من جُلسائهم و من غيرهم، و كذا نزول بعضهم عند من ليس بمرضيٍّ في دينه و منهجه، و تزكيتِه، و نحو ذلك من المؤاخذات المثبتة في حقِّ الجماعة، و كلها بيِّناتٌ على صدق دعوى مشايخنا في جماعة الإصلاح، إذ البيِّنة تُطلق على كلِّ ما يَبينُ به الحق و يظهر .
    قال العلامة ابن القيم رحمه الله: « فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ : اسْمٌ لِمَا يُبَيَّنُ بِهِ الْحَقُّ »[ " الطرق الحكمية" ( 1 / ص 263)] .
    و عندنا في الشَّواهد و المتابعات ما يُصدِّق دعوى مشايخنا في جماعة الإصلاح، زيادةً على ما سبق، و هي: شهاداتُ القوم بعضهم على بعض! و التي في مثلها يُقال: و شهد شاهدٌ من أهلها، أو شهد شاهدٌ من نفسها!
    فهذا صاحب الغرب كان يشهد على الجماعة و يُدينهم بما أدانهم به مشايخنا من المؤاخذات المنهجية، بل و لعله رماهم بأشدَّ مما رماهم به مشايخنا، و كان أسرَّ بهذا لجماعة من مقرَّبيه و قد شهدوا عليه بذلك، حتى إنه كان يصف أحدهم بالحلبي و الآخر بالمميع، و هكذا، و أنا عن نفسي فقد اتصل عليَّ مرَّة من أوروبا يطلب مني التواصل مع أحد كبار جماعة الإصلاح كان قادمًا من العاصمة إلى وليمة دُعي إليها في ولاية مستغانم من قبل جماعة من أعيان المميعة و الحلبيين و أنصار قناة الأنيس و بحضور بن حنفية عبدين و أنصاره، و أخبرني مُغضبًا بأنه اتصل على هذا الشيخ مرات و لم يتيسر له ذلك أو أنه لم يرُدَّ عليه- لا أذكر أيهما قال لي- و قال لي بأن هذا الشيخ لا يأت للغرب إلا بعد التواصل و التشاور معي و لكنه لم يفعل هذه المرة!
    فقدم ذلك الشيخ و نزل عند أولئك القوم في مستغانم، و الله المستعان، فلما رجع صاحب الغرب من أوربا و التقيت به بعد زيارة لي دعوية أخرى إلى الغرب و كان ذلك في بيته و تذاكرنا الحادثة أخبرني بأن المشايخ ليسوا راضين عن هذا الشيخ و هم غاضبون منه و ذكر لي شيئًا من تصرفاته و مواقفه الخاطئة كالذي حصل منه مع جماعة مستغانم، على سبيل الإنكار عليه .
    * و هذا أيضًا أحد كبار القوم ممن صيَّروه مُؤخَّرًا كبير كبار الجزائر!، بعدما كان يقول قائلهم عنه: أصبحنا نُعيَّر به، و ينصح بعدم إحضاره للدورات، و يطعن في علمه و مرتبته الأدبية، و أنه لا يحسن إلَّا « علمكم نبيكم حتى الخراءة » وأنه يكررها كثيرا، وأنه بسبب كثرة أسفاره صار لا يدري ما يقول في محاضراته، كان هذا الأخير إلى وقت قريب مع بداية هذه الفتنة يقول عن مرابط و من على شاكلته بأنهم: مَاشِي مْرَبْيِين، مَا يَحَشْمُوش، أصحاب فتن و مشاكل، و غير ذلك من طعوناته فيهم، و يزعم أنه تركهم و حذف أرقامهم و قطع التواصل معهم! و أنه ندم أشد الندم على تزكيته لهم التي جرَّأتهم على مشايخهم و كبارهم، و أنه سيخرج صوتية و بيانًا في البراءة منهم!
    كما كان يقول عن جماعة الإصلاح: عندهم طوام، و عندهم و عندهم، كما شهد عليه بذلك الثقات العدول من أقرب المقربين منه، ممن أسرَّ لهم و جهر بمثل هذا مرات و كرَّات، و تجمعني ببعضهم صحبة قوية، و هم مُستعدون لمباهلته .
    فكيف يستقيم لهم بعد هذا رميهم لنا بالتصوف و تقديس الأشخاص و التقليد الأعمى للرجال! و الحال أنه قد أثبت وجود الأدلة و المؤاخذات من هم معدودون من كبارهم، و قد وافقوا شهودنا و مشايخنا فيما شهدوا به من مؤاخذات منهجية على جماعة الإصلاح أو بعضهم! كما وافقهم و أقرَّهم خالد حمودة و هو ممن نصَّب نفسه مُحاميًا عن جماعة الإصلاح، فقد قال كما في مقاله " مناقشة الشيخ محمد بن هادي فيما صدر منه في مكالمته مع لزهر سنيقرة " مُخاطبًا شيخنا لزهر حفظه الله: « إن لك بين يدي الله موقفا في يوم تشيب منه الولدان، لا تخفى عليه منك خافية، الأمر والله سهل، استجابة لنصح العلماء تجتمع مع إخوانك ونطالبهم معكم بإصلاح ما أخطؤوا فيه، فإن لم يفعلوا ثبتت الحجة لكم عليهم، ويكون العلماء وغيرهم جميعا معكم » .
    فقول خالد حمودة: « و نطالبهم معكم بإصلاح ما أخطؤوا فيه » إثباتٌ واضحٌ منه لأخطاء جماعة الإصلاح، و أن لهم أخطاء يجب عليهم إصلاحها، على أنهم لم يصلحوا فثبتت لمشايخنا الحجة عليهم .
    و ممن أقرَّ بوجود الأخطاء لدى جماعة الإصلاح العلامة ربيع المدخلي حفظه الله!، فقد قال في أكثر من مرة: كلا الطرفين عندهم أخطاء و عليهم مؤاخذات! و هذا يشملهم طبعًا، و فيه تكذيبٌ لمن نفى أخطاء جماعة الإصلاح بالكلية كما فعلها من ذكرنا من المكابرين، فهل سيكذِّبون الشيخ ربيعًا كما كذَّبوا مشايخنا و شهودنا؟!
    و تبقى الموازنة بين الأخطاء التي أثبتها العلامة ربيع المدخلي في الجانبين، و أيُّها أشد و أخطر و أكبر، مع بيان الأخطاء التي كانت منشأ النزاع و سبب الخلاف فهي الأصل، و السعي في علاجها هو الأهم و الأولى، فإن من المعلوم أن الفرقة لم تحصل ابتداء من أجل تحقيق الشيخ عبد المجيد لكتاب رياضة المتعلمين، و لا ما قيل إنه تحقيق منه لكتب المبتدعة! و لا من أجل بيع الشيخ لزهر لكتب أهل البدع كما يزعمون، إلى غير ذلك مما أثاره القوم مؤخرا، فلابد من ردِّ المسألة إلى محلِّ النزاع و تسليط الأضواء كما يُقال عل المخالفات التي نتج عنها تفرُّق الجماعة و علاجها، و ترك سياسة الهروب إلى الأمام .
    و لو أردنا أن نُناقش القوم في فريتهم التي علينا يفترون، من التقليد الأعمى و تقديس الأشخاص! فلا نرى من هو أولى بهذه المذمة منهم! فهم الذين يسعون جهدهم لإرهاب الناس و حملهم على الأخذ بتزكية بعض علمائنا لجماعة الإصلاح المبنية على حسن الظن المُعارضة بنقدٍ مُفسَّر من أهل بلدهم، و ممن هم أعلم بحالهم ممن زكاهم و أدرى منهم بخباياهم، و في القواعد أن من علم حجة على من لم يعلم، و المثبت مُقدم على النافي ، و الجرح المُفسر مُقدم على التعديل، و اعتبار قول بلدي الرجل مُقدم على غيره، و ليس المخبَر كالمعايِن، فيريدون منا ترك الحجج التي هي كالشمس في رابعة النهار، و ترك النقد المفسر بالأدلة الواضحة و البراهين الساطعة، و ترك قواعد السلف التي سار عليها أئمة الإسلام و جبال العلم و أجمع عليها السلف لرأي و اجتهاد بعض العلماء! و هذا عين التقليد! بل هي دعوة حارة إلى التقليد، لا تختلف عن دعوة المميعة تقليد العلامة العباد في تزكيته لبعض المخالفين المجروحين بجروح مفسرة من قبل مشايخ السنة، و جعلها معولًا لهدم النقد المفسر، و إسقاط الأحكام الصحيحة القائمة على الحجج و البراهين.
    * هذا؛ و إن الكلام في الرجال و نقدهم و بيان أحوالهم، هو من باب الخبر، فيُقبل فيه خبر العدل الثقة، و تُبنى عليه الأحكام، كما هو الحال في قضيتنا .
    يقول العلامة ربيع المدخلي حفظه الله : « إن أقوال أئمة الجرح والتعديل الأمناء الصادقين العادلين من باب الأخبار؛ لأنها قائمة على دراسات لأحوال الرواة ورواياتهم وعلى معرفتهم بسيرهم وأخلاقهم وصدقهم وضبطهم وإتقانهم، أو كذبهم أو سوء حفظهم أو سوء معتقدهم، ومن طرق كثيرة توصلهم إلى معرفة مراتب الرجال ومراتب رواياتهم؛ لأن الله الذي تعهد بحفظ دينه أحلهم هذه المنـزلة.
    فيجب على المسلمين قبول أخبارهم عن أحوال الرجال وعن أحوال رواياتهم وعقائدهم، هذا هو الأصل »[ " عمدة الأبي "(ص584)] .
    إذا تقرَّر هذا، فالأخذ بخبر الثقة و قبوله و بناء الأحكام عليه ليس من باب التقديس و التصوف، و تقليد الرجال، بل هو اتِّباعٌ، و عملٌ بأصلٍ سلفيٍّ عظيم.
    سئل العلامة ربيع المدخلي حفظه الله: هل يسع طالب العلم التقليد في مسائل الجرح والتعديل ، علماً أنه يستطيع الوقوف على ما انتُقِد على من تَكَلم فيه أحد العلماء المعروفين في هذا الباب بعلو الكعب فيه وتقوى الله والتحري ، أفيدونا ؟
    فأجاب حفظه الله: « قبول خبر الثقة ليس تقليداً وإلا يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم مقلداً » [ " أسئلة بعد المحاضرة المشتركة بين الشيخ ربيع والشيخ علي بن ناصر الفقيهي " و هي منشورة على الشبكة ] .
    إذا عُلم هذا، فليُعلم كذلك أن من أثبت المؤاخذات على جماعة الإصلاح هم من العدول الثقات، زيادة على كونهم من مشايخ العلم المعروفين، و هم أهل بلدهم و من أعرف الناس بهم، و قد أيدهم في أكثر ما أثبتوه على جماعة الإصلاح م.
    ن مؤاخذات أعدادٌ من الثقات من مختلف جهات البلاد، ناهيك عن شهادات من ذكرناهم ممن هم معدودون من كبار جماعتهم، أو من المُحامين عنهم، فلا ضير بعد هذا على من بنى ما تقتضيه شهادات العدول من أحكام في هذه القضية و غيرها و لا يُعدُّ بذلك مُقلِّدًا و لا مُتصوِّفًا و لا مُقدِّسًا للأشخاص، فإن ديننا يقوم على أخبار العدول .
    قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله:« إذا أخبرك الثقة بنبأ كفاك ذلك شرعاً ولا يلزم الثبت إلا في حال إخبار الفاسق، كما قال تعالى: { يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا }، وهذا منهج أهل السنة والجماعة في تلقي الأخبار وقبولها، أو ردِّها »[ " مجموعة كتب و رسائل الشيخ ربيع"(13/44)] » .
    فأخبار مشايخنا و إخواننا الثقات كافية لنا شرعًا، و نحن في ذلك نسير على منهج أهل السنة في تلقي الأخبار و قبولها، كما قرر ذلك حامل راية الجرح و التعديل، و ليس على منهج الصوفية كما يتهمنا القوم بذلك بهتانًا وزورًا .
    و إذا لم تُقبل أخبار أهل السنة السلفيين و رُفِضت شهاداتهم و هم نقاوة المسلمين، و صفوة المجتمع، فأخبار و شهادات من نقبل؟ نبِّئونا بعلمٍ إن كنتم صادقين!
    قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله: « قبول أخبار الثقات الضابطين منصوص عليه في الكتاب والسنة، فمن عرف من العلماء وغيرهم أن فلاناً ذا دين وعقل وعدل وضبط فلا يجوز له أن يرد خبره..، وهذا من أهم أصول الدين، ولا يقوم دين المسلمين ودنياهم إلا بالتزامه وتطبيقه، وعليه القرآن والسنة والصحابة والتابعون وفقهاء الإسلام .
    وإذا لم تقبل شهادات السلفيين وأخبارهم فليُعيِّن لنا الحلبي الطوائف التي يجب قبول أخبارها؟! »[ " عمدة الأبي "(ص139)] .
    وقال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله:« ابن عمر لمَّا بلغه أن قوماً يتقفرون العلم ويقولون أن لا قدر، قال: أبلغهم أنني منهم بَراء، وأنهم مني بُرآء، لم يفتح ملف وتحقيقات وإلى آخره كما يفعل الآن أهل البدع، يقذفون الناس ظلماً وعدواناً، فإذا ثبت لك شيء من ضلالهم وتكلمت وحذرت منه قالوا: ما يتثبت، نعوذ بالله من الهوى ولو يأتي ألف شاهد على ضال من ضلالهم لا يقبلون شهادتهم، بل يسقطونها، ألف شاهد عدل، على ضال من ضلاَّلهم لا يقبلون شهادته؛ فضيعوا الإسلام وضيعوا شباب الإسلام بهذه الأساليب الماكرة نسأل الله العافية .
    ابن عمر لما أخبره واحد، و الثاني يسمع فقط؛ صدقه لأنه مؤمن، عدل، وثقة، وديننا يقوم على أخبار العدول، من قواعده أخبار العدول، فإذا نقل لك الإنسان العدل كلاماً فالأصل فيه الصحة، ويجب أن تبني عليه الأحكام..، الآن العدل تلو العدل، والعدل تلو العدل يكتب ويشهد ما يُقبل كلامه.. .»[ "مجموعة كتب ورسائل الشيخ" (4/344-345) ] .
    فديننا يقوم على أخبار العدول، و كتب الرجال و الجرح و التعديل قائمة على أخبار العدول كذلك، قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله:« و كتب الحديث، حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، و كتب الرجال قائمة على قبول أخبار الثقات » [ " عمدة الأبي "(ص485)] .
    و على هذا، فعدم قبول أخبار العدول و ردها و رفضها هدمٌ لأصل من أصول أهل السنة قام عليه ديننا، و قامت عليه كتب الحديث و الرجال و الجرح و التعديل! .
    و في بيان خطورة رفض أخبار العدول المتتالية و المتواترة و ردِّها يقول العلامة النجمي رحمه الله: كما في "الفتاوى الجلية" (2/33): « أما خبر العدل فإنه يؤخذ به فكيف إذا كان المخبرون جماعة ومن خيرة المجتمع وأعلاه وأفضله علمًا وعدالة، فإنه يجب ويتحتم الأخذ به، ومن ردَّه فإنما يردُّه لهوى في نفسه؛ لذلك فهو مدانٌ، ويعتبر حزبيًّا بهذا الرَّد »انتهى .
    فإن قيل: فإنَّ الطرف الآخر ينتفي مما نُسب إليه من المؤاخذات التي اتُّهموا بها بناء على أخبار من وصفتموهم بالعدول؟! و على سبيل المثال ما حلف عليه أحدهم في صوتيَّةٍ له، قائلًا: « و الله لم آخذ فلسًا على الدعوة! »بعد أن اتُّهم بالتأكل بالدعوة، و قال: « إذا قلت له: و الله لم آخذ فرنكا على الدعوة: قال لك: الشيخ فركوس قال! ثم انفعل و قال بأن هذه هي الصوفية و تقديس الأشخاص »انتهى (أصل كلامه بالعامية نقلت ألفاظه بمعناه للعربية ).
    و إذا كان الأمر كذلك و انتفت البينة المُثبتة للتهمة فيُصار إلى يمينه، و يسقُطُ الاتهام و يبطُل! لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لادَّعَى رجالٌ أمْوَالَ قَوْمٍ وَدِمَاءَهُمْ، لَكِنِ البَيِّنَةُ على المُدَّعِي وَاليَمِينُ على مَنْ أنْكَرَ » .
    فنقول: هذا إذا انتفت البيِّنة، فيُكتفى حينها بيمين المدعى عليه، لكننا سمعنا بآذاننا بصوت المُتَّهم و هو يُخاطب أعضاء المجلة يوم أن اتَّفقوا على إنشائها قائلًا لهم: أنا أشترط شرطًا: لا يكون العمل تطوعيًّا، كل شيء بالمقابل( قالها بالعامية: كل شيء بالخلاص )، المدير بالمقابل، و أعوانه بالمقابل، و الذين يقومون على تصحيح المجلة لا بد لهم من مقابل، و علَّل بأن العمل التطوعي لا يدوم .
    كما أثبتَ نحو ذلك الكلام في صوتية أخرى، بل بلغ به الأمر إلى أن أطلق على نفسه اسم: السانديكا (كلمة أعجمية المقصود بها: نقابة العمال التي ترافع على حقوقهم و الزيادة في رواتبهم و نحو ذلك) ، و أنه قد صار معروفًا بهذا الاسم بين المشايخ! و هم أنفسُهم يصفونه به!
    فجعل من نفسه نقابة للدعاة مضاهيًا بها ما يُسمى بنقابة العمال في الأنظمة المدنية، [ يضرب من خلالها على المشايخ باش يْزيدولهم فالخلاص]، و هو لفظ كلامه في الصوتية، و الخلاص: أي الرواتب و المقابل، و هذا إنما هو على أعمالهم الدعوية، التي يرفض المتحدِّث بتاتًا أن تكون تطوعية .
    فماذا يعني هذا؟ و كيف نجمع بين حلفه باليمين المغلظة أنهم لا يأخذون مقابلا على الدعوة، و بين جعل نفسه نقابة لعمال الدعوة من أصحاب المجلة، لرفع أجورهم و الزيادة فيها مُقابل أعمالهم الدعوية! و كذا اشتراطه على الدعاة من أصحاب المجلة أن لا يكون العمل تطوعيًّا بدون مُقابل، بل لابد أن يكون كل عمل ( بالخلاص) أي بالمقابل! مع السعي في رفع الأجور على الأعمال الدعوية للدعاة من حينٍ لآخر؟! فأين المفر؟! و أيُّ بيِّنةٍ أقوى من هذه؟ و هل يحقُّ له أو لغيره بعد هذا أن يتهمنا إذا أنكرنا عليه هذا الأمر و عددناه من مُخالفاته بعد قيام البيِّنة عليه، بالتصوف و تقديس الأشخاص؟ كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبًا، ظُلمًا و بغيًا و عُدوانًا، فالله حسيبهم .
    و قل مثل هذا في انتفاء الرجل من تزكية بن حنفية عبدين المُثبت بصوته و بشهادة العدول من أماكن مُختلفة، و الله المستعان و عليه التُّكلان .

    الشُّبهَةُ الثَّانِيَة :
    رفضُوا الصُّلح و دعوات العلماء إلى الاجتماع
    أما هذه الشبهة فقد أشبعها مشايخُنا حفظهم الله توضيحًا و تفنيدًا، فبيَّنوا للناس أن رفضهم لم يكن للصلح و الاجتماع المشروع الذي أمر الله به و رسوله، و نادى به العلماء و نصحوا به، بل هم من أشدِّ الدعاة إليه، الحريصين على تحقيقه، و لكنهم رفضوا اجتماعًا صوريَّا يُبقي على مؤاخذات الجماعة، و يكون غطاءً لها، و يُدخل في الصفِّ السلفيِّ من ليس منه من المخالفين الذين هم محلُّ تزكيةٍ و ثناءٍ من قبل جماعة الإصلاح أو بعضهم، و مثل هذا الاجتماع لو حصل إنما يكون على حساب الدعوة و ثوابتها، وهو أمرٌ غير مقبولٍ تمامًا، فالرفض كان مُوجَّهًا لاجتماع هذه صورته و حقيقته، و هذا شكله و مضمونه، و لذلك اشترط مشايخنا على جماعة الإصلاح تخلِّيهم عن أخطائهم و التراجع عن هفواتهم و زلَّاتهم ليكون الاجتماع على الحق صافيًا نزيهًا، لا كالاجتماع الذي يدعو إليه الإخوان المسلمون القائم على قاعدة: « نتعاون فيما اتَّفقنا عليه و يعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه».
    و من تأكيدات مشايخنا على مثل هذا الاجتماع قول شيخنا لزهر حفظه الله في رسالته إلى الشيخ ربيع:« فكوني ذكرت أن الشيخ وافقني على الاجتماع مع إخواني بالشروط، لا يتنافى مع ما أكده الشيخ من ضرورة الاجتماع على الحق، و مهما يكن الأمر فهذا هو مطلبنا أنا و إخواني- منذ بداية الأمر و الذي لم نجد له استجابة إلى يوم الناس هذا، فهم يريدون اللقاء فحسب من غير نظر إلى أسباب النفرة التي حدثت، و هي أسباب منهجية بحتة بيَّنها الشيخ فركوس، و قد أرسلتها لهم و لم نلق منهم جوابًا لحد الآن، لا مجملًا و لا مفصلًا في مناقشة بعضها .
    و الله يا شيخنا الكريم لنحن أحرص الناس على الاجتماع الذي يكون على الحق، و هذا الذي أَمرنا به ربنا سبحانه و حثنا عليه نبينا صلى الله عليه و سلم و وجَّهنا إليه علماؤنا دائمًا و أبدًا »انتهى .
    و قال حفظه الله في تعليقٍ له على مقال الأخ ساحي عتو الذي بعنوان " وقفات مع بيان رجال الإصلاح براءة للذمة " : « إن السَّعي الحقيقي(أي: في الصلح و الاجتماع ) كان مِنَّا بمجالستنا الشيخ عبد الغني مرارًا ونصحنا له تكرارًا، وقبولنا بمساعيه للصلح بيننا وبين إخواننا وتسليمنا لشروطنا لهم لينظروا فيها ويوافوننا بآرائهم أو ردِّهم علينا، ومع الأسف لم يحصل شيء من هذا! اللهم إلا اذا كان من خلال ما قاله ماضي من رفضه للتراجع بزعم أنه إقرار »انتهى .
    و قال شيخنا العالم الجليل عبد المجيد جمعة حفظه الله في مقاله " التَّصريح في الردّ على توفيق عمروني في بيان التَّوضيح ":« وقد قلنا: إنَّ هذا الائتلاف لا يمكن تحقيقه دون معالجة الأسباب التي أدَّت إلى الفرقة؛ ولهذا لم نطلب منكم أن تنقلوا جبلًا من الجبال عن موضعه فكان أخفّ عليكم ممّا طلبناكم به؛ كما قال العلامة زيد المدخلي: «الاجتماع على الحقّ يدعو إلى الوئام والألفة، وإلى اتّحاد القلوب، واتّحاد الكلمة؛ وإذا لم يحصل اجتماع على الحقّ فإنّه لا ألفة، ولا، وئام، ولا اتّحاد بين المسلمين من كلّ وجه بسبب دخول البدع المضلّة على القلوب، وعقول من انشرح بها صدرًا» [" سلم الوصول إلى بيان ستة الأصول " (ص222)»انتهى .
    إذا تقرَّر هذا و عُلم، فيمكن لقائل أن يقول بأن مشايخ الإصلاح هم الذين أبوا الصُّلح و رفضوا الاجتماع بإخوانهم و ليس العكس!! فهم الذين تعنَّتوا و رفضوا مطالب إخوانهم و امتنعوا من قبول شروطهم التي لم تكن إلا لضمان شرعية الاجتماع و صحته و قوته، و قد أشار إلى هذا شيخنا لزهر حفظه الله في مقاله " حوار هادئ.. مع عبد الخالق ماضي وإخوانه " حيث قال مُخاطبًا الشيخ عبد الخالق:« وأما قولك وأنت توجه كلامك لشيخنا: « أنَّ يد الاجتماع على الخير ممدودة»، فهذه دعوى؛ والدعوى يصدِّقها العمل، تصدقها الخطوات الجادّة، والنَّوايا الصَّادقة التي كنَّا ولازلنا ننتظرها منكم، و والله إن الشيخ كلَّمني بهذا الكلام وأنا لم أستأذنه في نشره، وأتحمل مسؤوليتي في هذا الأمر، قال لي: «والله لو رأيت منهم صدق النَّوايا والخطوات الجادة، ما تأخَّرت أن أجلس معكم جميعا»، ولكن مع الأسف الشَّديد لم يظهر هذا منكم، ولا حتى بمجرد نيَّة طيِّبة حتى الوسائط التي كانت تتوسط بيننا تمشي ثم تذهب، لأنَّها ترى وكأنَّ الطريق مسدود، يأتوننا نقول مرحبًا بإخواننا، ولكن عندنا أمور لابد أن يتراجعوا عنها، ويعلنوا تراجعهم؛ ويصدعوا بذلك، ينقطع بعد ذلك الاتصال والوسيط لا يرجع إلينا أبدًا، لأنّنا علمنا الجواب، رفضوا هذا الأمر -ومنهم الشيخ عبد الغني.. .
    ومع الأسف الشَّديد في كل مرة تخرجون علينا بما يبدِّد آمالنا في إرادة الاجتماع على الخير، والاجتماع على الحق الذي نصح به الشيخ ربيع حفظه الله تبارك وتعالى»انتهى.
    كما ألمح إلى مثل هذا شيخنا المفضال عبد المجيد جمعة حفظه الله في مقاله السابق، حيث قال : « وقد قلنا: إنَّ هذا الائتلاف لا يمكن تحقيقه دون معالجة الأسباب التي أدَّت إلى الفرقة.. .
    كلُّ ما في الأمر أنَّا طلبنا منكم:...»، فذكر مطالب مشايخنا من جماعة الإصلاح، ثم قال:
    « وهو ما أبلغه الشيخ أزهر إلى الشيخ عبد الغني عوسات، وانتظرنا منكم الجواب، فلم نتلقَّ منكم أيَّ جواب، فلماذا تأخذك العزَّة بالإثم؟!ولماذا هذا الإصرار، والتحدِّي، والتعنُّت؟! ماذا عليكم لو كتبتم بيانًا تتراجعون فيه عمَّا أُخذَ عليكم، فيرفع الله قدركم، برجوعكم إلى الحقِّ، فإنَّ الحق قديم، والحقُّ أحقُّ أن يتَّبع؛ فيحسم الخلاف، وتنطفئ الفتنة ويُرْأَب الصدعُ؛ وكان في وسعكم احتواء الخلاف والحدّ من إطالته؛ وإلا فمن أطال في عمر الخلاف، ووسَّع دائرته؟!
    ختامًا أقول: لا أحد يرضى ما آلت إليه الدعوة اليوم، ولا أحد يرضى بالخلاف وإثارة الفتن؛ فإن كنتم صادقين، فاتركوا التعصُّب لمواقفكم، وعزَّتكم بالإثم، وارجعوا عن المآخذ التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه، فإنَّ الرُّجوع إلى الحق واجب وشرف، يتَّصف به أهل التقوى والصلاح، لأنَّ الحقَّ قديم، والرجوع إليه خير من التمادي في الباطل، والعلو في الأرض والاستكبار عن الحقِّ؛ لمن أراد ـصادقًاـ أن تقوى شوكةُ هذه الدعوةِ المباركة بالتئام الشمل، واجتماع الكلمة، وتوحُّد الصفِّ» انتهى .
    فبان من هذا و ظهر، مَن هو الحريصُ على الاجتماع حقيقة، لا ادِّعاء!
    * و إنَّ مما يُثير الدهشة و الاستغراب في صنيع مشايخ الإصلاح: رفضهم لمطالب إخوانهم التي هي مفتاح الصلح و الاجتماع على الحق، الذي يُعيد الألفة و المحبة و يُزيل النفرة و الفرقة، و التي تلبيتُها و استجابتهم لإخوانهم فيها هو دليل صدقهم في وأد الخلاف و تحقيق الصلح و الاجتماع، في وقتٍ استجابوا لشروط عبد المالك رمضاني التي اشترطها عليهم قبل الجلوس معهم في مجلس دار الفضيلة! مع إجحافها و بطلانها!.
    و في ذلك يقول شيخنا الفاضل عبد المجيد جمعة حفظه الله في مقاله " التَّصريح في الردّ على توفيق عمروني في بيان التَّوضيح "، مُناقشًا إياه :«الوجه الرابع: أنَّ من الأدلَّة على سرِّية مجلسكم أنَّك نَقَلت قولي: «وذلك لأنَّ عبد المالك اشترط عليهم ألَّا يجلس مع جماعة الإصلاح بحضور الأربعة: الشيخ فركوس، والشيخ عبد الغني، والشيخ أزهر، وعبد المجيد»، وعلَّقت عليه فقلتَ: «كيف علمتَ ذلك يا شيخ!! ونحن لم نسمع منه هذا الشرط؟».
    وجوابه: أنِّي أتعجب من إنكارك لهذا الأمر الذي سمعناه جميعًا، أم تتناكر وتتجاهل؟! أهذا المستوى الذي بلغته أخي توفيق؟! ولقد سمعناها من قَبْل، وسمعناه مِنْ فَمِ الشيخ عزّ الدين يوم اجتماعنا، حيث نقله عن عبد المالك »انتهى .
    و الله المستعان و عليه التكلان .

    الشُّبهَةُ الثَّالِثَة
    رفض التحاكم إلى العلماء و الامتناع من ذلك
    مما يثيره القوم و من يُحامي عنهم من شبهات و تضليلات قصد التلبيس على الناس و زعزعة ثقتهم في مشايخنا الأثبات الواضحين، أنهم رفضوا دعوات علمائنا في الحجاز إلى التحاكم عند بعضهم، كما رفضوا بزعمهم مطالبهم بالصلح و الاجتماع و نبذ الفرقة! و لا أدري عن أيٍّ تحاكمٍ يتحدثون؟! فإنَّ المسائل المنتقدة عليهم منهجية بحتة، في غاية الوضوح، إدراك مخالفتها لطريقة أهل السنة و الجماعة يُعتبر من المسلمات و المسائل البديهية و الأمور المعلومة من المنهج السلفي بالضرورة! و إن حاول القوم نفيها عن أنفسهم و امتنعوا من الاعتراف بها!
    و ليس للمخالف في مثل هذه الأحوال و المسائل إلا التوبة النصوح و التراجع الصريح عن أخطائه، و ما انتُقِد عليه، و إلا فإنَّ مطالبته بالتحاكم إلى العلماء في مثل هذه القضايا البيِّنة و الأمور الجليَّة لا يستقيمُ و لا يصلُح! بل هو عبثٌ و مهزلة!!
    و في بيان ذلك يقول العلامة ربيع المدخلي حفظه الله إن الدعوة إلى التحاكم في الأمور الواضحة كالشمس من المهازل الشنيعة التي افتعلتها هذه العصابة العرعورية الماكرة وانطلت على كثير من أهل السنة .
    فهل كانت هذه الأنماط تحاكم في أيام الإمامين محمد بن إبراهيم وابن باز؟!!
    فمن أقرب التصرفات والمواقف السلفية الصادقة :
    موقف العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز عندما عرضت عليه بعض مشاكل عبد الرحمن عبد الخالق، فما كان منه إلا أن أمر عبد الرحمن بالرجوع عنها وتكليفه بإعلان هذا التراجع في الصحف والمجلات الكويتية والسعودية .
    كان يقول له: قلت كذا وكذا، وهذا باطل، وقلت كذا وكذا، وهذا باطل .
    ومثله كان الإمام محمد بن إبراهيم يسجن ويفصل ويطرد، من هم أقل جناية من جنايات أبي الحسن على الأصول السلفية ؟ »[ " مجموعة الردود على أبي الحسن المأربي"، بواسطة: " مجموعة الكتب و الرسائل " (13/178 -179) ] .
    و قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله تعليقًا على ما طلبه منه عدنان عرعور من التحاكم عند العلام العثيمين رحمه الله فيما انتَقَدَه عليه من أخطاء و مؤاخذات: « أما ما يتعلق بالمطالبة بالمحاكمة عند ابن عثيمين، فقد طلب هذا منه وأرجف عليه إرجافاً شديداً، وتظاهر بأنه مظلوم.. وأنه ظلمه ربيع.. وو إلى آخره، فاتصل علي ابن العثيمين يعرض علي المحاكمة، فأقنعته بأن هذه الأمور لا يُحاكم فيها، فإن هذا دافع عن أهل البدع ووضع قواعد فاسدة بدعية، وفعل، وفعل، وفعل، ثم هل عندك استعداد أن تدرس كل ما دار بيني وبين عدنان في الكتب والأشرطة قال: لا، ما عندي استعداد، قلت:
    إذًا أولًا: يعني تعرف أنت أن أمثال هذا الرجل لا يُحاكم ولا يُستجاب لدعواه هذه؛ لأنه هو المبطل وهو الجاني على منهج السلف، وهو كذا وكذا وكذا، فأرى أنك تنصحه بأن يتوب إلى الله ويرجع، فاقتنع بـهذا ابن العثيمين. . » [ من رسالة " دفع بغي عدنان على علماء السنة و الإيمان"، بواسطة: " مجموعة الكتب و الرسائل " (11/175 -176) ] .
    فمثل هذه المسائل لا يُتحاكم فيها كما قرَّره العلامة ربيع المدخلي حفظه الله، فدعوى رفض التحاكم عند العلماء التي اتَّهم بها القوم مشايخنا لا محل لها من الإعراب في ميزان السلف و منهجهم .
    و لا ينقضي عجبنا من أُناسٍ أعرضوا عما هم مُلزمون به شرعًا، و رفضوا ما هو واجبٌ عليهم بمقتضى منهج السلف و أصوله، من تصديق أخبار العدول و الأخذ بها، و الرجوع عن الأخطاء و التوبة منها، زيادةً على رفضهم لمطالب إخوانهم التي تُعتبر مفتاح الصلح و الاجتماع، في وقتٍ تراهم يطالبون بمثل هذه المهازل، مع إنكارهم و تشنيعهم على من لم يُجاريهم فيها! فإنا لله و إنا إليه راجعون .
    فهلَّا اقتنع القوم بما أقنع به العلامة ربيع المدخلي العلامة العثيمين رحمهما الله؟!


    الشُّبهَةُ الرابعة
    اتِّهامُ السَّلفيِّين الثَّابِتينَ الوَاضِحِينَ بالطَّعنِ في العُلَماء
    و إنَّما يفري القومُ مثل هذه الفِرى: لعبًا على العواطف، و تجييشًا للمشاعر، استجلابًا للأنصار و المشجعين، و مُحاولة منهم لتشويه صورة أهل الحقِّ عند الناس تنفيرًا عنهم .
    و هذه حال كلِّ مُخالفٍ مفضوحٍ بمخالفاته، عاجزٍ عن دفع الحجج، فتراه يطبخ لأنصار الحق تُهمًا جاهزة يُلصقها بخصومه، معلومٌ موقف السلفيين و علمائهم من أهلها ابتداء، و ردةُ فعلهم تُجاه أصحابها عمومًا، قصد استعدائهم على إخوانهم من جهة، و استمالتهم و كسب مواقفهم من جهة أخرى.
    فترى القوم قد ألبسوا إخوانَهم ثوبَ الطاعن في العلماء! و تزيَّوا بلباس المُحامي عن العلماء، الذَّابِّ عن أعراضهم من هجمات خصومهم، تصويرًا منهم للوقائع بخلاف ما هي عليه، حتى يُخيَّل للناظر أنَّ الخلاف إنما هو بين طاعنٍ في العلماء و بين مُدافع عنهم، و أنَّ القوم ما افترقوا مع إخوانهم إلا مُنافحةً منهم عن أعراض العلماء التي نهشها خصومهم! و أنَّ هذا الطعن هو جوهر الخلاف، و محلُّ النزاع و منشأ الفرقة!.
    و قد ارتكز القوم في هذه الفرية على إخوانهم: على ثلاث عكَّازات:
    الأولى: ما أسموه بالطعن الصريح من بعض مشايخنا في بعض العلماء، و عمدتهم في ذلك: تلك الصوتيات المسربة خيانةً من بعض مجالس شيخنا لزهر حفظه الله .
    الثانية: الطعن في بطانة بعض كبار العلماء .
    الثالثة: عدم قبولِ جرحِ العلماءِ لبعضِ المشايخ، و رفضِ تزكيتهم للبعض الآخر .
    و قبل مناقشتهم في شبهاتهم و ما استندوا إليه في ذلك .
    أقول: إنَّ المرء ليقع في حيرة عظيمة، و تصيبه دهشةٌ كبيرة! يعجر لسانه فيها عن التَّعبير! عندما يرى بعض الناس يحاول عبثًا أن يُجرِّده من شيء صار مُتجذِّرًا في نفسه تجذُّر الفطرة التي فطر الله الناس عليها، شيءٌ؛ معدودٌ من مسلَّمات دين أهل السُّنة ، و معلومٌ من منهجهم بالضرورة!، إنه محبة علماء السنة و احترامهم و تبجيلهم و إعلاء شأنهم و الذَّب عنهم، و عدم التعرض لجنابهم و البراءة من الطَّعن فيهم، و هو الأمر الذي لا نبغي و لا مشايخنا، به بدلًا، و لا عنه حولًا، و لا نقبل فيه مساومةً و لا نرضى فيه بالدنيَّة، فليس لنا مثل السوء، و هذا ما لا يحتاج إلى دليلٍ! إذ هو أوضح من الشمس في رائعة النهار .
    وَلَيسَ يَصِحُّ في الأَذهَانِ شيءٌ *** إذا احتَاجَ النَّهارُ إلى دَليلِ
    ثم كيف تستقيم دعوى الدفاع عن العلماء و إعلان الحرب على من طعن فيهم، من أناسٍ طُعن في العلماء بحضرتهم بأشد أنواع الطعن فلم يحركوا ساكنا؟! .
    ألم يطعن عبد المالك رمضاني في العالمين الجليلين ربيع المدخلي و عبيد الجابري، بحضرة مشايخ الإصلاح في مجلس دار الفضيلة -الذي قبلوا فيه بشروطه المجحفة التي ليست شرعية و لا سلفية!-، بأشدِّ أنواع الطعن؟ و لم نرهم أعلنوا عليه الحرب دفاعًا عن العلماء كالتي أعلنوها على إخوانهم هذه الأيام بتهمة الطعن في العلماء! و لكنهم سكتوا عن الطَّاعن بل ستروه و تكتَّموا على طعوناته، و الله المستعان! و زادوا على ذلك خذلان الشيخ لزهر الذي صاح بالرمضاني و قام لله مُنافحًا عن هاذين العالمين غيرةً على العلماء، -كما هو دأبُه و دأبُ إخوانِه مع علماء السنة-، و ذلك لما كذَّبه الرمضاني و شنَّع عليه بذلك جماعة « الكل » و تحمَّل منهم ما تحمَّل في سبيل الدفاع عن العلماء، فعندها لم يتكلم جماعة الإصلاح بنصف كلمة نصرةً لأخيهم الشيخ لزهر، و كتموا شهادة الحقِّ و هو أحوج ما يكون إلى شهادتِهم و عونِهم له في نصرة العلماء على من طعن فيهم حقيقةً بأقبح الطعون! و إلى الله المشتكى .
    و أعود إلى عكازات الجماعة و أبدأ:
    بالعكازة الأولى: و هي ما وصفوه بالطعن الصريح من بعض مشايخنا في بعض العلماء، و عمدتهم في ذلك كما أسلفنا: صوتيَّة مُسرَّبة خيانةً من بعض مجالس شيخنا لزهر حفظه الله .
    و جاء في تلك الصوتية المُقطَّعة إلى مقاطع عدَّة!!- كلامٌ من شيخنا لزهر حفظه الله في بعض كبار المشايخ السلفيين؛ كلامٌ يرفضه منهجه، و لا هو بالذي عُرف به، و لا جُرِّب عليه مثلُه، فما جرَّبنا عليه طعنًا في العلماء، بل لا أبالغ إن قلتُ: ما عرفنا قدر العلماء إلا في مجالسه، سواء منهم، من اتُّهم بالطعن فيهم في تلك الصوتية، أو غيرهم، فقد كان حفظه الله همزة وصلٍ بين إخوانه و أبنائه و بين العلماء، و لا تسأل عن دفاعه عنهم في حلقاته و دروسه المسجدية، بل و من على منبر الجمعة و تسميته لهم بأسمائهم و هو ما لم نسمعه و لا مرة ممن يتهمونه بالطعن في العلماء، فو الله من الظلم البيِّن أن يُنسب الشيخ لزهر و هذه حاله المستفيضة و المعلومة عنه مع العلماء، إلى الطعن في العلماء!، لأجل كلامٍ صدر منه في حقِّ بعضهم في حالة حزنٍ عميقٍ على ما يفعله بعض المقربين من العلماء، و في حالة غضب شديدٍ من صنيع البعض الآخر، ثم يُرمى الشيخ جزافًا بالطعن في العلماء، كأن هذا هو ديدنه، و هذه سجيته!
    و ما أشبه هذا الصنيع بصنيع من رمى العلامة ربيع المدخلي حفظه الله بانتقاص هيئة كبار العلماء و الطعن في علمائها و احتقارهم استنادًا إلى قوله في سياق ردِّه على الحدادي فالح الحربي الذي جعل من المناصب معيارًا لمعرفة مراتب العلماء، و صولجانًا لمطاردة مشايخ السنة و إسقاط جرهم للمخالفين، حيث قال حفظه الله:
    « طيِّب-يا أخي- الشيخ النَّجمي بعض علماء هيئة كبار العلماء- مع احترامنا لهم وتقديرًا لمنزلتهم- من تلاميذ الشيخ النجمي، وفالح لمَّا ذكر النجمي وزيداً ومحمد هادي وغيرهم طعن فيهم وأخرجهم من زمرة العلماء؛ لأنَّهم ليسوا في هيئة كبار العلماء!!
    يا أخي بعض علماء الهيئة من تلاميذ النجمي، و بعضهم من تلاميذ تلاميذه! فليست العبرة بالمناصب، إنما العبرة بالعلم و الجهاد، النجمي جاهد أكثر من كثير من هبئة كبار العلماء، جاهد و ناضل، و ربيع و زيد بن محمد هادي جاهدا أكثر من كثير من هيئة كبار العلماء، بعض هيئة كبار العلماء يجيئون في طبقة تلاميذ ربيع و زيد ..
    وأنا اضطررت لهذا الكلام؛ لأنَّه يريد أن يجعل من مناصب هيئة كبار العلماء صَوْلجاناً لمطاردة علماء السنَّة الذين أدانوه بمخالفة منهج السلف، فأخرجهم بهذا الصولجان من زمرة العلماء..» [ "مجموع كتب ورسائل الشيخ ربيع " (9/440-441) ] .
    لقد أقام الحدادية الدنيا على الشيخ ربيع بسبب كلامه هذا متهمين إياه بالطعن في هيئة كبار العلماء و انتقاصهم و ازدرائهم؛ و احتقار جهودهم، و هضم مكانتهم، بجعلهم في مرتبة تلاميذ تلاميذ بعض المشايخ، مع أنه ذكر عذره في التكلم به، و أنه اضطرَّ إليه لأن فالحا يريد أن يجعل من مناصب هيئة كبار العلماء صَوْلجاناً لمطاردة علماء السنَّة الذين أدانوه بمخالفة منهج السلف، فقبل عذره السلفيون لأنهم يعلمون أصول الشيخ ربيع و محبته للعلماء و دفاعه عنهم .
    كما عذروه و قبلوا أعذاره حفظه الله فيما صدر منه من كلامٍ تُجاه العلامة الألباني و كذا العلامتين ابن باز و العباد..، لأنهم يعرفون إجلاله لهم، و لغيرهم من علماء السنة، و هم على يقينٍ من أنه ما قصد الطعن فيهم، و إن حاول المخالفون إلصاق تهمة الطعن فيهم إليه بكلِّ وسيلة .
    و كذلك فعلنا نحنُ في قضية شيخنا لزهر حفظه الله و ما اتُّهم به من الطعن في العلماء، غير مغيِّرين للمكاييل، و لا مبدِّلين للموازين، و لا مُتناقضين في التعامل و المعاملة .
    فما بال قومنا قد اتخذوا من كلام شيخنا لزهر حفظه الله الذي صدر منه في حقِّ بعض العلماء الذين يُجلُّهم و يُقدِّرهم، من غير قصدٍ منه للطعن فيهم، و في سياقٍ مُعيَّنٍ دفعته إليه أحوالٌ مُعيَّنة، مطيةً للنَّيل منه حتى جعل بعضهم ذلك منهجًا له نسبُوه إليه، نعوذ بالله من الظلم و العدوان .
    و هذا الشيخ عبد الله بن عبد الرحيم البخاري صدر منه كلامٌ وُصف بالخطير جدًّا-في حقِّ العلامة مُقبل الوادعي رحمه الله و طلبتِه، وصف فيه العلامة الوادعي بأنه صاحب فكرٍ خارجيٍّ و أنه لا يعدو أن يكون رجلًا صالحًا تاب قبل موته بشهرين! كما في صوتية له منشورة قال فيها: « إيش دماج هذه؟ كل من جاءها أو مرة عليها صار سنيا؟ في عهد مقبل ما كانت كذلك، تكون في عهد هذا(يقصد الحجوري) كذلك، نحن كنا إذا جاء رجل في أيام الشيخ مقبل من دماج نوعًا ما لا نسيئ الظن فيه، لأننا نعرف موقف الشيخ رحمه الله سابقًا من بلد التوحيد و السنة و بلادنا هذه، صحيح؟ و مواقفه تلك التي ما كانت تسُرُّ سُنِّيًّا، و ما كان يُوافقه عليها أحد من العلماء..، سبُّه و شتمه على بلد التوحيد و للملك فهد رحمه الله و غيرهم، رجلٌ صالح تاب قبل أن يموت بشهرين، و لذلك ما كان كلُّ من جاءنا من دماج على أنه سني، نظنُّ أن الناس هكذا أفكارها متأثرة بشيخها أنهم خوارج في هذا الفكر »انتهى .
    ثم أوضح الشيخ البخاري قصده من كلامه هذا، و بين بأنه ممن يعرف للعلامة الوادعي فضله و أنه ممن يذكره في دروسه و يثني عليه! .
    و هكذا صدر من العلامة ربيع المدخلي حفظه الله كلامٌ تُجاه بعض الصحابة رضي الله عنهم، طار به الحزبيون و شنعوا به عليه أيَّما تشنيع، لكن أهل السنة يعرفون موقف الشيخ ربيع من الصحابة، و محبته لهم و دفاعه عنهم، و أن ما صدر منه كان بغير قصد منه حفظه الله، و إنما زلة لسان، كما صرَّح الشيخ ربيع بذلك في رسالته " الكر على الخيانة و المكر " فقال:« فيعلم الله مني وأشهده وكفى به شهيداً أنني أحب أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلّم- جميعاً وأعظمهم جميعاً وأذب عنهم جميعاً طول حياتي باطناً وظاهراً، وأفديهم بنفسي وأولادي بل بالأمة جميعاً إن كان ذلك بيدي، وأشهد الله أنه ما كان ولا يكون مثلهم.
    وأعادي من يعاديهم وأوالي من يواليهم وأبغض من يبغضهم أو أحداً منهم، والعبارات التي قلتها في خالد وسمرة خلال فتنة هوجاء أدافعها وأدفعها عن الشباب.
    فأقول في خالد: أنه الصحابي الجليل وأنه سيف من سيوف الله سلّه الله على المشركين والمرتدين والمنافقين القائد المظفر قامع الردة وصاحب الفتوحات العظمى وهادم عروش الأكاسرة والقياصرة وأفديه بنفسي ومالي وأحبه وأستميت في الذب عنه وأعادي وأوالي من أجله.
    وسمرة بن جندب أقول فيه: أنه صحابي جليل وعظيم في عيني وأحبه وأوالي وأعادي من أجله.
    وما صدر مني من عبارات في حقّهما فإنه من سبق اللسان قطعاً مثل قولي في خالد -رضي الله عنه-:« يلخبط »، أستغفر الله وأتوب إلى الله منه، وما قلته في حق سمرة خلال استنباطي من قول عمر -رضي الله عنه-: « قاتل الله سمرة »: يعني أن سمرة حصلت عنده حيلة تشبه حيلة اليهود، فهذه العبارة مني سيئة، أستغفر الله وأتوب إليه منها، وأحذر الناس منها ومن أمثالها.. .
    وإني لآسف أشد الأسف أن الذي بحث عنها وفرح بها وأخرجها للناس لم يفعل ذلك غيرة على دين الله ولا محبة و إجلالاً لأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- وإنما حمية جاهلية لأناس تافهين لا يساوون غبار نعل صحابي من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلّم- »انتهى .
    و و الله إننا لنخشى أيضًا أن من سرَّب و نشر و أذاع تلك الصوتية عن شيخنا لزهر حفظه الله أنه ما فعل ذلك دفاعًا عن العلماء كما يتظاهر بذلك! و لا ذبًّا عن أعراضهم كما يزعم، و يزعمون! و لكن دفاعًا عن أُناس ثبتت مؤاخذاتهم، و حميَّةً لقوم عُرف حالُهم، و تشغيبًا منه لصرف الناس عن محلِّ النزاع .
    و على منهج هؤلاء يكون العلامة ربيع المدخلي طاعنًا في هيئة كبار العلماء، و في علمائنا الألباني و ابن باز و العباد، بل و في الصحابة! فإن قالوا بقول السلفيين في الاعتذار للشيخ ربيع و قبول أعذاره، -و هو ما ندين الله به- لزِمهم مثل ذلك في حقِّ شيخنا لزهر و إلا كانوا في غاية التناقض، الذي هو أدلُّ شيء على الباطل، إضافة إلى معرفتنا حينذاك بفساد موازينهم و اختلالها، الأمر الذي يجعلنا لا نرفع بها رأسًا و لا نعبأ بها بعد اليوم أبدًا.
    فإن قالوا: بأن الشيخ ربيعًا قد أعلن تراجعه عن ما قاله في حقِّ بعض الصحابة، و استغفر الله منه، و لم يكتف بمجرَّد تقديم الاعتذارات!، قلنا:
    و كذلك فعل الشيخ لزهر! فقد اعتذر لنفسه مما صدر منه من كلامٍ في حق بعض العلماء و أنه ما قصد الطعن فيهم، و بيَّن بأن منهجه يأبى عليه ذلك، و أن سيرته شاهدةٌ عليه بمحبتهم و إجلالهم و الذَّبِّ عنهم، و البراءة من الطعن فيهم، كما أعلن تراجعه و توبته مما قاله في حقِّ بعضهم، - على التسليم بأنه طعن فيهم خاصة- و أوضح ما يحتاج من ذلك إلى توضيح، و قد نشَر ذلك على العام، و سمع به القاصي و الداني، حتى بلغ تراجُعُه ما لم يبلغه كلامُه! و هذا الذي عهدناه منه حفظه الله، وجزاه خيرًا .
    و قد فعل بذلك ما يجب عليه شرعًا، و ما يكفي لتبرئة ذمَّته، إذ لا أدلَّ على صدق التراجع و التوبة من البيان، و في الحديث : « التَّائِبُ مِنَ الذَّنبِ كَمَن لَا ذَنبَ لَه » [ " صحيح الجامع"(3008)]، أي: كمن لم يُذنب أصلًا، فيُرفع عنه اللوم، و لا يجوز أن يُعيَّر به ، و يسلم من تبعات خطئه .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في " مجموع الفتاوى"(8/179):« و التائب من الذنب كمن لا ذنب له و لا يجور لوم التائب باتفاق الناس »انتهى .
    و قال رحمه الله كما في " شرح العمدة " (4/39): « التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، وإذا زال الذنب زالت عقوباته وموجباته »انتهى .
    و منها التعيير به، و لوم صاحبه و التشنيع به عليه .
    هذا؛ مع أنَّ الكلام الذي تاب منه شيخنا لزهر حفظه الله و سدَّده و أعلن تراجُعه عنه لم يكن منه على سبيل الجهر و الإعلان! و لم يكن الشيخُ قد أعلن به أو أشاعه في الناس و نشره! و إنما كان على سبيل التذاكر و المذاكرة لما هو حاصلٌ في الساحة الدعوية، و في مجلسٍ خاصٍّ مع بعض من كان يُحسن بهم الظن من مُقرَّبيه! فخان بعضهم أمانة المجلس! و خيَّب ظنَّ الشيخ فيه!، و غدر به و أفشى كلامه و نشره!
    كما جاء ذلك مُوضَّحًا من كلام الشيخ نفسه، و قد تذرَّع و اعتذر المدعو محمد مرابط بمثل ما اعتذر به الشيخ هنا لنفسه يوم أن أخرج بعضهم شيئًا مما كان يتكاتم به مع من هم على شاكلته في مجموعته المغلقة التي كان يشرف عليها و المسماة "بروضة المحبين "، و يوم أن أخرج بعضهم كلامًا لمرابط في الطعن في ريحانة الجزائر العلامة محمد علي فركوس حفظه الله من هاتفه بنفس الطريقة التي استُخرج بها كلام الشيخ لزهر مع الشيخ محمد بن هادي حفظهما الله، فقال على لسان صاحبه خالد حمودة مجيبًا على إنكار الشيخ عبد المجيد عليه: « قد كلمت أبا معاذ، وأخبرني أنه كلام خاص في مجموعة مغلقة، وقد أساء بعضهم فهمه، وخان أمانة المجموعة مَن نقله إليكم » .
    كما اعتذر حمودة لصاحبه مرابط في طعنه الصريح القبيح في شيخنا العلامة محمد علي فركوس الذي استُخرج من جواله بنفس العذر قائلًا: « الكلام الذي نُشر لأخي محمد مرابط في الشيخ فركوس حفظه الله خطأ واضح، عليه أن يتداركه ، مع اعتقادي أنه لا يتكلم بمثله علنًا!! و إنما اعتدى من اعتدى على خصوصيته فنشر كلامه! » .
    و بمثل ما اعتذر به مرابط لنفسه و حمودة لصاحبه نعتذر لشيخنا لزهر حفظه الله، فنقول: الكلام الذي نُشر لشيخنا لزهر في بعض المشايخ قد اعترف شيخنا بأنه أخطأ فيه، و قد أعلن توبته منه و رجوعه عنه، مع اعتقادنا أنه لا يتكلم بمثله علنًا!! (و لا قصدًا) و إنما اعتدى من اعتدى على خصوصيته فنشر كلامه، و خانه من قرَّبه و أحسن به الظن فغدر به و أذاع كلامه الذي كان في مجلسٍ خاص! .
    وكنتم قد رأيتم هذا يومئذٍ عذرًا صحيحًا مقبولًا رفعتم به اللوم عن صاحبكم، و حاججتم به خصومكم، و ضربتم به في وجوهِهِم، و في وجه كلِّ من عابه به و لامه عليه، فيلزمكم الآن قبول نفس العذر من شيخنا لزهر و رفع اللوم عنه، و كفِّ الألسنة عنه مما تاب منه من جهة و هذا وحده يكفي لذلك- ، و مما أُخرج من كلامه اعتداءً على خصوصيته و لم يرد له النشر و الإعلان من جهة أخرى، و نعيذكم بالله من التناقض و الكيل بمكيالين! فإنهما من أدلِّ الدلائل على الباطل و على اتِّباع الهوى .
    ثم إذا تأملنا في الحادثتين نجد بأن شيخنا لزهر حفظه الله قد اعترف بأن ما صدر منه في حقِّ بعض المشايخ خطأ، و تاب منه و تراجع، بعد أن بيَّن عذره، و مقصوده، أما هؤلاء فقد اعتبروا الباطل الذي أُخرج من مجموعاتهم و الطعونات التي استُخرجت من خصوصياتهم: من العلم الذي يجوز كتمانه للمصلحة!! و من العلم الذي يجوز في الشرع تخصيص بعض الناس به دون آخرين! إصرارًا منهم على أخطائهم، و لجوجًا في الغواية، و إمعانًا في الباطل، فهذا خالد حمودة يقول في جوابه لشيخنا عبد المجيد :« لأنَّ من العلم المستفيض الذي لا يخفى على مَنْ هو دونك بمراحل أنَّ من العلم ما لا يجوز أن يُحَدَّث به عامَّة الناس، وقد بوَّب البخاري رحمه الله على ذلك: «باب من خصَّ بالعلم قومًا دون آخرين كراهية أن لا يفهموا»! فبعضُ الكلام وإن كان الرجلُ يعتقد أنه حق فإنه إن خشي مفسدة من إذاعته في عامَّة الناس لم يكن له أن يفعل..».

    كما قال صاحبه مرابط في مقاله " التوضيحات لما انتقده الشيخ جمعة من المنشورات" :« غفر الله لي و لشيخنا جمعة كيف اعتبر الكلام الخاص دعوة صوفية إخوانية و قد علم من دين الله أن ما يُقال لخاصة الناس لا يُقال لعامتهم، و أن من المسائل ما لا تطرح إلا على خاصة الخاصة، و من أصول هذا الباب ما أورده الإمام البخاري رحمه الله في كتاب العلم من صحيحه تحت باب " باب من خصَّ بالعلم قومًا دون آخرين كراهية أن لا يفهموا " ثم أورد تحته أثر علي رضي الله عنه: « حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يُكذب الله و رسوله»، و كذلك قول ابن مسعود رضي الله عنه كما في " مقدمة مسلم":« ما أنت محدثا قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة »، و الله المستعان و عليه التُّكلان .

    العكَّازَةُ الثَّانِيَة: الطَّعنُ في بِطَانَةِ بَعضِ كِبَارِ العُلَماء
    و قد حاول القوم تثبيت فرية الطعن في العلماء ضد خصومهم بما سمعوه منهم من طعنٍ في بطانة بعض العلماء، فجعلوا ذلك لازمًا للطعن في العالم، و عائدًا بالطعن على العالم، حتى بلغ ببعضهم الأمرُ إلى أن قعَّدوا قاعدةً مفادها: «أن الطعن في بطانة العالم طعنٌ في العالم »، علمًا بأنَّ الذين طعنوا في بطانة بعض العلماء إنما فعلوا ذلك لما رأوه منهم و علموه عنهم من أمورٍ مُنكرة: من تلبيسٍ و تدليسٍ و قلبٍ للحقائق، و تزييفٍ للمعلومات ، و إيغارٍ لصدور العلماء بعضهم على بعض بالتحريش و إثارة الفتن، و استغلال قربهم من العلماء لتصفية الحسابات مع خصومهم، و غير ذلك من المؤاخذات .
    و سأجعل جوابي عن هذه الشبهة من وجهين .
    الوجه الأول: هل يمكن أن يكون للعالم بطانة سوء؟ و ذلك أننا نرى عقول البعض لم تستوعب هذا الأمر، و استغربوه جدَّا، و أنكروه أيَّما إنكار! كما شنَّعوا على من قال به و أثبته .
    و الحقيقة أن العالم مهما بلغ في العلم و مهما علت منزلته، فإنه لا يسلمُ من بطانة السُّوء، فليس هو بأفضل من الأنبياء و الرسل عليهم الصلاة و السلام، و قد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري في صحيحه (7198) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: « مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ وَلاَ اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ،
    إِلاَّ كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ، بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، فَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ تَعَالَى ».
    و عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنه، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ:« مَا بُعِثَ مِنْ نَبِيٍّ وَلاَ كَانَ بَعْدَهُ مِنْ خَلِيفَةٍ ، إِلاَّ وَلَهُ بِطَانَتَانِ ، بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ ، وَتَنْهَاهُ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَبِطَانَةٌ لاَ تَأْلُوهُ خَبَالاً ، فَمَنْ وُقِيَ بِطَانَةَ السُّوءِ فَقَدْ وُقِي »[ " السلسلة الصحيحة "(1641) ].
    فهذه الأحاديث نصٌّ في أن الأنبياء لا يخلو واحد منهم من بطانة السوء، فكيف بمن هو دونهم من العلماء و غيرهم، و الواقع أكبر شاهدٍ كما يُقال .
    و تأكيدًا لذلك، فهذا العلامة ربيع المدخلي حفظه الله يقول في " نصيحته لأهل اليمن" : « و قد اتصل علي الشيخ مقبل مرة، قال: بلغني أنك تقول في حلقاتنا حزبيون؟ فقلت: أنا ما أذكر أني قلت هذا، لكن أقول لك: نعم، أُؤكد لك هذا، فإن أهل الفتن يجعلون بطانة لكل شخصية مهمة، فجعلوا للشيخ الألباني بطانة، وللشيخ بن باز بطانة، والرجال الأمراء بطانة، وكل عالم جعلوا له بطانة ليتوصلوا إلى أهدافهم من خلال هذه البطانات، فلا نأمن الدَّس، يا إخوة أن يكون هناك ولو اثنين، ثلاث في كل جبهة، اثنين، ثلاثة من أهل الفتن مدسوسين »انتهى .
    فأهل الفتن بشهادة العلامة ربيع المدخلي حفظه الله، قد جعلوا بطانة سيِّئة لكلِّ عالِم و لكلِّ شخصية مهمة، و قد بيَّنت الأحاديث السابقة شُغل هذه البطانة و مهمتها، و ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم:« وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ »، و قوله:« وَبِطَانَةٌ لاَ تَأْلُوهُ خَبَالاً »، فإذا عُلم هذا، فلا يبقى مجالٌ لأن يُنكِر مُنكرٌ أن يكون لعالمٍ من العلماء مهما علت منزلته بطانةَ سوءٍ تأمره بالشر و تحثه عليه، و تقلب عنده الحقائق، إلى غير ذلك من مهماتها القذرة .
    الوجه الثاني: ثم إذا سلمنا بأنَّ العالمَ لا يسلمُ من بطانة السوء، و أن أهل الفتن قد جعلوا بطانة سيِّئة لكلِّ عالِم و لكلِّ شخصية مهمة كما قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله، فهل يُمكن لهذه البطانة أن تؤثِّر في العالم، و في مواقفِه؟ و هذا مربطُ الفرسِ و بيتُ القصيدِ كما يُقال!
    و الجواب: نعم! و هذا ما أثبته العلماء، و أكَّدوه، فهذا العلامة محمد أمان الجامي رحمه الله، يقول:« و هذه نقطة مهمة ينبغي أن ينتبه لها العاقل، الإنسان مهما يكون عالمًا و عاقلًا و لبيبًا، البطانة تؤثر فيه لأنه يثق في البطانة، يجعل فيهم الثقة، فتؤثر » [ من " شرح قرة عيون الموحدين" نقلًا عن مقال في شبكة سحاب بعنوان " تنبيه مهمٌّ جدًّا من الشيخ العلامة محمد أمان الجامي بخصوص تأثير البطانة حتى على العلماء" ] .
    وهذا العلامة عبيد الجابري حفظه الله، يُبيِّن بأن العالم قد يخفى عليه حال بعض أهل الأهواء فلا يتوصل إلى معرفة حقيقتهم، و لا يتخذ منهم الموقف الصحيح الذي ينبغي أن يتَّخذه منهم بسبب بطانة السوء التي تحول بينه و بين إدراك ذلك، إما بحجبها للحقائق عنه، أو بإظهار المخالف على غير ما هو عليه من الانحراف، أو غير ذلك، فقال حفظه الله: « فإن كثيرا من أهل الأهـواء يخفى أمرهم على جمهرة أهل العلم، ولا يتمكنون من كشف عوارهم، وهتك أستارهم؛ لأسباب منها :
    البـطانة السَّــيِّئة : التي تحول بين هذا العـالم الجليل السني القـوي، وبين وصول ما يُهتك به سـتر ذلك اللعَّاب الماكر الغشاش الدساس - البـطـانة الســيئة - حال لا يمكن أن يصل إليه شيء، حتى أنها تحـول بينه، وبين إخوانه الذين يحبهم في الله، فلا يستطيع أن يقرأ كل شيء » [ شريط مُفرَّغ بعنوان " فقه التعامل مع أهل السنة و أهل الباطل "] .
    و لما نقلَ عدنان عرعور ثناء العلامة ابن باز على جماعة التبليغ! بيَّن العلامة ربيع المدخلي حفظه الله بأنَّ ذلك من مكر أهل البدع الذين جنَّدوا بطانةً تخدمهم عند العلامة ابن باز رحمه الله حتى أحسن الظن بهم، و فيه إثباتٌ لتأثير البطانة على العالم ولو كان في مرتبة شيخ الإسلام ابن باز رحمه الله، قال الشيخ ربيع:« إن الشيخ ابن باز سلفي وإمام في السلفية وموقفه من البدع وأهلها موقف سلفي وموقفه من تفرق الأمة وتحزبها سلفي.
    فإن حصل منه لين موقف من جماعة التبليغ؛ فإن لذلك أسبابه من ذلك: ما أشار إليه الشيخ حفظه اللـه بقوله : « والناس فيهم بين قادح ومادح » .
    ومعروف مكر أهل البدع ومنهم جماعة التبليغ فقد جندوا من يخدمهم عند الشيخ ابن باز، ممن يلبس لباس السلفية فيطنب في مدحهم ويسهل لجماعاتهم ووفودهم الدخول على الشيخ ابن باز، فتتظاهر هذه الجماعات والوفود من مشارق الأرض ومغاربها بالسلفية فيصورون له أعمالهم في صورة أعمال سلفية عظيمة، ويبالغون فيها وينفخون فيها بكل ما أوتوا من خيالات كاذبة.. ، ولا عتب على الشيخ إذا تعاطف معهم بعض تعاطفٍ بسبب ما قدموه له على الوجه الذي شرحناه، فهذا رسول اللـه صلى الله عليه وسلم، يقول: « إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِي لَهُ عَلَى نَحْوَ مَا أَسْمَعُ ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ بِشَيْءٍ فَلا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ » .
    وفي لفظ:« فَأَقْضِىَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ» [متفق عليه ] .
    فإذا كان هذا حال رسول اله صلى الله عليه وسلم، فكيف بغيره ؟! »[ " مجموع كتب و رسائل الشيخ ربيع "(10/319)] .

    فإذا تقرَّر ما ذُكر، من أن العالِم قد تُؤثِّر فيه البطانة، فيتصور الأمور على غير حقيقتها، و يتخذ المواقف الخاطئة بسبب ذلك، فكذلك العالمُ قد ينخدع ببعض المخالفين، فيُحسن الظن بهم و قد يزكيهم، أو يُدافع عنهم، لما يُظهرونه له و يتظاهرون به أمامه من اتِّباع السنة و منهج السلف، و البراءة من البدع و الأهواء، و هم في حقيقة الأمر على خلاف ذلك، قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله: « قد يزكي الرجل - وهو فاضل - بناء على الظاهر ولا يعرف حقيقة ما عليه القوم، فيأتي إنسان يدرس كتبهم ويدرس واقعهم فيجد أنَّ هذا الذي زكَّاهم قد وقع في خطأ من حيث لا يدري، فزكاهم بناء على هذا الظاهر، فهذا شيء حصل للأئمّة الكبار.
    فكم من إنسان زكَّاه الإمام أحمد فقال تلاميذه الذين لا يصلون إلى شيء من فضله: عرفوا ما عند هؤلاء وما فيهم من قدح وما فيهم من جرح فأسقطوهم؛ وإن كان قد زكاهم أحمد رحمه الله؟
    وزكَّى الشافعي أناساً وجرحهم آخرون؛ وقدَّم جرح هؤلاء المفسر القائم على معرفة الحقيقة على أقوال الأئمة الذين زكوا بناء على ما ظهر لهم؟
    لأنه قد يأتي إنسان يعني عنده طلب علم يتظاهر بالدين والنسك والأخلاق الطيبة ويلازمك أيام: فتبنيه على الظاهر.
    أنا والله زكَّيتُ أناساً في هذا العام، والله لازموني، وما شاء الله تنسَّك، وكذا، وكذا، وكذا، ثم ظهر لي جرحهم، أنا إذا صلَّى معي وزكى وكذا وذكر الله وسافر معي وإلى آخره؛ أشهد بناء على ما رأيتُ، لا أزكي على الله أحداً، لكن يأتي إنسان آخر عرفه أكثر مني، كشف عنه أخطاء، وكشف عنده أشياء تقدح في عدالته، فيجرح، فيجرحه بعلم ويبرهن على جرحه بالأدلة ويفسِّر جرحه، فيُقدَّم جرحه على تعديلي، وأنا أستسلم صراحة، قَدَّم الأدلة على جرح هذا الإنسان أقول: خلاص الحق معك »[ من شريط " أسباب الانحراف وتوجيهات منهجية "].
    و على هذا؛ فمن عَلمَ من حال المخالفينَ مَا خفِي على ذلك العالم الذي زكاهم فلا يجوز له بحالٍ أن يأخذ بقول ذلك العالم فيهم، و يترك ما عنده من علم و حجة، لأن الله تعالى إنما تعبَّدنا بالحقِّ و الدليل لا بأقوال الرجال، و لا يُعدُّ ذلك طعنًا في العالم و لا انتقاصًا من منزلته إلا على منهج المتعصِّبة و المقلِّدة .
    قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله، عن ثناء العلامة ابن باز رحمه الله على جماعة التبليغ الذي حصل منه في أول الأمر للأسباب آنفة الذكر: « فإذا كان الشيخ ابن باز قد قضى في جماعة التبليغ على نحو مما يسمع وصدق من زكاهم بناء على ظاهر حالهم فيعذر ، ولكن من خالطهم وعرف حقيقتهم عن كثب أو درس مؤلفات شيوخهم فعرف ما فيها من ضلالاتهم لا يجوز له السكوت عنهم بل عليه أن يُحذِّر منهم كما حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أهل البدع وحذر منهم السلف الصالح .
    و ميزة أهل المنهج السلفي
    4 ـ أن أهل المنهج السلفي يمتازون ومنهم الشيخ ابن باز بالقولة الذهبية: « كل يؤخذ من قوله ويرد » .
    فإذا كان ابن باز قد خاض معركة ضارية ـ وحاشاه ـ ضد خصوم جماعة التبليغ فلا يجوز لأي سلفي عرف حقيقتهم أن يخوض هذه المعركة محامياً عن أهل البدع مخاصماً أهل السنة ، بل يجب عليهم رد رأي الشيخ، والسَّير على سنة رسول اللـه ومنهج السلف ألا وهو التحذير من أهل البدع، وهذا أمر مجمع عليه كما حكاه ابن تيمية وغيره لا يخالفه الشيخ ابن باز أبداً، ولا يلزم أحداً بمخالفته ولا طاعة المخلوق في معصية الخالق..»[ " مجموع كتب و رسائل الشيخ ربيع " (10/319-320] .
    العكَّازَةُ الثَّالثَة:
    عَدَمُ قَبُولِ جَرحِ العُلَماءِ لبَعضِ المشَايِخ، وَ رَفضِ تَزكِيَتِهِم للبَعضِ الآخَر .
    و هذه إحدى عكازات القوم التي ارتكزوا عليها في اتِّهام خصومهم بالطعن في العلماء، و هي فريةٌ فيها تهويل مقصود، و إلا فإنَّ مِن المسلَّمات الواضحات و القواعد البيِّنات في المنهج السلفي: أن أقوال العلماء يُحتج لها و لا يُحتج بها، و أن كلَّ أحدٍ مهما بلغ في العلم يُؤخذ من قوله و يُرد، و أن الحجة في دليل العالم لا في قوله المجرد، و أن قول العالم ليس بحجة على العالم الآخر، و أن أقوال العلماء يُحتجُّ لها و لا يُحتجُّ بها .
    إذا عُلم هذا؛ فمن ردَّ جرحَ عالم من العلماء لبعض الناس، أو تعديله لآخرين لكونه رآى الحجة في قول غيره، و لكونه رأى الدليل في خلاف قوله، فاتَّبع الدليل و أخذ بالحجة فإنه لا يُعدُّ بذلك طاعنًا في ذلك العالم، و لا مُنتقصًا من قدره، و لا هاضمًا لمنزلته، إذا عرفَ له قدره و حفظ له كرامته، و هذه أمورٌ بديهية! الجدال فيها سفسطة، و تخريب لقواعد الإسلام، و هدم لأصول المنهج السلفي .
    و هؤلاء علماؤنا على هذا يسيرون، و نحن على دربهم ماضون و منهم مستفيدون.
    و قد مرَّ معنا قول الشيخ ربيع:« فإذا كان ابن باز قد خاض معركة ضارية ـ وحاشاه ـ ضد خصوم جماعة التبليغ فلا يجوز لأي سلفي عرف حقيقتهم أن يخوض هذه المعركة محامياً عن أهل البدع مخاصماً أهل السنة ، بل يجب عليهم رد رأي الشيخ، والسَّير على سنة رسول اللـه ومنهج السلف ألا وهو التحذير من أهل البدع » .
    كما مرَّ معنا قوله حفظه الله:« فكم من إنسان زكَّاه الإمام أحمد، فقال تلاميذه الذين لا يصلون إلى شيء من فضله: عرفوا ما عند هؤلاء وما فيهم من قدح وما فيهم من جرح فأسقطوهم؛ وإن كان قد زكاهم أحمد رحمه الله؟ و زكَّى الشافعي أناساً وجرحهم آخرون؛ وقدم جرح هؤلاء المفسر القائم على معرفة الحقيقة على أقوال الأئمة الذين زكوا بناء على ما ظهر لهم » .
    و هؤلاء أئمة الدنيا في زمنهم العلامة الألباني و العلامة ابن باز و العلامة ابن عثيمين، كانوا قد أحسنوا الظن بسلمان و سفر في أول الأمر فصدر منهم شيء من الثناء عليهم الذي تعارض مع جرح الشيخ ربيع و الشيخ عبيد و بعض المشايخ فقُدِّم جرحُ من جَرحَهم، و إن كان أنزل رتبة ممن زكاهم، لأن الحجة معه، و العبرة بالدليل .
    قال العلامة عبيد الجابري حفظه الله: « من جرح أبا الحسن أو غيره بدليل و أقام الدليل على جرحه، فالواجب علينا التسليم له و إلا كنَّا أصحاب أهواء، و ذلك العالم الذي لم يقف على ما وقف عليه الجارحون هذا لا يضرُّه، و لكن نحن لا نُتابع ذلك العالم ، -و أنا أتكلم بصفة عامة-، لا نُتابع دلك العالم الذي جهِل حال المجروح، و الأمثلة كثيرة جدَّا، فمن أمثلة القدامى، كان الشافعيُّ رحمه الله يُوثق إبراهيم بن محمد بن أبي يحي و يُزكيه، و لكنَّ العلماءَ من قبل الشافعي و من بعده وقفوا على جرحٍ للرجل و أنه ليس بثقة كما يقولُ الشافعي، فتوثيق الشافعي لإبراهيم ابن أبي يحي هذا لم ينفعه و لم يضر الشافعي، أهلُ العلمِ المحقِّقون على جرح الجارحين .
    و خذ مثالًا آخر من الأمثلة المعاصرة، فنحن و غيرنا نردُّ على سفر و سلمان و غيرهما من أساطين فقه الواقع، و ننقُد أقوالهم، و نكشف عوارها، و نبيِّن انحرافها بالدليل، و سماحة الوالد الإمام الأثري العلامة الفقيه المجتهد الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، و سماحة الإمام العلامة الفقيه المحقق المدقق المجتهد الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله و غيره من مشايخنا هيئة كبار العلماء لم يتكلموا بشيء .
    بعد نحو أربع سنوات أو خمس سنوات أو ما يُقارب هذا صدر قرار من هيئة كبار العلماء بإدانة القوم..، لأنهم وقفوا على أخطائهم و تجاوزاتهم .
    و مثال آخر خذه أيضًا: الإمام محدث العصر الشيخ الألباني رحمه الله كان يُثني على سفر و على سلمان، و غيرهما و يزكيهما هما و غيرهما، لكن بعد حوالي ست سنوات أو سبع سنوات تبيَّن له ما كان خافيًا عليه من قبل، فقال قبل موته -أظن بسنة - يظهر أنا نحن تعجلنا و أن أهل المدينة هم أعرف بالقوم »[ من صوتية منشورة في النِّت بعنوان " بيان الشيخ عبيد الجابري في كتاب رفقا أهل السنة بأهل السنة للشيخ عبد المحسن العباد "].
    كما قال العلامة الألباني رحمه الله: و العصمة لله وحده!
    فالعالم ليس معصومًا، لا في جرحه و لا في تعديله، و لا في اجتهاداته، و إذا كان الأمر كذلك فلا يُقبل قوله إلا بدليل، و لا يُؤخذ من قوله إلا ما دلَّ عليه الدَّليل، و هذه أمورٌ لا يُجادل فيها إلا من نشأ ببادية بعيدة، أو كان حديث عهدٍ بالسلفية، فيُعلَّم! و يُربَّى التربية السلفية السليمة، و أنا أعلم أن مشكلة كثير من الناس و الأدعياء ليست في الجهل بهذه الأصول و القواعد، و لكن في تطبيقها و العمل بها سيما في مثل هذه الحالات، التي يكون فيها الإنسان بين مطرقة الرجال و سندان القواعد العلمية- إن صحَّ التعبير-، فكم هي الدعاوى و الادعاءات التي تلاشت و اضمحلت و ظهر زيفُها و كذب أصحابها عند المحك! قال تعالى: {الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}[ العنكبوت:1-2] .
    و مما يدل على عدم عصمة العالم في أحكامه أنه عُرضةٌ لتأثير بطانة السوء، كما مرَّ معنا، و في مثل ذلك يقول العلامة عبيد الجابري حفظه الله: « والعالم من أهل السُّنَّة، السَّلفيِّ، بَشَرٌ يذهل، ينسى ، يكون عُرضة للتَّلبيس من بطانةٍ سيِّئةٍ، أو كان قد وَثِقَ بذلك الرَّجل المجروح فلَبَّسَ عليه، والشَّواهد على هذا كثيرةٌ...» [ " الحدُّ الفاصل بين معاملة أهل السُّنَّة وأهل البَّاطل "] .
    نعم؛ كذلك قد يثق العالم برجلٍ ضعيف مجروح ليس بثقة فيبني جرحه أو تعديله على خبره و نقله، فلا يكون قوله مُعتبرًا، و هو الذي عليه جماعة أهل الحديث .
    قال الحافظ ابن حجر في " هدي الساري " (2/1109-1110) في ترجمة عبد الرحمن بن شُريح: « عبد الرحمن بن شريح بن عبد الله بن محمود المعافري أبو شريح الإسكندراني، وثقه أحمد و ابن معين و النسائي وأبو حاتم والعجلي ويعقوب بن سفيان، وشذَّ بن سعد فقال: منكر الحديث، قلت(الحافظ): و لم يلتفت أحدٌ إلى بن سعد في هذا فإن مادته من الواقدي في الغالب، والواقدي ليس بمعتمد »انتهى .
    و قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله:« و ذُكر عن الشيخ الألباني - رحمه الله- أنه قال: « ليس صواباً أن يقال: إن الإخوان المسلمين هم من أهل السنة ، لأنهم يحاربون السنة " (البيان ص70-73)، وهذا الكلام شاع وذاع عن الشيخ الألباني فأزعج ذلك أبا الحسن فركض إلى الشام شادًّا رحاله إلى الشيخ الألباني لأغراض سيِّئة، من ضمنها: تغييرُ حكمه هذا على الإخوان المسلمين، وتغيير رأيه في أخبار الآحاد ، وتغيير رأيه في منهج الموازنات، فحصل بأساليبه الماكرة على بعض ما يريد لا كله من الشيخ الألباني، فعل هذا أبو الحسن خدمة لأهل البدع والضلال وعلى رأسهم الإخوان المسلمون »[ " مجموع كتب و رسائل الشيخ ربيع"(13/328-329 حاشية)] .
    و قال الشيخ ربيع حفظه الله ، بعد سرده لجملة من أخطاء سيد قطب التي أثارت حفيظة عدنان عرعور: «فماذا صنع عدنان؟
    لقد جمع كيده ثم أتى إلى نص مجمل وقاعدة من قواعد تكفيره، التي قد تخفى على من لم يدرس منهج سيِّد قطب وأقواله التكفيرية الواضحة، فعرض عدنان هذا النص المجمل على الشيخ الألباني..»، إلى أن قال: « لا أذكر الآن ما لذي قرأه عدنان عرعور من هذه النصوص على الشيخ الألبانـي، ولا ماذا قرأ عليه من تعليقاتـي.
    المهم أنه خرج بنتيجة هي موافقة الألبانـي لسيِّد قطب في أن العقيدة تتسع وتترامى حتى تشمل جوانب الحياة، فتعلَّق عدنان بـهذه النتيجة ونشر الشريط الذي سجَّل فيه هذا اللقاء، وتوسع القطبيون في نشره، ونسجوا حوله الدعايات ضدي وضد كتابـي مما أدى إلى انحراف كثير من الشباب وسقوطهم في أحضان الحزبية القطبية »انتهى .
    فأبو الحسن المأربي و صاحبه عدنان عرعور، أثَّرا بتلبيسهما و بأساليبهما الماكرة على العلامة الألباني حتى استخرجا منه بعض الذي يُريدان، و هذا يدلُّ على أنَّ العالم كما أنه عُرضة للتأثر ببطانة السوء، فهو كذلك عُرضة للتأثر بتلبيسات بعض من يُحسن بهم الظن من المخالفين، و سبق معنا ثناء العلامة ابن باز على جماعة التبليغ بناء على أخبار و نقولات بعض المتعاطفين معهم من أهل الضلال، و ذلك من خلال كلام الشيخ ربيع الذي قال فيه: « إن الشيخ ابن باز سلفي وإمام في السلفية وموقفه من البدع وأهلها موقف سلفي وموقفه من تفرق الأمة وتحزبها سلفي.
    فإن حصل منه لين موقف من جماعة التبليغ؛ فإن لذلك أسبابه من ذلك: ما أشار إليه الشيخ حفظه اللـه بقوله : « والناس فيهم بين قادح ومادح » .
    ومعروف مكر أهل البدع ومنهم جماعة التبليغ فقد جندوا من يخدمهم عند الشيخ ابن باز، ممن يلبس لباس السلفية فيطنب في مدحهم ويسهل لجماعاتهم ووفودهم الدخول على الشيخ ابن باز، فتتظاهر هذه الجماعات والوفود من مشارق الأرض ومغاربها بالسلفية فيصورون له أعمالهم في صورة أعمال سلفية عظيمة، ويبالغون فيها وينفخون فيها بكل ما أوتوا من خيالات كاذبة.. ، ولا عتب على الشيخ إذا تعاطف معهم بعض تعاطفٍ بسبب ما قدموه له على الوجه الذي شرحناه»انتهى.
    و من باب إلزام القوم بكلامهم أو بكلام من هم على شاكلتهم، فهذا المدعو أبو حاتم البليدي و هو ممن لبس عباءة المحاماة عن جماعة الإصلاح يقول في مقالٍ له بعنوان " أثبت سلفيتك " مُقرِّرًا ما سبق: « نَعُودُ إِلَى زَمَنٍ لَيْسَ بِبَعِيدٍ عَنَّا، قَبْلَ حَوَالَي خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنَ الآن، أَحْدَثَ رَجُلٌ مِنَ الجَنُوبِ الجَزَائِرِي فِتْنَةً أَتَتْ عَلَى الأَخْضَرِ وَاليَابِس، وَكَانَ يَتَّصِلُ عَلَى المَشَايِخِ السَّلَفِيِّينَ وَيَنْقُلُ لَهُمْ أَخْبَارًا مُزَيَّفَةً مَشْحُونَةً بِالكَذِبِ، وَكَانَ العُلَمَاءُ يُفْتُونَهُ بِنَاءً عَلَيْهَا..
    وَأَخْطَرُ مَا فِي الأَمْرِ أَنَّ تِلْكَ الأَخْبَارَ كَانَتْ -عِنْدَ العُلَماءِ وَكَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ- مِنْ قَبِيلِ الخَبَرِ الَّذِي لَا يُشَقُّ لَهُ غُبَارٌ، وَأَنَّهَا اسْتَقَرَّتْ فِي نُفُوسِ النَّاسِ وَبَلَغَتْ حَدًّا لَا يُمْكِنُ رَدُّهَا مَعَه!، فَمَنْ كَذَّبَهَا أَوْ رَدَّ الحُكْمَ المَبْنِيَّ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِالضَّحِيَّةِ.
    أَلَا تَذْكُر ؟!!، أَمْ أَنَّكَ نَسِيتَ سَرِيعًا ؟!!
    وَحَيْثُ إِنَّهُ « لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ » فَإِنَّنَا مَا نَسِينَا، بَلْ تَعَلَّمْنَا مِنْ تِلْكَ المِحْنَةِ التَّأَنِّيَ وَعَدَمَ العَجَلَةِ.
    فَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِهَذِهِ الحَقِيقَةِ، وَأَبَيْتَ إِلَّا الحُكْمَ عَلَى النَّاسِ بِمَا بَدَا لَكَ، فَإِنِّي سَائِلُكَ:
    فِي الوَقْتِ الَّذِي كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الجَنُوبِيُّ -عَفَا اللهُ عَنْهُ- يَنْشُرُ تِلْكَ الشَّائِعَاتِ وَالأَكَاذِيبَ فِي حَقِّ مَشَايِخِنَا وَيَنْسِبُهَا إِلَيْهِمْ زُورًا وَبُهْتَانًا، هَلْ كَانَتِ الأَحْكَامُ الصَّادِرَةُ فِي حَقِّ المَشَايِخِ أَحْكَامًا مُعْتَبَرَةً أَمْ أَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى بَاطِلٍ؟!
    إِنْ قُلْتَ هِيَ مُعْتَبَرَةٌ، فَأَنْتَ تَعْتَقِدُ أَنَّ مَشَايِخَنَا كَانُوا فِي ذَلِكَ الوَقْتِ أَهْلَ أَهْوَاءٍ وَبِدَعٍ وَالآنَ تَابُوا، وَبَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ..
    وَإِنْ قُلْتَ هِيَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ بِنَاءًا عَلَى أَنَّ الأَخْبَارَ مَكْذُوبَةٌ، قُلْنَا إِنَّ أَحْكَامَكَ عَلَى إِخْوَانِكَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ -كَذَلِكَ- لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَخْبَارٍ مَكْذُوبَةٍ بِالأَدِلَّةِ وَالبَرَاهِينِ، فَنَحْنُ أَمَامَ حُكْمِ اللهِ سَوَاسِيَة.
    أَحَرَامٌ عَلَى بَلَابِلِهِ الدَّوْحُ *** حَلَالٌ لِلطَّيْرِ مِنْ كُلِّ جِنْسِ » .
    و قال في إحدى تعليقاته على مقاله :« أَنَا عِنْدَمَا ذَكَرْتُ مَسْأَلَةَ التَّثَبُّتِ فَإِنَّنِي قَيَّدْتُهَا بِمِثَالٍ وَاضِحٍ، وَهُوَ أَنَّ العَالِمَ يُفْتِي بِنَاءً عَلَى خَبَرِ الثِّقَةِ، وَلَكِنْ إِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ ( ثِقَةَ ) النَّاقِلِ مَطْعُونٌ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ نَحْتَجَّ بِقَوْلِ العَالَمِ بَعْدَمَا ظَهَرَتْ خِيَانَةُ النَّاقِلِ..»انتهى .
    فعلى منهج الجماعة يكون صديقهم البُليديُّ طاعنًا في العلماء! إذ أنه ردَّ أحكامهم و صرح بأنها غير مُعتبرة لكونها مبنية على نقل غير صحيح، فإن قلتم، ليس ذلك بطعن، فنقول: « فَنَحْنُ أَمَامَ حُكْمِ اللهِ سَوَاسِيَة »! و الشريعة لا تُفرِّق بين المتماثلات .
    و في كلام البُليدي أن العالم قد يُفتي و يحكم بناء على أخبار مزيفة مكذوبة، و هذا طبعًا لحسن ظنه بالناقل و المُخبِر، لكونه محل ثقة عنده و إن كان هو في نفس الأمر ليس كذلك، و أن العالم قد يصل به حسن ظنه ببعض النقلة إلى أن يطعن فيمن ردَّ خبر الناقل أو حُكمَ العالم المبني على خبر الناقل محل الثقة، و أن أحكام العلماء المبنية على نقل مكذوب و وقائع مُزوَّرة، أحكامٌ غيرُ مُعتبرة!
    [و مثلها أحكام العلماء الصادرة تحت تأثير بطانة السوء و المبنية على تلبيساتهم و نقولاتهم المُحرفة و نحو ذلك، كما سبق ].
    و فيه: أن العَالِمَ يُفْتِي بِنَاءً عَلَى خَبَرِ الثِّقَةِ، وَلَكِنْ إِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ ( ثِقَةَ ) النَّاقِلِ مَطْعُونٌ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ نَحْتَجَّ بِقَوْلِ العَالَمِ بَعْدَمَا ظَهَرَتْ خِيَانَةُ النَّاقِلِ..».
    و نحن و لله الحمد على هذا نسير، غير مغيِّرين و لا مُبدِّلين، لكننا لا نرد أقوال العلماء بأهوائنا معاذ الله- و لا لهوى في نفوسنا، و لا تعصُّبًا لأحد، و لا تقليدًا لزيد و لا لعمرو، و لكن بالعلم و الحجة استنادًا إلى قواعد السلف و أصول أهل السنة، إذ هي فوق الجميع، و هي القاضي الذي تُحاكم إليه أقوال الرجال .
    قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله:« و أحمد بن حنبل جرَّح و عدَّل، و خالفوه في التعديل و التجريح، لماذا؟ لأنه عندهم منهج، و المنهج ليس فلان، كل عالم فهو مكلف باتِّباع هذا المنهج، فإذا أخطأ و خالف هذا المنهج يجب أن تُحاكم أقواله بهذا المنهج »[ من " التعليق على «الجواب الكافي »"] .
    و قد ينخدع العالم ولو كان إمامًا في الجرح و التعديل ببعض المخالفين، و يُحسن ظنه بهم، و لا يتوصل إلى معرفة حقيقتهم، بسبب الهالات الإعلامية الضخمة التي ينسُجها أتباعهم و المتعاطفون معهم حولهم، و حول أعمالهم الدعوية و مراتبهم العلمية و نحو ذلك، فهذا حامل راية الجرح و التعديل ربيع المدخلي حفظه الله يُصرِّح بأنه كان في أول الأمر يُحسن الظن بسيِّد قطب و بكتاباته، حتى إنه كان ينقل منها!، و من ذلك نقولاته عنه في كتابه العظيم " منهجُ الأَنبِيَاءِ في الدَّعوَةِ إلى الله " في تقرير منهج الأنبياء! ثم اعتذر حفظه الله بأن ذلك إنما كان بسبب ما نُسج حول سيِّد قطب و حول كُتُبه من هالات، فقال حفظه الله في ردِّه على عدنان عرعور:« قوله: « ولقد كنت أستشهد ببعض كلامه الصواب في قضايا المنهج حجة على أتباعه مما شهد كثير من العلماء بصحته، وكذلك شهد الشيخ ربيع إذ قال في كتابه منهج الأنبياء ( ص 138 ):
    « رحم الله سيد قطب لقد نفذ من دراسته إلى عين الحق والصواب، ويجب على الحركات الإسلامية أن تستفيد من هذا التقرير الواعي... لقد وصل في تقريره هذا إلى عين منهج الأنبياء...».
    وفي هذا عصمة شاملة لسيد حاشانا أن نقول بها.
    فهل يلام من استفاد من هذا التقرير الواعي، وهو يعتقد ضلاله في أمور أخرى ؟ أقول(الشيخ ربيع): وفي هذا النقل عني ونسبة هذا الكلام إليَّ بهذا الأسلوب فجور عظيم في الخصومة.
    وذلك أنني استشهدت بكلام سيد قطب قديماً، فعلاً لأسباب منها:
    1ـ أنه كان هناك إعلام ضخم يشيد بسيد قطب وينسج حوله الهالات العظيمة وحول تضحيته بنفسه في سبيل الإسلام وصدقه وإخلاصه في البحث عن الحق، الذي قاده إلى معرفة معنى " لا إله إلا الله " وفهم دعوة الأنبياء...»[ " مجموع الكتب و الرسائل " (11/43) ] .
    بل صرَّح العلامة ربيع المدخلي حفظه الله بأنه كان يُحسن الظن بسيِّد قطب مع أنه كان على معرفةٍ بشيء من ضلاله، كلُّ ذلك بسبب مثل هذه الهالات الإعلامية، التي ينسُجها المُخالفون له و لكُتبه، فقال حفظه الله: « لما قمت بنقد سيِّد قطب في أول كتاب من كتبي ألا وهو كتاب " أضواء إسلامية على عقيدة سيَّد قطب وفكره " وبدأ ينتشر أقضَّ مضاجع أوليائه القطبيين..» .
    ثم حشى الشيخ ربيعٌ على كلامه هذا بحاشيةٍ قال فيها: « و كنت قبل هذا ـ مع معرفتي بشيء من ضلاله ـ أحسن الظن به بسبب الدعايات الكبيرة التي كانت تنسج له، ومنها أنه قد رجع إلى منهج السلف، فلما تبين لي زيف هذه الدعايات، قمت بما يجب عليَّ من بيان ضلاله نصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولعموم المسلمين وللشباب المخدوعين به »[ " مجموع الكتب و الرسائل " (11/7) ] .
    و من هذه الهالات الإعلامية؛ ما يفعله بعضُ المردود عليهم من التباكي عند بعض العلماء، و أن الدعوة بسبب إشهار الرَّدِّ عليهم قد عُطِّلت!، و أن مصلحتها قد ضُيِّعت!، و أن الكلامَ فيهم قد انجرَّ عنه مفاسد لا أول لها و لا آخر!، و ما إلى ذلك من التهاويل الكاذبة، فقد يكسبون بهذه الأراجيف و الهالات الإعلامية موقف العالم ولو كان على دراية بأخطائهم أو بشيءٍ منها، مُثبتًا إياها عليهم! .
    إلا أنَّ الحق أحق أن يتبع، إذ هو أكبر من كلِّ كبيرٍ من الرجال .
    قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله مُخاطبًا عبد الرحمن عبد الخالق: «لا يجوز الرجوع عن الحقِّ إن كنت على حقٍّ، لا لابن باز، و لا لابن تيمية، و لا لأحمد بن حنبل، و لا لأحد مثل هؤلاء أو أكبر منهم، فإنَّ الحقَّ فوق الجميع و أكبر من الجميع » [ " مجموع كتب و رسائل الشيخ ربيع"(10/95)] .
    نعم؛ صدق إمامنا ربيع المدخلي حفظه الله و سدَّده، و هذه هي التربية السلفية التي أخذناها عنه، و ربَّانا عليها مشايخنا و رضعناها من مجالسهم، فجزاهم الله خيرًا .
    أسأل الله تعالى أن يُثبِّتنا على الحقِّ و الهدى حتى نلقاه، و أن يجعلنا ممن يصدق فيهم قولُه سُبحانه و تعالى: { مِّنَ المؤمنين رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ الله عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن قضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً } [ الأحزاب : 23 ] .
    والحمد لله رب العالمين.





  • #2
    أحسن الله إليكم، ونفع بكم الإسلام والمسلمين.

    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك شيخ ابراهيم وجزاك الله خيرا على هذا المقال وفقك الله لما يحب ويرضى

      تعليق


      • #4
        بارك الله فيك شيخ إبراهيم وعلى إخواننا من له قدرة على بيان شبه القوم والرد بعلم، يقام بهذا الواجب قدر الاستطاعة.

        تعليق


        • #5
          جزاك الله كلّ خير.

          تعليق


          • #6
            جزاكم الله خيرا وهذا ملف بدياف للتحميل
            الملفات المرفقة

            تعليق


            • #7
              بارك الله فيك شيخ ابراهيم ونفع بك .

              تعليق

              الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
              يعمل...
              X