إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بُلوغ أماني الأباء في تعليم الأنباء حبّٙ صحابةِ رسُول الله ﷺ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بُلوغ أماني الأباء في تعليم الأنباء حبّٙ صحابةِ رسُول الله ﷺ

    <بسملة1>


    الحمدُ للهِ، والصّلاةُ والسّلامُ علىٰ رسُول الله، أمّا بعدُ:

    فمن الدعائم المهمّة في تربية الأبناء علىٰ منهاج النُّبُوة تعليمهم محبة صحابة رسُول الله -صلّىٰ اللهُ عليهِ وسلّم- وترسيخ ذلك في عقولهم إذ أنّ حبهم -رضوان الله تعالىٰ عليهم- من الإيمان الواجب.
    - وفي ذلك تنبيهات وقواعد مهمات يحسن التذكير بها في هذا المقام والإشارة إليها إشارات لطيفة تعين الأب علىٰ تربية الابن والمعلم علىٰ تربية التلميذ.

    فإن تعليم حبّٙ صحابة النّبي -صلّىٰ اللهُ عليهِ وسلّم- كان من الأولويات المهمة عند السّلف -رحمهم الله- فعند أبي القاسم الالكائي كما في: [شرح أصول اعتقاد أهل السُّنّٙة والجماعة: رقم ٢٣٢٤]: بإسناده‍ عن مالك بن أنسٍ -رحمهُ الله- قال: كان السّلف يعلِّمُون أولادهُم حبّٙ أبِي بكرٍ وعمر كما يعلمُون السُّورة من القرآن.

    وبإسناده‍ أيضًا [رقم: ٢٣٢٧] عن قبيصة بن عقبة قال: حبُّ أصحابِ النّبِي -صلّىٰ اللهُ عليهِ وسلّم- كلهم سُنّة.
    كيف لا والله جلّٙ وعلا يقول كما في: [سورة التوبة: الآية ١٠٠]:﴿والسّابِقُون الأولونٙ من المُهاجرين والأنصار والّذين ٱتبعُوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضُوا عنهُ وأعدّٙ لهُم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهارُ خالدِين فيها أبدًا ذلك هو الفوز العظيمُ﴾.
    وهذا إخبارٌ من اللهِ جلّٙ شأنُهُ بثناءه‍ البليغ علىٰ صحابةِ نبيِّهُ رضوان الله تعالىٰ عليهم وبِشارةٌ لِكلِّ من سلك سبيلهم وسار علىٰ طريقتهم وأنّٙهُ أعدّٙ لهم جنّٙات نعيم فيها مالا عينٌ رأت ولا أذن سمعت ولا خطر علىٰ قلبِ رجل.

    قال ابنُ كثيرٍ رحمهُ الله كما في: [تفسيره‍: ٢٠٣/٤]:
    يخبر تعالى عن رضاه‍ عن السابقين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان ورضاهم عنه بما أعد لهم من جنات النعيم والنعيم المقيم .

    وعند البُخاري كما في: [صحيحه، في كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل أصحاب النّبِي ﷺ، رقم ٣٦٥٠] من حديث عِمرٙان بن حُصين -رضيٙ اللهُ عنهُما- قال: قال رسُول الله -صلّىٰ اللهُ عليهِ وسلّم-: "خير أمتي قرني ثمّٙ الّذين يلونهم ثمّٙ الّذين يلونهم".
    قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثا.
    قال النوويُّ في: [المِنهاج شرح صحيح مُسلم بن الحجاج: ١٦/٦٦]
    اتفق العلماء علىٰ أنّٙ خير القرون قرنه -صلّىٰ اللهُ عليهِ وسلّم- والمراد أصحابه وقد قدّٙمنا أن الصحيح الذي عليه الجمهور أن كل مسلم رأىٰ النّبِي -صلّىٰ اللهُ عليهِ وسلّم- ولو ساعة فهو من أصحابه.

    ورواية [خير الناس] علىٰ عمومها والمراد منه جملة القرن ولا يلزم منه تفضيل الصحابي علىٰ الأنبياء -صلواتُ الله وسلامهُ عليهم- ولا أفراد النساء على مريم وآسية وغيرهما بل المراد جملة القرن بالنسبة إلى كل قرن بجملته.

    -ولا شكّٙ أن أفضل الصّحابة علىٰ الإطلاق هم الخلفاء الراشدين وأفضليتهم علىٰ حسب ترتيبهم فقد أجمعٙ أئمة السُّنّٙة علىٰ أن أفضل الصحابة علىٰ الإطلاق هو أبُو بكر ثمّٙ عمر والجمهور بعد هاذين الصحابيين الجليلين يقدمان عثمان ثمّٙ علي -رضُوان الله عليهم.

    قال القُسطلاني كما في:[المواهب اللدنية: ٣٩/٧]:
    إنّٙ هؤلاء الأربعة اختارهم الله لخلافةِ نبيهِ وإقامة دينهِ فمنزلتهم عنده‍ُ بحسب ترتيبهم في الخلافة.

    وقال النوويُّ في:[المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج:١٤٨/١٥]:
    واتفق أهلُ السُّنّة علىٰ أنّٙ أفضلهم أبو بكر ثمّٙ عمر وقال جمهورهم ثمّٙ عثمان ثمّٙ علي.

    -ومما يُحسن التنبيهِ عليه أيضًا أن الصّحابة كلهم عدولٌ ثقات لورد ذلك في الكتاب والسنة وثبوتهِ بثناء الله عز وجل عليهم ورسُولهِ وبإجماع علماء المسلمين.
    قال الحافظ كما في: [الإصابة:١٠/١]
    اتفق أهل العلم علىٰ أن جميع الصحابة عدول ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة.
    وقال الخطيبُ كما في:[الكفاية في علم الرواية: ٤٦]:
    عدالةُ الصّحابة ثابتةٌ معلومة بتعديل الله لهم وإخباره‍ عن طهارتهم واختياره‍ُ لهم في نص القرآن الكريم فمن ذلك قولهُ تعالىٰ:﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس..الآية﴾.

    وقال ابن عثيمين كما في: [شرح البيقونية: ٨٧]
    المبهم مِنَ الصحابة فإن إبهامه لا يضر لأن الصحابة كلهم عدولٌ ثقاتٌ بشهادة الله تعالىٰ لهم في قوله تعالى كما في: [سورة الحديد:١٠]:﴿وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾.

    وليس معنىٰ العدالة ادعاء العصمة لهم -رضي الله عنهم- ولكن لبيان أنهم لا يتعمدون الكذب علىٰ رسول الله -صلّٙىٰ اللهُ عليهِ وسلّٙم-.

    قال ابن تيمية كما في: [الفتاوىٰ:١٧٩/١]:
    وأما الصحابة فلم يعرف فيهم -ولله الحمد- من تعمد الكذب علىٰ النبي -صلّىٰ اللهُ عليهِ وسلّم-.

    وقال كما في: [الرد علىٰ الأخنائي:١/٢٨٧]:
    لم يكن من الصحابة من كان يتعمد الكذب علىٰ رسُول الله -صلّىٰ اللهُ عليهِ وسلّم-.

    -ومما يحسن التنبيه إليه استحباب الترضي علىٰ صحابة النبي -صلّىٰ اللهُ عليهِ وسلّم- والاستغفار لهم وذكرهم بالخير.

    فقد شرع الله الترضي علىٰ أصحاب نبيه في أياتٍ كثيرة منها قولهُ سبحانهُ:﴿والسّابِقُون الأولونٙ من المُهاجرين والأنصار والّذين ٱتبعُوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضُوا عنهُ وأعدّٙ لهُم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهارُ خالدِين فيها أبدًا ذلك هو الفوز العظيمُ﴾

    قال الشوكانيُّ كما في: [فتح القدير:٢/٣٩٣]
    ومَعْنى رِضاه‍ُ سُبْحانَهُ عَنْهم: أنَّهُ قَبِلَ طاعاتِهِم وتَجاوَزَ عَنْهم ولَمْ يَسْخَطْ عَلَيْهِمْ وقولهُ ﴿ورَضُوا عَنْهُ﴾ بِما أعْطاهم مِن فَضْلِه.

    قال النوويُّ كما في: [الأذكار: ١١٨]
    يستحب الترضي والترحم علىٰ الصحابة والتابعين فمن بعدهم من العلماء والعباد وسائر الأخيار.

    وقال سبحانهُ وتعالىٰ كما في: [سورة الحشر: ١٠]:﴿وَٱلَّذِینَ جَاۤءُو مِنۢ بَعدِهِمۡ یَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغفِرۡ لَنَا وَلِإِخوَ ٰ⁠نِنَا ٱلَّذِینَ سَبَقُونَا بالإِیمَـٰنِ وَلَا تَجعَلۡ فِی قُلُوبِنَا غِلّا لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ رَبَّنَاۤ إِنَّكَ رَءُوفࣱ رَّحِیمٌ﴾
    وفي هذه‍ الآية أمرٌ لأهل الإيمان بالاستغفار لصحابة رسُول الله -صلّىٰ اللهُ عليهِ وسلّم- جاء في: [الدر المنثور في التفسير بالمأثور: ١١٣/٨] عن مزاحم -رحمهُ الله-:
    أمروا بالاستغفار لهم وقد علم ما أحدثوا.

    قال الشوكاني كما في: [فتح القدير: ٥/٢٠٢]:
    فمن لم يستغفر للصحابة علىٰ العموم ويطلب رضوان الله لهم فقد خالف ما أمره‍ الله به في هذه الآية.

    -ومما يحسن التنبيه إليه وجوب الكف عما شجر بينهم وعدم الخوض في ذلك وأنهم علىٰ أفعالهم مأجورون.
    قال سبحانهُ وتعالىٰ كما في:[البقرة:١٣٤]:﴿تلك أمةٌ قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانُوا يعملون﴾.
    وفي: [صحيح الجامع: ٥٤٥] من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن رسُول الله -صلّٙىٰ اللهُ عليهِ وسلّٙم-قال: إذا ذكر أصحابي فأمسكوا.


    قال القرطبي كما في:[تفسيره‍: ١٦/٣٢١]
    وقد تعبدنا بالكف عما شجر بينهم وألا نذكرهم إلا بأحسن الذكر لحرمة الصحبة ولنهي النبي -صلّىٰ اللهُ عليهِ وسلّم- عن سبهم وأن الله غفر لهم وأخبر بالرضا عنهم.

    وقال الصابونيُّ كما في:[عقيدة السلف أصحاب الحديث]:
    ويرون -أي: السلف- الكف عما شجر بين أصحاب رسول الله -صلّىٰ اللهُ عليهِ وسلّم- وتطهير الألسنة عن ذكر ما يتضمن عيبًا أو نقصًا فيهم ويرون الترحم علىٰ جميعهم والموالاة لكافتهم.

    -ومما يحسن التنبيه إليه حرمة سبهم أو الطعن فيهم وأن ذلك مؤدي إلىٰ الكفر.

    ففي:[صحيح الجامع:٦٢٥٨] بإسناد حسن عن ابن عباس -رضيٙ الله عنهما- قال: قال رسُول الله -صلّىٰ اللهُ عليهِ وسلّم-[من سب أصحابي فعليه لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين].

    وأخرج الشيخان في: [صحيحيهما] عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن رسُول الله -صلّىٰ اللهُ عليهِ وسلّم-قال: لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أُحدٍ ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه.

    وفي: [السُّنّةِ للخلال: ٣/٤٩٣] قال:
    وسئل الإمام أحمد عمن يشتم أبا بكر وعمر وعائشة فقال: ما أراه‍ علىٰ الإسلام وسئل عمن يشتم عثمان فقال: هذه زندقة.

    قال النوويُّ كما في: [ المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج: ٥/٤٠٠]:
    واعلم أن سب الصحابة رضي الله عنهم حرام من فواحش المحرمات سواء من لابس الفتن منهم وغيره‍ لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون.

    قال أبو زرعة كما في: [فتح المغيث: ٣/١٠١]:
    إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله -صلّٙىٰ اللهُ عليهِ وسلّٙم- فاعلم أنه زنديق وذلك لأن رسول الله -صلّٙىٰ اللهُ عليهِ وسلّٙم- حق والقرآن حق وما جاء به حق وإنما أدىٰ إلينا ذلك كله الصحابةُ وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولىٰ وهم زنادقة.

    والعلمُ عند الله تعالىٰ وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين وصلّٙىٰ اللهُ علىٰ نبيِّنا مُحمّٙد وعلىٰ آلهِ وصحبهِ وإخوانهِ إلىٰ يومِ الدِّين وسلم تسليمًا.

    كتبهُ أبُو مُحمّد الطّٙرٙابُلُسِيُّ
    الجزائر في: ١١/ المُحرّٙم/١٤٤١ه‍ـ



    التعديل الأخير تم بواسطة أبو محمد الطرابلسي; الساعة 2019-09-11, 11:43 AM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X