بسم الله الرحمن الرحيم
وماذا بعد أن تراجع الشَّيخ أبو أسامة
-حفظه الله ووفَّقه لكلِّ خير-
الحمد لله على نعمة التَّوحيد والسُّنة، والصَّلاة والسَّلام على المبعوث رحمة لهذه الأمَّة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فهذه كلماتٌ يسيراتٌ، أكتبُها بعد اطِّلاعي على التَّراجع الذي كتبه الشَّيخ أبو أسامة وفقه الله لكل خير، وسدَّد على الحقِّ خطاه، وألهمه الرُّشد والصَّواب، وأخصُّ بهذه الكلمات، كلَّ من وجَّه إليَّ نُصحًا بعد كتابتي للبيان الموسوم بعنوان "نصيحة أخويَّة"، والذي أردتُّ به النُّصح الأخويَّ للشَّيخ أبي أسامة، ولمن اغترَّ ببيانه من إخواننا السَّلفيين، والحمد لله فقد انتفع به خلقٌ كثيرٌ، وفي الوقت نفسه قد تعجَّبتُ من بعض إخواننا ممَّن كنتُ أحسن بهم الظَّن، وذلك حين انتقدني في هذه الكتابة وقال لي لقد تعجَّلت، بل إنَّ بعضهم اتَّهمني بغشِّ المسلمين، والتَّلبيس عليهم، وقال ما قال في تنقُّص ما كتبتُ، مع أنِّي ما كتبتُه؛ إلَّا بعد أن دعت الحاجة الملحَّة لكتابته، وما نشرتُه إلَّا بعد أن عرضتُه على بعض الفضلاء، من المشايخ وطلبة العلم، وفي المقابل قال ما قال في مدح بيان الشَّيخ أبي أسامة، وأنَّه من إنصاف الشَّيخ بعد دراسته للموضوع، وهنا أقول لهم إن كنتم صادقين!! ها هو الشَّيخ أبو أسامة وفَّقه الله لكل خير وسدَّد على الحقِّ خطاه، قد تراجع لمَّا كان صادقًا -نحسبُه والله حسيبه-، وقد نفعه الله تعالى بنُصح إخوانه، وطلَّابه الصَّادقين في نُصحهم له ولجميع السَّلفيين، فما أنتم قائلون بعد هذا التَّراجع؟
هل سيبقى الشَّيخ أبو أسامة عندكم مُنصفًا!!
أم إنَّكم ستحكمون عليه بأنَّه مفرِّق وغاشٌّ للمسلمين؟
كما هي عادتُكم وحالُكم مع كلِّ مَن خالفَكُم.....
وعلى كلِّ حال فإنِّي أقول ناصحًا لأهل الحقِّ أجمعين، والمتمسِّكين بهذه الدَّعوة المباركة أبتعين، اشتغلوا بطلب العلم، وتحصيل ما ينفعكم من العمل الصَّالح، ولا تلتفتُوا إلى قُطَّاع الطُّرق، من الصَّعافقة ومن لفَّ لفَّهم، وأبشروا فإنَّ دعوة الحقِّ منصورةٌ مهما حُوربت، ومهما قيل عنها إنَّها دعوة إقصاء وتفريق؛ فإنَّ ذلك لا يَضيرها شيئا، بل نقول لهم إنَّها حقًّا دعوة فرقانٍ وتمييزٍ!! بمعنى أنَّها تفرَّق بين أهل الحقِّ المخلصين، وأهل الباطل المُنتكِسين، وتقصي المخذِّلين والمميِّعين الذين ينتسبون إلى السَّلفية، ويثقل عليهم الكلام في المخالفين، وإن ادَّعوا أنَّهم مظلومون، فإنَّ دعوى التَّظلُّم ليست بجديدة، وانخداع المغرَّر بهم ليس بحديث، ولا يخفى على السَّلفيين في هذه السَّنوات الأخيرة، ما ادَّعاه المأربيُّ والحوينيُّ والحلبيُّ وغيرهم، من أنَّهم مظلومون، وأنَّ المشايخ حين ردُّوا عليهم قد تسرَّعوا وظَلموهم، ولكن لم يفدهُم ذلك شيئًا، وصدق فيهم قول الله تعالى: ((فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ))، وكذلك هؤلاء الصَّعافقة سيؤُول أمرهم إلى الزَّوال، وإلى زبالة التَّاريخ، بإذن الله جلَّ في علاه.
وأختم هذه الكلمات اليسيرات، بذكر عجيبة من عجائب هذا الزَّمان، وإيضاح حقيقة لا بدَّ أن تقال:
أمَّا الشَّيء العجيب الذي حيَّرني وتعجَّبت منه حقًّا؛ أنَّ الصَّعافقة في المدينة حدَّاديَّة، والصَّعافقة عندنا في الجزائر مميِّعة، ولكنَّهم اتَّفقوا على أمرٍ واحدٍ، وهذا أمرٌ عجيبٌ، كيف يلتقي المتناقضان، لكن والحمد لله، سُرعان ما زالت عنِّي هذه الحيرة، وانغشى عنِّي ذاك العَجَب، حينما تبيَّن لي حيدتهم عن المنهج السَّلفي، الذي ينفي عنه خبث المخالفين له مهما تستَّروا، وتبيَّن لي أيضًا سلوكهم طريق أهل البدع؛ لأنَّ أهل البدع قد يتَّفقون في بعض الأشياء، كاتِّفاقهم على رفع السَّيف عن ولي الأمر، فشابههم الصَّعافقة -الحدَّاديَّة منهم والمميِّعة- في اتِّفاقهم على إسقاط المشائخ الفضلاء، والذين نحسبُهم علماء المستقبل، إنْ مدَّ الله في أعمارنا وأعمارهم، ومن هؤلاء المشايخ الذين أُوذُوا من قِبَل الصَّعافقة الأشرار:
فضيلة شيخنا العلامة محمد علي فركوس، وشيخنا العلامة محمد بن هادي، وشيخنا العلامة سليمان الرحيلي، وشيخنا العلامة عبد الرَّزاق البدر، والشَّيخ العلامة محمد بن عمر بازمول، وغيرهم من المشايخ الفضلاء، كالشَّيخ العلامة عبد الرحمن بن محيي الدِّين حفظهم الله جميعًا.
فبالله عليكم أيُّها المُنصفون العقلاء لو تمَّ مشروعُ الصَّعافقة هذا -ولن يتمَّ بحول الله وقدرته- ومات علماؤنا الكبار كالشَّيخ الفوزان، والشَّيخ ربيع، والشَّيخ عبيد، والشَّيخ العباد، وغيرهم من الكبار، فمن سيتصدَّر للدَّعوة بعدهم إن لم يكن أولئك المشايخ الفضلاء الذين نحسبهم علماء المستقبل كما ذكرتُ لكم.... أم إنَّكم تنتظرون أن يتصدَّر لها صعافقة الجزائر كمرابط وحمُّودة والبليدي، أو صعافقة المدينة كعرفات وفواز والظّفيري،....
أفيقوا من غفلتكم يا أحبتي السَّلفيين، ويا إخواني طلَّاب العلم المخلصين، فإنَّ الحرب على هذه الدَّعوة السَّلفية المباركة قائمة، وعلى الدُّعاة إليها اليوم ثائرة.
وأمَّا الحقيقة التي يجب أن يعلمها جميع المسلمين، وهي ممَّا يُلبِّس به الصَّعافقة على كثير من إخواننا السَّلفيين، المغرَّر بهم أنَّ الشَّيخين الفاضلين محمد علي فركوس، ومحمد بن هادي، حفظهما الله تعالى، من المفرِّقين للدَّعوة السَّلفية، وهذا والله عينُ الباطل، ومن أعظم الافتراء عليهما، وها هم الصَّعافقة يبذلون الغالي والنَّفيس لإلصاق هذه التُّهمة بهما، والحقُّ الذي أعتقده وأدينُ الله به على معرفتي بالشَّيخين الفاضلين على مدار عشرين سنة، أنهما بريئان من هذه التُّهمة براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام، ولكن ذنبهما عند الصَّعافقة، أنَّ الشَّيخ محمد بن هادي حفظه الله تعالى، تصدَّى لصعافقة المدينة الحدًّاديَّة، الذين كان مشروعُهم الأوَّل هو إسقاط طلَّاب الشيخ مقبل رحمه الله، وقد نَجحُوا في نزع الثِّقة منهم، وإثارة الفتنة في ربوع اليمن، وها هو حليفهم الخارجيُّ الضَّال هاني بن بريك يدعو لانقسام اليمن، ويستنجد بأمريكا، ولم نسمع منهم أي ردٍّ عليه، بل هم ماضون في تفكيك الدَّعوة السَّلفية، والطَّعن في رموزها، ولمَّا وصلُوا لإسقاط مشائخ المدينة، تفطَّن لهم العلامة محمد بن هادي حفظه الله تعالى، ولهذا رمَوه عن قوس واحدة واتَّهموه بأنَّه مفرِّق وأنَّه...وأنَّه...كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبًا.
وأمَّا الشَّيخ محمد علي فركوس حفظه الله تعالى، فقد كان ناصحًا لمن كان يرفع معه راية السَّلفية في هذا البلد الحبيب، ولمَّا رأى منهم ما لا ينبغي صدوره من سلفيٍّ، نصحهم نصيحة الأخ الأكبر، ولم يقصهم ولم يبدعهم، ولكنَّهم خذلوه، ولم يأخذوا بنُصحه، بل ميَّعوا الدَّعوة، واتَّهموه بالحدَّاديَّة، وركوب منهج التَّفرق والإقصاء، وزعموا أنَّه يحبُّ الزَّعامة والرِّئاسة، وجنَّدوا غلمانهم للردِّ عليه، حتَّى صاروا يطعنون فيه بما لم يتجرَّأ عليه المبتدعة، وهذا لا يفعله من شمَّ رائحة السَّلفية، ووصل الأمر بهؤلاء الغلمان الأغمار، أن تكلموا في مسائل أكبر منهم، فصاروا صعافقة مميِّعة، وأمَّا من أزَّهم وقادهم إلى هذا المنعرج الخطير من شيوخهم، فقد بقي ينظر إليهم وإلى صنيعهم ولم يحرِّك ساكنًا، بل صارَ بعد مدَّة يمدحهم ويُثني عليهم، ويتنقَّص الشَّيخ فركوسًا حفظه الله تعالى، وسبحان الله كانوا بالأمس القريب، وفي أوَّل الأمر، يُقسمون بالله العليِّ العظيم -شيوخًا وغلمانًا- وبالأيمان المغلَّظة، أنَّهم ما تنقَّصوا الشَّيخ ولا قدحوا فيه، حتَّى أُخرجت لهم صوتياتٌ تثبتُ ذلك وتدينهم، ثم لمَّا اختلطوا بصعافقة المدينة، وتترَّسوا مثلَهم بالعلَّامتين ربيع وعبيد حفظهما الله تعالى، ظنُّوا أنَّ النَّصر حليفهم، فصرَّحوا بالطَّعن فيه، واتَّفقوا جميعًا واتَّحدوا على إسقاط الشَّيخ، وإخوانه من المشايخ الفضلاء الذين هم علماء المستقبل -هكذا نحسبهم والله حسيبهم-، ولكن أبشروا أيُّها الصَّعافقة فإنَّ لحوم العلماء مسمومة وسنَّة الله في منتقصيهم معلومة.
أسأل الله أن يحفظني وإخوتي السَّلفيين، وجميع المسلمين، من شرِّ كل ذي شرٍّ، كما أسأله سبحانه أن يوفِّق شيخنا أبا أسامة لكلِّ خير، فهو حبيبٌ إلى قلوبنا، ونحن أولى به من الصَّعافقة، وأسأل الله أن يثبِّتنا وإيَّاه على التَّوحيد والسُّنَّة إلى يوم نلقاه، لا مبدِّلين ولا مغيِّرين، ولا حول ولا قوَّة إلَّا بالله العليِّ العظيم.
كتبه:
العبد الفقير إلى ربِّه العليِّ أخوكم ومحبُّكم في الله
أبو حذيفة محمد بن سعد طالبي السُّوفي
يوم الأحد ٢٤ ذي الحجَّة ١٤٤٠ هجريَّة
الموافق ٢٥ أوت ٢٠١٩ ميلادية
وماذا بعد أن تراجع الشَّيخ أبو أسامة
-حفظه الله ووفَّقه لكلِّ خير-
الحمد لله على نعمة التَّوحيد والسُّنة، والصَّلاة والسَّلام على المبعوث رحمة لهذه الأمَّة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فهذه كلماتٌ يسيراتٌ، أكتبُها بعد اطِّلاعي على التَّراجع الذي كتبه الشَّيخ أبو أسامة وفقه الله لكل خير، وسدَّد على الحقِّ خطاه، وألهمه الرُّشد والصَّواب، وأخصُّ بهذه الكلمات، كلَّ من وجَّه إليَّ نُصحًا بعد كتابتي للبيان الموسوم بعنوان "نصيحة أخويَّة"، والذي أردتُّ به النُّصح الأخويَّ للشَّيخ أبي أسامة، ولمن اغترَّ ببيانه من إخواننا السَّلفيين، والحمد لله فقد انتفع به خلقٌ كثيرٌ، وفي الوقت نفسه قد تعجَّبتُ من بعض إخواننا ممَّن كنتُ أحسن بهم الظَّن، وذلك حين انتقدني في هذه الكتابة وقال لي لقد تعجَّلت، بل إنَّ بعضهم اتَّهمني بغشِّ المسلمين، والتَّلبيس عليهم، وقال ما قال في تنقُّص ما كتبتُ، مع أنِّي ما كتبتُه؛ إلَّا بعد أن دعت الحاجة الملحَّة لكتابته، وما نشرتُه إلَّا بعد أن عرضتُه على بعض الفضلاء، من المشايخ وطلبة العلم، وفي المقابل قال ما قال في مدح بيان الشَّيخ أبي أسامة، وأنَّه من إنصاف الشَّيخ بعد دراسته للموضوع، وهنا أقول لهم إن كنتم صادقين!! ها هو الشَّيخ أبو أسامة وفَّقه الله لكل خير وسدَّد على الحقِّ خطاه، قد تراجع لمَّا كان صادقًا -نحسبُه والله حسيبه-، وقد نفعه الله تعالى بنُصح إخوانه، وطلَّابه الصَّادقين في نُصحهم له ولجميع السَّلفيين، فما أنتم قائلون بعد هذا التَّراجع؟
هل سيبقى الشَّيخ أبو أسامة عندكم مُنصفًا!!
أم إنَّكم ستحكمون عليه بأنَّه مفرِّق وغاشٌّ للمسلمين؟
كما هي عادتُكم وحالُكم مع كلِّ مَن خالفَكُم.....
وعلى كلِّ حال فإنِّي أقول ناصحًا لأهل الحقِّ أجمعين، والمتمسِّكين بهذه الدَّعوة المباركة أبتعين، اشتغلوا بطلب العلم، وتحصيل ما ينفعكم من العمل الصَّالح، ولا تلتفتُوا إلى قُطَّاع الطُّرق، من الصَّعافقة ومن لفَّ لفَّهم، وأبشروا فإنَّ دعوة الحقِّ منصورةٌ مهما حُوربت، ومهما قيل عنها إنَّها دعوة إقصاء وتفريق؛ فإنَّ ذلك لا يَضيرها شيئا، بل نقول لهم إنَّها حقًّا دعوة فرقانٍ وتمييزٍ!! بمعنى أنَّها تفرَّق بين أهل الحقِّ المخلصين، وأهل الباطل المُنتكِسين، وتقصي المخذِّلين والمميِّعين الذين ينتسبون إلى السَّلفية، ويثقل عليهم الكلام في المخالفين، وإن ادَّعوا أنَّهم مظلومون، فإنَّ دعوى التَّظلُّم ليست بجديدة، وانخداع المغرَّر بهم ليس بحديث، ولا يخفى على السَّلفيين في هذه السَّنوات الأخيرة، ما ادَّعاه المأربيُّ والحوينيُّ والحلبيُّ وغيرهم، من أنَّهم مظلومون، وأنَّ المشايخ حين ردُّوا عليهم قد تسرَّعوا وظَلموهم، ولكن لم يفدهُم ذلك شيئًا، وصدق فيهم قول الله تعالى: ((فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ))، وكذلك هؤلاء الصَّعافقة سيؤُول أمرهم إلى الزَّوال، وإلى زبالة التَّاريخ، بإذن الله جلَّ في علاه.
وأختم هذه الكلمات اليسيرات، بذكر عجيبة من عجائب هذا الزَّمان، وإيضاح حقيقة لا بدَّ أن تقال:
أمَّا الشَّيء العجيب الذي حيَّرني وتعجَّبت منه حقًّا؛ أنَّ الصَّعافقة في المدينة حدَّاديَّة، والصَّعافقة عندنا في الجزائر مميِّعة، ولكنَّهم اتَّفقوا على أمرٍ واحدٍ، وهذا أمرٌ عجيبٌ، كيف يلتقي المتناقضان، لكن والحمد لله، سُرعان ما زالت عنِّي هذه الحيرة، وانغشى عنِّي ذاك العَجَب، حينما تبيَّن لي حيدتهم عن المنهج السَّلفي، الذي ينفي عنه خبث المخالفين له مهما تستَّروا، وتبيَّن لي أيضًا سلوكهم طريق أهل البدع؛ لأنَّ أهل البدع قد يتَّفقون في بعض الأشياء، كاتِّفاقهم على رفع السَّيف عن ولي الأمر، فشابههم الصَّعافقة -الحدَّاديَّة منهم والمميِّعة- في اتِّفاقهم على إسقاط المشائخ الفضلاء، والذين نحسبُهم علماء المستقبل، إنْ مدَّ الله في أعمارنا وأعمارهم، ومن هؤلاء المشايخ الذين أُوذُوا من قِبَل الصَّعافقة الأشرار:
فضيلة شيخنا العلامة محمد علي فركوس، وشيخنا العلامة محمد بن هادي، وشيخنا العلامة سليمان الرحيلي، وشيخنا العلامة عبد الرَّزاق البدر، والشَّيخ العلامة محمد بن عمر بازمول، وغيرهم من المشايخ الفضلاء، كالشَّيخ العلامة عبد الرحمن بن محيي الدِّين حفظهم الله جميعًا.
فبالله عليكم أيُّها المُنصفون العقلاء لو تمَّ مشروعُ الصَّعافقة هذا -ولن يتمَّ بحول الله وقدرته- ومات علماؤنا الكبار كالشَّيخ الفوزان، والشَّيخ ربيع، والشَّيخ عبيد، والشَّيخ العباد، وغيرهم من الكبار، فمن سيتصدَّر للدَّعوة بعدهم إن لم يكن أولئك المشايخ الفضلاء الذين نحسبهم علماء المستقبل كما ذكرتُ لكم.... أم إنَّكم تنتظرون أن يتصدَّر لها صعافقة الجزائر كمرابط وحمُّودة والبليدي، أو صعافقة المدينة كعرفات وفواز والظّفيري،....
أفيقوا من غفلتكم يا أحبتي السَّلفيين، ويا إخواني طلَّاب العلم المخلصين، فإنَّ الحرب على هذه الدَّعوة السَّلفية المباركة قائمة، وعلى الدُّعاة إليها اليوم ثائرة.
وأمَّا الحقيقة التي يجب أن يعلمها جميع المسلمين، وهي ممَّا يُلبِّس به الصَّعافقة على كثير من إخواننا السَّلفيين، المغرَّر بهم أنَّ الشَّيخين الفاضلين محمد علي فركوس، ومحمد بن هادي، حفظهما الله تعالى، من المفرِّقين للدَّعوة السَّلفية، وهذا والله عينُ الباطل، ومن أعظم الافتراء عليهما، وها هم الصَّعافقة يبذلون الغالي والنَّفيس لإلصاق هذه التُّهمة بهما، والحقُّ الذي أعتقده وأدينُ الله به على معرفتي بالشَّيخين الفاضلين على مدار عشرين سنة، أنهما بريئان من هذه التُّهمة براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام، ولكن ذنبهما عند الصَّعافقة، أنَّ الشَّيخ محمد بن هادي حفظه الله تعالى، تصدَّى لصعافقة المدينة الحدًّاديَّة، الذين كان مشروعُهم الأوَّل هو إسقاط طلَّاب الشيخ مقبل رحمه الله، وقد نَجحُوا في نزع الثِّقة منهم، وإثارة الفتنة في ربوع اليمن، وها هو حليفهم الخارجيُّ الضَّال هاني بن بريك يدعو لانقسام اليمن، ويستنجد بأمريكا، ولم نسمع منهم أي ردٍّ عليه، بل هم ماضون في تفكيك الدَّعوة السَّلفية، والطَّعن في رموزها، ولمَّا وصلُوا لإسقاط مشائخ المدينة، تفطَّن لهم العلامة محمد بن هادي حفظه الله تعالى، ولهذا رمَوه عن قوس واحدة واتَّهموه بأنَّه مفرِّق وأنَّه...وأنَّه...كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبًا.
وأمَّا الشَّيخ محمد علي فركوس حفظه الله تعالى، فقد كان ناصحًا لمن كان يرفع معه راية السَّلفية في هذا البلد الحبيب، ولمَّا رأى منهم ما لا ينبغي صدوره من سلفيٍّ، نصحهم نصيحة الأخ الأكبر، ولم يقصهم ولم يبدعهم، ولكنَّهم خذلوه، ولم يأخذوا بنُصحه، بل ميَّعوا الدَّعوة، واتَّهموه بالحدَّاديَّة، وركوب منهج التَّفرق والإقصاء، وزعموا أنَّه يحبُّ الزَّعامة والرِّئاسة، وجنَّدوا غلمانهم للردِّ عليه، حتَّى صاروا يطعنون فيه بما لم يتجرَّأ عليه المبتدعة، وهذا لا يفعله من شمَّ رائحة السَّلفية، ووصل الأمر بهؤلاء الغلمان الأغمار، أن تكلموا في مسائل أكبر منهم، فصاروا صعافقة مميِّعة، وأمَّا من أزَّهم وقادهم إلى هذا المنعرج الخطير من شيوخهم، فقد بقي ينظر إليهم وإلى صنيعهم ولم يحرِّك ساكنًا، بل صارَ بعد مدَّة يمدحهم ويُثني عليهم، ويتنقَّص الشَّيخ فركوسًا حفظه الله تعالى، وسبحان الله كانوا بالأمس القريب، وفي أوَّل الأمر، يُقسمون بالله العليِّ العظيم -شيوخًا وغلمانًا- وبالأيمان المغلَّظة، أنَّهم ما تنقَّصوا الشَّيخ ولا قدحوا فيه، حتَّى أُخرجت لهم صوتياتٌ تثبتُ ذلك وتدينهم، ثم لمَّا اختلطوا بصعافقة المدينة، وتترَّسوا مثلَهم بالعلَّامتين ربيع وعبيد حفظهما الله تعالى، ظنُّوا أنَّ النَّصر حليفهم، فصرَّحوا بالطَّعن فيه، واتَّفقوا جميعًا واتَّحدوا على إسقاط الشَّيخ، وإخوانه من المشايخ الفضلاء الذين هم علماء المستقبل -هكذا نحسبهم والله حسيبهم-، ولكن أبشروا أيُّها الصَّعافقة فإنَّ لحوم العلماء مسمومة وسنَّة الله في منتقصيهم معلومة.
أسأل الله أن يحفظني وإخوتي السَّلفيين، وجميع المسلمين، من شرِّ كل ذي شرٍّ، كما أسأله سبحانه أن يوفِّق شيخنا أبا أسامة لكلِّ خير، فهو حبيبٌ إلى قلوبنا، ونحن أولى به من الصَّعافقة، وأسأل الله أن يثبِّتنا وإيَّاه على التَّوحيد والسُّنَّة إلى يوم نلقاه، لا مبدِّلين ولا مغيِّرين، ولا حول ولا قوَّة إلَّا بالله العليِّ العظيم.
كتبه:
العبد الفقير إلى ربِّه العليِّ أخوكم ومحبُّكم في الله
أبو حذيفة محمد بن سعد طالبي السُّوفي
يوم الأحد ٢٤ ذي الحجَّة ١٤٤٠ هجريَّة
الموافق ٢٥ أوت ٢٠١٩ ميلادية
تعليق