إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

وَقفَاتٌ مَعَ تَراجُعِ عز الدِّين رَمَضَانِي عَنِ القَولِ بِقَاعِدَةِ حَملِ المجمَلِ عَلَى المفَصَّل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • وَقفَاتٌ مَعَ تَراجُعِ عز الدِّين رَمَضَانِي عَنِ القَولِ بِقَاعِدَةِ حَملِ المجمَلِ عَلَى المفَصَّل

    بسم الله الرحمن الرحيم
    وَقفَاتٌ مَعَ تَراجُعِ عز الدِّين رَمَضَانِي عَنِ القَولِ بِقَاعِدَةِ حَملِ المجمَلِ عَلَى المفَصَّل
    لحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على نبيِّنا محمد و على آله و صحبه أجمعين، و بعد: فإنَّ من جملة المؤاخذات المنهجية الخطيرة التي أوخذت على عز الدين رمضاني-هداه الله- تقريره للقاعدة البدعية: حمل المجمل على المفصل في كلام غير المعصوم، و ذلك في أحد دروسه المسجلة بصوته، ضمن شرحه لمتن الطحاوية، حيث قال: «من المآخذ على هذا المتن (الطحاوية) فيه عبارت مشتبهة، فيه عبارات فيها نوع إيهام، والقاعدة في هذا: أن العبارت المشتبهة تفسر بالعبارت الواضحة، هذه قاعدة عند العلماء، بمعنى أن النصوص المتشابهة في القرآن الكريم و السنة، لا بد أن تُفسر بالنصوص الواضحة و تُردُّ إليها، هذا ما عليه مذهب الراسخين في العلم..، أن يُردَّ المتشابه الى المحكم، وحتى في كلام العلماء! أنت رأيت كلاما عند أهل العلم واشتبه عليك فأنت لا تأخذ ما قاله لكي تشنع عليه، أو تجرحه من غير حق، بل ينبغي أن تأخذ مجمل كلامه المبثوث هنا وهناك، وترد المتشابه الى المحكم، لأن هذه هي طريق الراسخين في العلم..»انتهى .
    و قد كنتُ ممن أثبت عنه هذه المؤاخذة، و ذلك في مقالي " توثيقٌ لجُملةٍ من مُخَالَفَاتِ أَصحَابِ المَجلَّة و نصيحةٌ جَادَّةٌ لهم بالرُّجُوعِ عَنهَا و إِعلَانِ التَّوبَةِ مِنهَا "، ثم بلغني عن طريق بعض إخواننا الأفاضل تراجعه عنها في صوتية نشرها، فنبَّهتُ على ذلك في حينه، كما تراه في موضعه من المقال، غير أني لم أستمع إلى ما قاله في صوتيته التي أعلن فيها التراجع!، و إنما اكتفيت بما نقله لي الأخ الفاضل .
    فلما استمعتُ إلى الصوتية هذه الأيام، و قفت فيها على ما يندى له جبين كلِّ سلفيٍّ أحسن الظن بهؤلاء، و اعتبرهم من مشايخ السلفية في هذه البلاد!
    و من باب الإنصاف و الأمانة، و قبل كشف ما جاء في صوتية التراجع من مهازل، لا بأس أن أورد كلام الرجل بحروفه، و من ثمَّ مناقشته فيه .
    قال عز الدين رمضاني في تراجعه: « مسألة حمل المجمل على المفصل في كلام أهل العلم، و هذا خطأ بين واضح، وقعت فيه أستغفر الله من هذه الزلة و أتوب إليه، لا يُحمل المجمل و المفصل في كلام الناس، بل في كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، و قد استنرت بمقال الدكتور عرفات حفظه الله الذي أرسله إليَّ الأخ الفاضل بتقريظ شيخنا الشيخ عبيد الجابري، ساق فيه -جزاه الله خيرا- تسعة أدلة صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تُبطل دعوى حمل المجمل على المفصل، و كان ذلك يوم الخميس من شهر ذي القعدة عام ألف أربمائة و تسعة و ثلاثين، الموافق للثامن عشر يوليو عام ألفين و ثمانية عشر ميلادي! تاريخ تسجيل هذا الشريط الذي لم يُكتب له الشيوع و الذيوع آنذاك لأسباب أجهلها، و ها أنا أبعثه من جديد آملا تصحيح ما سبق به لساني أو زلَّ به قلمي » [ من صوتية بعنوان " تراجع الشيخ عز الدين رمضاني عن قوله: إنَّ بعض الصحابة وقعوا في الإرجاء، و مسألة حمل المجمل عن المفصل"] .
    أقول: لي مع هذا التراجع وقفتان .
    الوقفة الأولى: لقد قرَّر عز الدين رمضاني و نظَّر للقاعدة البدعية الحزبية: حمل المجمل على المفصل في كلام غير المعصوم، و سمَّاها: قاعدة، و جعلها من القواعد عند العلماء! بل و طريقة الراسخين في العلم! ثم يطلع علينا في صوتية التراجع، بوصفه لهذه الزلة المنهجية الخطيرة: بسبق اللسان، و زلة القلم، فيقول: « و ها أنا أبعثه من جديد آملا تصحيح ما سبق به لساني أو زلَّ به قلمي »، و هذا فيه استخفافٌ منه بهذه الزلَّة، و تهوينٌ واضحٌ من شأنها .
    و لا يعترض علينا مُعترض فيقول بأنه قد اعترف بوقوعه في خطأ بين واضح حيث قال:« و هذا خطأ بين واضح، وقعت فيه أستغفر الله من هذه الزلة و أتوب إليه »! لأنه فسر كلامه و أوضح مقصوده بالخطأ البين، بقوله: « آملا تصحيح ما سبق به لساني أو زلَّ به قلمي » فجعل من هذه الزلة المنهجية مجرد سبق لسان، و زلة قلم!.
    و شأن سبق اللسان كما لا يخفى- أن يقع من المتكلم فلتةً من غير قصد منه لمعنى كلامه، و لا اعتقاد منه لما يتضمنه، و أمثلته في كلام العلماء كثيرةٌ جدًّا، من ذلك ما صدر من العلامة ربيع المدخلي حفظه الله من كلام في حقِّ بعض الصحابة بغير قصد، لم يكن مُريدًا لمعناه، و لا مُعتقدًا لمضمونه، و اعتذر لنفسه بأنه من سبق اللسان- و هو صادق في ذلك- فقال كما في رسالته " الكر على الخيانة و المكر ":« فيعلم الله مني وأشهده وكفى به شهيداً أنني أحب أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلّم- جميعاً وأعظمهم جميعاً وأذب عنهم جميعاً..، و العبارات التي قلتها في خالد وسمرة خلال فتنة هوجاء أدافعها وأدفعها عن الشباب..، وما صدر مني من عبارات في حقّهما فإنه من سبق اللسان قطعاً .. .»انتهى .
    أمَّا عز الدين رمضاني فقد أعلن تراجعه عن زلة منهجية ركبها، و أنه استنار في رجوعه بمقال المدعو عرفات! فهو الذي بصره بالحق في هذه المسألة، و من خلال مقاله عرف بأن حمل المجمل على المفصل لا يكون إلا في كلام المعصوم، بعد أن كان يعتقد جواز ذلك في غير كلام الله و رسوله، فهي ليست مجرد سبق لسان كما زعم! بل مخالفة واضحة، كان يعتقدها، و يتبناها و يسير عليها و يُقررها، إلى أن تاب منها بعد استنارته بمقال عرفات-كما يدعي-! فكيف يُهوِّن من شأنها و يجعلها عبارة عن سبق لسان! و زلة قلم؟! إنَّ ما بينهما من فرق كما بين المشرق و المغرب .
    يا عز الدين! ما هذا التهوين الفظيع من الضلالات و المخالفات؟ ألم تُسمِّها قاعدة؟ ألم تعتبرها من القواعد عند العلماء؟ و من طريقة الراسخين في العلم؟! فهل يدلُّ هذا على أن لسانك قد سبقك إلى التلفظ بها، و النطق بألفاظها فقط؟ من غير قصد لمعناها، كما يتلفظ المسلم بكلام كُفريٍّ لا يقصد معناه!، سرعان ما يرجع عنه إذا نُبِّه عليه؟ أم يدلُّ على أنها منهجٌ لك تسير عليه، و تُحاكم إليه أقوال الرجال؟ إذ هذا هو شأن القواعد! سيما ما كان منها متفقًا عليه بين العلماء، و كان طريقةً للراسخين في العلم منهم، فإنك بهذا وصفتَ قاعدة: حمل المجمل على المفصل التي قرَّرتها!
    و إذا كان الأمر كذلك؛ فإنَّ التوبة عند السلف تكون بحسب المخالفة، و على قدر الجرم، و مُخالفتك هذه زلة خطيرة بثثتها في دروسك و نشرتها بين إخواننا، و قررتها لهم على أنها من قواعد العلماء، و من طريقة الراسخين في العلم، فلا يكفيك للتحلل منها، كلمات عابرة، فكيف بالتهوين منها، و التَّحقير من شأنها، و اعتبارها مُجرَّد سبق لسان، أو زلة قلم، كما حصل منك؟! فهل كانت توبتك من هفوة عابرة، و سبق لسان غير مقصود، أم من مخالفة منهجية؟ فإن قلتَ- كما قلتَ-: كانت من سبق لسان!، فمعنى هذا أنك لم تقصد بكلامك هذه المخالفة، و لم تعتقد أصلًا مضمونها من جواز حمل المجمل على المفصل في كلام غير المعصوم، و هذا يُناقضه ما صرَّحتَ به في تراجعك من كونك كنتَ ترى مشروعية حمل المجمل على المفصل في غير كلام الله و رسوله، و أنك تراجعت عن ذلك بعد استنارتك بمقال عرفات!
    و إن كنتَ تراها زلة منهجية لها آثارها على منهج السلف، و مآلاتها الخطيرة، كما يراها كذلك علماء السنة، فعلى أيِّ أساسٍ، و من أيِّ منطلق، تُهون من شأنها بوصفك إياها: سبق لسان و زلة قلم؟!
    إنَّ مثل هذا التهوين الخطير من الضلالات الكبرى لم نعهده إلا من أهل البدع و التحزُّب! و أُعيذك بالله أن تكون منهم!
    قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله في ردِّه على الحلبي كما في [ " عمدة الأبي "]: « هكذا يُهوِّن الحلبي من الضلالات الكبرى، فيصفها بالزلات، و الهفوات، و سبق اللسان..، إلى أن قال: فهو يرى الموبقات حقًّا و حقيقة، مثل الشعرات، و مثل الذباب، يقول بيده هكذا فيطير »انتهى .
    لقد كان أهل التحزُّب و الهوى يُعلنون تراجعهم عن بعض ضلالاتهم، فيُشكك العلامة ربيع في صدق توبتهم، و ربما لم يعتبرها و لم يرفع بها رأسًا لكونهم هوَّنوا من شأن ضلالاتهم، و حقَّروا من أمرها، و استخفُّوا بها، و صغَّروها في عيون الناس .
    فها هو حفظه الله يقول في ردِّه على عدنان عرعور: « وتراجعه دعاوى كاذبة، وإذا أتى ببعض الألفاظ المجملة أتبعها بما يميِّعها، ويرفقها بالطعن والتشويه والافتراءات بما لا يصدر إلا من أمثاله، فليس هنا رجوع إلا ما ذكرناه، يرافقه التبجح والتعالي والتهوين من أخطائه الجسيمة حتى كأنها ذباب يمر بأنفه، فيقول بيده، هكذا.. . » [ من رسالة " انقضاض الشهب السلفية على أوكار عدنان الخلفية "] .
    فعرعور الذي يُعتبر أحد رؤوس التمييع كان يرى مخالفاته المنهجية الجسيمة التي انتقدها عليه العلامة ربيع، كأنها ذباب يمر بأنفه، كما يراها الحلبيُّ كذلك، تهوينا منهما من جرمها و خطرها، في وقت كان يراها العلامة ربيع و غيره من العلماء بأنها من الأخطاء الجسيمة التي استحقوا بها ما قوبلوا به من معاملة، و التي تحتاج منهم إلا توبة باهرة تليق بالمقام، و تفي بالغرض و المقصود .
    و إذا نظرنا إلى مُخالفة عز الدين رمضاني و هي تقريره لقاعدة حمل المجمل و المفصل نجدها من جنس هذه الضلالات الفظيعة، فقد عدَّها العلامة ربيع المدخلي حفظه الله من جنايات المأربي أبي الحسن على الأصول السلفية، كما في رسالته" جناية أبي الحسن على الأصول السلفية " .
    و قال عنها في سياق ردِّه على المأربي: « حمل المجمل على المفصل، اعتنق هذا الأصل ليدافع به عن أهل الباطل... .
    وما يدري هذا الجاهل أن حمل مجملات أهل الضلال وأهل الأخطاء على مفصلاتهم يهدم منهج السلف في رد الأباطيل والأخطاء، ويحول الباطل حقاً
    والخطأ صواباً.
    هذا وقد حكى الشوكاني الإجماع أنه لا يؤول إلا كلام المعصوم.
    وهذا الأصل الباطل يهدم عدداً من أصول السلف منها ما أسلفناه، ومنها ذلك الأصل العظيم، كل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويخالف منهج السلف في التعامل حتى مع أقوال الأئمة حيث يأخذون منها ويردون ويصوبون ويخطئون » [عن رسالة " أصول فالح الحربي الخطيرة ومآلاتها " (الأصل التاسع)] .
    فضلالةٌ هذه جناياتها على منهج السلف و أصوله، و هذه آثارها على طريقة أهل السنة في الجرح و التعديل و الردِّ على المخالف، و تسمع صاحبها يصفها بالقاعدة، و يزعم بأنها من القواعد عند العلماء، و من طريقة الراسخين في العلم منهم: تقريرها- و الحالة هذه- ليس مجرد سبق لسان، أو زلة قلم! كما يدعي الرجل .
    و لكن مع الأسف الشديد؛ قد صار التهوين من المؤاخذات المنهجية، و استصغارها، و التحقير من شأنها، ديدن القوم، و ميزة لهم شابهوا بها أهل الأهواء و التحزُّب؛ كما تراه مُبيَّنًا في مقالي " أَوجُه الشَّبَه: بَينَ الاحتِوَائِيِّين.. وَ بَينَ سَائِرِ المُتَحَزِّبَةِ و المُمَيِّعِين "، و غرضهم من ذلك التملُّص من تبعات مخالفاتهم المنهجية، و حماية أنفسهم من سهام النَّقد، و التوصل إلى تثبيت فرية الغلو في خصومهم، و إلباسهم ثوب الحدادية، و التشكيك في أحكامهم الصائبة و إسقاطها!
    * الوقفة الثانية: و هي بيت القصيد-كما يُقال-! و المقصود الأول من كتابة هذا المقال، و كلامي فيها سيكون عن وقت تراجع عز الدين رمضاني و توبته من تقرير قاعدة حمل المجمل على المفصل في غير كلام الله و رسوله، و عن السبب الذي دفعه إلى ذلك التراجع، و حمله عليه .
    و قد أفصح الرجل عن ذلك كلِّه في قوله: « و قد استنرت بمقال الدكتور عرفات حفظه الله الذي أرسله إليَّ الأخ الفاضل بتقريظ شيخنا الشيخ عبيد الجابري، ساق فيه -جزاه الله خيرا- تسعة أدلة صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تُبطل دعوى حمل المجمل على المفصل، و كان ذلك يوم الخميس من شهر ذي القعدة عام ألف أربمائة و تسعة و ثلاثين، الموافق للثامن عشر يوليو عام ألفين و ثمانية عشر ميلادي!!» .
    فيا لله العجب! لقد ظهرت بدعة حمل المجمل على المفصل منذ أمد بعيد، خاض فيها أهل السنة و على رأسهم العلامة ربيع المدخلي حفظه الله، حروبًا طاحنة ضد من اخترع هذه القاعدة البدعية الباطلة من أهل التحزُّب و الهوى، و كتب فيها العلامة ربيع حفظه الله كتابات مشهورة، قمع بها هذه البدعة، استفاد منها السلفيون في معرفة حقيقة هذه الضلالة، فاجتنبوها و صاحوا بأهلها، و حذِروها و حذَّروا منها، حتى صارت بدعة منبوذة، و ضلالة متروكة لا يخفى أمرها و لا يلتبس حتى على عجائز أهل السنة و صبيانهم! ثم يخرج علينا عز الدين رمضاني المعدود من كبار مشايخ الدعوة السلفية في الجزائر! في هذه السنين الأخيرة، بعدما أدبرت الفتنة و عرفها كل جاهل، فيُقرِّر هذه البدعة في دروسه، و يزعم بأنها من القواعد عند العلماء، و من طريقة الراسخين في العلم!
    أين كنتَ يا عز الدين رمضاني طوال هذه السنين المديدة التي كانت فيها المعارك مستعرة بين السلفيين و مُخالفيهم حول هذه الضلالة؟! هل كنتَ في كوكب آخر غير كوكب الأرض؟! هل أنتم حقًّا على منهج الشيخ ربيع؟! ألا يدل جهلك بكون قاعدة حمل المجمل على المفصل من القواعد البدعية، و تقريرك لها و اعتقادك بأنها من قواعد العلماء و من طريقة الراسخين في العلم: على أنك و من على شاكلتك من أصحاب المجلة من أبعد الناس عن منهج الشيخ ربيع؟ الذي صرتم تتمسحون به الآن، و تلهجون بذكره في نواديكم و مجالسكم؟! إذ لو كنتم على منهجه حقًّا و صدقًا لكنتَ ممن أدلى بدلوه في قمع هذه الضلالة و إماتتها، أو على الأقل كنتَ من أبصر الناس بها، و بفسادها، و بطلانها، و من أبعد الناس عن تقريرها، مستفيدًا ذلك من شيخك العلامة ربيع حفظه الله و مستنيرًا! بكتاباته الكثيرة في شأنها! كما استنار بذلك عوام السلفيين، لكن الحقيقة المُرَّة التي نقف عليها من خلال هذه الحادثة: أنه لا عناية لكم بكتب الردود عمومًا و لا بردود العلامة ربيع المدخلي حفظه الله خصوصًا، بل أنتم في منآى عن ذلك كله، تسبحون خلف تيار الشيخ، و تُغردون خارج سربه، و هذا في الحقيقة هو حالكم و واقعكم إلى وقت قريب، و إلى قُبيل الفتنة، و إن كنا نراكم تجتهدون الآن في إخفائه و الظهور بخلافه .
    يدلُّ على ذلك - زيادة على ما ذُكر- ما ذكره عز الدين رمضاني من سبب تراجعه عن تقرير بدعة حمل المجمل على المفصل في كلام غير المعصوم، حيث زعمَ بأن الدافع له إلى ذلك هو استنارته بمقال عرفات الذي أرسله إليه، و الذي ضمنه تسعة أدلة صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تُبطل دعوى حمل المجمل على المفصل، و كان ذلك يوم الخميس من شهر ذي القعدة عام ألف أربمائة و تسعة و ثلاثين، الموافق للثامن عشر يوليو عام ألفين و ثمانية عشر ميلادي!! .
    فعز الدين رمضاني تاب من بدعة حمل المجمل على المفصل عام ألفين و ثمانية عشر ميلادية!! أي بعد أن وضعت حرب أهل السنة على هذه الضلالة و أهلِها أوزارَها بسنين مديدة! و أعوام عديدة! و بعد أن أُميتت هذه البدعة و قُبرَت، و سبب توبته منها: مقال عرفات الذي أرسل به إليه؟
    ألم يكن عز الدين رمضاني على علمٍ بكتابات و مقالات و مؤلفات العلامة ربيع المدخلي حفظه الله في قمع هذه البدعة؟ و الحال؛ أنها أكثر و أقوى بكثير و كثير من مقال عرفات، و أقدم منه و أسبق؟! ألم يسمع بها؟ ألم يطَّلع على هذه الكتابات فينتفع بها و يستنير بما فيها، و يقف من خلالها على بدعية هذه القاعدة وفسادها؟ أم أنه لم يكن مقتنعًا بما فيها أصلًا؟! ثم أقنع نفسه بذلك الآن على مضض لمقتضيات مرحلية؟!!.
    يا عز الدين! إن كنتَ قد اطلعت على كتابات العلامة ربيع حفظه الله في هذه المسألة و هي قبل مقال عرفات بسنين طويلة، و لم تقتنع بحججه في إبطال بدعة حمل المجمل على المفصل فهذه مصيبة كبرى، لأنَّ عرفات -هذا- لم يأت في مقاله الذي اقتنعتَ به بجديد، و لم يخرج عما قرره العلامة ربيع، و لم يزد عن الأدلة التي ذكرها الشيخ في إبطال هذه البدعة .
    و إن كنتَ لم تطَّلع بتاتًا على كتابات الشيخ ربيع، و لم تَدرِ أصلًا بأنَّ له كتابات في قمع هذه البدعة، فالمصيبة أعظم! لأنَّ ذلك إن دلَّ على شيء فإنما يدلُّ على بعدك السحيق عن طريقة الشيخ ربيع، و زهدك الكبير في مؤلفاته، و عمايتك التامة عن ردوده و جهاده، و عدم احتفائك و عنايتك بكتاباته، أو متابعتك لها، و أن بين طريقة الشيخ ربيع و طريقتك كما بين السماء و الأرض، خلافا لما نراك تتظاهر به اليوم! و هذا منك يكفينا، لا نحتاج بعده إلى شيء آخر .. .
    و إذا كنتَ يا عز الدين رمضاني قد قرَّرتَ بدعة حمل المجمل على المفصل في كلام غير المعصوم من قريب، و لم تتب منها إلا في عام ألفين و ثمانية عشر ميلادية كما ذكَرتَ، أي قبل سنة فقط! و بتنبيه من أحدهم، و هي البدعة التي أشبعها العلامة ربيع ردًّا و كتب فيها الكتابات الكثيرة منذ أن ظهرت، و أنتَ في غفلة سحيقة عن هذه الضلالة في هذه المدة كلها، و في غيابة الجبِّ عن هذه الكتابات الكثيرة في قمعها و تفنيدها، فهل نأمن أن يكون حالك و واقعك مع غيرها من قواعد أهل الضلال هو نفس حالك و واقعك مع هذه البدعة! من حيث عدم الدراية بكونها من قواعد أهل الضلال، و عدم الاطلاع على ردود أهل السنة عليها؟! على غرار قاعدة التثبت، و الموازنات، و نصحح و لا نجرح، و نقوِّم و لا نهدم، و نتناصح و لا نتفاضح، و اشتراط الإجماع لقبول الجرح، و قاعدتي: لا يلزمني و لا يقنعني، و المنهج الأفيح، إلى غير ذلك من أصول أهل الأهواء و قواعدهم؟! من الذي يضمن لنا معرفتك بهذه الضلالات، و درايتك بأنها قواعد باطلة، و اطلاعك على ردود السلفيين عليها؟، إذا كان حالك مع بدعة حمل المجمل على المفصل- التي هي من أشهر البدع العصرية و أخطرها- هو ما قد علمت؟! .
    و هل يمكن لسلفيٍّ يطلب العافية في دينه و السلامة في منهجه أن يجلس إليك و حالتك هذه؟! اللهمَّ رحماك .
    و الله أعلم، و صلى الله وسلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .
    و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .


    التعديل الأخير تم بواسطة إبراهيم بويران; الساعة 2020-02-16, 05:26 AM.

  • #2
    جزاك الله خيرا ووفقك لما فيه خيري الدنيا والآخرة

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا شيخ إبراهيم ، و نتيجة ما أمتعتنا به - حفظك الله - أن وصف مشايخنا لهذا و أمثاله بأنهم تمييعيون حق - حتى و إن تابوا منه فهو كان ثابتا عنهم فلم الإنكار و التملص و تجييش الرعاع عل أهل الفضل -
      و أيضا ننتبه إلى أن ما ثبت عنهم من طوام ما هو إلا تأكيد لما علمه عنهم شيخ البلد و أصحابه الكرام من تمييع و تضييع و إلا فإخبار مشايخنا - الذين هم من أعلم الناس بالجماعة هذه - بانحرافاتهم هو الأصل .

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا شيخ إبراهيم وبارك فيك

        تعليق


        • #5
          جزاك الله خيراً شيخ إبراهيم، تفصيل جميل في هذه القضية

          تعليق


          • #6
            بارك الله فيك شيخنا احسن الله إليك

            تعليق


            • #7
              جزاك الله خيراً يا شيخ على هذا المقال الذي كشف عوار توبة هذا الرجل الذي كان محسوباً على الدعوة.

              تعليق


              • #8
                جزاك الله خيرا شيخنا فما أجمل الردود عندما تكون من اهلها
                التعديل الأخير تم بواسطة أبو جابر محمود الغليزاني; الساعة 2019-08-23, 02:26 AM.

                تعليق


                • #9
                  جزاك الله خيرا أخي الشيخ إبراهيم على هذا المقال.

                  تعليق


                  • #10
                    بارك الله فيك أخي أبا بسطام.
                    اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
                    وسيم بن أحمد قاسيمي -غفر الله له-

                    تعليق


                    • #11
                      جزاك الله خيرا ووفقك لما فيه خير الدنيا والآخرة

                      تعليق


                      • #12
                        جزاكم الله خيرا أخي إبراهيم

                        تعليق


                        • #13
                          جزاك الله خيرا الاخ ابراهيم على المقال النافع الماتع والبيان الشافي الكافي لتلبيسات وتخرصات الرمضاني.

                          تعليق


                          • #14
                            بارك الله فيكم يا شيخ فقد أصبتموه في مقتل
                            و أسأل الله أن يزيل الغشاوة من قلوب و أعين من يتبعونهم و أن يهديهم إلى الحق المبين

                            تعليق


                            • #15
                              ..

                              تعليق

                              الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
                              يعمل...
                              X