إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ليس الصواب دائما حليف الأكابر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ليس الصواب دائما حليف الأكابر

    <بسملة 2>

    ليس الصواب دائما حليف الأكابر


    الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
    أما بعد:
    فقد يكبو الجواد ويترجل الفارس، فكما قيل: (لكل جواد كبوة)، بل كبوات، فكبار أهل العلم قد تزل بهم القدم، لأنهم من البشر، والعصمة للأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
    فلهذا ليس الصواب دائما حليف الأكابر، وإن كان صوابهم أكثر من خطأهم.
    ففي هذه القصة مدح الله تعالى ما حكم به نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام فقال عز وجل: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا } [الأنبياء: 78- 79].
    قال البغوي رحمه الله في ((معالم التنزيل)): ((قوله عز وجل: {ففهمناها سليمان} أي علمناه القضية وألهمناها سليمان، {وكلا} يعني داود وسليمان، {آتينا حكما وعلما} قال الحسن: لولا هذه الآية لرأيت الحكام قد هلكوا ولكن الله حمد هذا بصوابه وأثنى على هذا باجتهاده. واختلف العلماء في أن حكم داود كان بالاجتهاد أم بالنص، وكذلك حكم سليمان.
    فقال بعضهم: فعلا بالاجتهاد. وقالوا يجوز الاجتهاد للأنبياء ليدركوا ثواب المجتهدين إلا أن داود أخطأ وأصاب سليمان. وقالوا: يجوز الخطأ على الأنبياء إلا أنهم لا يقرون عليه، فأما العلماء فلهم الاجتهاد في الحوادث إذا لم يجدوا فيها نص كتاب أو سنة، وإذا أخطأوا فلا إثم عليهم فإنه موضوع عنهم
    )) اهـ.

    وفي قصة أخرى قصة المرأتين اللتين اعتدي الذئب على أحد طفليهما فتحاكمتا إلى نبي الله داود عليه الصلاة والسلام ثم تحاكمتا إلى ابنه نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام فكان الصواب حليفه.
    جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كانت امرأتان معهما ابناهما، جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت لصاحبتها: إنما ذهب بابنك.
    وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك.
    فتحاكمتا إلى داود عليه السلام فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان بن داود عليهما السلام فأخبرتاه.
    فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينهما.
    فقالت الصغرى: لا تفعل يرحمك الله هو ابنها.
    فقضى به للصغرى
    )).
    متفق عليه.
    قال النووي رحمه الله في ((الشرح على مسلم)): ((قال العلماء: يحتمل أن داود صلى الله عليه وسلم قضى به للكبرى لشبه رآه فيها أو أنه كان في شريعته الترجيح بالكبير أو لكونه كان في يدها وكان ذلك مرجحا في شرعه وأما سليمان فتوصل بطريق من الحيلة والملاطفة إلى معرفة باطن القضية فأوهمهما أنه يريد قطعه ليعرف من يشق عليها قطعه فتكون هي أمه فلما أرادت الكبرى قطعه عرف أنها ليست أمه فلما قالت الصغرى ما قالت عرف أنها أمه ولم يكن مراده أنه يقطعه حقيقة وإنما أراد اختبار شفقتهما لتتميز له الأم فلما تميزت بما ذكرت عرفها ولعله استقر الكبرى فأقرت بعد ذلك به للصغرى فحكم للصغرى بالإقرار لا بمجرد الشفقة المذكورة)) اهـ.
    وقد بوب النووي على هذا الحديث في صحيح مسلم (باب بيان اختلاف المجتهدين).
    فإذا وجد اختلاف بين اثنين من الأكابر فالحق حليف أحدهما، وليس لكبر السن مزية.
    ولا ضير أن يخالف الأكابر الأكابر إن كان كلا الطرفين مرده الوصول للحق.
    قال النووي رحمه الله في ((الشرح على مسلم)): ((فإن قيل كيف حكم سليمان بعد حكم داود في القصة الواحدة ونقض حكمه والمجتهد لا ينقض حكم المجتهد؟
    فالجواب من أوجه مذكورة أحدها أن داود لم يكن جزم بالحكم والثاني أن يكون ذلك فتوى من داود لا حكما والثالث لعله كان في شرعهم فسخ الحكم إذا رفعه الخصم إلى حاكم آخر يرى خلافه والرابع أن سليمان فعل ذلك حيلة إلى إظهار الحق وظهور الصدق فلما أقرت به الكبرى عمل بإقرارها وإن كان بعد الحكم كما إذا اعترف المحكوم له بعد الحكم أن الحق هنا لخصمه قوله)) اهـ.
    فقول الأكابر من العلماء ليس نصا من التنزيل، ولا آية من الذكر الحكيم، فأقوالهم تعرض على الكتاب والسنة وعلى الدليل والحجة، فما وافق الحق قبل وما خالفه رد، مع الاحترام والتبجيل لم جانب الصواب وخالف الدليل.
    هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
    كتبه
    عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
    الجزائر العاصمة: يوم السبت 25 شوال سنة 1440 هـ
    الموافق لـ: 29 يونيو سنة 2019 ف
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
يعمل...
X