إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الفرقان في ذكر خطبة السِّياسي (ابن المهلِّب) وخطبة العالم الربَّاني (الحسن البصري) وما جاء فيهما من البيان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفرقان في ذكر خطبة السِّياسي (ابن المهلِّب) وخطبة العالم الربَّاني (الحسن البصري) وما جاء فيهما من البيان

    الفرقان
    في ذكر خطبة (ابن المهلِّب) وخطبة العالم الربَّاني (الحسن البصري) وما جاء فيهما من البيان



    بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
    الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على نبيِّه الصَّادق الأمين، نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ وبعد:


    فلقد أخرج الإمام الطَّبريُّ في "تاريخه"(6/594) قال: ذكر هشام عن أبي مخنفٍ؛ قال: فحدَّثني عبد الحميد البصريُّ، أنَّ الحسن البصريُّ كان يقول في تلك الأياَّم:
    "أيُّها النَّاس! الزموا رحالكم، وكفُّوا أيديكم، واتَّقوا الله مولاكم، ولا يقتل بعضكم بعضاً على دنيا زائلة، وطمعٌ فيها يسير ليس لأهلها بباقٍ، وليس الله عنهم فيما اكتسبوا براضٍ، إنَّه لم تكن فتنةٌ إلاَّ كان أكثر أهلها الخطباء والشُّعراء والسُّفهاء وأهل التَّيه والخيلاء، وليس يسلم منها إلاَّ المجهول الخفيِّ والمعروف التَّقيِّ، فمن كان منكم خفياً فليلزم الحقَّ، وليحبس نفسه عمَّا يتنازع النَّاس فيه من الدُّنيا، فكفاه والله بمعرفة الله إيَّاه بالخير شرفاً، وكفى له بها من الدُّنيا خلفاً، ومن كان منكم معروفاً شريفاً، فترك ما يتنافس فيه نظراؤه من الدُّنيا إرادة الله بذلك. فواها لهذا! ما أسعده وأرشده وأعظم أجره وأهدى سبيله! فهذا غداً ــ يعني يوم القيامة ــ القرير عيناً، الكريم عند الله مآباً".
    فلما بلغ ذلك مروان بن المُهلَّب قام خطيباً كما يقوم، فأمر النَّاس بالجدِّ والإحتشاد [وفي روايةٍ: فقام في النَّاس خطيباً؛ فأمرهم بالجدِّ والجهاد، والنَّفير إلى القتال](1)، ثمَّ قال لهم:
    "لقد بلغني أنَّ هذا الشَّيخ الضَّالَّ المُرائيُ ــ ولم يسمِّهِ ــ يثبِّطُ النَّاس، والله لو أنَّ جاره نزع من خُصِّ داره قَصَبَةً لظلَّ يرعُفُ أنفه، أينكر علينا وعلى أهل مصرنا أن نطلب حقَّنا، وأن ننكر مظلمتنا! أما والله ليكُفنَّ عن ذكرنا [وفي روايةٍ: عن ذلك أو لأفعلنَّ ولأفعلنَّ](2) وعن جمعه إلينا سقَّاطَ(3) الأبُلَّة(4) وعُلوجَ فراتِ البصرة ــ قوماً ليسوا من أنفسنا، ولا ممَّن جرت عليه النِّعمة من أحدٍ منَّا ــ أو لأنحينَّ عليه مِبْرَداً خشناً".
    فلمَّا بلغ ذلك الحسن [وفي رواية زيادة لفظة: قوله]؛ قال: "والله ما أكره أن يُكرمني الله بهوانه". فقال ناسٌ من أصحابه: لو أرادك ثمَّ شئت لمنعناك؛ فقال لهم: "فقد خالفتكم إذاً إلى ما نهيتكم عنه! آمركم ألاَّ يقتل بعضكم بعضاً مع غيري، وأدعوكم إلى أن يقتل بعضكم بعضاً دوني". فبلغ ذلك مروان بن المهلِّب، فاشتد عليهم وأخافهم وطلبهم حتَّى تفرَّقوا ولم يدع الحسن كلامه ذلك، وكفَّ عنه مروان بن المهلِّب.


    قلت: وقد ذكرها ــ عنه حتماً(5) ــ كلٌّ من أبي علي مسكويه في كتابه "تجارب الأمم"(2/484)(6)، وكذا بعضه عند أبي الفرج في "المنتظم"(7/79)، وكذا ابن الأثير في "الكامل في التَّاريخ"(4/131) وابن كثيرٍ في "البداية والنِّهاية"(9/221) وسبط ابن الجوزيِّ في "مرآة الزَّمان"(10/349). ولكن لم أجد ذكراً لهذه الرِّواية في غير الطَّبريِّ على ما وقفت؛ وفيها علَّتان:
    (الأولى): هشام هذا؛ وهو هشام بن محمَّد بن السَّائب الكلبيُّ أبو المنذر الأخباريُّ الرَّافضيُّ النسَّابة العلاَّمة. قال الذَّهبيُّ في "المغني"(2/711):
    "تركوه".
    (والثَّانية): أبو مخنف؛ وهو لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف الكوفيُّ، من السَّابعة، أخباريٌّ تالف، لا يوثق به، تركه أبو حاتم وغيره. وقال الدَّارقطنيُّ: "ضعيف". وقال يحيى بن معين: "ليس بثقة". وقال مرَّةً أخرى: "ليس بشيء". وقال ابن عدي: "شيعي محترق، صاحب أخبارهم"(7).
    ثمَّ قد انفرد أبو مخنف هذا ــ المجمع على تركه وعدم الإعتبار به ــ في روايتها بتفاصيلٍ لم يتابعه عليها أحدٌ، كما أنَّه لم يذكرها إلاَّ سواه؛ بل هي مشهورة فقط من جهته وطريقه. ولا ضير على الإمام الطَّبريِّ في إيرادها في "تاريخه"، إذ ــ وكما هو معلوم ومقرَّر ــ أنَّه ثمَّة فرقٌ بين روايته لهذه الرِّواية مع عزوها إلى راويها، وبين قبولها لها؛ وخاصَّة وهو القائل في المقدِّمة (ص/8) موضِّحاً منهجه فيه: "فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين ممَّا يستنكره قارئه، أو يستشنعه سامعه، من أجل أنَّه لم يعرف له وجهاً في الصحَّة، ولا معنى في الحقيقة، فليعلم أنَّه لم يؤت في ذلك من قبلنا، وإنَّما أتى من قبل بعض ناقليه إلينا، وإنَّا إنَّما أدَّينا ذلك على نحو ما أدِّي إلينا". ثمَّ المؤرِّخ إذا ساق الرِّواية ــ أو القصَّة أو الحادثة كما هو الحال في رواية الباب ــ بسنده فقد برئت عهدته منه، ولا لوم عليه في ذلك حتَّى ولو كانت موضوعة. وخاصَّة إذا علمنا أيضاً ــ وهو الأهمُّ هنا ــ بأنَّ الإمام الطَّبريُّ قد أخرج لأبي مخنف ذاك أكثر من ثلاثمائة رواية. زيادة كذا إلى تعمُّده ــ وأعني به طبعاً أبو مخنف(8) ــ التَّزوير والتَّحريف في رواياته.
    فإذا علمنا هذا؛ وعلمنا أيضاً أنَّ بعض الأفاضل ــ فضلاً عن مشايخنا الكبار ــ، وكذا بعض الأقلام الغيورة ــ ولا أنسى طبعاً طبقة الأدباء كما فعل أحمد زكي صفوت في "جمهرته"(9) ــ؛ قد يذكرون هذه الخطبة ويرغِّبون النَّاس إليها، لما حوته من فوائدٍ وعوائد، ولما تضمَّنته من حقائقٍ ودقائق، ولما فيها من هداية وإرشاد وبيان؛ وهو الأصل. ولكن من غير أن ينوِّهوا على راويها أبي مخنفٍ ذاك؛ وقد رأينا حاله آنفاً وكذا شيخه الكلبيُّ، ومن غير أن يركِّزوا عليها من جهة قبولها أو ردِّها، أو من جهة عزوها ــ على الأقلِّ!! ــ لهما أو لأحدهما، وذلك حتَّى يقف القارئ أو السَّامع؛ وكذا النَّاقل لها، على حقيقة المقال والحال.
    وها نحن نستدرك إن شاء الله ببيان ذلك هنا بما يشفي ويكفي، وببيان أيضاً وذكر ــ وهو الغاية من هذا البحث ــ بعض من فوائدها الجليلة كما يجب:
    (الأولى): وهي في معرفة الفرق ما بين طريقة السِّياسيِّ المادِّي المتمثِّلة في (مروان بن المهلِّب!!!) ذاك، وطريقة العالم الربَّانيِّ الزَّاهد المتمثِّلة في (الحسن البصريِّ!!!)؛ فشتَّان ما بين الطَّريقين والطَّريقتين، وما بين القولين والموقفين، بل شتَّان ثمَّ شتَّان ما بين الرَّجلين: رجلٌ قدَّم هواه ومصلحته الشَّخصيَّة ــ وكذا مصلحة سلطته! ــ وهو (مروان(10) بن المهلِّب(11) بن أبي صفرة الأزديُّ)؛ ممَّن قد خلع طاعة بني مروان وحاربهم حتَّى قتل مع من قتل من آل المهلِّب: هو والمفضَّل وعبد الملك وزياد؛ وهؤلاء بنو المهلِّب، وكذا معاوية بن يزيد بن المهلِّب، والمنهال بن أبي عيينة بن المهلِّب، وعمرو والمغيرة ابنا قبيصة بن المهلِّب. ورجلٌ قدَّم السنَّة المبنيَّة على الإتِّباع والمتابعة لمن سلفه ــ فضلاً عن ورعه وتقواه ــ وكذا مصلحة الدِّين والعباد؛ وهو (الحسن بن أبي الحسن يسار البصريُّ أبو سعيد)(12) التَّابعيُّ الكبير، والفقيه القارئ الزَّاهد العابد النَّاسك المشهور؛ كان إمام أهل البصرة وحبر الأمَّة في زمنه، بل إمام أهل العصر. قالوا عنه: "الإمام الحجَّة". وقالوا: "كان ثقة فى نفسه حجَّة، رأسًا فى العلم والعمل، عظيم القدر". رأى مائة وعشرين من أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
    فهل يستويان مثلاً؟!!
    وهل يستوي بين من يدعو إلى الحقِّ وإلى اتِّباع السنَّة ــ في مثل تلك الفتنة القائمة أنذاك ــ، وبين من يدعو إلى الباطل ومخالفة السنَّة باسم الهوى؟!!
    طبعاً يجيب المتجرِّد للحقِّ قائلاً: إنَّ بينهما كما بين {السَّماء ذات الرَّجع والأرض ذات الصَّدع!!!}.
    (والثَّانية): أنَّ دعوة السِّياسي ــ كما هو الحال في (مروان) هذا وعند غيره؛ قديماً وحديثاً!! ــ المحكِّم لعقله ولسلطان هواه، هي مبنيَّة فقط على إشعال الفتنة والتَّهييج إليها ولها، وكذا على التَّظاهر وعلى القتل، ولو كان هذا كلَّه على حساب النَّاس والشَّرع؛ والقصد أنَّها مبنيَّة على تحقيق مصلحته ليس إلاَّ. بينما دعوة الربَّاني ذاك المحكِّم لدينه ولمن سبقه في مثل هذه الفتنة ــ قياساً عليها أو ما شابهها ــ، إلى التَّثبيط عن ذلك كلِّه؛ كما في الحديث: "كونوا أحلاس بيوتكم"(13)، وكذا التمسُّك بما جاء به الشَّرع من مصالح ومفاسد.
    (والثَّالثة): أنَّ الضَّال ــ أو الخارج عن منهج الشَّرع والسنَّة ــ تراه غالباً كما هي عادة أهل الضَّلالة والأهواء؛ يسبُّ من خالفه أو يخالفه بشتَّى ما أوتي من ذلك السَّبِّ والثَّلب والعيب، ومن الشَّتم واللَّعن والطَّعن، وكذا ما أوتي من أفظع القذف والفحش والذَّم والتَّحقير والإهانة والإستهزاء والإزدراء والإيذاء. وهذا واضحٌ تمام الوضوح في قوله: "أنَّ هذا الشَّيخ الضَّالَّ المُرائيُ"؛ والشَّاهد فيه هو إطلاق مروان بن المهلِّب ذاك ــ هكذا حبًّا في الهوى وفي المخالفة ــ على الإمام الحجَّة النَّاسك بأنَّه: "ضالٌ!!". وهي نفس الكلمة وأقبح منها، يطلقونها جملة من أهل العداوة من القبوريَّة والطُّرقيَّة والأشاعرة والإخوان؛ فضلا كذلك ما يذاع ويشاع باسم (الحراك!!!) على علاَّمة الجزائر (الشَّيخ فركوس)؛ وكذا على كلٍّ من أخويه الفاضلين الكريمين: (الشَّيخ سنيقرة) و(الشَّيخ جمعة)، فضلاً على كبار علماء الأمَّة في هذا الزَّمان. ومنها كما هو متداولٌ على ألسنة العامَّة والخاصَّة في الشَّارع والمنتديات والمجالس؛ أنَّهم علماء السُّلطان أو البلاط، وعلماء سخَّرتهم (الإستخبارتيَّة!!!) للقول والعمل بمقتضى مصالحها، أو بما يأمرونهم به؛ وهذا من البهتان الكبير.
    فما أشبه الأمس باليوم، وما أشبه اللَّيلة بالبارحة!!!
    ما أشبه ما نحن فيه من الحال بما مضى؛ بما وقع لـ (الحسن البصريِّ) من ابن المهلِّب من التَّعيير ورميه بالضَّلال، وبما يقع الآن لـ (فركوس) ولغيره من المشايخ الثِّقات العدول؛ من غوغاء النَّاس ومميِّعة الإخوان وأهل الدَّعاوى الباطلة العريضة المريضة. وفيهم يصدق المثل: "ما أشبه السَّفينة بالملاَّح!!!". وقول القائل:
    بحبِّ دنيانا خساس النَّاسِ ..... ما أشبَه الأجناسَ بالأجناسِ
    (والرَّابعة): وهي أنَّ طريقة التَّهييج ــ وما شابهها ــ يناصرها في الغالب جملة من الخطباء والشُّعراء والسُّفهاء وأهل التَّيه والخيلاء، وكذا أهل الهوى وبائعي الضَّمائر من أصحاب المصالح؛ وهؤلاء هم عندنا في واقعنا ــ المشاهد ــ من طبقة المثقَّفين والسِّياسيِّين وأضرابهم؛ فتنبَّه.
    (والخامسة): أنَّ أهل الدِّين كمثل الإمام (الحسن البصريِّ) و(فركوس) و(ربيع) وغيرهم؛ قد تركوا ذلك كلَّه لله، فهم السُّعداء وهم الأهدى سبيلا.
    والله الموفَّق وهو الهادي إلى السَّبيل، وصلَّى الله على محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيرا.

    وكتبه بقلمه راجي عفو ربِّه:
    أبو حامد الإدريسي
    يوم الإثنين 21 شوال 1440هـ الموافق لـ 24 جوان 2019م
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) أنظر "البداية والنِّهاية"(9/221) للحافظ ابن كثير.
    (2) أنظر "البداية والنِّهاية"(9/247) للحافظ ابن كثير.
    (3) جمع ساقط: وهو اللَّئيم في حسبه ونفسه.
    (4) الأبلَّة: موضع بالبصرة.
    (5) أي هذه الرِّواية المذكورة ذكروها هؤلاء المذكورين نقلاً من "تاريخ" الإمام الطَّبري؛ فهو أصل روايتهم ونقلهم. وذلك بسبب عدم ذكرهم لإسنادٍ لها من طريقهم أو كيف وصلت إليهم. حينذاك؛ نبقى على ذلك الأصل، وهو أَّنهم قد نقلوها ــ ذكراً وروايةً ــ من "تاريخه".
    (6) ذكر فقط قوله: "والله ما أكره أن يُكرمني الله بهوانه".
    (7) أنظر "المعجم الصَّغير لرواة الإمام ابن جرير الطَّبري"(2/751) لأكرم زيادة الفالوجي الأثري.
    (8) له مصنَّفات كثية مفقودة. قال عنه ابن قتيبة في "المعارف"(ص/234): "كان صاحب أخبار وأنساب والأخبار عليه أغلب". ومثله الذَّهبيُّ في "سير أعلام النُّبلاء"(7/301)؛ وقال: "كان صاحب تصانيف وأخبار".
    (9) العنوان كاملا هو: "جمهرة خطب العرب في عصور العربيَّة الزَّاهرة"(2/354 وما بعدها).
    (10) (000-102هـ = 000-720م) شجاع خطيب، من أشراف العرب. خرج بالعراق مع أخيه (يزيد) حين خلع طاعة بني مروان.
    (11) تابعي كبير، ومجاهد عظيم، برز مجاهدًا للترك والخوارج زمن الأمويين، فما كان لهم إلا هو، فعلى يديه كُسرت شوكتهم، وفُتحت بلادهم. ولي خراسان سنة (79هـ) في عهد عبد الملك بن مروان من جهة الحجاج بن يوسف الثقفي -فإنه كان أمير العراقين وزوج ابنته هند بنت المهلب، ولم يزل واليًا عليها حتى توفي سنة (83هـ)، وخلف المهلب عدة أولاد نجباء كرماء أجواد أمجاد، جمعهم المهلب عندما حضرته الوفاة، ودعا بسهام فحزمت، ثم قال: "أترونكم كاسريها مجمعة؟! قالوا: لا، قال: أفترونكم كاسريها مفرقة؟! قالوا: نعم، قال: هكذا الجماعة، ثم مات". وكان قدم عبد الرحمن بن سليم الكلبي على المهلب، فرأى بنيه قد ركبوا عن آخرهم، فقال: "أنس الله الإسلام بتلاحقكم، أما والله لئن لم تكونوا أسباط نبوة، إنكم أسباط ملحمة".
    ومن الإنصاف أن ننقل هنا كلام ابن خلكان في "وفيات الأعيان"(6/283) لمَّا قال: "وأجمع علماء التَّاريخ على أنَّه لم يكن في دولة بني أميَّة أكرم من بني المهلِّب، كما لم يكن في دولة بني العبَّاس أكرم من البرامكة،..، وكان لهم في الشَّجاعة أيضًا مواقف مشهورة".
    (12) (21-110هـ = 642-728م) جاء في "الإعلام"(): "هو أحد العلماء الفقهاء الفصحاء الشُّجعان النسَّاك، ولد بالمدينة سنة (21هـ)، شبَّ في كنف علي بن أبي طالب، استكتبه الربيع بن زياد والي خراسان في عهد معاوية، سكن البصرة، وعظمت هيبته في القلوب، فكان يدخل على الولاة فيأمرهم وينهاهم، لا يخاف في اللَّه لومة لائم، قال فيه الغزالي: كان الحسن البصري أشبه الناس كلاماً بكلام الأنبياء، وأقربهم هدياً من الصحابة، كان غاية في الفصاحة، تتصبَّب الحكمة من فيه، له مع الحجَّاج بن يوسف مواقف، توفي في البصرة سنة (110هـ)".
    للاستزادة انظر: "تهذيب التهذيب"(2/110) و"فيات الأعيان"(1/115) و"ميزان الاعتدال"(1/254) و"حلية الأولياء"(2/131) و"ذيل المذيل"(ص/93) و"أمالي المرتضى"(1/106) و"الأزهرية"(3/725).
    (13) وهو الحديث أخرجه أبو داود في "سننه"(4262) عن أبي موسى رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "إنَّ بين أيديكم فتناً كقطع اللَّيل المظلم، يصبح الرَّجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من السَّاعي. قالوا: فما تأمرنا؟ قال: كونوا أحلاس بيوتكم".
    ومن حديث ابن مسعود (4258): "قال: تكفُّ لسانك ويدك، وتكونُ حِلساً من أحلاسِ بيتك".
    قال الألباني في "صحيح التَّرغيب والتَّرهيب"(3/43): "وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة في "الصِّحاح" وغيرها.
    (الحلس): هو الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب. يعني الزموا بيوتكم في الفتن، كلزوم الحلس لظهر الدَّابة".
    التعديل الأخير تم بواسطة عبد الله سنيقرة; الساعة 2019-06-25, 11:40 AM.

  • #2
    طبعا العاقل اللَّبيب! قد يستنبط من تلك (الخطبة!!!) المذكورة، فوائد كثيرة وعوائد جليلة، بل قد يستنبط منها أحكام ــ عامَّة أو خاصَّة ــ لما نحن فيه من فتنة (الحراك!!!) الهائج من غير قيدٍ أو ضابط، ولما نحن فيه من سبٍّ للعلماء وإطلاق الألسنة عليهم ــ هكذا ــ جزافاً؛ والله المستعان.

    تعليق

    الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
    يعمل...
    X