إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

السراج في صحَّةِ مقولةِ: «الوقتُ جزءٌ مِنَ العلاج» والردِّ على عمر الحاج

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السراج في صحَّةِ مقولةِ: «الوقتُ جزءٌ مِنَ العلاج» والردِّ على عمر الحاج

    <بسملة1>


    السراج
    في صحَّةِ مقولةِ: «الوقتُ جزءٌ مِنَ العلاج»
    والردِّ على عمر الحاج


    الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
    فقَدْ كَتَب عمر الحاج مسعود ـ هَدَاه الله ـ مقالًا سمَّاهُ: «نصيحة مُشفِق» أَفرغَ فيه جامَ غضبه على الشيخ أزهر سنيقرة ـ حفظه الله ـ وكان مِنْ جملةِ ما تَناوَله مقالُه المذكورُ: مناقشتُه لمقولةِ: «الوقتُ جزءٌ مِنَ العلاج»، تَعرَّض فيه بالطعن للشيخ أبي عبد المُعِزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ فحملَتْني الغيرةُ على الحقِّ أَنْ أحمل قلمي وأُجرِيَه بما فَتَح اللهُ مِنْ تعقيبٍ على كلام عمر الحاج ـ هَدَاه الله ـ لِمَا رأيتُه ورآه سائرُ طلبةِ العلم مِنَ التجنِّي على مَقامِ شيخنا ـ حفظه الله ـ طعنًا وبهتانًا، فأُورِدُ أوَّلًا كلامَ عمر الحاج ثمَّ أعقبه بما يبيِّن بُعْدَه عن العلم الشرعيِّ والأدبِ في الحوار في مَحاوِرَ أربعةٍ، وبالله أستعين:
    قال عمر الحاج مسعود ـ هَدَاه الله ـ «وصَفْتَني في صوتيَّتك بالكاذب، وشنَّعْتَ عليَّ حينَ ذكَرْتَ نقدي لعبارةِ «الوقتُ جزءٌ مِنَ العلاج» وموضوعَ النَّصيحة في اجتماعاتنا، وهما قضيَّتان مختلفتان تمامًا، لكنَّك خلَطْتَ بينَهما ولبَّسْتَ.
    أمَّا الأولى؛ فمقصودي نقدُ هذه العبارةِ ـ بغضِّ النَّظر عن قائلها ـ الَّتي صار يستعملها الكثيرُ مِنَ الشَّباب والكُتَّاب في هذه الفتنة، ويحتجُّون بها أثناءَ المناقشة أو عبرَ وسائلِ التَّواصلِ حين يَعجِزون عن إقامة الأدلَّة الَّتي تَدين المشايخَ، ويستدلُّون بها كأنَّها آيةٌ أو حديثٌ أو أثرٌ سلفيٌّ، مع أنَّها مشهورةٌ عن الإخوان المسلمين، قالها حسن البنَّا كما في «رسالة التَّعاليم» ومحمَّد الغزالي في كتابه «الطَّريق مِنْ هنا» (ص 96).
    فالمتعيِّنُ ـ في مِثلِ هذه الحالاتِ ـ التفصيلُ وتركُ الإجمال، والتوضيحُ والبيانُ بالأدلَّةِ القاطعةِ المُقْنِعةِ التي تَدينُ المشايخَ ويُحكَم بها عليهم، لا أَنْ يُترَكَ ذلك للوقتِ والغيب والتَّفتيش والتَّنقيب وجمعِ الشهادات، عمَلًا بالقاعدة البدعية: «اعتَقِد ثم اسْتَدِلَّ»، خاصَّةً وأنَّ الأمرَ يتعلَّق بأناسٍ معروفين بالسَّلفية، وهذه هي طريقةُ السلف في النَّقدِ والجَرْح، كما سيأتي في كلام الشيخ ربيع.
    ومَنْ عُرِف عنه بالدَّليلِ الاستقامةُ ولزومُ الجادَّة، لم يَزُل عنه ذلك إلَّا بدليلٍ مِثلِه أو أقوى منه؛ إذ «اليقينُ لا يزول بالشكِّ»، قال تعالى: ﴿لَّوۡلَآ إِذۡ سَمِعتُمُوهُ ظَنَّ المُؤۡمِنُونَ وَالمُؤۡمِنَٰتُ بِأَنفُسِهِمۡ خَيرٗا وَقَالُواْ هَٰذَآ إِفك مُّبِين ١٢﴾ [النور]، قال ابن سِعدي في [«فتح الرحيم» (ص 211)]: «هذا إرشادٌ منه لعبادِه إذا سمعوا الأقوالَ القادحةَ في إخوانهم المؤمنين، رجعوا إلى ما علِموا مِنْ إيمانهم وإلى ظاهرِ أحوالهم، ولم يَلتفتوا إلى أقوالِ القادحين، بل رجعوا إلى الأصلِ وأنكروا ما يُنافِيه».
    ومِنَ القواعدِ المقرَّرةِ في أصول الفقه والمتَّفَقِ عليها أنَّ «تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز»، والحاجةُ إلى البيان في قضيَّتِنا ماسَّةٌ، لا يُتحمَّلُ تأخيرُه ولا يجوز كِتمانُه.
    إذن لا بُدَّ مِنْ إظهارِ الأدلَّة وتوضيحِها، لأنَّ العِبرةَ بها؛ قال تعالى: ﴿قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ﴾ [البقرة: 111؛ النمل: 64]
    ».
    وسيتضمَّن التعليقُ على كلامه محاوِرَ:
    المحور الأوَّل: في بيان صحَّة المقولة «الوقت جزءٌ مِنَ العلاج»
    المحور الثاني: في عدم بطلان القولِ الحقِّ لمجرَّدِ جَرَيانِه على لسان المُبتدِعة.
    المحور الثالث: في بطلان ما ادّعاه –هداه الله- من عدم وجود أدلة تدين رجال مجلة الإصلاح.
    المحور الرابع: في بيان مخالفة عمر الحاج مسعود ـ هداه الله ـ لمنهج السلف في التعامل مع العلماء.
    أمَّا المحور الأوَّل: فقول القائل: «الوقت جزءٌ مِنَ العلاج» ما هو إلَّا تجسيدٌ لسُنَّةٍ إلهيَّةٍ جَعَلها اللهُ كونيَّةً في علاج القضايا المُستعصِيَة، ومداواةِ الأمور طويلةِ المدى، يسبقها بيانُ المَحَجَّة وإقامةُ الحجَّة، يلجأ إليها المُعالِجُ والمداوي حين يَلْمَس مِنَ المُخالِفين استماتةً في المُخالَفة، وتصلُّبًا في ردِّ الحقِّ وعدمِ الرجوع عن الزلل، فيُطَمْئِنُ الشاكِّين بأنَّ حالَ أولئك سيتَّضِحُ بارزًا للعيان مع مرور الوقت، ويستبين ظاهرًا مع تقدُّم الزمن؛ إذ «ما أَسَرَّ أحَدٌ سريرةَ خيرٍ أو شرٍ إلَّا أَظهرَها اللهُ على صفحاتِ وجهه وفَلَتاتِ لسانه»، وفي كتاب الله تعالى وسُنَّةِ نبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم وصنيعِ علماءِ أهل السُّنَّة ما يشهد لصحَّةِ مقولةِ: «الوقت جزءٌ مِنَ العلاج»:
    فمِنَ القرآن:
    ـ قولُه تعالى: ﴿وَالَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضرِبُوهُنَّۖ فَإِنۡ أَطَعنَكُمۡ فَلَا تَبغُواْ عَلَيهِنَّ سَبِيلًاۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّا كَبِيرٗا ٣٤ وَإِنۡ خِفتُمۡ شِقَاقَ بَينِهِمَا فابعَثُواْ حَكَما مِّنۡ أَهلِهِۦ وَحَكَما مِّنۡ أَهلِهَآ إِن يُرِيدَآ إِصلَٰحا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَينَهُمَآۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرٗا ٣٥﴾ [النساء].
    فأَمَر اللهُ تعالى بالتدرُّج لمعالجة المرأة الناشز: مِنَ الوعظ إلى الهجر في المَضاجِع، إلى الضرب غيرِ المُبرِّح، إلى تدخُّل العُقَلاء الصالحين مِنَ الأهل والأقارب؛ وهذا التدرُّج مِنَ الأدنى إلى الأعلى هو باستعمال عامل الزمن والوقت رجاءَ أَنْ ترجع الناشزُ إلى رُشدِها وتثوبَ عن غَيِّها وتستفيقَ مِنْ غفلتها، فإِنْ لم يُجْدِ ذلك نفعًا كانَتِ المرتبةُ الأخيرة، وهي الفراقُ بالحُسْنى لاستحالة التعايش بينهما.
    ـ وقولُه تعالى: ﴿فَلَا تَعجَلۡ عَلَيهِمۡۖ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمۡ عَدّٗا ٨٤﴾ [مريم].
    قال السعديُّ ـ رحمه الله ـ: «﴿فَلَا تَعجَلۡ عَلَيهِمۡ﴾ أي: على هؤلاء الكُفَّار المُستعجِلين بالعذاب؛ ﴿إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمۡ عَدّٗا ٨٤﴾ أي: أنَّ لهم أيَّامًا معدودةً لا يتقدَّمون عنها ولا يتأخَّرون، نُمهِلُهم ونَحْلُمُ عنهم مُدَّةً ليُراجِعوا أَمْرَ الله، فإذا لم ينجع فيهم ذلك أخَذْناهم أَخْذَ عزيزٍ مُقتدِرٍ»( 1).
    ومِنْ السنَّة: حديث خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ رضي الله عنه قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ: «أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا؟! أَلَا تَدْعُو اللهَ لَنَا؟!» قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لَا يَخَافُ إِلَّا اللهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ»( 2).
    فأَرشدَ صلَّى الله عليه وسلَّم الصحابةَ المُستضعَفِين إلى الصبر على أذى المشركين المُعْتَدِين، وحذَّرهم مِنَ الاستعجال في طلب النصر والدعاء على الظلمة، لأنَّ الله تعالى كَتَب شرعًا وقَدَرًا عُلُوَّ كلمة الحقِّ وإزهاقَ كلمات الباطل، وما ذلك بمُعجِزٍ اللهَ تعالى، ولكنَّ حكمة الله اقتضَتْ أنَّ ذلك يكون إلى وقتٍ قد يطول أحيانًا، ولله في ذلك حِكَمٌ وأسرارٌ قد يُطلِعُ خَلْقَه على بعضها، ويخفى عليهم أكثرُها، وما عليهم إلَّا الثقةُ والتسليم.
    ومِنْ صنيع العلماء ما قالَهُ الشيخ ربيع ـ حفظه الله وأطال عُمرَه في طاعته ـ ذابًّا عن نفسه فريةَ الانتماء إلى جماعة الإخوان ورادًّا على عبد الرحمن عبد الخالق: «أوَّلًا: نعم كنتُ مع الإخوان المسلمين هذه المدَّةَ أو دونها؛ أتدري لماذا؟ إنه لأجل إصلاحهم وتربِيَتِهم على المنهج السلفيِّ، لا لأجل غرضٍ دنيويٍّ، فقَدْ دخلتُ معهم بشرطين:
    أحَدُهما : أَنْ يكون المنهج الذي يسيرون عليه ويُرَبُّون عليه حركاتِهم في العالَمِ هو المنهجَ السلفيَّ.
    وثانيهما: أَنْ لا يبقى في صفوفهم مُبتدِعٌ، لا سيَّما ذا البدعة الغليظة، فقَبِلوا ما اشترطتُ، وكان الذين عرضوا عليَّ الدخول وقَبِلوا شرطي ممَّنْ أعتقد فيهم أنهم سلفيُّون وسيكونون عونًا لي في تنفيذِ ما اشترطتُ؛ وظلَلْتُ أنتظر تنفيذَ هذين الشرطين وأُطالِبُ ـ بجِدٍّ ـ بتطبيقهما وصبرتُ وصابرتُ؛ والأمورُ لا تزداد إلَّا سوءًا، وظَهَر فيهم اتِّجاهٌ صوفيٌّ قويٌّ على يدَيْ بعضِ كبار الصوفية ومؤلَّفاتهم التي ظهر بسببها ـ في ذلك الوقت ـ إقبالُهُم الشديد على هذه المؤلَّفاتِ الصوفيَّةِ وابتعادُهم عن منهج السلف، وظهرت حربُهم للسلفيَّة والسلفيِّين بصورةٍ واضحةٍ؛ فلمَّا وصلتُ معهم إلى طريقٍ مسدودٍ ـ كما يُقالُ ـ وظهرَتْ بوادرُ التعاطف مع الروافض رأيتُ أنه لا يجوز لي البقاءُ فيهم؛ فإذن أكون قد دخلتُ فيهم لله وخرجتُ لله؛ وأَستغفِرُ اللهَ مِنْ ذنوبي وتقصيري في المدَّةِ التي قضَيْتُها فيهم والتي حالت بيني وبين خدمة المنهج السلفيِّ خدمةً كاملةً»( 3).
    ونَقَل الشيخ سليمان الرحيلي ـ حفظه الله ـ عن الشيخ ربيع ـ حفظه الله ـ أنه قال له: «واللهِ يا سليمانُ رجلٌ صبرتُ عليه خمسةَ عَشَرَ عامًا وأنا أعرفُ أخطاءه وأنصحُه وأنصحُه، ولكِنْ ما أَظهَرْتُ هذا».
    فهل تقدر يا عمرُ الحاج ـ ولا إخالك تقدر ـ أَنْ تقول في الشيخ ربيع ما قُلتَه في الشيخ فركوس: «فيه غِشٌّ وفيه مراوغةٌ».
    وأمَّا المحور الثاني: فقَدِ استند عمر الحاج مسعود ـ هَدَاه الله ـ في نقد مقولةِ: «الوقتُ جزءٌ مِنَ العلاج» إلى ما يحسبه دليلًا ويظنُّه حجَّةً وهو أنَّ هذه المقولةَ: «مشهورةٌ عن الإخوان المسلمين، قالها حسن البنَّا كما في «رسالة التَّعاليم» ومحمَّد الغزالي في كتابه «الطَّريق مِنْ هنا» (ص 96)».
    يا عمر الحاج، لا يتم التسليم أنها مقولة إخوانية لما سبق بيانه من النصوص الشرعية التي تشهد على صحتها وثبوتها، وعلى فرض التسليم -جدلا- أنها مقولة إخوانية فهي مقولة حقّ، لا يُعلم أحد أنه أبطلها لا حسّا ولا شرعا، والحق يقبل من أي جهة كان، كما أن الباطل يردّ، وفي كتاب الله عز وجل تصديق قول حقّ صادر من كافر، فإن الله تعالى صدّق بلقيس ملكة سبأ عندما قالت: ﴿إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً﴾ فقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34)﴾ [النمل]، وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم قوله لأبي هريرة رضي الله عنه: « صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ » ( 4) عن الشيطان.
    يا عمر طِوالَ هذه السنواتِ التي كنتَ تخطب فيها الجمعة وتُلقي فيها الدروسَ الأسبوعيَّةَ، لم تتعلَّم مِنْ تحضيرك للمادَّة العلميَّة ومطالعتك لكُتُب العلماء: أنه لا يَلْزَم مِنْ موافقة المُبتدِعة والمُخالِفين للحقِّ الذي عند أهل السنَّةِ ردُّه وإبطالُه لمجرَّدِ أنهم وافقوه فيه؟! أم هو تجاهُلُ ما تَعلَّمْتَه؟!
    وغالبُ الظنِّ أنَّ بعض الغلمان الحُدَثاء ضيَّعوا أوقاتَهم في مسوَّدات الإخوان بحثًا وتنقيبًا حتَّى تلقَّفوا المقولةَ في كلام محمَّد الغزالي، فطاروا بها فرحًا ظنًّا منهم ـ لسَعَةِ جهلهم ـ أنها الدليلُ القاطع الذي يُدِين الشيخَ أبا عبد المُعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ ويُسقِطُه، فسارعوا إلى إعلامك وغيرِك به؛ وفي فترةِ عمًى وغشيانِ هوًى نشَرْتَه واستنَدْتَ إليه للطعن في منهج الشيخ ـ حفظه الله ـ فدُسْتَ على قواعد أهل العلم وضرَبْتَ بتأصيلاتهم أرضًا وعُرْضَ الحائط مِنْ أجل أَنْ تُلحِق بالشيخ ـ حفظه الله ـ فريةَ استمدادِ أدلَّتِه مِنْ منهج الإخوان، وتنتصرَ لجماعتك.
    يا عمر الحاج ألستَ تعلم أنَّ الحق لا يُرَدُّ بمجرَّدِ كون الإخوان أو غيرهم مِنَ الهالكين قالوه؟!!
    قال ابنُ القيِّم ـ رحمه الله ـ في مَعرِضِ بيان مسألة تدافُعِ الحسنات والسيِّئات: «فإِنْ قِيلَ: فهذا يَلْزَم منه إحباطُ الحسنات بالسيِّئات، وهذا قول المعتزلة، والقرآنُ والسنَّة قد دلَّا على أنَّ الحسنات هي التي تُحبِط السيِّئاتِ لا العكس؛ كما قال: ﴿إِنَّ الحَسَنَٰتِ يُذۡهِبنَ السَّيِّ‍َٔاتِ﴾ [هود: 114]، وقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لمُعاذٍ رضي الله عنه: «اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ».
    قِيلَ: والقرآن والسنَّة قد دلَّا على الموازنة وإحباطِ الحسنات بالسيِّئات؛ فلا يُضرَبُ كتابُ اللهِ بعضُه ببعضٍ، ولا يُرَدُّ القرآنُ بمجرَّدِ كون المعتزلة قالوه ـ فِعلَ أهل الهوى والتعصُّب ـ بل نقبل الحقَّ ممَّنْ قاله، ونردُّ الباطلَ على مَنْ قاله»( 5).
    وهذا الشيخ الألبانيُّ ـ رحمه الله ـ رأسُ السلفيِّين وعالِمُهم لطالما جَرَتْ على لسانه في أشرطته المسموعةِ مقولةُ: «أقيموا دولةَ الإسلامِ في قلوبكم تَقُمْ لكم في أرضكم»؛ والكلُّ يعلم ـ وأنت منهم ـ أنَّ قائلها هو حسن البنَّا زعيمُ «الإخوان المسلمون» وقائدُهم، فهل تَجْرُؤُ يا عمرُ أَنْ تقول في الشيخ الألبانيِّ ـ رحمه الله ـ ما قُلتَه في الشيخ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ؟! أم هو الكيل بمكيالين، والوزنُ بصاعين، والبعدُ عن جادَّة الصواب؟!
    فإِنْ جبُنْتَ عن وصف الشيخ الألبانيِّ بمثلِ ما وصفتَ به الشيخ فركوس فأُذكِّرُك بقولِ ابنِ القيِّم ـ رحمه الله ـ: «وقد ذمَّ اللهُ تعالى مَنْ يردُّ الحقَّ إذا جاء به مَنْ يبغضه، ويَقبله إذا قاله مَنْ يحبُّه، فهذا خُلُقُ الأمَّة الغضبيَّة، قال بعضُ الصحابة: اقْبَلِ الحقَّ ممَّنْ قاله وإِنْ كان بغيضًا، ورُدَّ الباطلَ على مَنْ قاله وإِنْ كان حبيبًا»(6 ).
    وإِنْ جَرُؤْتَ على أَنْ تقول فيهما ما قُلتَ سابقًا فقَدْ حكَمْتَ على نفسك بمنهج الحدَّادية، وأحلاهما مُرٌّ.
    المحور الثالث: وأمَّا ادِّعاءُ عمر الحاج ـ هداه الله ـ العجزَ عن إقامة الأدلَّة على إدانة رجال مجلَّة الإصلاح، فيقال له: ألَا يكفي مُضِيُّ الجماعة في سبيل المنهج الاحتوائيِّ دليلًا قاطعًا على انحرافهم، كتزكِيَتِهم للمُنحرِفين بعد العلم اليقينيِّ بانحرافهم وثنائهم عليهم واجتماعهم بهم وزيارتهم لهم زيارةَ مودة وأخوة وتآلف، بشهادة المنحرفين صوتيًا، ومن أصول المنهج السلفي الاستدلال بالصحبة على عقيدة المصاحب ومنهجه صحةً وفسادًا، قال الأوزَاعِيّ –رحمه الله- : «مَنِ اسْتَتَرَ عَنَّا بِبِدْعَتِهِ لَمْ تُخَفْ أُلْفَتُهُ»( 7) وقال محمد بن عبيد الله الغلابي: كان يقال: «يَتَكَاتَمُ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا التَّآلُفَ وَالصُّحْبَةَ»( 8) وعن يحيى بن سعيد القطان قال: لما قدم سفيان الثوري البصرة: جعل ينظر إلى أمر الربيع يعني ابن صبيح، وقدره عند الناس سَأَلَ: «أَيُّ شَيْءٍ مَذْهَبُهُ؟ قَالُوا: مَا مَذْهَبُهُ إِلَّا السُّنَّةُ قَالَ: مَنْ بِطَانَتُهُ؟ قَالُوا: أَهْلُ الْقَدَرِ قَالَ: هُوَ قَدَرِيٌّ»( 9)
    فكيف إذا انضاف إلى ما سبق الطعن في علماء الأمّة في الداخل والخارج، والسرقات العلمية، والتآكل بالدعوة، وارتضاء جريمة الكذب والتلبيس والتدليس مسلكاً قصد الدفاع عن المصالح الشخصية، وتهييج الصبية الجهلة على الكبار من المشايخ والدعاة، وإقرارهم على طعوناتهم وسبابهم في حقّ المشايخ والعلماء كما هو حاصل في المنتدى المسروق.
    المحور الرابع: وأمَّا مخالفة عمر عمر الحاج مسعود ـ هَدَاه الله ـ لمنهج السلف في التعامل مع العلماء فبيانُه مِنْ جهة طعنه في الشيخ أبي عبد المُعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ وذلك كثيرٌ غيرُ قليلٍ، وظاهرٌ غيرُ مُستَتِرٍ منذ بروز التميُّزِ بين الفريقين وميلِه ـ هَدَاه الله ـ إلى جماعةِ دُعَاةِ مجلَّةِ الإصلاح، ومِنه قولُه في صوتيَّةٍ مسموعةٍ: «ونحن نردُّ هذا النزاعَ إلى كتاب الله وإلى سُنَّةِ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، بمعنَى: نطلب الدليلَ في أيِّ مسألةٍ مِنَ المسائل، ليس كحالِ بعض الناس اليومَ إذا خالَفْتَه في مسألةٍ قال: «انظر فلانًا»، «ارجِعْ إلى فلان»، أين دليلُك أنت؟ أين حجَّتُك؟ فيريدون أَنْ يرجعونا إلى التعصُّب والتقليد، وهذا شيءٌ مذمومٌ، ليس عندنا خفاءٌ، وليس عندنا عصمةٌ، وليس عندنا تقديسٌ كحال الصوفية وكحال الشيعة الروافض وكحال بعض الحزبيِّين، ﴿قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ﴾ [البقرة: 111؛ النمل: 64]، حتَّى وَصَل الحالُ بقومٍ أنهم لا يريدون القراءةَ ولا المباحثة ولا المناقشة مع إخوانهم الذين يُشارِكونهم في المنهج وفي الصراط المستقيم، يقول لك: «لا تقرؤوا لهم، همِّشوهم» إلى غير ذلك مِنَ المُصطلَحات المُبتدَعة، هو يقول لك: «ليس بمُبتدِعٍ، لكِنْ لا تقرأ له»، تناقضٌ عجيبٌ واجتهادٌ غريبٌ، جاؤوا بفقهٍ جديدٍ ومنهجٍ غيرِ رشيدٍ، إنما يفعل هذا مَنْ ليس عنده قدرةٌ على المباحثة والمناقشة، وليس عنده شجاعةٌ في المواجهة والمناظرة، يتكلَّم مِنْ وراءِ جُدُرٍ، ويستتر بمِثلِ هذه المصطلحاتِ «همِّشوهم» لأنه يعلم أنَّ مُقلِّده لو جَلَس لغيره لاقْتَنع بأدلَّتِه؛ فلهذا يريد أَنْ يجعل بينه وبينه حجابًا وجدارًا، وهذه طريقةٌ غريبةٌ ليست معروفةً عند عُلَمائنا ومشايخنا، وإنما يفعل هذا مَنْ ليس عنده حجَّةٌ ولا برهانٌ، ويريد أَنْ يقدِّسه الدَّهْماءُ وأَنْ يتعصَّب له العامَّةُ؛ فلا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا بالله، نسأل اللهَ تعالى الفقهَ في الدِّين والعلمَ بالتأويل»( 10).
    يا أهلَ السنَّةِ العقلاءَ، هل المنهج السلفيُّ يعلِّمُكم الطعنَ في علمائكم بمِثلِ هذه الألفاظِ القبيحة: اتِّهامٌ بالتناقض والإتيان بمنهجٍ غيرِ رشيدٍ، وعجزٍ عن المباحثة والمناقشة، وفقدٍ للشجاعة، والتكلُّمِ مِنْ وراء جُدُرٍ، ثمَّ انحطاطٌ في الاتِّهام إلى غاية الوصول إلى النيَّات والمقاصد بقوله: «ويريد أَنْ يقدِّسه الدَّهْماءُ وأَنْ يتعصَّب له العامَّة».
    يا عمر! مِنْ أصول منهج السلف: احترامُ العلماءِ وتقديرُهم، ومحبَّتُهم ومحبَّةُ الخير لهم والذبُّ عن أعراضهم، وطاعتُهم في المعروف لكونهم مِنْ وُلَاة الأمر؛ قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمرِ مِنكُمۡ﴾ [النساء: 59].
    فبأيِّ حجَّةٍ وعلى أيِّ منهجٍ تَصِفُ العالِمَ ـ بشهادتك وشهادةِ أضرابِك قبل أَنْ يُصيبكم ما أصابكم ـ بأوصافٍ قبيحةٍ وألفاظٍ شنيعةٍ لم يصدر مِثلُها مِنَ المُبغِضين للمنهج السلفيِّ مِنْ صوفيَّةٍ وأشاعرةٍ، في الوقت الذي ترفع فيه مِنَ الأصاغر مَنْ يمدحك وأمثالَك على صفحات المُنتدَيَات، وتَكِيلُ لهم الثناءَ جُزافًا كقولك في نفس المقال المذكور آنفًا: «وتفوَّهْتَ بالبهتان في أخينا الوقور مصطفى قالية»(11 ): تَصِفُه بأوصاف المدح والثناء والتعظيم وتُنزِلُه ومَنْ على شاكلته ـ كالبليدي ومرابط وحمُّودة وأضرابِهم مِنَ الصِّبْيَة الصغار ـ منزلةَ الدُّعاة الكبار، ومَنْ لهم قَدَمُ صدقٍ في المنهج السلفيِّ تأليفًا ودعوةً، ثمَّ تجيء إلى مَقامِ الشيخ أبي عبد المُعِزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ الذي له مِنَّةٌ عليك بتعليمك وتدريسك فتَلمِزُه مِنْ طَرْفٍ خفيٍّ تارةً ومِنْ أطرافٍ صريحةٍ تاراتٍ أخرى، فتُلحِقُ به أوصافَ الخداع والغشِّ والجبن والخَوَر والسكوت عن المُنكَر، ولا تذكره حين تذكره إلَّا بالأخطاء المزعومة والسقطات الموهومة، وليس لك عليه مِنْ أمرٍ تنقمه منه أو تغمصه عليه إلَّا أنه أسدى لك النصيحةَ وأهدى لك عيوبَك يبغي سَدادَك وخيرَك ويَعِزُّ عليه عنَتُك، وكأنك وأمثالَك لم تتعلَّموا مِنْ حقِّ العلماء إلَّا أنهم «لا عصمةَ لهم ولا تقديسَ لهم» تردُّون بها ما تظنُّونه ـ أو تزعمونه ـ أخطاءً، دون حفظٍ منكم لكرامَتِهم ومكانَتِهم.
    وأخزى مِنْ كُلِّ ذلك أَنْ تسعى لتُدرِجَه ضِمنَ رموزِ «الإخوان المسلمين» وقادَتِهم المؤطِّرين للانحراف المسلكيِّ والخلل المنهجيِّ، كما فَعَل البليديُّ الغِرُّ خِفَّةً وجهلًا حين اتَّهم الشيخَ ـ حفظه الله ـ بمنهج سيِّد قطب في شرح كلمة التوحيد، وأنت ـ يا عمرُ ـ تُمعِنُ في بَهْتِ الشيخ بأنه يستقي مِنْ حسن البنَّا ومحمَّد الغزالي.
    تشابهَتْ أقوالُكم وتَواردَتْ طعونُكم واتَّفقَتْ كلِمَتُكم على الحطِّ مِنْ قيمة عالِم البلد وعَلَمِها.
    أليس هذا مِنْ تمييع المنهج السلفيِّ وتغييرِ مَعالِمِه والعبثِ بأصوله؟! ترفعون الوضيعَ وتَضَعون الرفيع!! تقزِّمون مَنْ عَظُمَ مَقامُه في العلم وتُعظِّمون مَنْ هو قَزَمٌ خُلُقًا وأدبًا وعلمًا!! تؤيِّدون الأغمارَ على الطعن في الكبار علمًا وسِنًّا، وتخذلون الكبارَ في تأديب الصغار المُتطاوِلين على جناب العلم والدعوة السلفية!! تُربِّعون على كراسي الدعوة والتوجيه صبيةً طائشين وتُقْصُون مشايخَ شابَتْ لِحَاهم في العلم تعليمًا وتدريسًا!!
    أمَا لو كنتَ صادقًا ـ يا عمرُ ـ لرأيناك تزجر سفيهًا ينتسب إليكم يزعم ـ جهلًا وسُوءَ أدبٍ ـ أنَّ الشيخ ـ حفظه الله ـ لا يصلح على زريبة غنمٍ، وأنت ـ يا عمرُ ـ كنتَ إلى زمنٍ غيرِ بعيدٍ تقول في حلقاتك: «مَنْ أراد أَنْ يتأصَّل في القواعد الفقهية وتطبيقاتها فلْيُمْعِنِ النظرَ في فتاوى الشيخ فركوس»( 12)، وكنتَ أنت وأمثالُك الطاعنون تُهرَعون إليه لحلِّ مُعضِلاتِ مسائل العلم ومُستعصِيَاته ومُستجِدَّاتِ النوازل وعويصِها؛ فما الذي قلَبَ الأمورَ وعَكَس الحقائقَ بين لحظةٍ وأخرى فصِرتَ تعرف ما كنتَ تُنكِرُ وتُنكِرُ ما كنتَ تعرف، حتَّى صار المُتفنِّنُ في القواعد ومسائلِ العلم جاهلًا مُستمِدًّا مِنَ الإخوان ضعيفًا في المنهج، وصار الصبيةُ قليلُو الأدبِ مشايخَ وَقورين ودُعَاةً صادقين؟!
    والحقُّ أنَّ الشيخ أبا عبد المُعِزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ هو الشيخ العالم قديمًا وحديثًا، وما تَغيَّر إلَّا أمثالُك ـ يا عمرُ ـ وأشكالُك وأضرابُك الساكتون عن المُميِّعة، المُنجرِفون المؤيِّدون لانحرافهم، وذلك وَحْدَه كافٍ دليلًا على إدانتكم، وزيغِ مسلككم وبُعدِكم عن منهج الحقِّ، وذلك قاصرٌ بكم عن شَرَفِ رتبة الإصلاح، وزاجٌّ بكم في زمرة المتدثِّرين بدِثَار الانحراف.
    قال ابنُ القيِّم ـ رحمه الله ـ: «فإنَّ الكمال الإنسانيَّ مَدارُه على أصلين: معرفة الحقِّ مِنَ الباطل، وإيثاره عليه.
    وما تفاوتَتْ مَنازِلُ الخَلْق عند الله تعالى في الدنيا والآخرة إلَّا بقَدْر تَفاوُتِ منازلهم في هذين الأمرين، وهما اللَّذَان أثنى اللهُ بهما سبحانه على أنبيائه بهما في قوله تعالى: ﴿وَاذۡكُرۡ عِبَٰدَنَآ إِبرَٰهِيمَ وَإِسحَٰقَ وَيَعقُوبَ أُوْلِي الأَيدِي وَالأَبصَٰرِ ٤٥﴾ [ص].
    فالأيدي: القوَّة في تنفيذ الحقِّ، والأبصار: البصائر في الدِّين، فوَصَفهم بكمال إدراك الحقِّ وكمالِ تنفيذه، وانقسم الناسُ في هذا المَقامِ أربعةَ أقسامٍ، فهؤلاء أشرفُ الأقسام مِنَ الخَلْقِ وأكرمُهم على الله تعالى.
    القسم الثاني: عكسُ هؤلاء، مَنْ لا بصيرةَ له في الدِّينِ ولا قوَّةَ على تنفيذ الحقِّ، وهم أكثرُ هذا الخَلْق، وهم الذين رؤيتُهم قَذَى العيونِ وحُمَّى الأرواح وسَقَمُ القلوب، يضيِّقون الدِّيَار ويُغْلُون الأسعارَ، ولا يُستفاد مِنْ صُحبَتِهم إلَّا العارُ والشَّنَار.
    القسم الثالث: مَنْ له بصيرةٌ بالحقِّ ومعرفةٌ به، لكنَّه ضعيفٌ لا قوَّةَ له على تنفيذه ولا الدعوةِ إليه، وهذا حالُ المؤمن الضعيف، والمؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله منه.
    القسم الرابع: مَنْ له قوَّةٌ وهِمَّةٌ وعزيمةٌ، لكنَّه ضعيفُ البصيرة في الدِّين، لا يكاد يُميِّز بين أولياء الرحمن وأولياءِ الشيطان، بل يحسب كُلَّ سوداءَ تمرةً وكُلَّ بيضاءَ شحمةً، يحسب الوَرَمَ شحمًا والدواءَ النافع سُمًّا.
    وليس في هؤلاء مَنْ يصلح للإمامة في الدِّين ولا هو موضعٌ لها سوى القسمِ الأوَّل»( 13).
    والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

    مُحِبُّ الشيخ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ
    الجزائر في: 03 شوَّال 1440ﻫ
    الموافق ﻟ: 6 جوان 2019م

    ******
    ( 1) «تيسير الكريم الرحمن» (500).
    ( 2) أخرجه البخاريُّ (3612).
    ( 3) «النصر العزيز» (ص:187 ـ 188).
    (4 ) أخرجه البخاري (3275).
    ( 5) «مدارج السالكين» (1/288).
    ( 6) «مدارج السالكين» (3/482).
    ( 7) «شرح أصول اعتقاد أهل السنة » (1/154).
    ( 8) «الإبانة» لابن بطة (2/479).
    ( 9) «الإبانة» لابن بطة (2/452).
    ( 10) صوتية مسجَّلة بتاريخ: يوم الأربعاء 08 ربيع الثاني 1440 هجري.
    (11 ) يا عمرُ، أوَقورٌ مَنْ يقول عن شيخه الذي درَّسه ودرَّسك كذلك: «ماذا ستقول لربِّك يا مَنْ سعَيْتَ في تفرُّقِ كلمة المسلمين؟! بماذا ستعتذر وقد خالفتَ أَمْرَه سبحانه بردِّ الأمر للعلماء الراسخين كما في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا جَآءَهُمۡ أَمر مِّنَ الأَمنِ أَوِ الخَوۡفِ أَذَاعُواْ بِهِۦۖ وَلَوۡ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِي الأَمرِ مِنهُمۡ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَستَنبِطُونَهُۥ مِنهُمۡ﴾ [النساء: 83]، هل يصلح اعتذارُك أنهم طعنوا في شخصك؟! إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون...وأمرٌ آخَرُ يظهر مِنَ الصوتية وهو عدمُ الصبر على سائلٍ واحدٍ رغم أدَبِه وحُسنِ طرحه»، أوَقورٌ مَنْ يطعن في شيخه بأنه مُفرِّقٌ؟ ويخاطبه كما يخاطب السيِّدُ عبدَه الآبق؟ أوَقور مَنْ يتَّهِم شيخَه ـ الذي لقَّنه العلمَ ولقَّنك ـ أنه جَزوعٌ غيرُ صَبورٍ؟ لا يتَّسِعُ صدرُه لمَنْ يُخالِفُه؟ أوَقورٌ مَنْ يلمز شيخَه بأنه لا أدبَ له مع سائلٍ، ويرفع السائلَ الماكر المُسجِّلَ خُفْيَةً بأنه صاحبُ أدبٍ؟ متى صار المكرُ والخديعةُ أدبا؟!
    ( 12) إذًا كنتَ تُرشِدُ الطلبةَ إلى الزريبة!
    (13 ) «الداء والدواء» (92).
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2019-06-12, 11:51 AM.

  • #2
    ذبَّ الله عن عِرضك في الدنيا، وذبَّ عن وجهك النارَ يوم تلقاه

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا أخانا عبد المؤمن وأحسن إليك على هذا الرد الجميل

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا وبارك فيك.
        غفر الله له

        تعليق


        • #5
          جزاك الله خيرا وبارك فيك

          تعليق


          • #6
            جزاك الله خيرا
            الوقت جزء من العلاج لها أصل من الكتاب السنة، لكن القوم لا يفقهون.
            الملفات المرفقة

            تعليق


            • #7
              جزاك الله خيرا أخي عبد المؤمن وبارك فيك
              قال الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا )
              الطلاق (1)
              قال السعدي رحمه الله:
              { لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا } أي: شرع الله العدة، وحدد الطلاق بها، لحكم عظيمة: فمنها: أنه لعل الله يحدث في قلب المطلق الرحمة والمودة، فيراجع من طلقها، ويستأنف عشرتها، فيتمكن من ذلك مدة العدة، أولعله يطلقها لسبب منها، فيزول ذلك السبب في مدة العدة، فيراجعها لانتفاء سبب الطلاق.

              ومن الحكم: أنها مدة التربص، يعلم براءة رحمها من زوجها.
              فيقال: لمن أنكر وغامر،أليس الوقت جزء من العلاج؟.
              التعديل الأخير تم بواسطة مكي المهداوي; الساعة 2019-07-02, 06:16 PM.

              تعليق

              الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
              يعمل...
              X