بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتَّبع هداه. أمَّا بعدُ:
فهذا تفريغ لمقطع من خُطبة الجمعة ليوم 23 من رمضان 1436 هـ ، لشيخنا الفاضل أزهر سنيقرة حفظه الله
يبين فيه أن :
صلاة التراويح، القيام، التهجد، كلها أسماء لأمر واحد وعمل السلف هو المرجح .
عنوان الخطبة هدي النبي عليه الصلاة والسلام في صلاة الليل في رمضان
وهذا موضع الشاهد من كلام الشيخ -حفظه الله ورعاه- :
جمع عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه و الذي قال في حقه نبينا عليه الصلاة والسلام " عليكم باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " ، و الذي قال فيهم كذلك " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضّوا عليها بالنواجذ " ، فسنة نبينا عليه الصلاة والسلام التي جمع عليها عمر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هي هذه الصلاة التي نصليها على هذه الطريقة النبوية بفضل الله جل وعلا و منه و كرمه ، ثم لّما اجتمعوا عليها دخل عليهم مرة أخرى فرآهم مجتمعين فقال : " نعمت البدعة هي " ، والبدعة ليست بالمعنى الشرعي التي هي مذمومة بكل صورها و أشكالها ، بل المقصود بذلك معناها اللغوي ، ولأنه يعلم و الصحابة يعلمون جميعا أنهم قد صلوا هذه الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تكون بدعة البتة .
البدعة في مخالفة أمرهم ، البدعة في إحداث ما لم يفعلوه ، ولهذا قال الإمام ابن كثير عليه رحمة الله تبارك وتعالى " وأما أهل السنة والجماعة فيقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة هو بدعة لأنه لو كان خيرا لسبقونا إليه " .
وقالَ حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (كُلُّ عِبَادَةٍ لَمْ يَتَعَبَّدْهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا تعبَّدوها؛ فَإِنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَدَعْ لِلْآخِرِ مَقَالًا)
فإن الأول من أصحاب رسول الله لم يدع للآخر ممن جاء بعدهم مقالا أي شيئَا.
الخير كل الخير في إتباع هديهم ، والسير على طريقتهم ، فما بال هؤلاء يتركون هذه السنة الماضية الثابتة التي اجتمع عليها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و يحدثون أمرا لم يكن في العهد الأول ، لم يكن في الزمن الأول ، على عهد هؤلاء الرجال الأفذاذ ، بل إنّ عمر رضي الله تعالى عنه الذي جمع أصحاب رسول الله في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه السنة والتي كانت تؤدى بعد صلاة العشاء كان يقول : " و التي ينامون عنها أفضل من التي يقومون "
لأن فضل القيام في الثلث الأخير من الليل ، و لكن مراعاة لأصل التخفيف على الناس و عدم المشقة بهم وعليهم كانوا يصلونها في أول الليل و إن كانوا يعتقدون أن أفضل الوقت هو آخرها ،ولكن هل فعل أحد منهم بأن جمَّع الصحابة جماعة أخرى ؟في آخر الليل في هذا الوقت الفاضل ؟ البتة.
وهل أن عمر رضي الله عنه تعالى عنهم قال : صلوا عشرا في أول الليل وعشرا في آخره ؟
كلا ،لم يثبت هذا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،البتة.
ولوثبت لنقل لنا إلينا لأنه أمر يجتمع عليه أصحاب رسول الله ، فالذين قسّموا هذا التقسيم وأحدثوا هذا الإحداث خالفوا هدي أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام ، ومن غرائب أمور هؤلاء أنك تسمع بعضا منهم يعلن عن بداية صلاة التهجد وهو في صلاة التهجد أي وهو في صلاة التراويح ،كأنه يقِر ُللنّاس أن التي تصلونها ليست تهجدا ، والتهجد قيام الليل كله .
"صلاة التراويح ، وصلاة القيام ، وصلاة التهجد ، كلها أسماء لأمر واحد هو قيام الليل في رمضان الذي قال فيه رب العزة والجلال :" وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الْإِسْرَاءِ: 77-78]
فالسّنة السّنة إخوة الإيمان ، فالسّنة السنة إخوة الإيمان ، فإن الله جل وعلا تعبدنا بها ، وهي والله أحب إلينا من سائر الأعمال كلها ،ورحم الله سلف هذه الأمة المحبين لسنة نبي هذه الأمة كانوا يقولون :"اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة " ، ونحن نقول تبعا لقولهم : " اقتصاد في سّنة خير من اجتهاد في مخالفة السّنة "، سواء كانت بدعة أولا ، هذا أعمّ .
كما أسأله تبارك وتعالى في هذه الليالي المباركة أن يجمع قلوبنا على طاعته وأن يوفقنا لما فيه مرضاته وأن يجمع قلوب المؤمنين على توحيده وعلى إتباع هدي نبيّه عليه الصلاة والسلام ، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن ،وأن يهديَ أقواما منا وفينا يريدون إشعال نار الفتن بين إخواننا في بلدنا أوفي سائر بلاد المسلمين .
وهذا رابط الصوتية :
تعليق