إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نصيحة إلى متظاهر ببيان فيما للخليفة والسلطان وما عليه مما هو مفوض إليه .

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نصيحة إلى متظاهر ببيان فيما للخليفة والسلطان وما عليه مما هو مفوض إليه .

    <بسملة1>

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اله وعلى أله وصحبه ومن والاه .

    فإمن من محاسن الأعمال بذل النصح لعموم للناس وخواصّهم ، فينبغي على المسلم أَنْ يَعْلَمَ أنَّ للخَلْقِ حقوقًا عليه، وآدابًا يَلْزَمُه القيامُ بها إزاءَهم، سواءٌ كانوا أقاربَه أو جيرانَه أو إخوانَه أو غيرَهم، ومِنْ هذه الحقوقِ والآدابِ التي يَسْلُكُ سبيلَها مع الخَلْق: أَنْ يُبيِّنَ لهم الخيرَ في الشيء الذي يريد أَنْ يَنْصَحَهم به، ويُطْلِعَهم على الصواب في الأمرِ الذي يقصد توجيهَهم إليه؛ إحسانًا إلى الخَلْقِ صادرًا عن رحمةٍ وَرِقَّةٍ للمنصوح لهم، وعبادةً خالصةً بالنصيحة، وقُرْبةً يَتقرَّبُ بها إلى الله تعالى.(1)
    ومناسبة هذه النصيحة هي ما تشهده بلادنا على غرار الكثير من البلدان الإسلامية للأسف من خروج للناس في المظاهرات والمسيرات ، على اختلاف أهداف الخارجين فيها وإن زعموا دوما التغيير أو غير ذلك ، وهي تحمل رسالة مباسرة إلى أولئك الذي نعرف مواقفهم من السلفيين في مثل هذه الأمور ، وما موقف السلفيين إلا موقف الهدي النبوي والطريق الصحيح الذي لم يختلف فيه أصحاب المذاهب الفقهية المعروفة ، فطالما عهدنا من المزايدين على السلفيين قولهم تجنيا وكذبا أن السلفية "لامذهبية"،بسبب محاربة علمائنا للتعصب المذهبي طبعا (مع جهلهم باللامذهبية التي أنكرها العلماء حقا (2) ) ، ثم نجدهم في هذه الفوضى والمظاهرات ينقلبون إلى اللامذهبية ولو تليت عليهم كل أدلة المذاهب وعلمائها التي تحرّم الخروج بجميع أشكاله .
    وهذه النصيحة هي بيان للحقوق الشرعية التي تجب الراعي والرعية من كتاب تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام لمؤلفه بدر الدين ابن جماعة الشافعي رحمه الله ، وقد تقدمت نصيحة من قبل وهي من كلام الطرطوشي المالكي رحمه الله .

    فيما للخليفة والسلطان وما عليه مما هو مفوض إليه
    23 - أما حُقُوق السُّلْطَان الْعشْرَة:
    فَالْحق الأول:
    بذل الطَّاعَة لَهُ ظَاهرا وَبَاطنا، فِي كل مَا يَأْمر بِهِ أَو ينْهَى عَنهُ، إِلَّا أَن يكون مَعْصِيّة؛ قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم} .
    وأولو الْأَمر هم: الإِمَام ونوابه عِنْد الْأَكْثَرين. وَقيل: هم الْعلمَاء. وَقَالَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " السّمع وَالطَّاعَة على الْمُسلم فِيمَا أحب أَو كره مَا لم يُؤمر بِمَعْصِيَة ". فقد أوجب الله تَعَالَى وَرَسُوله: طَاعَة ولي الْأَمر، وَلم يستثنِ مِنْهُ سوى الْمعْصِيَة، فَبَقيَ مَا عداهُ على الِامْتِثَال.
    الْحق الثَّانِي: بذل النَّصِيحَة لَهُ سرا وَعَلَانِيَة. قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " الدّين النَّصِيحَة " قَالُوا: لمن؟ (9 / أ) " قَالَ لله، وَلِرَسُولِهِ، ولأئمة الْمُسلمين، وعامتهم ".
    الْحق الثَّالِث:
    الْقيام بنصرتهم بَاطِنا وظاهراً ببذل المجهود فِي ذَلِك لما فِيهِ نصر الْمُسلمين وَإِقَامَة حُرْمَة الدّين، وكف أَيدي الْمُعْتَدِينَ.
    الْحق الرَّابِع: أَن يعرف لَهُ عَظِيم حَقه، وَمَا يجب من تَعْظِيم قدره، فيعامل بِمَا يجب لَهُ من الاحترام وَالْإِكْرَام، وَمَا جعل الله تَعَالَى لَهُ من الإعظام، وَلذَلِك كَانَ الْعلمَاء الْأَعْلَام من أَئِمَّة الْإِسْلَام يعظمون حرمتهم، ويلبون دعوتهم مَعَ زهدهم وورعهم وَعدم الطمع فِيمَا لديهم، وَمَا يَفْعَله بعض المنتسبين إِلَى الزّهْد من قلَّة الْأَدَب مَعَهم، فَلَيْسَ من السّنة.
    الْحق الْخَامِس: إيقاظه عِنْد غفلته، وإرشاده عِنْد هفوته، شَفَقَة عَلَيْهِ، وحفظاً لدينِهِ وَعرضه، وصيانةً لما جعله الله إِلَيْهِ من الْخَطَأ فِيهِ.
    الْحق السَّادِس:
    تحذيره من عَدو يَقْصِدهُ بِسوء، وحاسد يرومه بأذى، أَو خارجي يخَاف عَلَيْهِ مِنْهُ، وَمن كل شَيْء يخَاف عَلَيْهِ مِنْهُ على اخْتِلَاف أَنْوَاع ذَلِك وأجناسه، فَإِن ذَلِك من آكِد حُقُوقه وأوجبها.
    الْحق السَّابِع:
    إِعْلَامه بسيرة عماله: الَّذين هُوَ مطَالب بهم، ومشغول الذِّمَّة بسببهم لينْظر لنَفسِهِ فِي خلاص ذمَّته، وللأمة فِي مصَالح ملكه ورعيته.
    الْحق الثَّامِن: إعانته على مَا تحمله من أعباء الْأمة ومساعدته على ذَلِك بِقدر المكنة، قَالَ الله تَعَالَى {وتعانوا على الْبر وَالتَّقوى} وأحق من أعين على ذَلِك وُلَاة الْأُمُور.
    الْحق التَّاسِع:
    رد الْقُلُوب النافرة عَنهُ إِلَيْهِ، وَجمع محبَّة النَّاس عَلَيْهِ؛ لما فِي ذَلِك من مصَالح الْأمة وانتظام أُمُور الْملَّة.
    الْحق الْعَاشِر:
    الذب عَنهُ بالْقَوْل وَالْفِعْل، وبالمال وَالنَّفس والأهل فِي الظَّاهِر (10 / أ) وَالْبَاطِن، والسر وَالْعَلَانِيَة. وَإِذا وفت الرّعية بِهَذِهِ الْحُقُوق الْعشْرَة الْوَاجِبَة، وأحسنت الْقيام بمجامعها والمراعاة لموقعها، صفت الْقُلُوب، وأخلصت، وَاجْتمعت الْكَلِمَة وانتصرت.


    حُقُوق الرّعية الْعشْرَة على السُّلْطَان

    الفصل الثاني من كلام ابن جماعة رحمه الله " فيما للخليفة والسلطان وما عليه مما هو مفوض إليه " ، وهذا الفصل لمن عقل من الأهمية بما كان ، لا يقل أهمية عن الفصل الأول الذي ذكره المؤلف ، وحري بكل عاقل أن يمعن النظر في الحقوق التي يجب على المسلم أن يحرص على تحقيقها والتي فيها حياته ونجاته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، لا كما نراه اليوم للأسف في ربوع البلاد الإسلامية من ثورات لم تقم كما هو ظاهر من نتائجها ومقدماتها إلا على محاربة الفساد أو التغيير في أحسن الأحوال _زعموا _ وهي حجة أقبح من ذنب الخروج والفوضى وتبعاتها الأخرى ، لم تخرج عن كونها مطالب دنيوية ومعيشية زائلة فانية ، قد أبعد أصحابها النجعة للأسف ولم يدركوا حقيقة الإصلاح والتغيير المطلوبَين . وقد بدأها رحمه الله بحماية هذا الدين الذي نحن عليه ، والذي به قوام كل شئ كما حث ربنا تبارك وتعالى ونبينا عليه الصلاة والسلام ، فقال في فصل متقدّم :
    وَقَالَ الله تَعَالَى: {الَّذين إِن مكناهم فِي الأَرْض أَقَامُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة وَأمرُوا بِالْمَعْرُوفِ ونهوا عَن الْمُنكر وَللَّه عَاقِبَة الْأُمُور} . ضمن سُبْحَانَهُ نصْرَة الْمُلُوك بِهَذِهِ الشُّرُوط الْأَرْبَعَة، فَإِذا قَامُوا بِهَذِهِ الشُّرُوط تحقق لَهُم النَّصْر الْمَشْرُوط.
    يقول رحمه الله :
    24 - وَأما حُقُوق الرّعية الْعشْرَة على السُّلْطَان

    فَالْأول: حماية بَيْضَة الْإِسْلَام والذب عَنْهَا، إِمَّا فِي كل إقليم إِن كَانَ خَليفَة، أَو فِي الْقطر الْمُخْتَص بِهِ إِن كَانَ مفوضاً إِلَيْهِ، فَيقوم بجهاد الْمُشْركين وَدفع الْمُحَاربين والباغين، وتدبير الجيوش، وتجنيد الْجنُود، وتحصين الثغور بالعدة الْمَانِعَة وَالْعدة الدافعة، وبالنظر فِي تَرْتِيب الأجناد فِي الْجِهَات على حسب الْحَاجَات وَتَقْدِير إقطاعهم، وأرزاقهم، وَصَلَاح أَحْوَالهم.
    الْحق الثَّانِي:
    حفظ الدّين على أُصُوله المقررة، وقواعده المحررة، ورد الْبدع، والمبتدعين، وإيضاح حجج الدّين، وَنشر الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة، وتعظيم الْعلم وَأَهله، وَرفع مناره وَمحله، ومخالطة الْعلمَاء الْأَعْلَام، النصحاء لدين الْإِسْلَام، ومشاورتهم فِي موارد الْأَحْكَام،
    ومصادر النَّقْض والإبرام. قَالَ الله تَعَالَى لنَبيه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] {وشاورهم فِي الْأَمر} قَالَ الْحسن: كَانَ وَالله غَنِيا عَن الْمُشَاورَة، وَلَكِن أَرَادَ أَن يستن لَهُم.
    الْحق الثَّالِث:
    إِقَامَة شَعَائِر الْإِسْلَام: كفروض الصَّلَوَات، وَالْجمع وَالْجَمَاعَات، وَالْأَذَان، وَالْإِقَامَة، والخطابة، والإمامة، وَمِنْه النّظر فِي أَمر الصّيام وَالْفطر، وأهلّته، وَحج الْبَيْت الْحَرَام وعمرته. وَمِنْه: الاعتناء بالأعياد، وتيسير الحجيج من نواحي الْبِلَاد، وَإِصْلَاح طرقها وأمنها فِي مَسِيرهمْ، وانتخاب من ينظر أُمُورهم.
    الْحق الرَّابِع:
    فصل القضايا وَالْأَحْكَام، بتقليد الْوُلَاة والحكام لقطع المنازعات بَين الْخُصُوم، وكف الظَّالِم عَن الْمَظْلُوم، وَلَا يولي (11 / أ) ذَلِك إِلَّا من يَثِق بديانته وأمانته وصيانته من الْعلمَاء والصلحاء، والكفاة النصحاء،
    وَلَا يدع السُّؤَال عَن أخبارهم والبحث عَن أَحْوَالهم، ليعلم حَال الْوُلَاة مَعَ الرّعية، فَإِنَّهُ مسؤول عَنْهُم، مطَالب بِالْجِنَايَةِ مِنْهُم. قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] (كل رَاع مسؤول عَن رَعيته) .
    الْحق الْخَامِس: إِقَامَة فرض الْجِهَاد بِنَفسِهِ، وبجيوشه أَو سراياه وبعوثه، وَأَقل مَا يجب فِي كل سنة مرّة إِن كَانَ بِالْمُسْلِمين قُوَّة، فَإِن دعت الْحَاجة إِلَى أَكثر مِنْهُ وَجب بِقدر الْحَاجة، وَلَا يخلي سنة من جِهَاد إِلَّا لعذر كضعف بِالْمُسْلِمين - وَالْعِيَاذ بِاللَّه تَعَالَى - واشتغالهم بفكاك أَسْرَاهُم، واستنقاذ بِلَاد استولى الْكفَّار عَلَيْهَا. وَيبدأ بِقِتَال من يَلِيهِ من الْكفَّار إِلَّا إِذا قَصده الْأَبْعَد، فَيبْدَأ بقتاله لدفعه.
    الْحق السَّادِس: إِقَامَة الْحُدُود الشَّرْعِيَّة على الشُّرُوط المرعية، صِيَانة لمحارم الله عَن التجريء عَلَيْهَا، ولحقوق الْعباد عَن التخطي إِلَيْهَا. ويسوّي فِي الْحُدُود بَين الْقوي والضعيف، والوضيع والشريف. قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " إِنَّمَا أهلك من كَانَ قبلكُمْ أَنهم كَانُوا يُقِيمُونَ الْحُدُود على الوضيع، ويتركون الشريف، وَايْم الله لَو أَن فَاطِمَة بنت مُحَمَّد سرقت لقطع مُحَمَّد يَدهَا ".
    الْحق السَّابِع: جباية الزكوات والجزية من أَهلهَا، وأموال الْفَيْء وَالْخَرَاج عِنْد محلهَا، وَصرف ذَلِك فِي مصارفه الشَّرْعِيَّة، وجهاته المرضية، وَضبط جِهَات ذَلِك، وتفويضه إِلَى الثِّقَات من الْعمَّال.
    الْحق الثَّامِن:
    النّظر فِي أوقاف الْبر والقربات، وصرفها فِيمَا هِيَ لَهُ من الْجِهَات، وَعمارَة القناطر وتسهيل سبل الْخيرَات.
    الْحق التَّاسِع:
    النّظر فِي قسم الْغَنَائِم وتقسيمها، وَصرف أخماسها إِلَى مستحقيها، كَمَا سَيَأْتِي تفصيلها فِي بَاب الْغَنَائِم إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
    الْحق الْعَاشِر:
    الْعدْل فِي سُلْطَانه، وسلوك موارده فِي جَمِيع شَأْنه. قَالَ تَعَالَى {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان} . وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذا قُلْتُمْ فاعدلوا} وَفِي كَلَام الْحِكْمَة: عدل الْملك حَيَاة الرّعية، وروح المملكة، فَمَا بَقَاء جَسَد لَا روح فِيهِ. فَيجب على من حكّمه الله تَعَالَى فِي عباده، وملّكه شَيْئا من بِلَاده، أَن يَجْعَل الْعدْل أصل اعْتِمَاده، وَقَاعِدَة استناده، لما فِيهِ من مصَالح الْعباد وَعمارَة الْبِلَاد، وَلِأَن نعم الله يجب شكرها، وَأَن يكون الشُّكْر على قدرهَا، ونعمة الله على السُّلْطَان فَوق كل نعْمَة، فَيجب أَن يكون شكره أعظم من كل شكر.

    والله أعلم والحمد لله رب العالمين
    __________________
    (1) كلمة الشيخ فركوس الشهرية في ضوابط نصيحة أئمة المسلمين [حكامًا وعلماء] .
    (2) قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
    وقول من قال: اللامذهبية.. هذا إن أراد أن لا يجب التمذهب وليس بلازم فهو صحيح، وإن أراد أنه لا يجوز أن ينتسب فليس بصحيح، يجوز أن يتنسب الإنسان إلى أن يكون شافعيًا أو حنبليًا أو مالكيًا أو حنفيًا؛ لأنه نشأ على ذلك، وتعلم على مشايخهم.. ونحو ذلك؛ لا بأس أن ينتسب، الانتساب لا يضر، إنما المهم أن لا يقلد ويتعصب، بل متى ظهر الحق أخذ به ولو في غير مذهبه، لا يجوز التعصب والتقليد الأعمى.
    التعديل الأخير تم بواسطة خالد أبو علي; الساعة 2019-04-25, 02:43 PM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
يعمل...
X