إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نظرات حول ما حدث ويحدث في المظاهرات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نظرات حول ما حدث ويحدث في المظاهرات

    <بسملة1>


    نظرات حول ما حدث ويحدث في المظاهرات

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أما بعد:
    إن مما يجب التذكير به كل وقت أن الله -عز وجل- خلقنا لتوحيده والقيام بعبادته وحده دون من سواه، وهذه الغاية من أجلها هيَّأ الله للإنسان ما في السماوات والأرض، ولأجلها أنزل الله تعالى الكتب وأرسل الرسل، فكان سبحانه كلما درس العلم وتسلط الشيطان واجتال الناس عما خلقوا له بعث إليهم رسولا يذكرهم ويعلمهم "رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما" [النساء:165]، فمن أطاع الرسول من تلك الأقوام فاز وأفلح، وسعد ونجا من العذاب، ومن عصى الرسول من تلك الأقوام خاب وخسر، وشقي وأصابه العذاب "فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون" [العنكبوت:40]، وقال سبحانه "ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين ولقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون" [الأنبياء:9-10] وقال سبحانه "ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين" [النحل:36]، وقال الله عز وجل "ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون" [النحل:114]، وقال تعالى في فرعون "فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا" [المزمل:16]، وقال سبحانه في قوم نوح "فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين" [الأعراف:64]، وفي قوم هود قال الله تعالى "فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين" [الأعراف:72]، وقال في قوم لوط عليه السلام "فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين" [الأعراف:83]، وفي قوم شعيب عليه السلام "فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين" [الشعراء:189-190].
    ثم أرسل عز وجل آخر رسله إلى أهل الأرض وهو محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي -صلى الله عليه وسلم- وجعل دينه آخر الأديان وناسخها، وكتابه آخر الكتب والمهيمن عليها، فلا نبي بعده -صلى الله عليه وسلم-، وقد أمر الله سبحانه بطاعته في آيات كثيرة ونهى عن مخالفته فقال سبحانه "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب" [الحشر:7]، وأمرنا عز وجل بالاقتداء به فقال "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا" [الأحزاب21]، وحصر سبحانه الهداية في طاعته فقال "وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين" [النور:54] وقرنه به سبحانه في الرضى والمحبة والطاعة والمعصية فقال "يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين" [التوبة:62] وقال "تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين" [النساء:13-14] وقال "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم" [آل عمران:31] وغيرها من الآيات، وهكذا الأحاديث كثيرة جدا في هذا المعنى، ومنها ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها، فجعل الرجل يزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها فأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقتحمون فيها»(البخاري:6483) فدل الحديث على أن من لم يحمل نفسه على طاعة النبي -عليه الصلاة والسلام- تعرَّض للاقتحام في النار، واستحق العذاب بقدر بعده عن السنة.
    وأحوج ما نحتاج لتوجيهات نبينا -صلى الله عليه وسلم- في زمن الفتن، وإننا لنعيش في هذه الأيام نصيبا من تلك الفتن بما حل في بلدنا الجزائر من مظاهرات وعصيان مدني ونحو ذلك، والدافع لكتابة هذه الكلمة أمران:
    أ-جرأة بعض من لم يتشبع بالعلم الشرعي في تبرير تلك المظاهرات والحث عليها؛ بأن الشرع أباح ذلك، بل جعلها بعضهم واجبا شرعيا على الأمة، وحاولوا جهدهم إيراد الأدلة حسب أهوائهم.
    ب-تهالك أصناف أهل الأهواء في رمي السلفيين بالشتائم، والطعن في منهجهم بالعظائم، والإنحناء عليهم باللوائم، من غير حياء أو خوف من الله سبحانه، حتى لقد صح فيهم قول بعض العرب: (لا يحجزه تقى ولا يردعه نهى).
    فقصدت بهذه الكلمة إنارة الشبهة وإزالة الارتياب؛ الذي غطى عقول أولي الحجا والألباب، فضلا عن غيرهم من أهل الوهن والوهي والاضطراب.
    وقد جعلتها في مقدمة وتمهيد وأربعة مباحث، والله الموفق وحده.


    تمهيد:
    المتتبع للأحداث التي جرت فيما مضى من الأيام وغبر، وما سلف من الأسابيع وصدر، من مظاهرات وعصيان مدني، يلحظ أن الناس انقسموا فيها إلى أربعة فرق، بحسب ما انتهى إليهم علمهم وفهمهم وتصورهم:
    فالأولى: من أنشأ هذه المظاهرات وأجج لها.
    والثانية: من أيدها وأمدها وأعدها.
    والثالثة: من توقف فيها لا قبولا ولا ردا.
    والرابع: من رفضها وحذر منها ومن مغبتها.
    وقبل الكلام على هذه الأقسام، يحسن الإشارة إلى معنى المظاهرة
    تعريف المظاهرة:
    أ-المظاهرة في اللغة: المعاونة، والتظاهر: التعاون، والظهير: المعين.
    ب-اصطلاحا: جاء في "مجمع اللغة العربية" بالقاهرة (11/1) بأنها: (إعلان رأي، أو إظهار عاطفة في صورة جماعية).
    فالمظاهرة إذن: هو خروج الناس إلى الشوارع والساحات العمومية للمطالبة من حاكم البلد ما يتعلق بحقوقهم، والعدل فيهم والقيام بمصالحهم، أو للتعبير عن رأي لهم في قضية من القضايا، طبعا ليس للالتماس بل للإلزام، لأن هذه المظاهرات صارت في وقتنا وفي كثير من البلدان –بل جلها- وسيلة للضغط على الحاكم للموافقة على إرادة شعبه ورعيته.

    المبحث الأول: من أيد المظاهرات أو توقف فيها

    المطلب الأول: المنشؤون والمؤججون للمظاهرات
    فالقسم الأول من أجج لهذه المظاهرات، واستورى زنادها، وحل عقالها، وأصلت سيفها، وهؤلاء لا يجد الواحد منهم غفلة في بلدنا الجزائر -رعاة ورعية- إلا انتهزها، ولا عورة إلا اقتحمها، ولا فرجة إلا توردها، فيبعث سمومه ويشيع أكاذيبه، ويلقي في وسائل الإعلام المختلفة أباطيله، بل يتزيد على الحقيقة ويفتري، ويختلق على الواقع ويربي؛ كفعل الكاهن الذي يكذب مع الكلمة الصادقة تسعا وتسعين كذبة، فهؤلاء يفسدون الأديان لتحصيل الأموال، وأولئك يفسدون البلدان والأوطان، والأبدان والأديان والأموال؛ لإرضاء عباد الأوثان والصلبان، وأولياء الشيطان من أعداء الإسلام، ونبينا الكريم عليه الصلاة والسلام يقول «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما يسمع»(مسلم:5).
    فتجد كثيرا منهم مقيما في محلة نازحة عن وطنه، ودار نائية عن بلده، مرتم بين أحضان ناس هيأوا له ما به ينبح ويعوي، ولاحفوه ورافدوه بما به يفتن الناس ويغوي! لا؛ بل أغروه بالمتاع والمال، وغموه بالجاه وجمال الحال.
    لسان الواحد منهم ذليق في تلميع الأباطيل، وكلامهم منطلق في كشف قناع الأضاليل، ذلك ليستميلوا القلوب التي هي عنهم نافرة، ويردوا النفوس التي هي عنهم شاردة، وكأنهم دخلوا دورات خاصة في بلوغ هذا القصد، ولقنوا أفكارا ومعان ليكثر لهم الصيد، والله عليم بأهل الخديعة والكيد.
    يؤثر الواحد من هؤلاء أن يعيش وأهله وأولاده وأقاربه في ليان من العيش وسعد، ويحيا في رفاغة من الحياة ورغد، فهو يتمرغ في الأهيغين (3)كما يشاء، بينما جماهير الناس الذين غرر بهم ونزلوا إلى الساحات ومواجهة رجال الأمن وغيرهم: هم أول من يذوق النكبات، وفي بيوتهم التي بنوها تطرقهم بوائق الأحداث، وفي شوارعهم التي شيدوها يكلكلهم سهام الحدثان، وعلى أرضهم التي عمروها تقرعهم صروف الزمان، حالهم كحال من قال الله فيهم "يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار" [الحشر:2]، فتصرعهم الشدائد وتضعضعهم النوائب، فلا مأوى ولا مطعم، ولا مشرب ولا مسكن! فهذا القسم من أخطر الناس، ولهم أبواق داخل الوطن، وهم:


    المطلب الثاني: من أيد المظاهرات وزكاها وبارك فيها
    والقسم الثاني من أيد المظاهرات ونصرها، وأمدَّها وأعدَّها: وهؤلاء خليط من الجهال والغوغاء، ولفيف من الرعاع والهمجيين، والملحدين والعلمانيين، ومزيج من أهل الدعارة والشرارة والنكارة، وصاحب كل نحلة وحامل كل فكرة وملة، ولكن الذي يهمنا هنا: من يدعو لهذا الباطل ويلصقه بالشرع المطهر، ويركب الصعب والذلول ليري للناس مشروعية هذه المظاهرات، فتراه يصرف في هذا الشأن عنايته، ويستنفذ وسعه، ويستفرغ مجهوده لاستخراج دليل شرعي يجيز الخروج في المظاهرات، ورغم ذلك؛ فقد أتى القوم -باختلاف مشاربهم- بما يضحك منه الثكلى! وصدق الحكيم لما قال: (لا خير في الحياة إلا لأحد رجلين: ناطق عالم أو صموت واع).
    فهؤلاء جنوا جنايتين وجريرتين وجريتين:
    الأولى: تشجيعهم لهذه الفوضى بما فيها من بلايا ورزايا، وتعريض أمة الإسلام إلى الفتن كما سيأتي ذكره وبيانه إن شاء الله.
    الثانية: إلصاقها بدين الله وربطها بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذه أشد من الأولى من حيث الإساءة إلى دين الله والافتراء على الله ورسوله وسلف الأمة بما هم منه براء كما سيأتي –إن شاء الله- عند ذكر الأدلة.
    فهؤلاء زادوا الطين بلة والمرض علة، إذ يخرج بعضهم للناس ليقنعهم بأن هذا الأمر مشروع في دين الإسلام، بل زعم بعضهم أنه واجب شرعي على الأمة! فيثرثر في الكلام، ويذهب ويجيء في لا شيء، حتى إذا جاء بالأدلة من الشرع تقول على الله، وتكلف ما لا يعلمه، وجادل بالباطل، وقفا ما ليس له به علم، وافترى على الله الكذب، والله قد نهى عن ذلك كله في كتابه فقال عز وجل "ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئول" [الإسراء:36] وقال سبحانه "ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم" [النحل:116-117] وقال عز وجل "فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين" [الأنعام:144] وقال عز وجل "وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب" [غافر:5] فهذه النصوص القرآنية المحرمة للقول على الله بلا علم تشمل المسائل الفرعية، فليس لأحد أن يفتي الناس في مسائل الطهارة مثلا إلا بعلم، فكيف بالمسائل العظام التي تتعلق بمصالح أمة بتمامها! ومع ذلك فكل ما يستند إليه هؤلاء مما وقفت عليه إنما يرد بأدنى تأمل في سيرة نبينا -صلى الله عليه وسلم-، فكيف إذا عارضت تلك الشبه المنمقة نصوص شرعية، وقواعد في الدين مرعية؟!، هذا لتعلم أنَّ القوم أهل غش ومكر، وتلبيس وغل.


    المطلب الثالث: بيان أن الفريقين من أهل الغش والخيانة لا من أهل النصح والأمانة
    وكلا الفريقين غاش للأمة، خائن لها، مقصر في نصيحتها، مفرط في الأخذ بيدها إلى ما ينفعها، ومع ذلك هم مخالفون للشرع ومناقضون للعقل –كما سيأتي- وقد بينت السنة النبوية أن هؤلاء الأقوام -من المأججين والمؤيدين- سبب إقدامهم على ذلك إنما هو حقد وغل في قلوبهم، وسقم في ضمائرهم، ومرض في أهوائهم، لا كما يظنه الناس أنه نصيحة، وأنه دفاع عن مصالح الأمة، ووقوفا مع المظلوم منها والضعيف، ولذا قال نبينا صلى الله عليه وسلم «ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن: إخلاص العمل لله ومناصحة أولي الأمر ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من وراءهم»(4) ففي هذا الحديث العظيم فائدتان مهمتان فيما نحن بصدده:
    الأولى: الإشارة إلى الفائدة التي يكتسبها المسلم من لزومه جماعة المسلمين وهو دخوله في دعوتهم، قال ابن القيم -رحمه الله- في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- «فإن دعوتهم تحيط من ورائهم»: (هذا من أحسن الكلام وأوجزه وأفخمه معنى، شبه دعوة المسلمين بالسور والسياج المحيط بهم، المانع من دخول عدوهم عليهم، فتلك الدعوة التي هي دعوة الإسلام -وهم داخلوها- لما كانت سورا وسياجا عليهم أخبر أن من لزم جماعة المسلمين أحاطت به تلك الدعوة التي هي دعوة الإسلام كما أحاطت بهم، فالدعوة تجمع شمل الأمة وتلم شعثها وتحيط بها، فمن دخل في جماعتها أحاطت به وشملته)(5)، وقال العلامة علي القاري رحمه الله: (والمعنى أن دعوة المسلمين قد أحاطت بهم فتحرسهم عن كيد الشيطان، وعن الضلالة، وفيه تنبيه على أن من خرج عن جماعتهم لم ينل بركتهم وبركة دعائهم، لأنه خارج عما أحاطت بهم من ورائهم)(6)، وصدق رحمه الله ففي بعض ألفاظ الحديث «فإن رحمة الله تحيط من ورائهم» (7)، فهذا يدل على أن من لم يلتزم جماعة المسلمين، بل فارقهم وأحدث الفوضى فيهم فقد فارقته رحمة ربه، ولم تنله نسأل الله العافية، وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: (لا إسلام إلا بطاعة، ولا خير إلا في الجماعة والنصح لله وللخليفة وللمؤمنين عامة)(8).
    الثانية: التنبيه إلى أهمية لزوم المسلم لجماعة المسلمين، وأن مفارقتهم من أعظم أسباب فساد القلب وشحنه بالغل والغش والخيانة، وأن أبعد الناس عن جماعة المسلمين أشدهم حنقا على المسلمين، وأغشهم للأمة، وأكثرهم أذية لهم في دينهم وأمنهم واستقرارهم كصنيع الخوارج والرافضة -لا كثرهم الله-، وفي بيان هذا الأمر المهم قال ابن القيم رحمه الله: (هذا أيضا مما يطهر القلب من الغل والغش فإن صاحبه للزومه جماعة المسلمين يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لها، ويسوؤه ما يسؤوهم ويسره ما يسرهم، وهذا بخلاف من انحاز عنهم واشتغل بالطعن عليهم والعيب والذم؛ كفعل الرافضة والخوارج والمعتزلة وغيرهم، فإن قلوبهم ممتلئة غلا وغشا، ولهذا تجد الرافضة أبعد الناس من الإخلاص، وأغشهم للأئمة والأمة، وأشدهم بعدا عن جماعة المسلمين، فهؤلاء أشد الناس غلا وغشا بشهادة الرسول والأمة عليهم، وشهادتهم على أنفسهم بذلك، فإنهم لا يكونون قط إلا أعوانا وظهرا على أهل الإسلام، فأي عدو قام للمسلمين كانوا أعوان ذلك العدو وبطانته، وهذا أمر قد شاهدته الأمة منهم، ومن لم يشاهد فقد سمع منه ما يصم الآذان ويشجي القلوب)(9).
    وما حكى هؤلاء عن الشرع وأنه يجوز ذلك، إنما تحكمت فيهم عاطفة أو انتماء أو منصب، أو أنه لم يتشجع لأن يفتي ما يخالف أهواء جمهور الناس المتظاهرين، فوهن ونكل، فأقحم نفسه للقول على الله بلا علم.

    المطلب الرابع: من توقف فيها فلم يبد موقفا
    وهؤلاء هم القسم الثالث؛ من سكت ولم يبد موقفا: وهذا القسم:
    -منهم من لم يتضح له الأمر، من حيث الحل والحرمة، ومن حيث صواب ذلك وخطؤه، فهؤلاء قد أحسنوا في توقفهم، فالواحد قد أحسن إذا انتهى إلى حد علمه، وعرف قدر نفسه، ولكن مع ذلك فقد قصَّر هؤلاء في معرفة الحكم الشرعي عند أهل العلم الموثوقين، فهم ولله الحمد لم تخل بهم الأرض، فهؤلاء أهل الحق، والمسلم مطالب بمعرفتهم ليستنير بعلمهم، ويطأ موطئ قدمهم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول «ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله»(10)، فلكل نازلة حكمها، ودين الله صالح ومصلح في كل مكان زمان، والحمد لله.
    -ومنهم من يعرف الحق وهو ساكت في موضع النصح والبيان، ويعرف الهداية ولكنه رعديد واهن جبان، تجده منخوبا من دهماء الناس، ومذعورا من حشد الجمهور، قد آثر الانعزال عن الكلام في هذا الموضوع، ولاشك أن هذا يطوق صاحبه العار وينكس من الأبصار، وينحنى عليه باللائمة والتأنيب، على قدر السفالة منه والتغبيب، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار يوم القيامة»(11)، فإذا سكت الصادقون من أهل العلم عن بيان الحكم الشرعي، مع اجتهاد أهل الباطل في غيهم وانهماكهم في غوايتهم، فمتى يعرف الحق من الباطل، والهدى من الضلال؟ ثم يوم القيامة يكون الجهال خصماء الكاتمين، ويوبخون في ذلك كل على قدره، والله المستعان.

    المبحث الثاني: بعض شبهات مجيزي المظاهرات:
    تعلق المجيزون ببعض الأدلة –في زعمهم- لترويج وتزيين خروج الناس كافة إلى الشوارع، ودونك بعضا من تلك الإيرادات:
    أولا-يستدلون بقصة في إسلام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- رواها أبو نعيم وغيره، وفيها: قال -أي عمر- (قلت: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنك محمدا عبده ورسوله. قال فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد، قال فقلت: يا رسول الله ! ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا؟ قال: «بلى! والذي نفسي بيده إنكم على الحق إن متم وإن حييتم» قلت: ففيما الاختفاء؟ والذي بعثك بالحق لتخرجن! فأخرجناه في صفين، حمزة في أحدهما وأنا في الآخر، ولي كديد ككديد الطحين حتى دخلنا المسجد، قال: فنظرت إلى قريش وإلى حمزة فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ "الفاروق"، وفرق الله بي بين الحق والباطل).
    الجواب:
    هذه القصة ضعيفة جدا بل منكرة، ففي إسنادها: إسحاق بن عبد الله -وهو: ابن أبي فروة-، قال البخاري: (تركوه)، وقال أحمد: (لا تحل -عندي- الرواية عنه)، وكذبه بعضهم(12).
    ومادامت هذه درجتها في الضعف فلا يجوز أن نبني من العدم قصورا، على أنه -تنزلا- لو افترضنا صحتها، فخروجهم لإظهار أنَّ في المسلمين جماعة ومنعة، وأنَّ فيهم نصرة كعمر وحمزة -رضي الله عنهم-، ولأنَّ قريشا كانت تعذب من أسلم وقد تقتله، فخروجهم -إن صح- لنصرة التوحيد، وإعزاز نبيهم -صلى الله عليه وسلم-، لكن بالله عليك -أيها المنصف- أين هذا من خروج المسلمين للساحات مختلطين بين الجنسين، منابذين وشاتمين لحكامهم، لأجل ماذا؟ هل لإقامة التوحيد، وإظهار لدين الله؟ أليس في هذه المظاهرات من يرفع شعارات الكفر والإلحاد وطلب إلغاء البقية الباقية من شعائر الإسلام؟ فما رأينا خروج هذه الجماهير إلا للدنيا، فما أدري بأي عقل تقاس مشروعية هذه المظاهرات بقصة عمر -رضي الله عنه-، هذا كله إن صحت! فكيف وهي منكرة؟! فلا حول ولا قوة إلى بالله، ونعوذ بالله من الهوى.
    ثانيا- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب فاستقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائما فقال: يا رسول الله هلكت المواشي وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا، قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال: اللهم اسقنا اللهم اسقنا اللهم اسقنا قال أنس: (ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة ولا شيئا وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار قال فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس ....)(13).
    الجواب: فهذا أراد أن يستدل بطلب الأعرابي من النبي -صلى الله عليه وسلم- الاستسقاء، على جواز المظاهرات والخروج إلى الساحات لتغيير النظام، وسب الحاكم، ورفع لافتات الشتم والانتقاص! ويصح في هذا عبارة: (من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب).
    ثالثا- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تضربوا إماء الله» فجاء عمر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ذئرن(14) النساء على أزواجهن، فرخص في ضربهن فأطاف بآل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نساء كثير يشكون أزواجهن فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم»(15).
    الجواب: استدل بهذا الحديث من طواف النساء واجتماعهن بأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- على جواز المظاهرات، وذلك لسوء فهمهم؛ فاجتماعهن طلبا لدفع ما أصابهن من ضرب أزواجهن، ولمعرفة الحكم الشرعي فيما ابتلين به من تعدي الأزواج، واجتماعهن عند أزواجه -صلى الله عليه وسلم- بلا اختلاط ولا خنوع، وبلا فوضى أو ترك للآداب والحياء، وليس للتسلط على ولي الأمر -وهو نبينا صلى الله عليه وسلم-، ونظير ذلك الآن، أنَّ المرء إذا ما ظلم في حقه فإنه يرفع دعوى قضائية ضد المتعدي عليه! فأين هذا من الخروج للشوارع وبشكل أسبوعي، مع إلزام الحاكم بالرغبات -الدنيوية-، أو توعده وتهديده؟!! وهكذا أهل الأهواء يتشبثون بكل ما يتوهموه موصلا إلى مرادهم، ولو كان من البعد كما بين المشرقين، هذا؛ وإذا ظن أنهن يصنعن ما يصنعه الناس اليوم من رفع الأصوات والأهازيج ونحو ذلك مما هو خلاف الآداب والمروءة، فهذا طعن فيهن، وفي الصحابة بأنهم قليلي المروءة والغيرة على محارمهن، وحاشاهم -رضي الله عنهم-.
    وهذان الإيرادان، يتبين لك منهما كبير جهل القوم بالسنة النبوية، ولولا أني رأيت القوم أوردوهما -بل وباقي الشبهات- ما ذكرتهما، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

    رابعا- سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الجهاد فقال صلى الله عليه وسلم «كلمة حق عند سلطان جائر»(16).
    الجواب: وهذه الشبهة كما يقال: الدعوى أعم من الدليل، فدعوى القوم: المظاهرات والخروج العلني والفوضوي إلى الساحات العمومية والشوارع العامة، والحديث في بيان النصيحة لولي الأمر، وفضيلة من لم تمنعه هيبة السلطان من أنْ يواجهه بالحق وأن يقومه، وأنه في مقام جهاد، لكن مع مراعاة منزلته وتقدير مقامه ومرتبته، وأخذا بما جاء في السنة من آداب نصيحة ولاة الأمر، فأين هذا الذي دل عليه الحديث مما يرمي إليه القوم وهو تجويز المظاهرات؟! فهم في واد والسنة في واد.
    خامسا- (أن الأمة من عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى عهد الخلفاء الراشدين، ثم الدولة الأموية فالعباسية، ثم السلاطين، مازال المسلمون يطالبون حكامهم بمطالب، سواء كان المطالبون أفرادا أو جماعات).
    الجواب: نعم كانوا يطلبون حقهم من ولاتهم؛ إما مباشرة أو بواسطة، ولكن لا يقدر أحد أن يأتي لنا بنماذج من القرون الثلاثة المفضلة على رفع مطالب الرعية إلى الحكام بهذه الصورة العصرية -كما يقولون-، بل ولا يأتي به: لا في العهد الأموي ولا العباسي، وإنما منشؤها من اليهود والنصارى، الذين نهينا عن التشبه بهم.
    سادسا- (أن المظاهرات من العادات وليست من العبادات، والأصل في العادات الإباحة) .
    الجواب: نعم هي من العادات؛ لكن عادات الكفار وليست عادات المسلمين، وإلا فليأتوا لنا شاهدا من فعل المسلمين مع ولاتهم بمثل هذا الصنيع! بل ما ظهرت إلا في بلاد الغرب، فبهم عرفت وبأرضهم نشأت، فالمسلمون رباهم دينهم على النظام والهدوء والسكينة، وطلب الحق بالطرق التي بينها لهم نبيهم -صلى الله عليه وسلم-، فإذا عرف أنها من عادات الكفار، فنحن منهيون عن اتباعهم فيما اختصوا به من العادات السيئة، فكيف إذا دلت السنة على النهي عن ذلك –كما سيأتي-؟
    سابعا-أنَّ المظاهرات السلمية لا حرج فيها؛ فهي آلية عصرية إيجابية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(17).
    الجواب: الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين، والذي مما تميز به أنه يحرم ما يضرنا ويفسدنا، وكذا يحرم كل ما يؤدي إلى ما يضرنا ويفسدنا، فالشرع لم يقتصر على تحريم عين الفواحش والمحرمات، بل قطع الذرائع المؤدية إلى الفواحش والمحرمات، ولذا فالمحرمات في ديننا: إما محرمة تحريم مقاصد وغايات، أو تحريم وسائل وذرائع، فمثلا لما حرم الله الزنا وهو تحريم غايات، حرم الله كل ما يوصل إلى مقصوده ويسلك إلى مغزاه ويبلغ إلى مبتغاه: فحرم الاختلاط، وخلوة الرجل بالمرأة، وسفر المرأة بلا محرم، ودخول الرجال على النساء، والنظر إلى ما لا يحل منهن، فهذه حرمت تحريم وسائل لأنها تقرب من الزنى والفاحشة قال تعالى "ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن" [الأنعام:151] وقال "ولا تقربوا" [الإسراء:32]، ولم يقل: "لا تفحشوا ولاتزنوا"، وهكذا في كل أبواب الدين، ولذلك الإمام مالك -رحمه الله- من أكثر الأئمة أخذ بهذا الأصل وعملا به، فيحرم الوسائل المؤدية إلى الحرام ويراعي مقاصد العقود، وتجد هذا في النكاح والطلاق والخلع وعقود الغرر من البيوع ونحوها، بل وفي الصلاة والصيام وغيرها(18)، فالقوم أكثروا علينا بكون المظاهرات سلمية ولا شيء فيها! فنقول: إن الشرع حرم الاقتتال بين المسلمين، وجعله من كبائر الذنوب، بل أطلق عليه الكفر في بعض النصوص، كما حرم الخروج على ولاة الأمور بالسيف(19)، فهذا الاقتتال محرم تحريم غايات، ومع هذا فالشرع لم يكتف بذلك، بل حرم الوسائل المؤدية إلى هذه الفتن، فأمر بالوفاء بالبيعة ولو كان الحاكم عبدا مشوه الصورة، وبعدم إهانة السلطان، وبعدم نزع اليد من طاعة، وبإسداء النصيحة سرا، وبالسمع والطاعة في المنشط والمكره –ما لم يأمر بمعصية- ونحو ذلك من النصوص التي ستأتي.
    وعليه؛ فالمظاهرات السلمية من أعظم الوسائل المؤدية إلى الفتنة والاقتتال بين المسلمين، وقد سمعت مؤخرا أحد منظريهم ممن يعيش في بلاد الكفر، يصرح بأن المظاهرات تبدأ سلمية، لكن يستحيل أن تبقى سلمية! بل لابد أن تتحول إلى جهادية وهذا تدريجيا!.
    والمرء العاقل إذا لم يتبين له حكم مسألة عرضت له ونزلت عليه، ولم يهيأ له من العلماء من يفتيه فيها –فرضا- فإنه ينظر في عاقبتها ومآلاتها، فإن كانت عاقبتها خيرا ومصلحة أقبل، أو عاقبتها شرا ومضرة أحجم، ذلك أن الشرع يدور مع المصلحة المحضة أو الراجحة، هذا وقد رأى الناس في المظاهرات السلمية ما أحلت بأهلها في بلاد الإسلام، فلا دين أبقت ولا دنيا! وسمع الناس ما أوقعت بشعبها بين الأنام، فلا عز بقي ولا محيا! بل صيرت الوطن ضائعا سائعا، وجعلت الشعب فقيرا وقيرا، وكما قيل: (من لم يتعظ بالناس وعظ الله عز وجل به الناس).
    ولكن لماذا أتكلم عن البلاد الأخرى؟ أنسي أهل وطننا ماذا حل بهم من جراء المظاهرات السلمية في وقت غير بعيد؟! "إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد" [ق:37]، هذا إذا سلمنا كونها "سلمية نقية"! وإلا فأنا أتعجب من وصف خروج الناس من كل الطبقات، رجالا ونساء، شيبا وشبيبا، يرفعون فيها أصواتهم بالأهازيج والصياح، ويسبون فيها حاكمهم ويفحشون بالكلام في المساء والصباح، ويقطعون الطرق على عابري السبيل، ويحدثون الفوضى والفساد، ويختلط فيها الجنسين اختلاطا فاحشا، وترفع فيها شعارات كفرية؛ نصرانية وعلمانية وإلحادية، وتهجر المساجد عن الصلاة فيها، ويحاولون تخطي الحواجز الأمنية، وقد يتفرق الجمع بالقوة الردعية، ويتم فيها اعتقالات جماعية، هذا كله وتوصف بأنها "مظاهرات سلمية"!! حاشا دين الله الذي ربانا على الهدوء والسكينة والنظام، والمروءة والحياء، والصبر والثبات والوفاء، أن يجيز مثل هذا الباطل والهراء، فقد حوت هذه المظاهرات الفحشاء والمنكر والبغي، والله يقول "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون" [النحل:90]، وتسببت الفساد في الأرض، والله يقول "ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين" [الأعراف:56]، فنهانا عن الفساد وأمرنا بالدعاء، وأن هذا من الإحسان الذي يحبه الله ويحب أهله، فعكسنا الآية؛ فعكفنا على الفساد كل يوم جمعة، وتركنا الدعاء الذي يستجاب ولا يرده الله آخر عصر كل يوم جمعة، فنسأل الله أن يصلحنا وحكامنا وسائر المسلمين.
    فهذه بعض الشبه التي ذكرتها، ولهم غيرها، وهي في الضعف من جنس ما ذكر هنا، وأهل الشبهات لا يسمع لهم، ولا يلتفت لقولهم، فالعبرة بكلام أهل العلم الموثوقين، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول «إذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منهم فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم»(20)، والله يعصمنا من الضلال.

    المبحث الثالث: من عارض المظاهرات وحذر منها

    المطلب الأول:
    وهؤلاء القسم الرابع؛ من أنكر المظاهرات بكل أنواعها –سلمية كانت أو عنفية- واعتبرها مخالفة للشرع المطهر، وأنها جالبة لفساد عريض، متسببة في الفوضى، وهي مع ذلك سلم لرفع الأمن، ووصلة لانقطاع السبل، وبلاغ إلى فوات المصالح العامة والخاصة، وذريعة إلى غضب ولي الأمر، وقد قيل: (إذا استشاط السلطان، تسلط عليه الشيطان)، ووسيلة إلى نزع ثقته عن الرعية، وتشديده عليهم بجعل حالة الطوارئ، وهي كذلك مكسب لأعدائنا بالطمع في ثروات البلاد، وإشغال الأمة بالأزمات الداخلية والنعرات الجاهلية، وهكذا هي فرصة سانحة لأعداء الإسلام؛ فيصوروا بلاد الإسلام بصورة الدين الفوضوي الرجعي والثوري المتشدد ووو...، ثم يظهروا هم في صورة الرجل الحكيم والناصح الأمين الذي يبغي مساعدة المنكوبين ومن على شاكلتهم.
    وهذا الموقف هو موقف السلفيين أهل الحديث؛ موقف من يحرص على اتباع أقوال ووصايا نبيه صلى الله عليه وسلم، معتقدين أن التمسك بها -سيما في زمن الفتن- منجاة من الهلاك، جازمين أنه لا مخرج من المضايق إلا بلزوم غرزها، واقتفاء معالمها، وسلوك منهجها، متيقنين أن الهداية التامة إنما بطاعة من أمرنا الله بطاعته، وأن القدوة السليمة تتوقف بمن أرشدنا الله للاقتداء به وهو نبي الرحمة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، وأن طاعة من سواه في معصية رسوله، أو اتخاذ قدوة تعارض هدي نبيه -صلى الله عليه وسلم-ضلال وغواية، ومع ذلك فهم مستحضرون أن الله سبحانه قد أكمل دينه وأتم نعمته، وأن نبينا -صلى الله عليه وسلم- بين للأمة كل ما تحتاج إليه مما لو تمسكت به سعدت في الدارين، وأنه مما بينه صلى الله عليه وسلم ووضحه في مناسبات كثيرة؛ تغير أحوال الملوك والحكام، واستأثارهم بالدنيا، وأرشدنا مع ذلك إلى ما ينبغي سلوكه في التعامل مع ولاة أمورنا، وأوضح المهيع الذي يجب قفوه في أداء حقوق حكامنا، وهذه النصوص يمكن تقسيمها على حسب دلالتها فيما نحن بصدده إلى قسمين:



    المطلب الثاني: نصوص متعلقة بوجوب طاعة الحكام وعدم نزع اليد من طاعتهم:
    1-قوله عز وجل "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا" [النساء:59].
    2- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة»(21).
    3- وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد؛ فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة»(22). نقل الحافظ ابن حجر إجماع الأمة على عدم جواز تولية العبيد، ثم قال رحمه الله: ((وأما لو تغلب عبد حقيقة بطريق الشوكة فان طاعته تجب إخمادا للفتنة ما لم يأمر بمعصية))(23).
    4- وعن أبي ذر رضي الله عنه قال «إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدا مجدع الأطراف»(24).
    قال النووي رحمه الله: (يعني مقطوعها، والمراد أخس العبيد، أي: اسمع وأطع للأمير؛ وإن كان دنيء النسب، حتى لو كان عبدا أسود مقطوع الأطراف فطاعته واجبة، وتتصور إمارة العبد إذا ولاه بعض الأئمة، أو إذا تغلب على البلاد بشوكته وأتباعه، ولا يجوز ابتداء عقد الولاية له مع الاختيار، بل شرطها الحرية)(25).
    5- وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها» قالوا: يا رسول الله كيف تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال «تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم»
    6- وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال «دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان»(26).
    7- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرة عليك»(27)

    قال النووي رحمه الله في قوله «أثرة»: (وهي الاستئثار والاختصاص بأمور الدنيا عليكم، أي: اسمعوا وأطيعوا وإن اختص الأمراء بالدنيا ولم يوصلوكم حقكم مما عندهم، وهذه الأحاديث في الحث على السمع والطاعة في جميع الأحوال، وسببها اجتماع كلمة المسلمين، فإن الخلاف سبب لفساد أحوالهم في دينهم ودنياهم)(27).
    8- وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة»(28).
    9-عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات إلا مات ميتة جاهلية»(29).
    10- وعن حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس» قال: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: «تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك، فاسمع وأطع»(30).

    قال العلامة علي القاري رحمه الله ((ولو من صفته أنه جلد ظهرك، أي: ضربك بالباطل، وأخذ مالك، أي: بالغصب، فأطعه أي: ولا تخالفه لئلا تثور فتنة)(31).
    11- وسأل سلمة بن يزيد الجعفي رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم، ويمنعونا حقنا، فما تأمرنا؟ فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، ثم سأله في الثانية أو في الثالثة فجذبه الأشعث بن قيس رضي الله عنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اسمعوا وأطيعوا؛ فإنما عليهم ما حملوا، وعليكم ما حملتم»(32).
    وهذه الأحاديث فيها الأمر بالصبر على جور الحكام، وعدم نزع اليد من طاعتهم، بل فيها الأمر بالسمع لما يقول، والطاعة فيما يأمر وينهى، وقيدت النصوص بما لم يأمر بمعصية أو ينهى عن واجب، فحينئذ لا يطاع في ذلك، بل يكره المسلم ما أتى الأمير من المعصية، قال الشوكاني رحمه الله: (فيه دليل على وجوب طاعة الأمراء وإن بلغوا في العسف والجور إلى ضرب الرعية، وأخذ أموالهم فيكون هذا مخصصا لعموم قوله تعالى "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم" [البقرة:194])(33)، وقال ابن رجب رحمه الله: (أما السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين، ففيها سعادة الدنيا، وبها تنتظم مصالح العباد في معايشهم، وبها يستعينون على إظهار دينهم، وطاعة ربهم)(34).
    12-وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر»(35)، قال أبو العباس القرطبي: (لا بد من التزام البيعة بالقلب، وترك الغش والخديعة، فإنها من أعظم العبادات، فلا بد فيها من النية والنصيحة)(36).
    وهذا نموذج عملي لما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من تمسك بالسنة وثبات عليها، فعن نافع قال: لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولده، فقال: إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة»، وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله، وإني لا أعلم غدرا أعظم من أن يبايع رجل على بيع الله ورسوله ثم ينصب له القتال، وإني لا أعلم أحدا منكم خلعه، ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه(37).


    المطلب الثالث: القسم الثاني في نصوص متعلقة بكيفية نصح ولي الأمر
    1- فعن عياض بن غنم أنه قال لهشام بن حكيم رضي الله عنهما: ألم تسمع بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية ولكن يأخذ بيده فيخلو به، فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه»(38). فهذا الحديث فيه بيان طريقة نصح الحكام، وأن يراعى مقامهم وكبير منزلتهم، فينصحون في السر والخلوة، وترك إفشاء ذلك في الملإ والجلوة، وأن من قام بذلك بنفسه أو بتوكيل من يدخل عليه من خاصته، فقد أدى الذي عليه، ولا شك في أن المظاهرات وخروج الناس علنا إلى الساحات العمومية ليست في شيء من النصيحة، بل هي عار وشين وفضيحة.
    وهذا نموذج عملي لما كان عليه قدوتنا من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قيل لأسامة بن زيد رضي الله عنه: لو أتيت فلانا فكلمته، قال: (إنكم لترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم، إني أكلمه في السر -وفي رواية لمسلم: والله لقد كلمته فيما بيني وبينه- دون أن أفتح بابا لا أكون أول من فتحه ... )(39). قال النووي رحمه الله -في قول أسامة: (دون أن أفتتح أمرا لا أحب أن أكون أول من فتحه)-: ((يعني المجاهرة بالإنكار على الأمراء في الملأ كما جرى لقتلة عثمان رضي الله عنه، وفيه الأدب مع الأمراء، واللطف بهم، ووعظهم سرا، وتبليغهم ما يقول الناس فيهم، ليكفوا عنه)(40)، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (وفي الحديث تعظيم الأمراء، والأدب معهم، وتبليغهم ما يقول الناس فيهم؛ ليكفوا ويأخذوا حذرهم بلطف، وحسن تأدية، بحيث يبلغ المقصود من غير أذية للغير)(41).
    2- وعن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدين النصيحة» قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم»(42)، قال ابن عبد البر: (في هذا الحديث أن من الدين النصح لأئمة المسلمين، وهذا أوجب ما يكون، فكل من واكلهم وجالسهم، وكل من أمكنه نصح السلطان لزمه ذلك إذا رجا أن يسمع منه)(43)، وقال البغوي رحمه الله: (فمن نصيحتهم بذل الطاعة لهم في المعروف، والصلاة خلفهم، وجهاد الكفار معهم، وأداء الصدقات إليهم، وترك الخروج عليهم بالسيف إذا ظهر منهم حيف، أو سوء سيرة، وتنبيههم عند الغفلة، وألا يغروا بالثناء الكاذب عليهم، وأن يدعى بالصلاح لهم)(44)، وقال ابن رجب: (وأما النصيحة لأئمة المسلمين؛ فحب صلاحهم ورشدهم وعدلهم، وحب اجتماع الأمة عليهم، وكراهة افتراق الأمة عليهم، والتدين بطاعتهم في طاعة الله عز وجل، والبغض لمن رأى الخروج عليهم، وحب إعزازهم في طاعة الله عز وجل)(45).
    17- عن زياد بن كسيب العدوي قال: كنت مع أبي بكرة رضي الله عنه تحت منبر ابن عامر رضي الله عنه وهو يخطب، وعليه ثياب رقاق، فقال أبو بلال: انظروا إلى أميرنا يلبس ثياب الفساق، فقال أبو بكرة رضي الله عنه: اسكت، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله»(46)، قال أبو عبد الحليمي: (ولا ينبغي لرعية السلطان أن يتحسسوا أخباره ويبتغوا عوراته، ويتطلبوا عثراته، ويستشعروا خلافه، ويبغوا الخروج عليه للأسباب والغرض به، ولا ينبغي إذا رأى أحد من سلطانه شيئا يكرهه؛ أن يشتمه أو يذكره بسوء، وإن ضاق به صدرا أن يلعنه، لأنه ظل الله في الأرض، والتهيب والإجلال أليق بمحله وزينته من الاحتقار والإذلال)(47).
    ولهذا قال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله: (لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء، فإن عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم، وإن استخفوا بهذين أفسد دنياهم وأخراهم)(48).


    المبحث الرابع: افتراء أهل الباطل على السلفيين

    المطلب الأول:
    أهل الباطل يتبعون أهواءهم في الحكم على السلفيين
    فبعد ذكر بعض ما ورد في هذا الموضوع الكبير، ما ذنب السلفيين في التمسك بأقوال ووصايا نبي الأمة صلى الله عليه وسلم هل عضهم على تلك النصوص النبوية والقواعد الشرعية بالنواجذ، وعدم الانسياق وراء ثرثرة الغوغائية وأهل الأهواء، وترك مجاراتهم في بلوغ شهواتهم ومصالحهم، هل ذلك هو سبب تهجم الكثير ممن خاض في أحداث هذه المظاهرات على السلفيين؟ فالملاحظ أن أنواع السباب والشتائم من أصناف أهل الأهواء في داخل البلاد وخارجها قد تهافتت وترادفت وتكاثفت، وكاشفوا أهل الحق والسنة بالعداوة، وأبدوا صفحتهم، وحسروا لثامهم عما يكنونه من ضغينة وغمر، وحسيكة ووغر، وسخيمة في الصدر، فرموهم بقوس واحدة، واتهموهم بالأباطيل الجائرة، وافتروا عليهم، بل تطير البعض بهم، كما تطير أعداء الرسل بمن آمن بهم واتبعهم كما قال تعالى "فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون" [الأعراف:131]، وقال سبحانه "قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون" [يس:18-19] يعني أن الرسل لما تطير بهم أقوامهم أجابوهم أنكم ما تطيرتم إلا بسبب أن ذكرناكم حجج الله، وأنكم على باطل وضلال، وكذلك يفعلون؛ فما رموا السلفيين أتباع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلا بسبب أن ذكروهم أقوال رسولهم الكريم صلوات الله وسلامه عليه، فأبى المخالفون إلا اتباع أهوائهم، ذلك أنه ليس إلا حق وضلال "فماذا بعد الحق إلا الضلال" [يونس:32]، فإذا لم يتبع المسلم الوحي الذي جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم؛ الذي في الهدى، فإنه سيتبع –ولابد- الظنون وهوى النفوس كما قال تعالى "إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى" [النجم:23] فالقسمة ثنائية، إن اتبعوا ما جاءهم من ربهم هدوا، وإلا ضلوا في بنيات الظنون وأهواء النفوس، وهذا كمال قال عز وجل "فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون" [هود:14] فما هي إلا استجابة للوحي أو اتباع الهوى، ويؤكد ذلك قوله سبحانه "ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون" [الجاثية:18] فما هو إلا اتباع الشريعة التي جاء بها نبينا صلى الله عليه وسلم أو هو اتباع الهوى، وفي قوله سبحانه "الذين لا يعلمون" إشارة إلى أن اتباع الهوى جهل وليس بعلم، ولذلك يسلكه أهل الجهل والضلال، فالسلفيون في هذه القضية -وفي كل قضية- يصدرون عن سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، فهو ينطق بالوحي والهداية، وغيره ينطق بالهوى والغواية، ولذا قال عز وجل "ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى" [النجم:2-5]، فهذا عذر السلفيين في اتخاذهم هذا الموقف الشرعي حيال ما يحدث في البلد، فموقفهم يبعث على الأمن، وتأمين السبل، واستمرار الاقتصاد، وقطع الفساد في الأنفس وفي الأرض، وتفويت أنواع من الظلم جراء غلق المحلات والشوارع ووسائل النقل، ومنع انتقال الأشخاص، وتعطيل المصالح العامة والخاصة، والمنع من الفوضى والخراب، والحمل على النظام والهدوء والسكينة كما هو ميزة دين الإسلام، فما أجمل أثر أهل الحديث السلفيين على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم، والله المستعان.


    المطلب الثاني: تلبيس المبطلين على السلفيين
    وقد رموهم بأمور، أذكر منها اثنين:
    الأول: (أن ما تدعون إليه هو عين الذل والهوان الذي نفاه الله عن أهل الإيمان، وهو الخسة والمهانة، والرضى بالتبعية والسيطرة والظلم الممارس من النظام ضد أمة مقهورة مظلومة مضطهدة).
    هذا حاصل ما يدندن حوله كثير ممن نصر هذا الحراك!
    وجوابه: أن هناك كلمة يرددها كثير ممن شجع على هذه الفوضى، وكثيرا ما يرددونها في مقام الكلام على قوة الإسلام ولزوم الرجوع إليه، وهم أول من يغفل عنها، وهي قول عمر رضي الله عنه: (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمن يبتغي العزة من غيره أذله الله) وهذا لا شك فيه، ولذلك امتن الله عز وجل في كتابه على أهل الإيمان ببعثة نبيه صلى الله عليه وسلم وبهدايته وتوفيقه فقال سبحانه "واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون" [الأنفال: 27] ثم قال سبحانه مذكرا لهم بإيمانهم وما يقتضيه من العمل بدينه "يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون" [الأنفال: 27]، وقد بين ربنا عز وجل أن أهل الإيمان هم الأعلون ما داموا متمسكين بمقتضيات إيمانهم فقال سبحانه "ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين" [آل عمران:139].
    فالعزة –أيها العاقل- في طاعة الله والاستقامة على شرعه، واتباع رسوله وسلوك سنته، ونصرها لما خذلها الناس، والتمسك بها لما هجرها الناس، والثبات عليها لما نفر عنها الناس، والاعتزاز بها لما أهانها الناس، والثقة بها لما أساء الظن بها الناس.
    والذل –أيها الفطن- في اتباع الهوى وطاعة الشيطان قال تعالى "ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم" [يس:60-61]
    قال العلامة أبو عبد الله القرطبي: (قال علماؤنا: ولله غاية العزة، وله العزة التي لا مقدار لها، كلما بعدت من صفته(49)، قربت من جنته، ودنوت من جواره في داره. ولقد أحسن من قال:
    وإذا تذللت الرقاب تواضعا منا إليك فعزها في ذلها) (50).
    وصدق ابن القيم لما قال:
    "هربوا من الرق الذي خلقوا له فبلوا برق النفس والشيطان
    فهؤلاء يزعمون أننا نرضى بالذل والمهانة بسبب طاعة نبينا صلى الله عليه وسلم، وما حمل هؤلاء لمثل هذا الهراء إلا مثل الذي حمل أصحاب حقوق المرأة وحريات المرأة بالدعوة للتمرد على أزواجهن؛ بحجة أن الطاعة لهم ولزوم بيوتهم هو ذل لكن وهوان، وأن حقكن مثل ما للرجال تماما، فصدق بذلك البائسات من النساء فتمردن على أزواجهن؛ لرفع الذل المزعوم الموهوم، فتفككت الأسر وحدث الطلاق والفوضى ووو...، فهؤلاء كذلك يأمرون بالتمرد على ولاة الأمور؛ بحجة أن ما أنتم عليه من الطاعة والسمع لهم إنما هو ذل وخسة وسفالة ونحو ذلك، والجامع للصنفين: تحكيم الأهواء، ونبذ الشرع وراءهم ظهريا، ذلك لأن السنة هي التي أمرتهم بطاعة حكامهم في غير معصية، كما أمرت السنة الزوجة بطاعة زوجها في غير معصية، والله تعالى يقول "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما" [النساء:65]، فلابد من تحكيم السنة في أنفسنا وبدون تحرج من ذلك أو تضيق، بل والتسليم لها بصدر منشرح، فهذا من مقتضيات الشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة، على أن ما نحن فيه أشد، لأن الأول –حرية المرأة- نهايته طلاق بين الزوجين، ويفتح الله على كل منهما من سعته، أما ما نحن فيه فيتعلق بمصالح أمة وأعراضها وأمنها! فعلى ذلك؛ جوابكم أنتم لدعاة حرية المرأة جوابنا لكم في هذه الشبهة العاطلة، والجواب لزوم الشرع، وأن المصلحة في ذلك، وأن العزة في التمسك بالسنة، التي من خالفها أصابه من الذل بقدر ذلك كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم «وجعل الذل والصغار على من خالف أمري»(51).
    ثم إن تحقيق العبودية لله هي منتهى العز والفخر، ولذلك شرف الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- بالعبودية في أشرف المقامات، ففي مقام التحدي قال "وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين" [البقرة:23]، وفي مقام التشريف قال "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير" [الإسراء:1] فالتشريف أن تكون عبدا لله مطيعا له ومتبعا لرسوله، فإن فاتك ذلك فأنت أسير الهوى والشيطان، وأنت ذليل الهوى والشهوات "ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون" [الزخرف:36-37].
    ثانيا: (أنكم معشر السلفيين إنما تمنعون من المظاهرات والحراك الشعبي لمصلحة لكم عند النظام، وتحرمون المسيرات تزلفا وتقربا للحكام، عسى أن تنالوا منهم مناصب وفتاتا من الحطام، ونحو ذلك)!
    والجواب: أنه في الحقيقة لما رأيت وسمعت هذا الكلام من بعض أولئك الطاعنين وجدتني كما يقال: "أحير من ضب"، فالسلفيون الصادقون من أبعد الناس عن غش ولاة أمورهم، أو أن يبايعوهم لحطام الدنيا، متمسكين بالسنة في ذلك كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم «ثلاث لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ....إلى أن قال: ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها وفى وإن لم يعطه منها لم يف»(52).
    وأكتفي هنا بكلام جميل للإمام أبي العباس القرطبي رحمه الله في شرح هذا الحديث، فكلامه يعتبر بمثابة منهج أهل السنة في هذه المسألة، قال رحمه الله: (إنما استحق هذا الوعيد الشديد؛ لأنه لم يقم لله تعالى بما وجب عليه من البيعة الدينية، فإنها من العبادات التي تجب فيها النية والإخلاص، فإذا فعلها لغير الله تعالى من دنيا يقصدها، أو غرض عاجل يقصده، بقيت عهدتها عليه؛ لأنه منافق مراء غاش للإمام وللمسلمين، غير ناصح لهم في شيء من ذلك، ومن كان هكذا، كان مثيرا للفتن بين المسلمين؛ بحيث يسفك دماءهم، ويستبيح أموالهم، ويهتك بلادهم، ويسعى في إهلاكهم؛ لأنه إنما يكون مع من يبلغه إلى أغراضه، فيبايعه لذلك وينصره، ويغضب له ويقاتل مخالفه، فينشأ من ذلك تلك المفاسد، وقد يكون هذا يخالفه في بعض أغراضه، فينكث بيعته، ويطلب هلكته، كما هو حال أكثر أهل هذه الأزمان، فإنهم قد عمهم الغدر والخذلان)(53).
    ثم نرجع إلى هذه الفرية: من أين لكم أن السلفيين ينالون من الحاكم المناصب والمراتب والأموال؟ فهذا الذي يقال له:
    يا ابن الكرام ألا تدنو فتبصر ما قد حدثوك فمن راء كمن سمع
    فالسلفيون من أشد الناس تضررا في هذا الباب، والله إن كثيرا من اللجان العلمية في الجامعات ليقصون ويطردون السلفيين من التدريس؛ بحجة أنهم مداخلة وهابيون، وأعرف من نجح في مسابقات التوظيف وبامتياز فأقصوه بتلك العلة!!
    أما في المساجد فحدث ولا حرج من الفصل والطرد والتضييق والعقوبة، فهل سمعت انتفاضة في ذلك، أو إحداث فوضى وفساد؟! هذا كله إنما يعملونه ديانة وطلبا للأجر عند الله، فهذه التهمة الجائرة سيجزي الله متوليها بما يستحق إن لم يتب إلى الله.
    ثم يقولون استهتارا وجهلا: ننتظركم معشر السلفيين أن تلتحقوا بباقي التيارات في الشوارع!! يريدون منا أن نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، ويبغون منا ترك صراط الله المستقيم والتعلق بالسبل وبنيات الطريق، يدعوننا إلى تلك الأهواء، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لحذيفة رضي الله عنه لما سأله: (فما تأمرني إن أدركني ذلك) قال له صلى الله عليه وسلم «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم» قلت –أي حذيفة- (فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام) قال صلى الله عليه وسلم «فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك»(54). فإن شاء الله أهل السنة وأهل الحديث ثابتون على ما دلت عليه السنة حتى يدركهم الموت غير مبدلين ولا مغيرين.
    المطلب الثالث: نصيحة السلفيين وأمانتهم للأمة –حكاما ومحكومين-
    ما تقدم ليس معناه الدفاع عن مخالفات الحكام، أو المكابرة فيما هم فيه من مثالب ومساوي، أو المجادلة فيما هو عليه من مقابح ومخازي، لكن المقصود وجوب التقيد بتوجيهات النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع هذا الاعوجاج والميلان، وأن الصبر على جورهم؛ مع الوفاء ببيعتهم، وطلب حقنا من الله سبحانه إن استأثروا هم بالدنيا، وهكذا الالتجاء إلى من يملك قلوب الحكام والملوك، ودعاء من قلوب العباد بين أصابع ملك الملوك في أن يصلحهم، وأن يأخذ بنواصيهم للبر، فإن في هذا الخير كله للعباد والبلاد، أما تحكيم العاطفة في مثل هذه الأحداث؛ فإنه مخوف العقبى، وتمكين الأهواء والانتصار للنفس لا تؤمن رواجعه وروادفه، واتخاذ أهل الفتن والفوضى قدوة دون العلماء الربانيين لا تسلم رواهنه ورواهقه، والواقع يشهد على ما أرشدت إليه السنة النبوية.
    ثم إذا أردنا رفع هذا البلاء، فإننا ننظر إلى سببه، فإذا قطع سبب الشر فقد قطع الشر من أصله، أما أن تعالج آثار الشر وثماره، فيبقى دائما يمد بمادته لأن أصلها باق، ومنبعها غير واق؛ فإذا علم ذلك فالذي لابد أن يعرف؛ وهو مما يستثقل سماعه كثير من المسلمين، لأن النفوس -إذا لم تتزكى- يثقل عليها سماع الحق وانتقاد الذات، ويسهل عليها تبرئة النفس وإطراؤها، مع لوم الغير وعذله، فسبب ذلك هو ما نحن فيه من البعد عن الله عز وجل، فإن في أمتنا –وللأسف- أكبر الكبائر: الشرك بالله؛ من عبادة غير الله، وقصد الأضرحة ودعائها من دون الله، والذبح لها وتقريب القرابين، والحب لها والاستغاثة بالأولياء والقسم بهم، وجعل المواسم الشركية التي يشرك فيها بالله الخالق سبحانه، وبالجملة صرف حق الله الذي خلقنا من أجله -وهو عبادته وتوحيده- إلى غيره من الموتى والمخلوقين، فإذا لم يكن إلا هذا الذنب العظيم لكفاه شرا بنا وقطعا للطمع في أن نرزق بحكام صالحين! فكيف إذا زدت عليه سائر الذنوب الكبائر والفواحش المحرمة في كل ملة: كالربا والزنا وأنواع الفواحش والقتل بغير حق والسحر والشعوذة و...الخ، والله عز وجل يقول "وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون" [الأنعام:129]، يعني: كما تكونوا أنتم مع ربكم، تكن عليكم ملوككم جزاء وفاقا، فحكامنا أعمالنا، ويقول الحكماء: (لا صلاح للخاصة مع فساد العامة)، فنحن تسببنا في الشر ونريد معالجته بالشر، فلا نكاد نفيق ونفطن، كمن أصاب ثوبه بالنجاسة ويبغي إزالتها بنجاسة أغلظ! فنحن استخدمنا الأهواء لشهوات أنفسنا، فاستخدمنا الحكام لشهوات أنفسهم، إلا أن الفرق هو أن: كلا على قدره؛ فالرعية على قدرهم، والرعاة على قدرهم، فلو استخدمنا الشرع في نفوسنا، لاستخدمنا الملوك لله في نفوسهم، فخافوا الله فينا، فعدلوا بيننا وحكموا شرعنا وأعزوا بلدنا، أما أن نعالج الواقع بمخالفة الشارع –وهو الله عز وجل- فلا واقع يثبت ولا شرع:
    نرقع ديانا بتمزيق ديننا فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع!
    فلابد من رجوع المسلمين إلى ربهم، والاستقامة على دينهم الذي جاء به نبيهم صلى الله عليه وسلم، وفهم أحكامه فهما صحيحا كما كان عليه السلف الصالح من الصحابة ومن بعدهم بإحسان، لتهنأ لهم الحياة ويعيشوا الحياة الطيبة، وهذا في الدنيا، وسعادة الآخرة ونيل رضوان الله أعظم.
    هذا هو موقف السلفيين؛ أهل الحديث، ومن أجل هذا الموقف نشأت الحملة الشرسة الضرسة عليهم في وسائل الإعلام وغيرها، واتهموا وافتروا عليهم بالأكاذيب، وهم يستأنسون بمثل قول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم "ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" [الحجر:97-99]
    فأسأل الله الكريم أن يصلحنا وسائر المسلمين حكاما ومحكومين، وأن يجعل بلدنا آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، وأن يعز بلاد الإسلام في كل مكان، وأن يذل بلاد الكفر في كل مكان، إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه، وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.


    وكتبه:
    د. الكشبور صالح

    عشية الأربعاء: 20 رجب 1440ه الموافق ل: 27-03-2019 م.


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    1-
    2-

    3- والأهيغان: الخصب وحسن الحال، يقال: إنهم لفي! الأهيغين، وقيل: هما الأكلوالنكاح، قاله الفراء، أو الأكل والشرب، أو الشرب والنكاح[تاج العروس:22/601]
    4- الترمذي (2658) وابن ماجه (230)
    5- مفتاح دار السعادة (1/277)
    6- مرقاة المفاتيح (1/442)
    7- أخرجه الخطيب في "الكفاية"، وقد بسط الكلام عليه العلامة عبد المحسن العباد في كتابه: "دراسة حديث نضر الله امرءا مقالتي...رواية ودراية" (3/347) –ضمن كتب ورسائل العلامة عبد المحسن العباد-.
    8- التمهيد (21/289).
    9- مفتاح دار السعادة (1/277)، وقارن كلام ابن القيم هذا مع ما يحدث من الحوثيين والداعش في بلاد الإسلام، تزداد يقينا إن شاء الله بأن أهل السنة حيثما وجدوا هم أبرأ الناس من الأهواء وأسعدهم بأقوال نبيهم ، وما سواهم فدعاوى مجردة عن الدليل ستنكشف بعد حين لكل ذي عينين، والله الموفق.
    أحلام نوم أو كظل زائل إن اللبيب بمثلها لا يخدع.
    10- البخاري (71).
    11- سنن أبي داود (3660)
    12- انظر السلسلة الضعيفة للعلامة الألباني (14/75).
    13- البخاري (1013).
    14- أي: نشزن وترفعن.
    15- أبو داود (2148).
    16- أبو داود (4346) وابن ماجة (4011).
    17- هذه الشبهات ذكرها صاحب كتاب: "المظاهرات السلمية".
    18- وقد بينها العلماء؛ كابن رشد في "بداية المجتهد"، وشيخ الإسلام في "القواعد النورانية" وغيرها من كتب العلم.
    19- وجعل r الخوارج من شر الطوائف، وجاءت فيهم من النصوص ما لم يأت في طائفة أخرى، وأنهم شر الخلق والخليقة، وأنهم شر قتلى تحت أديم السماء، وتوعدهم بالقتل لو أدركهم، وغير ذلك من التهديد.
    20- البخاري (4547).
    22- البخاري (7142).
    23- سنن أبي داود (4609) والترمذي (2676).
    24- فتح الباري (13/122).
    25- شرح مسلم للنووي (12/225). ومعنى كلامه: أن الإمامة لها ثلاث طرق: العهد أو الاختيار من أهل الحل والعقد، أو الغلبة، فإذا تمت بالطريق الثالث فلابد من الطاعة ولو كان عبدا مقطوع الأطراف، أما إذا كان بالاختيار فيشترط في الإمامة شروطا، منها: الحرية وسلامة الأعضاء، وانظر: الأحكام السلطانية للماوردي عند فصل: الشروط المعتبرة في الإمامة. ص5.
    26- البخاري (7055) ومسلم (1709).
    27- شرح مسلم للنووي (12/225).
    28- البخاري (7144) ومسلم (1839)
    29- البخاري (7053) ومسلم (1849).
    30- مسلم (1847).
    31- مرقاة المفاتيح (15/395) –بتصرف يسير-
    32- مسلم (1846).
    33- نيل الأوطار (7/201).
    34- جامع العلوم والحكم ص262.
    35- مسلم (1842).
    36- المفهم (12/100).
    37- البخاري (7111).
    38- السنة لابن أبي عاصم (1096).
    39- مسلم (2989).
    40- شرح مسلم للنووي (18/118).
    41- فتح الباري (13/53).
    42- البخاري (56) ومسلم (55)
    43- التمهيد (21/285).
    44- شرح السنة (13/95).
    45- جامع العلوم والحكم ص80.
    46- الترمذي (2224) وحسنه الألباني، انظر الصحيحة (2297).
    47- المنهاج في شعب الإيمان (3/172).
    48- تفسير القرطبي (3/156).
    49- أي: بعدت عن صفة العزة معه I، فلم تتعزز وتستنكف عن الانقياد لأحكام الله، وطاعة رسوله r، بل ذللت لله وخضعت لطاعته، فهذا هو حقيقة العز: أي التذلل له U، فإذا تعززت عليه I فذلك هو حقيقة الذل لأنك عبد للشيطان والهوى.
    51- الجامع لأحكام القرآن (10/4685)
    52ـ أحمد (5667).
    53- مسلم (108).
    54- المفهم (2/71)، وماذا يقول الإمام القرطبي لو أدرك زمننا، المليء بالتناقضات والغدر والخذلان، والله المستعان.
    55- البخاري (3606) ومسلم (1847)


  • #2
    جزاك الله خيرا وبارك فيك أخي صالح على هذا المقال النافع، ألذي كشف عن شبهات المبطلين من الملبسين المدلسين الذين يحاولون إفضاء الشرعية على هذا الممارسات البدعية ولو بأدلة واهية وحجج بالية، كفى الله بلدنا وسائر بلدان المسلمين كل شر، كما نسأله أن يعصمها من الفتن ماظهر منها وما بطن.
    غفر الله له

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا أخي صالح كثير من شباب مساجدنا تأثروا بواقع الحال ولم يعتبروا بما قد فات ... بل حتى من ظاهره السنة فإلى الله المشتكى...

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا أستاذ صالح وبارك فيك ونفع بك وجعل ما خطت يمينك في ميزان حسناتك.

        تعليق


        • #5
          جزاك الله خيرا و بارك فيك
          من الفوائد النفيسة التي سمعتها من مفتي البلاد محمد فركوس وفقه الله لكل خير أن الخارجين للمظاهرات وقعوا في محظورين :
          ١/- الخروج على ولي الأمر و مشابهتم لأعداء الدين في تغيير المنكر على قاعدة الغاية تبرر الوسيلة.
          ٢/- مطالبتهم بالتغيير .. يريدون حاكم يحكم بالديمقراطية ، يلبي حاجياتهم ، الشعب هو الحاكم و الحكم من الشعب إلى الشعب.. ألم يعلموا أن الله عز و جل قال: " إن الحكم إلا لله ". و قال النبي صلى الله عليه و سلم : " إن الله هو الحكم و إليه الحكم ".اه

          تعليق


          • #6
            جزاكم الله خيرا وبارك فيكم

            تعليق


            • #7
              حفظك الله أستاذ صالح و بارك فيكم على هذا المقال الرائع السديد

              تعليق


              • #8
                بارك الله فيكم

                تعليق


                • #9
                  بارك الله فيك أخي صالح على المقال المفيد ، و فقك الله لما يحبه و يرضاه ، و نرجوا الإذن بالنشر .

                  تعليق


                  • #10
                    جزاك الله خيرا وبارك فيك

                    تعليق


                    • #11
                      مقالٌ فريدٌ في بابه
                      جزاك الله خيرا دكتور: صالح

                      تعليق

                      الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
                      يعمل...
                      X