<بسملة1>
الرد البديع على من ترك الدليل وتعصب للشيخ ربيع. [من كلام الشيخ ربيع-حفظه الله-]
إن من البلايا والمحن التي نعيشها اليوم بين طلبة العلم خاصة ، التعصب للرجال وتقديم أقوالهم على الدليل والحجة ، وإعتقاد الحق فيهم رغم ظهور خطئهم وجلائه ، وتقليدهم في كل شيء من غير إتباع للبرهان، ولو خالفوا الدليل .الرد البديع على من ترك الدليل وتعصب للشيخ ربيع. [من كلام الشيخ ربيع-حفظه الله-]
ولهذا كان الشيخ ربيع حَفِظَهُ اللَّهُ يقول :
(نَحْنُ لا نَمْشِي مَعَ العَوَاطِفِ نَمْشِي مَعَ الحُجَّةِ وَالبُرْهَان ِ). [المَجْمُوع ( 181 / 15)].
والتعصب من سمات الجاهلين، لا العلماء المخلصين ، وهو كذلك نوع من الضعف العلمي .
كما قـال الـشيخ الـعلامة ربيع بن هادي الـمدخـلـي - حفظه الله تعالى -:
(فـهذا الـتعصب مـن شـؤون الـجاهليين ومـن أعمـالهـم ، أمـا الـمسلـم الـصادق فـعليه أن يتنـزه عـن الـتعصب وعـن الـمخالـفات لـما جـاء به محمد {صلى الله عليه وسلم}
تعصـب ذميـم ! وﻻ يتعصـب إﻻ عـصبي أوْ ذمـيـم ؛العصبي يعني مـجنون بداء اﻷعـصـاب أو غـبي ، ﻻ يتعصـب إﻻ غبي أو عـصبي).
[فـتاوى في الـعقيدة والـمنهـج (صـ١٢٤)].
وللأسف الشديد أصبح بعضهم يعتقد العصمة في شيخه، كما يعتقد الصوفية الغلاة والروافض في أشياخهم ،وفي هذا يقول الشيخ َ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ رَبِيع بن هَادِي المَدْخَلِي –حَفِظَهُ اللَّهُ-:
«وَلَسْنَا مِنْ عُبَّادِ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ، وَلَا مِنَ الرَّوافِضِ، وَلَا مِنْ غُلَاةِ الصُّوفِيَّةِ، الَّذِينَ يُقَدِّسُونَ الأَشْخَاصَ وَيَعْتَقِدُونَ فِيهِمْ العِصْمَةَ».
[إِزْهَاقُ أَبَاطِيلِ عَبْدِ اللَّطِيفِ بَاشَمِيل ].
وقال كذلك –حَفِظَهُ اللَّهُ-:
(نحْنُ نَدْعُوا النَّاسَ إِلَى الحَقِّ بِاﻷَدِلَّةِ الوَاضِحَةِ وَالبَرَاهِينِ البَيِّنَةِ، عَلَى طَرِيقَةِ الرُّسُلِ وَالسَّلَفِ الصَّالِحِ، لَا عَلَى طَرِيقَةِ البَّاطِنِيَّةِ وَالمَاسُونِيَّةِ بِالحِيَّلِ وَاﻹِرْضَاخ)ِ. [إِزْهَاقُ أَبَاطِيلِ عَبْداللَّطِيفِ بَاشمِيل؛ ص 95.]
وإننا لم نكلف باتباع فلان من الناس فيما يأمر وينهى ، إلا الكتاب وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ،كما ﻗَـاﻝَ شَيْخُنَا العَلاَّمَةُ صَالِحُ الفَوْزَانِ -حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى-:
(نَحْنُ لَمْ نُكَلَفْ بِاتِّبَاعِ النَّاسِ، إِنَّمَا أُمِرْنَا بِاتِّبَاعِ القُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، هَذَا هُوَ الحَقُّ، مَا أُمِرْنَا بِاتِّبَاعِ فُلَانٍ وَفُلَان ،وَاللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَكِلْنَا إِلَى آرَائِنَا وَاجْتِهَادَاتِنَا، بَلْ أَنْزَلَ عَلَيْنَا كِتَابَهُ وَأَرْسَلَ إِلَيْنَا رَسُولَهُ.
وَإِذَا رَجَعْنَا إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُّنَّةِ رَسُولِهِ -ﷺ- زَالَ الشِّقَاقُ وَزَالَ الاخْتِلَافُ وَاجْتَمَعَتِ الْكَلِمَة)ُ. [شَرْحُ رَسَائِلِ الإمَامِ المُجَدِّدِ - الأُصُولُ السِّتَّةُ، ص ٢٠]
فالواجب أن يرجع الإنسان إلى الحق ولو خالفه ملأ الأرض ،ولا يتأثر بفلان ولا بعلان ،لأن الحق عزيز وهو ما وافق الدليل والحجة والبرهان، ويجب أن يرد الباطل على المخالف للحق مهما كان .
كما قال الإمام ربيع المدخلي حفظه الله :
« لا نعطي قداسة لأفكار أحد كائناً من كان، فالخطأ يرد من أي شخص كان سلفياً أو غير سلفي ». [المجموع (15 /32).]
ومن الأسباب التي تجعل الرجل يميل مع الباطل ويتعصب له ، هو التكبر عن الحق و التقليد المذموم ، وإحتقار الناس وازدرائهم .
لهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
(ومن بَطِرَ الحق فجحده فإنه يضطرّ إلى أن يقرّ بالباطل ، ومن غمط الناس فاحتقرهم وازدراهم بغير حق فإنه يضطرّ إلى أن يعظّم آخرين بالباطل ) . [ جامع المسائل : ( ٦ / ٢٢٨ )]
وقَالَ شيخنا العَـــلّامَـة رَبِـيــع المَـدْخَلِـي -حَـفِظَهُ الله- :
"…كثيرٌ من الناس يتعامى ويتجاهل وقد يكون الحقُّ في متناول يديه ولكن تمنعه عَقَبات :منها الهوى ، ومنها الكبر ، ومنها التقليد، ومنها أشياء كثيرة وعوامل عديدة ..
يكون الحق في متناول يديه وأمام عينيه فيُكَـتِّف يديه ويُغمِض عينيه ويعرض عن الحق فهو أيضا زائغ عن الحق مصيره إلى الهلاك والعياذ بالله ." [ المجموع الرائق المخرج من الفتن (صـ : 251)] .
ولهذا كان من علامات أهل الأهواء والبدع ،الغضب عند الإنكار ،وتبيين الحق لهم ،لأن التعصب واتباع الهوى أعماهم فأصبحوا لا يرون إلا ذاك الباطل ،وقد زينته لهم شياطينهم ،كما قَــال :
الشَّيْخُ العَلَّامَةُ صَالِحُ الفَوزَان -حَفِظَهُ اللَّهُ-:
(إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِ الحَقِّ إَِذَا أخْطَأَ: أنْتَ أخْطَأتَ الدَّلِيلَ، أَخْطَأْتَ السُّنَّةَ، فَإنَّهُ يَقْبَلُ، لأَنَّ قَصْدَهُ الحَقَّ، وَلَيْسَ قَصْدُهُ الانْتِصَارَ لِرأيِهِ.
أمَّا إذَا قُلْتَ لصَاحِبِ الهَوَى أنْتَ أخْطَأتَ، فَإِنَّهُ يَغْضَبُ وَيَشْتَدُّ، وَهَذِهِ عَلَامَةُ أَهْلِ الأَهْوَاءِ، أنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَنْتَصِرَ لِهَوَاه). [شَرْحُ السُّنَّةِ للبَرْبهَارِي، صـ 56.]
فالعبرة بالكتاب والسنة والدليل لا بالرجال ، بل الرجال يعرفون بالحق ، ولا يعرف الحق بالرجال .
كما قال العلامة التويجري رحمه الله :
« فإن العلماء ﻻ تُعظم أقدارهم ويُعتَدَّ بأقوالهم بِمجَرَّد التَفخِيم لهم والتَنوِيهِ بذكرهم ، وإنَّمَا يُعتَبَرُون باتباع الحق واجتناب الباطل :
فمن قال منهم بِمَا يُوافق الكتاب والسنة فقوله مقبول ،ولو كان حامِلَ الذكر عند الناس.
ومن قال بِمَا يُخالف الكتاب والسنة فقوله مردود ، ولو كان مشهورًا عند الناس » [ فصل الخطاب في الرد على أبي تراب : ( ص٢٦٤ ) ]
وقد يبتلي الله عز وجل بعض الناس بالعلماء ،فيوقعهم في شيء من الباطل إمتحانا واختبارا لهم .
كما قال العلامة المعلمي رحمه الله :
"اعلم أن الله تعالى قد يُوقع بعض المُخلِصين في شيءِِ من الخطأ ابتلاءً لغيره أيتَّبعُون الحق ، ويدَعون قولَه ، أم يغترّون بفضله وجلالته! ." [ رفع الاشتباه : ( ص٢٩٤ )].
كتبه : أبو عبد المؤمن الجيجلي .
تعليق