إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

[ تفريغ محاضرة ] - أصل هذه الدعوة المباركة اتباع النبي صلى الله عليه وسلم - الشيخ أزهر سنيقرة - في مدينة الغزوات ولاية تلمسان.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [ تفريغ محاضرة ] - أصل هذه الدعوة المباركة اتباع النبي صلى الله عليه وسلم - الشيخ أزهر سنيقرة - في مدينة الغزوات ولاية تلمسان.

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله:
    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).
    (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).
    ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى،وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها،وكل محدثة بدعة،وكل بدعة ضلالة.
    أولا نحمد الله جل وعلا الذي يسر هذا اللقاء،في هذه المدينة التي أسأل الله عز وجل أن يبارك في أهلها ويوفقهم لما يحبه ويرضاه،وأن يجمع قلوبهم على طاعته وأن يوفقهم لمرضاته.
    وإن من نعم الله تبارك وتعالى علينا هذه اللقاءات التي هي بمثابة اللقاح،هذه اللقاءات إن لم يكن من آثارها الطيبة إلا الاجتماع على ذكر الله تبارك وتعالى،لكان هذا سببا كافيا،هذه اللقاءات التي نتعلم فيها ما ينفعنا عند ربنا تبارك وتعالى،وما يكون سببا لسعادتنا في هذه الدار،ولنجاتنا وفوزنا في الدار الأخرى بإذن الله تبارك وتعالى.
    ومما ينبغي أن يعلمه المسلمون جميعا،أن الله تبارك وتعالى تعبدنا بأصل عظيم ،هذا الأصل ضمّنه كلمة التقوى والكلمة الطيبة وكلمة التوحيد، وهي أعظم كلمة تعبدنا الله عز وجل بها،وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
    هذه الشهادة التي جمعت أنواع التوحيد كلها،بدءا بتوحيد الله عز وجل في ربوبيته،وتوحيده في أسمائه وصفاته،وتوحيده في ألوهيته.
    ثم الشطر الثاني من هذه الكلمة الطيبة أو الشهادة الثانية ،توحيد الاتباع للنبي عليه الصلاة والسلام،هذا الاتباع الذي جعله الله جل وعلا امتحان للناس،فقد ادعى أناس محبتهم لله عز وجل،فأنزل الله تبارك وتعالى:{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ } آل عمران.
    ادعى قوما محبتهم لله فامتحنهم الله جل وعلا وابتلاهم بهذا الأمر،أن دليل صدق المحبة هو اتباع النبي عليه الصلاة والسلام.
    { فَاتَّبِعُونِي } أي: اتبعوا هذا النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته كما قال الله جل وعلا في الآية الأخرى من آل عمران:{ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } الأعراف.
    الهداية لا تتحقق إلا باتباعه كذلك .
    فهذا الأصل العظيم هو أصل هذه الدعوة المباركة،هو أصل الدعوة السلفية، الدعوة إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله عليه الصلاة والسلام.
    دليل هذا أن أصحابها أو الذين انتهجوا منهجها واعتقدوا عقيدتها، لا يعرفون إلا بأنهم أهل سنة وجماعة، يُعرفون بأهل السنة والجماعة، وبأهل الأثر وبالفرقة الناجية،والطائفة المنصورة.
    الفرقة الناجية من بين سائر الفرق،التي أخبر عندها الصادق المصدوق:وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة،قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال:من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي.
    وفي رواية : هي الجماعة،والجماعة هي من كان على مثل ما كان عليه أصحاب رسول الله،وأصحاب رسول الله هم الجماعة الأولى في هذه الأمة،وهم الذين قصدهم الله تبارك وتعالى بالدرجة الأولى في قوله:{ وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا } النساء.
    { وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ }،سبيل المؤمنين هم الجماعة،هم الجماعة التي اجتمعت على الحق،هم الجماعة الذين اعتقدوا العقيدة الصحيحة، التي كان عليها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،وهم الذين انتهجوا المنهج الحق الذي سار عليه هؤلاء الرجال الأفذاذ.
    فالاتباع أصل عظيم من أصول الدين،الله تبارك وتعالى لا يقبل الأعمال أو أصحابها،إلا إذا حققوا هذا الشرط فيها،أي حققوا أصل الاتباع، لأن الله تبارك وتعالى لا يقبل من عباده عملا من الأعمال حتى يكون خالصا صوابا.
    حتى يكون خالصا أي أن أصحابه أخلصوا فيه النية لله جل وعلا،ولم يشركوا فيه به شيئا أبدا،يبتغون بعملهم هذا وجه الله تبارك وتعالى،وهذا معنى الاخلاص مأخوذ من الخلوص،وهو أن يُخلص من كل شائبة من شوائب الشرك،بأن يصرف شيئا من هذا العمل وإن كان ضئيلا جدا لغير الله تبارك وتعالى.
    لا تبقى أي شائبة فيه لغير الله أن يكون لله وحده لا شريك له .


    هذا الشرط الأول وهو متعلق بتوحيد الله تبارك وتعالى،متعلق بالشهادة الأولى من كلمة التوحيد،والشرط الثاني هو أصل الاتباع هو أن يكون موافقا لفعل النبي عليه الصلاة والسلام،أو قوله أو هديه يعني حقق أصل الاتباع ،و هذا هو الشطر الثاني أو الشهادة الثانية من كلمة التوحيد وأن محمدا رسول الله.
    فكانت هذه الكلمة لا بد من تحققها واستفاء شروطها،في أي عمل من الأعمال التي نتقرب بها إلى الله تبارك وتعالى.
    ولو أن المسلم في كل أعماله استحضر هذه المعاني عند شروعه في العمل،وعند مباشرته للعمل وعند انهائه للعمل،لاستقام أمر المسلمين جميعا،ولصلحت أعمالهم لأنهم أبعد الناس عن الشرك بالله جل وعلا.
    والشرك بالله تبارك وتعالى سبب للمصائب كلها وللبلايا جميعها،كيف لا وهو الذنب الأعظم وهو الظلم الأكبر،كما وصفه ربنا تبارك وتعالى بكتابه:{ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } لقمان.
    ولا بد من تحقيق هذين الأمرين:
    توحيد الله جل وعلا أولاً،بهذا المعنى الذي جاءت به نصوص الكتاب والسنة،بهذا المعنى الذي دعا إليه نبينا عليه الصلاة والسلام،وغرسه في نفوس أصحابه رضي الله عنهم تعالى أجمعين،وأثمرت هذه الشجرة الطيبة التي غُرست في هذه القلوب الصادقة، مثل تلك الأعمال العظيمة الجليلة،التي استحق أصحابها الرفعة في الدنيا والآخرة.
    الله جل وعلا رفع قدرهم فجعلهم خير هذه الأمة في الأمة،لقول الله تبارك وتعالى:{ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ } التوبة.
    { رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} ،رضي الله عنهم وهم في دنيا الناس،وهذا لا شك ولا ريب أمر عظيم وفضل كبير،وهذه بشرى طيبة لهؤلاء الخييرين من أصحاب نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام.
    الذين اختارهم الله جل وعلا ،واصطفاهم لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم،كما قال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: أن الله جل وعلا نظر في قلوب العباد،فوجد قلب محمد هو أفضل القلب فاصطفاه برسالته،ثم نظر في قلوب العباد فوجد قلوب أصحابه هم خير القلوب،فاصطفاهم واختارهم ليكونوا وزراء لنبيه.
    ليكونوا أصحابه وكفى بالصحبة شرفا،لأن شرفة الصحبة لا يدانيه شيء أبدا لن يصل إلى درجة الصحابة في هذه الأمة بعدهم أحد أبدا،ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في بيان هذا الأمر: لو أن أحدكم أنفق مثل أُحدٍ ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه.
    يعني ممن جاء بعدهم،أنفق مثل أُحدٍ ذهبا هذا الإنفاق العظيم وهذا العمل الجليل،فإنه ما يبلغ ما بلغه هؤلاء ولو جزءا من عظيم وكثير أعماله، مد أحدهم ولا نصيفه أي نصف هذا المد أو هذا المقدار،لنعلم شرف القوم ورفعتهم عند الله تبارك وتعالى،لهذا وجب على الأمة أن تعرف لهؤلاء قدرهم وأن تجلهم،كما أمر بذلك ربنا جل وعلا في كتابه،وبين نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم في سنته،لا بد أن نعرف لأهل الفضل فضلهم في هذه الأمة.
    وأول هؤلاء هو نبي هذه الأمة وحقه هو أول حق من حقوق المخلوق،يأتي بعد حق الله جل وعلا،ثم يأتي حق الصحابة رضي الله تعالى عنهم،ثم يأتي حق العلماء والأئمة في هذه الأمة،وهذا من تحقيق الاتباع تبجيل العلماء ومعرفة قدرهم وانزالهم منزلتهم،نحن نُهينا عن الغلو في كل شيئ،حتى فيه عليه الصلاة والسلام وهو أشرف خلق الله وأفضلهم على الإطلاق،هذا النبي الكريم قال: لا تطروني كما اطرت اليهود والنصارى أنبيائها.
    لا تطروني أي لا تمدحوني المدح الذي قد يؤدي إلى الغلو،قال بعضهم: لا تبالغوا في مدحي،والصحيح أنه نهى عن مجرد مدحه.
    نحن مأمرون بمعرفة حقه منزلتة وقدره أما المدح فقد كفانا إياه ربنا جل وعلا،هو الذي مدح نبيه وأثنى عليه الثناء العظيم العطر،الذي ما أُثني على نبينا عليه الصلاة والسلام بمثله،أثنى عليه في آيات كثيرة.
    { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } القلم،يقول الله جل وعلا مادحا نبيه عليه الصلاة والسلام،وهو الذي قال فيه:{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا } الأحزاب.
    هذه الآية قال أهل التفسير هي أعظم آية في ثناء ربنا على حبيبنا عليه الصلاة والسلام.
    أرسله الله جل وعلا لهذه الوظائف،وأكرمه الله تبارك وتعالى بهذه المنزلة،وجعله داعيا إلى الله وجعله سراجا منيرا،صلى الله عليه وعلى آله سلم.


    لأن هذا الإطراء يؤذي إلى الغلو،والغلو هو سبب هلاك من قبلنا ونحن نهينا أن نتبعهم في كل شيئ،نهينا أن نتبعهم خاصة فيما كان سبب في هلاكهم،نهينا وحُرم علينا التصوير في ديننا،لأن التصوير أول سبب من أسباب الشرك في الأمم السابقة،وحتى لا تقع هذه الأمة في أعظم معصية لله تبارك وتعالى،التي تناقض أعظم كلمة في دين الله عز وجل،ألا وهي كلمة التوحيد،نُهينا عنه وحُرم علينا.
    نهينا عن الغلو لأن الغلو من أعظم أسباب شرك الأمم السابقة،غَلو في صالحيهم ورفعوهم منزلة، فوق المنزلة التي بوأهم الله جل وعلا إياها.
    نعرف لنبينا قدره ولا نزيد على ذلك،نعرف لأصحابه قدرهم ولا نزيد على ذلك،وأهل السنة هم أسعد الناس بالحق في هذا كله،لأنهم هم أهل التوحيد،ولأنهم هم أهل الاتباع،ولأنهم هم أسعد الناس بمعرفة حق الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
    لم يقعوا لا في الغلو كما وقع غيرهم ممن ضل سبيلهم،فأخذ يطعن في أصحاب رسول الله،بل جعل دينه هو الطعن في الصحابة رضي الله تعالى عنهم،وتكفيرهم كما هي عقيدة الروافض الأشرار،الذين يعتقدون أن الصحابة بعد وفاة رسول الله ارتدوا عن الاسلام،إلا قلة قليلة منهم ثبت على دين النبي عليه الصلاة والسلام.
    وعدوا منهم ثلاثة عشر صحابي والبقية الباقية كلهم أهل ردة وكفر،وعلى رأسهم خير الصحابة لأن خير الصحابة هم الخلفاء الراشدون،وهؤلاء طعنوا في الثلاث في أبي بكر وعمر وعثمان،وخير الخلفاء الشيخان أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما،ثم يأتي من بعدهم في الدرجة العشرة المبشرون بالجنة،وهكذا على تفاوت في فضلهم،رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
    كذلك أهل الحق أهل السنة هم أسعد الناس ،بمعرفة قدر علمائهم وأئمتهم،فلم يتعصبوا لهم ولم يغلوا فيهم بأن يعتقدوا في أحدهم،أو في طائفة منهم العصمة أبدا،العصمة في اجتماع كلمتهم،لأن الإجماع حجة من الحجج الشرعية،يأتي بعد الكتاب والسنة،والإجماع أن يجتمع أئمة الاسلام على قول واحد في مسألة ما قول واحد، فإذا أجمعوا لا يجوز لغيرهم أن يخالفهم بعد ذلك.
    لأنه إذا خالفهم خالف الإجماع،وخالف قول الله جل وعلا:{ وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ }النساء.
    مخالفة الإجماع اتباع غير سبيل المؤمنين،ولهذا كان شيخ الاسلام ابن تيمية عليه رحمة الله،يقول عن أصحاب رسول الله،خلافا لما يقوله الناس في حق الصحابة وينسبونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،يعني أنه حديث.
    والنصوص ترد هذا وتبطله،"اختلاف أمتي رحمة".
    إذا كان اختلاف الأمة رحمة،فاتفاقها إذا يكون عذاب؟ اختلاف أمتي رحمة،والنبي صلى الله عليه وسلم،قال فيما صح عنه: الجماعة رحمة والفرقة عذاب.
    شيخ الاسلام وجه في هذا كلامه الطيب المؤصل، بأن قال في أقوال الصحابة:اختلافهم رحمة واسعة،وإجماعهم حجة قاطعة.
    وهذا الذي ينبغي أن يقرر و أن يسير عليه الناس،اختلاف الصحابة رحمة، من باب أن الصحابة توزعوا وتفرقوا في الأمصار،وقد يكون لأحدهم سنة ليست عند غيره،وهذا يدلنا على أن قول الصحابي ليس حجة على غيره من الصحابة،لأن العبرة ليست في أقوال من جاء بعد رسول الله،إنما العبرة في أدلتهم وحججهم.
    قد يقول قائل حتى الصحابة؟ نقول نعم حتى الصحابة،وهذا إنما قيل في حق الصحابة،حتى الصحابة فإذا كان حتى في الصحابة فغيرهم من باب أولى ممن جاء بعدهم،جاء بعدهم التابعون وهم من الخييرين كذلك،لأنهم داخلون في القرون الثلاثة المفضلة،فيقال فيما اختلفوا فيه ما قيل في الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم .
    ولم يأتي أحد ليقول إن قول فلان حجة،وإن قول فلان لا ينبغي ولا يجوز مخالفته،وأن قول فلان،فلان هذا الكبار والكبار يطاعون فيما قالوا ولا يعصون، أبدا.
    هذا ما قال به أحد قاله الضُّلال في أئمتهم وعلمائهم،قاله الرافضة قالوا في أئمتهم: إن لأئمتنا منزلة لا يبلغها ملك مقرب ولا نبي مرسل.
    اعتقدوا في أئمتهم العصمة،والعصمة تقتضي الطاعة في كل ما جاء عنهم.


    اعتقدوا في أئمتهم العصمة،والعصمة تقتضي الطاعة في كل ما جاء عنهم،وعدم مخالفتهم ومخالفة أمرهم أبدا،لأنهم معصومون ولأنهم في هذا الباب كالنبي عليه الصلاة والسلام،النبي الله جل وعلا تعبدنا بتوحيد اتباعه،وإذا قلنا بتوحيد اتباعه هذا يقتضي أننا لا نتبع غيره،فيما خالف قول النبي عليه الصلاة والسلام.
    وإنما هذا كان توحيدا في الاتباع،إذا قلنا نتبع النبي عليه الصلاة والسلام،ونتبع الصحابة ونتبع الخلفاء الراشدين،ونتبع أئمة التابعين،ونتبع أئمة تابع التابعين،ونتبع الأئمة الأربعة،ونتبع الأئمة الستة من أئمة الحديث،هذا ما أصبح توحيد اتباع أبدا.
    نتبع واحد هذا الواحد هو النبي عليه الصلاة والسلام،وغيره اتباعنا له لأجل اتباع النبي عليه الصلاة والسلام،بمعنى إذا وافق ما جاء في السنة،ووافق ما قاله نبي هذه الأمة،أخذنا بقوله لا لأنه قاله،بل أخذنا بقوله لأنه وافق من أُمرنا باتباعه وهو النبي عليه الصلاة والسلام.
    ولهذا أئمة السلف كانوا يربون الأمة على هذا الأصل العظيم،الذي من ضيعه ضيع دينه،والذي لم يحققه لم يحقق الاسلام ولا الايمان أبدا،من مثل ما كان يقوله إمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس عليه رحمة الله:كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر،يشير إلى حجرته وقد كان يدرس في مسجده رحمة الله جل وعلا عليه.
    تأصيل لهذا الأصل العظيم،كل من غير استثناء،كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر،وليس معنى هذا أنك إذا رددت قول عالم أنك طعنت فيه أو أنقصت من قدره أبدا.
    نرد أقوالهم ونحفظ كرامتهم،وهذا مما أوجبه الله جل وعلا علينا،لأن الله تبارك وتعالى لما رفع من قدر العلماء كان واجب علينا أن نرفع من رفع الله،وأن لا نخالف هذا الأمر أبدا،الله عز وجل قال في هؤلاء العلماء: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات } المجادلة.
    والنبي عليه الصلاة والسلام قال:ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويجل كبيرنا ويعرف لعالمنا قدره.
    ولهذا أسوأ الناس حالا وأقبح الناس موقفا،هم أولئك الذين تعرضوا لأعراض العلماء،وطعنوا فيهم وانتقصوا قدرهم،هؤلاء أسوأ الناس حالا عند الله.
    وهذا كان السلف يعدونه علامة من علامات أهل الشقاء،علامة من علامات أهل البدع والأهواء،وأهل البدع والأهواء هم أهل الشقاوة،كما أن أهل الحق أهل السعادة.
    لما؟ كانوا يقولون:علامة أهل البدع و الأهواء الوقيعة في علماء أهل الأثر.
    يقعون في أعراضهم ويطعنون فيهم وينالون منهم،بعضهم اتخذها صنعة عياذا بالله،صنعة يتطاولون على الكبار ليُعرفوا حتى يعرف،وبعضهم ربما يتطاول عليه بالرد عليه،وينتظر من هذا الكبير عليه،ويبقى ينتظر يقلك لوكان يرد عليا خلاص كبار العلماء،وينتظر وينتظر وينتظر،كما فعل أحدهم وأصبح بعد ذلك يصح قال الشيخ ما يردش عليا رديت عليه ما يردش عليا؟
    نسأل الله العفو والعافية.
    هذا حال الهابط وحال الهابطين جميعا،هؤلاء الذين عرضوا أنفسهم لهذه المخاطر،في الحقيقة هذه المخاطر الحقيقة،مش مخاطر البحر والحرقة وإن كانت مخاطر،هذه مخاطر تهلك الأنفس،أما هذه مخاطر تهلك الديانة،تهلك القلوب .
    وديننا هو أغلى ما نملك ديننا نجاتنا،فإذا ضيعنا هذا الدين بأي أمر من الأمور،أو بأي سبب من الأسباب،ماذا بقي لنا؟
    ولهذا الواجب علينا أن يكون حرصنا الشديد على حفظ هذا الدين،وما هذه التأصيلات التي اجتهد في بيانها وإبرازها وتجليتها،علماؤنا وأئمتنا وربطوا الأمة بها إلا لأجل هذا الأمر،حتى يحفظ دين الناس.
    لأن دين الناس لا يحفظ بأن يرتبطوا بأسماء أو أن يرتبطوا بأشخاص أبدا،أن ترتبط وأن تحقق أصول منهجك الذي أنعم الله جل وعلا به عليك،إذا وفق الله عز وجل للمنهج الحق،والمنهج الحق هو منهج أهل السنة والجماعة،ومنهج الطائفة المنصورة والفرقة الناجية.
    إذا وفقك الله إليه وهذا بمعرفة أصوله والتزامها والسير على وفقها،كنت من الموفقين في هذه الحياة الدنيا.
    ونسأل الله جل وعلا أن تكون من الفائزين يوم لا ينفع مال ولا بنون،إلا من أتى الله بقلب سليم.
    ولهذا نحن دائما وأبدا،ننصح إخواننا وأحبتنا أن يكونوا ملتزمين بالحق،عارفين بأصوله محققين لهذه الأصول،ملتزمين بالحق وحده،وإذا التزمت بالحق وعرفت بعد ذلك غيره،ثم إذا كان التزامك بأسماء أو بالأشخاص وكان حالك كحال الذين ضلوا سبيلهم،يقلك أنا في المسألة هذه مع فلان،أنت أُمرت أن تكون مع فلان؟ أنت أثمرت أن تكون مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم،وحده متبعا له وحده متمسكا بسنته وحده،عاضا عليها كما أمر بهذا نبينا عليه الصلاة والسلام،حين يقع في هذه الأمة ذاك الإختلاف الذي نبأنا به صلى الله عليه وسلم.
    فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجد.
    عضوا على هذه السنة،هذا دليل على شدة التمسك بها.
    أسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا للتمسك بسنة نبينا عليه الصلاة والسلام،وتحقيق هذا الأصل العظيم،أصل الاتباع الذي به يتم لنا هذا الدين،لأن مبناه على توحيد الله جل وعلا،وتوحيد الاتباع للنبي عليه الصلاة والسلام،نسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإخواننا لما يحبه ويرضاه،والله تبارك وتعالى أعلم.


    انتهى
    ــــــــــــ


    تفريغ أم صهيب السلفية


    المصدر:http://www.tasfia-tarbia.org/vb/showthread.php?t=24894





  • #2
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    بارك الله فيك

    تعليق


    • #3
      وفيك بارك الله

      تعليق


      • #4
        ------------

        تعليق


        • #5
          --------------------------

          تعليق


          • #6
            ---------------

            تعليق

            الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
            يعمل...
            X