<بسملة1>
الولاء والبراء على السنة
الأصل الذي يريد هدمه المميعة
الولاء والبراء على السنة
الأصل الذي يريد هدمه المميعة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
قال ابن المبارك - رحمه الله - : (( اللهم لا تجعل لصاحب بدعة عندي يداً فيحبه قلبي)) [رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 1/140]
قال شعبة - رحمه الله- : " كان سفيان الثوري يبغض أهل الأهواء وينهى عن مجالستهم أشد النهي "
[أخرجه نصر بن إبراهيم المقدسي في مختصر الحجة على تارك المحجة ص: 460 ]
وقال الإمام أحمد - رحمه الله - : " إذا سلّم الرجل على المبتدع فهو يحبه"، (طبقات الحنابلة (1/196)
وغيرها كثير من الأثار التي تدل على وجوب بغض أهل البدع واجتناب الجلوس إليهم والسماع لهم وهذا يتفرع عن الولاء والبراء على السنة.
والجلوس مع المبتدعة يؤدي إلى مفسدتين كبيرتين :
1-مفسدة تعود عليك : وهي أنك تعرض قلبك للشبهات التي عندهم مما يؤدي بك إلى الشك في الدين والشك في السنة.
2-مفسدة تعود على غيرك من المسلمين لأنك ستغرر بغيرك، فإذا رآك الناس تجالس هذا المبتدع وتوقره فإنهم سيحسنون الظن به، فجلوسك معه وتوقيرك له هذه تزكية منك له وإن لم تتلفظ بها، فيأخذون عنه شبهاته فتصبح سببا في ضلالهم.
وقد حصل هذا مع أبي ذر الهروي لما كان مع شيخه أبي الحسن الدارقطني، فلقيهم الباقلاني- وهو من رؤوس الأشاعرة- فعانقه الدارقطني وقبل رأسه وعينيه، فسأله تلميذه الهروي : من هذا؟! ، فقال الدارقطني : هذا أبو بكر الباقلاني، وأثنى عليه ، وعلى مواقفه الجيدة مع المعتزلة [ لكن لا يجوز توقيره واحترامه لكونه يجادل بعض فرق أهل البدع]
فمنذ ذلك الوقت صار الهروي يتردد على الباقلاني، حتى صار أشعريا، بل صار الهروي من رؤوس الأشاعرة. [ أوردها الذهبي في سير أعلام النبلاء]
وأيضا ما حصل مع عبد الرزاق الصنعاني رحمه الله، حيث كان يجالس جعفر بن سليمان الضبعي ، وجعفر بن سلميان الضبعي كان حسن السمت والخلق ولكنه كان شيعيا فاغتر عبد الرزاق بسمته وحسن خلقه، فأخذ عنه التشيع [والتشيع في وقتهم كان في تقديم علي رضي الله عنه على عثمان رضي الله عنه في الفضل فقط أو في تقديم علي رضي الله عنه على أبي بكر رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه في الفضل فقط وليس في الخلافة] فصار عبد الرزاق الصنعاني رحمه الله شيعيا.[ انظر ميزان الاعتدال للذهبي]
وهذا أمر طبيعي فالإنسان يتأثر بجلساءه ويتأثر بأصدقاءه لذلك قال عليه الصلاة والسلام : "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل" صححه الألباني.
قال الشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظه الله : "المجالسة تورث المجانسة"
وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي "
حسنه الألباني
فلا يجوز لك أيها السلفي أن تستمع لأهل البدع ولا أن تجالسهم ولا أن تدخل على مواقعهم ولا أن تجادلهم ولا أن تثني عليهم ولا أن تذكر حسناتهم ولو وُجِدَت، فإن هذا كله يفتح عليك أبوابا من الشبهات وإن كنت ممن يُقتدى به فستضلل غيرك من المسلمين عن السنة، فتحمل أوزارهم والعياذ بالله.
والمميعة خالفوا أهل السنة والجماعة في هذا الأصل، فلا مانع عندهم أن يجالسوا أهل البدع، ولا مانع عندهم أن يأخذوا العلم عنهم ، بل يذكرون حسناتهم ويثنون عليهم كلما ذكروهم، فوقعوا في موالاة أهل البدع ومعاداة أهل السنة.
وهذا الأصل عدم مجالسة أهل البدع والسماع لهم يتفرع عن الولاء والبراء على السنة.
والمميعة ضَعُفَ عندهم الولاء والبراء على السنة، فصار ولاءهم وبراءهم على حزبهم وعلى شيوخهم المزعومين، فوسعوا دائرة السلفية وأدخلوا فيها أهل البدع وأدخلوا فيها المجروحين الذين حذر منهم العلماء فأحدثوا منهجا أفيحا مطاطيا.
فانهدم عندهم هذا الأصل وهو وجوب هجر أهل البدع ووجوب ترك مجالستهم والسماع لهم.
والأدلة على تحريم مجالسة أهل البدع كثيرة نذكر منها دليلان :
حديث الدجال الذي هو أصل هذا الأصل
قال صلى الله عليه وسلم : " من سمع بالدجال فلينأ عنه، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات " [ أخرجه أحمد عن عمران بن حصين]
الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالفرار من الدجال لما عنده من الشبهات.
وكذلك أهل البدع عندهم شبهات فنعاملهم معاملة الدجال.
فكما لا يقوى المؤمن القوي الإيمان على رد شبهات الدجال، فكذلك لا يقوى على رد شبهات أهل الزيغ والبدع.
نحن لا نشبه أهل البدع بالدجال، لكن نشبه الشبهات بالشبهات.
فالراسخون في العلم كانوا يخافون على قلوبهم ولا يستمعون لأهل البدع ولا يجالسونهم ولا يناظرونهم
قال ابن طاوس لابن له يكلمه رجل من أهل البدع : يا بني أدخل أصبعيك في أذنيك حتى لا تسمع ما يقول . ثم قال : اشدد اشدد . [ انظر السير للذهبي]
وقال أبو قلابة : لا تجالسوا أهل الأهواء ، أو قال : أصحاب الخصومات . فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم ، ويلبسوا عليكم بعض ما تعرفون [المصدر السابق]
قال جل وعلا : " وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره فإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين "
الذين يخوضون في آياتنا : قال مجاهد في تفسيرها هم الذين يقولون في القرآن غير الحق [ تفسير الطبري]
وهذا القول كما قال العلماء قول عام يشمل الكفار وأهل البدع.
فإن الكفار الذين نزلت فيهم الآية كانوا يخوضون في القرآن بتكذيبه والاستهزاء به، فنزه الله نبيه على أن يقعد معهم وأن يهجرهم، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم مأمور بتبليغ الشريعة ومع ذلك أمره الله أن يعرض عمن يكذب بالقرآن.
وكذلك تتناول هذه الآية أهل البدع الذين يحرفون الكلم عن مواضعه.
قال الطبري في تفسيره : حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي قال، حدثنا فضيل بن عياض, عن ليث, عن أبي جعفر قال: لا تجالسوا أهل الخصومات, فإنهم الذين يخوضون في آيات الله.
فهذان دليلان على وجوب هجر أهل البدع والبعد عنهم والإعراض عنهم وترك مجالستهم والتحريم من السماع لهم.
وأجمع أهل السنة والجماعة على هذا الأصل ونقل الإجماع غير واحد من أهل العلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
تعليق