إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

القول المنفوس في الرد على كاتب: ( ملاحظات منهجيَّة خطيرة على كتب الدُّكتور فركوس). (الحلقة الثانية)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القول المنفوس في الرد على كاتب: ( ملاحظات منهجيَّة خطيرة على كتب الدُّكتور فركوس). (الحلقة الثانية)

    بسم الله الرحمن الرحيم


    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياء وسيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فلا زلنا مع ما كتبه ذلكم المتحذلق، الذي تولى كبر الرد على واحد من خيار مشايخ أهل السنة فضيلة شيخنا ووالدنا محمد علي فركوس حفظه الله ووفقه، وللعلم فإن القوم على خطى الحدادية كما سبق وأن أشار إليه بعض إخواننا في مواضع عدة في هذا الصرح المبارك وسيرى القارئ الكريم بيان شيء من ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.
    قال المتحذلق:
    وتأمَّل كلام الإمام ابن القيِّم وتعرف من خلاله على قبح هؤلاء المتسمين زورًا
    بالموحِّدين.
    1 فشيخهم ومتبوعهم المهدي ابن تومرت الضَّال كذَّاب ظالم متغلّب بالباطل، قتل
    النفوس المسلمة وسبى ذراريهم وكان شرًّا على الملَّة من الحجَّاج ابن يوسف بكثير!!!
    2 وأصحابه جهميَّة نفاة للصِّفات!!!

    قال متعقبه عفا الله عنه:
    هذا ظاهر كلام الامام بن القيم رحمه الله تعالى، وهذا قد تقدم معنا أنه لا ينكره عوام أهل السنة، فضلا عن رجل هو من خيار علماء المسلمين، من أمثال الشيخ العلامة محمد علي فركوس حفظه الله، وسيأتي بيان موافقة الشيخ لسلفه من أهل السنة.
    ثم قال وقد ضمن ما تفوه به قلة أدب كبيرة:
    [فأيُّ فضل يا سعادة الدُّ كتور لهؤلاء الخوارج المارقين والقتلة السفَّاحين؟! وأيُّ حركة فكريَّة مهدوا لها؟! أهي دعوة أهل السنة والجماعة أم دعوة الأشاعرة المعطِّلة والخوارج المارقين؟! وأيّ ازدهار ونضج حقَّقوه بعدما عرفت عقيدتهم وظلمهم؟!
    وقال الشَّيخ العلامة محمَّد أمان الجامي رحمه الله:
    أبو عبد الله محمَّد بن تومرت فأخذ العقيدة الأشعريَّة الكلابيَّة هذه عن أبي حامد الغزالي فلمَّا عاد إلى بلده المغرب أقام في المصامدة اسم مكان هناك يفقِّههم ويعلِّمهم العقيدة الأشعريَّة، بل وضع لهم كتابًا في العقيدة نفسها فتلقَّاها الناس بالقبول والاستحسان، ثمَّ توفِّي التومرتي الَّذي حمل إليهم العقيدة فخلفه من بعده عبد المؤمن بن علي القيسي، ولقِّب القيسي هذا بأمير المؤمنين فتغلَّب على مماليك المغرب هو وأولاده بعد فترة من الزَّمن، وسمَّوا أنفسهم بـ: )الموحِّدين( وهم حملة العقيدة الأشعريَّة التّ ومرتيَّة الّلتي جاءتهم من العراق، فتمسّكوا بها بشدَّة، بل دعوا إليها الناس، بل ألزموها الناس قسرًا حتَّى استباحوا دم من خالف عقيدة التُّومرتي؛ إذ هو عندهم الإمام المعلوم والمهدي المعصوم؛ كما قال المقريزي، يقول تقي الدِّ ين المقريزي في (خططه):
    فكم وهو يتحدَّث عن هذا الموقف المتطرِّ ف للموحّدين أراقوا دماء خلائق لا يحصيها إلا الله الذي خلقها سبحانه بسبب تلك العقيدة التُّومرتيّة. اهـ
    وممَّا يُلاحَظ أنَّ التشدُّد ممَّن سمَّوا أنفسهم موحِّدين، ذلك التشدُّ د الَّذي وصل إلى هذه الدَّ رجة كما رأينا، وأنَّ تلك الحماقة الممقوتة ليست لأجل العقيدة الأشعريَّة،
    وليست لكون العقيدة الجديدة هذه لأبي الحسن الأشعري، بل لأنَّ ها لتومرت الَّذي اعتبروه الإمام المعلوم والمهدي المعصوم على ما تقدّم من كلام المقريزي، فهذه الأمور مجتمعة هي من أسباب انتشار العقيدة الأشعريَّة واشتهارها هذه الشُّهرة في الأقطار الإسلاميَّة، حتَّى جهل غيرها من المذاهب، ومن أهمِّ تلك الأسباب كما لًحظتم الحماقة التُّومرتيَّة الّتي استباحت دماء كلّ من خالف عقيدة تومرت، وهي حماقة ما سجَّل التَّاريخ مثلها فيما نعلم.

    [ (العقيدة الًسلاميَّة وتاريخها) ص: 93 94 ]
    فانظر الفرق الهائل بين كلام الدُّ كتور في وصفه لهذه الدَّولة بفتح آفاق فكريَّة واسعة أتاحت للحياة الثقافيّة مزيدً ا من الازدهار والنضج وبين كلام العلامة محمَّد أمان رحمه الله بأنَّها من أهم الأسباب لًنتشار عقيدة الأشاعرة وبوصفه لها بأنَّها حماقة ما سجَّل التَّاريخ مثلها.
    وكان الواجب في حقِّه أن ينصح للقارئ وينقل كلام أئمّة الإسلام فيهم الَّذين يحكمون بميزان الشَّرع والعدل لا بميزان العاطفة وتقليب الحقائق.
    أمَّا زعم الدُّ كتور أنَّ الزَّوايا والرباطات الصُّوفيَّة كان لها الأثر الطيّب والبارز في دفع الحركة الفكريّة في المجتمع فمن أعجب ما قرأته للدُّ كتور هل يعقل أن يقول هذا سلفي صادق! فضلا عن شيخ دكتور يراد جعله على هرم السَّلفيِّين في الجزائر قسرًا؟! هل يعقل أن تكون الزّوايا والرباطات الصُّوفيَّة المشهورة بتصوُّفها وجهلها وعقيدتها الأشعريَّة وغلوّها في شيوخها لها أثر طيِّب بارز في دفع الحركة الفكريَّة في المجتمع؟! فليذكر لنا الشَّيخ الدُّ كتور هذا الأثر الطيّب البارز وإنَّا لمنتظرون!
    إنَّ كلَّ سلفي صادق يعلم عن هذه الزَّوايا والرباطات عكس ما ذكره الدُّ كتور غفر الله له
    لاسيما التي كانت في وقت الاحتلال الغاشم؛ فقد كان لتلك الزّوايا والرباطات الأثر البارز المشين في تجهيل الن اس وتخلُّفهم وذلك بنشر الشِّركيَّات والغلوّ في الصَّالحين ونشر عقيدة الأشاعرة ومحاربة أهل السنة والتَّعاون حتَّى مع المستعمر الفرنسي لطمس معالم الدّ ين الحقّ ، أفيحقّ للدُّ كتور بعد هذا أن يغشّ الأمَّة ومتابعيه والمعجبين به فيحسِّن لهم صورة أهل الباطل ويزيِّنها لهم في الوقت الَّذي يشوه صورة السَّلفيّ ين المصلحين الصَّادقين بشتَّى أنواع التَّشويه؟

    قال متعقبه عفا الله عنه:
    قبل الشروع في بيان الخزايا والجهل وسوء الأدب الوارد في هذه الأسطر أوجه سؤالا لكل من صفق لهذا الجاهل المتحذلق، وعلى رأسهم الدكتور عبد الخالق وحمودة والهابط والبليدي والحراشي والعكرمي وغيرهم، هل تعدون التصفيق على ما حوى هذا الهراء من نصرة الحق؟
    والجواب على هذا الهذيان يكون في عدة وقفات بإذن الله تعالى مع كل رزية وقفة على حسب ما يقتضيه المقام:
    الوقفة الأولى على قوله:
    فأيُّ فضل يا سعادة الدُّ كتور لهؤلاء الخوارج المارقين والقتلة السفَّاحين؟!
    يقال جوابا على هذا السفه:
    إن صيغة هذا السؤال تدل على التهكم وقلة الأدب، وسوء طوية من حرم توقير العلماء، والجهل بما لا يحسن الجهل به، ممن نصب نفسه ليرد على أعلام هذه الأمة الكريمة، وها أنتم جردتم علامة الجزائر من لفظة الشيخ فهنيئا لكم اللحوق بركب أهل البدع والأهواء، ودون القارئ الكريم بيان لما وصلت إليه الثقافة في زمن المرابطين والموحدين، والمرينين من كلام بعض أهل العلم والتاريخ لتعلم يا أخا الاسلام، أن الشيخ فركوس حفظه الله على خطى سلفه من أهل العلم والفضل، وما هو ببدع من المؤرخين:
    قال الامام الذهبي رحمه الله في ترجمة علي بن يوسف بن تاشفين:
    السلطان ، صاحب المغرب ، أمير المسلمين ، أبو الحسن ، علي بن صاحب المغرب يوسف بن تاشفين ، البربري ، ملك المرابطين .
    تولى بعد أبيه سنة خمس مائة، وكان شجاعا مجاهدا ، عادلا دينا ، ورعا صالحا ، معظما للعلماء ، مشاورا لهم ، نفق في زمانه الفقه والكتب والفروع ، حتى تكاسلوا عن الحديث والآثار ، وأهينت الفلسفة ، ومج الكلام ، ومقت ، واستحكم في ذهن علي أن الكلام بدعة ما عرفه السلف ، فأسرف في ذلك ، وكتب يتهدد ، ويأمر بإحراق الكتب ، وكتب يأمر بإحراق تواليف الشيخ أبي حامد ، وتوعد بالقتل من كتمها ، واعتنى بعلم الرسائل والإنشاء ، وعمر .

    وقال صاحب كتاب النبوغ المغربي في الأدب العربي:
    صار المغرب مهاجر الأندلسيين في هذا العصر وأصبحت مراكش حاضرة المغرب وكرسي مملكته، مهوى أفئدة المثقفين ومطمح أنظار المتأدبين، وفي هذا الصدد يقول عبد الواحد المراكشي في كتابه: المعجب: وانقطع إلى أمير المسلمين يوسف بن تاشفين من الجزيرة من أهل كل علم فحوله حتى أشبهت حضرته حضرة بني العباس في صدر دولتهم، واجتمع له ولابنه من بعده من أعيان الكتاب وفرسان البلاغة ما لم يتفق اجتماعه في عصر من الأعصار. اهـ لعبد الله كنون ت الأمير شكيب أرسلان.
    ثم قال:
    ومهما يكن من أمر فإن علم الفقه على مذهب الامام مالك الذي سجلنا توطده في العصر السابق قد واصل تقدمه في هذا العصر، وعقدت المجالس الحافلة في كل من سبتة وفاس ومراكش للمناظرة عليه، وامتزجت دراسة الفقه بعلم الأصول، وظهر الاشتغال بعلم الكلام على طريقة أهل النظر والتأويل، ولم يكن قبل ذلك مما يشتغل به أحد، وعني كثيرون بعلم القراءات هذا العلم الذي لم ينقطع الاشتغال به في المغرب في مختلف العصور وهو من فروع علم التفسير.
    ونشط الاشتغال بعلم الحديث والرواية فكثرت الرحلات لسماعه والأخذ عن رجاله رغبة في علو الاسناد والضبط والاتقان.

    إلى أن قال: وظهر في هذا العصر أيضا الاشتغال بالعلوم الأدبية واللسانية من نحو ولغة وشعر وكتابة وكما نبغ في كل العلوم التي ذكرنا أفراد عديدون، كذلك نبغ في الشعر والأدب أفراد نجد تراجمهم لأول مرة إلى جانب تراجم نظرائهم من الأندلسيين وغيرهم في المجموعات الأدبية المعروفة: كـ(قلائد العقيان) و(ذخيرة ابن بسام) وغيرهما.
    وشارك الأمراء المرابطون والرؤساء منهم في طلب العلم والتحصيل فنجد مثلا أبا الحسين بن سراج وهو من أعلم الناس بالنحو وأشعار العرب وحكاياتها ولغاتها وأخبارها يجتمع إليه للسماع منه نحو من خمسين من رؤساء الملثمين مع مهرة الكتاب كأبي عبد الله بن أبي الخصال وتلك الطبقة. ونجد مثل ابن أيوب الفهري راوية الحديث المسلسل في الأخذ باليد يأخذه عنه جم غفير من الناس فينافسهم في ذلك الأمير سير بن علي بن يوسف، والرئيس المنصور بن محمد بن الحاج اللمتوني. وكان المنصور هذا من رجال العلم والفضل، سمع بمرسية من أبي علي الصدفي، وله سماع كثير من شيوخ جلة وفي بلاد شتى كأبي محمد بن عتاب وأبي بحر الأسدي بقرطبة، وطارق بن يعيش في بلنسية وغيرهم.

    إلى أن قال:
    وكذلك الأمير ابراهيم بن يوسف بن تاشفين المعروف بابن (تعيشت) والي مرسية، سمع من أبي علي الصدفي وكان له منه دولة خاصة في منزله، وله أياد جمة في رعاية العلم والأدب فضلا عن نجدته وشجاعته. (وبالجملة فهو من بيت جهاد واجتهاد) كما قال بن الآبار في معجم أصحاب أبي علي. ثم زاد قائلا: (وفي دولة أخيه علي نفقت العلوم والآداب وكثر النبهاء وخصوصا الكتاب) وحكى أبو بكر بن الصيرفي في تاريخه أن عليا هذا استجاز أبا عبد الله أحمد بن محمد الخولاني جميع رواياته لعلو إسناده فأجاز له. وأبوه أبو يعقوب مع نشأته في الصحراء كان لا يمضي أمرا إلا بمشورة الفقهاء، وفي هذا النص مصداق لما قدمناه عن المراكشي من نشاط الحياة الفكرية في هذا العصر. اهـ من المصدر السابق.
    قال جامعه عفا الله عنه:
    وفي هذا النص وما تقدمه مصداق لما قاله شيخنا الشيخ فركوس حفظه الله ووفقه، فهل يرى المتحذلق بعد هذا أن كلام الشيخ فركوس خارج عن كلام المؤرخين قبله.
    وقال عبد الله كنون في كتابه (النبوغ الأدبي) عن عصر دولة الموحدين:
    نرى من تتمة البحث السابق، أن نذيله بكلمات مختصرة جدا في حياة بعض الأفراد الذين كانوا قوام الحركة العلمية في هذا العصر، فنحيي ذكرياتهم، ونتعرف أحوالهم ولو بصفة إجمالية، ونضيف إلى ذلك جريدة بأسماء الكتب المؤلفة فيه، في مختلف العلوم والفنون فنحيط علما بالمجهودات الطائلة التي بذلها أسلافنا رحمهم الله في خدمة العلم، ونتصور الحركة العلمية الموحدية على حقيقتها حتى لا نبقى متشوفين بعد ذلك إلى زيادة بيان.
    ثم ذكر كثيرا من العلماء وترجم لهم وذكر كما وعد مؤلفات كثيرة في فنون شتى وختمها بقوله:
    [فحيا الله تلك الهمم، ما كان أعلقها بالمعالي وأطرقها لأبواب الفخار. اهـ ص 146ــ 162.

    وأما عن دولة بني مرين فيقول في ذات الكتاب:
    وكفى بابن خلدون وابن الخطيب وابن الأحمر وابن رضوان وابن مرزوق وابن جزي والمقري وكثيرين غيرهم من العظماء الذين تفيئوا ظل هذه الحضرة المرينية، وتقلبوا في نعمتها لما إنها كانت في عصرها حامية بيضة الاسلام، وموئل العروبة، دليلا على ما نقول.
    ولقد سار أولئك السلاطين في إقامة مراسيم الخلافة على سنن لاحب فكانوا يعقدون المجالس للمناظرة والمحاضرة، ويطارحون الأدباء، ويحاورون الشعراء.
    وأما العلماء فلا تسل عن شدة تقريبهم لهم واختصاصهم بهم حتى إن جمهورا منهم ذهب ضحية هذا التقريب والاختصاص في وجهة أبي الحسن إلى إفريقية كما سبق القول، وقد قيل ‘عدد من غرق من العلماء في أسطول هذا السلطان أربعمائة عالم، فما بالك بمن لم يركب الاسطول ونجا؟ فما ظنك بمن لم يصحبه في تلك الوجهة، وهذا يعني أن العلماء كانوا متوافرين بحيث بلغ عدد الذين يصحبون السلطان ــ ولا يكونون عادة إلا من جهابذة أهل العلم ـ ذلك الرقم المرتفع جدا وهذا يعني أن الدولة كانت في خدمة العلم، بحيث انصرفت الهمم إلى طلبه، واشتد التنافس في تحصيله، فكثر العلماء نتيجة لذلك، وفعلا فإن ما عمله المرينيون في هذا الصدد يجعلهم حريين بلقب (دولة العلم) الذي يطلقه عليهم بعض المؤرخين
    . اهـ ص 185.
    ولربما قد أطلنا بذكر هذه النتف من التاريخ، وما ذاك إلا لنبين للقارئ الكريم مدى توافق كلام الشيخ مع كلام العلماء والمؤرخين، فإن النفوس ضعيفة والشبه خطافة، والمرء قد تنطلي عليه شبه القوم حتى يستقر الباطل في قلبه، فيحتاج لدفع ذلك ومدافعته إلى ما ينير طريقه، ويقوي عزيمته، من الأدلة والبراهين التي تبين زيف تلكم الشبه وتكشف عوارها، ولا بد، قال بن القيم رحمه الله:
    فركز سبحانه في فطر الناس أنهم لا يقبلون قول من لم يقم الدليل على صحة قوله، ولأجل ذلك أقام الله سبحانه البراهين القاطعة، والحجج الساطعة، والأدلة الظاهرة، والآيات الباهرة، على صدق رسله، إقامة للحجة وقطعا للمعذرة، هذا وهم أصدق خلقه، وأعلمهم وأبرهم وأكملهم، فأتوا بالآيات والحجج والبراهين، مع اعتراف أممهم لهم بأنهم أصدق الناس، فكيف يقبل قول من عداهم بغير حجة توجب قبول قوله؟ والله تعالى إنما أوجب قبول قولهم بعد قيام الحجة وظهور الآيات المستلزمة لصحة دعواهم، لما جعل الله في فطر عباده من الانقياد للحجة، وقبول قول صاحبها، وهذا أمر مشترك بين جميع أهل الأرض مؤمنهم وكافرهم، وبرهم وفاجرهم الانقياد للحجة وتعظيم صاحبها، وإن خالفوه عنادا وبغيا فلفوات أغراضهم بالانقياد، ولقد أحسن القائل:
    أبن وجه قول الحق في قلب سامع***ودعه فنور الحق يسري ويشرق
    فيؤنسه رشدا وينسى نفاره***كما نسي التوثيق من هو مطلق

    اهـ من إعلام الموقعين ج2ص180.
    وبعد ما تقدم ذكره نورد على المتحذلق ومن يصفق له سؤالا علنا نظفر منه بجواب نرى علنا نعذره إلى حين توفر الشروط وانتفاء الموانع، فيقال: لو كنت مؤرخا لهذه الحقبة من الزمن ما كنت واصفا ما بلغه القوم من النبوغ في تلكم العلوم التي انتشرت وبلغت من الظهور في عصرهم ما حمل أهل التاريخ على وصف عصرهم بـ (العصر الذهبي)، وبـ (عصر العلم) مع إخلالهم بالجانب العقدي؟
    ــ فإن وصفتهم بما كان في زمنهم واقفا في ذلك على حدود ما علمت من كتب التاريخ، والسير، قلنا هذا الذي ذكره الشيخ فركوس!
    ــ أو قلت: كان عصرهم عصر جهل وتخلف! قلنا هذا باطل ومنكر من القول وزورا، يشهد عليه كل من أرخ لهذه الفترة من الزمن، وكل من شم رائحة العلم بعدهم.
    وإن قلت لا يمدحون بوصفهم أنهم مهدوا لـ (حركة فكرية) يقال: إنكار هذه الكلمة وحملها على أن المراد من إطلاقها العقيدة الصحيحة جهل مدقع وأمر مفظع، فهذه الكلمة لمن تدبرها ذم لهم في باب المعتقد لأن العقيدة السلفية الحقة ليست أفكارا وإنما هي وحي من الله تعالى، ولا يجوز وصفها بالفكرة كما سيأتي في كلام الامام بن عثيمين رحمه الله تعالى.
    الوقفة الثانية على قوله:
    وأيُّ حركة فكريَّة مهدوا لها؟! أهي دعوة أهل السنة والجماعة أم دعوة الأشاعرة المعطِّلة والخوارج المارقين؟!
    يقال جوابا على هذا: لو أنك متشبع بما تشبع به الشيخ فركوس وإخوانه وأبناءه من أهل السنة من الفهم الصحيح والدقة في العبارة، لتدبرت ما يخرج من رأسك، سيما وأنت في معرض الرد؟! فعندئذ تعلم أن ما تقوله وما تنكره في حقيقة الأمر تجهله!
    أتعد أيها الجاهل المركب دعوة أهل السنة القائمة على الكتاب والسنة وفهم السلف الكرام (حركة فكرية)؟، ثم تهول على إخوانك وتطعن على خير علماء هذا البلد بهذا المستوى الدني الهابط، نعوذ بالله من الجهل والهوى والجرأة على الباطل.
    سئل فضيلة الشيخ بن عثيمين رحمه الله:
    عن مصطلح (فكر إسلامي) و (مفكر إسلامي)؟.
    فأجاب قائلا: كلمة (فكر إسلامي) من الألفاظ التي يحذر عنها، إذ مقتضاها أننا جعلنا الإسلام عبارة عن أفكار قابلة للأخذ والرد، وهذا خطر عظيم أدخله علينا أعداء الإسلام من حيث لا نشعر.
    أما (مفكر إسلامي) فلا أعلم فيه بأسا لأنه وصف للرجل المسلم والرجل المسلم يكون مفكرًا
    . اهـ المناهي اللفظية - لابن عثيمين رحمه الله
    وأما دعوات أهل الباطل المبنية على الآراء والعقول فهي عبارة عن حركات فكرية دخيلة على الاسلام وأهله، وبهذا تعلم ويعلم من يصفق لك ويأزك للشر أزا، أن كلام الشيخ جد دقيق، وأنه بهذا قد بين لمن يفهم الخطاب أنه لا يريد إلا ما كان حقيقة في تلكم الحقبة التاريخية من ازدهار في شتى أنواع العلوم مع انتشار كبير لعقائد الأشاعرة والمعتزلة، كما بينه أهل العلم، فليس الشيخ بالذي يشيد بالباطل وأهله ولكنكم كما قال المتنبي:

    وكم عائب قولا صحيحا***وآفته من الفهم السقيم

    فأقول للمتحذلق ومن يصفق له ويطبل:


    دع عنك الكتابة لست منها***ولو سودت وجهك بالمداد


    الوقفة الرابعة على قول المتحذلق:
    وأيّ ازدهار ونضج حقَّقوه بعدما عرفت عقيدتهم وظلمهم؟!.
    يقال جوابا على هذا التوهم: حصرت النضج والازدهار في أمر واحد وهو العقيدة السلفية الصافية، فعلى قولك وإلزامك لا يوصف من أخل بجانب منها بالنبوغ والتفوق وإن كان إماما في غيرها من العلوم كالحديث والفقه وأصوله والفرائض والأدب وغيرها من أمثال (النووي والحافظ والقرطبي والسيوطي وغيرهم من أهل العلم والفضل، وهذه هي الحدادية في ثوب جديد، فتنبه
    واعلم أنه يستقيم النقد ويجب البيان إن ذكر الشيخ هؤلاء بخلاف حالهم أو ما يوهم خلاف حالهم، وهذا لم يحصل من الشيخ وفقه الله تعالى، وكان الأحرى بك إذ لم تفهم كلام الشيخ أن تسأله أو بعض أهل العلم وتمتثل أمر الله القائل في كتابه الكريم )فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، لا أن تنصب نفسك في مقام الرد والنقد وأنت لم تبلغ بعد منزلة تؤهلك للرد على صغار طلبة العلم فضلا عن عالم هو كالجبل الأشم.
    وقد تقدم معنا من كلام الذهبي وعبد الله كنون ما يدل القارئ المنصف على صحة وصدق ما نقله الشيخ فركوس حفظه الله فلم يبق بعد هذا إلا التحذلق والسفه.
    الوقفة الخامسة على قوله:
    فانظر الفرق الهائل بين كلام الدُّكتور في وصفه لهذه الدَّولة بفتح آفاق فكريَّة واسعة أتاحت للحياة الثقافيّة مزيدًا من الازدهار والنضج وبين كلام العلامة محمَّد أمان رحمه الله بأنَّها من أهم الأسباب لانتشار عقيدة الأشاعرة وبوصفه لها بأنَّها حماقة ما سجَّل التَّاريخ مثلها.
    قال متعقبه عفا الله عنه:
    إن الناظر في كلام المتحذلق يظن أن الشيخ فركوس مدح الموحدين وأثنى على عقيدتهم ومنهجهم حتى صار كلام الشيخ وكلام الشيخ العلامة محمد أمان رحمه الله يناقض بعضه بعضا؟ وهذه محاولة فاشلة سعى صاحبها من خلالها أن يهول على القارئ بإظهار مخالفة الشيخ فركوس لأعلام الاسلام بطريقة ماكرة.
    ومن تمعن في حقيقة الأمر علم أن الكلام ليس من باب التضاد، فقول الشيخ فركوس وصف هذه الدَّولة بفتح آفاق فكريَّة واسعة أتاحت للحياة الثقافيّة مزيدًا من الازدهار والنضج.
    وهذا ليس فيه ما يصحح عقيدة القوم ومنهجهم، وكلام الإمام محمد أمان رحمه الله على فساد معتقد الموحدين وبيان ضلالهم، فأين التضاد بين الكلامين وكل منهما يصب في واد، فهذا يؤرخ ويذكر حقيقة تاريخية وأمرا وقع في تلكم الفترة الزمنية، والشيخ أمان يتكلم عن فساد المعتقد والمنهج والسيرة، فبين الكلامين بون شاسع وفرق واسع، وعلى قولك وإلزامك يصلح كلام الامام محمد أمان رحمه الله ردا على الامام الذهبي وكذلك يصلح ردا على الامام بن كثير وغيرهم من أئمة الاسلام فكلهم يمدح أهل البدع ويشيد بهم على حد زعمك وتخرصك!!!. قبح الله الهوى وأخزى أهله.
    ودونك يا سليط اللسان ما يهدم بنيانك ويهز أركانك ومن يأزك، من كلام الشيخ العلامة محمد علي فركوس حفظه الله من كتابه (مفتاح الوصول) الذي أنت تزعم أنك وقعت على أخطاء الشيخ فيه من دون بحث ولا تنقيب وإنما اتفق لك ذلك، وهذا ينطلي على السذج مثلك أما أهل السنة فلا، قال حفظه الله بعد عشر صفحات تقريبا من كلامه الذي نقلته لتهول به على جهال أهل السنة، وذلك تحت عنوان :
    ــ ب ــ الاتجاه المذهبي:
    لذلك لم تعمر دعوة ـ الموحدين ـ لأنها في اعتقاد الناس ليست إذعانا للاجتهاد في الحقيقة، وإنما حملهم بالانتفال من تقليد مالك إلى تقليد أهل الظاهر الذي هو جمود لم يستحسنه الجمهور، ولم يزد ذلك فقهاء المالكية والأهالي إلا تشبثا بعقيدة أهل السنة التي كانت محور استبدال بمذهب الأشاعرة الدخيل إلى المغرب عن طريق الموحدين، وتمسكا بالمذهب المالكي في ميدان الفقه. اهـ ص41.
    فانظر إلى قوله:
    ولم يزد ذلك فقهاء المالكية والأهالي إلا تشبثا بعقيدة أهل السنة التي كانت محور استبدال بمذهب الأشاعرة الدخيل إلى المغرب عن طريق الموحدين.
    فهل ترى كلام الشيخ هذا يوافق كلام أئمة الاسلام والسنة أم يخالفهم؟
    نترك الجواب للقارئ اللبيب العري عن الهوى.
    ويلزم من كلام هذا الغر أن كل من تكلم من أئمة الاسلام بمثل كلام الشيخ فركوس عد مخالفا وجاهلا وغاشا لمتبعيه وقالبا للحقائق وغيرها من التهم التي وجهها هذا السفيه للشيخ فركوس حفظه الله ووفقه، وهذا لم يسبقكم إليه أحد من أهل السنة، وإنما قاله شرذمة من أهل البدع من الحدادية والحجاورة والحلبيين، فهنيئا لكم اللحوق بركب أهل الأهواء كما تقدم.
    وبعد هذا أخص في هذا المقام بالنكير الدكتور عبد الخالق ماضي إذ هو الذي أثنى على هذه المخازي وأطلق لسانه في شيخنا بالتنقص والثلب، وذلك في ثنائه على هذا الهراء والهذيان وهو قوله: فيه أدبٌ جم! و علمٌ و اطلاع! تحرى فيه كاتبه الدقة في النقل و الموازنة العلمية الرصينة! و فيه بيان ما عليه الدكتور فركوس من التمييع و الجهل بمسائل الاعتقاد! و أنه لم يتشبع من كلام السلف في العقيدة! و لا عرف أصول أهل الأهواء و البدع!.
    أتصف يا دكتور هذا السفه: بالأدب الجم والعلم والاطلاع وتحري الدقة، وهذا والله دليل على قلة الأدب وقلة الاطلاع والجهل بالعقيدة، وقولك هذا هو عين قولهم: (رمتني بدائها وانسلت)، فالجهل باد من نقد المتحذلق قليل الفهم، وباد من تعليقك عل الجهل وقلة الأدب والعلم!.
    واحذر فإنك على خطر عظيم.
    قال الحافظ بن عساكر رحمه الله:
    (اعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته، أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله تعالى قبل موته بموت القلب).


    احفظ لسانك لا تقول فتبتلى***إن البلاء موكل بالمنطق.

    الوقفة السادسة على قوله:
    وكان الواجب في حقِّه أن ينصح للقارئ وينقل كلام أئمّة الإسلام فيهم الَّذين يحكمون بميزان الشَّرع والعدل لا بميزان العاطفة وتقليب الحقائق.
    قال متعقبه عفا الله عنه:
    هل قرأ هذا من يصف الكاتب والمكتوب بالأدب، نسأل الله العافية والسلامة، ثم يقال جوابا على هذا الباطل: قال تعالى (وإذا قلتم فاعدلوا) قال الشوكاني رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية: أي إذا قلتم بقول في خبر أو شهادة أو جرح أو تعديل فاعدلوا فيه وتحروا الصواب ، ولا تتعصبوا في ذلك لقريب ولا على بعيد ، ولا تميلوا إلى صديق ولا على عدو ، بل سووا بين الناس فإن ذلك من العدل الذي أمر الله به ، والضمير في ولو كان راجع إلى ما يفيده وإذا قلتم فإنه لا بد للقول من مقول فيه ، أو مقول له : أي ولو كان المقول فيه ، أو المقول له ذا قربى أي صاحب قرابة لكم . اهـ من فتح القدير ج 1ص 475.
    فهل التزمت العدل عندما وصفت الشيخ بعدم النصح كذبا وزورا؟ وقد تبين لطالب الحق فيما نقلنا من كلام الشيخ ما يدل على بطلان هذا التحامل المقيت وهو قول العلامة الشيخ فركوس حفظه الله: ولم يزد ذلك فقهاء المالكية والأهالي إلا تشبثا بعقيدة أهل السنة التي كانت محور استبدال بمذهب الأشاعرة الدخيل إلى المغرب عن طريق الموحدين.
    أليس هذا بيان لما عليه القوم في باب المعتقد؟ ومن جهلك يا غلام السوء وتطاولك تعد التأريخ حكما بالعاطفة؟ ولم تقف عند هذا الحد حتى تجرأت على الكذب الصراح، فزعمت أن هذا حكم بالهوى وقلب للحقائق !وقد تقدم معنا كلام المؤرخين فأي حقائق قلبها الشيخ فركوس؟ ولكنكم للحق تجحدون وللحقائق تخفون وعن سبيل أهل السنة ناكبون.
    الوقفة السابعة على قوله:
    أمَّا زعم الدُّ كتور أنَّ الزَّوايا والرباطات الصُّوفيَّة كان لها الأثر الطيّب والبارز في دفع الحركة الفكريّة في المجتمع فمن أعجب ما قرأته للدُّ كتور هل يعقل أن يقول هذا سلفي صادق! فضلا عن شيخ دكتور يراد جعله على هرم السَّلفيِّين في الجزائر قسرًا؟! هل يعقل أن تكون الزّوايا والرباطات الصُّوفيَّة المشهورة بتصوُّفها وجهلها وعقيدتها الأشعريَّة وغلوّها في شيوخها لها أثر طيِّب بارز في دفع الحركة الفكريَّة في المجتمع؟! فليذكر لنا الشَّيخ الدُّ كتور هذا الأثر الطيّب البارز وإنَّا لمنتظرون! لاسيما التي كانت في وقت الاحتلال الغاشم؛ فقد كان لتلك الزّوايا والرباطات الأثر البارز المشين في تجهيل الناس وتخلُّفهم وذلك بنشر الشِّركيَّات والغلوّ في الصَّالحين ونشر عقيدة الأشاعرة ومحاربة أهل السنة والتَّعاون حتَّى مع المستعمر الفرنسي لطمس معالم الدّ ين الحقّ ،
    قال متعقبه عفا الله عنه:
    كل من اطلع على الكلام المنتقد علم أن لا ذكر للتصوف واهله، في كلام الشيخ ولكنه التحامل لتشويه هذا الجبل الأشم، وهذا لا يطيقه الغر ولا شيوخه الذين يؤزونه للشر أزا، فدون ذلك خرط القتاد.
    ومع ذلك فهاك الجواب تنزلا: أما الكلام عن التصوف والصوفية ومدى مخالفتهم لنهج أهل السنة والضرر الذي لحق الناس بسبب ما يدعوا إليه المتصوفة وذلك من خلال الزوايا المعدة لمثل هذه الدعوات الباطلة، فقد تقدم الكلام عليه في كلام الشيخ فركوس حفظه الله المنقول في الحلقة الأولى من هذا الرد وهو منشور في موقع الشيخ على الشبكة، بما يغني عن إعادته هنا. فراجعه تستفد.
    وهنا سؤال نأمل أن نجد له في صدر المتحذلق ومن يصفق له جوابا: هل تنكر أن الله حفظ كتابه الكريم وشيئا من العلوم المتعلقة به، وشيئا من الأدب والخط والفرائض والحساب، والفقه وأصوله وقواعده ومذهب مالك وغير هذا من العلوم بالزوايا والرباطات الصوفية المخلة بالعقيدة الصحيحة، في زمن الاستدمار الغاشم في بلادنا الجزائر حرسها الله وبلاد المسلمين؟.
    فإن كنت عاقلا ستجيب بلا.
    فعندئذ يقال أرخ لهذه الحقبة التاريخية وانقل لنا كيف تمت المحافظة على أصل هذا الدين؟، وبمن؟، وأين؟. من دون ذكر الزوايا الصوفية المنحرفة في عقيدتها ومنهجها!.
    واعلم أن الله عز وجل ينصر دينه بمن شاء من عباده.
    سئل شيخ الاسلام في هذا الزمن عبد العزيز بن باز رحمه الله:
    ما مناسبة قول الرسول صلى الله عليه وسلم: إن الله يعز هذا الدين بالرجل الفاسق، أو فيما معنى الحديث؟
    فأجاب رحمه الله: قد يقع هذا، مثلما قال - صلى الله عليه وسلم-، أنه قد يتكلم الفاسق بشيء فينفع الله به المسلمين ويحصل به نفع المسلمين الخير، إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر، إذا فعل شيئاً ينفع الله به المسلمين وينصر به الحق ولو كان في نفسه فاجراً قد يقع هذا، قد يقع المظلوم وراء الفجرة، ينصر الله بهم الدين وإن كان عنده فجور، قد يقع. اهـ من موقع الشيخ على الشبكة
    ووالله الذي لا إله غيره ولا رب سواه لا زلت أحمل عجبا على عجب ممن يصف هذه الدناءة وهذا المستوى الهابط بالعلم والأدب!.
    وها هو السفيه يطعن في إخلاص الشيخ وصدقه في الدعوة إلى ربه بقوله:
    إنَّ كلَّ سلفي صادق يعلم عن هذه الزَّوايا والرباطات عكس ما ذكره الدُّ كتور غفر الله له.
    وقوله: هل يعقل أن يقول هذا سلفي صادق!

    وهذا غاية الحمق قال بعضهم: من علامات الحمق: سرعة الجواب، وترك التثبت ، والإفراط في الضحك، وكثرة الالتفات، والوقيعة في الأخيار، والاختلاط بالأشرار.
    هذا والملاحظ على جماعة الاحتواء الطعن في النيات والمقاصد، فها هو الهابط يطعن في نية الشيخ لزهر ويقسم على ذلك، حيث قال: السادسة: أنّ كلّ من خبَرَكُم في هذه الفتنة يطعنُ في نواياكم وهو مرتاح البال! فوالله وبالله وتالله ما حملكَ على هذه الجَلَبة إلاّ حبّ الانتقام.
    ولأهمية هذا وتعلقه بالعقيدة الصحيحة، أفرده بفصل أذكر فيه كلاما نفيسا لشيخ الاسلام في هذا الزمن الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله علك تراجع نفسك، فتتوب إلى الله مما أنت فيه من مخالفتك لسبيل المؤمنين أنت ومن يصفق لك من الجهلة، وتكف عن رمي الأبرياء بما استفحل فيك وفي جماعتك من الجهل بالعقيدة الاسلامية الصحيحة.
    فصل:
    4/393- وعن أُسامةَ بنِ زَيْدٍ رضي اللَّه عنهما قَالَ: بعثَنَا رسولُ اللَّه ï·؛ إِلَى الحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ، فَصَبَّحْنا الْقَوْمَ عَلى مِياهِهمْ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلًا مِنهُمْ، فَلَمَّا غَشيناهُ قَالَ: لا إِلهَ إلَّا اللَّه، فَكَفَّ عَنْهُ الأَنْصارِيُّ، وَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدينَةَ بلَغَ ذلِكَ النَّبِيَّ ï·؛ فَقَالَ لِي: يَا أُسامةُ! أَقَتَلْتَهُ بَعْدَمَا قَالَ: لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ؟! قلتُ: يَا رسولَ اللَّه إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا، فَقَالَ: أَقَتَلْتَهُ بَعْدَمَا قَالَ: لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ؟! فَما زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذلِكَ الْيَوْمِ. متفقٌ عَلَيهِ.
    وفي روايةٍ: فَقالَ رسولُ اللَّه ï·؛: أَقَالَ: لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ؟! قلتُ: يَا رسولَ اللَّهِ! إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلاحِ، قَالَ: أَفَلا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لا؟! فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَومَئذٍ.
    5/394- وعن جُنْدبِ بنِ عبداللَّه ïپ´: أَنَّ رسولَ اللَّه ï·؛ بعثَ بَعْثًا مِنَ المُسْلِمِينَ إِلى قَوْمٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، وَأَنَّهُم الْتَقَوْا، فَكَانَ رَجُلٌ مِنَ المُشْرِكِينَ إِذا شَاءَ أَنْ يَقْصِدَ إِلى رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ قَصَدَ لَهُ فَقَتَلَهُ، وَأَنَّ رَجُلًا مِنَ المُسْلِمِينَ قَصَدَ غفلَتَه، وَكُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَلمَّا رَفَعَ السَّيْفَ قَالَ: لا إِله إِلَّا اللَّهُ، فقَتَلَهُ، فَجَاءَ الْبَشِيرُ إِلى رَسُول اللَّه ï·؛ فَسَأَلَهُ، وأَخْبَرَهُ، حَتَّى أَخْبَرَهُ خَبَر الرَّجُلِ كَيْفَ صنَعَ، فَدَعَاهُ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: لِمَ قَتَلْتَهُ؟ فَقَالَ: يَا رسولَ اللَّهِ! أَوْجَعَ في المُسْلِمِينَ، وقَتلَ فُلانًا وفُلانًا - وسَمَّى لَهُ نَفرًا - وإِنِّي حَمَلْتُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى السَّيْفَ قَالَ: لا إِله إِلَّا اللَّهُ، قَالَ رسولُ اللَّه ï·؛: أَقَتَلْتَهُ؟ قَالَ: نَعمْ، قَالَ: فَكيْفَ تَصْنَعُ بلا إِله إِلَّا اللَّهُ إِذا جاءَت يوْمَ القيامَةِ؟! قَال: يَا رسولَ اللَّه! اسْتَغْفِرْ لِي، قَالَ: وكَيف تَصْنَعُ بِلا إِله إِلَّا اللَّهُ إِذا جاءَت يَوْمَ القِيامَةِ؟! فَجَعَلَ لا يَزيدُ عَلى أَنْ يَقُولَ: كيفَ تَصْنَعُ بِلا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ إِذَا جاءَتْ يَوْمَ القِيامَةِ؟! رواه مسلم.
    6/395- وعن عبدِاللَّه بنِ عتبة بن مسعودٍ قَالَ: سمِعْتُ عُمَر بْنَ الخَطَّابِ ïپ´ يقولُ: إِنَّ نَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بالوَحْي في عَهْدِ رَسُول اللَّه ï·؛، وإِنَّ الوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ، وإِنَّمَا نَأْخُذُكُمُ الآنَ بِما ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنا خَيْرًا أَمِنَّاهُ، وقرَّبناه، وَلَيْس لنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شيءٌ، اللَّهُ يُحاسِبُهُ فِي سرِيرَتِهِ، ومَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ، وَلَمْ نُصَدِّقْهُ، وإِنْ قَالَ: إِنَّ سَرِيرَتَه حَسنَةٌ رواه البخاري.
    الشيخ:
    بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله، وأصحابه، ومَن اهتدى بهداه.
    أما بعد:
    فهذه الأحاديث - حديثان مع أثر عمر - كلها تدل على وجوب الأخذ بالظواهر، وأما السَّرائر فإلى الله، وتقدمت الأحاديث في هذا الباب، فالواجب على أهل الإيمان أن يتَّقوا الله، وأن يُراقبوا الله، وأن يأخذوا الناس بما ظهر من أعمالهم، أما اتِّهامهم في سرائرهم، وأخذهم بشيءٍ لا يعلمونه؛ فهذا إلى الله.
    فالواجب العمل بظاهر الإنسان، وما يدل عليه الشرعُ في حقِّه، أما باطنه، وسريرته؛ فإلى الله، ولهذا تقدَّم قوله ï·؛: أُمِرْتُ أن أُقاتل الناسَ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسولُ الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءَهم وأموالهم إلا بحقِّها، وفي اللفظ الآخر: أُمِرْتُ أن أُقاتل الناسَ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويُقيموا الصلاة، ويُؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءَهم، وأموالهم، إلا بحقِّ الإسلام، وحسابهم على الله، والأحاديث في هذاالمعنى كثيرة.
    وهكذا بطرقه لما قتل بعض الرجال الحرقة، والسبب في ذلك أنَّه أوجع في المسلمين، ولحقه هو وبعض الأنصار، فلما غشياه قال: لا إله إلا الله، فكفَّ عنه الأنصاري، وأما أسامة فطعنه برمحه حتى قتله، فلما رُفِعَ أمرُه إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ عاتب أسامةَ في ذلك وقال: أقتلتَه بعدما قال: لا إله إلا الله؟! وجعل يُكررها عليه، ثم قال: يا رسول الله! إنما قالها تعوُّذًا لما رأى السلاح، قال: هلا شققتَ عن قلبه حتى ترى ذلك؟! قال أسامة: فما زال يُكرر ذلك عليَّ حتى تمنيتُ أني أسلمتُ يومئذٍ.
    والمقصود أنَّ مَن ظاهره الكفر ثم أسلم يُقْبَل إسلامه، ويُوكل أمره وسريرته إلى الله كما فعل صاحبُ أسامة وغيره.
    وهكذا ما قال عمرُ : كان الناسُ يُؤخذون بالوحي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛، وإن الوحي قد انقطع - أي: بموت النبي صلى الله عليه وسلم؛، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمَن أظهر خيرًا قرَّبناه، وأمِنَّاه، وليس لنا من سريرته شيءٌ، الله الذي يُحاسبه على سريرته، ومَن أظهر شرًّا لم نُقربه، ولم نأمنه، وهذا هو الواجب: مَن أظهر الشرَّ اتُّهم بالشر، وظُنَّ به الشرّ، ولا ينبغي الاعتماد عليه، ولا تقريبه، بل ينبغي زجره، وإبعاده، وتذكيره، ووعظه حتى يستقيم، وإقامة ما يستحق من تعزيرٍ أو حدودٍ، أمَّا مَن أظهر الخير فإنَّه يستحق التكريم، وأن يُؤْمَن، وأن يُوثَق به، وأن يُشَجَّع على ما ظهر منه من الخير.
    هذا هو الواجب على المسلمين فيما بينهم، أما اتِّهام الناس في سرائرهم، وإلغاء الحقائق؛ فلا، لكن مَن كان معروفًا بالشرك، وعبادة القبور؛ فما ينفعه قول: "لا إله إلا الله"، إذا كان معروفًا بالشرك، والتَّعلق على الأموات، والاستغاثة بهم، مثل: مُشركي اليوم من عُبَّاد البدوي، وعُبَّاد الحسين، وعُبَّاد الجيلاني، وعُبَّاد غيرهم، وأبي حنيفة في العراق، وفي مصر، وفي الشام، وفي غيرها، وعُبَّاد ابن عربي، هؤلاء ما ينفعهم قول: "لا إله إلا الله"، يجب أن يُستتابوا مع القدرة، فإن تابوا وإلا قُتِلوا، وقولهم: "لا إله إلا الله" وهم يعبدون غير الله ما ينفعهم؛ لأنَّهم قد نقضوها بشركهم، وأعمالهم الخبيثة، مثل المنافقين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛، يقول أحدهم: "لا إله إلا الله" وهو في الدَّرك الأسفل من النار، ما تنفعهم؛ لأنَّهم خالفوها، وعاندوها، فهكذا عُبَّاد الأوثان، وعُبَّاد الأصنام، وعُبَّاد القبور، هم كفَّار مشركون وإن قالوا: "لا إله إلا الله" كالمنافقين؛ لأنَّهم قالوها باللسان، ونقضوها بالفعال، فلا تنفعهم، ولهذا يقول
    صلى الله عليه وسلم؛: مَن قال: لا إله إلا الله صدقًا من قلبه، وفي اللفظ الآخر: وكفر بما يُعْبَد من دون الله، وفي اللفظ الآخر: مُسْتَيْقِنًا بها قلبه، أما أن يقولها وهو يعمل الشرك فلا تنفعه - نسأل الله العافية.
    والله ولي التوفيق
    . اهـ من موقع الشيخ على الشبكة مقروء ومسموعا.
    الوقفة الثامنة على قوله:
    فضلا عن شيخ دكتور يراد جعله على هرم السَّلفيِّين في الجزائر قسرًا؟!.
    فيقال جوابا عنه: قال تعالى (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم) وقال تعالى (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل ابراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما)، فالله عز وجل يصطفي من الناس من يشاء ويرفع بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من يشاء وهو سبحانه المعز المذل، ولو أردنا نحن رفع الشيخ ما استطعنا، كما إذا حاولتم وأنتم تحاولن خفض الشيخ فلا يكون إلا إذا قضى الله ذلك وقدره، نسأل الله عز وجل أن يثبتنا وشيخنا على السنة والهدى إلى يوم نلقاه إن ربي لقريب مجيب، قال صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما: " يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الأمة لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلاَمُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ".
    هذا والشيخ فركوس قد علم كل من اطلع على مؤلفاته وكتاباته وفتاويه، وهديه ودله وسمته، أنه من خيار أهل العلم حتى ذكره الشيخ ربيع حفظه الله في جملة من ذكر من العلماء، وقال عنه الشيخ محمد بن هادي: علامة، وقال الشيخ محمد سعيد الرسلان لا أعلم من مصر إلى المغرب أعلم منه، وقال الشيخ سليمان الرحيلي: أنا أعي ما أقول وأعني ما أقول الشيخ فركوس أكبر مني سنا وعلما، وقال حفظه الله: يرجع إليه في المسائل ويرجع إليه في النوازل، فما الذي حمل هؤلاء على هذا الكلام في ظنك؟ أهو الجهل بالشيخ وعلمه؟ أم إطلاق التزكيات هكذا جزافا، وكل جماعة الاحتواء بما فيهم الدكاترة لم يبلغوا ما بلغ الشيخ من العلم والتحقيق وعلو المنزلة، وكلهم في قرارة نفسه يقر أن الشيخ جبل أشم حفظه الله ووفقه. ولكنه الهوى والحسد نسأل الله العافية والسلامة.
    الوقفة التاسعة على قوله:
    أفيحقّ للدُّ كتور بعد هذا أن يغشّ الأمَّة ومتابعيه والمعجبين به فيحسِّن لهم صورة أهل الباطل ويزيِّنها لهم في الوقت الَّذي يشوه صورة السَّلفيّين المصلحين الصَّادقين بشتَّى أنواع التَّشويه؟
    قال متعقبه عفا الله عنه:
    من سفه المتحذلق أن عد التأريخ غشا للأمة فكل مؤرخ غشاش للأمة محسن للباطل مزين له في قلوب الناس، وهذا مبدأه الجهل والتعالم، ومنتهاه إلى مزبلة التاريخ، قال بعضهم: إذا أراد الله هلاك النملة أنبت لها جناحين.
    واعلم هدانا الله وإياك سواء السبيل أن الشيخ لم يشوه صورة جماعة الاحتواء وإنما هم من يشوهون أنفسهم برد الحق والكذب على أهله، والسير في مضمار أهل البدع والتحريش بين العلماء وتجنيد السفهاء وأزهم لمقارعة العلماء والتصفيق على الباطل وأهله والتعالم والكبرياء وغيرها من الأمور التي توجب المذلة في الدنيا والآخرة قال الله تعالى: (والشمس وضحاها * والقمر إذا تلاها * والنهار إذا جلاها * والليل إذا يغشاها * والسماء وما بناها * والأرض وما طحاها * ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها * قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها).
    قال الإمام محمد الأمين الشنقيطي:
    في تلك الآيات العشر يقسم الله سبع مرات بسبع آيات كونية هي: الشمس، والقمر، والليل، والنهار، والسماء، والأرض، والنفس البشرية، مع حالة لكل مقسم به، وذلك على شيء واحد، وهو فلاح من زكى تلك النفس وخيبة من دساها، ومع كل آية جاء القسم بها توجيها إلى أثرها العظيم المشاهد الملموس، الدال على القدرة الباهرة.
    ثم قال في تفسير قوله تعالى (قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها):
    هذا هو جواب القسم فيما تقدم، فالواو قد حذفت منه اللام لطول ما بين المقسم به والمقسم عليه.
    وقد نوه عنه الشيخ ـ رحمة الله تعالى علينا وعليه ـ عند الكلام على قوله تعالى (إن ذلك لحق تخاصم أهل النار)، من سورة (ص)، وأنهم استدلوا على هذه الآية عليه.
    والأصل: لقد أفلح، فحذفت اللام لطول الفصل. و(زكاها) بمعنى طهرها، وأول ما تطهر منه دنس الشرك ورجسه، كما قال تعالى (إنما المشركون نجس) التوبة:28 وتطهيرها منه بالإيمان، ثم من المعاصي بالتقوى، كما في قوله تعالى: (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى) النجم33، ثم بعمل الطاعات: (قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى) الأعلى.
    اهـ من أضواء البيان.
    فهذه موعظة بليغة عظيمة، لنعلم أن الله عز وجل قد رتب الفلاح والعزة والرفعة في الدارين بتزكية النفس وتطهيرها، بل هذا الذي أقسم عليه ربنا كما تقدم، ولا تكون النفس زاكية طاهرة حتى يحملها صاحبها على امتثال أمر الله عز وجل واجتناب نهيه، ومتابعة نبيه صلى الله عليه وسلم، والحرص على الخير بلزوم الاستقامة وأسبابها، وأن يحذر المرء من أسباب الذلة والهوان، وذلك بتدسية النفس وتنجيسها، وارتكاب ما يوجب سخط الرب جل وعلا.
    قال ابن القيم رحمه الله:
    ومنها أن المعصية سبب لهوان العبد على ربه وسقوطه من عينه، قال الحسن البصري: هانوا عليه فعصوه ولو عزوا عليه لعصمهم.
    وإذا هان العبد على الله لم يكرمه أحد، كما قال الله تعالى: (ومن يهن الله فما له من مكرم)، وإن عظمهم الناس في الظاهر لحاجتهم إليهم، أو خوفا من شرها، فهم في قلوبهم أحقر شيء وأهونه.
    اهـ من الجواب الكافي.
    والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
    ولعلنا نقف عند هذا الحد لا عجزا واإنما كفانا الإجابة عما بقي فضيلة شيخنا ووالدنا محمد علي فركوس برده على شبه الحدادية والحزبيين قبل سنين كما هو منشور في موقعه العملاق على الشبكة، وكذلك أخونا الفاضل الشيخ ابراهيم بويران وفقه الله والأخ الفاضل عبد المؤمن عمار وفقه الله وسدد رميه، وفيهم إن شاء الله خير وبركة وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
    وكتبه: العبد الفقير إلى عفو ربه أبو عبد الرحمن عمر مكي التيهرتي غفر الله له ولوالديه وللمسلمين.
    التعديل الأخير تم بواسطة مكي المهداوي; الساعة 2019-02-09, 10:01 AM.

  • #2
    ..

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا أخي عمرو على الرد الموفق الموثق

      تعليق


      • #4
        بارك الله فيك.

        تعليق


        • #5
          يارك الله فيك .. حفظ الله شيخنا العلامة محمد علي فركوس ...

          أحيانا نتعجب منهم ، أمثل هؤلاء كنا نحضر مجالسهم وهم يبيّتون ويدبرون بليل !!!!!؟؟

          تعليق


          • #6
            جزاكم الله خيرا وبارك فيكم جميعا، وبارك الله في سعي أخي الشيخ ابراهيم ووفقه لكل خير وأقول: لا بأس طهور إن شاء الله، أعلاك الله إلى العافية ومسح عنك الأذى بيمينه الشافية.

            تعليق


            • #7
              جزاك الله خيرا أخي الفاضل و بارك في جهدك، و كف الله ألسنة الحاقدين على شيخنا العلامة أبي عبد المعز حفظه الله.

              تعليق


              • #8
                وخيرا جزاك أخي حمزة وبارك فيك.

                تعليق


                • #9
                  بارك الله في الأخ مكي المهداوي على نصرته لشيخنا وفخرنا ورمزنا سماحة الوالد المربي محمد علي فركوس حفظه الله .. الصعافقة أظهروا حقدا وغلا لا مثيل له , كفّ الله شرهم.

                  تعليق


                  • #10
                    وأنت بارك الله فيك أخي صلاح وجزاك خير الجزاء وأوفاه، وأما بالنسبة لنصرة الشيخ فركوس حفظه الله فليس المرء فيه على الخيار وإنما هو قيام بالواجب المحتوم (نصرة الحق وأهله) وإنا لنحسب شيخنا ولا نزك على الله أحدا، من خيار أئمة أهل السنة حفظه الله ووفقه وألحقنا وإياه بالمتقين وحشرنا وكل من قام لله بحق في هذه الأيام مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
                    التعديل الأخير تم بواسطة مكي المهداوي; الساعة 2019-02-12, 10:18 AM.

                    تعليق


                    • #11
                      جزاك الله خيرا أخي الكريم وصدقت فإن نصرة علماء السنة وعلى رأسهم في بلدنا سماحة الوالد العلامة أبوعبدالمعز أعزه الله بالسنة من أعظم الواجبات المتحتمات ومن أفضل القربات والطاعات التي نتقرب بها إلى رب البريات بارك الله فيك أخي عمر وفي المولودة الجديدة

                      تعليق


                      • #12
                        وفيكم بارك الله أخي أبا ريحانة، وأسأل الله عز وجل أن يجمعنا بكم في دار كرامته إن ربي قريب مجيب.

                        تعليق


                        • #13
                          جزاك الله خيرا أخي المهداوي.

                          المشكل أن هؤلاء قد فضحوا أنفسهم أنهم لا يريدون بكتاباتهم هذه الحق، لأن الناس قد بينوا تهافت رده ومع ذلك لم يغير شيئا منه ولم يتراجع عن شيء من تلبيسه وتدليسه.
                          عاملهم الله بعدله.

                          تعليق


                          • #14
                            وخيرا جزاك الله أخي عماد أسأل الله عز وجل أن تكون في أحسن حال وأتمه أنت ومن تحب.
                            يرفع ولا عزاء للمميعة المخذلين.

                            تعليق


                            • #15
                              جزاك الله خيرا كثيرا أخي الكريم مكي، وجعل مقالتكم هذه في الدفاع عن أحد أعلام هذه الأمة ذخرا لكم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
                              التعديل الأخير تم بواسطة أبو عائشة محمد عواد; الساعة 2019-02-04, 12:22 AM.

                              تعليق

                              الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
                              يعمل...
                              X