إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تحذير اللبيب مما عليه دعاة (العصيان المدني) من الزيغ والتكذيب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تحذير اللبيب مما عليه دعاة (العصيان المدني) من الزيغ والتكذيب

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقرارا به وتوحيدا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مزيدا(1)، أما بعد: فإن من نعم الله تعالى على هذه الأمة الكريمة أن (بعث فيهم رسولا من أنفسهم يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) [آل عمران 164]، فما بعث الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم إلا ليهدي به من الضلالة، ويبصر به من العمى، ويخرج به الناس من ظلمات الجهل والشرك إلى نور العلم والإيمان، ففرض على العباد طاعته، وأوجب عليهم اتباعه، ونهاهم عن مخالفته وشقاقه، وأمرهم بالرجوع عند التنازع لما جاء به من كتاب الله سبحانه، وإلى شخصه في حياته، وإلى صحيح سنته صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، ورتب الفوز والرفعة في الدارين على طاعته وقفو أثره، وأخبر أنه لا خير ولا فلاح للناس إلا بتوقيره والرضا بحكمه وتبجيله، قال الله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) [النساء 65]، وقال تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) [النساء 115]، وقال تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) [النور 63]، ومع هذا البيان الكافي الواضح الشافي من الله عز وجل في هذه الآيات الكريمات وغيرها مما جاء في معناها من الحث على اتباع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم والنهي عن مخالفته التي ربت على الثلاثين موضعا في كتاب الله العظيم، فإن كثيرا من المسلمين ليتهاونون في هذا الأمر العظيم والخطب الجلل، ويجعلون مخالفة أمره صلى الله عليه وسلم شيئا يسيرا، لا يأبه به ولا يحسب له حساب، حتى يقول قائل الناس اليوم إن قلت قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم كذا أو فعل كذا: (هذه سنة فقط)، يريد الندب والاستحباب ولو كان ما أمر به صلى الله عليه وسلم من أوجب الواجبات، فلا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، ويجعلون من هذه الكلمة ذريعة للتنصل مما جاء في هذه الشريعة، ومسوغا لمخالفة أمره صلى الله عليه وسلم وهذا يظهر فساده لكل من أنار الله بصيرته فعرف منزلة النبي صلى الله عليه وسلم والحكمة من إرساله عليه الصلاة والسلام، قال الله عز وجل: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، وقال تعالى: (ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)، فما أرسله إلا ليطاع فلا يعصى، ويصدق فلا يكذب، ويقتفى أثره ويرضى بحكمه صلى الله عليه وسلم، وكثير ممن بلي برد أحاديثه صلى الله عليه وسلم، من أولئك المفتونين بالغرب الكافر، إذا ذكر أئمة الغرب وذكرت أقوالهم رأيتهم مذعنين خاشعين لا يكادون يتفوهون ببنت شفة فالله المستعان.
    ومما بلينا به أيضا في هذه الأزمان المتأخرة أولئك الزنادقة العقلانيين وورثة المعتزلين والجهميين، الذين يردون أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، بحجة أن العقل لا يقبلها، من أمثال الزنديق الضال المضل عدنان ابراهيم، ومحمد شحرور، وأضرابهم من الذين يصححون عقائد اليونان، ويدعون للزندقة والالحاد، ويرمون الشريعة بالتخلف وعدم الموضوعية، وعدم الصلاحية لهذه الأيام لأنها بزعمهم خاصة بزمن النبوة، وهذا غاية الانحراف والحيد عن الدين الكريم، والصراط المستقيم، ومما يؤسف حقا أن يجد هؤلاء الزنادقة آذانا صاغية، وقلوب شباب مرضى يقبلون الطعن في شريعة الله، بل يعتقدونه ويطبقونه، ويدافعون عليه وعلى مبتدعيه الضلال، وإن مما ركبه جل أئمة البدع واختص به دعاة الضلال عبر العصور والأزمان كثرة التحريش على أئمة المسلمين من علماء وحكام، بالدعوة إلى الخروج على الحكام والأمراء، وتأليب الرعية عليهم لأجل إضعاف شوكة المسلمين والذهاب بريحهم، وحجب الناس عن شريعة ربهم بالسعي في تشكيك العامة في العلماء الربانيين أهل الحديث والأثر الذين يحذرون من هذه الأفكار الدخيلة الخبيثة، من أفكار الغرب الكافر وغيرهم، فيقولون عنهم: علماء السلطان، وعلماء البلاط، وعملاء، إلى غيرها من الكلمات القبيحة التي يطلقونها لأجل تنفير الناس عن علمائهم، وهم أولى والله بهذه الأوصاف الذميمة من أهل السنة الكريمة، فأهل السنة بحمد الله لا تحركهم العواطف العواصف، ولا المصالح الدنيوية، ولا الدعاوى الفارغة العارية عن أدلة الوحيين، لا يصدرون إلا عن أمر الله ورسوله وعلى وفق ما فهمه السلف الكرام من الصحابة ومن اتبعهم بإحسان، وأما من عداهم من أهل الأهواء فليس لهم هم ولا شغل إلا عرض الدنيا الفانية وزينتها، ولقد كنت كثيرا ما أسمع بعض العوام بعد (العشرية السوداء) لا أعادها الله على المسلمين عامة، ولا على أهل الجزائر خاصة يقولون عن جماعة حماس ومن كان على شاكلتهم من الذين إذا أعطوا رضوا وإذا لم يعطوا إذا هم يسخطون: (عليها نحيا وعليها نموت من فوق سكن ومن تحت حانوت)، يشيرون إلى ما عليه القوم من طلب الدنيا والسعي في تحصيلها باسم الدين وتحكيم الشريعة، ومن تأمل ما عليه القوم اليوم خاصة المنظرون منهم ليرى ذلك بأم عينه، وكثير منهم يفضل ذهاب دينه على ذهاب درهمه وديناره.
    أبني إن من الرجال بهيمة *** في صورة الرجل السميع المبصر
    فطن بكل مصيبة في ماله *** وإذا أصيب بدينه لم يبصر
    ولا يزالون يدعون الناس إلى الخروج بالإضراب تارة وبالاعتصام تارة أخرى وهاهم اليوم يدعون الناس إلى ما يسمى ب: (العصيان المدني) الذي هو من سنن الغرب الكافر، يريدون أن يزجوا بالمسلمين إلى الفوضى والحروب وعدم الاستقرار، ثم ينالون ما يوعدون من الإيواء والأموال الطائلة والحماية والبذخ والترف، وما ذلكم الفيديو الذي ظهر فيه عائض القرني وعبد الواحد المغربي وخلانهما من دعاة الخروج، في نزهة في بلاد تركيا يلعبون كرة القدم بأقمصتهم في الحدائق أيام (الربيع العربي) أعاذ الله المسلمين منه ومن شره، إلا شاهد صادق يدل على مدى انحراف القوم وعدم الاحساس بالمسؤولية تجاه هذه الأمة الكريمة التي أدخلوها في الحروب والفوضى نسأل الله العافية. فهم في ترفهم وفي لغوهم، وأهل الغفلة المساكين الذين انطلت عليهم الدعاوى الفارغة تحت قهر الحرب، والتشريد وضيق العيش وانعدام الأمن، والواقع أكبر شاهد، ولا يخفى على الناس ما عليه من اغتر بدعوى الربيع العربي، في مصر وليبيا وتونس وسوريا واليمن وغيرهم نسأل الله أن يرفع البلاء عن إخواننا المسلمين في كل مكان إنه سميع مجيب، والسعيد من وعض بغيره، فأي الفريقين أحق بالعمالة من باع ويبيع دينه بعرض من الدنيا قليل أم من يقول قال الله قال رسوله قال الصحابة هم أولوا العرفان؟.
    وإليك أيها القارئ اللبيب نبذة عن العصيان المدني ونشأته ودعاته ومؤسسيه وخططه ومآلاته، ففي هذا يقول معدوا كتاب (العصيان المدني) في الحلقة الأولى:
    العصيان المدني... مقاومة أم احتجاج
    «إن المقاومة تعني العصيان أو الرفض »
    المقاومة والاحتجاج

    يحكي (بير هيرنجرين) حكاية له مع أخيه الصغير وهو طفل: «من الدروس الأولى التي تعلمتها في العصيان المدني كان عند ولادة أخي الصغير... ولقد كنت مفتوناً بإصراره البريء على تنفيذ ما يشاء وبالطريقة التي يشاء، وعندما لا يرغب في عمل شيء فإنه ببساطة يرفض ولا يساوم على هذا الرفض وهو ما كان مغايراً تماماً لما كنت عليه حيث أنني كنت ابناً مطيعاً جداً.
    ولا أقصد بهذا أنني لم أكن أحتج ( protest ) فلقد كنت أصيح بشكل عنيف وأصرخ وأجادل، ولكن عندما ينتهي هذا الاحتجاج والصراخ فإنني أنصاع في نهاية الأمر. كان هذا هو التباين بيني وبين أخي والذي ساعدني كثيراً في أن أفهم بوضوح الاختلاف بين مفهوم المقاومة ( resistance ) ومفهوم الاحتجاج (protest) ».
    وتتسم كلمة المقاومة اليوم بالنمطية وذلك لأن كل أشكال الاحتجاج - وللأسف -
    أصبحت فجأة تسمى مقاومة.
    إن الاحتجاج قد يكون مجرد تعبير عن موقف إزاء قانون ما، أو موقف ما، ثم العودة والإذعان. أما المقاومة فتسعى إلى إلغاء القرار، أو تحدي القانون. إنها ترفض الإذعان أو الطاعة.
    إن المقاومة في جوهرها هي العصيان. وقد يكون الاحتجاج أكثر قبولاً في بعض الحالات إلا أن تأثيره ليس كتأثير المقاومة (رغم أن الاحتجاج بالنسبة لنظام دكتاتوري يُعد شكلاً من أشكال المقاومة لأنه عمل غير مشروع في نظر الديكتاتورية شأنه شأن المقاومة).
    جذور العصيان المدني

    كان أول من استعمل مصطلح العصيان المدني وأشار إلى فكرته هو الكاتب الأمريكي (هنري دايفيد ثوراو) في مقاله الشهير «العصيان المدني » المنشور في سنة 1849 . وقد كتب مقاله الشهير هذا عقب امتناعه عن دفع ضرائب الحرب احتجاجاً على العبودية والقمع والاضطهاد والحرب التي كانت تخوضها الولايات المتحدة ضد المكسيك. ولم يكن الامتناع عن دفع الضرائب بالفكرة الجديدة وإنما استعملها مناهضو الاسترقاق وآخرون غيرهم. وكذلك لجأ (كارل ماركس) إلى هذه الفكرة حين حاول أن ينظم حملة لإقناع الأوربيين بعدم دفع الضرائب خلال الثورة التي اجتاحت أوروبا عام 1848 م.
    تعريف العصيان المدني
    يعرف (بير هيرنجرين) العصيان المدني في كتابه «طريق المقاومة... ممارسة العصيان المدني » بأنه:
    • نشاط شعبي متحضر [1].
    • يعتمد أساساً على مبدأ اللاعنف.
    • أنشطة العصيان المدني هي عبارة عن تحدٍ لأمر ما أو لقرار ما حتى ولو كانت غير مقيدة بالقانون.
    • هدف النشاط المباشر هو أن يحافظ على أو يغير ظاهرة معينة في المجتمع.
    • النتائج أو التبعات الشخصية جزء مهم من النشاط ولا ينظر إليها على أنها نتيجة سلبية.
    ويجب الانتباه إلى أن العصيان المدني تقوم أنشطته على التحدي، فلا تقيده قوانين النظام، أو قراراته، وإن كان أحياناً يتم عبر القوانين. ومن ثم لا يستطيع النظام أن يفرض على حركة العصيان نشاطاً بعينه أو يمنعها من نشاط، أو يفرض عليها ميداناً بعينه.
    الجمهور هو المستهدف
    إن المقاومة يجب أن توجه خطابها إلى المواطنين المذعنين. ويعتقد «ثوراو » أن المواطنين هم الذين يشكلون ويصنعون الجزء الأهم في جماعة العصيان المدني. كما يري أن أكبر الداعمين للأنظمة الجائرة والذين يمثلون أخطر وأكبر المعوقات أمام حركة المقاومة هم أولئك الذين يعترضون ثم يذعنون ويقدمون للنظم الولاء والدعم في النهاية.
    وينبغي ألا تنشغل حركة العصيان المدني بتوجيه خطابها إلى الحاكم أو النظام، وتغفل عن اختيار خطاب مناسب للجماهير، يدعوهم للمشاركة في العصيان، ويحرضهم عليه، ويربط مستقبلهم بنجاحه. طالما أنها قررت المقاومة... وليس الاحتجاج.
    لقد أوضح (المهاتما غاندي) - الذي قاد النضال ضد الاستعمار البريطاني في الهند - بشكل لا يقبل الشك أن العصيان يقوض من سلطة الدولة إلى حد بعيد، إذ يقول: «لو أن الرجل يشعر أنه ليس من الرجولة أن يطيع القوانين الجائرة فلن يستطيع أي طاغية أن يستعبده .»
    وتكمن المشكلة الحقيقية في إذعان أكثر المواطنين وكونهم ضمن شريحة المجتمع المطيعة، وحين يستطيع ناشطو العصيان المدني تحفيز الآخرين على تحدي القوانين والتعليمات الجائرة عن طريق استثمار النتائج والعواقب المترتبة على الممارسة الحقيقية لأنشطة العصيان المدني، فإنهم ينجحون في مساعدة الجمهور كي يتغلب على حاجز الخوف من العقوبات الشخصية.
    إن العصيان المدني ينبغي أن ينظر له كوحدة متكاملة، حيث تكون العقوبة بنفس أهمية الأنشطة.
    إن العقوبات أو بالأحرى التغلب على الخوف من العقوبة أساس في مبدأ العصيان المدني.
    والعصيان المدني لا يهدف فحسب إلى التأثير في الرأي العام؛ ولكنه يتجاوز ذلك ليصبح طريقة لتحفيز المواطنين على العصيان. والفعل أو النشاط وحده لا يكفي لتحقيق هذا الهدف.
    ولكن امتزاج عنصر الأنشطة بعنصر العقوبات يحدث الحافز القوي للعصيان والتغلب على الخوف من العقوبات.
    لذلك يتم اكتساب الجماهير من خلال تقديم النموذج، الذي يرفض الانصياع للأوامر، وكلما صمد هذا النموذج أمام العقوبات كلما ازداد عدد المنضمين للعصيان. وعادة ما يكون دور حركات العصيان هو إشعال فتيل المقاومة وتقديم النموذج ليتبعها الأحرار ويقول جون راؤول في كتابه «نظرية العدالة»: « ليس من الصعب أن تبرر حالة العصيان المدني في نظام غير عادل لا يتبع رأي الأغلبية، ولكن حينما يكون النظام عادلاً إلى حد ما تبرز مشكلة ألا وهي أن من يقوم بالعصيان المدني يصبح من الأقلية وتغدو عملية العصيان المدني وكأنها موجهة ضد رأي الأغلبية في المجتمع ». لذلك تستفيد حركات العصيان من الظلم والتسلط، وتوظفهما في عملية التحريض، وكلما ازداد الظلم كلما كان ذلك في صالح حركات العصيان، وكلما زادت الجرائم المعلنة للنظام كلما كان ذلك سبيلاً إلى اجتذاب الجماهير. لذلك تستفيد حركات العصيان من أخطاء النظام، وتوظفها بشكل دقيق لجذب المزيد من الأحرار، ولتسقط شرعيته وهيبته.
    وسائل العصيان لا تعرف السرية
    تبعاً لقواعد العصيان المدني فإن المشاركين لا يتعمدون إخفاء وسائل أنشطتهم
    عن السلطة، وبهذا فإنهم لا يتعمدون تجنب النتائج أو التبعات السلبية لهذه
    الأنشطة. ولذا فإن كتابة شعار سياسي أو رسالة ما على حائط أو جدار ما تحت
    جنح الظلام يعتبر نوعاً من أنواع الاحتجاج، وليس المقاومة (إلا في ظروف معينة) رغم أن ذلك قد يعطي نتائج سياسية مرضية.
    ولذلك ينبغي لحركات العصيان أن تعي هذه النقطة جيداً. أن المواطنين هم المستهدف الرئيس للعصيان، أن يرى الناس أفراداً من الشعب يمارسون العصيان جهاراً.. ويتحملون عواقبه... والأعمال التي تتم في جنح الظلام لا تشجع الآخرين على أن يقوموا بنفس العمل. لذلك قد لا تعد عصياناً... فالعصيان هو رفض للنظام وكسر لقانون أو وضع ما جائر دون تخفي.
    وتكون مهارة الحركة في أن يستثمر جهازها الإعلامي هذه الأنشطة، وكلما زاد القمع وبدأ التحرش بالمشاركين، كلما كان ذلك مؤشراً على نجاح العصيان. وحينها يستفيد الجهاز الإعلامي المقاوم من كل تحرش، أو صدام، أو كلمة نابية، أو فلتة لسان، أو عمل لا أخلاقي، أو مقتل لأحد المقاومين ليمتلك ورقة رابحة ودليلاً دامغاً على أن الشعب قرر العصيان. وإذا فوت الجهاز الإعلامي هذه الأحداث يكون قد فرط في أداة قوية من أدوات نجاح العصيان. إن قوة النشاط في فقه العصيان قد تكمن في العقوبة التي ستوجه إلى المقاومين، والتي سيستثمرها إعلام المقاومة..
    المراجع

    • Per Herngren, PATH OF RESISTANCE.. THE PRACTICE OF CIVIL DISOBEDIENCE, Revised edition 2004 ] 1[ كلمة «مدني » صفة تتصل بالمواطن، ولهذا فإن أول ما يتبادر إلى الذهن أن العصيان المدني يعني عصيان المدنيين.. أي
    المواطنين غير العسكريين، ولكن في حركة اللاعنف فإن كلمة «مدني » تعني عكس ما تعنيه كلمة عنف، وهذا معناه
    أن المشاركين في أي نشاط للعصيان المدني من كل قطاعات المجتمع - سواء كانوا عسكريين )يعصون الأوامر أو يغضون
    الطرف عن أنشطة المقاومين( أو غير عسكريين - يتصرفون بشكل مدني أي متحضر وبدون عنف. ولذلك يمكن أن نطلق
    عليه «العصيان الحضاري .اهـ من الشبكة العنكبوتية.

    ولنا مع هذه الحلقة عدة وقفات:
    الوقفة الأولى: أسوة القوم ومصدر تلقيهم:
    ـ أما أسوة القوم فهم المذكورون في قولهم:
    يحكي (بير هيرنجرين)، و الكاتب الأمريكي (هنري دايفيد ثوراو) في مقاله الشهير «العصيان المدني » المنشور في سنة 1849 . وكذلك لجأ (كارل ماركس) إلى هذه الفكرة حين حاول أن ينظم حملة لإقناع الأوربيين بعدم دفع الضرائب خلال الثورة التي اجتاحت أوروبا عام 1848 م. و(المهاتما غاندي) - الذي قاد النضال ضد الاستعمار البريطاني في الهند.
    فهذه شرذمة من أعداء الاسلام الذين سنوا للناس هذه السنة القبيحة (العصيان المدني) الذي لا يمت إلى الاسلام بصلة، ومع ذلك دان به الإخوان المفلسون، وغيرهم من أهل الأحزاب الضالة جريا على القاعدة المكيافلية الخبيثة: (الغاية تبرر الوسيلة)، ويرمون من أنكر عليهم بالعمالة والجبن، فيقال: إن من الخزي بمكان أن يعصي المرء ربه ورسول ربه صلى الله عليه وسلم بطاعة أعداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أوليس ربنا هو القائل: (ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا) [الأحزاب 48]، بل قد قرن الله تعالى بين الأمر والنهي فقال سبحانه: (فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا) [الانسان 24]، وقال: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا) [الكهف 28] فدلت الآية على أن الذي ينبغي أن يطاع، ويكون إماما للناس، من امتلأ قلبه بمحبة الله، وفاض ذلك على لسانه فلهج بذكر الله، واتبع مراضي ربه، فقدمها على هواه، فحفظ بذلك ما حفظ من وقته، وصلحت أحواله، واستقامت أفعاله، ودعا الناس إلى ما من الله به عليه، فحقيق بذلك أن يتبع ويجعل إماما.(2)
    وقال تعالى: (ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين*وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون*ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون*إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين) [الجاثية 16ـ19] أخبر سبحانه أنه أنعم على بني إسرائيل بنعم الدين والدنيا، وأنهم اختلفوا بعد مجيء العلم بغيا من بعضهم على بعض، ثم جعل محمدا صلى الله عليه وسلم على شريعة شرعها له، وأمره باتباعها ونهاه عن اتباع أهواء الذين لا يعلمون، وقد دخل في الذين لا يعلمون كل من خالف شريعته، وأهواؤهم: هو ما يهوونه وما عليه المشركون من هديهم الظاهر، الذي هو من موجبات دينهم الباطل وتوابع ذلك فهم يهوونه، وموافقتهم فيه اتباعهم لما يهوونه، ولهذا يفرح الكافرون بموافقة المسلمين في بعض أمورهم ويسرون به، ويودون أن لو بذلوا مالا عظيما ليحصل ذلك، ولو فرض أن ليس الفعل من اتباع أهوائهم فلا ريب أن مخالفتهم في ذلك أحسم لمادة متابعتهم في أهوائهم، وأعون على حصول مرضاة الله في تركها، وأن موافقتهم في ذلك قد تكون ذريعة إلى موافقتهم في غيره، فإن من حام حول الحمى أوشك أن يواقعه.(3)
    ـ وأما مصدر تلقي هذه الفكرة الخبيثة ما قاله (بير هيرنجرين):
    «من الدروس الأولى التي تعلمتها في العصيان المدني كان عند ولادة أخي الصغير... ولقد كنت مفتوناً بإصراره البريء على تنفيذ ما يشاء وبالطريقة التي يشاء، وعندما لا يرغب في عمل شئ فإنه ببساطة يرفض ولا يساوم على هذا الرفض وهو ما كان مغايراً تماماً لما كنت عليه حيث أنني كنت ابناً مطيعاً جداً.
    ولا أقصد بهذا أنني لم أكن أحتج ( protest ) فلقد كنت أصيح بشكل عنيف وأصرخ وأجادل، ولكن عندما ينتهي هذا الاحتجاج والصراخ فإنني أنصاع في نهاية الأمر. كان هذا هو التباين بيني وبين أخي والذي ساعدني كثيراً في أن أفهم بوضوح الاختلاف بين مفهوم المقاومة ( resistance ) ومفهوم الاحتجاج (protest) ».
    قال جامعه عفا الله عنه:
    فهل مثل هذا تعارض به أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي جاءت تحث على الصبر على جور ولاة الأمور والنهي عن الخروج عليهم ومنازعة الأمر أهله؟.
    كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته من رواية بن عمر رضي الله عنهما: (على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يأمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)(4)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصا الله، ومن أطاع الأمير فقد أطاعني، ومن عصا الأمير فقد عصاني) والحديث مخرج في الصحيحين(5)
    فاعلم يا باغي الخير وفقنا الله وإياك أن القوم سائرون على خطى الغرب الكافر فلا ينبغي للمسلم أن يعينهم على الباطل الذي يدعون إليه وأن لا يكثر سواد أهل الباطل لا كثرهم الله، لقوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب). والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. يتبع بإذن الله تعالى.

    وكتب: الفقير إلى عفو ربه أبو عبد الرحمن عمر مكي التيهرتي
    غفر الله له ولوالديه وللمسلمين بتيهرت الجزائر حرسها الله وبلاد المسلمين عشية السبت 24 من شهر رمضان الفضيل 1439من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم

    (1): مقدمة رسالة العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.
    (2): تفسير سورة الكهف من تفسير الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله.
    (3): شرح اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الاسلام رحمه الله ص 38ـ39.
    (4): أخرجه البخاري 7144ـ2955 ومسلم: 1839.
    (5): أخرجه البخاري: 2957، ومسلم: 1835.
    التعديل الأخير تم بواسطة مكي المهداوي; الساعة 2019-02-20, 01:00 PM.

  • #2
    يرفع رفع الله أهل السنة وأعلى بهم منارها، ونرجوا أن يكون أهل هذا الصرح المبارك منهم، حفظ الله الجميع.

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا أخي الحبيب على هذا البيان الطيب

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا.

        تعليق


        • #5
          وخيرا جزاك الله شيخنا الحبيب ورفع درجاتك في عليين ونشهد الله العظيم رب العرش الكريم أننا نحبك في ذات الله ونرج منه سبحانه وهو خير مأمول أن يظلنا بظله يوم لا ظل الا ظله.
          وجزى الله خيرا اخي الكريم محمد وبارك فيه.

          تعليق


          • #6
            جزاك الله خير

            تعليق


            • #7
              وخيرا جزاك الله أخي مهدي وبارك فيك.

              تعليق

              الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
              يعمل...
              X