<بسملة1>
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين ، أمَّا بعد :
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين ، أمَّا بعد :
فعن صهيب بن سنان -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم- : « عجبًا لأمرِ المؤمنِ إن أمرَه كلَّه خيرٌ و ليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمنِ إن أصابته سراءُ شكرَ . فكان خيرًا له وإن أصابته ضراءُ صبر فكان خيرًا له » (1).
فالمؤمن هكذا صبورٌ عند البلاء ، شكورٌ عند الرخاء ، فقوله -صلى الله عليه و سلم- : «عجبًا لأمرِ المؤمنِ إن أمرَه كلَّه خيرٌِ» أي : يُؤجر في أحواله كلها ، حال السراء و حال الضراء و هذا ما يستدعي العجب و لهذا عمَّمَ الله -صلى الله عليه و سلم- بقوله : «إن أمرَه كلَّه خيرٌِ» ، و «ليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمن» أي : أن هذا الفضل العظيم لن يناله إلّا المؤمن ، فالمؤمن يشكر الله تعالى على نعمه عكس الكافر فإنّه جاحد بنعم الله عليه فلا يشكره عليها.
فـ «إن أصابته سراءُ شكر» أي : إن أصابه ما أفرحه من رزق في العلم الشرعي و صحبة صالحة و حب و إحترام العلماء و كذا أمور دنيوية تسرُه كسعة في الرزق و زوجة صالحة و صلاح الأبناء فإن شكر الله على هذه النعم يؤجر فهذا من قبيل العبودية القلبية و الّتي ترتبط بعبادة اللسان و الجوارح ، فكل أنواع نعم الله على عبده المؤمن تستوجب الشكر سواء كانت نعم ظاهرة أو باطنة ، فقد كان رسول الله -صلى الله عليه و سلم- يقوم الليل حتى تنتفخ قدماه فقيل له : غفر اللهُ لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّرَ ، قال :«أفلا أكونُ عبدًا شكورًا»(2).
و «إن أصابته ضراءُ صبر فكان خيرًا له» فكل أمر يتضرر منه المؤمن و يصبر على الضرر يؤجر بإذن الله حتى و إن أصابته شوكة لقوله -صلى الله عليه و سلم- «ما مِن مصيبةٍ تصيبُ المسلِمَ إلَّا كفَّرَ اللَّهُ بِها عنهُ، حتَّى الشَّوكةِ يُشاكُها»(3).
فالمؤمن يرى النعم في طيّات النقم ، و يرى نور الفجر في ظلمة الليل ، و في لسعة الحيّة دواء ،
و تأمل رعاك الله لمّا طُعِنَ حرامُ بنُ مِلحانَ قال: «فُزتُ وربِّ الكعبةِ»(4).
فالمؤمن إن جاءه ما يفرحه فرِحَ فشكرَ الله و نسبَ النعمة إلى مانحها و لا يقل بما قاله الجاهل : {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي}(5) ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : [العبد دائما بين نعمة من الله يحتاج فيها الى شكر ، وذنب منه يحتاج فيه الى الاستغفار ، وكل من هذين من الأمور اللازمة للعبد دائما ، فإنه لايزال يتقلب فى نعم الله وآلائه ، ولا يزال محتاجا الى التوبة والاستغفار](6).
سبحانك اللّهمّ وبحمدك، أشهد أن لا اله إلَّا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه مسلم 2999.
(2) أخرجه البخاري 4836 و مسلم 2819 واللفظ له.
(3) أخرجه البخاري 5640 واللفظ له ، و مسلم 2572.
(4) أخرجه البخاري 4092 و اللفظ له ، ومسلم 677.
(5) سورة القصص الآية 78.
(6) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله المجلد 10 صفحة 88 ، طبعة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.
تعليق