بــسم الله الرحمن الرحيم
(ردُّ شبـهـةِ صَعفـوقٍ مَـغْـمـور)
الحمد لله رب العالمين ،ولينا وناصرنا على المخالفين والمناوئين ،وأشهد أن لا إله إلا الله العلي القدير ،وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله ،الذي ما ترك خيرا إلا ودلنا عليه ،ولا شرا إلا وحذرنا منه ،صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى إخوانه وأزواجه وذريته وآله وصحبه أجمعين ،
أما بعد :
فقد راسلني بعض إخواني ــ وفقهم الله تعالى ــ الغيورين على دعوة الحق ،المحبين لمن كان عليها سائرا،ولغيرها نابذا ،بما سوّده أحد أذناب الاحتوائيين المميعين لمنهج الحق،ملتمسين الردّ على شبهة طرحها الصعفوق متعلقةٍ بي ،حاملة ً لبعض شظايا الباطل الداحظة ــ بإذن الله تبارك وتعالى ــ ،
فبالله أستعين وعليه أتوكل فهو حسبي ونعم الوكيل .
يقول الصعفوق ــ هداه الله وأصلحه ــ متعجبا على سبيل الاستنكار مِن تهويل قضية هذا الرجل :
" ياسين طايبي وما أدراك ما ياسين ! "
ويؤكّد ذلك بقوله ــ أيضا مبينا وجه التهويل أن ذياك الرجل من صافحه وسلّم عليه يتبرّأ منه السلفيون ومن تركه وهجره يحبونه ــ :
" شخص عُقدت على مصافحته والسلام عليه ألوية الولاء والبراء عند إخواننا المصعفقة " ( أي : الذين يُصعفقونه هو وأمثاله وصدق)
فيَظن القارئ لكلامه أن " ياسين طيبي" عند هذا الصعفوق معروفٌ بسلامة المنهج ،ووضوح الراية ،ولذلك تعجّب مستنكرا من تهويل شأنه،أو على الأقل معروف لديه بوقوعه في بعض الزلات التي هي من مقتضى البشرية فلا تستحق ذلك التهويل كله،ولا تستدعي رميه بما ليس أهلا ً له ،أو لعله ــ وهو احتمال ضئيل ــ يعرفه بمخالفته لمنهج السلف،وتنكّبه لطريق الحق، ولكنّ الصعفوق يرى ــ فضيلتُه ! ــ أنّ الأمر هيّن ،وخَطْب البدعة سهل .
وهو على كل الأصعدة وجميع الاحتمالات ، يكون الصعفوق قد وقع في هُوّتين بسبب الهوى :
أولهما : استنكاره لأمر لا يعرفه ،وهذيانه بما يهرفه ،بدليل نقضه لغزله ، وهدمه لمقدمته التي سيبني عليها في الأخير سؤالا ،يحسبه الصعفوق معضلة مقفلة ،ولغزا لا يُحلُّ إلا بعياء ، فقال ــ بعد بضعة أسطر ــ :
" هذا ، والحق أنني لست أعرف هذا الأخ ولا منهجه إلا ما أسمعه من أنه كان حلبيا ثم تاب "
فهلَّا عمل بقول الشاعر :
"خُذْ ما تراه ودَعْ شيئا سمعت به
***
في طَلعة البدر ما يغنيك عن زُحَلِ
وثانيهما : إيهام القارئ لتغريره،والتلبيس عليه بتمريره ،أن " ياسين طيبي" الأساسُ الوحيد الذي بَنَى عليه مشايخنا الكرام ــ حفظهم الله من كل سوء ومكروه ــ حكمَهم على جماعة الاحتواء والتمييع ،والسبب الفرد لإسقاط بعضهم (وهو ــ حقا ــ حسَب قواعد السلف كاف لإدانة المرء ، ولا يشترطون كثرة العدد في مصاحبة أهل البدع ،فالمرء على دين خليله ولو كان واحدا ومن أخفى علينا بدعته لم تخف عنا ألفته ) فجمع بين الأمرين المتلازمين : لَبْس الحق بالباطل ،وكتمان الحق ،فقال الصعفوق :
" أسقطوا الشيخ رضا بوشامة والشيخ عز الدين لمجرد مشاركتهم إياه في نشاطٍ .وحاول بعضهم ثلب شيخنا عبد الغني عوسات ، بسبب أنه رأى الشيخ في سيارة على الطريق السريع ، فلمح شبيها لياسين معه !"
وانتبه ــ أخي القارئ ــ إلى خيال هذا الصعفوق الذي ستأتي له أشباه ونظائر مع كونه لم يشهد الواقعة ! ولم يلُقَّن الصعفوق مصاحبتهم ومجالستهم لغيره كسمير سمراد،وحمرون، وبن حليمة...والحلبيين حيثما حلوا بأرض الحرمين،وببعض مناطق الجزائر .
كما لم يلقن الصعفوق حقيقة النشاط،والمشاركة المجردة ،وأنهما ضمن جمعية لها وجهة غير السلفية توليها ،يُدَرِّسون فيها " طُلْبة " من ولاية عين الدفلى ، ويتقاضون على ذلك أجرا،وفي الأخير توزع الجوائز على شرف الخرفان المشوية ،ودام ذلك سنوات معدودات من 2012إلى 2017 نصراني ، فلما بلغ مشايخنا الفضلاء صنيعهم ،اعتذروا إليهم بـ "ما كنا عالمين بحال القوم" ،وهذا من تلاعبات القوم التي أكثروا بها على عالمنا فركوس ــ حفظه الله ــ وصبر على سماعها سنوات ،فيقولون في المجمع بحضرة الشيخ : تبنا ورجعنا ولا نعود ، ثم إذا خرجوا من عنده ، عادوا إلى أفعالهم الشنيعة ، وقرروا خلاف ما أبدوه لشيخنا ــ حفظه الله ــ كما سمعنا ذلك منه ــ جزاه عن السلفيين وما يقدمه لهم من نصح وإشفاق خيرا ــ .
ثم يقول الصعفوق ــ أصلحه الله ــ :
" بيد أني لاضطراب ميزان المصعفقة ،وكيلهم الدائم بمكيالين ، أحببت أن أذْكر وأذَكر بني جلدتنا الذين يتكلمون بألسنتنا !"
فيُوهم الصعفوق أن ميزانهم في نقد الرجال ،هو ميزان الإنصاف والاعتدال ،وأنهم بالمكيال نفسه يكيلون للفريقين ،وواقعهم أنهم لم يؤثروا عن مميعتهم أيَّ كذب ( وهم عندهم الكذب الصراح المقصود بل المقسم عليه)، كما لا يكيلون بحدَّث ونسي أو وهم وأخطأ في حق مشايخنا بل لهم مكيال واحد هو الكذب ،وهكذا من لقي من مشايخنا أحد المبتدعة في الوظيفة أو جاءه مسترشدا فيكيلونه بمكيال مصاحبة أهل البدع ومجالستهم حتى أضحكوا عليهم الموافق والمخالف والجاد والهازل في نسبة الشيخ فركوس ــ حفظه الله ــ إلى مجالسة الصوفية!
لأنه جاءه عَدة فلاحي وسأله ،وهكذا الشيخ لزهر ــ حفظه الله ــ في الصورة التي استخرجوها ،وكان بجانبه صاولي في مجلس الشيخ عبد الله بن عقيل ــ رحمه الله ــ العامر ومثلها الشيخ عبد المجيد جمعة ــ حفظه الله ــ في مناقشة رسالة دكتوراة بنوا عليها أنه يجالس كبار أهل البدع ،
وأما أحباؤهم الاحتوائيون الذين ينزلون مع المخالفين بالفنادق والمطاعم ويصاحبونهم في المراكب والرحلات والطرقات ويجالسونهم باستمرار بلا أي شبهة فهم عندهم بريئون من ذلك تماما ، وما حصل من لقاء فيحمل على النصح والإنكار، أو الغفلة وعدم التكرار ،فسبحان مكور الليل على النهار ،مثلهم كمثل أحد الشُّطّار يجاهر بمتابعة ورؤية الغواني في الطرقات ومداخل المؤسسات فلا يُفَسّق ويحمل فعله على أنه تأمل في خلق الله! ،بينما آخر تقي نقي ركب الحافلة يوما لحاجة اشتدت به ولم يجد وسيلة أخرى ،فوافق اكتظاظا بالحافلة فلصق قميصه بثوب امرأة متبرجة خلفه وهو مولِّيها ظهره فأخرج أحدهم مُصَوِّرته وأخذ صورة له ليعلق عليها : انظروا إلى هذا الفاسق العربيد يلتصق بامرأة لشهوة مقصودة ،وفتنة ظاهرة ،وقس على هذا ما لم يُقل ،يسول لهم الشيطان والنفس الأمارة بالسوء أن شباب السلفيين ليس فيهم أحد يفرق بين ما يراه من عزة التوحيد والسنة إذا رأى الشيخ فركوس ــ حفظه الله ــ في قاعة المحاضرات أو أثناء المراقبة في الامتحانات أو في أروقة الأقسام وبين ما يراه من خِذلان المنهج الأفيح المطاطي لما يرون ذلك الدكتور البذيء اللسان يضاحك حمزة عواد وغيره من المخالفين بالقاعات أو الأروقة أو ...مع ترفع عن الشباب السلفي ـ لا سيما إذا كان رث الهيئة .. ــ فيصدق في ميزانهم قول الشاعر :
"شكونا إليهم خراب العراق
***
فعابوا علينا شحوم البقر.
فكانوا كما قيل فيما مضى
***
أُريها السُّها وتريني القمر
مع أن الأذناب الذين سبقوا الأحداث ،وتقدموا بين يدي الكبار ،تطاولا وسوء أدب زعموا في بداية ظهور الخلاف وخروجه للساحة ،أنهم ينطلقون من توجيهات العلماء الكبار بالحضور للطرفين والسعي في الصلح بينهما ، فإذا بنا لا نرى منهم إلا دفاعا مستميتا عن الاحتوائيين ،وهجوما مقيتا على مشايخنا الفضلاء ،سالكين مسلك التدرج في النيل من الشيخ فركوس ــ حفظه الله ــ
( وما ربك بغافل عما يعملون ).
وأما قول الصعفوق "
أحببت أن أذْكر وأذَكر بني جلدتنا الذين يتكلمون بألسنتنا" فهو يعني بذلك أبناء ولايته ،الذين نبذوه بعدما رأوا تلونه ،واضطرابه ،ولم يتركوه يورِد عليهم ، امتثالا لقول نبينا ــ صلى الله عليه وآله وسلم ــ :
" لا يورِدَنّ ممرض على مصح " رواه البخاري ــ رحمه الله ــ ومرض الشبهة أخطر من مرض البدن كما لا يخفى على السلفي.
وفي الأخير يذكر بيت قصيده ونتيجته المبنية على شأن مجهول لديه ،وإن كان هواه يميل إليه ،لأن المجهول ابن الاحتوائيين المدلل ،فقال الصعفوق ــ أذهب الله عنه ما يكنه صدره وتحبسه أنفاسه ــ :
"وأسألهم سؤالا واحدا : هل يستطيع مرجعهم في شلف ! يونس بلحجر أن ينفي أنه في وليمة أقيمت السنة الماضية على شرف الخراف المشوية ، ببابا حسن ! وأمام مرأى من بعض المشايخ من المدية والعاصمة،وبحضور بعض مريديه وطلبته ، لا أقول صافح ! بل اعتنق ياسين طايبي بالأحضان ! اعتناق الخل خليله!واجتمعا في مائدة واحدة ،يأكلان ويتناجيان! فإن كان يونس صادقا ، فليذكر الذي ذكرت ،وليحكم على نفسه بنفس ما حكم به على مشايخنا "
هكذا خلص المسكين إلى هذه النتيجة المبهرة، والخلاصة المحيرة ! المبنية بالإضافة إلى مجهول عنده ،على ما تخيّله من أوصاف ــ لأنه لم يحضر الوليمة كما استثبَتُّ من ابن ولايته الوحيد الذي كان حاضرا ــ وأضفاه عليها من نسج الأوهام ،حتى جرّه هواه إلى صنع هذه الصورة المنكرة لغة وشرعا وطبعا وواقعا ليهول عليّ بها ويشفي ما في صدره مما الله ــ سبحانه وتعالى ــ أعلم به ، فقال المسكين :
" بل اعتنق ياسين طايبي بالأحضان !" والحمد لله أن الله سلّم ، ولم يلحق التاء بالكلمة الأخيرة من الجملة الموالية ، وهي قوله : " اعتناقَ الخل خليله "، فتكون جامعة بين الصوت والصورة ــ سلمني الله وكل سلفي من الهوى ــ ، فلا أدري كيف جمع بين "اعتنق" و"بالأحضان" ؟! مع اختلاف الموضعين ،والاستعمالين فاعتنق تستعمل في الحرب وعانق في المودة كما ذكره ابن فارس ــ رحمه الله ــ في معجم مقاييس اللغة ، ثم
"بالأحضان !" هل يعني معناها المقرر في معاجم اللغة ؟! أم هو سَبْق لسان ناتج عن ألحان وأغان تسربت إليه إحدى كلماتها؟! ــ عافاني الله مما ابتلى به الصعفوق ــ .
كما أقحم الصعفوق في فِقرته الأخيرة كلمات ، تدل على بعضٍ مِن آفته ،وما بلغه السهم السابع من رِأته ، حيث قال : " هل يستطيع مرجعهم في شلف ! " ، وهو يعلم أن إخواننا السلفيين بولايته مرجعيتهم ــ كما نحسبهم والله حسيبهم ولا نزكي على الله أحدا ــ هي الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة ،فالذي أسمع عنهم أنهم أكثر ترددا على الشيخ فركوس والشيخ عبد المجيد والشيخ لزهر ــ حفظهم الله ــ
ولو بالاتصال امتثالا لقول الله ــ تبارك وتعالى ــ :ï´؟فسألوا أَهلَ الذِّكرِ إِن كُنتُم لا تَعلَمونَï´¾
منهم عليَّ أو على غيري ــ وحُق لهم ذلك ــ ،كما أنهم يحسنون الظن بمن أظهر لهم منهج السلف ، ولم تخف عنهم ألفته ،من خطباء ابتلوا باعتلاء المنابر ،أو كُتّاب استخدموا المحابر ،أو قراء رزقهم الله حسن الحناجر ،....منزلين كل واحد منهم منزلته .
ومن تلك الكلمات المقحمة ــ أيضا ــ قوله :
" أنه في وليمة أقيمت السنة الماضية على شرف الخراف المشوية ، ببابا حسن ! "
فأقول ــ ابتداء ــ أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يرزقك الجلوس والأكل على شرف موائد خراف مشوية كثيرة تترى ،لا تعد ولا تحصى ، ولكن بعد توبتك من الصعفقة ومنهج الاحتواء والتمييع ، وأن تكون تلك الجلسة مع العلماء الربانيين أو الدعاة الصادقين غير المصاحبين للمخالفين ، وأن لا تكون على حساب منهجك وكرامتك السُنِّيّة السَنِيّة ، مع قيدين مهمين تُفَرِّق بهما بين التجارة مع الله الرابحة والمتاجرة بالدعوة السلفية الكاسدة ،
أولهما : من غير مسألة ولا استشراف نفس ،
وثانيهما : من غير رضى إن أعطي وسُخْط إن لم يعط ، ولكل واحد منهما قرائن كثيرة ، لاتخفى على ذوي البصيرة ،كما أن من الآداب العظيمة التي ينبغي أن يتحلى بها طالب العلم فضلا عن العالم صيانة العلم وفي ذلك يقول الجرجاني ــ رحمه الله ــ في قصيدته الرائقة :
"ولو أن أهل العلم صانوه صانهم
***
ولو عظموه في النفوس لعظما.
ولكن أهانوه فهان ودنسوا
***
محياه بالأطماع حتى تجهما
ويقول الشافعي ــ رحمه الله ــ : " مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ، عَظُمَتْ قِيْمَتُهُ، وَمَنْ تَكَلَّمَ فِي الفِقْهِ، نَمَا قَدْرُهُ، وَمَنْ كَتَبَ الحَدِيْثَ، قَوِيَتْ حُجَّتُهُ، وَمَنْ نَظَرَ فِي اللُّغَةِ، رَقَّ طَبْعُهُ، وَمَنْ نَظَرَ فِي الحِسَابِ، جَزُلَ رَأَيُهُ، وَمَنْ لَمْ يَصُنْ نَفْسَهُ، لَمْ يَنْفَعْهُ عِلْمُهُ"
[سير أعلام النبلاء 10/24ط 1 الرسالة]
أما جواب سؤالك المعضل ، وشفاء عِيِّك القاتل :
" هل يستطيع ..... فإن كان يونس صادقا ، فليذكر الذي ذكرت ،وليحكم على نفسه بنفس ما حكم به على مشايخنا "
فالله أسأل أن يجعلني وجميع السلفيين من الصادقين ،في الأقوال والأعمال والأحوال ــ وهذه الكلمات الثلاث استفدت الجمع بينها في مقام الصدق من في عالمنا فركوس ــ حفظه الله ــ ، فتركت أثرا عظيما في نفسي ،وهو أنه لا انفكاك بين الثلاثة في مقام الصدق ، وإلا كان ادعاء بلا حقيقة .
فالذي أذكره من ذلك المجلس، الذي أحسنا الظن بأصحابه يومها؛، إذ كان قطعا قبل ظهور الخلاف وخروجه إلى الساحة ،ولم يكن عندي ــ كغيري كثير ــ سابقة عن أولئك القوم وانحرافهم ،فسارعنا إلى تلبية الدعوة أنا ومشايخ المدية وأذكر منهم مصطفى بلغيث وأبا أسامة مصطفى بن وقليل ومحمد غرناوطي ــ حفظهم الله ورعاهم ــ ،ابتناء على أنه سيحضرها كثير من مشايخ الإصلاح ،فاهتبلناها فرصة للقاء ، وتقوية روابط الإخاء ،وإزالة الوحشة والجفاء ،
ولا تزال كلمة سمعتها من فم العالم الهمام الشيخ ربيع بن هادي المدخلي ــ حفظه الله ــ بمكتب حاسوبه العامر ،بداره بعوالي المدينة النبوية سنة 1435هـ، وكنت قد دخلت حينها برفقة عز الدين رمضاني ودهاس وبوشامة ــ أصلحهم الله ووفقهم للانتصار على أهوائهم ــ فبعدما سألهم الشيخ ربيع ــ حفظه الله وعافاه ــ عن الشيخ أبي أسامة مصطفى بن وقليل ــ حفظه الله ــ وأبدى حبه وتقديره له ،توجّه إلى عزالدين قائلا : " هل هناك تنسيق بينكم ؟" ــ يعني في الدعوة إلى الله وتعليم الناس الخير ــ فأجابه عزالدين : " نعم " .
فهذا الذي حدا بي ، والظن بإخواني مشايخ المدية إلى تلبية الدعوة ،وأذكر أني جلست على الأرض مع بعض من لا أعرفهم ،ثم دُعيت ومشايخ المدية للجلوس مع مشايخ الإصلاح على مائدة العشاء الطويلة ،وكان حولها عبد الغني عوسات وعز الدين رمضاني ورضا بوشامة وأذكر أنه كان تُجاهي عباس ولد عمرو وبجانبي الأخ أحمد قرياتي .
هذا الذي أذكره ،أما ياسين طيبي فلم أستحضر ــ مع مجاهدتي لذاكرتي الضعيفة ــ صورته في ذلك المجلس أو تلك الوليمة فضلا عن تلك المعانقة الحميمية ــ كما يزعم الصعفوق الغائب ــ ،لكنني لا أستبعد حضور ياسين طيبي، واتصلت بأخ من الحضور للاستثبات منه ،فأخبرني بأنه كان حاضرا ،والذي أعلمه من نفسي أني إذا التقيت بالمشايخ بعد فترة ،ومن يكون مرافقا لهم فإني أعانقه عناق احترام وتقدير، والله أعلم.
كما أزيد الصعفوق وليمة أخرى ،كانت ــ أيضا ــ على شرف خراف مشويّة ،لا أذكر هل كانت قبل تلك الوليمة أو بعدها ؟ أُرجح أنها كانت بعدها لأني فيها تعرفت على ياسين طيبي ،بحكم وجودي بجانبه فعرفني بنفسه وبعض أعماله في المسجد وجلس قليلا ثم حول مجلسه ،هذه الوحيدة التي سمعت فيها شيئا عن ياسين طيبي ، لم أسمع قبلها ولا بعدها ، حتى ظهر الخلاف وخرج إلى الساحة ،فكان من ثمار هذه المدافعة وتمحيصاتها أن ميزت هذا الرجل عن أهل الحق والجادة المستقيمة .
وهذه الوليمة كانت بوهران ــ عمرها الله بالتوحيد والسنة ــ بمناسبة زواج بنت دهاس ــ أصلحه الله وسائر أبنائه وعائلته ــ وحضرها جُلّ الاحتوائيين وبعض أذنابهم ، أذكر منهم عز الدين رمضاني ،وعمر الحاج ،وبذيء اللسان ــ الذي أنزه لساني عن ذكر اسمه بعدما قاء ذلك الهراء عن عالمنا فركوس حفظه الله ــ ،وحمودة ومرابط ...
فالحكم إذاً ــ يا مسكين ! ــ الذي أحكم به على نفسي كما حكم مشايخنا على أولئك القوم ،هو أني لو كنت عالما بحاله حينها وجالسته وضاحكته لكنت مثله ،
ولكن بم تحكم على مشايخ الاحتواء الذين احتووه ووقروه وخدعونا به مع علمهم بحاله؟! ــ والسلفي يعلم قاعدة الباب أن من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام ــ ولا يزالون إلى الآن يدافعون عنه ، لما يعلمونه عنه من مكانة مرموقة عند ذوي الأموال ولو كانوا منحرفين ،وما يحتله من صدارة في جمعية الونشريسي ،الأمر الذي دفعهم لحذف كلمة لأحد العلماء المعتبرين في صيانة العلم ، من مقالة لأحد المشايخ الفضلاء من مجلة الإصلاح ــ دون استئذانه ولا بيان عذرهم ــ ،وأعقبوا ذلك العدد بمقالة مشرفة ــ عندهم ــ لأحد مفتونيهم عن " دور الأغنياء في الدعوة إلى الله " فالله حسبنا وحده ونعم الوكيل ،
ومن عجائب هذا المفتون المشرف على موقع راية الإصلاح أنه طُلب منه قبل حصول ما حصل أن يفتح منتدى فاعتذر ببعض الاعتذارات التي تدل على عدم قناعته بالمقترح، ثم بعد خروج الخلاف إلى الساحة ،وتولي الأذناب كبرها ، وفتحهم لمنتداهم " القرطاس " أو " الفرطاس " انضم تحتهم الدكتور المفتون ، فلم يرض أن يكون رأسا في الحق ،وبعد الفتنة عرف ما كان ينكر ،ورضي أن يكون ذَنَب الأذناب في الباطل ،ولله في خلقه شؤون ،وحقا إن الهوى والانتصار للنفس يعمي ويصم ،ويتوجه إليه قول ربنا ــ جل وعز ــ {أَتَستَبدِلونَ الَّذي هُوَ أَدنى بِالَّذي هُوَ خَيرٌ }
هذا ،مع التنبيه على أني ــ إن شاء الله ــ لن أرد على هراء القوم بعد اليوم إلا ما لا بد منه ،لأن أذنابهم متفرغون لهذه الشاشات ،وشياطين الإنس والجن لا يفترون عن الإيحاء بالشبهات ، ويكفي الناصح لنفسه الإعراض عنهم ،والتمسك بلب القضية ودليلها الواضح ،وإن النصر مع الصبر ،وإن الفرج مع الكرب ،وإن مع العسر يسرا ، جعل الله كيد الصعافقة اللئام في نحورهم ،وكفى الله السلفيين شرهم ومكرهم ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
وكتب أبوعبد الله يونس بن حجر ــ هداه الله وغفر له ذنوبه وإسرافه في أمره ووالديه وجميع المسلمين ــ
ضحى الثلاثاء 17 ذي الحجة 1439 بالمدية ــ حماها الله من الصعافقة اللئام وأدام الله عليها نعمة الإيمان والأمان ــ
تعليق