إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هل استوقفك هذا الإشكال وأنت تقرأ القرآن؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل استوقفك هذا الإشكال وأنت تقرأ القرآن؟

    <بسملة1>



    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
    أما بعد:
    ظاهر قـوله تعالى: ﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ﴾ [الأعراف:12]، السـؤال عن امتـنـاعه من ترك السجود، وليس هـذا هـو المقصود، إنما المقصود السؤال عن امتناعه من السجود.
    اختلف المفسرون وعلماء اللغة في توجيه هذا الإشكال من خلال دلالة كلمة (لا) على سبعة أقوال:
    القول الأول: أنّ (لا) صلة زائدة، والتقدير: ما منعك أن تسجد؟ وله نظائر عدة في القرآن منها قوله تعالى: ﴿ وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴾ [الأنبياء:95]؛ أي يرجعون، وقوله عز وجل: ﴿ لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [الحديد:29]، أي لأن يعلم. وهو قول جمهور العلماء من المفسرين واللغويين(1 ).
    وأقوى أدلة هذا القول قوله تعالى في سورة ص: ﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾ [ص: 75].
    قال ابن العربي بعد ما ساق هذا الدليل: (( والنازلة واحدة، والمقصود واحد، والمعنى سواء؛ فالاختلاف إنما يعود إلى اللفظ خاصة. )) (2 )
    وبين الشوكاني فائدة زيادتها فقال: (( لا زَائِدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سورة ص ﴿ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ﴾ . ))( 3)
    وأنكر ابن العربي أن تكون (لا) هاهنا للتـوكيد فقال: (( وأما من قال: إنه توكيـد فلا معنى له هاهنا؛ لأن التوكيد إنما يكون إذا ظهر المؤكد؛ كقوله: لا والله لا أقوم، فإذا لم يكن هناك مؤكد فلا وجه للتأكيد. )) ( 4)
    قد يفهم من نفي معنى التوكيد عن كلمة (لا) الزائدة هذه أن في كلام الله ألفاظا زائدة لا فائدة فيها، وهذا ينزه عنه كلام الله. قال ابن هشام الأنصاري مفندا هذه الشبهة: (( والزائد عند النحويين ، معناه الذي لم يؤت به إلا لمجرد التقوية والتأكيد ، لا المهمل. ))( 5)
    واشترط الفراء حتى تكون (لا) زائدة أن يسبقها أو يعقبها جحد أي نفي( 6).
    القول الثاني: أنّ (لا) ليست زائدة، والمنع هاهنا بمعنى القول أو الأمر، وتأويل الكلام: مَنْ قال لك لا تسجد، أو من أمرك ألا تسجد إذ أمرتك بالسجود. ذكره "الطبري وابن عطية والقرطبي وأبو حيان والشوكاني"(7 ).
    القول الثالث: أن يقدر في الكلام فعل يحسن حمل النفي عليه، كأنه قال: ما أحوجك أو حملك أو اضطرك إلى أن لا تسجد؟ وهو "قول نجم الدين النيسابوري(8 )"(9 )، وذكره الجصاص "( 10)
    القول الرابع: أن في الكلام محذوفًا قد كفى دليلُ الظاهر منه، وهو أن معناه: ما منعك من السجود فأحوجك أن لا تسـجد؟ فترك ذكر (أحوجك) استغناء بمعرفة السامعـين. وهو اختيار الطبري( 11)، وذكره القرطبي وأبو حيان والشوكاني"( 12)، وحسنه وقواه ابن كثير(13).
    القول الخامس: أن يكون التقدير: أي شيء منعك عن ترك السجود؟ ويكون هذا الاستفهام على سبيل الإنكار ومعناه: أنه ما منعك عن ترك السجود؟ كقول القائل لمن ضربه ظلما: ما الذي منعك من ضربي، أدينك، أم عقلك، أم حياؤك؟! ( 14).
    القول السادس: أن المعنى: ما حماك في ألا تسجد؛ أي من العقوبة؛ أي ما جعلك في منعة من عقوبة ترك السجود. ذكره الزركشي وضعفه(15).
    القول السابع: أن التقدير: ما منعك أن تسجد فدعاك إلى أن لا تسجد. "قاله السكاكي(16)"( 17).
    القول الراجح:
    الذي يظهر لي – والله تعالى أعلم – أن القول الأول هو الراجح، وهو أنّ (لا) في قوله تعالى: ﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ ﴾ صلة زائدة للتأكيد، والتقدير: ما منعك أن تسجد؟ وذلك لأنه القول الذي ارتوى بالأدلة القوية حتى استغلظ واستوى على سوقه، من هذه الأدلة ما مر بنا في الدراسة من نظائره في القرآن الكريم وخاصة قوله تعالى: ﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾ [ص: 75]، وهذا من تفسير القرآن بالقرآن الذي هو أقوى درجات التفسير، ولهذا القول من الشواهد من كلام العرب الكثير، منها قول الشاعر:
    فَمَا أَلُومُ الْبِيضَ أَلَّا تَسْخَرَا *** لَمَّا رَأَيْنَ الشَّمِطَ الْقَفَنْدَرَا (18)
    يعني أن تسخرا.
    وقول الآخر:
    وَتَلْحِينَنِي فِي اللَّهْوِ أَنْ لَا أُحِبَّهُ *** وَلِلَّهْوِ دَاعٍ دَائِبٌ غَيْرُ غَافِلِ(19)
    يعني أن أحبه.
    وقول الآخر:
    تَذَكَّرْتُ لَيْلَى فَاعْتَرَتْنِي صَبَابَةٌ *** وَكَادَ صَمِيمُ الْقَلْبِ لَا يَتَقَطَّعُ( 20)
    أي: وكاد صميم القلب يتقطع.
    وقول الآخر:
    مَا كَانَ يَرْضَى رَسُولُ اللَّهِ دِينَهُمُ *** وَالْأَطْيَبَانِ أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ( 21)
    أي: وعمر. ولأن هذا القول كذلك هو قول جمهور العلماء من المفسرين والنحويين واللغويين.
    والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1 ) ينظر:الجمل في النحو للخليل:(ص319)،معاني القرآن للفراء:(1/374)،مجاز القرآن لأبي عبيدة:(1/26)،معاني القرآن للأخفش:(1/321)،فهم القرآن ومعانيه للحارث المحاسبي:(ص488)،تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة:(ص154)،معاني القرآن وإعرابه للزجاج:(2/322)،معاني القرآن للنحاس:(3/14)،تفسير السمرقندي:(1/505)،الحجة للقراء السبعة لأبي علي الفارسي:(1/505)،تفسير القرآن لابن أبي زمنين:(2/113)،الكشف والبيان للثعلبي:(4/218)،تفسير البغوي: (3/216-217)،التبيان في إعراب القرآن للعكبري:(1/559)،تفسير البيضاوي:(3/7)،البحر المحيط لأبي حيان:(5/17)،شرح شذور الذهب لابن هشام الأنصاري: (ص272)،أضواء البيان للشنقيطي:(2/9).
    ( 2) أحكام القرآن لابن العربي:(4/395).
    ( 3) فتح القدير للشوكاني:(2/218).
    ( 4) أحكام القرآن لابن العربي:(4/395).
    ( 5) قواعد الإعراب لابن هشام: (ص126)
    ( 6) ينظر: معاني القرآن للفراء:(1/374).
    ( 7) ينظر:تفسير الطبري:(12/325)،المحرر الوجيز لابن عطية:(2/379)،تفسير القرطبي:(9/164)،البحر المحيط لأبي حيان: (5/17)،فتح القدير للشوكاني:(2/218).
    ( 8) هو:محمود بن أبي الحسن بن الحسين،أبو القاسم،نجم الدين النيسابورىّ، كان عالما بارعا مفسرا لغويا فقيها متفننا فصيحا،له تصانيف ادعى فيها الإعجاز! منها:إيجاز البيان في معاني القرآن،خلق الإنسان،جمل الغرائب في غريب الحديث،توفي نحو سنة (550هـ). ينظر في ترجمته:معجم الأدباء لياقوت الحموي:(6/2686)،الأعلام للزركلي:(7/167).
    ( 9) ينظر:إيجاز البيان عن معاني القرآن لأبي القاسم النيسابوري:(1/322).
    ( 10) ينظر:تفسير الطبري:(12/325)، أحكام القرآن للجصاص:(4/202)،المحرر الوجيز لابن عطية:(2/379).
    ( 11) ينظر:تفسير الطبري:(12/325-326).
    ( 12) ينظر:تفسير القرطبي:(9/164)،البحر المحيط لأبي حيان:(5/17)،فتح القدير للشوكاني: (2/218).
    ( 13)ينظر:تفسير ابن كثير:(3/353).
    ( 14) ينظر:مفاتيح الغيب للرازي:(14/207).
    (15 ) ينظر:البرهان للزركشي:(2/284).
    ( 16) هو:يوسف بن أبي بكر بن محمد،أبو يعقوب،السكاكي،سراج الدين الخوارزمي الحنفي،ولد سنة (555هـ)،كان علامة في فنون شتى خصوصا المعاني والبيان،وله كتاب مفتاح العلوم؛فيه اثنا عشر علما من علوم العربية.توفي سنة (626هـ). ينظر في ترجمته:بغية الوعاة للسيوطي: (2/364)،شذرات الذهب لابن العماد:(7/215).
    ( 17) ينظر:مفتاح العلوم لأبي يعقوب السكاكي:(1/367)،التحرير والتنوير لابن عاشور:(8/2/40).
    ( 18) البيت لأبي النجم. ينظر:ديوانه:(ص179)،والقفندر: القبيح المنظر. ينظر:لسان العرب لابن منظور:(5/112).
    ( 19) البيت للأحوص. ينظر:الكامل في اللغة والأدب للمبرد:(1/70).
    ( 20) ينظر:الجنى الداني في حروف المعاني لابن قاسم:(ص302)،النكت والعيون للماوردي:(6/150)،تفسير القرطبي:(21/404)
    ( 21) البيت لجرير. ينظر ديوانه:(ص201).
    التعديل الأخير تم بواسطة عبد القادر شكيمة; الساعة 2018-08-11, 04:46 PM.

  • #2
    جزاك الله خيرا أخي عبد القادر

    أحببت أن أنبهك على تفسير الزمخشري - الكشاف - فقد قال فيه شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله : « وأما (الزمخشري) فتفسيره - الكشاف - محشو بالبدعة، وعلى طريقة المعتزلة من إنكار الصفات،والرؤية، والقول بخلق القرآن، وأنكر أن الله مريد للكائنات.....، » من مقدمة أصول التفسير
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو سهيل يوسف مرنيز; الساعة 2018-08-11, 02:24 PM.

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا أخي عبد القادر على هذا الجمع الفريد والنظام البديع

      تعليق


      • #4
        بارك الله فيك أخي يوسف على التنبيه، وجزاك الله خيرا أخي مراد على مرورك.

        تعليق


        • #5
          جزاك الله خيرا أخي عبد القادر، فقد اشتقنا لفوائدك التفسيرية.
          غفر الله له

          تعليق


          • #6
            شكر

            جزاك الله خيرا أستاذ عبد القادر على الجمع والتنسيق مع الترجيح، ومن الشواهد على القول الأول قول الشاعر:
            أبى جوده لا البخل .... البيت
            بنصب البخل، أي: أبى جوده البخل.
            ولا يخفى أيضا أخي عبد القادر قوة القول بأنها على بابها غير زائدة بتقدير: أي شيئ منعك وقال أو أمرك أو دعاك أن لا تسجد وقد أضمرت ذلك في نفسك تكبرا وعلوا يوم أن قلت للملائكة وأنت معهم:" فإذا سويته فقعوا له ساجدين" ولهذا جاء الحواب من إبليس مسرعا قال أنا خير منه، بخلاف آية ص فقد جاء متأخرا والله أعلم، فهذا الوجه يحتمل القوة لأنه يتضمن معنى أحداث القصة.
            وهذا كله من باب المدارسة لهذه المسألة عسى تجود علينا بما عندك وجزاك الله خيرا.

            تعليق


            • #7
              بارك الله فيك أخي عبد الله على مرورك.
              وجزاك الله خيرا أخي يوسف على الإضافة.
              من قواعد التفسير أن الأقوال إذا تعددت في تفسير آية ولم تتعارض يؤخذ بها كلها، فيمكن الأخذ بهذا القول مع القول الراجح. ومن القواعد: (عدم التقدير أولى من التقدير) بناء على هذا أيضا يرجح القول الأول.

              تعليق

              الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
              يعمل...
              X