بسم الله الرحمن الرحيم
[ كشف الإلباس في تقبيل اليد و الرأس ]
لايأتي على الناس زمان الا والذي بعده شر منه حتى نلقى الله عزّوجلّ كما اخبر بذلك نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم و الشّرورالحاصلة ترجع إلى شبهات روّجت أو شهوات زيّنت أو عادات استحكمت أو مباحات وسّعت ألا وإنّ العلماء العاملين يردّون الشبهات و يحذّرون من الشّهوات ويضبطون المباحات التي تؤدي إلى المحرّمات . ورغبة في نشر الخير و الفلاح و السير على درب الإصلاح . رأيت في جملة كلام علمائنا ضبطا لعادة تفشّت وهي تقبيل اليد و الرأس . والغالب تقبييل الرأس . [ لئلا توقع معتاديها في الحرام ] فجمعته ليسهل النظر فيه والاستفادة منه في مكان وهذا من أغراض االتأليف عند أهل العلم وهو جمع المتفرقات وحصر المتباعدات والله من وراء القصد وهو يهدي السّبيل . وتكون عناصر المجموع في المباحث التالية :
- أدلة جواز تقبيل اليد و الرأس .
- شروط الجواز .
- حكم المواظبة على هذا التقبيل .
- ما يتعلق بالمقبِّل .
- ما يتعلق بالمقبَّل .
- أحوال المقبَّل و المقبِّل .
- ملاحظة في جواز هذا التقبيل درءاً للمفاسد وجلبا للمصالح .
أدلة جواز تقبيل اليد و الرأس :
في مصنف عبدالرزاق 11/441 . باب تقبيل الرأس واليد وغير ذلك .
1- قال رحمه الله أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة قال . كان بن عباس يحدّث أنّ أبابكر كشف وجه رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . ثمّ أكب عليه فقبله . صحيح
2- حديث زراع بن عامر و كان في وفد عبد القيس قال : فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ورجله . رواه أبوداود و البخاري في الأدب المفرد (حديث حسن) الألباني .
3- عن عروة أنّ عائشة قالت : قال النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم : أبشري يا عائشة فإنّ الله قد أنزل عذرك وقرأ عليها القرآن . فقال أبواي . فقومي فقبّلي رأس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت أحمد الله عزّوجلّ لا إيّاكما . أخرجه أبوداود وصححه الألباني .
قال الشيخ العباد : شرح سنن أبي داود : والحديث فيه جواز تقبيل الرأس لأنّه قال : قبّلي رأس رسول االله صلّى الله عليه و سلّم . والحديث فيه دليل على تقبيل الزوجة رأس زوجها و لكن لا يدل على أنّ كل من يبشر بشيء يسر أن يقبل رأس البشير وإنما جاء هذا في حق الرّسول صلّى الله عليه وسلّم لمنزلته و علو مكانته وقد يكون المبشّر صغيرا أو المبشّر كبيرا فالعكس هو المناسب . (من المكتبة الشاملة) .
حكم هذا التقبيل :
1- جائز لما تقدم من الأدلة بشروط سيأتي ذكرها .
2- ليس مستحبا لأنه لم يفعله كبار الصّحابة وفقهاؤهم مع النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم.
(سلسلسة الهدى و النور للشيخ الألباني . من برنامج أهل الحديث و الأثر عن طريق الحاسوب )
شروط جوازه :[*]مايتعلق بالتوحيد :
1- إجتناب الإنحناء : لحديث أنس رضي الله عنه قال قال رجل الرجل منّا يلقى أخاه أو صديقه. أينحني له . قال . لا قال أفيلتزمه قال . لا قال فيأخذ بيده و يصافحه قال . نعم . رواه الترمذي وقال حديث حسن
{ قد ذكرت في سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث أنس بن مالك . الرجل منّا يلقى أخاه ...زيادة في بعض طرقه . " أفيلتزمه قال. لا . أعدت النظر على مجموع طرق هذا الحديث فلم أجد لهذه الزيادة ما يأخذ بعضدها . ويقوّيها فكتبت على حاشية الكتاب عندي استعداد للطبعة الثانية أن هذه الزيادة تحذف} فتاوى جدة ش15 س47 وجه1 .
قال الألباني : تقبيل اليد هو السجدة الصغرى قاله بن عبدالبر.
[سلسلة الهدى والنور 424س8-708سؤال13 برنامج أهل الحديث و الأثر] . قلت وذلك لما فيه من الإنحناء .
قال بن باز : لا يجوز أن ينحني كالراكع إذا كان للتعظيم واستثنى رحمه الله الجالس أو المقعد أو القصير .
[نور على الدرب 45سؤال6 .برنامج أهل الحديث و الأثر] .
قلت : المقعد و القصير أمره واضح أما الجالس فلا يتقصد الجلوس لينحني الناس عليه فيوقعهم في المحرم فيما حرّم الله خاصّة وأنّ الحديث صريح في النّهي .
قال العثيمين : فيه نوع من الخضوع لغير الله .
[نور على الدرب. برنامج أهل الحديث و الأثر]
2-عدم التذلل و الخضوع : قال القرطبي : أصل العبادة التذلل و الخضوع ...
قال الألباني عن تقبيل اليد فقال : مذلّة للتّابع فتنة للمتبوع . سلسلة الهدى والنور 708سؤال13 برنامج أهل الحديث و الأثر .[*]ما يتعلق بالسنّة :
لا يخفى على أهل السنّة أنّ من السنّة ما يفعل ديمة ومنها ما يفعل أحيانا . فإذا كرّر الأحياني حتّى ألحق بالدائم كان ذلك خلاف هدي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم . وهذا التقبيل يشترط فيه :
[1]-عدم المواظبة و الإقلال منه : فهو ما ثبت في أحوال نادرة ومن صغار الصّحابة وأقلّهم ملازمة للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم . قال الألباني : ثبت هذا التّقبيل أربع أو خمس مرّات منها ما يصحّ ومنها ما لا يصحّ.
[ متفرقات 127سؤال20 برنامج أهل الحديث و الأثر ].
وقال كذلك : إذا كانت السنّة تترك أحيانا لئلا يظنّ أنّها فرض عند الفقهاء فكيف الحال بالنسبة لهذا التقبيل .
[ متفرقات 141سؤال22برنامج أهل الحديث والأثر ].
[2]-لا يجوز أن يحلّ محل َّ المصافحة .
[سلسلة الهدى والنور 708سؤال13 برنامج أهل الحديث و الأثر] .
إذن فالشّروط أربعة:
[تقبيل بلا إنحناء و لا تذلل ولا مواظبة ولا تعطيل للمصافحة] .
-حكم المواظبة على التقبيل : خلاف السنّة فإنّ المخالف على ذلك بعد قيام الحجة و بيان المحجة فعمله به علّة ضلالة وعلى هذا يدور كلام المشايخ الكبار .
قال الألباني : لا أشك في أنّه بدعة ضلالة .[متفرقات 141سؤال22برنامج أهل الحديث والأثر] .
قال ابن باز : حكم هذا التقبيل الكراهة لاسيما إذا كان عادة
[نور على الدرب 45سؤال6 برنامج أهل الحديث والأثر] .
قال العثيمين : لا أصل له من السنّة .
وقال كذلك خلاف السنّة . بعد سؤال وجّه إليه عن النّهي الإنحناء الوارد في حديث أنس .
[ فتاوى نور على الدرب . من المكتبة الشاملة] .
ما يتعلّق بالمقبِّل :
[1]-الإهتمام بالشروط خاصة و أنّها تتعلق بالتوحيد و السنّة . كما تقدم .
[2]-أن يفعل ذلك اختيارا على وجه المبرّة و الإكرام . ( الموسوعة الكويتية . من المكتبة الشاملة ج 12 ص121) .
[3]-أن يفعل ذلك تواضعا لا تذللا .
[4]-أن يكون ذلك التقبيل لأهله من الأفاضل و العلماء و الصالحين .
( ذكره الشيخ العثيمين في شرحه لرياض الصالحين ).
ما يتعلق بالمقبَّل :
[1]-الإهتمام بالشروط خاصة و أنّها تتعلق بالتوحيد و السنّة .
[2]-أن لايرى لنفسه فضلا قال الله تعالى: { فلا تزكّوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى }
و حصر الألباني - رحمه الله- أهل الفضل الذين يستحقون هذا التقبيل في العلماء فقط .
(متفرقات 127سؤال20 برنامج أهل الحديث و الأثر) .
وأضاف العثيمين و بن باز . الأمراء الصالحين و كلّ من ينفع الدّين بعلمه أو ماله . (شرح رياض الصالحين ج3ص33-36). [3]-لا يكون متشوفا إلى التقبيل سائلا له بلسان حاله . ولا يستطيع على مدّ يده أو رأسه لكل من لقيه .
[4]-لا يحمله التقبيل على أن يتكبر على غيره .
[5]-لا يعطّل السنّة بل يجب الحرص على المصافحة التي بها تتساقط ذنوب المتصافحين .
(سلسلة اللهدى و النور 708س13).
أحوال المقبِّل و المقبَّل باعتبار الأهلية و العلم :
المقبَّل أهلٌ لذلك:
أ- عالم من علماء الشريعة : يُباح في بعض الأحوال . مثل إغاظة المخالفين و إظهار فضل علماء السنّة . كما حصل مع النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم في صلح الحديبية .
ب- أمير : أو وجيه . يُخشى عليه الفتنة كما مرّ في كلام أهل العلم . فهذا التقبيل فتنة للتّابع مذلّة للمتبوع .
المقبَّل ليس أهلاً لذلك:
أ- مشايخ الصوفية ودراويش الطرقية : تقبيل رؤوسهم و أيديهم وزر آخر يضاف إلى أوزارهم وحملٌ يزاد على ظهورهم .
ب- أهل النسب و الشرف : المقصِّرون في العلم والعمل. لا ينفعهم التقبيل كما لا ينفعهم شرفهم . ومن بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه .
ج- أهل المال والجاه : المقصِّرون في العلم والعمل . لا ينفعهم التقبيل كما لا ينفعهم مالهم و لا جاههم.قال الله تعالى:{ يوم لا ينفع مال و لا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم }الشّعراء 88-89
ويقول من أدخل النّار { ما أغنى عنِّي ماليه هلك عنِّي سلطانيه } الحاقّة 28-29.
وهذه الشكليات لا تزيد هؤلاء محبّة في قلوب النّاس و لا إحتراما بل يعاملهم الله بنقيض مقصودهم فيبغِّضهم إلى عباده الصالحين .
المقبِّل له حالتين :
[1] - له نصيب من العلم بالتوحيد والسنّة . يقتصر على الرخصة من ذلك و الأولى التّرك إذا لم تكن فيه مصلحة إقتداءا بكبار الصّحابة فلم يفعلوا ذلك مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو أحبّ إليهم من أبائهم وأبنائهم وأمّهاتهم .
[2] - ليس له نصيب من العلم بالتوحيد و السنّة . الواجب عليه التّرك لأنّه لا يحفظ دينه إلاّ بهذا وما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب .
والله تعالى أعلم و أحكم . وله الفضل والمنّ . ولا يكون الخضوع و التذلل إلاّ له سبحانه هو الأعزّ الأكرم . ملاحظة :
إذا كان في ترك التقبيل مفسدة . فيفعل دفعاً لها . على القاعدة : الرّضى بأيسر الضّررين دفعا لأعلاهما .
( نورعلى الدرب 775سؤال17 برنامج أهل الحديث والأثر)
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا اله الا أنت أستغفرك وأتوب اليك.