الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد :
إعلم أخي وفقني الله و إياك للعمل الصالح ، أنَّ طلب العلم أشرف ما تُقضى فيه الأعمار و تُبذلُ فيه الأموال ، و هو واجب على العبد قبل القول و العمل مصداقًا لقوله تعالى : {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ}(1) ، و قال البخاري رحمه الله '' باب العلم قبل القول و العمل " و ذكر قوله تعالى : { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} ، فبدأ بالعلم لأنَّ العملَ بلا علم هلاك و ضلال ، و قال الإمام المجدد محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله في مطلع رسالته المسمّاة " ثلاثة الأصول " : « اِعْلَمْ رَحِمَكَ اللّظ°ه ، أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا تَعَلُّمُ أَربَعِ مَسائِلَ ، الأُولى : العِلْمُ .... » ، و المراد بالعلم هنا هو العلم الشرعي ، لأنَّه هو الَّذي يجبُ تعلُّمه ، و هذه المسائل يجب تعلُّمها على كلِّ مسلم ذكر أو أنثى ، حرٍّ أو عبدٍ ، غنيٍّ أو فقيرٍ ، مَلكٍ أو صعلوك(2) ، و أهل العلم هم ورثة الأنبياء لقوله صلى الله عليه و سلم : « إنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درْهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَ بِهِ فقد أخذَ بحظٍّ وافرٍ »(3) ، فالمسلم لا يتعلم بدون طلب و بمجرد مطالعته للكتب ، لذلك لا يؤخذ العلم عن السفهاء و الجهال و شيوخ الفجأة كالصعافقة ، إنّما يؤخذ العلم عن العلماء جيلًا بعد جيل و هذا أصل من أصول طلب العلم.
و إيّاك أخي الحبيب أن تضيع هذا الأصل فقد قال أهل العلم : « من ضيّع الأصول حُرمَ الوصول » ، و عليك بالصبر على طلب العلم فاصبر و لك الأجر ، و حسبُك أنّ الحيتان و النملة تستغفران لك فعن أبي أمامة رضي الله عنه عن رَسُول الله صلى الله عليه و سلم قال : « إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخَيْرَ »(4) ، فـ :
اطلب العلم ولا تضجرا*فآفة الطالب أن يضجرا
ألم تر الحبل بتكراره*في الصخرة الصماء قد أثرا.
و احذر من العلم بدون أن تعمل به ، فهذا لا يبارك الله لك فيه و سيكون حجة عليك يوم القيامة ، فانظر رعاك الله إلى فضل العلم و العمل به و نشره بين الناس فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « إذا مات الإنسانُ انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثةٍ: إلا من صدقةٍ جاريةٍ . أو علمٍ ينتفعُ به . أو ولدٍ صالحٍ يدعو له »(5) .
و عليك بالإخلاص فإذا طلبت العلم فأخلص نيتك لله سبحانه و تعالى ، و احذر حب الرياسة و الشهرة فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : « إنَّ أولَ الناسِ يُقضى يومَ القيامَةِ عليه، رجُلٌ استُشهِد. فأتى به فعرَّفه نِعَمَه فعرَفها. قال: فما عمِلتَ فيها؟ قال: قاتَلتُ فِيكَ حتى استُشهِدتُ. قال: كذَبتَ. ولكنَّكَ قاتَلتَ لِأَنْ يُقالَ جَريءٌ. فقد قيل. ثم أمَر به فسُحِب على وجهِه حتى أُلقِيَ في النارِ. ورجُلٌ تعلَّم العِلمَ وعلَّمه وقرَأ القرآنَ. فأُتِي به. فعرَّفه نِعَمَه فعرَفها. قال: فما عمِلتَ فيها؟ قال: تعلَّمتُ العِلمَ وعلَّمتُه وقرَأتُ فيكَ القرآنَ. قال: كذَبتَ ولكنَّكَ تعلَّمتَ العِلمَ لِيُقالَ عالِمٌ. وقرَأتُ القُرآنَ لِيُقالَ هو قارِئٌ. فقد قيل. ثم أمَر به فسُحِبَ على وجهِه حتى أُلقِي في النارِ. ورجُلٌ وسَّع اللهُ عليه وأعطاه مِن أصنافِ المالِ كلِّه. فأتَى به فعرَّفه نِعَمَه فعرَفها. قال: فما عمِلتَ فيها؟ قال: ما ترَكتُ مِن سبيلٍ تُحِبُّ أنْ يُنفَقَ فيها إلَّا أنفَقتُ فيها لكَ. قال: كذَبتَ. ولكنَّكَ فعَلتَ لِيُقالَ هو جَوَادٌ. فقد قيل. ثم أمَر به فسُحِب على وجهِه. ثم أُلقِي في النارِ »(6) ، قال الذهبي رحمه الله : [ ينبغي للعالم أن يتكلم بنية وحسن قصد، فإن أعجبه كلامه فليصمت ، فإن أعجبه الصمت فلينطق ، ولا يفتر عن محاسبة نفسه ، فإنها تحب الظهور والثناء ](7) ، و كان السلف رحمهم الله يكرهون الشهرة فعن صفوان بن عمر، قال : [ كان خالد بن معدان إذا عظمت حلقته قام فانصرف ، قيل لصفوان: ولِمَّ كان يقوم ؟ قال : كان يكره الشهرة ](8).
و أوصيك أخي بالتأدب مع شيخك ، فعليك أن تحسن الظن به ، و أن تتأدب معه حتى في الجلسة فعن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّه أمسك بِرِكاب زيد بن ثابت ، فقيل له : لا تفعل يا ابن عم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – . فقال : [ هكذا أُمرنا أن نفعل بعلمائنا ](9) ، و لا تماري شيخك فعن أبي هريرة - رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم قال : « دعوني ما تركتُكم، إنما أهلك من كان قبلكم سؤالُهم واختلافُهم على أنبيائِهم، فإذا نهيتُكم عن شيءٍ فاجتنبوه، وإذا أمرتُكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم »(10).
و ابتعد عن المعاصي قدر المستطاع لقوله تعالى : {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}(11).
و اختر صاحبًا صالحًا تجالسه و الجليس لابد أن يؤثر على الجالس و النبي صلى الله عليه و سلم قال : « مَثَلُ الجليسِ الصَّالحِ كحاملِ المِسْكِ، إلَّا يَهَبْ لكَ تجِدْ رِيحَه، ومَثَلُ الجليسِ السَّوءِ كالكِيرِ، إذا جلَسْتَ إليه نفَخ لكِيرِه، فيُصيبُكَ مِن دُخَانِه وشَرَرِه »(12).
و أوصي نفسي و إياكم بسؤال الله الثبات ، فنحن في زمن الإختلاف و الفتن ، و لا نجاة من الفتن إلّا بالتمسك بكتاب الله و سنة نبيه صلى الله عليه و سلم ، و لا تمسك بهما إلّا بطلب العلم ، فعن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنَّه قال : « فإنه من يعِشْ منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنةِ الخلفاءِ المهديّين الراشدين تمسّكوا بها، وعَضّوا عليها بالنواجذِ، وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ »(13).
و ما كتبت هذا إلّا مؤذبًا لنفسي و ناصحًا لإخواني ، هذا و إن أصبت فهذا من توفيق الله سبحانه و تعالى ، و إن أخطأت فمن نفسي و من الشيطان ، اللهم ارْزُقْنا الإخلاصَ في الأقوال والأعمال، والصدقَ في الحال والمآل، والمَظْهَر والمَخْبَر، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه وسلَّم تسليمًا.
(1)سورة محمد الآية 19.
(2) شرح الأصول الثلاثة للشيخ صالح الفوزان حفظه الله صفحة 13 طبعة " الدار الأثرية " .
(3) الألباني (1420 هـ)، صحيح الترمذي 2682 ، و أخرجه أبو داود 3641 ، والترمذي 2682 واللفظ له ، وابن ماجه 223 ، وأحمد ..61715.
(4) الألباني (1420 هـ)، صحيح الجامع 4213 ، و أخرجه الترمذي 2685 و الطبراني 8/278 ، وابن شاهين في «الترغيب في فضائل الأعمال» 216 باختلاف يسير.
(5) صحيح مسلم 1631.
(6) صحيح مسلم 1905.
(7) سير الذهبي 4/494.
(8) المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 2/395.
(9) القواعد الفقهية لابن رجب الحنبلي 1/2.
(10) أخرجه البخاري 7288 واللفظ له ، ومسلم 1337.
(11) سورة البقرة الآية 282.
(12) أخرجه البخاري 2101 و مسلم 2628.
(13) الألباني (1420 هـ) ، صحيح أبي داود 4607 ، و أخرجه أبو داود 4607 واللفظ له ، وأحمد 17185 .
إعلم أخي وفقني الله و إياك للعمل الصالح ، أنَّ طلب العلم أشرف ما تُقضى فيه الأعمار و تُبذلُ فيه الأموال ، و هو واجب على العبد قبل القول و العمل مصداقًا لقوله تعالى : {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ}(1) ، و قال البخاري رحمه الله '' باب العلم قبل القول و العمل " و ذكر قوله تعالى : { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} ، فبدأ بالعلم لأنَّ العملَ بلا علم هلاك و ضلال ، و قال الإمام المجدد محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله في مطلع رسالته المسمّاة " ثلاثة الأصول " : « اِعْلَمْ رَحِمَكَ اللّظ°ه ، أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا تَعَلُّمُ أَربَعِ مَسائِلَ ، الأُولى : العِلْمُ .... » ، و المراد بالعلم هنا هو العلم الشرعي ، لأنَّه هو الَّذي يجبُ تعلُّمه ، و هذه المسائل يجب تعلُّمها على كلِّ مسلم ذكر أو أنثى ، حرٍّ أو عبدٍ ، غنيٍّ أو فقيرٍ ، مَلكٍ أو صعلوك(2) ، و أهل العلم هم ورثة الأنبياء لقوله صلى الله عليه و سلم : « إنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درْهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَ بِهِ فقد أخذَ بحظٍّ وافرٍ »(3) ، فالمسلم لا يتعلم بدون طلب و بمجرد مطالعته للكتب ، لذلك لا يؤخذ العلم عن السفهاء و الجهال و شيوخ الفجأة كالصعافقة ، إنّما يؤخذ العلم عن العلماء جيلًا بعد جيل و هذا أصل من أصول طلب العلم.
و إيّاك أخي الحبيب أن تضيع هذا الأصل فقد قال أهل العلم : « من ضيّع الأصول حُرمَ الوصول » ، و عليك بالصبر على طلب العلم فاصبر و لك الأجر ، و حسبُك أنّ الحيتان و النملة تستغفران لك فعن أبي أمامة رضي الله عنه عن رَسُول الله صلى الله عليه و سلم قال : « إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخَيْرَ »(4) ، فـ :
اطلب العلم ولا تضجرا*فآفة الطالب أن يضجرا
ألم تر الحبل بتكراره*في الصخرة الصماء قد أثرا.
و احذر من العلم بدون أن تعمل به ، فهذا لا يبارك الله لك فيه و سيكون حجة عليك يوم القيامة ، فانظر رعاك الله إلى فضل العلم و العمل به و نشره بين الناس فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « إذا مات الإنسانُ انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثةٍ: إلا من صدقةٍ جاريةٍ . أو علمٍ ينتفعُ به . أو ولدٍ صالحٍ يدعو له »(5) .
و عليك بالإخلاص فإذا طلبت العلم فأخلص نيتك لله سبحانه و تعالى ، و احذر حب الرياسة و الشهرة فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : « إنَّ أولَ الناسِ يُقضى يومَ القيامَةِ عليه، رجُلٌ استُشهِد. فأتى به فعرَّفه نِعَمَه فعرَفها. قال: فما عمِلتَ فيها؟ قال: قاتَلتُ فِيكَ حتى استُشهِدتُ. قال: كذَبتَ. ولكنَّكَ قاتَلتَ لِأَنْ يُقالَ جَريءٌ. فقد قيل. ثم أمَر به فسُحِب على وجهِه حتى أُلقِيَ في النارِ. ورجُلٌ تعلَّم العِلمَ وعلَّمه وقرَأ القرآنَ. فأُتِي به. فعرَّفه نِعَمَه فعرَفها. قال: فما عمِلتَ فيها؟ قال: تعلَّمتُ العِلمَ وعلَّمتُه وقرَأتُ فيكَ القرآنَ. قال: كذَبتَ ولكنَّكَ تعلَّمتَ العِلمَ لِيُقالَ عالِمٌ. وقرَأتُ القُرآنَ لِيُقالَ هو قارِئٌ. فقد قيل. ثم أمَر به فسُحِبَ على وجهِه حتى أُلقِي في النارِ. ورجُلٌ وسَّع اللهُ عليه وأعطاه مِن أصنافِ المالِ كلِّه. فأتَى به فعرَّفه نِعَمَه فعرَفها. قال: فما عمِلتَ فيها؟ قال: ما ترَكتُ مِن سبيلٍ تُحِبُّ أنْ يُنفَقَ فيها إلَّا أنفَقتُ فيها لكَ. قال: كذَبتَ. ولكنَّكَ فعَلتَ لِيُقالَ هو جَوَادٌ. فقد قيل. ثم أمَر به فسُحِب على وجهِه. ثم أُلقِي في النارِ »(6) ، قال الذهبي رحمه الله : [ ينبغي للعالم أن يتكلم بنية وحسن قصد، فإن أعجبه كلامه فليصمت ، فإن أعجبه الصمت فلينطق ، ولا يفتر عن محاسبة نفسه ، فإنها تحب الظهور والثناء ](7) ، و كان السلف رحمهم الله يكرهون الشهرة فعن صفوان بن عمر، قال : [ كان خالد بن معدان إذا عظمت حلقته قام فانصرف ، قيل لصفوان: ولِمَّ كان يقوم ؟ قال : كان يكره الشهرة ](8).
و أوصيك أخي بالتأدب مع شيخك ، فعليك أن تحسن الظن به ، و أن تتأدب معه حتى في الجلسة فعن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّه أمسك بِرِكاب زيد بن ثابت ، فقيل له : لا تفعل يا ابن عم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – . فقال : [ هكذا أُمرنا أن نفعل بعلمائنا ](9) ، و لا تماري شيخك فعن أبي هريرة - رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم قال : « دعوني ما تركتُكم، إنما أهلك من كان قبلكم سؤالُهم واختلافُهم على أنبيائِهم، فإذا نهيتُكم عن شيءٍ فاجتنبوه، وإذا أمرتُكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم »(10).
و ابتعد عن المعاصي قدر المستطاع لقوله تعالى : {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}(11).
و اختر صاحبًا صالحًا تجالسه و الجليس لابد أن يؤثر على الجالس و النبي صلى الله عليه و سلم قال : « مَثَلُ الجليسِ الصَّالحِ كحاملِ المِسْكِ، إلَّا يَهَبْ لكَ تجِدْ رِيحَه، ومَثَلُ الجليسِ السَّوءِ كالكِيرِ، إذا جلَسْتَ إليه نفَخ لكِيرِه، فيُصيبُكَ مِن دُخَانِه وشَرَرِه »(12).
و أوصي نفسي و إياكم بسؤال الله الثبات ، فنحن في زمن الإختلاف و الفتن ، و لا نجاة من الفتن إلّا بالتمسك بكتاب الله و سنة نبيه صلى الله عليه و سلم ، و لا تمسك بهما إلّا بطلب العلم ، فعن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنَّه قال : « فإنه من يعِشْ منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنةِ الخلفاءِ المهديّين الراشدين تمسّكوا بها، وعَضّوا عليها بالنواجذِ، وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ »(13).
و ما كتبت هذا إلّا مؤذبًا لنفسي و ناصحًا لإخواني ، هذا و إن أصبت فهذا من توفيق الله سبحانه و تعالى ، و إن أخطأت فمن نفسي و من الشيطان ، اللهم ارْزُقْنا الإخلاصَ في الأقوال والأعمال، والصدقَ في الحال والمآل، والمَظْهَر والمَخْبَر، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه وسلَّم تسليمًا.
(1)سورة محمد الآية 19.
(2) شرح الأصول الثلاثة للشيخ صالح الفوزان حفظه الله صفحة 13 طبعة " الدار الأثرية " .
(3) الألباني (1420 هـ)، صحيح الترمذي 2682 ، و أخرجه أبو داود 3641 ، والترمذي 2682 واللفظ له ، وابن ماجه 223 ، وأحمد ..61715.
(4) الألباني (1420 هـ)، صحيح الجامع 4213 ، و أخرجه الترمذي 2685 و الطبراني 8/278 ، وابن شاهين في «الترغيب في فضائل الأعمال» 216 باختلاف يسير.
(5) صحيح مسلم 1631.
(6) صحيح مسلم 1905.
(7) سير الذهبي 4/494.
(8) المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 2/395.
(9) القواعد الفقهية لابن رجب الحنبلي 1/2.
(10) أخرجه البخاري 7288 واللفظ له ، ومسلم 1337.
(11) سورة البقرة الآية 282.
(12) أخرجه البخاري 2101 و مسلم 2628.
(13) الألباني (1420 هـ) ، صحيح أبي داود 4607 ، و أخرجه أبو داود 4607 واللفظ له ، وأحمد 17185 .