إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اللَّحن بالحُجَّة لإسقاط أهل المحَجَّة.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اللَّحن بالحُجَّة لإسقاط أهل المحَجَّة.

    بسم الله الرحمن الرحيم


    اللَّحن بالحُجَّة لإسقاط أهل المحَجّة.


    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
    أما بعد :


    فشت الخصومات وتفاقم الخلاف حتى أصبح في عصر الخداع يكذب الصادق و يصدق الكاذب و يخون الأمين ويؤتمن الخائن ، مصداقا لقول نبينا صلى الله عليه وسلم : (سَيأتي على الناسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فيها الكَاذِبُ، ويُكَذَّبُ فيها الصَّادِقُ، ويُؤْتَمَنُ فيها الخَائِنُ، ويُخَوَّنُ فيها الأَمِينُ، ويَنْطِقُ فيها الرُّوَيْبِضَةُ . قيل: وما الرُّوَيْبِضَةُ؟ قال: الرجلُ التَّافِهُ، يتكلَّمُ في أَمْرِ العَامَّةِ). [ السلسلة الصحيحة 1887].
    وفي الحديثِ علَمٌ مِن أعلامِ النُّبوَّةِ ، لأنَّه عليه السَّلامُ ذكَر فَسادَ أديانِ النَّاسِ، وتَغيُّرَ أماناتِهم، وقد ظهَر كثيرٌ مِن ذلك.
    كثر في هذا الزمن تزييف الحقائق و رشق أهل المحجة البيضاء بسهام التضليل ليرتفع أصحاب شقشقة اللسان أهل اللحن واللجاج على أصحاب الحق الواضح والدليل، يغطون حججهم باللحن في الكلام و الفرية والبهتان ، فيصبح المحق مبطلا والمبطل محقا و يغيب الحق عن بعض الأخيار بسبب اللحن في الحجة حتى يغلب الصادق وتقلب الحقائق.
    وقد يخفى الحق عن الحاكم فهذا نبينا صلى الله عليه وسلم ويخبر بذلك : سمِع النبيُّ صلى الله عليه وسلم جَلَبَةَ خِصامٍ عِندَ بابِه، فخرَج عليهم فقال: (إنما أنا بشرٌ، وإنه يأتيني الخَصمُ، فلعلَّ بعضًا أن يكونَ أبلغَ من بعضٍ، أقضي له بذلك، وأحسِبُ أنه صادقٌ، فمَن قضَيتُ له بحقِّ مسلمٍ فإنما هي قطعةٌ منَ النارِ، فلْيَأخُذْها أو لِيَدَعْها).[ صحيح البخاري 7185 ].
    وفي رواية عن أم سلمة هند بنت أبي أمية رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنكم تختصِمون إليَّ وإنما أنا بشرٌ، ولعل بعضَكم ألحنُ بحجَّته من بعضٍ، فمن قضيتُ له من حق أخيه شيئًا فلا يأخذْه، فإنما أقطعهُ به قطعةً من النارِ).[صحيح النسائي 5416].
    فحذر النبي صلى الله عليه وسلم من اللحن في الحجة وتزوير الكلام ،ومعنى (أبلغ ) إي أقدر على خصمه فيحسب أنه صادق .
    يقول الشيخ بن باز في شرحه لهذا الحديث : ...هو بشر عليه الصلاة والسلام، لا يعلم الغيب، وإنما يحكم بما شرعه الله من البينة والشهود، فليتَّقِ الله صاحبُ البينة أن تكون بينته زورًا، وليتَّقِ الله صاحبُ اليمين أن يحلف على غير حقٍّ في الخصومات وفي غيرها، فالبينة لا تُحلّ له الحرام إذا شهدت بالزور، وهكذا اليمين لا تُحل له الحرام، يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم : مَن حلف على يمين صبرٍ هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان. [ صحيح الجامع 6207]...
    وقال رحمه الله تعالى: فالأمر عظيم، والواجب الحذر من الظلم، سواء من طريق الخصومة والبينة الكاذبة، أو من طريق الأيمان الفاجرة، يحذر المؤمن هذه الأسباب التي تُسَبِّب غضبَ الله عليه… إهـ [ شرح رياض الصالحين ].
    واللحن في اللغة : اللَّحْن بسكون الحاء فإمالة الكلامِ عن جهته الصحيحة في العربية،ومنه أيضاً: اللَّحْن: فَحْوى الكلام ومعناه. قال الله تعالى: {ولَتَعْرِفَنَّهُمْ في لَحْنِ القَوْلِ} [محمد 30]. وهذا هو الكلام المُوَرَّى به المُزَالُ عن جهة الاستقامة والظُّهور، لَحَنَ فلانٌ في كلامه إِذا مال عن صحيح المَنْطِق. وللَّحْنِ ستة مَعان: الخطأُ في الإِعراب واللغةُ والغِناءُ والفِطْنةُ والتَّعْريضُ والمَعْنى.[ملخص من اللسان]
    وما يهمنا في الموضوع هو اللحن في الحجة والميل بها عن الاستقامة والصواب.
    فلماذا يلحن المسلم في حجته !؟ لأنه يحب الإنتصار على خصمه ولو بالباطل وهذه أفة إذا دخلت القلوب أفسدتها ، لأن قلب الحقائق يقلب القلوب فتصبح ترى المعروف منكرا والمنكر معروفا و الكأس المقلوب لا ينفعه ما يسكب عليه فيذهب هدرا.
    فعن حذيفة قال كنا عند عمر فقال أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن فقال قوم نحن سمعناه فقال لعلكم تعنون فتنة الرجل في أهله وجاره قالوا أجل قال تلك تكفرها الصلاة والصيام والصدقة ولكن أيكم سمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن التي تموج موج البحر قال حذيفة فأسكت القوم فقلت أنا قال أنت لله أبوك قال حذيفة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه. [ رواه مسلم ].
    قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرحه للحديث : ...قال القاضي - رحمه الله - شبه القلب الذي لا يعي خيرا بالكوز المنحرف الذي لا يثبت الماء فيه وقال صاحب التحرير معنى الحديث أن الرجل إذا تبع هواه وارتكب المعاصي دخل قلبه بكل معصية يتعاطاها ظلمة وإذا صار كذلك افتتن وزال عنه نور الإسلام والقلب مثل الكوز فإذا انكب انصب ما فيه ولم يدخله شيء بعد ذلك. إهـ [ شرح النووي على مسلم ص: 331 ].
    وهذا ما نراه ونسمعه اليوم أن الفتن قلبت قلوب أناس كنا نحسبهم على خير و هدى ولكن تبين أنهم أصحاب خصومة لا يتبعون الحق وإنما ما أشربت قلوبهم من الهوى و اللحن في الحجة مع قوة اللجاج و الجدل.
    والغاية من اللحن في الحجة هي إسقاط الخصم والظهور بمظهر المحق الصادق:
    وقد نهنا الله عز وجل عن هذا الفعل وأمرنا بالعدل في أقوالنا ولو على أنفسنا : قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير} .
    قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره : {ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين} قوامين بناء مبالغة ، أي ليتكرر منكم القيام بالقسط ، وهو العدل في شهادتكم على أنفسكم ، وشهادة المرء على نفسه إقراره بالحقوق عليها .
    وقال رحمه الله تعالى : أدب الله جل وعز المؤمنين بهذا ؛ كما قال ابن عباس : أمروا أن يقولوا الحق ولو على أنفسهم …
    وقال :في قوله تعالى : فلا تتبعوا الهوى نهي ، فإن اتباع الهوى مرد ، أي مهلك ؛ قال الله تعالى : فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله فاتباع الهوى يحمل على الشهادة بغير الحق ، وعلى الجور في الحكم ، إلى غير ذلك .إهـ
    فأين العدل في تزييف الحقائق عند المشايخ من أجل إسقاط أهل المحجة فهذا هو الظلم بعينه والجور وعدم العدل !؟.
    فمن اللحن بالحجة كثرة الشكوى بالباطل والبيانات المتتالية ولبس لباس المظلوم وادعاء الحق والتمسح بالمشايخ و التباكي أمامهم و تسميعهم خلاف الواقع من أجل نيل تزكيتهم و التكلم في أصاحب الحق وتوسيع الأمر وتحميله ما لا يحتمل حتي يظن بأهل المحجة أنهم ظلمة .
    فلابد من العدالة في عرض الحجة : فعلى المسلم أن يأتي بحجته مجردة من حب الإنتصار للنفس أو شقشقة الكلام و فصاحة اللسان وحلاوة البيان أو ما إلى ذلك من الأساليب الماكرة كطريقة الصحافة و الإعلام الساقط الذي يلوي عنق الحقيقة ويصرف وجوه الناس عن الحق و أهله و يصورون لهم المبطل على أنه صاحب الحق و صاحب الحق هو المبطل .
    ومما يدخل في اللحن في الحجة شهادة الزور و الحلف بالكذب وهي من قبيل لي عنق الحقيقة وتزييفها ، فاللاحن بحجته يلحن ليوافقه السامع أو الحاكم و كذلك الشاهد بالزور يشهد ليصدقه السامع والحاكم و يعتقد بهذا أنه نجى وانتصر على خصمه ومثله مثل الحالف باليمين الكاذبة التي تغمس صاحبها في النار وقد حذر الله تعالى في كتابه بقوله سبحانه : { فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ } . ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المتفق عليه: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر: ثلاثًا؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئًا فجلس، فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور. فما زال يكررها، حتى قلنا: ليته سكت. [رواه البخاري ومسلم ].
    فشهادة الزور من أعظم الكبائر ، ومن أعظم المنكرات ، هي ظلم للمشهود عليه بالزور، فالواجب على كل مسلم أن يحذرها، وأن يبتعد عنها ويعلم أنه مسؤول يوم القيامة حيث لا ينفعه اللحن في الحجة ولا شهادة الزور ولا شهود الزور ولا الكذب أمام الجبار سبحانه وتعالى.
    فاللاحن في حجته كالزبد يطفو فوق الماء يتباها بنفسه وأما أصحاب الحق والمحجة فيثبتون ويستقرون و يتواضعون وينفع الله بهم قال تعالى: { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأمْثَالَ } [الرعد: 17].
    قال الإمام الشوكاني رحمه الله في تفسيره فتح القدير : وهذان مثَلانِ ضربهما الله سبحانه للحق والباطل، إن الباطل وإن ظهر على الحق في بعض الأحوال وعلاه، فإن الله سبحانه سيَمحقه ويُبطله ويَجعل العاقبة للحق وأهله؛ كالزبَد الذي يعلو الماء فيلقيه الماء ويضمحلُّ، وكخَبَث هذه الأجسام فإنه وإن علا عليها فإن الكير يقذفه ويدفعه، فهذا مثل الباطل؛ وأما الماء الذي ينفع الناس وينبت المراعي فيمكث في الأرض، كذلك الصفو مِن هذه الأجسام فإنه يبقى خالصًا لا شوب فيه، وهو مثل الحق...إهـ
    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
    و نعوذ بك من الحور بعد الكور.


    جمعه وكتبه : أبو عبد السلام جابر البسكري
    السبت 16 شوال 1439 هجري.

  • #2
    يرفع لتأكيد الرد على الصعافقة غلمان السوء بعد سرقة المنتدى .
    وانهم قوم ليس لديهم حجة بل لحن في الحجج وتزييف للحقائق للوصول إلى إسقاط مشايخنا - (ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله ) - ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا أبا عبد السلام وبارك في سعيك، وثبتنا الله وإياك على دينه القويم وجنبنا مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن.

      تعليق

      الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
      يعمل...
      X