إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بحث مختصر بعنوان: «العمرة: فضائل وأحكام».

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بحث مختصر بعنوان: «العمرة: فضائل وأحكام».

    بسم الله الرحمن الرحيم

    بحث مختصر بعنوان:
    «العمرة: فضائل وأحكام»
    قال تعالى: «وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ»(البقرة: 125)
    ــ . ــ


    الحمد لله الذي قضى فقدر، وشرع فأبهر، وعز فقهر، ورحم فغفر، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوحيد أمر، وعن الشرك زجر، أوذي في ربه فصبر، وهو خير من حج واعتمر، وعلى آله وصحبه أفضل الداعين للاستعداد إلى يوم المحشر، ومن تبعهم بإحسان ما تاب عبد واستغفر، أما بعد:

    فقد طلب مني من لا أستطيع رده، أن أكتب له مختصرا يحوي «فضائل وأحكام العمرة»، فاستحثثت المطايا مستبطئا وصولها، وعقدت النوايا مستعجلا حصولها، ثم قلبت ناظري بين أسفار العلماء، وقماطر الفقهاء، فوجدتهم لم يتركوا شاذة ولا فاذة، ولم يدعوا شاردة ولا واردة، فظهر لي أن أجمع من ذلك ما يحتاجه العامي العليل، ويسترشد به السلفي الكليل، والله أرجو أن ينفع به كل قارئ وناظر، و مقبل على عبادة ربه ومبادر، وقد قسمته إلى ستة مباحث.
    * * *

    المبحث الأول: حكم العمرة.

    اختلف أهل العلم في حكم العمرة بين الاستحباب والإيجاب(1)، والصحيح أنها واجبة مرة واحدة في العمر للأدلة التالية:

    1/ أنه ورد في بعض روايات حديث جبريل -عليه السلام- لما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ عن الإسلام، ذكر له أنه شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ثم قال له: «وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت وتعتمر»(2).
    قال العلامة ابن باز -رحمه الله- في (فتاوى نور على الدرب 18/92):«وذكر العمرة في بيان الإسلام، فدل على فرضيتها، قد روى هذا الحديث بهذه الزيادة ابن خزيمة في صحيحه، وجماعة بإسناد صحيح».

    2/ عن أبي رزين -رضي الله عنه رجل من بني عامر-، أنه قال: يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة، ولا الظعن؟ قال: «احجج عن أبيك واعتمر»(3).

    3/ عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت:«يا رسولَ اللهِ هل على النساءِ جِهادٌ ؟، قال: نعم عليهنَّ جهادٌ لا قتالَ فيهِ: الحَجُّ والعمرةُ»(4).

    4/ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ: الصُّبَيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، كُنْتُ رجلا أَعْرَابِيًّا نَصْرَانِيًّ،, فَأَسْلَمْتُ، فَأَتَيْتُ رَجُلاً مِنْ عَشِيرَتِي، يُقَالُ لَهُ: هُذَيْمُ بْنُ ثُرملة، فقلت له: يا هناه! إني حريص على الجهاد، وإني وجدت الحج والعمرة مكتوبين علي، فكيف لي بأن أجمعهما؟ قَالَ: اجْمَعْهُمَا، واذْبَحْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، فَأَهْلَلْتُ بِهِمَا معا، فَلَمَّا أَتَيْتُ الْعُذَيْبَ، لَقِيَنِي سَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَزَيْدُ بْنُ صُوحَانَ، وَأَنَا أُهِلُّ بِهِمَا جميعا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ: مَا هَذَا بِأَفْقَهَ مِنْ بَعِيرِهِ! قال: فكأنما ألقي علي جبل حتى أَتَيْتُ عُمَرَ بن الخطاب، فَقُلْتُ له: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إني كنت رجلا أعرابيا نصرانيا، وإِنِّي أَسْلَمْتُ، وَأَنَا حَرِيصٌ عَلَى الْجِهَادِ، وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، مَكْتُوبَيْنِ عَلَيَّ، فأتيت رجلا من قومي، فَقَالَ لي: اجْمَعْهُمَا، واذْبَحْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، وإني أهللت بهما معا، فَقَالَ لي عُمَرُ: «هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ -صلى اللَّه عليه وسلم»(5).
    قال الشيخ محمد علي آدم الإتيوبي -حفظه الله- في سياق ذكر فوائد هذا الحديث: «(ومنها): أن الحجّ والعمرة فريضتان، حيث إن عمر - رضي اللَّه تعالى عنه - أقرّه لما قال: «وإني وجدت الحجّ والعمرة مكتوبين»»(6).

    5/ قال الشافعي -رحمه الله- في كتابه الأم : «والذي هو أشبه بظاهر القرآن وأولى بأهل العلم عندي، وأسأل الله التوفيق أن تكون العمرة واجبة، فإن الله عز وجل قرنها مع الحج فقال: {وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي}، (وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر قبل أن يحج)...
    أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس أنه قال: «والذي نفسي بيده إنها لقرينتها في كتاب الله {وأتموا الحج والعمرة لله}».
    أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال: «ليس من خلق الله تعالى أحد إلا وعليه حجة وعمرة واجبتان».
    أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عبد الله بن أبي بكر أن في الكتاب الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: «أن العمرة هي الحج الأصغر»(7).
    * * *

    المبحث الثاني: فضائل العمرة وزيارة الحرمين.

    ورد في الحث على آداء مناسك العمرة فضائل كريمة، ومغانم عظيمة، تكتحل برؤية حُسنها العينان، وتتشنف بسماع همسها الأذنان، ويفيق من قوة وقعها الوسنان، ويستمتع بطيب ريحها الإنسان، وتُثير جمود العزم الساكن، للإسراع إلى أشرف الأماكن، ومن أبرز تلكم الفضائل:

    1/ أن المتابعة بين الحج والعمرة تنفي الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد، لقوله صلى الله عليه وسلم: «تابِعوا بين الحجِّ والعمرةِ فإنهما ينفيانِ الفقرَ والذنوبَ كما ينفي الكيرُ خبثَ الحديدِ»(رواه النسائي، وقال الألباني في الصحيحة (196/3): هذا إسناد صحيح على شرط مسلم).
    قال المناوي -رحمه الله-في فيض القدير (225/3): «شبّه متابعة الحجّ والعمرة في إزالة الذنوب بإزالة النار خبث الحديد؛ لأن الإنسان مركوز في جِبلّته القوّة الشهويّة، والغضبيّة، محتاج لرياضةٍ تزيلها، والحجُّ جامع لأنواع الرياضات، مَن إنفاق المال، وجهد النفس بالجوع، والظمأ، والسهر، واقتحام المهالك، ومفارقة الوطن، ومهاجرة الإخوان، والخلاّن، وغير ذلك».
    وقال -رحمه الله- في موضع آخر (234/1): «ثم شبه ذلك تشبيه معقول بمحسوس، كما ينفي الكير خبث الحديد الذي تخرجه النار فإنه في كل مرة يخرج منه خبث فلا ينفي خبثه إلا تتابع دخوله وتكرره وخص الحديد الذي هو أشد المنطبعات صلابة وأكثرها خبثا إشارة إلى أن الفقر وإن اشتد والذنوب وإن خبثت وعظمت يزيلهما المداومة على النسكين ويأتي في خبر أن متابعتهما أيضا تزيد في العمر والرزق(8) واقتصر هنا على ذينك ليتم وجه التشبيه».

    2/ أن تكرار العمرة من مكفرات الذنوب، لقوله صلى الله عليه وسلم: «العمرةُ إلى العمرةِ كفَّارَةٌ لمَا بينَهمَا»(9).

    3/ أن المعتمر من وفد الله الذي يستجاب له دعائه، لقوله صلى الله عليه وسلم: «الحجاج والعُمار، وفْدُ اللهِ دعاهم فأجابوهٌ، وسألُوهُ فأعطاهم»(رواه ابن ماجه وصححه الألباني في الصحيحة تحت رقم 1820).
    قال العلامة محمد بن إسماعيل الأمير -رحمه الله- في التنوير شرح الجامع الصغير (445/7): «وقوله: (وفد الله) خبر عن الكل لأن الوفد القوم يجتمعون ويردون البلاد، واحدهم وافد، وكذلك الذين يقصدون الأمراء للزيارة والاسترفاد ونحوه ومقصود الحديث أنهم مبرورون عند الله مكرمون لأنه كالوفد لدى الملك.
    (دعاهم فأجابوه) لأنه حثهم على ما ذكر ففعلوا والجزاء من جنس العمل فهو مجازيهم بالإجابة إن دعوه كما أجابوه حين دعاهم ولذا قال: (وسألوه فأعطاهم) جزاءً وفاقاً».

    4/ أن الحج والعمرة جهاد الكبير، والصغير، والضعيف، والمرأة؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «جهاد الكبير، والصغير، والضعيف، والمرأة: الحج والعمرة» (رواه النسائي وصححه الألباني في صحيح النسائي تحت رقم 2625، والوادعي في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين للوادعي (304/2)).
    قال السندي -رحمه الله- في كفاية الحاجة في شرح سنن ابن ماجه (413/3): «قوله: (الحج والعمرة): فإنهما يشبهان الجهاد في السفر والخروج من البلاد والتعب».

    5/ أن المعتمر إذا ظل على إحرامه؛ فإن الشمس تغيب بذنوبه، لقوله صلى الله عليه وسلم: «وما من مؤمنٍ يظلُّ يومَه مُحرِمًا إلَّا غابت الشَّمسُ بذنوبِه» (رواه الترمذي وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب تحت رقم 1133)(10).

    6/ أن المعتمر إذا خرج من بيته فمات؛ كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «ومن خرج معتمرا فمات؛ كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة»(رواه أبو يعلى من رواية محمد بن إسحاق، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب تحت رقم 1114).

    7/ أن المعتمر يلبِّي معه الشجر والحجر حتى تنقطع الأرض عن يمينه وشماله؛ لحديث سهل -رضي الله عنه- قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:«ما من ملب يُلبِّي إلا لبَّى من عن يمينه وشماله، من حجرٍ، أو شجرٍ، أو مدرٍ حتى تنقطع الأرض من هاهنا وهاهنا، عن يمينه وعن شماله»(رواه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب تحت رقم 1134).
    قال السندي -رحمه الله- في كفاية الحاجة في شرح سنن ابن ماجه (422/3): «إن قلت: أي فائدة للمسلم في تلبيته الأحجار وغيرها مع تلبيته، قلت: إتباعهم في هذا الذكر دليل على فضيلته وشرفه ومكانته عند الله إذ ليس إتباعهم في هذا الذكر إلا لذلك على أنه يجوز أن يكتب له أجر هذه الأشياء لما أن هذه الأشياء صدر عنها الذكر تبعًا فصار المؤمن بالذكر كأنه دال على الخير. والله أعلم».

    8/ أن المعتمر يُبشر بالجنة، لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«ما أهلَّ مُهِلٌّ قطُّ إلَّا بُشِّرَ، ولا كبَّرَ مُكبِّرٌ قطُّ إلَّا بُشِّرَ. قيلَ : يا رسولَ اللهِ ! بالجنَّةِ ؟ قال : نعَم.»(رواه الطبراني في الأوسط، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب تحت رقم 1137).

    9/ أن الحجر الأسود يشهد لمن استلمه بحق، لحديث ابن عباس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجر:«واللهِ لَيَبْعَثَنَّه اللهُ يومَ القِيامةِ له عينانِ يُبصِرُ بِهِما، ولِسانٌ ينطِقُ به، يَشْهَدُ على مَنِ اسْتَلَمَه بِحق» (رواه الترمذي ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب تحت رقم 1144).
    قال السندي -رحمه الله- في كفاية الحاجة في شرح سنن ابن ماجة (434/3): «قوله: (على من يستلمه بحق) أي : ملتبسا بحق وهو دين الإسلام واستلامه بحق هو طاعة الله واتباع سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- لا تعظيم الحجر نفسه والشهادة عليه هي الشهادة على أدائه حق الله المتعلق به وليست على الضرر».

    10/ أن استلام الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطا، لقوله صلى الله عليه وسلم :« مسحُ الحجَرِ والركنِ اليمانيِّ يحطُّ الخطايا حطًّا»(رواه ابن حبان، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب تحت رقم 1139).

    11/ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بالحجر الأسود حفيا، فعن سويد بن غفلة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قبل الحجر واستلمه، وقال: «رأيت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم بك حفيا».(رواه النسائي، وصححه الألباني في صحيح النسائي تحت رقم 2936).
    قال الشيخ محمد علي آدم الإتيوبي -رحمه الله- في ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (226/25): «(حفيا) الحفي فعيل بمعنى فاعل، وهو المعتنى به البار، ومنه قوله تعالى: (إنه كان بي حفيا)(مريم:47).
    يعني أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان معتنيًا بشأن الحجر بالتقبيل، والمسح، والكلامُ وإن كان خطابًا للحجر، فالمقصود إسماع الحاضرين ليعلموا أن الغرض الاتّباع، لا تعظيم الحجر كما كان عليه عبدة الأثان، فالمطلوب تعظيم أمر الرب، واتباع نبيّه -صلى اللَّه عليه وسلم-».

    12/ أن الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة، وأن مس الحجر الأسود شفاء من السقم والعاهات لولا ما مسه من خطايا بني آدم، لحديث رجاء بن صبيح -رضي الله عنه-: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسند ظهره إلى الكعبة يقول: «إن الركن والمقام من ياقوت الجنة، ولولا ما مسه من خطايا بني آدم لأضاء ما بين المشرق والمغرب، وما مسهما من ذوي عاهة ولا سقيم إلا شُفي» (رواه البيهقي، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب تحت رقم 1147)، فيبقى من ذلك مشروعية استلام الحجر الأسود والمسح عليه بنية التعبد لا بينة الاستشفاء لزوال سببه وهو اسوداده بذنوب بني آدم.

    13/ أن الطواف بالبيت صلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم:«الطَّوَافُ حولَ البيتِ صلاةٌ ، إلَّا أنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فيهِ ، فمَنْ تَكَلَّمَ فلا يَتَكَلَّمُ إلَّا بِخَيْرٍ» (رواه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب تحت رقم 1141).

    14/ أن من طاف بالبيت سبعة أشواط، ما خطا خطوة إلا كُتب له بها عشر حسنات، وحُط عنه بها عشر سيئات، ورُفع له بها عشر درجات، لقوله صلى الله عليه وسلم:«ما رفع رجل-يعني الطائف حول الكعبة- قدما ولا وضعها، إلا كُتب له عشر حسنات، وحُط عنه عشر سيئات، ورُفع له عشر درجات»(رواه أحمد، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب تحت رقم 1139).

    15/ أن من طاف بالبيت أسبوعا لا يلغو فيه، أو طاف بالبيت ثم صلى ركعتين، كان له عدل رقبة، لقوله صلى الله عليه وسلم : «من طافَ بالبيتِ أسبوعًا لا يلْغُو فيِه ؛ كان كعِدلِ رقبةٍ يعتِقُها»، وقوله صلى الله عليه وسلم:«من طاف بالبيتِ، وصلى ركعتين؛ كان كعتق رقبة» (صححهما الألباني في صحيح الترغيب والترهيب تحت رقم 1140، 1142).

    16/ أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمعتمر بالمغفرة والرحمة، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم :« «اللَّهُمَّ ارْحَمِ اْلمُحَلِّقِينَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ. قَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمِ اْلمُحَلِّقِينَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ، قَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمِ اْلمُحَلِّقِينَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ، وقَالَ في الرَّابِعَةِ: والمقَصِّرِينَ» (أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب الحلق والتقصير عند الإحلال (414/1)، وفي لفظ آخر: «اللهم اغفر»).

    17/ أن المعتمر كلما زادت نفقته وزاد نصبه؛ زاد أجره، لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة -رضي الله عنها-: «إن لك من الأجر على قدر نصبك ونفقتك»(رواه الحاكم، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب تحت رقم 1116).
    قال ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري (28/5): «وَقَالَ النَّوَوِيُّ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الثَّوَابَ وَالْفَضْلَ فِي الْعِبَادَةِ يَكْثُرُ بِكَثْرَةِ النَّصَبِ وَالنَّفَقَةِ وَهُوَ كَمَا قَالَ لَكِنْ لَيْسَ ذَلِكَ بِمُطَّرِدٍ فَقَدْ يَكُونُ بَعْضُ الْعِبَادَةِ أَخَفَّ مِنْ بَعْضٍ وَهُوَ أَكْثَرُ فَضْلًا وَثَوَابًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الزَّمَانِ كَقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِالنِّسْبَةِ لِقِيَامِ لَيَالٍ مِنْ رَمَضَانَ غَيْرِهَا وَبِالنِّسْبَةِ لِلْمَكَانِ كَصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةِ رَكَعَاتٍ فِي غَيْرِهِ وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى شَرَفِ الْعِبَادَةِ الْمَالِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ كَصَلَاةِ الْفَرِيضَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَكْثَرِ مِنْ عَدَدِ رَكَعَاتِهَا أَوْ أَطْوَلِ مِنْ قِرَاءَتِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَكَدِرْهَمٍ مِنَ الزَّكَاةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَكْثَرِ مِنْهُ مِنَ التَّطَوُّعِ أَشَارَ إِلَى ذَلِك بن عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْقَوَاعِدِ قَالَ وَقَدْ كَانَتِ الصَّلَاةُ قُرَّةَ عَيْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ شَاقَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ وَلَيْسَتْ صَلَاةُ غَيْرِهِ مَعَ مَشَقَّتِهَا مُسَاوِيَةً لِصَلَاتِهِ مُطْلَقًا وَاللَّهُ أعلم».

    18/ أن عمرة في رمضان تعْدل حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم لحديث عبد اللَّه بن عباس -رضي الله عنه-، قال: لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من حجته قال لأم سنان: ما منعك من الحجِّ؟ قالت: أبو فلان -تعني زوجها- كان له ناضحان، حج على أحدهما، والآخر يسقي أرضاً لنا، قال صلى الله عليه وسلم: «فإن عمرة في رمضان تقضي حجة معي»(البخاري 1863).

    19/ أن المعتمر ممتثل في تلبيته لقوله تعالى:«أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ»(الأنعام: 90)، لما ثبت عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: «كنَّا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بينَ مَكَّةَ والمدينةِ فمَرَرنا بوادٍ فقالَ أيُّ وادٍ هذا قالوا وادي الأزَرقِ قالَ كأنِّي أنظرُ إلى موسَى صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فذكرَ من طولِ شعرِهِ شيئًا - لا يحفظُهُ داودُ - واضعًا إصبَعيهِ في أذُنَيْهِ لَه جؤارٌ إلى اللَّهِ بالتَّلبيةِ مارًّا بِهَذا الوادي قالَ ثمَّ سِرنا حتَّى أتَينا علَى ثَنيَّةٍ فقالَ أيُّ ثَنيَّةٍ هذهِ قالوا ثَنيَّةُ هَرشَى أو لِفْتٍ قالَ كأنِّي أنظرُ إلى يونُسَ علَى ناقةٍ حمراءَ عليهِ جُبَّةُ صوفٍ وخِطامُ ناقتِهِ خُلبَةٌ مارًّا بِهَذا الوادي مُلبِّيًا»( رواه ابن ماجه، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب تحت رقم 1126).

    20/ ونختم ما جاء في فضائل العمرة بحديث عظيم القدر، كثير الأجر، فعن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ في مسجد منى، فأتاه رجل من الأنصار ورجل من ثقيف، فسلما، ثم قالا: يا رسول الله، جئنا نسألك. فقال: «إنْ شِئْتُمَا أَخبَرْتُكُمَا بما جِئْتُمَا تَسألاني عنه فَعَلْتُ، وإنْ شِئْتُمَا أنْ أُمْسِكَ وتَسألاني فَعَلْتُ. فقالَا: أَخبِرْنا يا رسولَ اللهِ. فقال الثَّقَفيُّ للأنصاريِّ: سَلْ. فقال: جِئْتَني تَسأَلُني عن مَخْرَجِكَ مِن بَيْتِكَ تَؤُمُّ البيتَ الحرامَ، وما لكَ فيه، وعن رَكْعَتَيْكَ بعدَ الطَّوافِ وما لكَ فيهِما، وعن طَوافِكَ بيْن الصَّفا والمَروةِ وما لكَ فيه، وعن وُقوفِكَ عَشِيَّةَ عَرَفةَ وما لكَ فيه، وعن رَمْيِكَ الجِمارَ وما لكَ فيه، وعن نَحْرِكَ وما لكَ فيه، مع الإفاضةِ؟ فقال: والَّذي بَعثَكَ بالحقِّ، لَعَنْ هذا جِئْتُ أَسأَلُكَ. قال: فإنَّكَ إذا خَرَجْتَ مِن بَيْتِكَ تَؤُمُّ البيتَ الحَرامَ، لا تَضَعُ ناقَتُكَ خُفًّا، ولا تَرْفَعُهُ؛ إلَّا كَتَبَ (اللهُ) لكَ به حسنةً، ومَحَا عنكَ خطيئةً. وأمَّا رَكْعَتاكَ بعدَ الطَّوافِ؛ كعِتْقِ رَقَبةٍ مِن بني إسماعيلَ. وأمَّا طوافُكَ بالصَّفا والمروةِ؛ كعِتْقِ سبعين رَقَبةً. وأمَّا وُقوفُكَ عَشِيَّةَ عَرَفةَ؛ فإنَّ اللهَ يَهْبِطُ إلى سماءِ الدُّنيا فيُباهي بكُمُ المَلائكةَ، يَقولُ: عِبادي جاؤُوني شُعْثًا مِن كلِّ فَجٍّ عميقٍ يَرْجُون رحْمتي، فلو كانتْ ذُنُوبُكُمْ كعددِ الرَّملِ، أو كقَطْرِ المطرِ، أو كزَبَدِ البحرِ؛ لغَفَرْتُها، أَفِيضوا عِبادي مغفورًا لكُم، ولِمَن شَفَعْتُم لهُ. وأمَّا رَمْيُكَ الجِمارَ؛ فلكَ بكلِّ حصاةٍ رَمَيْتَها تكفيرُ كبيرةٍ مِنَ المُوبقاتِ. وأمَّا نَحْرُكَ؛ فمَدْخُورٌ لكَ عندَ ربِّكَ. وأمَّا حِلاقُكَ رأسْكَ؛ فلكَ بكلِّ شَعرةٍ حَلَقْتَها حسنةٌ، وتُمْحَى عنكَ بها خطيئةٌ. وأمَّا طَوافُكَ بالبيتِ بعدَ ذلكَ؛ فإنَّكَ تَطُوفُ ولا ذَنْبَ لكَ، يأتي مَلَكٌ حتَّى يَضَعَ يَدَيْهِ بيْن كَتِفَيْكَ، فيَقولُ: اعمَلْ فيما تَستَقبِلُ؛ فقد غُفِرَ لكَ ما مَضَى»(رواه الطبراني، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب تحت رقم 1112).
    أما فضيلة زيارة الحرمين، فمن أعظم فضائلها مضاعفة أجر الصلوات فيها؛ لحديث جابر -رضي الله عنه- أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؛ قال: «صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه»(صحيح الجامع 3838).
    فيا من أكرمك الله عز وجل بزيارة الحرمين، اجتهد في طاعة ربك، وبادر إلى رضا مولاك، ثم استمتع ببيت الله الحرام؛ فقد جاء عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استمتِعوا بهذا البيتِ فقد هُدِم مرَّتَيْنِ ويُرفَعُ في الثَّالثةِ»(رواه الطبراني في الكبير، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب تحت رقم 1110).
    وقد جعل الله جل وعلا قلوب بني آدم تهوي لهذا البيت الذي بناه خليل الرحمن، وفي ذلك يقول ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد (52/1) : «وقدْ ظَهَرَ سِرُّ هَذَا التَّفْضِيلِ وَالِاخْتِصَاصِ فِي انْجِذَابِ الْأَفْئِدَةِ وَهَوَى الْقُلُوبِ وَانْعِطَافِهَا وَمَحَبَّتِهَا لِهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ، فَجَذْبُهُ لِلْقُلُوبِ أَعْظَمُ مِنْ جَذْبِ الْمِغْنَاطِيسِ لِلْحَدِيدِ».
    وعن ابن عباس -رضي الله عنه- في قوله تعالى: «وإذ جعلنا البيت مثابة للناس» يقول: «لا يقضون منه وطرا، يأتونه، ثم يرجعون إلى أهليهم، ثم يعودون إليه».

    قال السعدي -رحمه الله- في تفسير قوله تعالى: «فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ»: «أي: تحبهم وتحب الموضع الذي هم ساكنون فيه؛ فأجاب الله دعاءه فأخرج من ذرية إسماعيل محمدا صلى الله عليه وسلم حتى دعا ذريته إلى الدين الإسلامي وإلى ملة أبيهم إبراهيم فاستجابوا له وصاروا مقيمي الصلاة. وافترض الله حج هذا البيت الذي أسكن به ذرية إبراهيم وجعل فيه سرا عجيبا جاذبا للقلوب، فهي تحجه ولا تقضي منه وطرا على الدوام، بل كلما أكثر العبد التردد إليه ازداد شوقه وعظم ولعه وتوقه، وهذا سر إضافته تعالى إلى نفسه المقدسة».

    ومن فضائل زيارة بيت الله الحرام: النجاة من الحرمان، لحديث أبي سعيد الخذري -رضي الله عنه- : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: «إنَّ اللهَ تعالى يقولُ : إنَّ عبدًا أصحَحتُ لهُ جسمَهُ ، ووسَّعتُ عليهِ في مَعيشتِهِ ، تمضي عليهِ خمسةُ أعوامٍ لا يَفِدُ إليَّ لمَحرومٌ»(صحيح الجامع 1909).

    قال المناوي -رحمه الله- في فيض القدير(387/2): « (إن الله يقول إن عبدا): مكلفا، (أصححت له جسمه ووسعت عليه في معيشه): أي فيما يعيش فيه من القوت وغيره، (تمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إلي): أي لا يزور بيتي وهو الكعبة، (لمحروم): أي يقضي عليه بالحرمان من الخير أو من مزيد الثواب وعموم الغفران بحيث يصير كيوم ولدته أمه لدلالته على عدم حبه لربه وعادة الأنجاب زيارة معاهد الأحباب وأطلالهم وأماكنهم وخلالهم».

    أما زيارة الحرم المدني، ففضائله كثيرة، ومنافعه كبيرة، فمنها:
    - أن من خرج من بيته متطهرا، ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه ركعتين كان له أجر عمرة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءٍ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ عُمْرَةٍ»(رواه أحمد، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب تحت رقم 1181).
    قال الشيخ محمد عطية سالم -رحمه الله-: «وَرَوَى ابْنُ شَبَّةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَتْ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: لَأَنْ أُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ رَكْعَتَيْنِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ آتِيَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ مَرَّتَيْنِ. لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي قُبَاءٍ، لَضَرَبُوا إِلَيْهِ أَكْبَادَ الْإِبِلِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ مَرْفُوعَةً وَمَوْقُوفَةً، مِمَّا يُؤَكِّدُ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ أَنَّ قُبَاءً اخْتُصَّ بِأَنَّ مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ وَأَتَى إِلَيْهِ عَامِدًا، وَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ; كَانَ لَهُ كَأَجْرِ عُمْرَةٍ.
    تَنْبِيهٌ.
    وَهُنَا سُؤَالٌ يَفْرِضُ نَفْسَهُ: لِمَاذَا كَانَ مَسْجِدُ قُبَاءٍ دُونَ غَيْرِهِ، وَلِمَاذَا اشْتُرِطَ التَّطَهُّرُ فِي بَيْتِهِ لَا مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ؟ وَلَقَدْ تَطَلَّبْتُ ذَلِكَ طَوِيلًا فَلَمْ أَقِفْ عَلَى قَوْلٍ فِيهِ، ثُمَّ بَدَا لِي مِنْ وَاقِعِ تَارِيخِهِ، وَارْتِبَاطِهِ بِوَاقِعِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ: أَنَّ مَسْجِدَ قُبَاءٍ لَهُ ارْتِبَاطَاتٌ عَدِيدَةٌ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ:
    أَوَّلًا: مِنْ حَيْثُ الزَّمَنِ، فَهُوَ أَسْبَقُ مِنْ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ.
    وَمِنْ حَيْثُ الْأَوَّلِيَّةِ النِّسْبِيَّةِ، فَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ.
    وَمَسْجِدُ قُبَاءٍ أَوَّلُ مَسْجِدٍ بَنَاهُ الْمُسْلِمُونَ.
    وَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ بَنَاهُ الْخَلِيلُ.
    وَمَسْجِدُ قُبَاءٍ بَنَاهُ خَاتَمُ الْمُرْسَلِينَ.
    وَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ كَانَ مَكَانُهُ بِاخْتِيَارٍ مِنَ اللَّهِ، وَشَبِيهٌ بِهِ مَكَانُ مَسْجِدِ قُبَاءٍ.
    وَمِنْ حَيْثُ الْمَوْضُوعِيَّةُ، فَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ مَأْمَنٌ وَمَوْئِلٌ لِلْعَاكِفِ وَالْبَادِ.
    وَمَسْجِدُ قُبَاءٍ مَأْمَنٌ وَمَسْكَنٌ وَمَوْئِلٌ لِلْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، وَلِأَهْلِ قُبَاءٍ، فَكَانَ لِلصَّلَاةِ فِيهِ شِدَّةُ ارْتِبَاطٍ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ تَجْعَلُ الْمُتَطَهِّرَ فِي بَيْتِهِ وَالْقَاصِدَ إِلَيْهِ لِلصَّلَاةِ فِيهِ كَأَجْرِ عُمْرَةٍ. وَلَوْ قِيلَ: إِنَّ اشْتِرَاطَ التَّطْهِيرِ فِي بَيْتِهِ لَا عِنْدَ الْمَسْجِدِ شِدَّةُ عِنَايَةٍ بِهِ أَوَّلًا، وَتَمْحِيصُ الْقَصْدِ إِلَيْهِ ثَانِيًا، وَتَشْبِيهٌ أَوْ قَرِيبٌ بِالْفِعْلِ مِنَ اشْتِرَاطِ الْإِحْرَامِ لِلْعُمْرَةِ مِنَ الْحِلِّ، لَا مِنْ عِنْدِ الْبَيْتِ فِي الْعُمْرَةِ الْحَقِيقَةِ، لَمَّا كَانَ بَعِيدًا. فَالتَّطَهُّرُ مِنْ بَيْتِهِ وَالذَّهَابُ إِلَى قُبَاءٍ لِلصَّلَاةِ فِيهِ كَالْإِحْرَامِ مِنَ الْحِلِّ وَالدُّخُولِ فِي الْحَرَمِ لِلطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، كَمَا فِيهِ تَعْوِيضُ الْمُهَاجِرِينَ عَمَّا فَاتَهُمْ مِنْ جِوَارِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ قَبْلَ الْفَتْحِ. - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -»(11) اهـ.

    - ومنها: أن من جاء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لطلب العلم فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله، لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَن جاء مسجدي هذا، لم يأتِه إلا لخير يتعلَّمه أو يعلِّمه، فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله، ومن جاء لغير ذلك، فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره»(رواه ابن ماجه، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب تحت رقم 87).
    قال السندي -رحمه الله- في كفاية الحاجة بشرح سنن ابن ماجة (149/1): «ووجه مشابهة طلب العلم بالمجاهد في سبيل الله أنه إحياء للدين، وإذلالٌ للشيطان، وإتعاب للنفس، وكسر ذرى اللذة، كيف وقد أبيح له التخلُّف عن الجهاد فقال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً ... ﴾[التوبة: 122]».

    ويجدر التنبيه إلى أنه يُشرع لزائر المدينة زيارة مسجدين وثلاث مقابر، فالمسجدين سبق ذكرهما، والمقابر هي:
    -قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، حيث يشرع له السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه والدعاء لهم.
    - مقبرة البقيع.
    - مقبرة شهداء أحد.
    «ومما يُنبه عليه أن بعض من يقدم إلى المدينة قد يوصيه بعض أهله أو غيرهم أن يبلغ سلامه للرسول صلى الله عليه وسلم، ولكونه لم يرد في السنة شيئ يدل على ذلك، فينبغي لمن طُلب منه ذلك أن يقول للطالب: أكثر من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم، والملائكة تبلغ ذلك للرسول صلى الله عليه وسلم، لقوله صلى الله عليه وسلم:«إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام»»(فضل المدينة وآداب سكناها وزيارتها للعلامة عبدالمحسن العباد البدر ص28).
    * * *

    أعمال العمرة.
    المبحث الثالث: أعمال الإحرام(12).

    يستحب للمعتمر قبل الشروع في إحرامه أمور منها:
    1/ أن يحلق عانته، وينتف إبطه أو يحلقه، ويقلم أظافره، ويقص شاربه، ثم يغتسل.

    2/ ثم يتطيب عند الإحرام وقبل الإهلال بالعمرة (أي البدء في النسك برفع الصوت بما أوجبه على نفسه) بأطيب ما يجده في بدنه ولحيته دون ملابس الإحرام، ولا يضره بقاء الطيب في ملابس الإحرام بعد ذلك.

    3/ عند وصول المعتمر الميقات وهو ميقات أهل المدينة (ولكل أهل ميقات) ومن يمر عليها «ذو الحليفة»، يستحب له صلاة ركعتين في وادي العقيق لأنه مكان مبارك ولقوله صلى الله عليه وسلم:« أتاني آت من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة»(أخرجه البخاري في كتاب الحج (371/1)).

    4/ يستحب له التسبيح التحميد والتكبير قبل الإهلال، ثم يتوجه إلى القبلة ويعلن نيته قائلا:«لبيك اللهم عمرة»، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه:«ركب حتى استوت به على البيداء، حمد الله وسبح وكبر، ثم أهل بحج وعمرة». ثم يلبي قائلا:«لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد، والنعمة، لك والملك، لا شريك لك»، وكان من تلبيته: «لبيك إله الحق»، والأفضل التزام تلبية النبي صلى الله عليه وسلم، وإن زاد:«لبيك ذا الفواضل، لبيك ذا المعارج»، فجائز لإقراره صلى الله عليه وسلم عليها، وكان ابن عمر يزيد:« لبيك وسعديك والخير بيديك، لبيك والرغباء إليك والعمل»، والمعلوم أن الجواز لا ينافي الأفضلية (يعني جواز التلبية بهذه الصيغ لا ينافي أفضلية التزام تلبية النبي صلى الله عليه وسلم)(13).

    5/ ويستحب له رفع الصوت بالتلبية لما فيها من إظهار شعائر الله وإعلان التوحيد، لقوله صلى الله عليه وسلم:«أفضل الحج: العج والثج» (العج: رفع الصوت بالتلبية، والثج: إراقة دماء الأضاحي والهدايا)،
    ولقوله صلى الله عليه وسلم: «أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أو من معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية». وهذا الحكم خاص بالرجال دون النساء.

    6/ ويستحب لمن خاف أن يمنعه عائق يحول دون إتمام عمرته من مرض أو مانع آخر، أن يشترط على الله بعد الإهلال بالعمرة، وذلك بقوله:« اللهم محلي حيث حبستني»، وفائدته أن المشترط إذا حبس عن آداء عمرته فلا قضاء عليه.

    7/ ويكثر المحرم عند تنقلاته وعموم أحواله من التلبية، لقوله عليه الصلاة والسلام:« كأني أنظر إلى موسى عليه السلام، هابطا من الثنية له جؤار إلى الله تعالى بالتلبية». ولقوله صلى الله عليه وسلم:« ما من مسلم يلبُي إلا لبُى من عن يمينه، أو من عن شماله من حجر أو شجر أو مدر حتى تنقطع الأرض من هاهنا وهاهنا».

    8/ ويستمر في التلبية ولا يقطعها إلا عند رؤية بيوت مكة، لحديث ابن عمر رضي الله عنه:« إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التلبية»(14).

    9/ ويستحب للمحرم أن يبيت خارج مكة ويدخلها نهارا مغتسلا، ويكون دخوله من أعلاها وخروجه من أسفلها، لحديث ابن عمر رضي الله عنه المتقدم:«...ثم يبيت بذي طوى، ثم يصلي به الصبح، ويغتسل، ويحدث أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك».

    10/ فإذا وصل المسجد الحرام دخله متوضئا لحديث عائشة رضي الله عنها:« أنه أول شيئ بدأ به حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم أنه توضأ ثم طاف»، ويستحب له الدخول من باب بني شيبة -وهو باب السلام حاليا- لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل منه، ويقدم رجله اليمنى ويقول الأدعية المأثورة في دخول المسجد، ويستحضر حال دخوله عظمة الله تعالى، ونعمه عليه بتيسير وصوله إلى البيت الحرام، كل ذلك في خشوع وخضوع وتعظيم، ويرفع يديه عند رؤية الكعبة إن شاء، لثبوته عن ابن عباس رضي الله عنه، ويدعو بما تيسر له، وإن قال:« اللهم أنت السلام، ومنك السلام، فحينا ربنا بالسلام»، فحسن لثبوته عن عمر -رضي الله عنه-.

    * * *

    المبحث الرابع: أعمال الطواف.

    1/ إذا دخل المحرم المسجد الحرام استحب له عند توجهه إلى الحجر الأسود أن يكشف عن كتفه الأيمن ويغطي الكتف الأيسر في الأشواط السبعة فقط، وهو ما يسمى «الاضطباع»، ويستقبل الحجر فيقول: «بسم الله والله أكبر»، ثم يقبله بفمه إن تيسر، فمن لم يستطع استلمه بيده، فإن تعذر عليه ذلك لشدة الزحام أشار إليه بيده من غير أن يقبلها، ويفعل ذلك في كل طوافه.

    2/ ثم يشرع في الطواف بالبيت، ويجعل الكعبة على يساره، ويدور حولها من الحجر إلى الحجر شوط، فإذا وصل الركن اليماني استلمه بيده في كل طوفة إن تيسر بدون تقبيل، فإن تعذر فلا يشير إليه بيده.
    ويدعو في طوافه بما شاء، وإذا كان بين الركن اليماني والحجر يقرأ قوله تعالى: «رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ»[البقرة: 201].

    3/ ويستحب له الرمل وهو الإسراع في المشي مع هز المنكبين، من الحجر إلى الحجر في الأشواط الثلاثة الأولى، ويمشي بين الركن اليماني والحجر، ولا يرمل في الأربعة الباقية، والرمل في الطواف والهرولة في السعي-ستأتي قريبا- خاصان بالرجال.

    4/ ويجوز للنساء الطواف من وراء الرجال من دون مخالطة.
    ولا يجوز للمعتمر أن يزاحم الناس لما في ذلك من الأذية والضرر، ولا أن يدعو بالدعاء جماعيا أو يرفع صوته بذلك، كما لا يصح له أن يطوف من داخل الحجر لأنه من الكعبة، وتلزمه الموالاة- أي التتابع- بين الأشواط إلا لعذر، فإذا انقطع لعذر أعاد الشوط الذي كان فيه.

    5/ يستحب للمعتمر أن يلتزم الملتزم في الطواف إن تيسر، ويضع عليه صدره ووجهه وذراعيه، ويدعو بما شاء ويسأل الله حاجته، لأن «النبي صلى الله عليه وسلم؛ كان يضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه بين الركن والباب».

    6/ فإذا أتم سبعة أشواط غطى كتفه الأيمن، وتوجه نحو مقام ابراهيم وقرأ «وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى»[البقرة : 125]، ثم يصلي سنة الطواف خلف المقام أو قريبا منه إن أمكن وإلا ففي أي مكان في المسجد، ويقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة الكافرون، وفي الثانية بالإخلاص، وعليه أن يتخذ سترة تمنع من مرور الناس، وقد يعفى من ذلك اضطرارا عند شدة الزحام مثلا.

    7/ ثم ينصرف بعدها إلى بئر زمزم فيشرب منها ويصب على رأسه لقوله صلى الله عليه وسلم:«خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم فيه طعام من الطُعم وشفاء من السًقم».
    ويُسن له التضلع من شرب ماء زمزم، ويتحقق ذلك بأن يكثر من الشرب حتى يروى وتنتفخ بطنه فتخرج أضلاعه، والتضلع علامة فارقة بين أهل الإيمان وأهل النفاق، لأن المنافقين لا يحبون ماء زمزم ويرونه حامضا غير عذب.

    8/ ويسن له الرجوع إلى الحجر الأسود -قبل أن يأتي المسعى- فيكبر ويستلمه إن تيسر.
    * * *

    المحبث الخامس: أعمال السعي بين الصفا والمروة.

    1/ إذا فرغ المحرم من طوافه خرج إلى المسعى، فإذا دنا من الصفا قرأ قوله تعالى:«إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا غ? وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ» (البقرة:158).
    ويقول: "نبدأ بما بدأ الله به"، ولا يكررها في غير هذا الموضع، ثم يرقى على الصفا حتى يرى الكعبة -وابتداء السعي من أسفل الجبل كاف-، فيستقبلها فيرفع يديه من غير إرسال فيوحد الله ويكبره، فيقول:« لا إلهَ إلَّا اللَّهُ وحدَه لا شريكَ لهُ لهُ الملكُ ولهُ الحمدُ وهوَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ لا إلهَ إلَّا اللَّهُ أنجزَ وعدَه وصدقَ عبدَه وَهزمَ الأحزابَ وحدَهُ»، يكرر ذلك ثلاث مرات ويدعو بينها بالأدعية المأثورة.

    2/ ثم ينزل من الصفا إلى المروة ليسعى بينهما، فإذا وصل إلى العمود الأخضر الأول (علامة محددة بأضواء خضراء تمثل بداية واد أبطح فيه دقاق الحصى كان النبي صلى الله عليه وسلم يهرول فيه حال سعيه لسخونة الحصى على الرجلين، ويهرول بمعنى السعي الشديد) هرول إلى العمود الأخضر الثاني من غير أذية أحد، ويقول بينهما: « رب اغفر وارحم، إنك أنت الأعز الأكرم»، لثبوته عن عمر بن الخطاب وابنه وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهم.

    3/ ثم يسير على عادته إلى المروة فيرتقي عليها ويستقبل القبلة ويقول مثل ما قاله في الصفا من تكبير وتوحيد ودعاء، ويعد السعي من الصفا إلى المروة شوطا، ومن المروة إلى الصفا شوطا ثانيا، ويتم سعيه بسبعة أشواط يبتدئ الشوط الأول بالصفا وينتهي الشوط الأخير بالمروة.
    وليس من السنة الاضطباع وهو كشف الكتف الأيمن في السعي ولا الصلاة بعد السعي خلافا للأحناف، وأن يكون بعد الطواف، ويجوز الطواف والسعي راكبا للعاجز وماشيا والمشي أفضل.
    * * *

    المبحث السادس(15): أعمال الحلق والتقصير.

    1/ إن أتم المعتمر السعي سبعة أشواط، فيُسن له حلق شعره، وله الاختيار بين الحلق والتقصير، والحلق أفضل إلا لمن كان متمتعا وقرُب حجه.

    2/ ويكون الحلق والتقصير شاملا لجميع الرأس، أما المرأة فلا تحلق وإنما تجمع شعرها وتقصر من كل قرن أنملة.
    وبذلك يُنهي المُعتمر أعمال عمرته، ويتحلل منها حلا كاملا، ويباح له جميع محظورات الإحرام.

    3/ من لا شعر له فلا حلق عليه ولا فدية، وإنما يشرع له إمرار الموسى على رأسه، عملا بالإجماع الذي نقله ابن المنذر -رحمه الله- في ذلك.

    4/ قال ابن قدامة-رحمه الله- : يستحب لمن حلق أو قصر تقليم أظافره، والأخذ من شاربه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فعله.
    قال ابن المنذر: ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لما حلق رأسه، قلم أظافره، وكان ابن عمر رضي الله عنه يأخذ من شاربه وأظفاره.

    5/ يستحب للحالق والمقصر البداية بالشق الأيمن، لما ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم ناول الحالق شقه الأيمن.

    ومما يجدر التنبيه عليه في بيان آخر أحكام العمرة، عدم وجوب طواف الوداع على المعتمر خلافا للحاج، بل يستحب في حق المعتمر أن يكون آخر عهده بالبيت الطواف، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ : «العمرة الحج الأصغر»، وخرج طواف الوداع من حكم الوجوب إلى الاستحباب لأن النبي صلى الله عليه وسلم؛ اعتمر قبل حجه أربع عمرات، ولم يثبت أنه أمر أصحابه أن يطوفوا للوداع.
    وختاما، أسـال الله الغفور الشكور، أن ينفع بهذا المختصر جامعه وقارئه وناشره، وأن يسدد رمينا، ويصلح أمرنا، ويفتح علينا بركات من السماء والأرض،
    ويلهم قارئه دعوة صالحة صادقة خالصة لكاتبه بظهر الغيب، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.
    * * *

    [لتحميل البحث: راجع المرفقات]
    ــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) من أراد التوسع فليراجع ما جاد به المباركفوري وأفاد في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (406/8)، فقد ساق أدلة الفريقين بأسلوب بديع موردا جواب كل دليل، ثم جنح أخيرا إلى ترجيح وجوب العمرة بكلام نفيس في غاية الجودة.
    (2) قال الألباني في الصحيحة برقم (3508): «أن الحديث صحيح بمجموع الطرق».
    (3) قال العلامة الوادعي -رحمه الله- في الصحيح المسند (2/301):« هذا حديث صحيح على شرط مسلم».
    قال السندي في كفاية الحاجة في شرح سنن ابن ماجه (3/416): «قال الإمام أحمد: لا أعلم في إيجاب العمرة حديثا أجود من هذا وأصح منه».
    (4) أخرجه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني في إرواء الغليل تحت رقم 981.
    (5) صحيح أبي داود برقم 1799 (505/1).
    (6) ذخيرة العقبى في شرح المجتبى للإتيوبي -رحمه الله- (153/24).
    (7) الأم (5/327).
    (8) الخبر الذي يشير إليه المناوي -رحمه الله- ضعفه الألباني -رحمه الله- في ضعيف الجامع برقم (2385).
    (9) أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه تحت رقم (1773).
    (10) وجاء في سنن ابن ماجه بإسناد ضعيف نحو هذا الحديث، وفيه: « ما من مُحْرمً يُضْحِى لِلشَّمْسِ حتى تَغرُبَ إلا غَرَبتْ بذنوبِه حتى يعودَ كما ولدَتْهُ أمُّهُ»، قال السندي في كفاية الحاجة(3/424) في شرح الحديث:« قَوْلُهُ: (مَا مِنْ مُحْرِمٍ يَضْحَى لِلَّهِ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْحَاءِ، أَيْ: يَبْرُزُ لِلشَّمْسِ لِأَجْلِ التَّقَرُّبِ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يُقَالُ ضَحِيتُ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ أَضْحَى إِذَا بَرَزَ لِلشَّمْسِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} [طه: 119] (فَعَادَ) أَيْ: صَارَ (كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ) طَاهِرًا مِنَ الذُّنُوبِ كَمَا كَانَ طَاهِرًا مِنْهَا حِينَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».
    (11) تتمة أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ محمد عطية سالم رحمه الله (555/8)، وقد تكون هذه الدرة النفيسة من بنات فكر العلامة محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله- لأن صاحب التتمة أشار في أول تتمته إلى احتمال ذلك فقال: «وكذلك حصلنا على املاءات دراسية للشيخ -رحمة الله علينا وعليه- كان قد أملاها بالرياض على كثير من السور المتبقية ...».
    (12) يجدر التنبيه في هذا المبحث إلى محظورات الإحرام، فخذها باختصار:
    1/ لبس المخيط للرجال، أما المرأة فتلبس من الثياب ما شاءت إلا ثوبا مسه ورس أو زعفران، ولا تتبرقع، ولا تُلثم، وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت.
    2/ استعمال الطيب في بدنه أو ثوبه وكذلك تعمد شمه.
    3/ إزالة الشعر والظفر.
    4/ وتغطية الرأس والوجه.
    5/ وعقد النكاح له أو لغيره.
    6/ الوطء في الفرج.
    7/ المباشرة فيما دون الفرج.
    8/ قتل صيد البر واصطياده عدا الفواسق الخمس (ولا يأكل ما صاده غيره إلا إذا كان الصائد حلالا ولم يصده لأجله).
    9/ قطع شجر الحرم أو نباته الرطب.
    (13) ذكر الحافظ ابن القيم -رحمه الله- في «تهذيب السنن» إحدى وعشرين فائدة تشتمل عليها التلبية،نذكر أهمها مختصرة:
    1/ أنَّ قَوْلك لَبَّيْكَ يَتَضَمَّن إِجَابَة دَاعٍ دَعَاك وَمُنَادٍ نَادَاك.
    2/ أَنَّهَا تَتَضَمَّن الْمَحَبَّة مِنْ قَوْلهمْ اِمْرَأَة لَبَّة أَيّ مَحَبَّة لِوَلَدِهَا، وكذلك الْإِخْلَاص لأنها مِنْ اللُّبّ وَهُوَ الْخَالِص.
    3/أَنَّهَا تَتَضَمَّن الْخُضُوع مِنْ قَوْلهمْ أنَا مُلَبٍّ بَيْن يَدَيْك أَيّ خَاضِع ذَلِيل.
    4/ أَنَّهَا تَتَضَمَّن التَّقَرُّب مِنْ اللَّه لأنها مِنْ الْإِلْبَاب وَهُوَ التَّقَرُّب.
    5/ أَنَّهَا تَتَضَمَّن اِلْتِزَام دَوَام الْعُبُودِيَّة وَلِهَذَا قِيلَ هِيَ مِنْ الْإِقَامَة أَيّ أَنَا مُقِيم عَلَى طَاعَتك.
    6/ أَنَّهَا تَتَضَمَّن الْإِقْرَار بِسَمْعِ الرَّبّ تَعَالَى إِذْ يَسْتَحِيل أَنَّ يَقُول الرَّجُل لَبَّيْكَ لِمِنْ لَا يَسْمَع دُعَاءَهُ.
    (14) جاء عند أحمد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن النبي صلى الله عليه وسلم؛ اعتمَرَ ثلاثَ عُمَرٍ كلُّ ذلكِ في ذي القِعدةِ يلبِّي حتَّى يستَلمَ الحجرَ» (صححه أحمد شاكر 64/10).
    والخلاف في هذا مشهور ليس هذا محل بسطه.
    (15) المبحث الثالث والرابع والخامس والسادس مختصر من رسالة «العمدة في أعمال الحج والعمرة» لشيخنا العلامة أبي عبد المعز محمد علي فركوس –حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية- فليرجع إليها من أراد المزيد.
    الملفات المرفقة
    التعديل الأخير تم بواسطة إدارة الإبانة السلفية; الساعة 2022-03-17, 06:38 PM.

  • #2
    جزاك الله خيرا أخي عبد الله على هذا المبحث القيم، انصح بنشره

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل على تشجيعك لأبنائك السلفيين ممن عرفو بالجد و الاجتهاد و جعلك الله لهم مصوبا و معلما.

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا اخي عبد الله ونفع بك

        تعليق


        • #5
          جزاك الله خيرا وبارك فيك أخي عبد الله .
          غفر الله له

          تعليق


          • #6

            بارك الله فيكم شيخنا الحبيب لزهر، على اعتناءكم بأبناءكم، واهتمامكم بطلبتكم.

            وعند قرائتي لآيات عظيمات في سورة الأنعام تذكرت حالكم وما يمر عليكم وعلينا جميعا هذه الأيام، فأحببت أن أعلق بها لعلها تكون للقلب مثبتة، وللفؤاد معينة، وللصدر شارحة، وللنفس مطمئنة.

            قال تعالى: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ۖ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَىٰ مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا ۚ وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ۚ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34)

            قال السعدي -رحمه الله-:

            (أي: قد نعلم أن الذي يقول المكذبون فيك يحزنك ويسوءك، ولم نأمرك بما أمرناك به من الصبر إلا لتحصل لك المنازل العالية والأحوال الغالية. فلا تظن أن قولهم صادر عن اشتباه في أمرك، وشك فيك. { فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ } لأنهم يعرفون صدقك، ومدخلك ومخرجك، وجميع أحوالك، حتى إنهم كانوا يسمونه -قبل البعثة- الأمين. { وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ } أي: فإن تكذيبهم لآيات الله التي جعلها الله على يديك.

            { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا } فاصبر كما صبروا، تظفر كما ظفروا. { وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ } ما به يثبت فؤادك، ويطمئن به قلبك).

            تعليق


            • #7

              يرفع للتذكير بمناسبة هبوب نسائم الحرمين معطرة بالريحان والعبير.
              الملفات المرفقة
              التعديل الأخير تم بواسطة أبوعبدالرحمن عبدالله بادي; الساعة 2019-05-09, 05:12 PM.

              تعليق


              • #8
                يرفع للتذكير؛ بمناسبة افتتاح تسجيلات العمرة.

                تعليق

                الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
                يعمل...
                X