القول الصّريح في بيان بعض ما في بيان "براءة للذّمّة" من القبح والمذمّة
الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصّمد الذي لم يلد ولم يولد، والصّلاة والسّلام الأتمّان الأكملان على من أرسله الله بشيرا ونذيرا، وخاطب بقوله الجنّ والإنسان؛ فقال :"...لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم."
وبعد: فهذه كتابة أحببت أن أشارك بها إخواني في هذا الصّرح الدّعوي، موضوعها البيان الذي طلع منذ أربعة أيام على السّلفيين، وما أحواه أصحابه "شيوخ المجلّة" الموقّعون عليه من أعاجيب، يتساءل العاقل العارف بحقائق ما يحدث وبواقع من وقّع على البيان: كيف سمح هؤلاء لأنفسهم -مع ادّعائهم العدل والاعتدال والشّفقة على الدّعوة وغيرها من الدّعاوى العريضة الزّائفة التي يكذّبها واقع الحال وتردّها وقائع ما أحدثه القوم ويقضي ببطلانها نفس الخطّ الدّعوي المنتهج عندهم؛ فتنبّه!-؛ فكيف سمح هؤلاء لأنفسهم أن يضمّنوا بيانَهم أمورا في الحقيقة تدينهم، ويحكم بإدانتهم المطّلع على مقالتهم، العارف بأخبارهم، والسابر لأحوالهم؛ بأنّهم على العكس ممّا يدّعون أنّهم يريدون خير الدّعوة ومصلحة السّلفيين و..و..وما إلى هنالك من زيف القول ببريقه الكاذب؛ فهل يزعم الصّادق ذلك وهو يجرّ بالدّعوة إلى التّمييع وبالمدعوّين إلى التّضييع في غياهب أهل الانحراف من حلبيّين ورمضانييّن وحنيفيّين وأشياعهم -أصلحهم الله-؟! قال فضيلة الشّيخ علّامة الغرب الإسلامي وريحانة الجزائر: الأستاذ الدّكتور محمّد علي فركوس -حفظه الله تعالى ونصر به منهج السّلف- في بيانه "مآخذ على البيان" (وهو منشور على هذا الرّابط: (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=23140 :" في هذا البيان وقَّعوا على عدم رجوعهم عن منهج التمييع، مع ثبوت الشهادات السمعية والمكتوبة التي تُدينهم بذلك ـ مِن جهة ـ وثبوتِ لمزهم لإخوانهم الصادقين بالإقصاء ـ مِن جهة أخرى ـ وهم يسعَوْن ـ أصلحهم الله ـ إلى إقصاء إخوانهم الصادقين بشتَّى الطُّرُق الماكرة وكافَّة السُّبُل الخدَّاعة، يجنِّدون غلمانهم ـ في الداخل والخارج ـ ضِدَّهم بالتحسُّس والتجسُّس والإشاعة وتشويه صورتهم عند علماء الأمَّة، واللهُ الموعدُ."
هذا، ومن جملة القبائح التي تضمّنها البيان أذكر منها ثلاث نقاط، وهي كالآتي:
1. التّلبيس والتّعمية بالإدّعاء -وما أكثر ادّعاءاتهم- بأنّهم نَصَحةٌ بررة ومشفقون على الدّعوة؛ قال "رجال المجلّة" :"ونصحا منّا لمن يؤمل خيرا للدعوة السلفية ويرجو لأهلها المنتسبين إليها من الدّعاة وطلبة العلم صلحا واجتماعا وتآلفا على البرّ والتقوى نؤكد بصدق واعتزاز أننا بذلنا ما في و سعنا من جهود ومساع لمعالجة الوضع الذي آلت إليه َّ الدعوة السلفية في بلدنا الجزائر، ووأد الفتنة في مهدها التي أدّت مع كل أسف إلى تفريق كلمة السلفيين..." إلى آخر تلك الدّعاوي الفظفاظة الضحلة!؛ فالمقطع وما حواه فيه تدليسٌ فاضح ودسٌّ واضح وإيهامٌ على أنّهم يؤمّلون الصّلح ويرومون الاجتماع والتآلف على البرّ والتّقوى -كذا!- ولمّا يسلكوا طريقه؛ فهل ضللتم طريق الصّلح وجهلتم سبيل الاجتماع، والمشايخُ الذين ظلمتموهم -وهم أصحاب الحق- يدعونكم من أوّل يوم طفا فيه الخلاف إلى السّطح -بجريرة غلمانكم الأغمار: العبيط مرابط والخَذول حمودة- للجلوس والاجتماع بعد التّلبية لشروط مشروعة ومطالب معقولة لا غبار عليها، عرفها العقلاء فاستبشروا بها، بل وزادها بهاء وقبولا عند أهل الحقّ أن أقرّ العلّامة الرّبيع -حفظه الله وقوّاه- المشايخ المطالِبون بها، وطلب بقبولها والجلوس بالاستجابة لها؛ وتلكم المطالب تضمن في الحقيقة رجوع المنهج الدّعوي إلى صفائه، وتجعل الأمور تسير في الاتّجاه الصّحيح، بعيدا عن المراوغة والتّدليس وسياسة الهروب إلى الأمام، التي يتقنها أصحاب البيان، ولا ضير في إعادة التّذكير بتلكم الشّروط كما سردها الشّيخ الجليل العالم: الأستاذ الدّكتور عبد المجيد جمعة -حفظه الله تعالى ونصره، للحقّ الذي معه- في بيانه "التصريح في الردّ على توفيق عمروني في بيان التّوضيح"، (وهو منشور على هذا الرّابط: http://www.tasfiatarbia.org/vb/showt...%D1%E6%E4%ED):
فقال -رفع الله قدره في الدنيا والآخرة-:
"وقد قلنا: إنّ هذا الائتلاف لا يمكن تحقيقه دون معالجة الأسباب التي أدّت إلى الفرقة؛ ولهذا لم نطلب منكم أن تنقلوا جبلًا من الجبال عن موضعه فكان أخفّ عليكم ممّا طلبناكم به؛ كما قال العلامة زيد المدخلي: «الاجتماع على الحقّ يدعو إلى الوئام والألفة، وإلى اتّحاد القلوب، واتّحاد الكلمة؛ وإذا لم يحصل اجتماع على الحقّ فإنّه لا ألفة، ولا، وئام، ولا اتّحاد بين المسلمين من كلّ وجه بسبب دخول البدع المضلّة على القلوب، وعقول من انشرح بها صدرًا» «سلم الوصول إلى بيان ستة الأصول» (222)
كلّ ما في الأمر أنّا طلبنا منكم:
1. عدم العمل بالمنهج الأفيح الذي يُعاد فيه إدماج السلفيين المخالفين في مجلة الإصلاح على نمط ما يسير عليه الحلبي في دعوته، وهو ما ظهر من خلال إعادة استكتاب المخالفين والاجتماع بهم ومناصرتهم في المجمع والمجالس الأخرى.
2. الإقلاع عن نبز مشايخ الدعوة في الجزائر، وخاصة في مجالسكم المغلقة.
3. الاعتذار عما صدر في الفيديوهات، وكذا التعامل مع جمعية الونشريسي المعروفة بتوجهها .
4. ترك مصاحبة بعض المخالفين، وتزكيتكم لهم.
5. كتابة تراجع واضح عن تزكية المشايخ المخالفين للمنهج السلفي كابن حنفية والحلبي وعبد المالك.
6. ترك إقامة الدروس في بعض مساجد المخالفين، وتزكيتكم لهم.
7. الكف عن استغلال الدعوة السلفية لأغراض شخصية، والإقلاع عن المتاجرة بها."
فبهذا يزول الإشكال واللّبس الذي قد يرد على بعض الأذهان من أنّ "شيوخ المجلّة" يدعون إلى الاجتماع والإصلاح فيقابلهم المشايخ -من الطّرف المحقّ- بالرّفض والتشدّد؛ قال فضيلة الشّيخ الوالد المربّي أبي عبد الله أزهر سنيقرة -حفظه الله تعالى وكفاه شرور أهل الفتن- في تعليقه على مقال أخينا الفاضل أبي ريحانة ساعي عتو "وقفات مع بيان رجال الإصلاح "براءة للذمة" (وهو منشور على هذا الرّابط: http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=23153)
"أما ما زعموه من بذل الجهود؛ فالذي رأيناه وشهد عليه شبابنا السلفي قاطبة، هو تسليط الأصاغر على الأكابر ببركة توجيهاتهم الخسيسة، وما تبعها من الطعونات الفاجرة، التي ما مرت علينا أمثالها طيلة حياتنا الدعوية من أي طائفة من الطوائف المخالفة والمناوءة، بله المحاربة، وهذا ما أفادنيه أخي الحبيب الشيخ عبد المجيد حيث قال:"والله ما تعرضنا لأفجر من هذه الطعونات التي سمعناها من الهابطين هذه الأيام.
بل إن السعي الحقيقي كان منا، بمجالستنا الشيخ عبد الغني مرارا ونصحنا له تكرارا، وقبولنا بمساعيه للصلح بيننا وبين إخواننا وتسليمنا لشروطنا لهم؛ لينظروا فيها ويوافوننا بأرائهم أو ردهم علينا؛ ومع الأسف، لم يحصل شيء من هذا، اللهم إلا إذا كان من خلال ما قاله ماضي من رفضه للتراجع بزعم أنه إقرار، وما وقع فيه من بوائق وفضائح، الواجب أن يتراجع عنه ويتوب منه من تلقاء نفسه."
وزيادة على ما تقدّم أخي القارئ -طالب الحقّ بالصّدق- ؛ فإنّ شهادة شيخنا هذه -حفظه الله تعالى- بينت وجها آخر من الحقيقة، هي من الأهميّة بمكان، وهو أنّ المشايخ كانوا يجلسون مع الشيخ عبد الغني -وفّقه الله وبصّره وردّه إلى الصفّ المحقّ ردّا جميلا-، حيث كان واسطة بين الطرفين -مع ميله إلى الطرف المخالف كما هو معلوم لدى مقرّبيه ممّن آثر اتباع الحق على رضا الخلق، بل وميله كان من قبل نشوب الفتنة المفتعلة-، ثمّ بعد ذلك صرّح بموقفه وانضمامه إليهم بتوقيعه على رأس البيان-؛ فلقد كان المشايخ يجالسونه بغية تحقيق الاجتماع وفضّ الخلافات؛ فما كان منهم إلا التعنّت والإنكار وعدم الاعتذار والإقرار كما سبق، وهم يقولون أن الاعتذار فرع الإقرار، وكان هو -رقّق الله قلبه للحقّ- يجالس أولئك المخالفين ويكثر التردّد عليهم، بل ذهب بنفسه إلى البليدة لمجالسة البَليد، وبالمقابل طلب منه الشّيخ نجيب -حفظه الله تعالى- بالجلوس مع الشّيخ علّامة الغرب الإسلامي -حفظه الله-: فوعد بذلك، ولم يفعل..وهو المردّد للمثل السّائر"وعدُ الحرّ دَيْنٌ عليه".
2. التّنقّص من أهل العلم المشهود لهم من أئمّة الدّين في هذا العصر وقلب الحقائق عمدا لإسقاط أهل الحق والصّدق وكسب الودّ واستمالة القلوب واستقطاب الأتباع وتكتيلهم!
وهذا يذكّر بطرائق المتحزّبين والإخوان المفلسين في مراميهم لإسقاط العلماء وأهل الفضل وأصحاب اليد الطولى في خدمة الإسلام والمسلمين، مع تجميع الدّهماء حولهم والتكتّل بهم ومعهم، وهكذا صنيع "رجال المجلّة" بحيث عمدوا إلى الطّعن الصّريح الواضح في الشّيخ العَلَم حافظ أهل السّنّة محمد ابن هادي -حفظه الله تعالى ونصره وكفاه شرّ الصّعافقة- ليتشبهوا بذلك بهؤلاء الطاعنين فيه من صعافقة وزعانف وفراريج، تشابهت قلوبهم! قال "كُتّاب المجلّة" :" في حين أنهم احتفوا جدا بتزكية د. (هكذا! تنقصا وتهكّما) محمد بن هادي المدخلي المكتوبة بخط يده للشّيخ مجمد علي فركوس وعبد المجيد جمعة ولزهر سنيقرة..."، مع أنّ الواقع على العكس من ذلك؛ فالذي احتفى واحتفل بالتّزكية ليس المشايخ، وإنّما طلبة العلم وجلّ الشّباب السّلفي العارف بحقيقة الأمور؛ فهم من تناقلوها وأذاعوها لأنهم سُرّوا بها أيّما سرور؛ لأنّها تزكية حقّ رأوها في مشايخهم رأي العين؛ في سِيرهم وأعمالهم ومواقفهم؛ فما لكم تنازعون عين اليقين؟! فالشّباب السّلفي في هذا البلد الطّيب أهله -حفظهم الله- جميعا، يعلمون قدر مشايخهم ويرفعونهم إلى مكانتهم الشّرعية ولا يبخسونهم حقّهم (كما صنع غلمانكم، وبئس ما صنعوا!)؛ فهم يتمثلون في ذلك كلّه قول نبيّهم نبيّ الهدي -صلّى الله عليه وآله وسلّم- "أنزلوا الناس منازلهم" وقوله "ليس منّا من لم يرحم صغيرنا ويوقّر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقّه"، فكيف وهم قد جمعوا بين كبر السنّ وعلوّ الكعب في العلم ورسوخ قدم الصّدق في الدّعوة؟ !
أمّا فضيلة الشّيخ العَلَم السّلفي الذي أوجع أهل الأهواء والانحراف من حلبيّين ورمضانيّنين وسائر الحزبيّين؛ فإنّ والله لفعلتكم تلك، بطعنكم فيه وجرّكم لخيلكم ورجلكم لإسقاطه والحطّ عليه؛ لمن دلائل خذلانكم وعلامات اضمحلالكم، إن لم تتداركون شنيع فعلتكم بالتّوبة والتحلّل من الشّيخ، وذلك فرع رجوعكم عن مخالفاتكم المنهجيّة الصّارخة، التي لأجلها ردّ عليكم الأشياخ؛ فهل تظنّون أنّ السلفيّين الصّادقين في أقطار الأرض سيرضون عنكم بتجرّئكم على شيخ شيوخهم محمد بن هادي؟ ولكنّها البصائر لمّا يعميها حب الدّنيا وتتراكم عليها الذنوب والمعاصي والمخالفات لمعين السّلف الصّافي.
3. التقوّي والتكثّر بالصّحافة والجرائد -حمّالة الحطب- كما سمّاها الشيخ العلّامة بكر -رحمه الله-:
فمن تلكم القبائح التي مجّتها الطباع السليمة والفطر السويّة التي لم تتلوّث، استشهادهم على ما ينكرون من تزكية العلّامة ابن هادي برأي الصّحافة، وما أدراك ما الصّحافة؛ فرحم الله ريحانة اليمن العلامة مقبل الوادعي الذي كان يقول :"من أراد أن يجالس الكذابين؛ فليقرأ في الصّحف!"، ألهذا المستوى وصلتم؛ فهنيئا لكم مجالس الكذابين!
قال "رجال المجلّة" :"حتى وصلت إلى الصحافة التي عنونت في بعض جرائدها أن الدكتور السعودي محمد بن هادي المدخلي ينصب ثلاثة، من أكبر الدعاة في الجزائر وسلم لهم قيادة الدعوة فيها، ونشرت ذلك على وجه الرفض." وهنيئا لكم مشابهتكم لأهل الكذب والتلفيق والباطل "الصَّحافيون" في حَنَقهم على أهل العلم والمشايخ الأفذاذ!
وهكذا أخي القارئ الأريب، -طالب الحق بنيّة الصّدق- حيث ختموا بيانهم بالحط والنّيل من الشيخ الحافظ محمد بن هادي -رفع الله قدره في الدّنيا والآخرة-، بالزّعم والتّدليس أنّه تدخّل تدخّلا سافرا في شؤوننا، وكأنّ الدَّعوة إلى الله وَفق المنهج السّلفي مؤسسة دبلوماسيَّة سياسيَّة لا تقبل التّدخّل في الشأن الخاص كما يقول السّاسة، فما هذا العَشو الفكري؟! وأنّ الشّيخ لم تحمل كلمته في مكالمته التي أجراها مع الشيخ الوالد أزهر -حفظه الله- النّصح كما فعل بعض العلماء -تحريشا بينهم وإغارة للصدور-، وأنّه تألّى على الله بعدم رجوعهم، وهذا تلبيس صارخ، حيث أن الصّوتية تسمع منها عكس ذلك، ثم هم أنفسهم تناقضوا وأثبتوا صحّة تأكيد العلامة ابن هادي فقالوا في آخر مقالتهم :"وإننا في دعوتنا ماضون وعلى منهجنا ثابتون."، وما هو إلا المنهج نفسه الذي بسببه وصلنا إلى ما وصلنا إليه، ولكن الله يأبى للباطل أن يزهق الحق، ولا يصح إلا الصحيح.
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا اله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
وكتب: أبو فهيمة عبد الرّحمن عياد البجائي
بجاية: بكرة يوم الجمعة 6 رجب 1439
23 مارس 2018م.
وكتب: أبو فهيمة عبد الرّحمن عياد البجائي
بجاية: بكرة يوم الجمعة 6 رجب 1439
23 مارس 2018م.
تعليق