السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
تفريغ فوائد من صوتية لفضيلة الشيخ العلامة الدكتور محمد بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى ورعاه مراتب العلم ليلة الخميس 16 ربيع الثاني 1439هجري.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه وتستغفره و نتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
فيامعشر الاخوة الكرام يامعاشر طلبة العلم، إن مراتب العلم ثلاث،
المرتبة الأولى مرتبة علم اليقين و مرتبة علم اليقين هذه تقوم على أخبار الثقات الصادقين الضابطين الذين تتوفر فيهم شروط القبول، عدالةً وضبطاً، فالعدالة في استقامة الدين والمروءة. والضبط أن يكون ضابطاً و مؤتمناً في نقله، فاذا جاء ضبطُه مع أمانته في النقل فهذه الأخبار التي تأتي من طرق هؤلاء هي التي تفيد العلم، قسم الضبط و قسم العدالة، فالعدالة شيء و الضبط شيء.
فقد يكون حافظا ضابطا لكنه كذّاب فلا ينفعه ذلك
وقد يكون صادقا أمينا لكن في حفظه شيءٌ فيقبل منه
وقد يكون ضعيفَ الحفظ فيُنتَظر يه حتى يأتي ما يجبره
علم اليقين ما قام على الأخبار الصحيحة الثابتة المقبولة
والحاصل أنّ علم اليقين ما قام على الأخبار الصحيحة الثابتة المقبولة هذا هو علم اليقين
والمرتبة الثانية عين اليقين ما تراه انت بعينيك من المُخْبَر عنه أو ما نُقل إليك من الأشياء، ثم رأيتها أنت بنفسك بعينيك فهذا عين اليقين لا تشك في وجوده.
كما أنَّ المرتبة التي قبله مرتبة علم اليقين لا تشك في ثبوته فإذا عاينته لن تشك في وجوده.
فإذا حصلت المرتبة الثالثة فهي أعلى المراتب حق اليقين، وهي أن تعاينَ الشيء أنت بنفسك ويضربون له مثالا قديم وقيسوا عليه أنتم.
فالأول كان يخبرك العدل الصادق بأن أمامك نهر وصفه كيت وكيت و كيت، فأنت تُصدِّقه وتوقن أن في طريقك الذي تسير فيه نهر، فإذا مشيت ووصلت الى النهر واقتربت منه ومشيت على حافته زادت الثقة، وإذا اقتربت ماذا يحصل ؟ عين اليقين رأيته بأمِّ عينك، وإذا شربت منه وذقت حلوته وبرودته فهذا حق اليقين.
فالعلوم هكذا نقل مُصدَّق، وإذا رأيته انت بنفسك فهذا علم محقق فإذا باشرته بنفسك وتعلمته وعرفته وطبّقته، فاليقين في حقك قد تحقق.
و مع هذا كلِّه للأسف، و يا أسفاه، كثير من طلبة العلم يعاني هذه المسائل ويباشرها هو بنفسه ويسمع من المشايخ شرحهم لهذه العلوم التي قرئت عليهم إما منه أو بغيره وهو يسمع ويبيِّن المشايخ هذا العلم ولكن إذا خرج من الدرس وجاءت عاصفة، عصفت به كأنه لم يتعلم فما كأنه إلا من عامَّة الناس ما فضل عليهم بشيء! ولنضرب بمثال ،
باب الجرح والتعديل .. ولْنَكُنْ فيه صريحين، كم يعالج الآن طلاب العلم: الجرح الجرح ويقعون في الجرح ويحضرون دروس المصطلح في الجرح والتعديل وقوانين الرواية وووو قل ما شئت
فإذا جاء أول عاصف ما رأيت هؤلاء الذين بالأمس قد دوخوك بكثرة السؤال والكلام والشرح لهم إلا كأنهم عوام تحت الصفر لا يعرفون كيف التطبيق! مع أنك شرحت وبينت ومثلت وطبقت وكأن الفائدة هذه ما وُجدت أبدا فهذا يدل على عدم العلم حقيقة
اليوم نرى ونسمع العجائب في هذا الباب [باب الجرح والتعديل]
واحد يجرح والثاني يعدل
[المرحلة الأولى]
القول بالجرح مقدم مطلقا ما في كلمة (تفسير) لاحظ
ولو عارضه ألف معدل
هذا موجود مكتوب ومنشور
يرى بالأعين ويقرأ بالألسن
طيب .. خلاص مشينا مع أنه ليس على إطلاقه لكن مشينا!
جاءت مرحلة أخرى
جاء الجرح فيمن لا يحبون أن يجرح فقالوا لابد أن يكون الجرح مقابل التعديل مفسرا
طيب ماشي
هذا القول والله صحيح وهذا هو التحذير لكنهم قالوه هنا لماذا؟
لأنه جاء ماسا جانبهم.
جاء الجرح مفسرا قالوا: لا، يحتاج إلى تفسير طيب كيف:
أحمق يحتاج تفسير
وشر يحتاج تفسير
وكذاب يحتاج تفسير
وخذ من هذا القبيل فأنا لا أدري بأية لغة يتكلم المتكلم!
بالأمس هم يقولوا أحمق يقولون الجرح مفسر
اليوم أحمقنا غير مفسر، فبائهم تجر وبائنا لا تجر طيب...
لابد من التفسير جاء الجرح هكذا كذاب، أحمق، شر، قل ما شئت هذا ما هو مفسر !!!
طيب...قالوا لابد من التفسير جائهم التفسير ما هو الحُمْق ما هو الكذب ،حتى الكذب يحتاج الى تفسير صوتياتهم موجودة بصوتهم.
الآن كذّاب يحتاج إلى تفسير؟!
الآن أحمق يحتاج إلى تفسير لأنه صدر منا!
إذا كنا نتحدث بلغة عربية واحدة فأحمق في القواميس واحد، وكذاب في القواميس واحد.
ذهبوا يقابلون حينئذ الجرح المفسر بالتعديل وهذا خلاف ما أطبق عليه علماء الفن
فعلم أن الدعوة هوى، وليست تطبيقا للعلم ولا لقواعد العلم.
هنا يظهر الصّادق الذي تعلّم فطبق ما تعلم، ويظهر الجاهل الذي لا علم عنده، ويظهر الأجنبي عن الصناعةالذي يردد مثل الببغاء، مقلد، وهذا لا كلام عليه، ويظهر صاحب الهوى.
الذي أوصيكم به معشر الأحبة وإياي أن نُطبِّق القواعد العلمية التي ورثناها عن أئمتنا رحمهم الله على الصغير والكبير والجليل والحقير فحينئذ تنضبط الأمور .......
[مراتب العلم - ليلة الخميس 16 ربيع الآخر 1439ه]